ملحق التدريبات

مقدمة

لا أحدَ مُتحرِّر من أخطاء التفكير. إن تلك الانحرافات التي تَحُول دون اتخاذ القرار السليم أو اتباع المَسلك القويم مغروسةٌ غرسًا عميقًا في أدمغتنا. إنها «تُغافلنا» — كما يقولون عنها — وتَحدُث تلقائيًّا وبلا وعي. ومن أجل تحسين جودة قراراتنا علينا أن نستدعيَ أخطاء التفكير هذه إلى وعينا. ومن أمثلة ذلك أن تقرأ هذا الكتاب (وتُعيد قراءته مرة ثانية)، وأن تحفر وتصوغ كلَّ الأمثلة التي ذُكِرت لكل خطأ من أخطاء التفكير. ورغم ذلك فما أسرع ما يتمُّ نسيان كل شيء من جديد!

ما يعدك بالنجاح أكثر من القراءة المتكررة هو الانشغال المكثَّف بالمادة المقدَّمة. ولهذا أقترح عليك هذا الجزء من الكتاب، وهو ملحقٌ خاص بالتدريبات. إذ ستجد هنا ملخَّصًا مختصَرًا لكل خطأ تفكير وأمثلةً إضافية لم تَرِد في الفصل الخاص به في الجزء الأول من الكتاب. ثم ستُتاح لك فرصة أن تُدوِّن المزيد من الأمثلة. فلتفعل ذلك. فَكِّر وتدبَّرِ الأمر. وإن لم تخطر ببالك توًّا مواقفُ من حياتك الشخصية، فلا تستسلم. كلما فكَّرتَ في الأمر مليًّا وعلى نحو مكثَّف ترسَّبَ المضمون في ذاكرتك على نحوٍ أفضل. ومن المفضَّل أن تستخدم دفتر ملاحظاتٍ من أجل تدوين النماذج التي ستأتي بها؛ لأن الكتاب لن يوفِّر لك غالبًا الحيز الكافي لذلك. ضع علامة «×» في الكتاب وكذلك في دفتر ملاحظاتك على أخطاء التفكير التي غافلتك.

يُمكِننا أن ننظر إلى أخطاء التفكير على أنها طاعون يتعيَّن علينا استئصاله. لكن يمكن أيضًا أن نستغلها لصالحنا. فالذي يعرف أخطاء التفكير سيَرى الفرص الكامنة فيها للتأثير على البشر، كما في مجال التسويق أو المبيعات على سبيل المثال. ستجد سؤالًا مناسبًا في ملحق التدريبات الحالي لتلك الحالات. وفي ذلك ليس عليك أن تشعر بالوضاعة؛ إذ إن غالبية التسويق القائم على الاستهلاك يعتمد على استغلال أخطاء التفكير. وكذلك الحال في أساليب المفاوضات؛ فهُنا أيضًا يتمُّ الاعتماد على الظواهر النفسية مثل العقل الجَمْعي أو التأطير أو التباين أو تأثير المرساة أو الهالة. وبطبيعة الحال ليست كل المناهج التي ينساق وراءها البشر ذات وجاهة أخلاقية. ولذا بدلًا من أن نَصِم استغلالَ أخطاء التفكير ونُحاول منعه — الأمر الذي سوف ينمُّ بدوره عن سذاجة مُفرِطة — الأفضل لك أن تتولى زمام أفكارك الأخلاقية بنفسك.

ومن أجل تجنُّب القرارات الكارثية في حياتك الخاصة أو العملية، لا بد أن تعرف أيُّ أخطاء التفكير تُشكِّل الخطورة الكبرى عليك. لا أحد منا معصوم من أخطاء التفكير، لكن كل إنسان نُسِج نسجًا مختلفًا. فإذا ما حدَّدتَ لنفسك ما هي الأخطاء الخمسة في التفكير التي تُشكِّل الخطورة الكبرى عليك، فستكون بذلك قد ربحت الكثير.

أقترحُ عليك هنا أن تحسب مؤشِّر الخطأ لكل خطأ من أخطاء التفكير. قد يبدو ذلك مثل حصة رياضياتٍ مُملَّة لكنه أمرٌ سهل للغاية. عند كل خطأ تفكير اطرح سؤالَين؛ أولًا: كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟ قَيِّم من صفر (ولا مرة) إلى ١٠ (كل يوم تقريبًا)، ثم سَجِّل الرقم في المربع المُجاوِر. ثانيًا: ما مدى خطورة العواقب حين وقعتَ في تلك الأخطاء؟ وإذا لم يحدث هذا قط، فيمكنك أن تُحوِّر السؤال إلى ما مدى خطورة العواقب المتوقعة إن ارتكبت هذا الخطأ؟ قَيِّم من ١ (بالكاد يمكن ملاحظتها) إلى ١٠ (قاتلة). سَجِّل الرقم في المربع المُجاوِر.

ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟ (من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة).

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

الآن اضرب مرَّات التواتر × العواقب × العواقب كي تعرف قيمة مؤشر الخطأ. لماذا نُضاعِف العواقب؟ لأن قيمتها المرجحة أكبر من مرَّات التواتر. فأخطاء التفكير المتكررة ذات العواقب الضئيلة أقل سوءًا من أخطاء التفكير التي لم تحدث لك قط لكنها بالغة الأثر على مسارك الوظيفي أو حياتك الخاصة. أقلُّ مؤشر هو الرقم ١، وأعلى مؤشر والذي بطبيعة الحال لا أتمناه لك هو الرقم ١٠٠٠. سَجِّل الرقم الذي حصلت عليه في مكانه المناسب في جزء التقييم النهائي.

عندما تنتهي من تدريبات كل الفصول، ضع علامة في جزء التقييم النهائي حول أخطاء التفكير الخمسة ذات المؤشر الأعلى. ثم انقلها إلى الجزء الذي يحمل عنوان «أكثر خمسة أخطاء ترتكبها». هذه هي أخطاء التفكير الأكثر خطورة بالنسبة إلى قراراتك. إنها أخطاؤك القاتلة. إنها السيناريو الأكثر سوداوية. اكتبها على ورقة وعَلِّقها في اتجاه نظرك بالقرب من مكتبك. اقرأ الفصول التي تناولت هذه الأخطاء الخمسة مجددًا. انشغِل في الأسابيع التالية بهذه الأخطاء الخمسة. والأمثلة الخاصة بها. وبمرور الوقت ستشحذ أسنانك في سبيل التصدي لهؤلاء القتلة الخمسة.

الجزء التالي من هذا الكتاب سيَحمل عنوان فن التصرف الذكي. لا تدَع العنوان يستفزك حين تقارن «التفكير» ﺑ «التصرُّف». لا أخفي عليك، لقد كنت في حاجة إلى عنوان آخر لكتابي الجديد عن أخطاء التفكير. لكن الحقيقة هي أن فن التصرف الذكي يُتمِّم هذه السلسلة من فن التفكير الواضح. ولكي تُقرِّر في المجموع الكلي أيٌّ من هذه الأخطاء أخطَرُها عليك، أُوصيك أيضًا أن تحسب مؤشر الخطأ للأخطاء المذكورة في الجزء التالي.

ثَمة اعترافٌ إضافي: لا أحدَ منا سيصبح عقلانيًّا ومثاليًّا في قراراته. لكن لو أنك نجحت في تجنُّب الشراك الأكثر خطورةً مرةً بعد مرة، وحسَّنت من جودة القرارات التي تتخذها، فلقد ربحت الكثير بالفعل. إذ إن أخطاء التفكير ينطبق عليها ما ينطبق على كل فعل غير سوي؛ مقدار الجرعة هو الذي يصنع السُّم. أتمنَّى لك الكثير من المتعة والكثير من النجاح مع ملحق التدريبات هذا.

الانحياز للسفينة الناجية

النجاحات أكثر ظهورًا للعيان من الإخفاقات. وهذا ما يوحي لنا بأن الوصول إلى النجاحات أيسر مما هو عليه الحال في الواقع. إنْ أردت تقييمًا موضوعيًّا لاحتمالية نجاح شيء أو فشله فلتُسْدِ معروفًا وقُم بزيارة مقبرة المشروعات والمؤسسات والشخصيات الفاشلة؛ هذه المقابر ضخمة، لكنها مخبَّئة على نحوٍ جيد.

أمثلة على الانحياز للسفينة الناجية لم ترد في متن الكتاب:
  • كثيرًا ما يتمُّ الاحتفاء بالتطبيقات الناجحة ومناقشتها. لكن نادرًا ما يعرف أحدهم أن مَتجر «آبل» للتطبيقات يحتوي على أربعة ملايين تطبيق منذ عام ٢٠٠٨ وحتى اليوم. وتقديرًا فإن ٩٩ بالمائة من هذه التطبيقات لم تُحقِّق حتى مصاريف تطويرها. وفي متجر «جوجل بلاي» لا يبدو الحال مختلفًا اختلافًا جوهريًّا.

  • في كل عام ينزح نحو ٢٠ ألفَ شابٍّ إلى هوليوود آمِلًا أن يغدو نجم سينما. بالكاد يحصل ٢٠ منهم على دور. وربما يصير واحد منهم فعلًا نجمًا. نحن لا نسمع إلا عن الذين نجحوا في تحقيق ذلك، وهؤلاء هم أقل القليل.

  • يزعم الناجون في حالة تعرُّض سفينة إلى كارثة أن نجاتهم غير المتوقعة تُعَد دليلًا على وجود الله. لكن لا أحد يمكن أن يسأل الغَرقى إن كانوا يرَون أن غَرقهم هو أيضًا علامة على وجود الله.

  • تنشر عديدٌ من المؤسسات دراساتٍ «تُبرهِن» على أن مُنتَجاتهم وخِدماتهم تُنفَّذ بنجاح. لكن هذا لا يُبرهِن على شيء. فالمنتِج لن يعرض أبدًا دراسة حالة تُبيِّن فشل مُنتَجاته.

  • يتمُّ افتتاح مطاعم وحانات ومقاهٍ في كل مكان. وكثيرون يفكرون: ما يستطيع هؤلاء فِعله أستطيعه أنا أيضًا. لكن ما المدة التي استمرَّ فيها مطعمك المفضَّل؟ وكم مدةً منها قضاها تحت الإدارة الحالية؟ وما الذي صار للمالِك السابق؟ مقبرة مشروعات المطاعم والحانات والمقاهي كبيرة على نحوٍ خاص.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟ فَكِّر مليًّا وبعمق. فكرةُ أنه لا يخطر ببالك شيءٌ في الحال لا يعني أنك لست مُعرَّضًا لهذا الخطأ في التفكير.

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغلَّ خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

وَهْم جسد السبَّاح

في هذه المغالطة أنت تخلط بين النتيجة النهائية ومعيار الانتخاب. مثال: السبَّاحون المحترفون لهم جميعًا بنيةٌ جسدية أنيقة يُحسَدون عليها. لكن هذه لم تتشكل كما قد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى بسبب التدريبات. فيما يخصُّ رياضة السباحة، الأشخاص الذين وُلِدوا بجسدٍ مثالي هم فقط الذين يستطيعون أصلًا أن يُصبحوا سبَّاحين مُحترِفين. مثال آخر: خرِّيجو جامعة هارفارد نجاحُهم فوق المتوسط بعد انتهاء الدراسة. لا يُعزى هذا (غالبًا) إلى جودة التعليم في هارفارد، ولكن بسبب قواعد الاختيار الصارمة. إذ إن هارفارد لا تسمح بالالتحاق بالدراسة فيها إلا لأفضل الخرِّيجين من المدارس الثانوية. كلما قابلت مجموعة من الأشخاص الموهوبين بشكل خاص، انظر بدقة في الأمر؛ لأن آليات الاختيار لا تكون غالبًا ظاهرة للعيان.

