رذريق والمرابطون

عاد أمير المسلمين من معركة الزلاقة يجرر ذيل المجد، ومن حوله ملوك الطوائف يسعون إليه بتحايا الشكر وعرفان الجميل، وهم بين سكرة النفس الغائبة، وصحوة الفكر الحاضر، تهزهم أهازيج العساكر المنتصرة، فيستسلمون للغبطة والتيمُّن، ثم يلوح لهم وجه يوسف بن تاشفين، في عبوسه واستعلاء نظراته، ويسمعون أصوات المرابطين ترتفع على أصوات الجنود الأندلسية، فترتعد الغبطة في قلوبهم، ويستحيل اليمن طِيرةً وشؤمًا.

يشوقهم أن يترشفوا غرة الجو مشرقًا صافيًا، بعد أن تلاشت عاصفة الإسبان، وتمزقت سحائبهم في الشمال، فتروعهم غمامة مطلة من الجنوب، كثيفة سوداء.

ينظرون إلى زعيم الملثمين يسير في المقدمة عظيمًا بقوته وبطشه، عظيمًا بورعه وتقشفه، فلا يملكون النفس عن الإعجاب بأمير مسلم، أنقذ الأندلس المسلمة، وأبعد عنها خطر المسيحية، فيودون لو ينطق بكلمة تبدد أوهامهم وتبعث الطمأنينة في الصدور، لينقلب هذا الإعجاب حبًّا ومودة، ولكنه صامت لا يحدثهم بشيء عن إماراتهم ومصايرها، فإذا هم — بكرهٍ منهم — يخافونه على بلادهم، أكثر مما يخافون ألفنس والقشتاليين.

ولم يكن خوفهم في غير محله، فإن سلطان مراكش قد عقد نيته على البقاء في الجزيرة ليشرف من كثب على الدويلات العربية، ويتابع جهاد الإسبانيين ورد غاراتهم، ولعله ابتدأ منذ اليوم يعتبر الأندلس ولاية من أعمال إفريقية؛ لما رأى من عجز أمرائها وضعفهم وتخاذلهم.

غير أنه فكر في شيء وفكرت الأقدار في شيء آخر، ففيما هو يتأهب للقيام بغارة جديدة، جاءه نعي ولده أبي بكر سير، وكان قد أقامه نائبًا عنه في مراكش يدير أمورها، فاضطر إلى الإسراع في العودة لتنظيم حكومته، إلا أنه ترك الجيش الصحراوي في الأندلس برئاسة قائده سير بن أبي بكر، فاستأنس ملوك الطوائف بعض الشيء، وسرهم أن يبتعد الظافر عن أرضهم، منصرفًا إلى العناية بشئون مملكته الإفريقية، فاستأنف بعضهم الغارات على الإمارات الإسبانية والبرتغالية يعاونهم جيش المرابطين، فكانوا ينجحون في مكان ويخفقون في مكان آخر.

ولم يخطر لهم في بال أن ألفنس السادس ستقوم له قائمة بعد موقعة الزلاقة، وقد خسر فيها نخبة فرسانه ومعظم جيشه وعتاده، ويقينًا لو أصابت هذه الكارثةُ رجلًا غيره لحطمت عزيمته وقضت على مساعيه، ولكنها أصابت جبارًا مريدًا لا يسهل على الأحداث تدويخه وإقعاد هماته، فإنه ما انفك — منذ هزيمته المشئومة — يستنفر الإسبانيين والفرنسيين، حتى تم له بعد عام حشد جيش عظيم في عدته وعدده، فخرج به سنة ١٠٨٧م، مغيرًا على الأندلس، مخرِّبًا فيها، مفتتحًا بعض مدائنها، مهددًا ملوكها ولا سيما المعتمد بن عباد.

وعبثًا حاول هؤلاء الأمراء أن يدفعوا البلاء عن ديارهم، وهم على تحاسدهم، وطمع قويِّهم في ضعيفهم، لا يخلصون النية للتعاون المشترك، يتحالف منهم فريق، ويتخلف فريق آخر، ولا يتلكأ بعضهم أن يكيد لبعض، فكأن يوم الزلاقة أنساهم ما جر عليهم تفسخهم بالأمس، وكأن بُعد يوسف بن تاشفين أغفلهم عما يهددهم في الغد، وكان المعتمد أشدهم طموحًا إلى بسط سلطانه والاستئثار بالنفوذ؛ لاعتداده عليهم بالقوة واتساع الملك، فحدثته نفسه بخطة خرقاء لم يحسب حسابًا لنتائجها، فرأى أن يعبر المضيق إلى المغرب ويشرح لأمير المسلمين أحوال الأندلس وقعود أمرائها عن حمايتها، راجيًا منه أن يوليه قيادة العساكر الصحراوية ليستطيع بها جمع الولايات وضم أشتاتها، ومن ثَمَّ مقاومة الأمراء المسيحيين، وفاتَه أن سلطان مراكش ينتظر هذه الفرصة لتحقيق رغائبه في الاستيلاء على الأندلس وجعلها من أعمال دولته.

