فلسطين في عهد الفاطميين

ودخل الفاطميون في سنة ٣٥٨ﻫ/٩٦٨م مصر بقيادة جوهر الرومي من جهة المعز الفاطمي، وأرسل جعفر بن فلاح في جيش كثيف إلى الشام، وكان بدمشق الشريف أبو القاسم بن يعلى الهاشمي، وبعد قتال خُطب للمعز بدمشق، وحمل الشريف أبو القاسم إلى القاهرة، وأسر الحسن بن طغج ونُفي إلى أفريقيا؛ واستقرت يد الفاطميين على دمشق سنة ٣٦٠ﻫ/٩٧٠م، وظلوا كذلك إلى أن استولى عليها صلاح الدين، وفي تلك السنة دخل الروم إلى حمص ونهبوها.

وخطب في سنة ٣٥٩ﻫ/٩٦٩م للمعز بدمشق، عن أمر جعفر بن فلاح، فقاتله الحسن بن طغج بالرملة فغلبه ابن فلاح وأسره وأرسل إلى إفريقية وفيها هاجم الروم طرابلس فحرقوها ومالوا إلى السواحل فملكوا ثمانية عشر بلدًا سوى القرى، وأحرقوا حمص. البداية والنهاية (١١ / ٢٦٨).

وأُذِّن بدمشق وسائر الشام في سنة ٣٦٦ﻫ/٩٧٦م «بحيَّ على خير العمل.» وقال ابن عساكر في ترجمة جعفر بن فلاح نائب دمشق هو أول من تأمر بها عن الفاطميين. البداية والنهاية (١١ / ٢٧٠).

وخُلع المطيع في سنة ٣٦٣ﻫ/٩٧٣م وولي الطائع، والتحم المعز الفاطمي والقرمطي، والتف مع الحسين القرمطي أمير العرب ببلاد الشام حسن بن الجراح الطائي، فرجحت كفة القرامطة، فاستمال المعز حسان بن الجراح، فانهزم القرامطة، وانسحبوا إلى أذرعات، وانهزم القرمطي، وبعث المعز سرية وأمَّر عليهم ظالم بن موهوب العقيلي، فجاء إلى دمشق فتسلمها من القرامطة، واعتقل متوليها أبو الهيجاء القرمطي، وابنه، واعتقل رجلًا يُقال له: أبو بكر النابلسي١ من أهل نابلس، كان يتكلم عن الفاطميين، ويقول: «لو كان معي عشرة أسهم لرميت الروم بواحد، ورميت الفاطميين بتسعة.» فقُتِل. وكان القائد العام الفاطمي الذي نازل القرامطة أبو محمود بن إبراهيم، فلما فرغ من قتالهم أقبل نحو دمشق فخرج إليه ظالم بن موهوب حاكمها، وأنزله ظاهر دمشق، فأخذت العساكر تنهب وتسلب، واصطدموا بالأهلين وأحرقت بعض دمشق، وعُزل ظالم بن موهوب وتولى الشام حبيش بن الصمصامة ابن أخت أبي محمود، فلم تنتظم الأمور، فولي عليهم الطواشي ريان الخادم من جهة المعز الفاطمي، فسكنت النفوس. البداية والنهاية (١١ / ٢٧٧).

أخذ دمشق من الفاطميين

ذكر ابن الأثير أن (الفتكين) غلام معز الدولة، الذي خرج عن طاعته، جمع الجيوش ونزل على دمشق، في سنة ٣٦٤ﻫ/٩٧٤م، وكان عليها من جهة الفاطميين ريان الخادم، وساعده أهل الشام، فأخرج منها ريان، فاحتل دمشق ونظَّم أمورها، فشكره المعز، وطلب إليه أن يجعله نائبًا من جهته فلم يقبل، فقطع الخطبة للفاطميين، وقصد صيدا وبها خلق من المغاربة عليهم ابن الشيخ، وفيهم ظالم بن موهوب العقيلي الذي كان نائبًا على دمشق للمعز الفاطمي، فأخذ البلد وقصد طبرية فأخذها، وتوفي المعز سنة ٣٦٥ﻫ/٩٧٥م، وخلفه العزيز فبعث جوهر القائد الصقلي لقتاله وأخذ الشام من يده، فحالفه أهل الشام، وحاصر جوهر الشام سبعة أشهر، فاستنجد الفتكين بالحسين بن أحمد القرمطي، وهو بالحساء، فلما أقبل لنصره، انسحب جوهر إلى الرملة، فتبعه الفتكين والقرمطي، فتواقعوا عند نهر الطواحين (العوجا) على ثلاثة فراسخ من الرملة، وحصروا جوهر بالرملة. ثم أطلقوه فاستنجد بالعزيز وعاد على رأس جيش كبير، وحارب الفتكين والقرمطي والأعراب عن الرملة، فانهزم القرمطي وبقية الشاميين، وأُسر الفتكين، فأكرمه العزيز ورجع معه إلى مصر، إلى أن وقع بينه وبين ابن كلس الوزير الفاطمي، فسقاه سُمًّا فمات، فغضب العزيز وحبس الوزير ثم عفا عنه.

