الفصل الأول

الالتقاء بين الوجودية والدين

باول يوهانس أوسكار تيليش Paul J. O. Tillich (١٨٨٦–١٩٦٥م)، قسيس بروتستانتي، ومُنظِّر لاهوتي، وفيلسوف ديني من أعظم وأبرز فلاسفة المسيحية في القرن العشرين. آمن بأنَّ الوحي ليس فقط إجابة عن تساؤلات نظرية، بل أيضًا حلولٌ مُثلى للمشاكل العملية؛ فكان أقدرَ مَن عبَّر عن علاقة العقيدة الدينية بالحياة الحضارية للإنسان المعاصر وبموقفه الوجودي، وبصورٍ جعلته من طليعة المعنيين بالإشكالية الحضارية المعاصرة، سواء لاهوتيون أو علمانيون؛ فهو على الحدود بينهما. وسوف نرى أنَّ مُجمل فلسفة تيليش — ككل وكأجزاء — إنَّما يلخصها الموقف: على الحدود.

تدور أعماله الجمَّة حول تأكيد قدرة اللاهوت الفذة والفريدة على تقديم الإجابات المُرضية والمشبِعة لتساؤلات الوجود الإنساني المُلحة، وبالتالي على تقديم العلاج الناجع للأدواء المزمنة التي تعاني منها الحضارة الغربية في القرن العشرين. هذا شريطة الثورة على الميراث التقليدي، وتحديث اللاهوت وإعادة صياغته. وقد فعل تيليش هذا، لكن على أسسٍ وجودية.

إنَّ اللاهوت والوجودية يتآزران ويتلاحمان في فِكر باول تيليش، ليمثلا نقطة انطلاق إلى غدٍ أفضل، لحضارةٍ أفضل … إلى وجودٍ جديد، لإنسان جديد؛ لذلك كان هذا الكتاب من أجل الوقوف على الوجودية اللاهوتية أو الدينية كما تحققت مع باول تيليش، في واحدة من أقوى وأخصب صورها.

والواقع أنَّ ثمة أكثر مَن دافع وراء هذا الكتاب، وأكثر من هدف يزمع تحقيقه. فعلى الرغم من كثرة متكثرة من الفلاسفة والمفكرين والأدباء الذين يندرجون بصورة أو بأخرى تحت مصطلح «الوجودية Existentialism» المراوغ؛ فإنَّ القلة هي التي تعترف بالهوية الوجودية صراحةً، ربما لأنَّ القلة هي التي تُدرك صراحةً المعنى الدقيق لهذا المصطلح الواسع الانتشار، والكثير الالتباس. وعلى أية حال، فإنَّ تيليش من الوجوديين الذين يُؤكدون بمنتهى الإصرار والإمعان — قولًا وفعلًا — على وجوديتهم.

فهل هذا لأنَّه قسيس بروتستانتي؟

•••

فقد كان الأب الشرعي للفلسفة الوجودية هو البروتستانتي الدنماركي العظيم سرن كيركجور Soren Kierkegaard (١٨١٣–١٨٥٥م)، أكثر البروتستانتيين بروتستانتية، أو هو «بروتستانتي البروتستانتية»،١ ومع هذا جرى العرف على تقفِّي أثره وتتبُّع مسارات ونمو الفلسفة الوجودية بعده في معاقل الفكر العلماني — في الفلسفة، وبعض التيارات والأعمال الأدبية.

ولكننا لاحظنا أنَّ فلسفة اللاهوت البروتستانتي في القرنين التاسع عشر والعشرين كانت شدَّ ما تأثر بالفلسفة الوجودية واستقطبها، وعرف كيف يستغل مقولاتها في إقامة دعاويه.