فعاد من عنده خائبًا نادمًا؛ لأن الزعيم المرابطي يريد أن يحمل بنفسه عبء مجاهدة الإسبانيين، ولعله تلقى رسائل من علماء الأندلس يستنجدونه لإنقاذها؛ فنشط يجمع العساكر ويدربها، حتى تهيأ له حجفل كثيف، فعبر به بحر الزقاق إلى الجزيرة الخضراء، في حزيران ١٠٨٨م/ربيع الأول ٤٨١ﻫ، وما وكده الأمراء المسيحيون وحدهم، بل ملوك الطوائف قبلهم.

على أنه لم يجد من الحكمة أن يناصبهم العداء فورًا، فباشر الحرب أولًا مع الإسبانيين دون أن يدعوهم إلى مساعدته، ثم ارتد إلى غرناطة فاحتلها واعتقل صاحبها عبد الله بن بُلكين بن باديس، ونفاه إلى أغمات قرب مراكش، متهمًا إياه بأنه حليف لألفنس، ورأى أن الجيش المرابطي لا يكفي للقيام بحركات واسعة يزيل بها ملوك الطوائف، فارتد إلى سبتة وأخذ يحشد العساكر ويجيزها إلى قائده سير بن أبي بكر في غرناطة حتى اجتمعت له قوات جرارة، فسيرها في أربع جهات لقتال المعتمد بن عباد، والمعتصم بن صمادح صاحب ألمرية (Almeria).

وكان المعتمد يتوقع غارة المرابطين على مملكته، ويستعد لها، فهبَّ إلى مدافعتهم يخوض المعارك بنفسه، ويبلي أحسن البلاء، ولكن ما حيلته وجيشه ضعيف أمام الفيالق الصحراوية الطاحنة؟! فمن الجنون أن يغرر به ويتابع حربًا نتيجتها خاسرة؛ يعرف كل ذلك، ويعرف أيضًا أن الحرب لا مهرب منها إلا إذا تنازل عن عرشه ليوسف بن تاشفين، وكيف له بالتنازل عنه وهو به ضنين، يفضل أن تخرق الرماح جثمانه وأن يموت الجيش في مكانه على أن يخفض الرأس لابن الصحراء!

ترى بمن يستغيث، وإلى من يفزع؟ أيدعو ملوك الطوائف لنصرته، وفيهم الحاسد والشامت؛ من يسر بنكبته، أو الخائف المرتعش يشتغل بتحصين أرضه ولا يجرؤ أن يبادي الملثمين بالعدوان؟ وما أبعد الأمل عند ملوك الطوائف! وما أقربه عند ألفنس عدوه اليوم وحليفه بالأمس! فلماذا لا يهرع إليه بندائه وهو يشعر شعوره بخطر الغزاة الغرباء؟ وما كاد صوت الاستغاثة يبلغ عاهل قشتالة، حتى بادر إلى نجدته بأربعين ألف راجل وعشرين ألف فارس يقودهم الكونت غوميز (Gomez)، فالتقاهم المرابطون عند قرطبة فهزموهم بعد معكرة دامية.
ولبث المعتمد يدافع عن إشبيلية دفاع اليائس المستميت، باذلًا آخر ما لديه من القوى، والمرابطون يأخذونه من كل جهة إلى أن دخلوها عنوة في أيلول سنة ١٠٩١م/رجب ٤٨٤ﻫ، فاعتقلوه وساقوه وأسرته إلى أغمات، وسقطت ألمرية على إثر إشبيلية، وزال عنها ملك المعتصم بن صمادح، ثم أناخ المرابطون على مُرسية (Murcie)، وافتتحوا دانية (Dénia) وشاطبة (Jativa)، وما زالوا يتقدمون من مدينة إلى مدينة حتى انتهوا إلى بلنسية، وهي يومئذٍ في حكم القادر بن ذي النون، وكان ألفنس السادس قد أقطعه هذه الإمارة بدلًا من طليطلة التي انتزعها منه، وجعله تحت حمايته يتقاضاه الجزية ويذود عنه إذا اعْتُدِيَ عليه.

فلما أغار المرابطون على بلنسية انضمت قوة من النصارى إلى المسلمين تدافع معهم عنها ممتنعين بحصونها، ولكن المهاجمين استطاعوا أن يأخذوها في غير مشقة؛ لأن القاضي أبا أحمد بن جحَّاف المعافري فتح لهم أبوابها، وأمدهم بجماعة من أصحابه تسهل لهم امتلاكها؛ لطمعه في الإمارة، وكرهه للقادر بن ذي النون صنيعة الإسبانيين.