أمثلة على وَهْم جسد السبَّاح لم ترد في متن الكتاب:
  • دورات الكتابة الإبداعية تعدُّك بالنجاح الخارق في أن تصبح كاتبًا روائيًّا. يمكن لهذه الدورات أن تُحسِّن أساليب الكتابة. ولكن، كثيرًا ما يبالَغ في دور هذه الدورات مع التقليل من قيمة الموهبة الفطرية. فلا يوجد (على حَدِّ علمي) كاتبٌ حائزٌ جائزة نوبل في الأدب قد درسَ أبدًا في مثل هذه الدورات.

  • يجتمع المديرون التنفيذيون للشركات الكبرى سنويًّا في دافوس. لكن ليست زيارة دافوس هي ما تؤهِّل الأشخاص ليكونوا مديرين تنفيذيين. إنما العكس تمامًا هو الصحيح.

  • رياضات النخبة هي بالأساس لعبة جينات. وبطبيعة الحال لا بد لكل لاعب نخبة أن يتدرَّب إلى أقصى حدوده، لكن من أجل أن يحقِّق بالفعل مركزًا في المقدمة فإنه يحتاج إلى تركيبة جينية خاصة. بعبارة أخرى، يحتاج إلى مصادفة جينية سعيدة. ولهذا السبب فإنك حين تُمارِس رياضة من رياضات النخبة يكون للآخرين فيها مِيزة فطرية يُصيبك الإحباط وتتخلَّف عنهم. هذا قانون عام؛ اختر مهنةً يكون لك فيها ميزة فطرية ظاهرة.

  • يتم الربط ما بين مستحضرات البروتين والأجساد ذات البنية العضلية البارزة. إذ توحي حملات الدعاية أنه يكفي أن يتناول المرء هذا المستحضر لتكون له بنية عضلية واضحة؛ وهو أمرٌ عَبَثي تمامًا بطبيعة الحال.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

تأثير الثقة الزائدة

تأثير الثقة الزائدة يُشير إلى الفرق بين ما يعرفه الناس حقًّا وما يعتقدون أنهم يعرفونه. فنحن نميل ميلًا مُمنهَجًا إلى المغالاة في تقدير ما نعلم وفي تقدير قدراتنا. نحن نعتقد أننا أسرع وأفضل وأذكى وأدق وأكفأ وأنجح مما نحن عليه في الواقع. إن هذه المغالاة تؤدي، على سبيل المثال، إلى أن يخوض أصحاب المؤسسات في مخاطر كثيرة. صحيحٌ أن هذا جيد للمجتمع في المُجمَل خصوصًا للمستهلِكين، لكن في المتوسط هو أمرٌ سيِّئ للمؤسسات نفسها.

أمثلة على تأثير الثقة الزائدة لم ترد في متن الكتاب:
  • كم مرةً تنجح في تنفيذ كل المكتوب على قائمة مهامك اليومية؟ نحن نُغالي عادةً في قدرِ ما يمكن أن نُنجزه في اليوم الواحد. ولأن هذه المغالاة في الثقة تُصيبنا يوميًّا في مَقتل؛ فممَّا يُثير الاندهاش أكثر أننا لا نتعلم من هذا.

  • كم مرةً أنهيتَ فيها عملك قبل مَوعد التسليم؟ كم مرةً تُضطرُّ فيها إلى تأجيل موعد التسليم؟ وكيف يبدو الحال مع زملائك؟ بدون الخضوع إلى تأثير الثقة الزائدة، غالبًا ما ستتجاوز أنت (وزملاؤك في العمل) وقت التسليم في نصف الحالات. وفي النصف الآخر سوف تُنجِز العمل في الموعد. لكن في الواقع فإن حالات إنجاز العمل في الموعد لا تحصل أبدًا.

  • نحن نُغالي بشكل ممنهَج في تقدير تأثير منتَج ما على درجة رضانا. نشتري منتَجًا (عربة سباق على سبيل المثال) بنيَّة أن هذا من شأنه أن يزيد سعادتنا. ولكن بعد بضعة أشهُر نعتادها ويتلاشى تأثير السعادة.

  • يغالي أصحاب المشروعات العاملة في أسواقٍ قليلة المعوقات (مثل الشركات الاستشارية، والمطاعم، ومَعارض الفن، والحلَّاقين، والكُتاب، وشركات إدارة الصناديق المالية) على نحو منهجي في قدراتهم على الوجود والظهور والتميُّز. في الواقع، تؤدي عوائق الدخول الأعمق إلى منافسةٍ قوية؛ وهو الأمر الذي ينزل بهامش الربح إلى ما يُقارِب خط الصفر.

  • في الزواج نُغالي بشكل ممنهَج في احتمالية نجاح زواج قائم. وفي الوقت الذي يبلغ فيه معدَّل الطلاق ٥٠٪، نجد أن ٥٠٪ من الزيجات القائمة نِصفها غير مُتناغِم.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

العقل الجَمْعي

نحن حيوانات في قطيع. كلما زاد عدد الأشخاص الذين يُمثِّلون رأيًا ما، بدا لنا هذا الرأي أكثر قابلية للتصديق. وكلما زاد عدد الأشخاص الذي يَسلكون سلوكًا معينًا في يومهم، بدا لنا هذا السلوك أكثر صوابًا. فنحن بدلًا من أن نُفكِّر ونتصرَّف باستقلالية — وهو أمرٌ صعب من الناحية الشعورية — فإننا نخبِّئ أنفُسنا بين الحشود. أن تكون على خطأ عندما يكون الجميع أيضًا مُخطئين أسهل من أن تكون أنت الوحيد المُخطئ.

أمثلة على العقل الجَمْعي لم ترد في في متن الكتاب:
  • ظلَّ الكتاب الذي تحمله بين يدَيك لفترة مُتصدِّرًا قوائم الكتب الأفضل مبيعًا. قوائم الكتب الأفضل مبيعًا ما هي إلا عقل جَمْعي. فتُجَّار الكتب ودور النشر يلاحظون أن أناسًا كثيرين اشترَوا هذا الكتاب، وعليه فلا بد أن يكون الكتاب جيدًا؛ الأمر الذي بالطبع لا يُشكِّل مُسوِّغًا عقلانيًّا.

  • ينطبق الأمر نفسه على التطبيقات والأفلام؛ تحديدًا قوائم «الأكثر تنزيلًا».

  • هل حاولت مرةً أن تُجادِل ضد ما اتفق عليه إجماع الآراء أو أن تتصرَّف ضده؟ في العمل أو في المجال العام؟ تكون ثقافة المؤسسة جيدة حين تسمح ببعض الآراء المختلفة، بل إنها حتى تدعمها. إذا قرَّرت أن تُعلِن عن نفسك في المجال العام ضد إجماع الآراء، فعليك أن تتسلَّح ضد وابل من البذاءات.

  • موضة الأزياء هي مثال نمطي لظاهرة العقل الجمعي. هل بالفعل بنطلونات البِدل القصيرة التي تكشف عن جواربك مَظهرُها رائع؟ لماذا لم يكن هذا الشكل تحديدًا موجودًا قبل عشر سنوات؟

  • إنَّ لجوء كل الشركات إلى إجراء حملاتٍ على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يعني بالضرورة أن شركتك مُضطرَّة إلى إجراء حملة مماثلة. بالعكس، لكي تجد لنفسك مكانًا عادةً ما يكون النهج الأذكى هو ألا تَتبَع الحشود؛ وهو الأمر الصعب شعوريًّا على المديرين. وذلك بغضِّ النظر عن مجهود التفكير.

  • التدخين ضارٌّ بالصحة. هذه الحقيقة كانت معروفة منذ سبعينيات القرن العشرين. ورغم ذلك فالاحتمالية الأكبر أنك — مثل كثيرين غيرك — كنت تدخن وقتها. لماذا؟

  • حين تكون مدير صندوق استثماري، فإن الأسهل أن نكون كلنا مخطئين بدلًا من أن تكون أنت المخطئ الوحيد. ثَمة مقولة جميلة تُعبِّر عن ذلك: «لا أحدَ يُطرَد من الوظيفة لاختياره الشراء من شركة آي بي إم».

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

مغالطة التكلفة الغارقة

إنَّ التكاليف التي تخسرها بلا وجود أي إمكانية لاستعادتها — سواءٌ في المال أو الوقت — ينبغي ألا تلعب دورًا في قراراتك. لكننا لحماقتنا نسمح لها أن تفعل ذلك دون أن نكون واعين بهذه المسألة. هذا الخطأ في التفكير شائع ومُنتشِر، في السياسة وفي الاقتصاد وكذلك في الحياة الخاصة. الجملة التقليدية التي تعلن عن مغالطة التكلفة الغارقة هي: لقد استثمرنا بالفعل كثيرًا من المال أو الوقت؛ ومن ثمَّ لا يمكن أن نتوقَّف. والأسوأ هو أنه عادةً لا يتم النطق بهذه الجملة، وإنما الأغلب أن صوتنا الداخلي يوحي لنا بها. المثال التقليدي لمغالطة السفينة الغارقة هي طائرة الرُّكاب «كونكورد» الأسرع من الصوت. ولهذا تُسمَّى هذه المغالطة أيضًا مغالطة الكونكورد. «لقد استثمرنا حتى الآن ١٠٠ مليون في الكونكورد؛ لهذا ينبغي ألا نُوقِف المشروع. لو فعلنا لتعرَّضنا لحرجٍ بالغ.» هذا بالطبع ليس مسوِّغًا عقلانيًّا للاستمرار. وعادةً ما يكون المستثمرون في القطاع الخاص الذين لديهم ضعفٌ هم الأكثر عُرضة لهذه المغالطة؛ إذ رغم كل التوقعات المُنذِرة لا يبيع المستثمِر السهم، وإنما يتعلق بالأمل الغامض أنه على الأقل سيتمكَّن من استعادة المال الذي استثمره. وبشكل عقلاني، فإن سعر شراء السهم ينبغي ألا يلعب دورًا في وقت بيعه أو في تحديد احتمالية بيعه من عدمها.

أمثلة على مغالطة التكلفة الغارقة لم تَرِد في متن الكتاب:
  • ثَمة مجالاتٌ اقتصادية برُمَّتها يَشعر روادها أنهم أسرى لأنهم استثمروا وقتًا طويلًا وأموالًا باهظة في التعليم (كالأطباء، والمحامون، والمراجعون الاقتصاديون). تُولِّد مغالطة التكلفة الغارقة هذا الإحساس بالأسر.

  • يُهديك أحدهم كوبونًا لقضاء ليلة في فندق يَبعد ٢٠٠ كم. ومن المفترض أن مدة الكوبون تنتهي في غضون شهرين. تشعر الآن أنك مضغوط وعليك أن تُسافر إلى هذا المكان لكي تستفيد من الكوبون، رغم أنك من دون هذا الكوبون ما كنت لِتُقرِّر أن تذهب لقضاء ليلة في ذلك الفندق، وأن الطريق على الأرجح سيُكلِّفك أكثر من قيمة الليلة نفسها.

  • ينطبق الشيء نفسه على أشكال قسائم الشراء كافةً؛ المطاعم والحانات ورِحلات المنطاد والحفلات الموسيقية وحفلات السينما.

