الفصل الأول

الأساس والماضي الجديد

تطالعنا الصدف أحيانًا في بعض بقاع أوروبا بوجود أثرين متجاورين — بصورة تدعو إلى الغرابة — أحدهما ينتسب إلى أقدم عصور متوحشي ما قبل التاريخ، والثاني ينتسب إلى ما يُسمى المدنية الحديثة، وكلا الأثرين يمثل تاريخ الجنس البشري في عصره. فأولهما يمثل التاريخ القديم وثانيهما يتحدث عن التاريخ الجديد؛ أي أقدم عصر وأحدث عصر يمكن اقتفاؤهما في مجال حياة بني البشر. ففي شمال فرنسا وعلى أديم تلك التلال المشرفة على «نهر السوم» والتي كانت مسرحًا لكثير من المواقع الحربية، انغرست الألوف من شظايا قذائف الفولاذ على عمق كبير في المنحدرات والمستويات التي مهدها النهر لنفسه منذ أزمان خلت، واليوم بعد أن سكتت المدافع الضخمة التي كانت ترمي تلك القذائف، يستطيع المرء بعد أن يعمل بفأسه بضع دقائق في حافة الوادي، أن يرى «البُرت» (البلطة) المصنوعة من الظران، وهي من أقدم ما خلَّفه الإنسان من الأسلحة تجاور نثارًا من شظايا مسننة، لقذائف الفولاذ المفرقعة، فبالآلة الأولى كان يستطيع أول أجدادنا المتوحشين أن يهشم جمجمة خصمه فيودي بحياته، وبالمهلكات الثانية اعتاد نسله المتحضر أن ينسف عدوه ويمزقه إربًا.

وفيما بين الجارتين (البرت والشظايا) يقع تاريخ حياة بني الإنسان، وهو قصة لا يقل عمرها عن عدة مئات من آلاف السنين، بل ربما بلغ مليون سنة. وقد كان المجهود البشري خلال هذه السنين يسير بالإنسان من طور إلى طور حتى انتقل من الطرق الفطرية للهلاك إلى تلك الطرق البالغة حد التفنن في السحق والتدمير.

إن تاريخ حياة الإنسان هو في الغالب قصة التغلب على القوى المادية بتدابير منوعة لا حصر لها من الآلات والعدد، ولكن لا ننسى بجانب ذلك النتائج الصناعية والاجتماعية والسياسية والفنية والعقلية التي نجمت عن اختراعها؛ فأسطوانة الآلة البخارية أو آلة الغاذولين هي رمز العصر الحاضر، كما أن «البُرت» المصنوعة من الحجر هي العلامة الدالة على حياة العصر الحجري الذي يرجع عهده إلى ألف ألف سنة على الأرجح،١ على أن العثور على تاريخ الماضي بهذا المعنى الواسع يحتاج إلى بحاثة من طراز جديد، بحاثة عالمي يجمع إلمامة بين علم الإنسان وعلم الآثار وعلم الأجناس وعلم الديانة المقارن، ويكون مع ذلك متضلعًا في الفن والأدب متفقهًا في كل من اللغات القديمة من أوروبية وشرقية.
وعلى الرغم مما يقتضيه تكوين عالم من هذا الطراز من جهود مضنية وسنين كثيرة في الدرس والتعليم، فإنه يوجد الآن بعض علماء من هذا النوع يقومون بهذه البحوث فعلًا، فتطلع علينا جهودهم المخلصة بقصة ذلك المنهاج الطويل العمر الذي أفضى في النهاية إلى حلول مداخن المعامل الحديثة، وكل ما نتج عنها من أمراض اجتماعية واقتصادية، محل تلك الأحراج الفطرية التي كان يجول فيها صياد العصر الحجري. ومع ذلك فإن المجهود الجدي في البحث عن تاريخ ماضي الإنسان لم يكد يتعدى مراحله الأولى، فإنه لم يمضِ قرن على عثور «بوشيه دي برت» Boucher des perthes٢ — الذي يعد طليعة الباحثين في علم الآثار ما قبل التاريخ — في حصباء نهر «السوم» على «البُرت» الذي يرجع تاريخها إلى أقدم إنسان أوَّلي متوحش، وبجانبها عظام بعض الحيوانات الهائلة من ذوات الثدي التي انقرضت منذ زمن سحيق، فأعلن «دي برت» إذ ذاك أنها معاصرة لتلك البرت المصنوعة من الظران. ومنذ جيلين تقريبًا زار العلماء الإنجليز «هكسلي» Huxley،٣ و«برستويتش» Prestwich و«السير شارلس ليل» Sir Charles Lyell٤ وغيرهم وادي «السوم»، وتأكدوا من الحقائق التي لاحظها «بوشيه دي برت»، وكانت نتيجة هذه الزيارة أن نشر «ليل» مجلده الذي يعد بداية عصر جديد وسماه «قدم الإنسان» The antiquity of Man، وقد ظهر أثناء حروب أمريكا الأهلية American Civil war. وكلنا يعرف الهزيمة التي ألحقها «هكسلي» بأساقفة الإنجليز على أثر الاعتراف بعظم قدم عمر الإنسان؛ لأن بعضنا قد قرأ المناقشة في أيامنا الأولى في المجلات السائرة.

