الدولة الطولونية المصرية
وحاصر أحمد بن طولون نائب الديار المصرية مدينة أنطاكية، في سنة ٢٦٥ﻫ/٨٧٨م، فاجتمع لأحمد بن طولون مُلك الشام بكماله مع الديار المصرية؛ لأنه لما مات نائب دمشق أماجور ركب ابن طولون من مصر فتلقاه ابن أماجور إلى الرملة فأقره عليها، وسار إلى دمشق فدخلها، ثم إلى حمص وحلب وأنطاكية، وتوفي أحمد بن طولون سنة ٢٧٠ﻫ/٨٨٤م.
وخلفه في سنة ٢٧١ﻫ/٨٨٤م خمارويه بن أحمد بن طولون ملك بلاد مصر والشام، وأرسل الخليفة جيشًا لاسترداد الشام، فاستنجد أهل الشام بأبي العباس بن الموفق، فكسر خمارويه وتسلم دمشق، ولحقه إلى بلاد الرملة، فأدركه على ماءٍ عليه طواحين (طواحين نهر العوجا). ولكن كمينًا لجيش خمارويه تمكن من الجيش العراقي فهزمه، واسترد الطولونية دمشق وسائر الشام، وأقاموا أبا العشائر أخا خمارويه أميرًا عليهم.
وفي سنة ٢٧٥ﻫ/٨٨٨م سجن أبو أحمد الموفق ولده أبا العباس المعتضد في دار الإمارة؛ وذلك أنه أمره بالمسير إلى بعض الوجوه فامتنع أن يسير إلا إلى الشام التي ولَّاه إياها عمه المعتضد، وأمر بسجنه فثارت الأمراء، وابتدأت سنة ٢٧٨ﻫ/٨٩١م حركة القرامطة الإسماعيلية، نسبة إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق، والقرامطة نسبة إلى قرمط بن الأشعث البقار، وتوفي المعتمد سنة ٢٧٩ﻫ/٨٩٢م وخلفه المعتضد، وتزوج المعتضد من ابنة خمارويه سلطان الديار المصرية سنة ٢٨١ﻫ/٨٩٤م.
وقُتِل خمارويه في سنة ٢٨٢ﻫ/٨٩٥م في دمشق، وولوا بعده ولده جيش، ثم قتلوه وولوا هارون بن خمارويه، فلما كان المكتفي سنة ٢٨٩ﻫ/٩٠١م عزله وولى مكانه محمد بن سليمان الواثقي، فاصطفى أموال الطولونيين، وكان ذلك آخر العهد بهم.
واضطرب الجيش في سنة ٢٨٤ﻫ/٨٩٧م على هارون بن خمارويه، فأقاموا له جعفر بن أبان، فبعث إلى دمشق، وكانت قد منعت البيعة تسعة أشهر بعد أبيه، واضطربت أحوالها فبعث إليهم جيشًا مع بدر الحمامي والحسن بن أحمد الماذرائي، فأصلحا أمرها واستعملا على نيابتها طغج بن خف ورجعا إلى مصر. البداية والنهاية (١١ / ٧٧).
وقصد القرامطة دمشق في سنة ٢٨٩ﻫ/٩٠١م، فقاتلهم نائبها طغج بن خف من جهة هارون بن خمارويه، فهزموه مرات متعددة، وكان ذلك بسفارة يحيى بن زكرويه بن بهرويه، ومات الخليفة المعتضد، وخلفه المكتفي بالله.
وفي سنة ٢٩٠ﻫ/٩٠٢م قُتِل يحيى بن زكرويه القرمطي على باب دمشق، قتله مغربي من جيش المصريين، وخلفه أخوه الحسين وتسمَّى بأحمد وتكنَّى بأبي العباس، وحاصر دمشق فصالحه أهلها على مال، وسار إلى حمص وحُماه والمعرة، فكتب أهل الشام إلى الخليفة، فأرسل جيشًا كثيفًا لحربه وقتل سنة ٢٩١ﻫ/٩٠٣م.
وأرسل الخليفة المكتفي إلى الديار المصرية جيشًا لمحاربة هارون بن خمارويه في سنة ٢٩٢ﻫ/٩٠٤م فقضى على الدولة الطولونية.