  • تطلب مكاتب السياحة دفعَ مقدَّم قبل الرحلة بمدة كبيرة. ومن ثمَّ، لو وجدت نفسك في وقت لاحق ولأسباب عقلانية تميل إلى إلغاء الرحلة، فإنك تعدُّ عُدَّتك للسفر بسبب هذا المقدَّم المدفوع مسبقًا.

  • حجزت رحلة للتزلج في الجبال في عطلة نهاية الأسبوع. وجدت الطقس كارثيًّا، لكن رغم ذلك تُسافر بالقطار في الضباب بدلًا من أن تجلس في الفندق لتقرأ كتابًا تحت زعم «ما دمتُ هنا …»

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

التبادلية

حينما يُهادينا أحدُهم نشعر بالذنب، وفي أقرب فرصة سانحة نريد أن نردَّ الهدية لهذا الشخص لكي نتخفَّف من وطأة الشعور بالذنب. الهدايا تَتبعها هدايا في المقابل. الدعوات تَتبعها دعواتٌ في المقابل. والمجاملات تَتبعها مجاملاتٌ في المقابل. هذا الأخذ والعطاء يمكن أن يكون له ميزة على المدى الطويل؛ فالتبادلية هي السبيل إلى تيسير التعاون. ولكن، يمكن دائمًا أن يكون الشيء الذي يسير بلا وعي ويعمل بلا مشكلاتٍ دافعًا للاستغلال. يمكن أن يتلاعب المرءُ بالمِنح والعطايا كيفما يريد. على سبيل المثال، تلقي الهدايا ودعوات حضور أحداث رياضية من شأنه أن يؤدي إلى إبرام صفقات. وبهذا لا تظهر هذه الدعوات أو الهدايا بوصفها رشوة أو فسادًا، وإنما مجاملات لطيفة من صديق. وهذا ما يجعلها خادعة.

أمثلة على التبادلية لم ترد في متن الكتاب:
  • يرسل إليَّ مديرٌ مالي عُلبةً كبيرة من الحلوى في أعياد الميلاد. ومع أن أحدنا لا يعرف الآخر، تَصِلني عُلبة الحلوى هذه منذ سنوات بشكل منتظم. لماذا؟ لمراكمة الشعور بالذنب لديَّ. كان يتعين عليَّ في الوضع الأمثل أن أعيدَ إرسال العُلبة على الفور. غير أن العناء أكبر، وغواية الحلوى أقوى.

  • تدعو شركاتُ الأدوية الأطباءَ إلى حضور «مؤتمراتٍ علمية» في الكاريبي. ومن الطبيعي أن يُراعي الطبيب في المقابل الشركة الكريمة السخية في طلبية الأدوية القادمة. (لكن سنوات الجنوح إلى هذا النوع من الرشوة قد انقضت؛ إذ اضطُرَّت كثيرٌ من الشركات حاليًّا إلى تطبيق سياسات امتثال.)

  • يوجد قِسم العطور في معظم المتاجر الكبرى في الدور الأرضي. ويمكنك هناك أن تجعل مَن يُسمَّون بخبراء التجميل أن يضعوا على وجهك مستحضرات تجميل بلا مقابل. لماذا مجانًا؟ لأن خبراء التجميل هؤلاء يعرفون أنه بمجرد أن تضع مستحضرات التجميل على وجهك سيَتنامى لديك الشعور بالذنب لدرجة أنه لن يسعك أن تخرج من هذا القسم دون أن تكون قد اشتريت أحد المنتَجات. لقد أوضح لي المديرُ التنفيذي لشركة تجميل ذات مرة: بمجرد أن تجلس عميلة على «الكرسي الساخن» تحت يد خبيرة التجميل، فإن احتمالية الشراء ترتفع من ٥٪ إلى ٧٠٪.

  • شخصٌ لا تعرفه يتابعك على «تويتر». يبدو كما لو كان مُعجَبًا مُخلِصًا، حيث ينقر «أعجبني» على كل سطر تنشره، لكن بطبيعة الحال عليك في مدًى لا يزيد عن أسبوع على الأكثر أن تُبادله نفسَ الشيء فيما ينشر من تغريدات.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز التأكيدي

نحن جميعًا نحمل في رءوسنا ما يحلو لنا من نظريات؛ نظريات عن مخدومينا، وزيجة الجار، وسوق الأسهم، ومستقبل الصين. هذه النظريات تعمل مثل المِصفاة؛ المعلومات التي تتطابق معها تُقبَل بوعي، أما المعلومات التي تدحضها فتُلغى. يَحدث هذا بلا وعي. والنتيجة: نحن نُثبِّت آراءنا كما الأسمنت، حتى لو كانت آراءً غير صحيحة. ولكي نُواجِه الانحياز التأكيدي علينا أن نبحث بفاعلية عن المعلومات التي تدحض آراءنا ونظرياتنا المفضَّلة (يُطلَق على ذلك دليل عدم التأكيد)؛ وبهذه الطريقة فقط تكون لدينا الفرصة أن نرى العالم بموضوعية ونتخذ قرارات جيدة. قال الاقتصادي الكبير جون ماينارد كاينيس: «حينما تتغير الحقائق أغيِّر آرائي.» فماذا أنت فاعل؟ الأقوال أسهل من الأفعال. الانحياز التأكيدي هو الأصل الذي تنبثق عنه كلُّ أخطاء التفكير.

أمثلة على الانحياز التأكيدي لم ترد في متن الكتاب:
  • وفقًا للمثل الدارج، يكون الكوب إما نِصف مملوء وإما نِصف فارغ. وطبقًا لرؤيتك للعالم أو موقفك تجاهه، ستجد أمثلةً كافية لتكون مليئًا بالأمل أو بالسخرية لتُثبِت رؤيتك للأشياء.

  • هل أنت إنسانٌ جيِّد أم سيِّئ؟ إن لم يتصادف أنك فرانز فون أسيسي أو جريتا تونبيرج (بل ربما في حالة أنك كذلك فعلًا)، فالأرجح أن الصفتَين تنطبقان عليك. غير أننا فقط لا نعترف لأنفسنا بذلك، ونحن ماهرون للغاية في إخفاء جوانب شخصيتنا السيئة. أو كما قال لي أحد الأطباء النفسيين ذات مرة: «نحن أبطال وأوغاد في الوقت نفسه.»

  • إننا نشترك في المجلات والنشرات الإخبارية التي تدعم رؤيتنا للعالم. أما تلك التي يمكن أن تُزلزِل هذه الرؤية، فإننا نُعاقِبها بالاحتقار والازدراء. لكن هل سنكون حينها واثقين تمامًا من أن رؤيتنا للعالم صحيحة بنسبة مائة بالمائة؟

  • لنفترض أنك اشتريت أحدَ الأسهم. كلما ارتفع مسار السهم كِلتَ لنفسك المديح. لكنه لو هبط فستُطلِق على هذا التغيير «عملية تصحيح»، وتعتبره استثناءً قصير الأمد. ماذا لو أن السهم ظلَّ في حالة هبوط دائمة؟ إنه أمرٌ غير وارد، وإلا فستكون ببساطة قد أخطأت في الاستثمار.

  • دائمًا ما تكون الأيديولوجيات خاطئة، لأنها عبارة عن أفكار مختلفة تمامًا لا يرتبط أيٌّ منها موضوعيًّا بالآخر، ولا يُربَط بينها إلا بشكل اصطناعي. ومن ثمَّ، فإنها بمثابة «جرَّافات» لخطأ الانحياز التأكيدي. اختَبِر إنْ كنت تُمثِّل أيديولوجية ما بأن تطرح على نفسك السؤال التالي: ما الذي يمكن أن يحدث عمليًّا كي أتخلَّى عن رؤيتي للعالم؟ إن لم يخطر ببالك شيءٌ ملموس، فاعلم أنك ضحية.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للمرجعية

بالقرب من المرجعيات — الأطباء، والمديرون التنفيذيون، والأساتذة، والخبراء، والمرشدون الروحانيون، والشخصيات المعروفة — يَسعد ذِهننا بالتوقف عن التفكير. فنجد أنفُسنا في أسر تلك الشخصيات واقعين تحت تأثيرها، لدرجة أننا نجد أنفسنا تلقائيًّا نتصرف ونفكر كما ينتظرون منا. ولأن المرجعيات هذه مجرد بشر أيضًا فإنهم معرَّضون للخطأ؛ لذا ينبغي ألا نثق في المرجعيات ثقةً عمياء. بل بالعكس. يتحتم علينا أن نضعها بوعي موضعَ المساءلة من أجل أن يُعاوِد ذهننا قُدرته على التفكير المستقل.

أمثلة على الانحياز للمرجعية لم ترد في متن الكتاب:
  • كثيرٌ من المرضى يُصدِّقون تشخيصَ أطبائهم تلقائيًّا. مَن يعرف الأطباء معرفةً شخصية يعرف أنه حتى الأطباء يمكن أن يُجانبهم الصواب، سواءٌ في التشخيص أو في وصف العلاج. لذلك لا تأخذ أيَّ شيء مما يقوله الطبيب على علَّته، وهو يقدم أفضل ما عنده على أنه أمرٌ مُسلَّم به. من الأفضل أن تحصل على رأيٍ ثانٍ وثالث.

  • دائمًا ما تشير الألقابُ إلى المكانة المرجعية: «بروفيسور أو أستاذ»، «دكتور»، «نائب رئيس»، «رئيس مجلس إدارة»، «مدير تنفيذي»، بل حتى حاصلة على «ماجِستير في مرحلة التعليم المبكر»، المعروفة أيضًا باسم مُعلِّمة رياض أطفال. فَكِّر في استبعاد كل الحشو. ذلك أنه يختبئ وراءه أناسٌ يُرغون ويُزبدون بصوتٍ عالٍ، لكنهم مِثلهم مِثل كل شخص آخر يرتكبون الأخطاء.

  • وسائل الإعلام، حتى الملقَّبة بالجادَّة، مثل قناة الأخبار «تاجسشاو»، هي قناة تستعرض مكانتها المرجعية. الإعلانات التشويقية التي تبدأ بانطلاق صواريخ وطائرات ورؤساء دول يُصافِح بعضهم بعضًا، وفي خلفيَّتها موسيقى مُدمدِمة، هذا كلُّه من شأنه أن يُخبِرنا: «انتباه! الآن ستُعرَض الأشياء المهمة». المؤسسات ذات السطوة، لا سيَّما البنوك، تستعرض سلطانها من خلال المعمار الباذخ مثل النُّصُب التذكارية. لكن هنا أيضًا تسري القاعدة: الأمرُ ليس بكل هذا البريق وراءَ الكواليس.

  • لماذا لم يتطور العلم في العصر الوسيط إلا قليلًا؟ لأن الناس لم تكن ترجع إلى الطبيعة وإنما إلى النصوص ذات السطوة الكبرى (الكتاب المقدس، والقدِّيس أغسطينوس، وبنديكت النيرسي، وآباء الكنيسة).