وعلى الفور يبرز في هذا الصدد اللاهوتي الوجودي المميز رودلف بولتمان R. Bultmann (١٨٨٤–١٩٧٦م)؛ فقد رأى أنَّ العهد الجديد في جوهره رسالة وجودية بأعمق ما في الكلمة من معنًى، لكن الكوزمولوجيات البدائية المعاصرة له — ذات الأصل الغنوصي — قد ألحقت به الأساطير وشوَّهته، بحيث نجده لا يصلح البتة موضوعًا للإيمان الحقيقي للإنسان في القرن العشرين — في أوج عصر العلم. من هنا كان بولتمان ناقدًا تاريخيًّا قاسيًا للعهد الجديد، بُغيةَ إعادة صياغته على أُسسه الحقيقية — أُسسه الوجودية — التي تجعله أجدر وأقدر على البقاء في الحضارة المعاصرة؛ أي هَدفَ بولتمان إلى إعادة بناء المسيحية على أسسٍ وجودية، تنتهي إلى قرار إنساني باختيار الوجود الأصيل دونًا عن الوجود الزائف. وهذه رسالة يعجز عنها العقل المنطقي، وكانت وسيلة بولتمان لتحقيقها هي المفاهيم الوجودية، ومصطلحات مارتن هيدجر M. Heidegger (١٨٨٩–١٩٧٦م) بالذات. وثمة — على وجه الخصوص — مفهومان، قدَّمهما هيدجر بالألمانية — لغته ولغة بولتمان — وليس لهما مقابل دقيق بالإنجليزية، اكتسبا أهمية خاصة بالنسبة لهيدجر، وقد جعلهما بولتمان هكذا بالنسبة للاهوت الوجودي. هذان المفهومان هما: «أولًا Fragestellung؛ أي طريقة طرْح التساؤل، التي تتناول التساؤلات اللاهوتية بوصفها قبل كل شيء تساؤلاتٍ عن وجود الإنسان في علاقته مع الرب، وتفسِّر الكتابات المقدسة بوصفها عباراتٍ معنية أساسًا بوجود الإنسان. وثانيًا مفهوم Begriffichkeit؛ أي نسق من المفاهيم الأساسية، مشتقة من فلسفة الوجود.»٢
وبرفقة بولتمان يقف فردريش جوجارتن F. Gogarten (١٨٨٧–١٩٦٧م)، الذي آمن بأنَّ إمام البروتستانتية مارتن لوثر قد حطَّم من ثقل الميتافيزيقا على اللاهوت، ووجَّه تفكير الكنيسة إلى ما نسميه الآن ﺑ «القنوات الوجودية». بيد أنَّ استبصارات لوثر ضاعت في فترة أصوليات البروتستانتية التقليدية التي تلته، ونحن الآن في حاجةٍ إلى إعادة توكيدها، وأفضل طريقة لفهمها ليست عن طريق اللاهوتيين، بل عن طريق فلاسفةٍ علمانيين أمثال مارتن هيدجر،٣ والإيمان في نظر جوجارتن ينشأ على أساس التفسير الوجودي للتاريخ المقدس، الذي يجعلنا نراه فضًّا لمغاليق وجودنا نحن التاريخي، في ظل الثقة بكلمة الرب. وهذا شيء لا نتعلمه فقط من الوجودية الحديثة، بل وأيضًا من الفهم السليم لتعاليم لوثر. أما فريتس بوري  Fritz Buri فقد صدَّق بمجامع نفسه على دعوى بولتمان بالتفسير الوجودي للعهد الجديد، وتجريده من الأساطير، ولدرجةٍ جعلته بولتمانيًّا أكثر من بولتمان نفسه؛ فقد سار في طريقه إلى أبعد مما سار. وأعمق صورة لتطبيق الوجودية على المشاكل اللاهوتية وأكثرها جذرية إنما نجدها في مشروع بوري ﻟ «لاهوت الوجود».٤
إنَّ بولتمان ومدرسته يقفون ضمن فيالق الثورة على اللاهوت الليبرالي أو اللاهوت المتحرر. واللاهوت الليبرالي بدوره حركة بروتستانتية انتشرت في القرن التاسع عشر، وذاعت وشاعت، حتى سادت الأجواء في مطالع هذا القرن، تفسِّر اللاهوت على ضوء الخبرة الإنسانية، وبالتالي المتغيرات الحضارية. واستمرت في ذيوعها حتى عام ١٩١٤م؛ أي قيام الحرب العالمية الأولى. فحتى هذا التاريخ كان اللاهوت الليبرالي — ومجمل الفكر الديني — يتطرَّف أكثر في اتجاه النزعة المتفائلة خصوصًا بعدما تلقَّحت بروائح من الجدل الهيجلي والتطور الداروني. ولكن نواتج الحرب وما خلفته من كوارث جعلت أساسيات الحركة في حاجةٍ إلى بعث وإعادة صياغة. وهذه هي المهمة التي تكفَّل بها باول تيليش، وأحرزها بنجاح ملموس. واللاهوت الليبرالي — قبل عام ١٩١٤م وبعده — يستند على خطوط وجودية واضحة، بل وإنه يستمد أولى أصولياته من القديس أوغسطين St. Augustine (٣٥٤–٤٣٠م) أول المبشرين بإرهاصات الوجودية. وكان