ومن الأشياء الحديثة كذلك إماطة اللثام عن التاريخ الشرقي لعدة آلاف السنين الخوالي مما لم يكن معروفًا من قبل عن الشرق القديم.

فلا يزال كتاب التاريخ القديم الذي ألفه رُلن٥   Rollin Ancient History معروضًا للبيع في المكتبات مترجمًا إلى الإنجليزية مع أنه لم يكن بين يدي مؤلفه كثير من المصادر فوق تاريخ «هردوت» والتوراة، وفي حداثة سني كان هذا الكتاب لا يزال يقرأ بكثرة. ونسخة والدي من كتاب «ليرد»٦   نينوه وبابل Leyard, Nineveh and Babylon التي أدهشني منها في طفولتي ما رسم على غلافها من الثيران الرمزية المجنحة ذات الرأس الآدمي — أخذت مكانها في مكتبته سنة ١٨٦٩ كما ينبئ بذلك التاريخ المكتوب على ورقة الغلاف، على حين كانت صفحة عنوان الكتاب تحمل تاريخ سنة ١٨٥٩م.

وكان حل رموز الخط المسماري للبابلية والآشورية قد تم قبل ذلك التاريخ ببضع سنين فقط، أما أول نقش مصري فقد حل عام ١٨٢٢؛ أي قبل حل الخط المسماري بنحو ربع قرن. والحقيقة أن معرفتنا بهذه اللغات ونظم كتابتها لا تزال بعيدة عن حد الكمال، وإن كانت تسير في سبيل التقدم المطرد كما يبرهن على ذلك حل رموز الخط المسماري الحيثي حديثًا، والتقدم المحسوس كذلك في فك هيروغليفي الحيثيين. وبذلك أصبح فحص الوثائق القديمة الكثيرة العدد والتي بدأ العالم يفهمها بسهولة، والحفائر التي أحيت فصولًا بأكملها من حياة الإنسان، مصدرَيْن يكشفان الآن بوضوح متزايد عن رواية تمثيلية خطيرة في تاريخ التقدم البشري. وهكذا قد أزيح الستار في أيامنا تقريبًا وبسرعة مدهشة فتيسر لنا النظر إلى الوراء في أعماق ماضٍ متغلغل في القدم لم يتسنَّ للفكر ولا للتعليم حتى الآن أن ينسجم معه. ولْندعِ الآن أبصارنا تسبح في هذا المدى الرهيب من التقدم البشري الذي كشف لنا عنه البحث في إنسان ما قبل التاريخ، وفي مدنيات الشرق التي كنا قد فقدناها.

ويكاد كل امرئ يعرف قدرتنا الآن على تعقب الخطوات التي خطاها أقدم إنسان في أوروبا إلى الأمام خلال آلاف من السنين قضاها في نضال مع دنيا المادة، فالغطاء الجليدي القطبي الذي انحدر أربع مرات على الجانب الشمالي للبحر الأبيض المتوسط فأجلى متوحشي أوروبا أهل العصر الحجري القديم إلى الجنوب، ثم تقهقر بعد ذلك ببطء نحو الشمال ثانية، وهكذا في كل من الدفعات الأربع جعل هذه الظاهرة في نظرنا بمثابة ساعة جيولوجية هائلة يدل تذبذب (رقاصها) الضخم أربع مرات متتالية منتظمة على مرور فترة عظيمة من الزمن ظهر فيها ذلك التحسن المتدرج في أسلحة الإنسان الحجرية وآلاته وتقدمه البطيء في قطع الطريق الطويل من الوحشية إلى المدنية.

على أن الخيال يقف حائرًا أمام هذه الكشوف التي تنبئنا عن المعركة الطويلة الأمد التي خاض غمارها جدنا المتوحش، وذلك حينما نرى في تغلبه البطيء على القوى التي تحيط به مشهدًا دنيويًّا يملؤنا بنفس العاطفة الدنيوية التي نشعر بها أمام حدوث ظاهرة عظيمة من ظواهر الطبيعة.

وإذا فرضنا أن كثيرًا من المتعلمين في عصرنا يعرفون الحقائق البارزة الآنفة الذكر فإنه من غير المعلوم لدى الجميع أن كشوف السنين القلائل الأخيرة قد أماطت اللثام عن تفاصيل حياة العصر الحجري التي وجدت حول جميع البحر الأبيض وانتشرت على شواطئه كما انتشرت حكومة الدولة الرومانية حوله بعد ذلك بآلاف من السنين، فكانت على ذلك تشمل شمال أفريقيا وغرب آسيا.٧

وعلى ذلك كانت هناك «دنيا شرق أدنى» شاسعة لإنسان العصر الحجري القديم، تشمل شمال أفريقيا وغرب آسيا مكوِّنة بذلك مسرحًا شاسعًا تمتد جبهته من البحر الأسود شمالًا مخترقة سوريا وفلسطين إلى الشلالات النائية في أعالي النيل جنوبًا، وأما الجزء الخلفي لهذا المسرح فتحده الجبال الفارسية.