وكافأ المرابطون القاضي فجعلوه واليًا على بلنسية من قبل سلطان مراكش، فما كان منه إلا أن بادر إلى الانتقام من القادر، فما زال يبحث عنه ويطارده حتى تمكن منه فقتله، ثم انتهب قصره واستولى على أمواله، فزالت بموته دولة ذي النون ١٠٩٢م/٤٨٥ﻫ.

على أن سقوط بلنسية في أيدي المرابطين لا يعد خسارة للنونيين وحدهم، بل هو خسارة لألفنس السادس أيضًا، وبالتالي، خسارة كبيرة للفارس الإسباني، السيد رذريق (Rodrigue le Cid)؛ فقد كان ملك قشتالة يعتبر بلنسية إمارة تابعة له، ولا ينظر بارتياح إلى تقدم الإفريقيين في الأواسط الشرقية من الأندلس؛ حيث ينبسط نفوذه، وقد رأيناه يبادر إلى نجدة المعتمد بن عباد لكي يستوقف زحف المرابطين، ويقضي على حركاتهم في الجنوب قبل أن تتسع وتنتشر، فلم ينجح في مسعاته فاضطر جيشه إلى التقهقر عن قرطبة مدحورًا، وراحت العساكر الصحراوية توغل في الجانب الشرقي، ناهضة من مدينة إلى مدينة حتى استولت على أكثر القواعد الحصينة، هازمة أمامها القوى الأندلسية وأعوانها الإسبانيين، ومن بينهم الكونت رذريق وفرسانه الأشداء.

وكان هذا الفارس لا يقل حماسة عن أميره ألفنس في مقاومة المرابطين ومصابرتهم، ولا يقل عنه غضبًا لسقوط الولايات الشرقية؛ لما له من النفوذ فيها، ولا سيما بلنسية التي بسط عليها سيادته وجعلها محط آماله ومدار مطامعه، سواء أرضي مليكه أم سخط؛ فإنه من أولئك الأبطال المغامرين الذين يتعشقون الشهرة، ولا ينكصون عن طلبها مهما يقم دونها من الأهوال، وقد كان ألفنس ناقمًا عليه حتى إنه نفاه عن قشتالة، وأزال ما به من نعمة سابقة.

فما زاده النفي والاضطهاد إلا عزمًا وإقدامًا، فبنى مجده بذكائه وحد سيفه على كره من العاهل القشتالي، وباءت بالخيبة كل محاولة قام بها ألفنس لخذلانه وإخراج بلنسية من يده، وجدير بنا أن نلم بطرف من حياة السيد وأخلاقه قبل أن نتحدث عن مواقعه في بلنسية مع المرابطين؛ لتنجلي للقراء تلك الشخصية التي بلغت من سيرورة الذكر ما لم يبلغه ألفنس السادس نفسه؛ فقد تغنى ببطولتها الشعراء والمنشدون، ونُسجت حولها الروايات والأساطير، فكانت غذاءً للأدب الإسباني في القرون الوسطى، وغذاءً من بعده للشاعر الفرنسي كورناي في مسرحيته الخالدة «السيد».

هذا الفارس القشتالي يمثل فروسية عصره أصدق تمثيل بفضائلها وعيوبها، أوتي من القوة البدنية والشجاعة والإقدام واستهانة بالموت ما يصح أن توسم به عصور البطولة، وساعده ذكاؤه وقوة إرادته على التبصر في الأمور وتصريفها، والنظر في عواقبها.

كانت فروسيته تقترن بالتدين وحرارة الإيمان، يصوم ويصلي، ويعنى بالحفلات الدينية، ويقدم الهدايا للكنائس والأديرة، فهو على خلاف ما تصوره المستشرق دوزي؛ إذ جعله لا دين له ولا شرع؛ فإن روح الدين كانت أكبر محرك لنفوس الفرسان في عصره؛ بسبب الحروب الصليبية التي امتدت من الغرب إلى الشرق، ولعل دوزي نفى عنه العقيدة المسيحية لكثرة ما اقترف من الجرائم والفظائع التي يستنكرها الدين وينهى عنها، أو لعله يرمي إلى تقلبه في السياسة الوطنية، فحينًا يحارب المسلمين مجاهدًا، وحينًا يضع سيفه في خدمتهم لينصرهم على المسيحيين، وفي كلا الحالين لو عاد المستشرق بالسيد إلى عصره لما وجده غريبًا عنه؛ فإحراق القاضي ابن جحاف حيًّا، والتمثيل بالأسرى أو إلقاؤهم إلى الكلاب الضارية، كلها أعمال وحشية بحد ذاتها، تنفر منها النفس الإنسانية في صفائها.

