فلسطين في عهد العباسيين

وفي سنة ١٣٢ﻫ/٧٤٩م أُخذت البيعة لأبي العباس السفاح، وانتقل الملك إلى العباسيين.

وانهزم مروان إلى الشام، وكان عَلَى نيابة دمشق زوج ابنته الوليد بن معاوية بن مروان، واجتاز إلى مصر، وتبعه عبد الله بن علي وجموع العباسين وحاصروا دمشق واقتتل أهلها وقتلوا نائبها، وتبع عبد الله بن علي بني أمية من أولاد الخلفاء فقتل منهم في يوم واحد اثنين وتسعين ألفًا (والصحيح رجلًا؛ لأن هذا العدد غير معقول) عند نهر بالرملة، وهو نهر العوجا (أبي فطرس تحريف Antipatris) وهو اسم رأس العين باليونانية.

ووُجِّه يحيى بن جعفر الهاشمي نائبًا على دمشق، وأتى نهر أبي فطرس فوجد مروان قد هرب ودخل مصر، وجاءه كتاب السفاح: «أرسل صالح بن علي في طلب مروان وأقم أنت في الشام نائبًا عليها.»

فسار صالح ولحق بمروان في مصر وقتله سنة ١٣٢ﻫ.

وفي سنة ١٣٣ﻫ/٧٥٠م جعل السفاح إمرة الشام لعمَّيه عبد الله وصالح ابني علي. البداية والنهاية (١٠ / ٥٦).

وُلد السفاح بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء بالشام (شرقي الأردن) ونشأ بها حتى أخذ مروان أخاه إبراهيم الإمام فانتقلوا إلى الكوفة.

تُوفي سنة ١٣٦ﻫ/٧٥٣م. وخلفه أخوه أبو جعفر المنصور، فبايعته سائر البلاد ما عدا الشام؛ ذلك لأن عبد الله بن علي عمَّه ادَّعى الخلافة لنفسه وأن السفاح وعده بها، فبعث إليه بأبي مسلم الخراساني فكتب إليه: «أني لم أؤمر بقتالك، وإنما بعثني أمير المؤمنين واليًا على الشام فأنا أُريدها.» ثم تقاتلا وأُسر عبد الله فسُجن ومات.

وفي سنة ١٤٠ﻫ/٧٥٧م حجَّ الخليفة المنصور ورحل الى بيت المقدس فزاره، وكان نائب قنسرين وحمص ودمشق صالح بن علي.

وفي سنة ١٥٤ﻫ/٧٧٠م دخل المنصور بلاد الشام وزار بيت المقدس. البداية والنهاية (١٠ / ١١١). وتُوفي سنة ١٥٨ﻫ/٧٧٤م وبويع لولده المهدي الذي زار بيت المقدس سنة ١٦٣ﻫ/٧٧٩م.

واتخذ المهدي دواوين الأزمَّة، واحدها ديوان الزِّمام١ في سنة ١٦٨ﻫ/٧٨٤م. ورُوي أنه لما جُمعت الدواوين لعمر بن بزيع تفكَّر فإذا هو لا يضبطها إلا بزمام يكون له على كل ديوان، فاتخذ ديوان الأزمة في خلافة المهدي. البداية والنهاية (١٠ / ١٥٠). تُوفي سنة ١٦٩ﻫ/٧٨٥م.

وخلفه موسى الهادي، تُوفي سنة ١٧٠ﻫ/٧٨٦م، وخلفه هارون الرشيد.

ووقعت في سنة ١٧٦ﻫ/٧٩٢م، فتنة عظيمة بالشام بين النزارية، وهم قيس، واليمانية، وهم يمن، وهذا كان بدء أمر العشيرتين قيس ويمن بحوران، وأعادوا ما كانوا عليه في الجاهلية في هذا الآن، وقُتل منهم بشر كثير، وكان على نيابة الشام كلها من جهة الرشيد ابن عمه موسى بن عيسى، وقيل عبد الصمد بن علي، وكان على نيابة دمشق بخصوصها سند بن سهل أحد موالي أبي جعفر المنصور، وقد هدم سور دمشق حين ثارت الفتنة خوفًا من أن يتغلب عليها أبو الهيذام المزي رأس القيسية.

ولما تفاقم الأمر بعث الرشيد من جهته موسى بن يحيى بن خالد ومعه جماعة من القواد ورءوس الكُتَّاب، فأصلحوا بين الناس وهدأت الفتنة واستقام أمر الرعيَّة. البداية والنهاية (١٠ / ١٦٨).

وكان نائب فلسطين في سنة ١٧٨ﻫ/٧٩٤م هرثمة بن أعين وقد بعثه الرشيد مع خلق من الأمراء مددًا لإسحاق بن سليمان عامل مصر. البداية والنهاية (١٠ / ٧٧١).