وهذه الصورة عميقة في القدم عمقها في المساحة؛ إذ لا يقل عمرها عن مئات الآلاف من السنين، وقد يصل إلى ألف ألف سنة، منذ بدأ الغطاء الجليدي القطبي يزحف جنوبًا على أوروبا، وكان الناس قد بدءوا فعلًا يعيشون عيشة الصيد على مسرح الشرق الأدنى هذا. وإذا جاز لنا أن نحكم من شكل إنسان ما قبل التاريخ الذي كان يعيش في شرق آسيا قريبًا من «بكين» الحالية؛ فإن مخ صيادنا الغربي كان أقل حجمًا بمقدار الثلث من مخ سلفه الذي عاش في العصر التاريخي في نفس الإقليم، وقد ترك أسلحته الحجرية منتشرة على سطح الأرض في الشمال الشرقي من أفريقيا، وعلى تلال آسيا المجاورة ووراء جبال فارس.

وحري بفترات الزمن التي تضمها هذه العهود أن تقاس بمراحل جيولوجية لا بالسنين، فأولى مراحل هذه العصور الجيولوجية كان عصر تكوين أودية الأنهر العظمى للإقليم، ولا شك أن أناس الشرق الذين عاشوا في عصر ما قبل التاريخ كانوا بطبيعة الحال يجهلون أنهم يرقبون تكوين وادي النيل ووادي الدجلة والفرات في وقت كانت فيه دلتا النيل الحالية لا تزال خليجًا للبحر الأبيض المتوسط، كما كان الخليج الفارسي يمتد شمالًا فوق ما هو معروف الآن بسهل «بابلون» إلى خط عرض الركن الشمالي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.

أما ثاني تلك المراحل الزمنية فقد تحدد لنا الآن (وقد كان يسير جنبًا لجنب مع تقدم حياة الإنسان) ونعني به عصر «نضوب الماء»؛ ذلك النضوب الذي كان ينتشر تدريجًا، فالصحارى المعروفة لنا تمام المعرفة في هذه الأقطار لم تكن قد ظهرت بعد؛ إذ كان كل شمال أفريقيا إقليمًا ذا أمطار غزيرة ونباتات وفيرة مكوِّنًا ميدان صيد أنموذجيًّا، وقد عثرت على ثلاثة قوارب نيلية لصيادي الهضبة محفورة على الصخور الواقعة في مجاهل صحراء النوبة فيما وراء «أبو سنبل»، وقد كشف حديثًا الدكتور «سندفورد» مدير مساحة المعهد الشرقي أسلحة الظران التي كان يستعملها هؤلاء الصيادون مبعثرة في أقاصي الصحراء الجنوبية على مسافة ألف ميل أو أكثر من النيل، ولا تزال هذه الآلات والأسلحة الحجرية الملقاة حيث فقدها أصحابها منذ مئات الآلاف من السنين شاهدًا صامتًا على المجال الفسيح الذي كان يرتع فيه الصيادون والحيوانات التي كانوا يقتفون أثرها في وقت كان فيه جميع شمال أفريقيا ممرِعًا خصب الجناب. ولا يغرب عن ذهننا أن الأماكن التي توجد فيها تلك الأدلة الصامتة عن حياة الإنسان الغابر، هي الآن مناطق منعزلة قاحلة موحشة لا يجسر أي صياد حديث أن يدلف إليها في الصحراء؛ لأنه لا يأمل أن يعود على قيد الحياة بعد أن يخترق تلك المجاهل الماحلة.