الاتجاه البروتستانتي المعارض للاهوت الليبرالي يستند أيضًا على الوجودية. فكارل بارت K. Barth (١٨٨٦–١٩٦٨م) هو أشد اللاهوتيين البروتستانتيين نفورًا من اللاهوت الليبرالي ورفضًا له وتبرؤًا منه، قاد الثورة عليه وقدَّم لاهوتًا مناقضًا يبدأ من الله كما تجلَّى في المسيح لا من الخبرة الإنسانية والحضارة، ويفسِّر اللاهوت بصلب ذاته. وبارت هو الآخر وجودي صميم، توضِّح أعماله، وأهمها «رسالة إلى أهل روما»، وأضخمها «دوجماطيقيات الكنيسة»، مدى اقتفائه لخُطى كيركجور وانتهاجه لأسلوبه في الكتابة. «وكان لوجودية كيركجور تأثيرٌ عظيمٌ على لاهوت بارت الخاص، وربما أيضًا على اللغة التي عبَّر بها. وهو على أية حال قد اعتقد فيما بعدُ أن طريق الوجودية سوف يؤدي لا محالة لنقطة بدء القرن التاسع عشر إلى الإنسان الديني [أي إلى نقطة بدء اللاهوت الليبرالي] فكانت الوجودية معه فقط لتعطينا وصفًا أعمق وأثقب لهذه الدينية في أفضل صورها، بيد أنها لا تمنحنا الأساس العقلي للاهوت يريد أن يتحدث عن الرب بمصطلحات عقلانية ومتعلقة، كما كان بارت في نهاية الأمر يطمح لأن يفعل، ومع كل هذا كان كيركجور معبَرًا هامًّا عبَر عليه بارت إلى العالم الجديد للاهوته المطور، وربما لم يفلح تمامًا في زعزعة تأثيره.»٥ وسوف نتعرَّض فيما بعد بالتفصيل للاهوت الليبرالي، والصورة التي اتخذها مع تيليش تحت اسم «اللاهوت الحضاري»، وأيضًا لموقف بارت المعارض.
وما ينبغي أن نصوِّب عليه الأنظار الآن، كيف أن كبار أئمة اللاهوت البروتستانتي الممثلين لأهم اتجاهاته المعاصرة، بولتمان وبارت وتيليش، على الرغم من اختلاف مشاربهم البروتستانتية بل وتناقضهم بصدد قضية مبدئية حول تفسير اللاهوت أَمِنْ صُلْب ذاته أم مِن حيثيات التجربة الإنسانية؟ إنما يتفقون في الانطلاق من الأرضية الوجودية. وهذا ينطبق أيضًا على رجالات الصف الثاني لفلسفة اللاهوت البروتستانتي المعاصر أمثال أوجدن S. N. Ogden ووليم كاملاه W. Kamlah من أتباع بولتمان. وإميل برنر E. Brunner (١٨٨٩–١٩٦٦م) أعظم الممثلين لما أسماه كارل بارت بلاهوت الكلمة، وإن كان قد افترق مع أستاذه في بعض النقاط، ويزامله في اتباع بارت اللاهوتي أوسكار كلمان O. Cullman. أما أخلص تلاميذ تيليش فهو الأسقف روبنسون Bishop J. A. T. Robinson، يوضح كتابه «مخلص للرب Honest to God» كيف أنه أجاد استيعاب وتمثُّل فلسفة أستاذه، وأيضًا تطويرها والإضافة إليها، حتى وصل إلى درجةٍ أثارت عاصفة شديدة بين اللاهوتيين، حين صدوره عام ١٩٦٣م. ولا يفوتنا ذِكْر أعلامٍ لهم أهميتهم في اللاهوت الفلسفي البروتستانتي، ولهم أيضًا استقلالهم، فلا هم رواد ولا هم أتباع. وأهمهم ديتريش بونهوفر D. Bonhoeffer (١٩٠٦–١٩٤٥م) الذي ينافس تيليش في إيمانه بالقيمة العملية والفعالية الحية للاهوت، وأيضًا ضرورة تحديثه، والعمل الذي توَّج حياته القصيرة «ثمن التبعية The Cost of Discipleship» يذكرنا كلُّ سطر من سطوره بروح كيركجور. وثمة أيضًا راينهولد نيبور R. Niebur (١٨٧٢–١٩٧١م) الرافض للاهوت الليبرالي، «بحيث يعتبره البعض تابعًا لبارت»،٦ أبدى اهتمامًا فائقًا بالمسائل الاجتماعية والسياسية وعنى بنقد الليبرالية الديمقراطية للحضارة الأوروبية، مؤكدًا على أهمية الدين الأخلاقية. وأهم أعماله في هذا «إنسان أخلاقي ومجتمع لا أخلاقي Moral Man and Immaral Societyiet» سنة ١٩٣٢م، «أبناء النور وأبناء الظلام The Children of light and the children of darkness» وقد احتذى هو الآخر حذو كيركجور في اعتبار الإنسان معلَّقًا بين التناهي والحرية، ولا مندوحة له عن تقبُّل كليهما كي يحيا بصحة روحية، وهذا التعليق للإنسان يتبدَّى من خلال القلق الذي هو ظرف مبدئي تنشأ عنه كل خطيئة.٧