  • مدرِّبو الكرة غالبًا ما يكونون لاعبي كرة ناجحين في السابق. واضحٌ بالطبع أنهم يعرفون كيف تسير الأمور. حقًّا؟ من الحماقة فقط أنهم الآن لا يلعبون بأنفسهم، لكن يتعيَّن عليهم تحفيز فريق كامل. وصِدقًا المهارة الأولى ليست لها أي علاقة بالمهارة الثانية.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

تأثير التباين

بالكاد يتمكَّن مخُّنا أن يتأمَّل شيئًا بمفرده. إنه دائمًا ما يضع الشيء في مقارنة مع أشياء أخرى. يحدث هذا في اللاوعي. فنقارن شيئًا جميلًا بشيءٍ قبيح لنُحسَّ بأنه أجمل. أو نقارن شيئًا كبيرًا بشيءٍ أكبر منه فنُحسُّ بأنه أصغر. نضاهي شيئًا غاليًا (سعر مخفَّض مثلًا) بشيء أغلى (السعر الأصلي) فيبدو لنا كأنه لُقطة. هذا الإدراك المشوَّه يدعو الآخرين إلى التلاعُب بنا بطبيعة الحال. ولذا، علينا أن نتعلَّم مراقبة الأمور بموضوعية، أو على الأقل أن نراها في ضوء متضادَّاتٍ مختلفة.

أمثلة على تأثير التباين لم ترد في النص الأصلي:
  • على جدار غُرفة مكتبي ثَمة صورٌ معلَّقة لرواية «أرخبيل جولاج» للروائي والكاتِب الروسي «سولجنيتسين، بوصفه واحدًا من العُمَّال القسريين في آلة السجن السوفييتية في عُمق الشتاء السيبيري. من خلال تأثير التباين، يبدو لي حتى اليوم التعيس الذي أخفق فيه في كل شيء رائعًا للغاية.

  • تقدِّم شركاتُ الخِدمات (مثل شركات الطيران والتأمين الصحي ومقدِّمي الرعاية ومنظِّمي الحفلات) ثلاثة مستويات من الخدمة أو أربعة. وفيها يكون المستوى الأعلى للخدمة، على سبيل المثال، مُعنوَنًا بفخامةٍ مثل الدرجة البلاتينية، ولها سعرٌ غالٍ جدًّا. هذا السعر الباهظ لا يدفعه أحدٌ تقريبًا. فلماذا يُقدَّم رغم ذلك؟ لأنه من خلال تأثير التباين، يبدو فجأة مستوى الخدمة الذي يأتي في الدرجة الثانية (الذهبية) معقولًا للغاية، حتى لو كان هو أيضًا ذا سعر مُغالًى فيه.

  • تعمل فكرة المرساة (الفصل الحادي والثلاثون) غالبًا من خلال تأثير التباين. في المفاوضات على سبيل المثال، يطرح البائع مباشرةً وبعبثٍ سعرًا عاليًا جدًّا في الجولة الأولى. ثم نجد السعر الذي تم الوصول إليه بعد التفاوض يبدو أقل مقارنةً بالسعر الذي بدأ العرض منه، رغم أنه يظل سعرًا مرتفعًا. يبدو المشتري فخورًا بمهاراته في التفاوض بينما البائع هو الذي أدار التفاوض بمهارةٍ أعلى كثيرًا.

  • لماذا يوجد عددٌ كبير من الأغنياء ذوي ميول اكتئابية؟ بينما يبدو الصاعدون على سُلَّم الحَراك الاجتماعي نابضين بالحيوية؟ لأن تقدُّمك من منظِّفٍ للصحون إلى مليونير يمنحك شعورًا أكبر بالسعادة من أن تُولَد مليونيرًا. التباين مع الوضع السابق هو الذي يجعل الحياة الحالية أكثر عذوبة.

  • كانت الأبيقورية مدرسةً فلسفية في أثينا القديمة، قبل ٢٤٠٠ سنة. وكان هدفها المُعلَن هو تعظيم الاستمتاع بالحياة. وللمفارقة، من تعاليمها الصيام. لماذا؟ لأنه بعد يوم من الصيام ستبدو حتى أبسط وجبة رائعة المذاق.

  • لِنَفترض أنك تريد شراء عربة سِباق. لا تفعل. تخيَّلْ بدلًا من ذلك أن أشياء تمتلكها بالفعل، مثل أجمل قلادة لدَيك، لم تعُدْ فجأةً في حوزتك. تخيَّلْ كم ستفتقد هذه الأشياء. ستعرف أنك تمتلك بالفعل الكثير لدرجة أنك لا تحتاج إلى شراء سيارة السباق هذه لتشعر بالسعادة. لقد أطلق الفلاسفة القدماء على هذا التأمُّل «الطرح الذهني»، وهي حالة من حالات تطبيق تأثير التباين.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للمعرفة المتاحة

البشر مُفكِّرون كسالى؛ فنحن نستقي صورتنا عن العالم من الأشياء التي تُحيط بنا مصادفةً. نستحضر الأمثلة التي تخطر على بالنا في التَّو. هذا خطأ في التفكير. لأن الأشياء لا تحدث بوتيرة أكبر لمجرد أنها حاضرة في ذهننا بدرجة أعلى. وفي حالة اتخاذ القرارات فإننا غالبًا نميل إلى أن نُراعيَ المعلومات التي أمامنا بدلًا من المعلومات غير المكشوفة لنا. بينما الأخيرة هي التي ينبغي جمعُها أولًا؛ لأنها ربما تكون أهم في اتخاذ القرار. للقصص المُضحِكة جاذبيةٌ كبيرة؛ لا بد أنك عايشت بالفعل شيئًا من هذا القبيل: «في هذا الصدد يخطر لي أنني ذات مرة …»؛ «تعرف كيف كان الوضع في السابق …»، ورغم أن هذه الأمثلة ليست لها أي حجية، فإنها تلعب دورًا كبيرًا في اتخاذ القرارات. فالأمثلة معروفة ومتاحة. وكلٌّ منا سيخطر على باله مثالٌ منها.

أمثلة على الانحياز للمعرفة المتاحة لم ترد في متن الكتاب:

  • ترى فيديو لسقوط طائرة قبل أيام قليلة من رحلة الطيران التي خطَّطت لها. فيدفعك الخوفُ إلى إلغاء الرحلة. رغم أن الاحتمالات الإحصائية لسوء حظٍّ كهذا لم ترتفع بأية حال لمجرد أنك شاهدت فيديو مأساويًّا. لكنك تتصرف على هذا النحو لأن الصورة متاحةٌ لمعرفتك أكثر من الإحصائية.

  • تحرص شركة «كوكاكولا» أيَّما حِرص على أن تكون متاحة في كل المتاجر. لو نقصت كوكاكولا مرةً فسيَسعى الزبون إلى تجرِبة منتَج مُنافِس، وربما يواظب عليه في المستقبل. ولهذا لا بد من الحيلولة دون أن يفكِّر الزبائن على ذلك النحو. وعليه ينبغي أن تكون كوكاكولا ذات حضور طاغٍ.

  • تحرص شركة «أمازون» على تقديم كل منتَجات العالم. لو ظهرت أيُّ ثغراتٍ في أصناف المعروضات فسيزيد خطر أن يغادر المستخدم صفحة أمازون ويكتشف شركةً جديدة.

  • الانحياز للمعرفة المتاحة في المجال الطبي: الأعراضُ أسهل في التعرُّف عليها لأنها ظاهرة ومتاحة أكثر من الأسباب. ولهذا يُعالِج الأطباء غالبًا الأعراض لا الأسباب.

  • الشعارات جُملٌ قصيرة تُكرَّر عادةً. ثَمة شعاراتٌ سياسية (مثل: فلنجعل أمريكا عظيمة مرةً أخرى)، أو شعاراتٌ مرتبطة بمنتَجات (فقط افعلها). ومن ثمَّ، فإنها جميعًا تعمل في إطار الانحياز للمعرفة المتاحة. كلما زاد معدل تكرار الشعارات صارت متاحة وترسَّخت معرفة الناس بها. إن مجرد التكرار كفيلٌ أن يجعلك تصدِّق تلك الشعارات.

  • كلما توفَّرت رقائق البسكويت في المنزل جرى تناوُلها. ومن ثمَّ، فالاستغناءُ عن البسكويت سيُشكِّل مشقةً كبرى للذهن في هذه الحالة. أما إذا لم يوجد أيُّ بسكويت في المنزل، فلن يجهد الذهن نفسه حين يقرِّر الاستغناء عنها. بل لن يفكِّر فيها أصلًا. من الأسهل ١٠٠ مرة تجنُّبُ المُغرِيات حين لا تكون في متناول اليد.

  • في سوق الأوراق المالية كلُّ المعلومات المتاحة بسهولة متضمَّنةٌ في السعر. لكن، يمكن لمستثمر أن يتميِّز عن غيره بالسعي وراء المعلومات التي يصعب الحصول عليها، مثل أن يتحدَّث إلى المورِّدين أو العاملين أو المُنافِسين. (يُسمَّى هذا النهج «طريقة سكاتلبات» في الاستثمار). وكذلك حين يفكِّر تفكيرًا مستقلًّا؛ أي إنه وبشكلٍ واعٍ يَستغني عن المعلومات المعروفة المتاحة.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

فخُّ «ستزداد الأمور سوءًا قبل أن تبدأ في التحسُّن»

إذا كنت مستشارًا (أو طبيبًا أو رئيسًا تنفيذيًّا لشركة أو رئيس دولة) فقد تستحقُّ المسألة أن تُوقِع عُملاءك في فخِّ: ستزداد الأمور سوءًا قبل أن تبدأ في التحسُّن. فلو أن الوضع ساءَ، فإن هذا سيؤكِّد نبوءة المستشار. وإن تحسَّن الموقف فسيتمكَّن المستشار من أن يعزو التحوُّل في الموقف إلى مجهوداته. وفي كل الحالات سيكون هو الرابح.

أمثلة على فخِّ «ستزداد الأمور سوءًا قبل أن تبدأ في التحسُّن» لم ترد في متن الكتاب:
  • لا تُعَدُّ المعالجة المثلية «الهوميوباثي»، المسماة أيضًا بالطب التجانسي، عملًا جادًّا. والنتائج في ذلك لا تتجاوز ما يُتحصَّل عليه من تأثير دواءٍ وهمي. وبالمثل، يمكن للمرء أن يمضغ اللبان ما دام يؤمن بقوة الشفاه على المضغ. ولهذا فإنه من غير المدهِش أن طريقة الهوميوباثي هذه هي أكثر طريقة تستفيد من فخِّ تحوُّل الأمور إلى الأسوأ قبل بدء تحسُّنها. إذ إن الفخ هناك له مُسمًّى دالٌّ جدًّا، ألا وهو: «التدهور الهوميوباثي الأولي».

  • تشيع في الأساطير مسألة تحوُّل الأمور إلى الأسوأ قبل تحسُّنها. حلَّل أستاذُ الأدب الأمريكي جوزيف كامبل مئات الأساطير من جميع أنحاء العالم. ولاحظ أن كثيرًا منها يسيرُ وفقَ نموذجٍ ما يُسمَّى رحلة البطل: إنسانٌ يُطرَد خارج الحياة العادية، ويتعيَّن عليه أن يُكافِح ضد مُختلِف أشكال الصعوبات. وفي النهاية يسمو فوق ذلك العذاب بوصفه بطلًا ناضجًا. وتُعَدُّ حياة المسيح بمثابة حالة مُتطرِّفة من هذه القصة؛ فقد كان واعظًا أولًا ثم مُعالِجًا، ثم جاء الصَّلْبُ بوصفه نقطةً متدنية، وأخيرًا البعث والعودة إلى السماء.

  • فاز لاعبُ التزلج على الجليد النمساويُّ مارسيل هيرشر بكل المسابقات التي يمكن الفوز فيها أكثر من أيٍّ من زملائه في تاريخ رياضة التزلج على الجليد. ورغم ذلك ظلَّ مفتقرًا إلى الشعبية بدرجةٍ ملحوظة. لماذا؟ غالبًا لأنه لم يُضطر قط إلى أن يسقط سقوطًا عميقًا. فتاريخه المهني الناجح لا يضمُّ سوى قصص بطولاته.