القرامطة بدمشق

تُوفي رئيسهم الحسين أحمد القرمطي سنة ٣٦٦ﻫ/٩٧٦م، وقد تغلب على الشام سنة ٣٥٧ﻫ/٩٦٧م وعاد إلى الإحساء بعد سنة، ثم عاد إلى دمشق سنة ٣٦٠ﻫ/٩٧٠م وكسر جعفر بن فلاح أول نائب فاطمي بالشام، ثم توجَّه إلى مصر فحاصرها سنة ٣٦١ﻫ/٩٧١م واستخلف على دمشق ظالم بن موهوب، ثم عاد إلى الإحساء، ثم رجع إلى الرملة فتوفي فيها سنة ٣٦٦ﻫ/٩٧٦م وكان يُظهر الطاعة للعباسيين. البداية والنهاية (١١ / ٢٨٦).

ملك قسام التراب لدمشق

لما ذهب الفتكين إلى مصر نهض رجل من أهل دمشق، يقال له: قسام التراب، فاستحوذ على دمشق، وحاصره جنود العزيز من مصر فلم يقدروا عليه، وجاء أبو تغلب الحمداني فحاصره فلم يقدر عليه، فانصرف إلى طبرية، فوقع بينه وبين بني عقيل وغيرهم من العرب حروب، وقُتِل أبو تغلب، وكان قسام التراب هذا (من بني الحارث بن كعب من اليمن) أقام بالشام سنين عديدة، وقال ابن عساكر: أصله من قرية تلفيتا، وكان ترابًا، قلت: إن العامة يسمونه قسيم الزبَّال، ولم يكن زَبَّالًا، بل ترَّابًا، من قرية تلفيتا قرب منين، وكان ينتمي إلى رجل من أحداث دمشق، يُقال له: أحمد بن المسطان، فكان من حزبه، ثم استحوذ على الأمور، وغلب على الأمراء والولاة، إلى أن قدم بلكتكين التركي من مصر سنة ٣٧٦ﻫ/٩٨٦م واختفى قسام التراب، فأرسل إلى مصر وعُفي عنه.

وقُبِض على الخليفة الطائع بالله، في سنة ٣٨١ﻫ/٩٩١م وبويع للقادر بالله، وفي هذه السنة ظهر أبو الفتوح الحسين العلوي أمير مكة، وادَّعى أنه خليفة وسُمِّي الراشد بالله، فتلقوه بالرحب، ولكن الحاكم بأمر الله بعث إلى عرب الشام ووعدهم بالذهب، فانتظم أمر الحاكم، وتمزق أمر الراشد. البداية والنهاية (١١ / ٣١٠).

وتُوفي الطائع بالله، في سنة ٣٩٣ﻫ/١٠٠٢م واستناب الحاكم بأمر الله على دمشق وجيوش الشام أبا محمد الأسود، ثم بلغه أنه عزر رجلًا مغربيًّا سبَّ أبا بكر وعمر، وطاف به في البلد، فخاف من معرَّة ذلك فبعث إليه فعزله مكرًا وخديعة. البداية والنهاية (١١ / ٣٣٢).

وتُوفي القادر بالله في سنة ٤٢٢ﻫ/١٠٣٠م وبويع للقائم بالله، وتوفي الطاهر بن الحكم الفاطمي سنة ٤٢٧ﻫ/١٠٣٦م وتكفل بأعباء المملكة الأفضل أمير الجيوش، واسمه بدر الجمالي.