إلا أن رذريق لم ينفرد بها عن غيره، فإنما هي من عيوب فروسية العصر، وتاريخ الأندلس حافل بأمثالِها وبأبشعَ منها، وتقترن على الغالب بأحوال خاصة؛ كدافع الانتقام، أو الحاجة إلى الإرهاب، ولا يصح في ما عدا ذلك أن تجرد السيد من الشعور الإنساني والعاطفة المهذبة تجريدًا تامًّا، وفي أخباره ما لا يسمح لنا بهذا الحكم الجازم، كخبره مع المرأة النفساء، ذكره لويس برتران في كتابه «تاريخ إسبانية»، وهو أن السيد عندما نفاه الملك سار بفرسانه وخدمه هائمًا بين قشتالة وسرقسطة، فذات يوم أمر بأن تقوض الخيام للرحيل، فما كادت تُطوى وتُحمل حتى سمع بعض رجاله يقولون إن زوجة طاهيه قد وَضعت في تلك الساعة. فسألهم حالًا: كم تلزم سيدات قشتالة السرير عادة بعد الولادة؟ فأعلموه، فقال: إذن نبقى هنا طول هذه المدة، فلتُنصب الخيام.

وبقي السيد في مكانه لا يتحرك منه حتى نهضت زوجة الطاهي من فراشها، مع أن الخطر كان محدقًا به لانتشار الأعداء وتسربهم في تلك الأصقاع.

وكذلك تقلبه في السياسة الوطنية لم يكن غريبًا في نوعه عندهم؛ فإن تاريخ إسبانية يحدثنا عن كثير من الفرسان المسيحيين والمسلمين كانوا يفعلون فعله، مدفوعين بحب المال والشهرة، أو شهوة الانتقام، أو روح المغامرات، إلى محاربة أبناء ملتهم في صفوف أعدائهم، والكونت رذريق فيه جشع كبير إلى المال والشهرة، وكانت شهوة الانتقام تحفزه إلى طلب المعالي، بعدما فقد حظوته عند ألفنس وأُبعد عن بلده.

وهو إلى ذلك لا تنقصه روح المغامرات، وإسبانية يومئذٍ في حالتها السياسية المضطربة، وما يهددها من الخطر الشامل لتصارم ولاياتها، وتباغض حكامها، تفرض على الأمراء المسلمين والمسيحيين أن يجتمعوا في مواطنَ مختلفةٍ، متحالفين مع ما بينهم من حروب أزلية وعداء قديم، على ما في هذا التحالف من تكافؤ أو غير تكافؤ، كما حالفت بلنسية وسرقسطة قشتالة، وكانتا في الوقت نفسه تؤديان لها الجزية، وتعتمدان على مساعدتها إذا نزل بها عدو مُغِير، فغَيْر عجيب أن يقاتل السيد في صفوف حلفاء قومه — وإن كان العدو الذي يقاتله من المسيحيين — أو أن يقاتل في غير صفوف حلفائه وهو حاقد على أميره، مغامر باسل يطمح إلى المجد ويطمع في المال، ولديه جيش خليط من المرتزقة، لا يقوم على المسيحيين وحدهم، بل فيه عدد عظيم من الفرسان المسلمين، وإذا عدنا إلى أخباره أول حياته نجده — مع حبه للمال وسعيه إلى جمعه — لا يجرد حسامه إلا في سبيل أميره.