  • عادةً ما يُروَّج للحروب ترويجًا أفضل من منظور أنَّ الحرب بوصفها ظاهرةً تُمثِّل عبورًا نحو مستقبل أفضل.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للقصة

كلُّ شيء نعرفه عن العالم يأتي تقريبًا في صورة قصص. الأحداث العالمية، وأصول أمتنا، والعلامات التجارية، والمنتَجات؛ كلُّ شيء يُعلَّب في قصة. بل إننا ننظر إلى حياتنا نفسها بوصفها تقريبًا قصةً متَّسِقة. ولكن القصص لا تحكي أبدًا الحقيقة كاملة. فالقصص عبارة عن تبسيطات. والأمر الذي لا يُناسِب القصة يُحذَف. فالقصص الجيدة قصصٌ قاطعة. ولهذا السبب هي في غاية الخطورة. ذلك أنها تزوِّر الحقيقة.

أمثلة على الانحياز للقصة لم ترد في متن الكتاب:
  • كُنْ حذرًا حينما يحاول أحدُهم أن يبيعك منتَجًا أو خدمة من خلال قصة (وهو الأمر الذي يحاول الجميعُ فعله هذه الأيام كما تعرف بالفعل). اطرح سؤالًا مُتخصِّصًا عما يحقِّقه المنتَج وما لا يحقِّقه، بغضِّ النظر عن مدى روعة «القصة التسويقية» أو «أسطورة المؤسسة».

  • حين تقرأ في الصحف إعلانًا عن أزمة اقتصادية، عن نتيجة انتخابات أو عن صراع سياسي، اسأل نفسك: هل ثَمة قصة تُعرَض عليَّ هنا؟ إذا كانت الإجابة بنعم فكُن مُتشكِّكًا. اسأل نفسك: ما الذي لا يُحكى؟ فالقصص كثيرًا ما تغفل أشياء مهمة فقط من أجل أن تبدو متَّسِقة.

  • كلُّ ما لا يُناسِب أن يصبح جزءًا من قصة متَّسِقة نعتبره مستحيلًا؛ على سبيل المثال أن هتلر يحب الزهور. يتمرَّد مخُّنا على مقولة كهذه رغم أنها حقيقية.

  • عليك أن تُلقيَ محاضَرة. إذن أيًّا ما كان المحتوى التقني لمحاضرتك فابدأ بقصةٍ قصيرة. ستَستحوذ ساعتَها على كامل الانتباه. والأمر لا يُثير العَجب أن فيديوهات كثيرة من فيديوهات تيد تبدأ بمقولة «دعني أحكي لكم قصة …» وبالمناسبة فإن المدخل الآتي مُناسِب دائمًا أيضًا: «هل حدث لك ذات مرةٍ أن …؟» سيومئ الجمهور برأسه مسرورًا.

  • عادةً ما يلجأ الصحفيون إلى القصص بوصفها نوعًا من إضفاء المزيد من الحجية على مقولاتهم. القُراء يُحبُّون القصص أكثر كثيرًا من التوصيفات المجرَّدة. ولهذا فإن وسائل الإعلام تقدِّم ما يرغب فيه المستهلِكون، لكن غالبًا لا يزوِّدونهم بما يحتاجون إليه.

  • تتمسك كلُّ دولة قومية بتاريخها وتعود إليه: مَن نحن؟ من أين أتينا؟ تربط القصص بين الناس حتى لو أنها مثل غالبية القصص القومية خياليةٌ في أكثر من ٩٠ بالمائة منها. فلا تدَع الخيالات القومية تُهدهِدك حتى تنام.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

خطأ النظرة الاسترجاعية

النظرة الاسترجاعية حالةٌ خاصة من الانحياز للقصة، ويُطلَق عليها أيضًا خطأ «كنت أعلم من البداية». نظرًا لأننا نُعلِّب الماضي في قصصٍ متَّسِقة، يبدو لنا مسار العالم أكثر قابليةً للشرح وأكثر منطقية، بل أكثر حتمية مما هو عليه في الواقع. ولذلك، نعتقد أن المستقبل يتطوَّر في خطواتٍ حتمية يمكن استنتاجها. ونحن في هذا لا نسأل أنفُسنا لماذا لم يكن هذا الشيء الذي يبدو واضحًا كذلك حتى بالنسبة إلى الأذكياء. إن خطأ النظرة الاسترجاعية يسلب منا الشك والحذر والتواضع أمام التطورات التي لا يمكن التنبؤ بها. ولأن حياتنا تبدو أكثر اتساقًا إذا ما ألقَينا عليها نظرةً استرجاعية مما هي عليه في الواقع، فإننا لا نتعلَّم إلا أقل القليل من أخطائنا. ثَمة وصفتان مضادَّتان لمغالطة النظرة الاسترجاعية. أولًا: التفكير في طرق بديلة (الفصل الأربعون)، ماذا أيضًا كان عساه أن يَحدث؟ ثانيًا: كتابة المذكرات.

أمثلة على خطأ النظرة الاسترجاعية لم ترد في متن الكتاب:
  • بنظرة استرجاعية، يبدو فوز دونالد ترامب في الانتخابات عام ٢٠١٦ أمرًا حتميًّا. رغم أنه في أساسه كان قرارًا أتى بمحض المصادفة. إذ إن مُنافِسته في السباق الانتخابي هيلاري كلينتون كانت قد تمكَّنَت بالفعل من تجميع ٤٪ من الأصوات المنفرِدة أكثر منه. بدت الانتخابات كأنها تجري على حَدِّ السكين. لكن الناس لا يرَون الانتخابات هكذا اليوم. فخطأ النظرة الاسترجاعية يؤوِّل انتخاب دونالد ترامب على أنه تأثيرٌ منطقي لعدم رضا الناخبين عن «الصفوة». ولو أن كلينتون فازت في الانتخابات، لكانت ستُروى قصة أخرى معقولة تشرح أسباب فوزها.

  • لِنَفترض أن الدولار يرتفع في مُقابِل اليورو ارتفاعًا لافتًا. سيحتاج هذا الأمر إلى قصة شارحة. فهذا ما ينتظره مُستهلِكو الأخبار من الصحفيين الاقتصاديين. حتى لو كان ثَمة مئات الآلاف من المؤثرات المختلفة التي تُحدِّد هذا التغير، فإن أيَّ حدث لافت (تغريدة رئيس دولة، هجوم بالقنابل، خطاب رئيس أحد البنوك المركزية) سيجد الناس دائمًا أن هذا يمكن أن يكون السبب. فكل تحرُّك في البورصة هو دائمًا في حاجة إلى البحث عن حدث. وبالعكس، كلُّ حدث لافت هو دائمًا في حالة بحث عن حركة بورصة مُلائمة.

  • بنظرة استرجاعية، نجد دائمًا أسبابًا كافية للنجاح أو للإخفاق. لكن لو أن الأمر أتى على غير هذا النحو لوجدنا لذلك أيضًا أسبابًا. كم مرةً تُصادِف مقولةً من قبيل «كنت دائمًا أعرف ذلك»؟ وكم مرةً تسمع نفسك تقولها؟

  • ظلَّ هذا الكتاب لعدة أشهُر متصدِّرًا قائمة الكتب الأكثر مبيعًا. ويدَّعي كثيرٌ من الناس أنهم كانوا يعرفون بالفعل، ومنذ البداية حين كان الأمر لا يعدو كونه أعمدة في الصحف، أنه سيُحقِّق نجاحًا حين يُنشَر على هيئة كتاب. في هذه الحالة، لا يسعني سوى أن أردَّ قائلًا: «لم يكن لديَّ أيُّ توقُّع». وإلى يومنا هذا لا أدري السببَ الذي يجعل أحدَ كتبي يُباع أكثر من الآخر.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

السائق العليم

في كل مدينة وكل مجال وكل منظمة، ثَمة أناسٌ يستطيعون التحدُّث بشكل مُقنِع تمامًا دون أن يكونوا على دراية بما يقولون. وكم من مرة نُصادِف هؤلاء. للأسف المعرفة لا تتناسب طرديًّا مع القدرة على التواصل. ثَمة أساتذة في مجالك التخصصي بالكاد يستطيعون أن يُشاركونا عِلمهم الغزير. وعلى جانبٍ آخر فإن العالم مليءٌ بالبشر الذين لا يكادون يفقهون شيئًا لكنهم بارعون في الكلام. لا يخدعنك هؤلاء.

أمثلة على خطأ السائق العليم لم ترد في النص الأصلي:
  • كم مرة تُصادِف أناسًا يدلون بآرائهم في كل شيء وأي شيء؟ هل سمحت لهؤلاء أن يؤثروا فيك من قبل؟ هؤلاء البشر خطيرون. لا يمكن لأحد أن يجيد إجادةً حقَّة في أكثر من مجالَين أو ثلاثة. في حال إن كنت غير واثق مع أي نوع من البشر تتعامل فلتتصرَّف مثل دودة الجُبن: اذهب بأسئلتك إلى العُمق.

  • في العقود الأخيرة انتشر وصف «كاتِب دعائي» (لا فكرة لديَّ عن دلالة الكلمة). فعادةً ما يدور الأمر حول مديري التحرير المُحالين على المعاش الذين أفردت لهم جهة العمل السابقة عمودًا أسبوعيًّا. وهذا أمرٌ جيِّد لو أن هؤلاء المديرين يَظلُّون في نطاق مهاراتهم (الفصل الخامس عشر). لكن غالبًا ما يُصاب هؤلاء «الكُتَّاب الدعائيون» بسلل في الآراء. فيكتبون عن كل شيء وأي شيء. ولأنهم مهَرة في الصياغات المصقولة، فإن جهلهم يبدو مُقنِعًا.

  • السائق العليم يُشبِه ما يُسمَّى السائق الفنَّان: هل تستطيع أن تميِّز بين لوحة أصلية لرامبراند وأخرى مزيَّفة؟ عن نفسي لا أستطيع، وربما أنت أيضًا لا تستطيع. ورغم ذلك يهزُّ أغلبنا رءوسهم إن علَّقَ أحدُ الأصدقاء اللوحة المزيَّفة على جدار بيته. لماذا حقًّا؟ إما اللوحة جميلة وإما لا. فهذا هو المحك، أليس كذلك؟ هو كذلك على السطح. لكن هذا قصورٌ في التفكير. فالعارف الحقيقي (أو الفنَّان الحقيقي) لا يكتفي بعلمه فقط. إنه يستطيع من خلال تفكيره وتجريبه وملاحظته أن يُنتِج علمًا جديدًا. بينما السائق على العكس من ذلك يظل دائمًا سائقًا.

  • كم مرة سمعت جملة «لا أعرف»؟ هذه الجملة علامة على أنك تتعامل مع أستاذ حقيقي.

  • كم مرة تُجيب أنت نفسك عن سؤال بعبارة «لا أعرف»؟ ليس ثَمة خِزي في اعتراف الإنسان بجهله. بالعكس. إنها علامة قوة.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

وَهْم السيطرة

وَهْم السيطرة حالةٌ خاصة من الثقة الزائدة. نحن نعتقد أن لنا سيطرةً على الأشياء التي هي في الواقع ليست تحت سيطرتنا. أو نعتقد أننا نستطيع أن نؤثِّر في الأشياء التي لا يمكن المساس بها. مثالٌ كلاسيكي: في سحوبات اليانصيب نُصرُّ على أن نُعلِّم على الأرقام بأنفسنا، وكأننا بذلك نزيد من احتمالية المكسب.