وظهر السلاجقة في نيسابور سنة ٤٢٩ﻫ/١٠٣٧م. وفي هذه السنة قتل جيش المصريين لصاحبه شبل الدولة، نصر بن صالح بن مرداس، واستولوا على حلب وأعمالها، وفي سنة ٤٣٤ﻫ/١٠٤٢م ملك ثمال بن صالح بن مرداس حلب، وأخذها من الفاطميين فبعث إليه المصريون من حاربه. البداية والنهاية (١٢ / ٥٠).

وملك المصريون في سنة ٤٤١ﻫ/١٠٤٩م مدينة حلب، وأجلوا عنها صاحبها ثمال بن صالح بن مرداس، تُوفي ٤٥٤ﻫ/١٠٦٢م.

وهجم ملك الروم أرمانوس في سنة ٤٦٢ﻫ/١٠٦٩م، ومال نحو الشام وأهله ميلة واحدة، فاستعاده من أيدي المسلمين ونشب بينه وبين ألب أرسلان قتال انتهى بفوز ألب أرسلان. البداية والنهاية (١٢ / ١٠٠).

وتوفي السلطان ألب أرسلان، في سنة ٤٦٥ﻫ/١٠٧٢م وأقيمت الدعوة العباسية في بيت المقدس، وتوفي القائم بأمر الله في سنة ٤٦٧ﻫ/١٠٧٤م وخلفه المقتدي بأمر الله.

وملك الأقسيس مدينة دمشق في سنة ٤٦٨ﻫ/١٠٧٥م، وانهزم المعلي بن حيدر نائب المستنصر العبيدي في مدينة بانياس، والأقسيس هذا هو أتسز بن أون الخوارزمي، لقبه الملك المعظم، وهو أول من استعاد بلاد الشام من أيدي الفاطميين بعد أن كان يؤَذَّن بحيّ على خير العمل على منابر دمشق وسائر الشام مائة وست سنين، وبنى قلعة دمشق، فأكملها بعده الملك المظفر تتش بن ألب أرسلان السلجوقي. البداية والنهاية (١٢ /  ١١٢). الذي انتزع الملك سنة ٤٦٩ﻫ/١٠٧٦م منه.

واستمرت إلى أيام نور الدين محمود بن زنكي، وجددها الملك صلاح الدين في عهد نائبه ابن مقدم، ثم اقتسمها الملك العادل وأولاده، وجددها الملك الظاهر بيبرس، ثم ابتنى بعده، في دولة الملك الأشرف خليل بن المنصور، نائبه الشجاعي.

وملك حلب نصر بن محمود بن مرداس بعد وفاة أبيه، في سنة ٤٦٩ﻫ/١٠٧٦م، وملك المظفر تاج الملوك تتش بن ألب أرسلان السلجوقي دمشق، في سنة ٤٧١ﻫ/١٠٧٨م، وقتل ملكها أقسيس، وفي سنة ٤٧٩ﻫ/١٠٨٦م كانت الوقعة بين تتش صاحب دمشق وبين سليمان بن قتلمش صاحب حلب وأنطاكية وتلك الناحية، فانهزم أصحاب سليمان، وقتل هو نفسه بخنجر كانت معه. فسار السلطان ملكشاه السلجوقي من أصبهان إلى حلب، وملك ما بين ذلك من البلاد التي مرَّ بها، مثل: حران، والرُّها، وقلعة جعبر، وكان جعبر شيخًا كبيرًا قد عمي وله ولدان، وكان قُطَّاع الطريق يلجئون إليها فيتحصنون بها، فراسل السلطان سابق بن جعبر في تسليمها فامتنع عليه، فنصب عليها المناجيق والعرادات ففتحها وأمر بقتل سابق، فقالت زوجته: «لا تقتله حتى تقتلني معه»، فألقاه من رأسها فتكسر، ثم أمر بتوسيطهم بعد ذلك فألقت المرأة نفسها وراءه فسلمت، فلامها بعض الناس، فقالت: «كرهتُ أن يصل إليَّ التركي فيبقى ذلك عارًا عليَّ.» فاستحسن منها ذلك.