ولد هذا الفارس في قرية فيفار (Vivar)، على مقربة من برغش (Burgos) نحو سنة ١٠٤٥م، يكتنفه النسب الكريم من ناحية أبيه دياغو أو دياز (Diego ou Diaz)، سليل كالفو (Calvo) بعض كبار القضاة في قشتالة، ثم من ناحية أمه التي تنتمي إلى أسرة كبيرة في أشتوريش (Asturias)، وكان والدها صاحب إقطاعات في الوادي الجوفي؛١ أي وادي دويره (Duero)، والظاهر أن دياغو تُوفِّي والغلام في نحو الثالثة عشرة من سنيه، على حد تقدير لاوي بروفنسال؛ إذ يجعل وفاته سنة ١٠٥٨م، فورث رذريق أملاكه.
ثم اتصل بالدون شانجه (Sancho) بعدما قسم فردينان مملكته بين أولاده الثلاثة، فأتيح له أن يتأدب بأدب القصر شأن أبناء الأمراء؛ وقلده شانجه رتبة الفروسية، فحارب معه سنة ١٠٦٣م مناصرًا المقتدر بن هود ملك سرقسطة على الأرغونيين؛ فكانت أُولى معاركه بجانب المسلمين على المسيحيين.
فلما نشب الخلاف بين الإخوة الثلاثة، وقام الواحد منهم ينازع الآخر نصيبه من ملك أبيه؛ وقعت بينهم حروب أهلية، فقاتل الفتى رذريق تحت لواء شانجه، حتى تم النصر لأميره؛ فكافأه على بلائه بمنصب رفيع في القصر، وأناط به قيادة الجيش، وصاحبها يعرف بصاحب العلَم (Alferez)؛ ولُقِّبَ بالكمبيادور (Campeador) أي القائد الأعلى، أو رئيس الغزوات؛ على رأي لاوي بروفنسال.
ويسميه المقري في نفح الطيب: القنبطور، ويعرف أيضًا عند مؤرخي العرب بصاحب الفحص،٢ والمراد به الرئيس الموكول إليه أمر الغارات على فحوص الأعداء وانتساف زروعها، غير أن حياته في القصر لم يكن من شأنها أن تمنحه الشهرة التي أعدتها له الأقدار مع كثرة الحروب التي شهدها في عهد مليكه.
ثم اغتيل شانجه في حصار زمورة (Zamora) الثائرة عليه سنة ١٠٧٢م، واتهم بمقتله أخوه ألفنس؛ وكان هذا قد نفاه من شانجه إلى طليطلة؛ فرجع إلى مملكته لاون واعتلى عرشها، وأراد أن يضم إليه قشتالة نصيب أخيه المقتول؛ فتمنَّع القشتاليون عن مبايعته أو يقسم على براءته من دم أخيه، فرضي ألفنس، وذهب في جماعة من أشراف قشتالة إلى كنيسة شانتا غادية (Gadia) في برغش لتأدية اليمين؛ فلم يجرؤ أحد منهم على تحليفه سوى الكونت رذريق؛ فحقد عليه، ولكنه كان يتقي جانبه لما يعلم من بطشه ودهائه، فآثر أن يأخذه باللين على أن يجاهره العداء، وإن تكن هذه الظواهر لا تخدع الفارس الذكي فتزيل من نفسه الريبة بعاهله الجديد؛ فقد رأى خيرًا له أن يتخلى عن منصبه في الجيش، ويترك القصر دون أن يخرج عن طاعة ألفنس، أو يقطع صلة التابع بالمتبوع.

وكان لألفنس ابنة عم يقال لها الدونا ليمانا دياز، وتعرف بشيمانة، وهي بنت دياغو بن رذريق كونت أوفيادو؛ وحفيدة ألفنس الخامس ملك لاون، فشاء أن يزوجها برذريق؛ ليجمع بهما أشراف لاون وقشتالة، ويزيل ما بين البلدين من العداء.

فقبل الفارس القشتالي عروسه اللاونية من يد مليكه بعامل السياسة، لا بدافع الحب الذي يصوره كورناي في مسرحيته، ويجعل منه صراعًا عنيفًا بين العاطفة والواجب في نفس البطل العاشق، ثم في نفس معشوقته، فوالد شيمانة لم يلطم والد السيد، وهذا لقي حتفه من عهد بعيد، ولا رذريق اضطر إلى قتل والد شيمانة، وإنما تم الزواج بينهما في جو هادئ، لا تلوح فيه بارقة وَجْد، ولا عاصفة الْتِياع، وهذا لا يمنع أن يكون الزوجان تبادلا المودة والإخلاص مع طول الألفة، كما يحصل عادة بين الرجل والمرأة إذا اقترنا وقلباهما خليان من حب أو كره.

غير أن هذا الزواج لم يُعد إلى رذريق سابق حظوته في القصر، فما لبث أن رجع وشيمانة إلى قريته بيغار لا يخرج منها إلا إذا دعاه أميره لبعض المهمات.

وكان ألفنس يوفد كل سنة بعثة إلى طليطلة وإشبيلية، لاستئداء الجزية من الدولتين الإسلاميتين، فأوفد السيد إلى إشبيلية في أواخر سنة ١٠٧٩م ليأخذ الجزية من صاحبها المعتمد بن عباد، فلما بلغها رأى الحرب دائرة بينها وبين الغرناطيين، وعلى غرناطة يومئذ الأمير عبد الله بن باديس بن زيري، وقد أمده ألفنس بنجدة من الفرسان الإسبانيين تنصره على المعتمد؛ لأنه لم يكن مطمئن النفس إليه؛ لانبساط ملكه بين ملوك الطوائف، وطمعه في التوسع، وكان قائد الحملة الإسبانية الكونت غرسيه أوردونه عدوَّ رذريق ومنافسه، فخاض السيد المعركة بجانب الإشبيليين محتجًّا بأنهم حلفاء مليكه ألفنس.

فهزم العساكر الغرناطية، وأسر جماعة من الأشراف المسيحيين بينهم غرسيه، ولم يطلق سراحهم إلا بعد ثلاثة أيام، فقفلوا إلى بلادهم مذلولين منكسي الرءوس، وتقاضى رذريق الجزية من ابن عباد، وحملها إلى قشتالة سنة ١٠٨٠م.