وقد كان منتصف زمن العصر الحجري القديم مبدأ انحسار المطر، وفي أثره حل الجفاف العظيم الذي حول هضبة شمالي أفريقيا الخصبة إلى تلك البيداء الشاسعة التي نسميها الآن «الصحراء العظمى».٨ ولقد كانت العوامل الجيولوجية في ذلك الوقت آخذة منذ زمن بعيد تعد موطنًا جديدًا أكثر ملاءمة وأحسن موقعًا لصيادي العصر الحجري في الركن الشمالي الشرقي من أفريقيا، فهنا كانت أفريقيا الحارة تمتد عبر الصحراء إلى الركن الجنوبي الشرقي من البحر المتوسط، وهو ممر خصب منبطح زاخر بالأعشاب النضرة وبحيوان أفريقيا الداخلية مما أعطى صيادي العصر الحجري مأوى لا تنفد موارده في موقع لا مثيل له من الأمن والحماية من الدخلاء المغيرين.
ولا بد أن حيوانات أفريقيا الشمالية الشرقية بعد أن طردها من الهضبة تناقُص الطعام المستمر عندما أصبحت النباتات قليلة جدًّا لا تكفي دفع غائلة الجوع وحفظ الحياة، قد لجأت إلى شواطئ النهر العظيم عند الجزء السفلي من وادي النيل، فجعلت منه مرتعًا للصيد منقطع النظير، وجنة الخلد هذه الواقعة في الجزء السفلي من وادي النيل، والتي نسميها الآن مصر، كانت تجذب إليها أحيانًا منذ البداية صيادي العصر الحجري الذين كانوا يسكنون هضبة شمال أفريقيا، ولكن لما اضطرهم الجفاف في النهاية إلى اقتفاء حيوان الصيد في هذا الاتجاه بدءوا يتخذون وادي النيل الضيق موطنًا مختارًا لهم. وقد أقام الجفاف في النهاية حول جنة الصياد هذه حاجزًا منيعًا من الصحراء لا يمكن اختراقه من ثلاثة جوانب من حدود مصر — الشرق والغرب والجنوب — وحوَّل وادي النيل الأسفل إلى معمل اجتماعي منعزل لا مثيل له في سائر بقاع العالم؛ لأن النيل هو النهر الوحيد على كرتنا الأرضية الذي ينبع من المناطق الحارة وينساب نحو الشمال مخترقًا نحو ٧٠٠ ميل في «المنطقة الإقليمية» التي ظهرت فيها أول النظم القومية العظيمة، وهي المنطقة المعتدلة للدول القديمة بين خطي عرض ٢٥، ٤٥ شمالًا، وفيها نمت،٩ كل العاهليات القديمة، هذا فضلًا عن أن وادي النيل في عصور ما قبل التاريخ كان يتمتع بمزية فريدة؛ إذ لم يكن معرَّضًا لشدائد عصر الجليد، بل كان منفصلًا عنها ومحتميًا منها بمياه البحر الأبيض المتوسط الملطفة الواسعة الأرجاء، على حين أن حياة صيادي العصر الحجري الأوروبي في شماله قد عاقها عن التقدم الرياح القطبية واندفاع الثلوج التي لا تقاوم.

ولقد كان غربي آسيا على تمام النقيض من مصر، تحوط دائرته الشمالية تلك الهضبة الجبلية الممتدة من البوسفور حتى بلاد إيران، فكان معرضًا بدرجة عظيمة لأخطار ذوبان الجليد المخربة وزمهرير برده القارس، وقد ترجع قصة الطوفان العام التي ورد ذكرها في «بابل» ثم في التوراة إلى فيضان جليدي من هذا النوع. ولقد كانت هذه القوة الطبيعية المزعجة المغيرة من المرتفعات الشمالية الواقعة في غرب آسيا نذيرًا لغارات بشرية متتابعة كانت كذلك تنزح من هذه المرتفعات وتغمر الإقليم في دورات معلومة؛ فتقلب النظام الاجتماعي والحكومي القائم. ولذلك كان التقدم البشري في الإقليم إذا خطا خطوته الأولى نحو التطور الاجتماعي لا يلبث أن يعثر وتزل به قدمه، فيرجع إلى سيرته الأولى فيحاول النهوض مرة أخرى ويعاني نفس العملية المرة بعد المرة. بمثل هذا تناوبت القوى المغيرة من طبيعية وإنسانية على وقف التطور الاجتماعي في بابل، وقد كان لزامًا علينا أن نعتبر دوافع الغزو الأجنبي قوة مجددة لولا ما ظهر لنا من أن تلك الفكرة قد غالى في تقديرها بعض المؤرخين؛ فالشجرة الضخمة تقف في وجه الرياح بفضل قوة تلك الحلقات الصلبة التي تنمو في جذعها سنويًّا، والتي ربما كانت تنمو فيها منذ قرون وتبقى متأصلة في داخل تركيب جذعها العظيم، فالقوة في مثل هذه الشجرة يمكن أن تتخذ مثالًا لتوضيح نمو النظام القومي الذي اكتسب زيادة قوته بالبناء المستمر، ولكن الشجرة التي تعصف بها الريح مرارًا وتزعزعها من الأرض أحيانًا تبقى دائمًا قصيرة عارية. ولم يكن من باب الصدفة أن سقوط المدنية البابلية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد وغزوها على يد الدولة الكاسيلية بعد أن بلغت قوتها في عهد أسرة «حمورابي» أعقبه نضوب ثقافي استمر مدة ألف سنة أو يزيد.