واستناب السلطان على حلب قيم الدولة اقسنقر التركي، وهو جد نور الدين الشهيد.
حُكَّام دمشق في عهد الفاطميين
٣٥٨ﻫ أبو علي جعفر بن فلاح يستولي على دمشق باسم المعز (قتله القرامطة سنة ٣٦٠ﻫ).
٣٥٨ﻫ استولى القرامطة على المدينة.
٣٦٣ﻫ ظالم بن موهوب العقيلي.
حبيش بن محمد بن الصمصامة (ولي إمرة الشام ثلاث مرَّات).
ريان المعزي.
٣٦٤ﻫ الفتكين المعزي.
٣٦٧ﻫ قسام التراب.
٣٦٩ﻫ (حرب ضد ابن فلاح).
٣٧١ﻫ بلكتكين (يلتكين) التركي.
٣٧٢ﻫ بكجور.
٣٨١ﻫ منير الخادم.
٣٨١ﻫ منجوتكين.
٣٨٦ﻫ سليمان بن فلاح.
٣٨٨ﻫ بشارة الإخشيدي.
٣٨٨ﻫ حبيش بن محمد بن الصمصامة (قتل سنة ٣٩٠ﻫ).
٣٩٠ﻫ تميم بن إسماعيل المغربي.
٣٩٠ﻫ سليمان بن فلاح (للمرة الثانية).
٣٩٢ﻫ خوتكين الداعي (الضيف).
٣٩٢ﻫ طزملت بن بكار البربري (أوتمذوات).
٣٩٤ﻫ أبو صالح مفلح اللحياني.
٣٩٩ﻫ حامد بن ملحم.
٤٠١ﻫ وجيه الدولة أبو المطيع بن حمدان بن ناصر الدولة.
٤٠١ﻫ بدر العطار.
٤٠٣ﻫ أبو عبد الله بن نزال.
٤٠٤ﻫ أبو الحسن علي بن جعفر بن فلاح.
٤٠٥ﻫ عبد الرحيم بن إلياس.
٤٠٧ﻫ شمس الدولة شاه تكين.
٤٠٧ﻫ يوسف بن ياروخ.
٤٠٨ﻫ سديد الدولة أبو منصور.
٤٠٩ﻫ بدر العطار (للمرة الثانية).
٤١٠ﻫ عبد الرحيم بن إلياس (للمرة الثانية).
٤١٢ﻫ وجيه الدولة (للمرة الثانية).
٤١٤ﻫ شهاب الدولة شاه تكين.
٤١٥ﻫ وجيه الدولة (للمرة الثالثة).
٤١٩ﻫ أنوشتكين الدزبري الجيلي منتخب الدولة أمير الجيوش (توفي سنة ٤٤٣ﻫ).
٤٣٣ﻫ ناصر الدولة الحمداني.
٤٤٠ﻫ بهاء الدولة طارق الصقلبي المستنصري.
٤٤١ﻫ عضد الدولة المستنصري.
٤٤١ﻫ معين الدولة ذو الرئاستين، حيدرة بن عضد الدولة بن الحسين بن مفلح (المعز أو المعتز أيضًا).
٤٤٩ﻫ مكين الدولة أبو علي الحسن بن علي بن ملهم.
٤٥٠ﻫ ناصر الدولة (للمرة الثانية).
٤٥٢ﻫ سبكتكين المستنصري.
٤٥٢ﻫ موفق الدولة جوهر المستنصري.
٤٥٣ﻫ حسام الدولة بن البتشناكي.
٤٥٣ﻫ عتاد الدولة بن ناصر الدولة.
٤٥٣ﻫ معين الدولة حيدرة (للمرة الثانية).
٤٥٥ﻫ أمير الجيوش بدر الجمالي.
٤٦٠ﻫ قطب الدولة بارزتغان.
٤٦١ﻫ حصن الدولة معلى بن حيدرة بن معز.
٤٦٨ﻫ زين (أو رزين) الدولة انتصار بن يحيى المصمودي.
٤٦٨ﻫ أتسز* التركي (يستولي على المدينة باسم السلاجقة نهاية الدولة الفاطمية في الشام).
٤٧٠ﻫ هجوم المصريين.
الأقسيس.
١  أبو بكر النابلسي، ويقول ابن كثير إليه ينسب بنو الشهيد من أهل نابلس إلى اليوم، تُوفي ابن كثير سنة ٧٤٤ﻫ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