الدولة النورية

السلطان نور الدين زنكى الشهيد في دمشق (٥٤٩–٥٧٢ﻫ)

وجاءت الأخبار سنة ٥٤٩ﻫ/١١٥٤م من مصر بأن خليفتها الظافر قد قُتل، ولم يبقَ إلا صبي صغير ابن خمسة شهور، وقد ولوه عليهم ولقَّبوه بالفائز، فكتب الخليفة عهدًا إلى نور الدين محمود بن زنكي بالولاية على بلاد الشام والديار المصرية.

وانتزع نور الدين في هذه السنة دمشق من يد ملكها مجير الدين أرتق لسوء سيرته، وحاصرته العامة في القلعة مع وزيره علي بن الصوفي، فتغلب الخادم عطاء على المملكة، وكان الناس يدعون ليل نهار أن يبدلهم بالملك نور الدين، واتفق أن أخذ الإفرنج عسقلان، فحزن نور الدين وهو لا يستطيع الوصول إليهم؛ لأن دمشق بينه وبينهم، فأرسل نور الدين الأمير أسد الدين شيركوه إلى مجير الدين، فلم يلتفت إليه. فدخل نور الدين دمشق قهرًا، وأسر مجير الدين، وعوَّضه مدينة حمص، ففرح الناس به، بل إن ملوك الإفرنج كتبوا إليه يهنئونه بدمشق، ويتقربون إليه، ويخضعون له. البداية والنهاية (١٢ / ٢٣٢).

وجعل نور الدين الأميرَ شمس الدولة بوران شاه بن نجم الدين شحنة دمشق، في سنة ٥٥٠ﻫ/١١٥٥م ثم من بعده جعل أخاه صلاح الدين يوسف هو الشحنة، وجعله من خواصه، وكان لا يفارقه، فقد كان حسن الشكل، حسن اللعب في الكرة، وكان نور الدين يحب لعب الكرة لتدمين الخيل وتعليمها الكر والفر. البداية والنهاية (١٢ / ٢٣٢).

آخر الخلفاء الفاطميين

تُوفي الظافر سنة ٥٥٥ﻫ/١١٦٠م فخلفه العاضد، آخر خلفائهم، وزالت دولة الفاطميين على يد صلاح الدين، وذلك سنة ٥٦٤ﻫ/١١٦٨م، وكان يدبر المملكة الفاطمية الملك الصالح طلائع بن رزيك الوزير الأرمني، وهو الذي كسر الفرنج بأرض عسقلان سنة ٥٥٣ﻫ/١١٥٨م.

وقام أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين يفتحان الإسكندرية سنة ٥٦٢ﻫ / ١١٦٦م، وفُتِحَت مصر في سنة ٥٦٤/ﻫ١١٦٨م على يد الأمير أسد الدين شيركوه وأصبح وزيرًا للعاضد، فدانت مصر لنور الدين، وتوفي أسد الدين في هذه السنة، وتولى الوزارة صلاح الدين ولقب بالملك الناصر، وأصبح نائبًا للملك نور الدين.

وشرع صلاح الدين سنة ٥٦٦ﻫ/١١٧٠م في تهيد الخطبة لبني العباس وقطع الأذان (بحيَّ على خير العمل) وفي سنة ٥٦٧ﻫ أمر بالخطبة لبني العباس، وكانت الخطبة قد قطعت في مصر منذ سنة ٣٥٩ﻫ/٩٦٩م أي مائتين وثمان سنين، وتوفي العاضد سنة ٥٦٧ﻫ/١١٧١م وخُطب للخليفة المستنصر بالله العباسي.

وتوفي نور الدين سنة ٥٦٩ﻫ/١١٧٣م وخلفه ابنه الصالح إسماعيل، وجعل أتابكه الأمير شمس الدين بن المقدم، ثم أخذ الصالح إسماعيل، وكان صغيرًا إلى حلب بإشراف الطواشي سعد الدولة مستكين، وسلمت دمشق إلى الأتابك شمس الدولة بن المقدم، والقلعة إلى الطواشي جمال الدين ريحان، ودخل صلاح الدين دمشق سنة ٥٧٠ﻫ/١١٧٤م وخطب لنور الدين في مصر والشام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