وعلى العكس من ذلك نرى — كما أسلفنا — أن الجفاف الذي حدث في شمال أفريقيا قد جعل وادي النيل في معزل، وكوَّن منه ذلك الممر الضيق المحمي الذي لا مثيل له على سطح عالمنا، وهو يمتد شمالًا وجنوبًا، فأحد طرفيه في المناطق الحارة، والطرف الآخر يشرف على بحر داخلي عظيم في المنطقة المعتدلة، وكان يتمتع بميزات طبيعية فريدة في نوعها، فقد كان منعزلًا ومحميًّا بشكل جعل التطور البشري فيه سهلًا؛ ذلك التطور الذي رغم بعض الغزوات الأجنبية ظل مستمرًّا آلافًا من السنين دون أي عائق جدي. وفي أيامنا هذه تتكشف التربة المصرية على حدود الصحراء عن قبور أقدم الجبانات المعروفة في العالم كله، ونجد في هذه القبور خلف صيادي العصر الحجري في وادي النيل عندما كانوا في بداية الانتقال إلى عصر المعادن، وذلك قبل ٤٠٠٠ سنة ق.م بزمن يذكر، ومن الجائز أن يكون قبل هذا العهد بكثير، وكانوا قد استأنسوا أهم الحيوانات المنزلية، وانتقلوا إلى دور حياة الفلاح.

والدلائل تؤيد رأي من قال إن هؤلاء المصريين الذين عاشوا في عصر ما قبل التاريخ المدفونين في أقدم الجبانات، هم وأجدادهم كانوا أقدم مجتمع عظيم على الأرض استطاع أن يضمن لنفسه غذاء ثابتًا باستئناس الموارد البرية من نبات وحيوان، على حين أن تغلُّبهم على المعادن فيما بعد وتقدُّمهم في اختراع أقدم نظام كتابي، قد جعل في أيديهم السيطرة على طريق التقدم الطويل نحو الحضارة.

فيتضح مما تقدم أن وادي النيل المعشب الواقع شرقي أرض الصحراء لم يجذب إلى داخل جدرانه الصخرية المنكمشة صيادي ما قبل التاريخ المشتتين على ساحل أفريقيا الشمالي فحسب، بل هيأ لهم مجتمعين التسلط على كل الموارد اللازمة للتقدم الإنساني في أحوال حسنة جدًّا، لدرجة جعلت الجماعات المحلية التي كانت تتألف منها البلاد تتوحد تدريجيًّا، حتى أصبحت أول مجتمع عظيم مؤلف من عدة ملايين يحكمهم ملك واحد وفي أيديهم كل الأسس الرئيسية اللازمة للحضارة. ففي القرون التي تقع بين ٥٠٠٠، ٣٥٠٠ق.م قامت أول دولة متحضرة كبيرة في وقت كانت فيه أوروبا ومعظم غربي آسيا لا تزال مسكونة بجماعات مشتتة من صيادي العصر الحجري.

والأرجح أن أول اندماج تألفت به أمة واحدة حدث في وقت لا يتجاوز سنة ٤٠٠٠ق.م، وقد كان من نتائجه أن بقيت البلاد متحدة مدة بضعة قرون أُطلِق أنا عليها الآن اسم «الاتحاد الأول». وكان من نتيجته تأسيس حكومة مركزية قوية تعد أقدم نظام إنساني معروف يضم عدة ملايين من الأنفس.١٠ ولما تألف «الاتحاد الثاني» فيما بعد بدأ تطور قومي في شكل هائل في نظام الحكم ونواحي الاقتصاد والاجتماع والدين والعمارة والفن والأدب، أخذ يسير بخطى ثابتة مدة ألف سنة من القرن الخامس والثلاثين إلى القرن الخامس والعشرين ق.م. وهذا العصر البالغ ألف سنة هو مرحلة فريدة في حياة الإنسان على الأرض؛ لأنه يوضح لنا أن أول فصل في تقدم الحياة البشرية إنما هو عملية اجتماعية، تكشف لنا عن مبدأ ظهور العوامل الاجتماعية وتأثيرها في المجتمع الإنساني. ومن المهم أن نؤكد كلمة «فريدة» التي استعملناها في العبارة السابقة؛ لأنه لم يكن في هذا العصر البعيد نمو مطرد متعاقب في أية بقعة أخرى من بقاع العالم القديم، وإن مدة الألف السنة هذه هي التي وضعت مصر من الوجهة الخلقية والثقافية في مرتبة تفوق بكثير ما كان في بابل، حيث كانت الشحناء قائمة بين بعض المدن وبعضها الآخر؛ تلك المدن التي كانت تؤلف ممالك صغيرة تناضل عن شئون محلية ضئيلة، واستغرق نضالها مدة الألف السنة السابقة بعينها، بل بقي بعضها على هذا النحو بعد ذلك مدة طويلة. ولقد كان الاتجاه الرئيسي في معترك الحياة فيما قبل السنين الألف المذكورة التي تعد أساسية وهامة في التقدم الاجتماعي، هو العمل على تقدم الإنسان في التغلب على عالم المادة، وعلى ذلك يكون وادي النيل في نظرنا هو أول مسرح اجتماعي يمكننا أن نلاحظ فيه الإنسان خارجًا منتصرًا من كفاح طويل مع الطبيعة، وداخلًا مسرح العوامل الاجتماعية الجديدة ليبدأ كفاحه الشاق بينه وبين نفسه، وهو كفاح لم يكد يتخطى بدايته حتى يومنا هذا.