وقامت ثورة أو فتنة بين النزارية واليمنية بالشام فأرسل الرشيد جعفر البرمكي في جماعة من الأمراء والجنود، فدخل الشام ولم يدع فرسًا ولا سيفًا ولا رمحًا إلا استلبه من الناس فهدأت الفتنة، واستخلف على الشام عيسى العكي.

ومن الذين تولوا الشام جعفر البرمكي الوزير، ولَّاه الرشيد الشام وغيرها من البلاد، تُوفي قتلًا سنة ١٨٧ﻫ/٨٠٢م.

وفي سنة ١٩١ﻫ/٨٠٦م خرج على الرشيد في الشام أبو النداء، فوجَّه إليه الرشيد يحيى بن معاذ واستنابه على الشام. البداية والنهاية (١٠ / ٢٠٦). وفي سنة ١٩٣ﻫ/٨٠٨م، تُوفي الرشيد، وخلفه محمد الأمين، وقد ولى على نيابة الشام عبد الملك بن صالح، وكان الرشيد قد سجنه، فلما مات الرشيد أخرجه الأمين وعقد له على نيابة الشام. البداية والنهاية (١٠ / ١٩٣). وكان ذلك سنة ١٩٦ﻫ/٨١١م، ومات عبد الملك بن صالح في الرقة وعاد الجيش إلى بغداد.

وظهر أمر السُّفياني بالشام في سنة ١٩٥ﻫ/٨١٠م، وهو علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية، فعزل نائب الشام عنها ودعا إلى نفسه، فبعث إليه الأمين جيشًا فلم يقدموا عليه، وقُتل الأمين سنة ١٩٨ﻫ، وبويع للمأمون سنة ١٩٨ﻫ/٨١١م، فولى طاهر بن حسين نيابة الجزيرة والشام والموصل والمغرب. البداية والنهاية (١٠ / ٢٤٤).

وتوجَّه إليها سنة ١٩٩ﻫ/٨١٤م.

وولى المأمون مكان طاهر على الرقة والجزيرة يحيى بن معاذ. البداية والنهاية (١٠ / ٢٥٥) في سنة ٢٠٥ﻫ/٨٢٠م، وفي سنة ٢٠٧ﻫ/٨٢٢م مات طاهر بن الحسين، وكان قد بلغ المأمون أن طاهرًا خطب يومًا ولم يدعُ للمأمون فوق المنبر، ومع هذا وَلَّى ولدَه عبد الله مكانه، وأضاف إليه، وزيادة على ما كان ولَّاه أباه، الجزيرة والشام نيابةً، وقال المأمون عند موته: «الحمد لله الذي قدَّمه وأخرنا.»

وثارت القيسية واليمانية في سنة ٢١٣ﻫ/٨٢٨م، فولى المأمون أخاه أبا إسحاق بن الرشيد نيابة الشام، وأطلق له ألف ألف دينار وخمسمائة ألف دينار. البداية والنهاية (١٠ / ٢٦٧) ثم أضاف إليه نيابة مصر، وفي سنة ٢١٥ﻫ/٨٣٠م رجع المأمون من بلاد طرسوس إلى دمشق فنزلها وعمَّر دير مراث بسفح قيسون، وأقام بدمشق مدة. البداية والنهاية (١٠ / ٢٩٩). وتوفي المأمون سنة ٢١٨ﻫ/٨٣٣م.

وخلفه أخوه المعتصم وتوفي سنة ٢٢٧ﻫ/٨٤١م، وثار أبو حرب اليماني، وهو رجل من أهل الثغور بالشام، فأرسل له جيشًا أمَّره رجاءَ بن أيوب فأسره.

وبويع لهارون بن المعتصم في سنة ٢٢٧ﻫ/٨٤١م، وفي سنة ٢٢٩ﻫ/٨٤٣م أمر الواثق بعقوبة أصحاب الدواوين، وضربهم واستخلاص الأموال منهم، لظهور خيانتهم وإسرافهم في أمورهم، فمنهم من ضُرب ألف سوط، وأكثر من ذلك وأقل، ومنهم من أُخذ منه ألف ألف دينار ودون ذلك، وتُوفي سنة ٢٣٢ﻫ/٨٤٦م وبويع للمتوكل.