أمثلة على وَهْمِ السيطرة لم ترد في متن الكتاب:
  • تزعم الديمقراطية أنَّ المُواطن هو صاحِب القرار. وفي هذا، نجدها تلعب بوَهْم السيطرة. لماذا تسيرُ الأمور في بلادنا على هذا النحو وليس على غيره؟ طبقًا لتقديرنا فإن ٩٠٪ من العوامل تقع خارج أي تأثير ديمقراطي. التطورات التقنية تؤثر على حياتنا. لكننا لم نُدلِ قط بأصواتنا فيما يختص بالإنترنت أو القنبلة النووية. قرارات البنك المركزي الصيني، والسياسة التِّجارية للولايات المتحدة، ومزاج البورصات العالمية، كل هذه الأشياء لها تأثير على حياتنا اليومية، لكنها تقع خارج نطاق سيطرتنا. ورغم ذلك فإن الشعور الوهمي بالسيطرة يُساعِدنا على تحمُّل عدم قابلية العالم للسيطرة.

  • حاذِرْ إن ادَّعى بائع (أو حملة دعاية) أن منتَجًا في مقدوره أن يرفع شعورك بالسعادة. فالأمر ليس كذلك للأسف. نحن نعتاد سريعًا على الأشياء الجديدة في حياتنا، وبعدها يتلاشى إحساسُ السعادة. بتعبيرٍ آخر: نحن لسنا جيِّدين في تشخيص سعادتنا. فالمجتمع الاستهلاكي ضحيةٌ لوَهْمٍ عظيم اسمُه السيطرة.

  • تَعِد معظم الديانات أن سلوكنا في حياتنا الدنيا سوف يؤثِّر على حياتنا الآخرة. يؤمن الكاثوليك بحدوث ذلك عن طريق إتيان الأعمال الصالحة. أما البروتستانت فيرون أنه يتأتى عن طريق الإيمان فقط. والهندوس يرون أنه بفِعل الكارما؛ التي تعني في جوهرها أيضًا الأعمال الصالحة. أما المسلمون فأكثر تحديدًا: الشهداء من الرجال مثلًا سوف تُهدى إليهم حورٌ عِين في الحياة الآخرة. الرسالة دائمًا واحدة، وهي خاطئة: الأمر في يدك!

  • مثالٌ آخر من الدين: الصلاة هي أساس وَهْم السيطرة؛ إذ يُعتقَد خطأً أنَّ الإنسان يمكن أن يؤثر في الرَّب ببضع كلمات. لو كان هو صاحب التأثير فعلًا، فلماذا لا يقرر بنفسه الصواب والخطأ؟

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الاستجابة السريعة المحفزة

يختلف الناس في ردود أفعالهم تجاه أنظمة الحوافز، لكن ليس في ردود أفعالهم تجاه النيَّات التي تتخفَّى وراء تلك الحوافز. وقت التحفيز يكون في وُسعنا تغييرُ ردود أفعالنا بسرعة البرق. وهذا له معنًى حين تتطابق ردود الأفعال مع النيَّات المخفيَّة، لكن هذه الحالة نادرة مع الأسف. معظم أنظمة الحوافز تُسبِّب خسائر جانبية. نظام حوافز على دوران رأس المال — مثلًا — سوف يحفِّز العاملين عندك على إهمال الهامش. نظام حوافز على الربح الصافي سيؤدي بهم إلى أن يحلبوا أقصى ما يمكنهم من العملاء الحاليين، وعدم استثمار وقت في بناء علاقاتٍ مع عملاء جُدد. هذه الخسائر الجانبية يمكن أن تكون وخيمة. لكن بعض أنظمة الحوافز يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية؛ منع المخدِّرات مثلًا يؤدي إلى رفع السعر؛ وبهذا تصبح تجارة المخدِّرات مُربِحةً أكثر. وهذا الربح يؤدي إلى توسيع إنتاج المخدِّرات وانتشار الاتجار فيها. الأمر يستحقُّ إذن أن نُلقيَ نظرةً فاحصة على دوافعنا. حين يبدو لك سلوك شخص ما عبثيًّا، انظر إلى المحفِّزات التي يتعرَّض لها هذا الإنسان، قبل أن تفترض فيه الحماقة أو ضعف الشخصية أو التشوُّش العقلي.

أمثلة على الاستجابة السريعة المحفزة لم ترد في متن الكتاب:
  • في السابق كانت أجور المديرين سِريةً بين مجلس الإشراف والإدارة. في العقدين الأخيرين، سُنَّت قوانين كثيرة في عِدَّة بُلدان تُجبر الشركات على الإفصاح عن أعلى أجور يحصل عليها المديرون. كان المتوقَّع أن يؤدي الضغط العام إلى تخفيض مستوى أجور المديرين الذين يحتلون قمة السُّلَّم الوظيفي. لكن ما حدث كان العكس. فقد أضحى كلُّ مدير من تلك الفئة على دراية بمكانه بالضبط على السُّلَّم الوظيفي، ومَن يريد أن يكون بين الخاسرين أو النصف الأسفل؟ وهكذا، فإنه لدواعي المفارقة، أدَّى الإعلانُ عن أجور المديرين إلى زياداتٍ هائلة في رواتب القيادات.

  • فيما يخصُّ المجال العلمي ترسَّخ نظام حوافز غريب في الخمسين سنةً الأخيرة؛ إذ أُجبرَ العلماء على النشر بقوة لأن عدد أبحاثهم المنشورة وجودة المجلات التي ينشرون فيها هو ما يقرِّر مسارهم الأكاديمي. هذا الضغط يسرق الوقت المتاح للبحث ويؤدي إلى نشر أي هراء.

  • يعتمد كثيرٌ من وسائل الإعلام الإخبارية على الإعلانات المنشورة على شبكة الويب العالمية. ومن ثمَّ، أدخلت هذه الوسائل الإعلامية نظام حوافز لجذب مزيد من القُراء. كلما زاد عدد النقرات ومرات الإعجاب ومشاركة المقال زاد الحافز للصحفي. النتيجة: مزيدٌ من عناوين الأخبار الأكثر إثارة، ومقالات أقصر، ومحتوى أبله.

  • أيُّ نظام تحفيز يُسيطر عليك الآن؟ أيها يعمل بكفاءة؟ وأيها يأتي بنتائج عكسية؟

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الارتداد إلى المتوسط

كلُّ شيءٍ في العالم مُعرَّض للتأرجح. الجو مرةً حارٌّ ومرةً بارد. مزاجُنا مرةً رائق ومرةً عَكِر. إنجازاتنا في العمل مرةً في ذروتها وأخرى في القاع. ومن آنٍ لآخر يحدث أن نَصِل إلى طرَفَي النقيض. كثيرٌ من هذه القيم المتطرفة تعود طبيعية بشكل تلقائي. ذلك لأنها سترتد نحو المتوسط، ستنحدر إلى المستوى المتوسط. وفي حال تدخُّل الإنسان في هذه النقاط المتطرفة — كأن يحصل موظفٌ وصلَ إلى نقطةٍ متدنية في مستوى الأداء على لفت نظر (أو يُعيَّن مستشار لمراقبة أداء الشركة) — يكون الإنسان ساعتها خاضعًا لوهمِ أن لفت النظر أو المستشار هو السبب في تحسُّن الأوضاع. مع أنَّ انتعاش الأوضاع مجددًا مسألةٌ طبيعية. حذارِ؛ ليس كل الأشياء تخضع لقانون الارتداد إلى المتوسط. فبعض التطوُّرات (مثل مبيعات الكتب، تحميلات التطبيقات، عدد مرات الإعجاب على وسائل التواصل الاجتماعي) تتبع قانونًا آخر يُسمَّى «تأثير الرابح يحوز كلَّ شيء». هنا لا يحدث ارتداد إلى المتوسط. ذلك أنه في هذه الحالة ليس ثَمة وسط. فبعض الفائزين يزدادون بريقًا بينما يخبو نجم كلِّ مَن سواهم. إذن فَكِّر دائمًا في نوع البيئة التي توجد فيها؛ هل أنت في بيئة يحدث فيها ارتداد إلى المتوسط أو في بيئة يسود فيها قانون الرابح يحوز كلَّ شيء.

أمثلة على الارتداد إلى المتوسط لم ترد في متن الكتاب:
  • كلُّ بائع معرَّضٌ من آنٍ لآخر أن يحقِّق نتيجةً بائسة في التقييم ربع السنوي. التدخل حين وصوله إلى هذه النقطة العميقة — عن طريق تلقي تدريب على التسويق أو إدخال نُظُم تحفيز جديدة — من شأنه أن يُنجِز التحوُّل المنشود؛ إلا أن الأرجح أن ذلك التحوُّل لن يحدث بتأثير الإجراءات التي اتُّخذَت، وإنما ببساطة سيَكون مجرد ارتداد إلى المتوسط. وسيَتحرك إنجاز البائع في الربع السنوي الذي يليه رجوعًا إلى قيمته المتوسطة.

  • لقد أنهيت توًّا أسبوعًا في غاية السوء، وكلُّ ما فعلته فيه، حقًّا كلُّ ما فعلته، كان نصيبه الفشل. لا تذهب بسبب ذلك إلى الطبيب النفسي. ولا حتى تجلس للتباكي لدى صديق لك. انطَلِق من حقيقة أن الأسبوع التالي لن يكون بهذا السوء. كان كولين باول، رئيس أركان القوات الأمريكية السابق، يُواسي جنوده بعد يوم زادت فيه المشقَّات بمقولة تعبِّر عن مبدأ الارتداد إلى المتوسط: «غدًا يومٌ جديد».

  • يُعَدُّ صرفُ الحوافز على الإنجازات الممتازة في المدى القصير نوعًا من الحماقة. لماذا؟ أولًا: يمكن أن تتسبَّب الإنجازات القصيرة الأجل في سرقة الوقت المتاح للإنجازات الطويلة الأجل. وثانيًا: إنجازات المدى القصير يمكن أن تحدث بالمصادفة — عبر محفِّزات — سيتلاشى تأثيرها بمجرد أن تعود الأمور إلى قيمتها المتوسطة وترتد إلى المتوسط.

  • أقنعوك في نادي القمار أن تلعب جولة روليت واحدة على الأقل. وتربح بالفعل. هل يعني الأمر الآن أن حظك جيد؛ ومن ثمَّ عليك مواصلة اللعب؟ بالطبع لا. عُدْ إلى رشدك من جديد. اصرف الربح الذي حصلت عليه وسارع بالخروج من المكان. ففي أندية القمار لا يسود مبدأ الارتداد إلى المتوسط فحسب، بل سينحدر حظك ليرجع إلى المستوى المتوسط، سيهبط إلى المستوى الذي يضمن لنادي القمار أن يكون هو الرابح دائمًا وتضمن لك أن تظل الخاسر دائمًا (انظر أيضًا الفصل الخمسون عن حظ المبتدئين).