وإنا معشر الأمريكيين على استعداد خاص لندرك ونقدِّر الانقلاب العجيب الذي جعل من الأرض القاحلة أرضًا ذات مدن زاهرة … فإن آباءنا الذين قامت مجهوداتهم بإنشاء مدن عظيمة ثرية على طول أراضينا الشاسعة، إنما تسلموا الفن والعمارة والصناعات والتجارة والتقاليد الحكومية والاجتماعية بطريق الوراثة عن أجدادنا الأوروبيين، ولكن في ذلك العصر السحيق الذي نحن بصدده بدأ الانتقال من الوحشية إلى المدنية بكل مظاهره الخارجية في الفن والعمارة من لا شيء. وليست أهمية ظهور المدنية في وادي النيل منحصرة في بهاء مبانيها فحسب، بل لأنه كان أيضًا تطورًا اجتماعيًّا مستمرًّا دون أي عائق أكثر من ألف سنة، أشرق لأول مرة على كرتنا الأرضية، مقدمًا لنا أول برهان على أن الإنسان الذي هو أرقى المخلوقات الفقرية التي ظهرت على وجه البسيطة أمكنه أن يخرج من الوحشية إلى المثل الاجتماعي الأعلى، ويظهر الحياة الإنسانية بمظهر لم يَرَ الكون كله — على ما نعلم — أرقى منه.

وفي أيامنا يدخل السائح وادي النيل وكأنه دخل أرض العجائب، على أبوابها تلك الأهرام الضخمة التي طالما تخيل منظرها منذ نعومة أظفاره. وعندما يصعد في الوادي مع النهر يرى فيها وراء الشواطئ الي تحفها النخيل أسوار معابد واسعة توصل إليها من الشاطئ طرق مزينة بتماثيل أبي الهول، ويشرف عليها مسلات ضخمة شاهقة الارتفاع وقاعات وعمد فخمة، ولكن قلما يخطر ببال ذلك السائح أنه في أمريكا ووادي النيل سواء بسواء يسبق القفر كل ما يرى من فن وعمارة. فحيث تقوم الآن هذه الآثار الحجرية العظيمة كانت تمتد يومًا ما تلك الغابات الكثيفة التي كانت تمتد في أودية النيل الضيقة، وكانت خالية من السبل آلافًا من السنين، اللهم إلا مسالك الصيادين الضيقة التي كانت تُرى ملتوية بين الأعشاب ومؤدية إلى حافة الماء. ولم يكن لسكان وادي النيل في عصر ما قبل التاريخ أجداد متحضرون يرثون منهم أية ثقافة، ولا بد أن تجد أن في خبرة هؤلاء القوم التي كانت آخذة في التعمق، وفي أفقهم الذي كان آخذًا في الاتساع؛ ذلك السحر الذي حوَّل هؤلاء الصيادين السذج ومساكنهم الصغيرة المصنوعة من الطين وأخصاص من الخوص إلى مجتمع عظيم يسيطر عليه رجال ذوو سلطان وخيال واسع وأصحاب آمال ضخمة، أحرار لم تغلَّ أيديهم التقاليد فعمرت تلك البقاع التي كانت يومًا غابة، ولم يكتفوا بنشر هذه الآثار فيها على طول النهر وعرضه، بل أدركوا كذلك المعنى السامي لقيم الأشياء الاجتماعية والأخلاق البعيدة عن الأنانية، مما لم ينبثق فجره على العالم من قبل. وإن الذي يعرف قصة تحول صيادي عصر ما قبل التاريخ في غابات النيل إلى ملوك ورجال سياسة وعمارة ومهندسين وصناع وحكماء وأنبياء اجتماعيين في جماعة منظمة عظيمة مشيدين تلك العجائب على ضفاف النيل في وقت كانت أوروبا لا تزال تعيش في همجية العصر الحجري، ولم يكن فيها من يعلمها مدنية الماضي؛ من يعرف كل هذا يعرف قصة ظهور أول مدينة على وجه الكرة تحمل في ثناياها صورًا خلقية ذات بال.

فالمدنية في أعلى معانيها قد ولدت إذن في الركن الجنوبي الشرقي في البحر الأبيض المتوسط، ومع ذلك قد كان هناك منذ البداية تقدُّم هام نحو المدنية في غرب آسيا المجاورة؛ وبخاصة في بابل، حيث ظهرت في نهاية الأمر ثقافة ما تمتاز بتقدمها المطرد في الشئون العملية والتجارية والقضائية، وفي الوقت نفسه كان من عناصرها البارزة الاعتقاد بأن مصير الإنسان يمكن قراءته في النجوم، حتى إن حذقها المدهش لدرس الأجرام السماوية وضع مقدمة أصبحت في يد الإغريق أساسًا لعلم الفلك، غير أن الحضارة البابلية كانت تسودها في جميع أدوارها روح الاقتصاد التجاري والكد في الحاجيات الآلية؛ مما حرم التطور الاجتماعي البابلي حتى من الأسس الأولية للتدرج نحو مراعاة الغير، والعمل على نفعهم، فكان الأساس الخلقي اللازم للعدالة بين الجميع معدومًا كلية، حتى إن دستور قوانين «حمورابي» يقضي في العدالة حسب المركز الاجتماعي للمدعي أو المذنب. أما الانعدام التام للفوارق الاجتماعية أمام القانون الذي هو من أرقى مظاهر الحضارة المصرية فلم يكن معروفًا في بابل، وكان نتيجة ذلك أن المبادئ الأخلاقية في بابل لم تساهم إلا بالنزر اليسير — إن لم تكن لم تساهم بشيء مطلقًا — في الإرث الأخلاقي الذي ورثه العالم الغربي.