وتوجَّه المتوكل في سنة ٢٤٣ﻫ/٨٥٧م من العراق قاصدًا مدينة دمشق، ليجعلها له دار إقامة ومحله إمامة. ودخلها سنة ٢٤٤ﻫ/٨٥٨م. وأمر بنقل دواوين الملك إليها، وأمر ببناء القصور في طريق داريا، وأقام بها مدة ثم استوخمها ورأى أن هواءها بارد ندي، وماءها ثقيل بالنسبة إلى هواء العراق ومائه، ورأى الهواء يتحرك بها من بعد الزوال في زمن الصيف، فلا يزال في اشتداد وغُبار إلى قريب من ثلث الليل، ورأى كثرة البراغيث بها، ودخل عليه فصل الشتاء فرأى من كثرة الأمطار والثلوج أمرًا عجيبًا، وغلت الأسعار وهو بها، لكثرة الخلق الذين معه، وانقطعت الأجلاب بسبب كثرة الأمطار والثلوج، فضجر منها ورجع إلى سامرا بعد أن أقام بدمشق شهرين وعشرة أيام. البداية والنهاية (١٠ / ٣٤٣). وقُتل سنة ٢٤٧ﻫ/٨٦١م، وخلفه ابنه محمد المنتصر، وخلفه المستعين بالله، فخلع نفسه سنة ٢٥٢ﻫ/٨٦٦م، وخلفه المعتز بن المتوكل، وتُوفي بعد خلعه سنة ٢٥٥ﻫ/٨٦٦م وبويع للمهتدي بالله.

وفي هذه السنة تُوفي محمد بن كرَّام الذي تنسب إليه الفرقة الكرامية، وكان قد سكن بيت المقدس ومات بها، وكان يقول: «إن الإيمان قول بلا عمل.» فتركه أهلها ونفاه متوليها إلى غور زغر (البحر الميت) فمات بها ونُقِل إلى القدس ودُفِنَ بباب أريحا (باب الرحمة) وله ببيت المقدس نحو من عشرين ألفًا من الأتباع. البداية والنهاية (١١ / ٢٠).

وخُلع المهتدي في سنة ٢٥٦ / ٨٦٩م، وقُتِل، وبويع المعتمد على الله، وفي هذه السنة كانت وقيعة عظيمة على باب دمشق بين أماجور نائب دمشق وبين عيسى بن الشيخ، فهزمه أماجور.

وولى المعتمد على الله في سنة ٢٦١ﻫ/٨٧٤م ولده جعفرًا العهد من بعده، وسمَّاه المفوَّض إلى الله، وولاه المغرب، وضم إليه موسى بن بغا ولاية إفريقيا، ومصر، والشام، والجزيرة، والموصل، وأرمينية، وطريق خراسان وغير ذلك، وجعل الأمر من بعد ولده لأبي أحمد المتوكل، ولقبه الموفق بالله وولَّاه المشرق، وضم إليه مسرورًا البلخي وولَّاه بغداد، والسواد، والكوفة، وطريق مكة والمدينة، واليمن، وكسكر، وكور، ودجلة، والأهواز، وفارس، وأصبهان، والكرخ، والدينور، والري، وزنجان، والسند، وكتب بذلك مكاتبات وقرئت بالآفاق، وعلَّق منها نسخة بالكعبة. البداية والنهاية (١١ / ٣٢).
حُكَّام دمشق في عهد العباسيين*
١٣٢ﻫ عبد الله بن علي العباسي.
١٣٦ﻫ أخوه الصالح.
١٣٦ﻫ عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام العباسي (من قبل المنصور).
١٧٥ﻫ إبراهيم بن الصالح بن علي (وولده إسحاق نائبه).
١٧٦ﻫ موسى بن يحيى بن خالد البرمكي.
١٧٧ﻫ عبد الملك بن صالح.
١٨٠ﻫ جعفر بن يحيى بن خالد.
١٨٧ﻫ شعيق بن حازم.
١٨٨ﻫ
١٩١ﻫ يحيى بن معاذ.
١٩٣ﻫ عبد الملك بن الصالح بن علي العباسي (للمرة الثانية).
١٩٥ﻫ سليمان بن المنصور.
١٩٨ﻫ طاهر بن الحسين ذو اليمينين.
٢٠٥ﻫ عبد الملك بن طاهر (بقي إلى ٢٠٧ﻫ).
٢١٣ﻫ محمد المعتصم بن الرشيد.
٢١٣ﻫ عباس بن المأمون (نودي به سنة ٢١٨ خليفة من قبل جنده عند موت المأمون).
٢٢٥ﻫ علي بن إسحاق بن يحيى بن معاذ (صاحب المأمون).
٢٢٦ﻫ رجاء بن أيوب.
٢٣٢ﻫ مالك بن طوق بن التغلبي (صاحب الرحبة وبانيها).
٢٣٥ﻫ إبراهيم بن مؤيد بن المتوكل.
٢٤٧ﻫ عيسى بن محمد بن النوشهري، ابن الشيخ.
٢٥٦ﻫ أماجور (حكم باسم المعتمد تُوفي سنة ٢٦٤ﻫ).
٢٦٤ﻫ علي بن أماجور (تغلب عليه أحمد بن طولون ودخل دمشق تُوفي سنة ٢٧٠ﻫ).
دي زمباور Manuel de Généalogie et de Chronologie Pour l’histoire de l’Islam Par E. de E. de Zambaur.
١  ديوان مراقبة الحسابات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