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

مأساة المَشَاع

إذا نظر الجميع إلى مزاياهم في ضوء الموارد المحدودة المتاحة، فبالكاد يمكنهم تجنُّب مأساة المَشَاع. بالكاد حقًّا. ثَمة طريقتان للتخلص من لعنتها: الخصخصة أو الإدارة. يمكن للإدارة الذاتية أن تنجح حتى في مجال المشروعات الصغيرة، مثلما أشارت إلينور أوستروم الحائزة جائزة نوبل. ولكن فيما يتعلق بمشكلاتٍ مثل الاحتباس الحراري أو الصيد الجائر للأسماك أو التطوُّر النووي يصطدم هذا المبدأ بحدوده، ولا يوجد شيء يمكن خصخصته. هنا لن يُساعِدنا إلا الإدارة السليمة. لكننا لا نقع ضحايا لمأساة المَشَاع في القضايا العالمية فحسب. فالمرء نفسه بموارده المحدودة يُمثِّل نوعًا من المَشَاع. ولذا، حاوِلْ أن تتعامل مع الأمر بعناية.

أمثلة على مأساة المَشَاع لم ترد في متن الكتاب:
  • تُعَد المضادَّات الحيوية واحدة من الاكتشافات المهمة في القرن العشرين. فلقد أُنقِذَت ملايين الأرواح بسبب العمل على تطوير هذا العقار. ومع الأسف، تُستخدَم أحيانًا المضادَّات الحيوية من قِبل الأطباء (ونحن أيضًا بوصفنا مَرضى نُصرُّ على إدخالها ضمن الخطة العلاجية) حين لا تكون ضرورية. العاقبة المأساوية: بكتيريا مقاومة. كلما تعاملنا برعونة مع المضادَّات الحيوية قلَّ تأثيرها في المساعدة.

  • وقتك أيضًا مَشَاع؛ إذ لكثير من البشر الحقُّ فيه (أطفالك، وزوجك/زوجتك، وأصدقائك، وأبويك، وصاحب العمل، وعملائك، حتى أنت من خلال هواياتك)، وكل هذه الاستحقاقات لا يمكن أن تفي بها بعدالة. فيومُك فيه ٢٤ ساعة فقط. حين تسمح بكل تعدٍّ على وقتك فقد لا تجد حتى وقتًا للنوم وسيَنهار جسدك. ولهذا كن صارمًا في إدارة وقتك. قبل ٢٠٠٠ سنة سأل الفيلسوف سينيكا: «لماذا نحن بخلاء بأموالنا، لكن حين يتعلق الأمر بوقتنا في هذه الحياة فإننا نَصرِف ببذخ؟»

  • ينطبق الأمر نفسه على اهتمامك. فالجرائد، والتلفزيون، ومنشورات الإنترنت، ونتفليكس، وتطبيقات الأخبار، وألعاب الكمبيوتر، ووسائل التواصل الاجتماعي، تتنافس كلها لِنَيل اهتمامك؛ وبالمناسبة ليس بدافع المحبة. لا. بل لأنهم أولًا يريدون أن يقدِّموا لك إعلانات من أجل أن يَربحوا المال. وثانيًا يريدون الحصول على بياناتك من أجل أن يتمكَّنوا مستقبلًا من تصميم إعلاناتٍ أفضل. وبوصفك مستهلِكًا، فقد وصلت بالفعل إلى حدِّك الأقصى منذ مدة طويلة، ولن تستطيع أن تتقبَّل المزيد. رأسك مُمتلئٌ عن آخره. ولهذا اطرُدهم بلا رحمةٍ وضَعِ الحواجز حولك. لو أنك لم تعُدْ ترى الغابة من كثافة الأشجار، فإن جودة اختياراتك سوف تسوء بشدة. ولن أُحدِّثك عن حالتك النفسية.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للنتيجة

نحن نميل إلى قياس جودة قراراتنا بجودة النتيجة بدلًا من قياسها نسبةً إلى عملية اتخاذ القرار. السبب: رؤية النتائج أسهل (انظر الفصل الثالث عشر) من رؤية العمليات العقلية. مَن يتأمَّل النتائج فحسب يغفل شيئًا مهمًّا؛ وهو أنها تتعلق في جزءٍ غير بسيط منها بالمصادفة. بمعنى أنها تنبني على مؤثراتٍ خارج نطاق سيطرتنا. وكلما لعبت المصادفة دورًا أكبر، تعاظَم أثر الانحياز للنتيجة. ثَمة مِهن لا تلعب فيها المصادفة إلا دورًا صغيرًا (مثل المعلِّمين والبستانيين والمهندسين). ولكن من ناحيةٍ أخرى، ثَمة مِهنٌ يلعب فيها عنصر المصادفة دورًا جوهريًّا في إحراز النجاح (مثل الكُتَّاب، وتجَّار البورصة، والجنرالات، والسياسيين، ومؤسِّسي شركات التكنولوجيا الناشئة). وما يحدث بشكل أساسي كالآتي: نحن نقلِّل منهجيًّا من أهمية المصادفة، ونترك أنفسنا للضلال في التِّيه بسببها.

أمثلة على الانحياز للنتيجة لم ترد في متن الكتاب:
  • إن تحديد كفاءة المدير بعد عام واحد فقط قياسًا على العائد من المؤسسة أمرٌ خاطئ تمامًا. فالنتيجة الجيدة أو السيئة يمكن أن تكون محض مصادفة. الأفضل أن نحكم على عمليات العمل أو عملية اتخاذ القرار لدى المدير، أو ننتظر ثم ننظر في تطوُّرات النتائج على المدى الطويل (فتأثير المصادفات يتعادل مع مرور الزمن).

  • ينطبق الشيء نفسه على السياسيين؛ يستفيد رئيس الدولة في فترة خِدمته الأولى استفادةً جوهرية من الإنجازات التي حقَّقها سابقه (أو يُعاني منها إن كان سابقه قد فشل). علاوةً على ذلك، فإن تطوُّر البلد يتعلق في الجزء الأكبر منه بأمور وتطورات هو بالتأكيد لا يملك أيَّ سيطرة عليها.

  • يرتكب كثيرٌ من المستثمرين خطأً عندما ينظرون إلى النجاحات التي تحقِّقها البورصة على مدًى قصير. «لقد تضاعَف سعر السهم في الشهر الماضي؛ إذن فقد اتخذت قرارًا جيدًا». ما هذا إلا محض هراء. فتحرُّكات البورصة مُتأرجِحة دائمًا، والنجاح خلال إطار زمني قصير هو فقط صدفةٌ محضة. أما على المدى الطويل فإنها تعكس التدفقات النقدية المتوقعة. فإذا كانت عملية اتخاذ القرار لديك جيدة؛ على المدى القصير ستنجح أو تفشل، لكن لن يجانبك الصواب على المدى الطويل. هذا هو جوهر الأمر. إن كنت تحقِّق فشلًا في المدى الطويل، فإنه يتعين عليك أن تُراقِب عملية اتخاذ القرار لديك بدقة وأن تحسِّنها. فالتركيز على العملية بدلًا من النتيجة يهدأ إلى حدٍّ كبير. كما أنه يشكِّل حمايةً فعَّالة ضد «العقل الجَمْعي» (انظر الفصل الرابع).

  • في كل ما تقوم به أنت تُترجِم أهدافك الخارجية إلى أهداف داخلية. ولذا رَكِّز على العملية بدلًا من النتيجة. مثال: بوصفك رجُلًا فأنت تبحث عن سيدة رائعة كي تتزوَّجها. هذا هدفٌ أحمق؛ لأنه يركِّز على النتيجة. الأفضل أن تسأل نفسك: «كيف أجعل من نفسي رجلًا رائعًا يستحقُّ أن يَقترن بامرأةٍ رائعة لأن النساء الرائعات بطبيعة الحال لسن حمقاوات؟» اعمل إذن على العملية؛ أي على نفسك، بدلًا من أن تنتظر هبة من السماء.

  • خيارات الأسهم لا تُعَد جيدة من وجهة نظر المساهمين. السبب: مسار السهم يتناسب طرديًّا مع السوق الكلي؛ وبهذا فهو يتناسب مع عوامل لا تخضع إلى سيطرة الإدارة. بتعبير آخر: نحن نُكافئ الإدارة على خيارات الأسهم حين يرتفع سوق الأسهم برُمَّته (بما في ذلك أسهم الشركات المنافسة)؛ وبطبيعة الحال هذا أمرٌ عبثي تمامًا.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

مفارقة الاختيار

الاختيارُ جيد. لكن الإفراط في الاختيار سيئ. وجود البدائل أمرٌ جيد. لكن الإفراط في البدائل سيئ. لو أن هناك زيادة مفرطة في المنتَجات، والأفلام، ووجهات السفر، وخبراء الوخز بالإبر الصينية، وأنواع النبيذ الأحمر، ومجالات الدراسة، وشركاء الحياة المحتمَلين … إلخ؛ فسيؤدي ذلك إلى شعورنا بالاضطراب. نحن نضيِّع وقتًا طويلًا في تحسين قراراتنا. وفي الوقت نفسه نغفل معايير مهمة للاختيار. ولذلك فإننا حين نتخذ قرارنا أخيرًا بشراء مُنتَج أو فيلم أو وجهة سفر لا نشعر بالرضا؛ لأننا لا يمكن أن نتأكَّد أبدًا أنه ليس ثَمة خيارٌ آخر أفضل.

أمثلة على مفارقة الاختيار لم ترد في متن الكتاب:
  • كم عدد الإعلانات التشويقية التي تُشاهِدها قبل أن تتخذ قرارك بتحميل فيلم أو مشاهدته؟ إحدى وسائل «رهاب الاختيار» هي: التركيز على الكلاسيكيات. فالكلاسيكيات في الأفلام، وكذلك في الروايات، تأتي ومعها ضمانٌ للجودة؛ ولهذا فهذه الأعمال مرَّت عبر مِصفاة التاريخ لتنقية الهراء. وبغير هذا لا يصمد شيءٌ عبر قرون.

  • اختَر منتَجات يكون عدد الموديلات فيها محدودًا. منتَجات آبل تُشكِّل مثالًا جيدًا. العديد من بدائل المنتَجات تؤدي إلى الإحباط؛ لأن أيَّ قرار سيكون على الأغلب قرارًا خاطئًا.

  • رَكِّز على هواية أو اثنتَين بحدٍّ أقصى. وإلا فستظل دائمًا هاويًا، وعادةً ما لا يجلب هذا إلا القليل من المتعة. علاوةً على ذلك لن يكون لديك وقتٌ لأكثر من هوايتَين جادَّتَين إن كنت تتبنَّى نصائحَ أخرى من هذا الكتاب.

    لا تتصفَّح الإنترنت تصفحًا عشوائيًّا. فكلمة «التصفح» ذاتها لها دلالتُها، وهي أن الإنسان موجود على سطح من وفرة. فَكِّر مسبقًا عما تريد أن تبحث ثم توجَّهْ نحوه.

  • في بعض المجالات على الأقل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يضيق نطاق الاختيارات. خِدمات البثِّ عبر الإنترنت تختار لك الأغاني المناسبة بدلًا من أن تجعلك تختار في كل مرة من عددٍ لا نهائي. ولهذا أثرٌ جانبي ممتع: سيمكنك أن تكتشف أغنية أو اثنتَين.

  • كمؤسسة: لا تحاول أن تعرض كلَّ شيء وأيَّ شيء على عملائك. الاستراتيجية تعني تحديد عدد المنتَجات والأسواق. التفكير الاستراتيجي هو في جوهره تدريبٌ على قول لا. حين تعرض بدائل كثيرة على العملاء فإنك تجهدهم بأكثر مما يُطيقون بدلًا من أن توفر لهم خبرةً مقنعة «واحدة».