وقد أدى اندماج المدنيات القديمة في الشرق الأدنى إلى نشوء ما يمكن تسميته الثقافة المصرية البابلية، أو نواة ثقافة الشرق الأدنى، وظلت أمم الغرب لا تكاد تحس حتى جيلنا الحاضر بالحقيقة البالغة الأهمية، وهي أن كلا الحضارة المصرية والحضارة البابلية قد بلغت قمتها ثم أخذت في التدهور قبل قيام الحضارة العبرانية. كلنا نعلم أن الثقافة المصرية البابلية قد دفعت الحضارة الأوروبية نحو السير، ولكن ليس من بين أهل العصر الحديث إلا القليلون ممن يعرفون تلك الحقيقة البالغة الخطورة في تاريخ الأخلاق والدين، وهي أن كلًّا من الثقافة المصرية والبابلية قد غذت ودفعت الحضارة العبرانية إلى السير. ونجد فيما بعد تيارًا من المؤثرات الشرقية القديمة التي تعد المسيحية من أظهرها مستمرًّا في المسير نحو أوروبا، وانتهى به الأمر أن قلب الدولة الرومانية في القسطنطينية إلى حكومة استبدادية شرقية بقي أثرها ظاهرًا إلى ما بعد الحروب الصليبية بزمن بعيد.

ومثل هذه التأملات تميط لنا اللثام في الحال عن الوحدة العجيبة في تاريخ حياة الإنسان، فإن تاريخ الشرق الأدنى يقع وراء تاريخ أوروبا، كما أن تاريخ أوروبا يقع وراء تاريخ أمريكا. وبالرجوع إلى الوراء بالشرق الأدنى القديم خلف الأزمان التاريخية نصل إلى عصور تطور إنسان ما قبل التاريخ، فيطول بذلك مدى المراحل المكونة لحياة الإنسان المتصلة هكذا بأمريكا فأوروبا فالشرق الأدنى فإنسان ما قبل التاريخ فالأزمان الجيولوجية. وهذا التقسيم الحديث جدًّا الذي هو من وضع أحدث المؤرخين يكشف لنا لأول مرة أن حياة الإنسان وحدة لا تتجزأ ظلت تتطور تطورًا متعاقبًا من «البُرت» (البلطة) الحجرية إلى شظايا قنبلة سنة ١٩١٤، وكلاهما مدفونتان جنبًا لجنب في ميدان قتال السوم. لذلك فإن بحثًا شاملًا للشرق الأدنى القديم نقوم به بأعين مفتوحة وبأغراض أرقى من حذق الأرقام التاريخية التي كانت محببة منذ زمن طويل إلى قلوب زملائنا المؤرخين القدامى، تظهر لنا لأول مرة العصور التاريخية المعروفة في حياة الإنسان الأوروبي كمنظر مرتكز إلى لوحة عظيمة تتناول مئات الآلاف من السنين. وفي هذا المنظر الضخم الذي لا يمكن تصوره إلا بدرس تاريخ الشرق، تنكشف أمامنا صورة شاملة بهيجة كمجال حياة البشر في عصورها المتعاقبة مما لم يستطع أن يتصور مثله أي جيل سبق، هذا هو «الماضي الجديد».

ومهما يكن من أمر العلوم والفلسفة فإن التاريخ والأخلاق وعلم اللاهوت لم يكن لها شأن يذكر في هذا البحث الضخم؛ ففي تاريخ علم الأخلاق يكشف لنا «الماضي الجديد» فجأة تلك الحقيقة التي ظلت مجهولة منذ زمن بعيد؛ وهي أن المدنية العبرانية بكل ما اشتملت عليه من وثائق ذات تأثير عميق في المبادئ الدينية والخلقية، ليست إلا مرحلة من المراحل النهائية للرقي البشري القديم، ذلك الرقي الذي سبقته عصور تجريبية منتجة ومبدعة في الناحيتين الاجتماعية والخلقية على ضفاف النيل والفرات. ويجب علينا إذن أن نمهد أذهاننا إلى قبول الحقيقة القائلة بأن الإرث الخلقي الذي ورثه المجتمع المتمدين الحديث يرجع أصله إلى زمن أقدم بكثير جدًّا من زمن استيطان العبرانيين فلسطين، وإن ذلك الإرث قد وصل إلينا من عهد لم يكن فيه الأدب العبراني المدون في التوراة قد وُجد بعدُ.