فغير عجيب أن يكون له من غرسيه وأعوانه خصوم يناصبونه العداء، ويكايدونه في السر والعلانية حتى أوغروا صدر ألفنس عليه، فبات يتحين الفرص للنيل منه، وإضعاف شأنه، فاتفق أن أغار السيد على طليطلة دون استئذان سيده، فأثخن وأوجع، وعاد بالأسرى والغنائم، فثار ثائر الأشراف القشتاليين لاستقلاله بالأمر، وصغى إليهم ألفنس، وبدا له أن يطرده من أراضي قشتالة، ففُتحت له أبواب المجد في منفاه.

ولم يسلم سبب طرده من الالتباس والخلاف فيه؛ فمنهم من يرجعه إلى حقد الملك عليه من أجل اليمين التي لقنه إياها في كنيسة برغش، ومنهم من يعود به إلى غاراته على طليطلة وإيقاعه بحلفاء عاهله، أو إلى طمعه في الثروة، وأنه أخذ مالًا كثيرًا من المعتمد بن عباد، ويتفق لويس برتران والمستشرق الألماني جوزف أشباخ على القول بأن فارسًا ممتازًا عظيم الكبرياء كثير المطامع مثل السيد لا يرضى أن يظل مغمورًا في كنف ملك يبخسه حقه ويغار منه، فهو لا بد أن يختار هذا النفي بنفسه، ويقصد إليه قصدًا إلَّم يفرض عليه، ليسعى وراء الشهرة التي يتعشقها، ويبني عليها قصور أحلامه.

ومهما يكن من شيء، فإن رذريق هجر موطنه نحو سنة ١٠٨١م، مبقيًا زوجه وأولاده في بيفار، وسار برجاله إلى برشلونة، عارضًا سيفه على أميرها رامون بيرنغر الثاني (Berenguer) فلم يجد عنده قبولًا، فتركه وولى وجهه شطر سرقسطة، فاتصل بصاحبها المقتدر بن هود، وكان حليفًا لألفنس فأحسن وفادته.
وتوفي المقتدر في السنة نفسها، فانتقل الحكم من بعده إلى ولديه المؤتمن والمنذر، فولي الأول سرقسطة وأعمالها، والثاني دانية وطرطوشة (Tortosa) ولاردة (Lerida)، ثم نشب الخلاف بينهما، فاستنجد المنذر كونت برشلونة وملك أرغون مستنصرًا بهما على أخيه فأمداه بالعساكر، فخرج إليهم رذريق بفرسانه وفرسان المؤتمن فاشتبك وإياهم في معاركَ داميةٍ كُتب له النصر فيها، فانهزموا أمامه، فطاردهم وأناخ على بلادهم فدمر وأتلف ونشر الروع بين المسيحيين والمسلمين، ويروى أنه أسر يومذاك بيرنغر كونت برشلونة، وكان هذا قد نذر دمه، فأبى إلا أن يقابله بالإحسان، معاملة الفارس الشريف لصنوه، فأطلق سراحه دون أن يطلب منه الفداء، ثم رجع إلى سرقسطة تظلله رايات المجد والظفر فاستقبلته المدينة هاتفة له، وأنزله المؤتمن منزل الكرامة، وصار المسلمون حلفاؤه يلقبونه بالسيد من ذلك الحين، غير أن لاوي بروفنسال يقول: إن لقب السيد ليس له ذكر في الروايات المسيحية القديمة ولا في الروايات العربية، وإنما يذكر لقب القنبطور، وفي ذلك ما فيه الشبهة كما لا يخفى.

ولم يطل حكم المؤتمن؛ فإنه توفي سنة ١٠٨٥م فخلفه ابنه المستعين مترسمًا خطة أبيه في إكرام السيد والاعتماد على سيفه وخبرته، إلا أن الفارس القشتالي لم يهجر بلاده ليكون تابعًا لأمير غير أميره، بل ليحقق أحلامه، وأي أحلام تراوده سوى الإمارة والسلطان؟ فرمى بعينيه إلى الولايات المجاورة يتفحصها، فوجد بلنسية أقربها منالًا وأحكمها موقعًا، فالقادر بن ذي النون ضعيف لا قِبَلَ له بالدفاع عنها، فانقض عليها بفرسانه فافتتحها، والظاهر أنه كان على اتفاق مع المستعين، ولم يشأ أن يخلع القادر بل استبقاه مراعاة للمسلمين، ووضعه تحت حمايته.

وأرسل في الوقت نفسه إلى ألفنس السادس يبايعه على الطاعة؛ لئلا يثير حفيظته، وبلنسية معدودة في جملة الإمارات الخاضعة لمملكته.