كل هؤلاء اللاهوتيين البروتستانتيين، وسواهم ممن لا يتسع المجال لحصرهم، وجوديون صرحاء، ولكن طبعًا بدرجات متفاوتة في مدى تمثُّلهم وتمثيلهم للفلسفة الوجودية. ولئن كان لاهوت بولتمان ومدرسته أكثر وأخلص وجودية من لاهوت تيليش، فإن تيليش هو أقدر مَن استطاع في آنٍ واحد أن يجعل الوجودية تنساب في شرايين البروتستانتية، والبروتستانتية تنساب في شرايين الوجودية، والحياة تنساب في شرايين كليهما.

إن اللاهوت الفلسفي هو البحث في التضمنات الفلسفية للعقيدة الدينية، وليس يصعب إدراك الخاصة الوجودية للتضمنات الأساسية المميزة للبروتستانتية، فلا يدهشنا كل هذا الالتقاء بين اللاهوت البروتستانتي والفلسفة الوجودية، إنه مسألة تتبدَّى لكل مَن يمعن النظر في منطلقات ومضمون دعوة لوثر؛ أما عن الزاوية التاريخية لهذا الالتقاء، فقد أشار إليها تيليش نفسه، حين فرَّق بين ثلاثة وجوه للوجودية: الوجودية بوصفها وجهة نظر؛ وبوصفها اعتراضًا أو احتجاجًا Protest؛ وبوصفها تعبيرًا. وهو يؤكد أن الوجودية كوجهة نظر حاضرة في القطاع الأعظم من اللاهوت، وأيضًا من الفلسفة ومن الفكر، لكنها قد لا تكون على وعي بذاتها. أما الوجودية بوصفها احتجاجًا فقد ظهرت كحركة واعية بذاتها منذ الميلاد الرسمي للوجودية مع كيركجور، لتصبح بوصفها تعبيرًا خاصة مميزة للفلسفة والفن والأدب، وسادت أوروبا في مرحلة الحربين العالميتين،٨ وإذا كان ديكارت — كما هو معروف — قد شقَّ الطريق المناوئ للوجودية، فإن تيليش يؤكد أن البروتستانتية برفضها للإثقالات الميتافيزيقية والأنطولوجية على العقيدة الدينية، كانت هي التي تحمل لواء وجهة النظر الوجودية. لكن البروتستانتية تراجعت عبْر تاريخها عن الكثير من الأراضي الوجودية، وخصوصًا تحت ضغط المجتمع الصناعي الذي تنامى في القرن الثامن عشر، الذي يتطلب لحسن إدارته لنفسه وللعالم فلسفةً ضد الوجودية ولاهوتًا ضد الوجودية، وفقط تحت تأثير الحركات الاجتماعية والتيارات السيكولوجية في القرن العشرين أصبحت البروتستانتية أكثر انفتاحًا على المشاكل الوجودية للموقف المعاصر،٩ فكان ما أشرنا إليه من التقاءٍ حميم بين اللاهوت البروتستانتي والفلسفة الوجودية.

وبعد كل هذا، يظل التوقُّف عند مثال تطبيقي وتمثيل عيني لهذا الالتقاء، هو فلسفة باول تيليش، ليس فقط وقوفًا عند شريحة معبِّرة عن قطاع هام من الفكر اللاهوتي أو الغربي المعاصر، بل هو مسألة أعمق؛ إنه وقوف على طبائع وخصائص مميزة لعناصر أساسية.

•••

فلئن كانت الطبيعة الخاصة للبروتستانتية تلقي بها توًّا في قلب الفلسفة الوجودية، فإن العكس ليس صحيحًا، والطبيعة الخاصة للفلسفة الوجودية لن تلقي بها في قلب البروتستانتية فقط، بل كفيلة بجعلها تتوغل في أعطاف أي فكر لاهوتي رامَ وشائجَ فلسفية حية، وإذا كان المنشور البابوي الكاثوليكي لعام ١٩٥٠م قد استبعد الوجودية بوصفها واحدة من الفلسفات المعارضة وغير المرغوب فيها، فإننا نرى هذا عندًا في البروتستانتية وليس في الوجودية. وثمة فلاسفة وجوديون وكاثوليك، من الطراز الأول في وجوديتهم وفي كاثوليكيتهم، من أمثال جبريل مارسيل G. Marcel.
إن الوجودية هي الأساس الفلسفي للنظر في الموقف الإنساني المتعيَّن بمسئوليته الفردية الرهيبة؛ حيث لا ينفع المنطق البارد، ولا يشفع المنهج العقلاني الصارم؛ لذلك «يصعب أن يناقش أي لاهوتي متفلسف دعاويه بغير الاستعارة من القاموس الوجودي والالتجاء إلى المفاهيم والمصطلحات الوجودية، من قبيل الهم والقلق والتناهي والإثم والاغتراب، والوجود الأصيل أو الشرعي والوجود الزائف … إلخ.»١٠ وإذا كان ماكينتري صاحب هذه الملاحظة يقول في التعقيب عليها «إن الوجودية في حقيقة الأمر مبدأ لاهوتي محايد؛ لأنها تبرِّر الولاء للاعتقاد بأن الشخص قد اختاره، وهذا تبرير ينطبق أيضًا على العقائد الإلحادية.»١١ فإننا قياسًا على تعقيب ماكينتري نقول إن الفلسفة الوجودية هي فقط الكفيلة بإعطاء الإيمان الديني تعميقًا وتفسيرًا وتبريرًا، لا بدَّ أن تُسلِّم بها جميع الأطراف، حتى وإن كانوا ملحدين؛ فالرأي عندي — وهو رأي سيعطينا تيليش المثال الحي والشاهد الأصدق عليه — أنه لا توجد وسيلة لا سبيل لدحضها لتفجير الحياة في اللاهوت وتعميق معايشة التجربة الدينية أنجح وأفضل من الفلسفة الوجودية أو حتى تباريها، خصوصًا إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الدين أولًا وقبل كل شيء عقيدة، ثم يأتي تطبيق الشريعة كنتيجة ومحصلة للإيمان بالعقيدة، أو بالتعبير الوجودي لقرار اختيار العقيدة تحقيقًا للوجود الشرعي (أو الأصيل في ترجماتٍ أخرى نراها الأصوب).