وفي خطبة وعظ ألقاها حديثًا واعظ من أقدر الوعاظ الأمريكان، أجد أن اللمحة الآتية تتطلع إلى وقت إذا تصفح فيه مؤرخو المستقبل أخبار عصرنا رحبوا به «كعصر خطير» أشرقت فيه شمس العدالة بالشفاء من جناحيها.١١ وهذه الاستعارة المتداولة مأخوذة بلا شك من الأدب العبراني، ولكن كما سنرى قد استعارها العبرانيون من مصر حيث أشرقت «شمس العدالة» قبل أن تشرق على فلسطين بأكثر من ألفي سنة. وإذا قدر لهذه الشمس أن تشرق ثانية على جيلنا الحالي فإنها ستكون القمة لنهج الرقي البشري الذي ظل يرقى بحياة الإنسان منذ آلاف السنين قبل عصر «الأنبياء» المعترف به من زمن بعيد عند رجال اللاهوت.

وسنرى الآن ماذا يكشف لنا «الماضي الجديد» كما أظهرته لنا أحدث البحوث الجديدة عما يختص بالخبرة الإنسانية القديمة التي وصلت بالإنسان لأول مرة إلى الشعور بأعلى القيم، حتى انتهت مغامرته بانبثاق فجر الضمير وفتح عصر الأخلاق.

١  وبعد عشر سنين من كتابة العبارة السابقة عثرت على ملاحظة «برجسون» القديمة الصائبة: «إذا أمكننا أن نخلص أنفسنا من كل كبرياء، وإذا كنا — لأجل أن نعرف نوعنا — نتمسك بشدة بما يقدمه لنا التاريخ وما قبل التاريخ من خاصية ثابتة للرجل الفاضل، فمن المحتمل أننا لن نقول Homosapiens ولكن نقول Homo Faber (الرجل الصانع).» راجع H. Bergsin, L’evolution Credtrice, P 151 Paris, 1921. وهنري لويس برجسون هو فيلسوف فرنسي من أصل يهودي وُلد سنة ١٨٥٩م.
٢  «بوشيه دي برت» (١٧٨٦–١٨٦٣) باحث عظيم في علم الإنسان، وكاتب مشهور وله أشعار وأسفار في السياحة وكتب في علم الإنسان، وأهم مؤلفاته كتابه: في الخليقة De la creation. راجع كتاب المعرب مصر القديمة ص٣ جزء ١.
٣  توماس هنري هكسلي ولد في إيلنج Ealing من أعمال إنجلترا عام ١٨٢٥، وقد دافع عن نظرية داروين عن أصل الخليقة، وقد كان أشهر المحاضرين في إنجلترا في العلوم، وقد مات عن سبعين عامًا.
٤  «السير شارلس ليل» من أكبر علماء طبقات الأرض، ولد في إيقوسيا سنة ١٧٩٧، وهو الذي أظهر أن الأسباب التي جعلت الدنيا التي نعيش فيها على ما هي عليه لا تزال سائرة في عملها هذا أمام أعيننا.
٥  هو «شارلس رلن» المؤرخ الفرنسي ١٦٦١–١٧٢١م.
٦  «السير هنري أوستن ليرد» مستشرق وأثري إنجليزي ولد عام ١٨٧١ ميلادية.
٧  ولا شك الآن في أن مدى إنسان العصر الحجري القديم (الباليوليتي) قد امتد كذلك إلى مسافة بعيدة نحو الشرق إلى آسيا القصوى.
٨  إن الأبحاث التي قامت بها مساحة ما قبل التاريخ Prehistoric Survey التي يديرها المعهد الشرقي لجامعة شيكاغو Oriental lnstitute of the university of Chicago تحت إشراف الدكتور «كنث س. سندفورد» Kenneth S. Sandford بصفته المدير، قد أظهرت أن جفاف شمالي أفريقيا قد بدأ في العصر الموسترياني من الزمن الباليوليتي (العهد الحجري القديم)؛ أي في منتصف العهد الحجري القديم، واستمر في العصر الحجري الجديد (النيوليتي)، انظر كتاب: K. S. Sandford & j. Arkell; Paleolethic man & the Nile Fairyum Divide, (University of Chicago Press, 1982).
٩  انظر المقال المفيد الذي كتبه.
١٠  إن الاتحاد الأول هو كشف حديث، ولم يكن معروفًا عندما نشأت طريقة تقسيم تاريخ مصر إلى أسرات ملكية، أما عهد الأسرات كما هو فبدايته ما يسمى «الاتحاد الثاني».
١١  من خطبة دينية ألقاها الدكتور «هنري سلوان كفن» في ٢ أكتوبر سنة ١٩٣٢، كما اقتبست في جريدة The New York Times الصادرة في ٣ أكتوبر سنة ١٩٣٢ ص١٣ على أن ما سبق ذكره لا يقصد اعتبار الدكتور كفن واحدًا من رجال اللاهوت التقليديين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