ومن الطبيعي أن لا يرتاح ألفنس إلى عمل السيد واستبداده بإمارة حليفه وتابعه، وهو ناقم على هذا الفارس الطريد؛ فكيف يأمن جانبه إذا قويت شوكته في بلنسية وما جاورها؟ وقد كان حقيقًا به أن يرميه بحملة تأديبية تنزع بلنسية من يده، وتحرر القادر من سلطانه، إلا أن الأحداث الخطيرة التي طرأت على الأندلس اضطرته إلى التغاضي عنه؛ ذلك أن المرابطين أخذوا يتقدمون في الولايات الجنوبية والشرقية ناثرين تيجان ملوك الطوائف، مغِيرين على الأراضي الإسبانية، فالخطر الداهم أعظم من أن يحمل الملك القشتالي على التفكير في محاربة السيد ومعاقبته، وقد تكون الاستفادة من سيفه في مثل هذه الأحوال أولى وأنفع.

ولم يخطئ ألفنس في حدْسه ونظره إلى الأمور؛ فإن السيد نفسه كان يشعر شعور مليكه، وتساوره المخاوف من زحف المرابطين وانتصاراتهم الصاعقة، فإذا بهذا الشريد المغامر يصبح بطلًا قوميًّا لا همَّ له إلا أن يرد الأعداء الغرباء عن بلاده، ويحول دون تجدد النكبات التي شهدتها إسبانيا المسيحية في أوائل الفتح، ومن هنا تبتدئ حياته الوطنية اللامعة تتغنى بذكرها وتخلدها القصائد والأناشيد.

دخل المرابطون بلنسية، والسيد غائب عنها، فارتد إليها عندما بلغه الخبر، وهو مصمم على استرجاعها — مهما كلفه خطبها — ليجعل منها قلعة حصينة في وجه الملثمين تمنعهم من التوغل في الولايات الإسبانية، فنشط إلى تحصين القلاع الجبلية المحيطة بها وتعزيز حامياتها.

ودعا إلى محالفته الأمراء المسلمين في السهلة وشاطبة ودانية ومربيطر (Murviedro) فلبوا الدعوة لما يضمرون من الكُره للمرابطين، ثم ضرب الحصار على المدينة بجيش لُهَام من النصارى والمسلمين، فصبرت بلنسية عليه مدة طويلة تقاوم الجوع يائسة؛ لأن المرابطين الذين جاءوا لنجدتها هُزموا وشُتت شملهم، فثار الشعب أخيرًا على القاضي جعفر بن جحَّاف حاكمها الجديد وأجبروه على التسليم، فلم يجد مناصًا من مفاوضة رذريق على شروط تضمن السلامة له ولأسرته ولسكان المدينة أجمع، فقبل السيد هذه الشروط، وفتحت له بلنسية أبوابها في أيار سنة ١٠٩٤م، فدخلها دون أن يتعرض لأحد بأذى، وخطب فيهم فقال:

جعلت لكم يومَي الإثنين والخميس موعدَين لسماع مطالبكم، فمن كان له حاجة معجلة، فبوسعه أن يدخل عليَّ متى شاء، فأسمع له؛ لأني لن أحتجب عنكم كما كان يحتجب ساداتكم مع النساء للشراب والسماع، وأنا أقضي بنفسي في أموركم، فأكون لكم حاميًا وصديقًا، وقاضيًا ووزيرًا، وإذا شكا إليَّ أحدهم الآخر، حكمت بالعدل بين الخصمين.

ويقول ابن بسام: إن القنبطور ترك ابن جحاف على القضاء نحوًا من عام، ثم اعتقله وأهل بيته وقرابته، وجعل يطالبهم بذخيرة القادر بن ذي النون، فأنكر القاضي أن يكون لديه شيء منها، فهدده السيد بالقتل إن كان كاذبًا، وهو يعلم أنه قد استولى عليها بعد مقتل القادر، وفي جملتها عقد زبيدة «حُمَة العقرب» وكان من الزمرد والماس والياقوت، قيل إنه كان لزبيدة زوج هارون الرشيد، فنهب يوم مقتل الأمين، وانتقل إلى الخليفة الأموي في الأندلس عبد الرحمن الثاني.

ثم صار بعد سقوط الدولة الأموية في قرطبة إلى الدولة النونية، فحمله القادر من طليطلة إلى بلنسية، فلما قُتل استحوذ عليه القاضي ابن جحاف، ثم امتلكه السيد، وبقي في حوزته حتى مات، فأخذته شيمانة معها إلى قشتالة، ويقول ميناندز بيدال: إن عقد حمة العقرب كان بخزانة قشتالة في القرن الخامس عشر، فأثار شهوة الشريف ألفارو أولينا، فعدا عليه، وعثر الملك جوان الثاني على هذه الحلية سنة ١٤٥٣م تحت عمود من أعمدة القصر الملكي في مدريد ثم ضاع أثرها، فلم يُسمع بذكرها بعد هذا التاريخ.

وقيل: إن ابن جحاف عرض على السيد هدية من ذخائره؛ فردها عليه ولم يأخذها منه؛ فأوجس القاضي شرًّا، ثم أمره أن يبين في كتاب ما لديه من المال والحلي والجواهر، وأن لا يخفي شيئًا عنه، فوعده بذلك، ولكنه أخلف الوعد، وأبقى الذخيرة مطمورة في الأرض، ويقول المقري صاحب نفح الطيب: «فاتفق أنها وُجدت عند القاضي، فأمر به فأحرق حيًّا.»