•••

وإذا تركنا الآن رحاب اللاهوت الفلسفي، ودلفنا بتوغلٍ أكثر إلى رحاب الفلسفة ذاتها — لكن الفلسفة اللاهوتية أو المستعينة باللاهوت أو حتى مجرد الفلسفة المؤمنة؛ أي إذا تركنا باول تيليش اللاهوتي — سنجد أن باول تيليش الفيلسوف واحدٌ من أربعة فلاسفة ممثلين لتيار هام من تيارات الفكر الغربي المعاصر هو تيار الفلسفة اللاهوتية، التي ترتكز على اللاهوت، وتستمد منه حلولًا للمشاكل التي تتصدَّى لها. وجملتهم باحثون عن الانطلاقة أو الثورة الروحية للإنسان؛ بغية رأب الصدع العميق في بنيان الواقع الجاف؛ منهم مَن عرف كيف يحطِّم الحدود التقليدية المستهلكة للملة اللاهوتية، من أجل تطويرها وتوسيعها وإثرائها، فتكون أقدر على إنقاذ «الوجود الشخصي». وكانوا بهذا يعطوننا أمثلة نموذجية على الفلسفة الوجودية، وأسلوب ارتكازها على الدين واللاهوت، واستعانتها به، هؤلاء الأربعة هم: ماريتان بوبر M. Buber (١٨٧٨–١٩٦٥م) ممثل الفلسفة اليهودية وذو التأثير الكبير على تيليش؛ وجاك ماريتان J. Maritain (١٨٨٢–١٩٧٥م) ممثل الفلسفة الكاثوليكية؛ ونيقولا بيرديائيف N. Berdyaev (١٨٧٤–١٩٤٨م) ممثل الفلسفة الأرثوذكسية. ويأتي باول تيليش ليمثل الفلسفة البروتستانتية. لقد انتقينا هؤلاء الأربعة فقط ليمثلوا الملل اللاهوتية الأربع في الفكر الغربي المعاصر، لكن من ورائهم يقف جمعٌ غفير لفلاسفةٍ تكفلوا بمثل هذه المهمة، ولعل إسبانيا تتقدم بأكفأ فيلسوفين في هذا الصدد، هما ميجل دي أونامونو M. de Unamuno (١٨٦٤–١٩٣٦م)؛ وأورتيجاي جاسيت Ortega Y Gasset (١٨٨٣–١٩٥٥م)؛ ويمثل إنجلترا جون مكموري G. Macmurry، وثمة أيضًا كارل هايم K. Heim (١٨٧٤–١٩٥٩م)، وسرجيوس بولجاكوف S. Bulgakov (١٨٧٠–١٩٤٤م) … ويوضح المؤرِّخ جون ماكوري أن هؤلاء الفلاسفة — خصوصًا بيرديائيف وأونامونو اللذين يعتبرهما أعظم ممثلين للوجودية — حين أثبتوا أن الدين أساسًا فعالية شخصية، إنما يمهدون لما تطور بعدهم في صورة اللاهوت الوجودي،١٢ الذي رأيناه مع تيليش وبولتمان وزملائهما اللاهوتيين، حين اكتملت فلسفة الوجود الشخصي بفلسفة الأنطولوجيا.
وبالتوغل أكثر في رحاب الفلسفة، نلقى في النهاية الوجودية المؤمنة فحسب، وعلى رأسها الفيلسوفان الشهيران صاحبا البصمات الواضحة في بلورة وتطوير مفهوم الوجودية، وهما الفرنسي جبرييل مارسيل، والألماني كارل ياسبرز K. Jaspers (١٨٨٣–١٩٦٩م) الذي فلسف للاهوت الليبرالي البروتستانتي، ومع هذا كان له تأثير على جورجاتن بقوله إن اللطف والوحي ليسا في فعلٍ معين، وثمة كثيرون أقل شهرة، أهمهم الروسي ليون شستوف Leon Shestov (١٨٦٦–١٩٣٨م) الذي جعل عنوان أهم كتب كيركجور (أما … أو Either … Or) أساسًا أو هيكلًا لفلسفته. وقد انشق شستوف بوجوديته المؤمنة عن الثورة البلشفية، فانضم مع بيرديائف إلى سرب الطيور المهاجرة التي غادرت روسيا طوعًا أو كرهًا.

•••

ومن الوقوف على لاهوت فلسفي ثم على فلسفة لاهوتية، نخلص إلى أن العلاقة تبادلية بين اللاهوت والدين وبين الفلسفة الوجودية؛ فكما استعان اللاهوت البروتستانتي بالفلسفة الوجودية ليكون أقوى وأكثر حياة، فإن الفلسفة الوجودية أيضًا قد تستعين باللاهوت والدين لتكون أقوى وأكثر حياة، بل ولتكون أكثر وجودية. فكما قال الرائد كيركجور: «الوجودية الحقة هي المسيحية، أو هي بتعبير أدق صيرورة الإنسان مسيحيًّا.»١٣

إن صُلْب التفكير الوجودي يقوم على المقابلة بين «الوجود-لذاته»؛ أي الإنسان، وبين «الوجود-في ذاته»؛ أي الشيء. ولا مخرج من هذه المقابلة إلا بوجود-من أجل-ذاته، ومن أجله كل وجود آخَر؛ أي الألوهية. وحين يحقق الإنسان مبدئيات الموقف الوجودي؛ أي حين يصوِّب تفكيره تجاه ذاته المتشخصة الوحيدة المحاقة بالقلق والاغتراب والتناهي والعدم، والمثقلة بعبء الحرية الرهيب؛ فالأرجح أن يلتجئ فورًا إلى الموجود المتعالي، الله، أو كما يقول بيرديائيف: «عالم الذات كلما أحكم إغلاق الباب على نفسه، فإنه يكتشف فجأة وجودًا متعاليًا.»

وليست الألوهية فحسب، بل أيضًا الدين بمعناه الحرفي، والمقصود الأديان السماوية؛ فحديثنا لا ينطبق على الكونفوشية أو البوذية مثلًا — الدين السماوي له قدرة يصعب منافستها على تضخيم مسئولية الوجود الفردي إلى الحد الذي يجعله حقيقًا بالنظرة الوجودية — ولنخطو خطوة أبعد، ونقول ليس التجربة الدينية في عموميتها، بل وأكثر من هذا التجربة الصوفية هي التي تحمل أقصى تحقُّق للفلسفة الوجودية، والمتصوفة الذين هم أكثر عباد الله عبودية — أو عبودة حسب المصطلح الإسلامي الدال على الدرجة القصوى — هم أيضًا أكثر الوجوديين وجوديةً؛ فالوجودية فلسفة للذات لا الموضوع، والإنسان لا الطبيعة، والتجربة الحية لا العقل النظري، ولن نجد ذاتية تنبذ كل موضوعية، وإنسانية تزدري الطبيعة المادية، وتجربة ذوقية وجدانية تضرب عُرْض الحائط بمقولات العقل والعقلانية، مثلما نجدها مع المتصوفة. وهل يجادل أحد في أن الميستر إكهارت Eckhart (١٢٦٠–١٣٢٧م) «طليعة عظام المتصوفة»١٤ هو مفكِّر وجودي من الطراز الأول، وأن يعقوب بوهمه J. Boehme (١٥٧٥–١٦٢٤م) أعظم المتصوفة، هو حامل لواء الوجودية في الفترة القبل ديكارتيه.١٥

ومحصلة كل هذا ما نلمسه من أن الغالبية العظمى من الفلاسفة الوجوديين، كانوا ذوي علاقة متينة مع الدين. والوجوديون الملاحدة الممثلون لمعالم على طريق الوجودية قلة (نيتشه وهيدجر وسارتر وربما كامي) وإن كانت لهم فعلًا أهميةٌ كيفيةٌ تفوق كل كم، فليست تتعلق أهميتهم الكبيرة بمقولة الإلحاد في حد ذاتها، ولا هي أكسبت فلسفاتهم شيئًا مما لها من قوة فائقة.

أما من الناحية الأخرى التي قدَّمنا بها الحديث؛ أي ناحية اللاهوت، فإن تيليش يعتبره «قد تلقى هبة عظمى من الفلسفة الوجودية»،١٦ حتى إنه — أي تيليش — يؤلف مرجعًا أكاديميًّا ضخمًا يحيط بتاريخ الفكر المسيحي منذ أصوله اليهودية والإغريقية وصولًا إلى الفلسفة الوجودية أو انتهاءً بها، مؤكدًا أن الإنجيل يحمل عناصرَ مبكرة للتفكير الوجودي،١٧ يقول تيليش إن المسيح أتى ليجلب دهرًا جديدًا new eon، وإن «الوجودية قامت بتحليل الدهر القديم؛ أي مأزق الإنسان وعالمه في وضع الغربة. والوجودية بإنجازها لهذا إنما هي حليف طبيعي للمسيحية. وذات مرة قال إيمانويل كانط إن الرياضيات هي الحظ السعيد للعقل الإنساني. وبنفس الطريقة يمكن أن يقول المرء إن الوجودية هي الحظ السعيد للاهوت المسيحي.»١٨ أما بالنسبة للاهوت الإسلامي؛ أي علم الكلام، فإننا نلاحظ أن التصوف الإسلامي أنسب منه للاستفادة من الوجودية. ولكن لا تفكير في استفادة، بل فقط إفراغ الجهد في النيل من الوجودية لأنها فلسفة الانحلال والإلحاد! وذلك نتيجة لتعامل سطحي متسرع مع مظاهر بادية ورذاذ متناثر.

•••

فبعد كل هذا الحديث في وجودية اللاهوت ولاهوتية الوجودية؛ أي العلاقة التبادلية الوثيقة بين الوجودية والدين، بقي أن نلاحظ أن الوجودية اللاهوتية أو حتى المؤمنة — وهي الأصل كما نشأت مع كيركجور توارت في الظل، وقنعت بالوقوف من وراء الوجودية الملحدة التي انشقت عنها، والتي حظيت بنصيب الأسد — إن لم نقل استأثرت بما لحق الوجودية من شهرة طبَّقت الخافقين، حين حطَّمت جدران الأروقة الأكاديمية وانسابت في تيار الحياة اليومية، كما لم تفعل فلسفة أخرى، لا من قبلُ ولا من بعدُ، باستثناء الماركسية طبعًا.