على أن الذخيرة لم تكن السبب الوحيد الذي حمل رذريق على قتل أبي أحمد بن جحاف، فهناك أسباب أخرى جعلته يحقد عليه، ويُرصد له الشر، منها: اغتياله لتابعه القادر بن ذي النون، وإقفاله المدينة في وجهه، وحجزه عنه ما أودع من الحنطة فيها، واستنجاده المرابطين عليه، وتلوُّنه في المفاوضات حينًا معه، وحينًا معهم، حتى أدى الأمر إلى حصار طويل، أخَّره عن دخول بلنسية، وأضر بسكانها ضررًا بليغًا؛ لما أصابهم من الجوع الغاشم حتى أكلوا جلود الحيوانات.

ويقول ابن بسام: إن رذريق كان قد هم بإحراق زوجة ابن جحاف وبنيه معه؛ فضج المسلمون والمسيحيون معًا، ورغبوا في ترك الأطفال والعيال، فأجاب رذريق سؤلهم بعد جهد شديد، وأُضرمت نار عظيمة في ساحة بلنسية كانت تلفح الوجوه على مسافة بعيدة، وجيء بالقاضي أبي أحمد يَرسف في قيوده، وقد احتُفر له حفرة، فأُدخل فيها إلى حُجزته، أي وسطه ومعقد إزاره، وسُوِّيَ التراب حوله، وضُمت النار نحوه، فلما دنت منه ولفحت وجهه قال: بسم الله الرحمن الرحيم، وقبض على أقباسها وضمها إلى جسده ليقصِّر مدة عذابه.

ثم اختار رذريق لبون بن عبد العزيز واليًا من قِبله على بلنسية ليستأنس به المسلمون، وأقام هو في قصر القادر يُعنى بإصلاح إمارته وتدبير شئونها، منصرفًا إليها بكل قواه، قال فيه أحد المؤرخين: إنه أحبها كعشيقة له. ومع ذلك لم يغفل عن امرأته وأولاده؛ فاستقدمهم من بيفار، ولبث نحو خمس سنوات يقاوم المرابطين، ويمنع تقدمهم في إمارته، فما ينالون منها منالًا، ولا يستطيعون الإيغال في الولايات الإسبانية، حتى أصابته الحُمَّى وثقلت عليه الجراح القديمة، وبلغه — وهو على هذه الحال — مقتلُ ولده دياغو في جيش ألفنس، وانهزام فرسانه أمام ابن عائشة قائد المرابطين في سنة ١٠٩٧، فآلمه الخطب، واشتد عليه المرض، حتى نهك قواه، وأودى بحياته في تموز سنة ١٠٩٩.

وكانت الجيوش الصحراوية لا تنفك تهاجم المدينة، فأبت الأميرة شيمانة أن تتخلى عن تراث بعلها؛ فظلت تدافع المرابطين زهاء ثلاث سنوات، وقائدهم مزدلي يشد الخناق على بلنسية، فلما ضاق ذرعها بعثت أسقف المدينة جيروم ذي بيروغورد تستنجد بابن عمها ألفنس، فخف إليها ملبيًا، ورفع المرابطون الحصار عن بلنسية عندما عرفوا بمجيئه؛ فدخلها دون أن يلقى مقاومة، ولكنه وجد أن الدفاع عنها يرهق جيشه على غير جدوى، فلم يشأ أن يبقيه فيها عرضة لهجمات الملثمين.

فأمر شيمانة بالجلاء عنها فأطاعت مكرَهة، وعادت برجالها مع الجيش إلى قشتالة، حاملة رفات زوجها رذريق (أيار سنة ١١٠٢م)، بعدما انتُهِبت بلنسية وأُحرقت، فدخلها مزدلي وهي على تلك الحال.

وبموت السيد تُطوى صفحة جليلة من تاريخ الأندلس العربية؛ فإن ولايتها أصبحت خاضعة لمراكش، تابعة ليوسف بن تاشفين الزعيم المرابطي، بعد نضال طويل اشترك فيه أمراؤها وأمراء إسبانية المسيحية، ليطردوا الغريب من بلادهم؛ فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلًا.

١  الجوفي: أي الشمال في اصطلاح المغربيين.
٢  الفحص: بالمغرب من أرض الأندلس مواضع عدة تُسمَّى الفحص، قال ياقوت: «وسألت بعض أهل الأندلس: ما تعنون به؟ فقال: كل موضع يُسكن؛ سهلًا كان أو جبلًا بشرط أن يُزرع نُسمِّيه فحصًا، ثم صار عَلمًا لعدة مواضع، أما في لغة العرب، فالفحص شدة الطلب خلال كل شيء.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