ذلك أن الوجودية قد ظلت كائنة في مستويات البحث العميق والثقافة الرفيعة، يعبِّر عنها فلاسفة راموا أن يكونوا إنسانيين بمعنًى ما، وتلقي بظلالها على أعمال أدباء وشعراء عظام أمثال دستويفسكي وهولدرلين وإليوت، ثم جيمس جويس وكافكا وبيكيت وغيرهم … حتى كانت الأربعينيات من هذا القرن، وكان جيلها في أوروبا ليشهد أهوال حربين عالميتين، فرأى أن الدول والحكومات النظامية تتخذ قرارات من المفروض أنها عقلانية مدروسة، فتؤدي إلى الخراب والدمار والفزع واليتم والترمل والثكل. ساد هذا الجيلَ القلقُ والمعاناة والرفض لكل ما هو موضوعي جمعي عقلاني، وآمن بأنه لا أمل إلا في الخلاص الفردي؛ فكان المرتع الخصيب للوجودية، تفجَّرت في بلدان القارة الأوروبية، وأصبحت زاد الثقافة، بل الحياة اليومية. على أن وطأة أثقال الحرب أشاعت التشاؤم والسوداوية وفقدان المعنى والأمل والثقة في كل كيان أكبر من الفرد، مما جعل الأجواء، مهيأة أكثر للسير في مقولة الفردانية حتى الوصول إلى أن الإنسان مهجور في هذا الكون — أي إنكار وجود إله يلوذ برحمته الواسعة وقدرته الشاملة، وكتيار فرعي للوجودية التي رأيناها أصلًا وأساسًا مؤمنة — اشتدت الوجودية الملحدة التي يُعَد فردريك نيتشه F. Nietzche (١٨٤٤–١٩٠٠م) رائدَها، وهيدجر أعظم منظريها، وهو في الواقع أعظم منظري الوجودية على إطلاقها. أما الوجوديون الملاحدة في فرنسا بزعامة قطب الوجودية الأشهر جان بول سارتر J. P. Sartre (١٩٠٥–١٩٨٠م) — ورفقة سيمون دي بوفوار وألبير كامي — فقد تميزوا بموهبة أدبية دافقة، فصاغوا وجوديتهم العبثية التشاؤمية في قوالب فنية جذابة؛ مقالات ومسرحيات وروايات وقصص رائعة، أكسبتهم — دونًا عن سائر الوجوديين — شهرةً واسعة وجمهور قراء غفيرًا، ما كان أحد منهم ليقرأ حرفًا واحدًا في البحوث الفلسفية المتخصصة. لقد كانت كتاباتهم إنجيل جيل الأربعينيات والخمسينيات.

ووصل هذا المد إلى المكتبة العربية في الستينيات، وامتلأت بأعمالٍ جمة تعرض للفلسفة الوجودية، بحثًا ودراسة ونقدًا وترجمة ومقارنة وتأصيلًا وأحيانًا إضافة، ولكن أيضًا كان الذيوع من نصيب الوجودية الملحدة؛ سارتر ثم نيتشه ثم هيدجر. حتى وإن كانت قد ظهرت بعد ذلك بعض الدراسات القيمة والترجمات الرصينة لآثار الوجودية المؤمنة، وعروض شمولية للوجودية تستوعبها، فإنه لا تزال الوجودية الملحدة، خصوصًا عند سارتر بالنسبة للمثقفين، وعند هيدجر بالنسبة للمتخصصين، هي التي تقفز إلى الأذهان كلما ورد المصطلح في الأوساط العربية. وقد تذكر أو لا تذكر الوجودية المؤمنة، ودعْ عنك الوجودية اللاهوتية والدينية.

وبلغ هذا الخلل الفلسفي حدًّا، جعل مصطلح الوجودية يرتبط عندنا في أذهان أنصاف المثقفين بالإلحاد، وقد يطابقه!

والواقع أن هذا الخلل لا يعود فقط إلى قدرات الوجوديين الملاحدة الفلسفية ومواهبهم الأدبية أو إلى ظروفٍ حضارية لهم مُوئسة، فساعدت على رواج أعمالهم؛ بقدْر ما يعود إلى غموضٍ والتباسٍ شديدين يحيقان بمفهوم الوجودية، وليس فقط في أوساط المثقفين أو حتى المتخصصين، بل وأيضًا في أوساط الفلاسفة، والفلاسفة الوجوديين أنفسهم! فمن ينطبق عليهم هذا الاسم جمعٌ غفير من الفلاسفة «ليس يجمعهم شيء بقدْر بغضهم وتقاذفهم لبعضهم، وتبرؤ معظمهم من هويته الوجودية.»١٩ حتى شكَّ سارتر نفسه في أن لقب الوجودية قد أصبح خاليًا من المعنى. وهيدجر وياسبرز ومارسيل الذين لا بد أن يشملهم أي نقاش للوجودية، رفضوا جميعًا هذا اللقب حتى انتهى «روجرشن» إلى أن الوجودي الذي يحترم نفسه لا بد أن يرفض أن يُطلق عليه لقب وجودي، وهو يقصد أن الوجودي الحقيقي يرفض التقولب في قالب معين بحيث يصبح فردًا في فئةٍ تُعرف بالوجوديين.٢٠ ويبدو أن هذا هو السبيل الوحيد الذي تراءى لشن «كي يخرج من متاهات الوجودية» ساعد على تفاقم أحابيلها الهرج والمرج والضجيج والجلبة التي لحقت بالوجودية في أعقاب الحرب العالمية، ولكن مع أفول الستينيات شب عن الطوق جيلٌ لم يشهد أوزار الحرب العالمية، واستعاد الثقة بالعقل، وإلى حدٍّ ما بالهيئات النظامية، فلم يلقَ هواه مع الوجودية. لقد انحسرت موجتها بعد طول مدٍّ، وتقلَّصت، بل تلاشت كبدعة شعبية، يتشدق بها عن وعي وعن غير وعي المثقفون وأنصاف المثقفين وأشباه المثقفين، وتبقى الأسس النظرية إثراءً للإنسانية، وموضوعًا للبحث الأكاديمي، الهادئ الرصين والمثمر، فتوضع نقاط على الحروف.

لكل ذلك وجدناه لزامًا علينا قبل الدخول في عالم باول تيليش أن نبذل قصارى الجهد لتحديد مفهوم الوجودية تحديدًا دقيقًا، منذ نشأته مع كيركجور في النصف الأول من القرن التاسع عشر وحتى تبلور تمامًا في الربع الثاني من القرن العشرين، وبفضلٍ لا يمكن تجاوزه للوجوديين الملاحدة. وسوف يُلاحظ إلى أي حدٍّ رُوعي أن يكون هذا التحديد شموليًّا وموضوعيًّا، وبصرف النظر عن قضية إيمان الوجودية أو إلحادها؛ حتى لا يحمل شبهة المصادرة على المطلوب. وسوف نلاحظ أيضًا كيف سيتجه المنحنى الموضوعي من تلقاء ذاته في اتجاه الوجودية الدينية، وبالتالي في اتجاه عالَم باول تيليش.

١  Walter Kaufmann, Existentialism from Destoevsky to Sarter, Merdian Books, New York, 1975. p. 11.
٢  John Macquarrie, An Existentialist theology: A Comparison of Heidegger and Bultmann, penguin Books, London, 1980. p. 13.
٣  John Macquarrie, 20th century Religious Thought: the frontiers of philosophy and theology, SCN press LTD, London, 1971. p. 364.
٤  Ibid, p. 365.
٥  William Nicolas, Systematic and Philosophical theology, pelican Book, London, 1969. p. 82.
٦  H. D. Lewis, Philosophy of Religion, Hodder & Loughton, London, 1975, p. 326.
٧  W. Nicolas, Op Cit, p. 294.
٨  Paul Tillich, the courage to be, yale university press, New York, 1960. p. 126.
٩  Ibid, pp. 132–134.
١٠  Alasdair Macintyre, Existentialialism, Art in: Encyclopedia for philosophy, P. Edwards (ed. In chief), Macmillan, New York, 1972. Vol. 3, p. 151.
١١  Alasdair Macintyre, Existentialialism, Art in: Encyclopedia for philosophy, P. Edwards (ed. In chief), Macmillan, New York, 1972. Vol. 3, p. 151.
١٢  J. Macquarrie 20th Century Religious Theought, p. 209.
١٣  ريجيس جوليفيه، المذاهب الوجودية: من كيركجور إلى جان بول سارتر، ترجمة فؤاد كامل، مراجعة د. محمد عبد الهادي أبو ريدة، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة، د. ت، ص٢٠.
١٤  Elmer Obrien, Yarieties of Nystic Expoience, Mentor Omga, New York 1965. p. 123.
١٥  Paul Tillich, Theology of Culture, ed. by R. C. Kimball, Oxford university Press, 1959. p. 76.
وفي تفصيل تأثير بوهمه على الفلسفة الألمانية والأوروبية: الفصل الثالث من كتابنا: الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، ١٩٩٠م، ص١١٨–١٢٠.
١٦  P. Tillich, Op Cit, 126.
١٧  P. Tillich, Altistory of Christian Thought; from its Judaic and Hellenistic Origins to Existentialism, ed. by: C. E. Braaten, eliman & lchuster, New York, 1967. p. 540.
١٨  P. Tillich, Systematic theology, Vol. II, the University of Chicago Press, 1957. p. 27.
١٩  W. Kaufmann, Existentialism from Destovesky to Sartre, p. 11.
٢٠  د. إمام عبد الفتاح إمام، سرن كيركجور: رائد الوجودية، الجزء الأول، دار التنوير، بيروت ١٩٨٣م، ص٢٦.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