  • هل تعمل في تقييم المطاعم أو هل المطابخ هوايتُك الكبرى؟ إذا كانت الإجابة لا، فاختر مكانَين في مدينتك؛ أحدهما لكل يوم، والآخر للمناسبات الخاصة. وبهذا لن تحتاج أبدًا إلى التفكير كثيرًا إلى أين تأخد أصدقاءك، وسرعان ما ستتمتَّع بأفضلية في المعاملة باعتبارك من الزبائن الدائمين.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للإعجاب

كلما زادَ إعجابنا بأشخاص بأعينهم كنا أكثر ميلًا إلى الشراء منهم، أو في حالة السياسيين انتخبناهم. يتمدَّد الإعجاب مثل طبقة من الضباب حاجبًا التقييم الموضوعي للشخص. وبهذا يستطيع أحدهم أن يتلاعب بنا؛ لأن الإعجاب يمكن تحت ظروف معيَّنة أن يُصطَنع. المجاملات طريقةٌ جذَّابة لإيقاع الشخص في فخِّ الإعجاب. وهذا من شأنه أن يحدث أيضًا حتى لو كانت المجاملات لا أساسَ لها من الصحة؛ أي لو أنها كانت مكذوبة بالكامل أو منافقة. طريقةٌ أخرى كي تجعل نفسك محبوبًا هي المرآة؛ محاكاة السلوك. انتبِه: هل مَن يقف قبالتك فعلًا يُشبِهك أم إنه فقط يدَّعي ذلك؟ الدردشة حول الأشياء المشتركة مهما كانت بعيدة هي أسلوبٌ ثالث لاصطناع الإعجاب. وهنا أيضًا يُنصَح بتوخي الحذر؛ إذ يمكن أن تكمُن خلف الصداقات الودودة استراتيجياتٌ مُحكَمة.

أمثلة على الانحياز للإعجاب لم ترد في متن الكتاب:
  • روى لي صديقٌ سويسري يعمل في بيع منتَجات استثمارية لصناديق المعاش كيف نجحَ في جعل أكبر صندوق معاشاتٍ في كوريا الجنوبية عميلًا لديه؛ ليس لأنه مدح المزايا الموضوعية لمنتَجاته، وإنما لأنه أبرز النقاط المشتركة بين سويسرا وكوريا الجنوبية؛ فكلاهما بلدٌ صغير، شعبه مجتهدٌ لطيف، طبيعته جبلية؛ كان عليه أن يفتِّش عميقًا في صندوق الألعاب السحرية، أو يلتقط نقاطًا مشتركة من الهواء. لكن الانحياز للإعجاب حقَّق تأثيره المنشود.

  • كم مرةً تفعل بعض الأشياء فقط كي تكون محبوبًا؟ يقضي مُستخدِمو وسائل التواصل الاجتماعي آلاف الساعات في جمع عدد مرات الإعجاب. إنه تصرُّفٌ غير عقلاني لأن ذلك لا يؤدي في الحقيقة إلى زيادة الإعجاب بهم.

  • هل تشتري من آنٍ لآخر من أشخاص تُحبُّهم رغم أن منتَجاتهم أغلى أو أسوأ من مثيلاتها؟

  • لمن تفضِّل الاستماع؛ لمُعجَبيك أم لمُنتقِديك؟ ليس الفيصل هو نوع التعليقات، ولكن مصدرها. إن مدح الأشخاص الذين لا تربطك بهم أي علاقة شخصية أمرٌ ذو قيمة (لأنهم ليسوا مضطرين لأن ينافقوك). ولكن على العكس، يكون النقد أقيم عندما يأتي من الأهل أو أشخاص مقرَّبين (لأن هؤلاء يقومون بذلك من منطلق واجبهم تجاهك، ومن ثمَّ لديهم سبب وجيه).

  • يتداخل الانحيازُ للإعجاب أحيانًا مع الانحياز للمعرفة المتاحة (الفصل الحادي عشر). مثال: شخصٌ يذهب إلى طبيبٍ متوسط الكفاءة لأنه «لطيف جدًّا». ما الذي يحدث في المخ؟ نظرًا لأنه من الصعب جدًّا تقييم كفاءة الطبيب، يطرح المخ على نفسه سؤالًا آخر أسهل: ما مدى لُطفِ الطبيب؟ يلجأ المخ إلى مسألة اللطف بدلًا من مسألة الكفاءة؛ لأن هذه المعلومة يمكن الحصول عليها بسرعة وبلا مجهود (متاحة).

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

تأثير الملكية

بمجرد أن تنتقل مِلكية شيء إلينا — سيارة، أو منزل، أو أباجورة جميلة، أو لوحة — نستشعر ارتفاع قيمتها. ولا نعود مستعدين أن نبيعها بنفس سعرها الأصلي. التخلي أصعب علينا من تراكم الاقتناء. سبب تأثير المِلكية هو ما يُسمَّى النفور من الخسارة (الفصل الثالث والثلاثون)؛ فالخسائر تأثيرها على المشاعر أقوى من المكاسب (والعكس صحيح بالطبع). فعندما نبيع شيئًا أو نتخلى عنه، فإننا نستشعره على أنه خسارة؛ وهو أمرٌ أشدُّ وطأة على النفس من المال الذي سنحصل عليه في المقابل. وإلى جانب ذلك نلاحظ: ربما أن عدم وجود ما يُدعى بتأثير المِلكية ليس بالأمر السيئ للغاية، وإلا كنا ظللنا نُبادل ممتلكاتنا على الدوام أو نعرضها للبيع أو في المزاد.

أمثلة على تأثير الملكية لم ترد في متن الكتاب:
  • حذارِ أن يُعيرك بائعٌ سيارة أو ساعة أو سجادة لعدة أيام. فالإعارة هي تقريبًا تمليك. مشاعرك لا تدرك الفرق. ستُريد أن تحتفظ بالشيء المعار كمِلكية لك، وأن تُضفي عليه قيمةً مماثلة. وبهذا سيبدو لك السعر فجأةً معقولًا — بل رخيصًا — وستشتريه. (والعكس صحيح أيضًا: حين تكون أنت البائع فإنك تعير المشترين المحتمَلين منتَجاتك بكرم. تأثير الملكية سيمنحهم شعورًا بأنهم زبائن سعداء).

  • إنَّ قياس قطعة ملابس يُفسِّره عقلنا على أنه تملُّك إلى حد ما. حين يكون البنطلون لا يُناسِبنا إلا قليلًا يكون من الصعب علينا أن نُعِيده إلى مكانه. ليست معجزة إذن أن نجد البائع حريصًا على أن تقيس، وبعدها مباشرةً يؤكِّد لك أنه يبدو رائعًا عليك.

  • منازل العطلات هي فخاخ تأثير المِلكية التقليدية. نحن نُعلي من قيمة منزل العطلات الخاص بنا، ونعود مُحبَطين لأننا لا نستطيع التخلص منه مُقابِل سعر معقول. الشيء نفسه ينطبق على المَراكب الشِّراعية واليخوت.

  • تأثير المِلكية موجودٌ أيضًا في الجغرافيا السياسية؛ في مفاوضات تصفية السلاح النووي ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا على سبيل المثال. فأنْ أتخلَّى عن صاروخ نووي أملكه يُعَد ضِعفَ ما يتخلَّى عنه غريمي. ذلك لأن الغريم أيضًا «يشعر» بضرورة التغلب «عاطفيًّا» على نسبة ١:٤ في المفاوضات (نسبة ٢ × ١ وصولًا إلى ١:٢). ولأجل هذا فإن مفاوضات خفض التسليح النووي تكون في غاية الصعوبة.

  • بالمثل، فإن السهم لا تزيد قيمته لمجرد أنك امتلكته. يقول وارين بافيت: «إن كنت عاطفيًّا في الاستثمار فلن تحقِّق نتائج جيدة. ربما يكون لديك كلُّ هذه المشاعر عن السهم، لكن السهم لا يُكنُّ هذه المشاعر لك.» الأفضل إذن أن تدرس الأسهم التي لم تشترها بعد، بدلًا من أن تراقب التي اشتريتَها بالفعل.

  • يعلم رجال التسويق الأذكياء أن رضا العملاء يكون في أعلى معدَّلاته بعد الشراء مباشرةً، ويعزِّزون ذلك بما يُسمَّى التواصل ما بعد البيع: «مبروك، لقد أحسنت الاختيار!» هنا توليفة من تأثير المِلكية ممزوجًا بتأثير النفور من الخسارة؛ الآن بعد أن امتلكت الشيء، بعد أن تكون قد صرفت أموالًا كثيرة، لا بد ببساطة أن يكون جيدًا! وطبعًا قد لا يكون كذلك بالضرورة. لا تتردد أن تسترجع أموالك بلا مهادنة في حالة البضائع السيئة.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

المعجزة

يؤمن كثيرٌ من البشر بالمعجزات. فالأشياء التي تبدو مستحيلة تحدث؛ نلتقي بصديق من فترةٍ ماضية على شاطئ في الجانب الآخر من الكرة الأرضية. أو نفكِّر في شخص وفجأةً يرنُّ الهاتف ويكون هذا الشخص هو المتصل. في هذه المفاجآت المستحيلة، يعتقد كثيرٌ من الناس أنها ضربٌ من القوى الغامضة. معجزة. لكن بإجراء مزيد من حساب الاحتمالات يبدو لنا كثيرٌ من هذه الأمور غير غريب، بل طبيعيًّا للغاية. ولهذا فالنظرة العقلانية إلى هذه المعجزات المدَّعاة تقول إنها مجرد وقائع، صحيحٌ أن احتمالية حدوثها قليلة للغاية، لكنها أكبر من صفر؛ أي غير مستبعدة الحدوث. وستكون المعجزة لو أنها لا تحدث!

أمثلة على المعجزة لم ترد في متن الكتاب:
  • هل تذكُر أولَ مرة قابلت فيها شريك حياتك؟ هو أو هي دون مَن سواه! كم كنتما تحظَيان بالسعادة! يعتقد كثيرٌ من الأزواج المتحابِّين أن ثمة قوة خفية — معجزة — جمعت بينهما. لكن، النظرة العقلانية ترى الأمر بشكل آخر؛ ملايين الأزواج يبحث بعضهم عن الآخر كلَّ عام، ولا بد أنهم سيجد أحدهم الآخر في مكانٍ ما بطريقةٍ ما. الأمر لا يتعلق بأنك أو حبيبك لم ترَيا مرشَّحين محتمَلين آخرين. فَكِّر في المقابلات التي لا حصر لها (حتى لو كنت تنظر إلى الناس في الشارع) التي لم تُسفر عن شيء. الأمر ليس مفاجئًا إلى هذا الحد أن أحدهم أخيرًا قد عثر عليك والتقاك. أعلم أن هذا يبدو غير رومانسي بدرجةٍ مخيفة. كن ممتنًّا لحظك السعيد. خصوصًا لو استمر؛ إذ إن الاعتقاد في وجود معجزة داخل العلاقة سرعان ما يتغيَّر حالما ينفصل الزوجان.

  • صديقٌ من نيجيريا، هو الآن صاحب إحدى شركات التكنولوجيا الحيوية في منطقة سيليكون فالي (أو وادي السيليكون)، تعيَّن عليه الذهاب إلى طبيبة أسنان. وتبيَّن أن طبيبة الأسنان قادمة أيضًا من نيجيريا، بل من نفس البلدة الصغيرة التي أتى منها. «يا لها من معجزة!» حدث ملايين المرَّات أنه قابَل شخصياتٍ ليست من نفس هذه البلدة الصغيرة، وحدث ملايين المرَّات أن طبيبة الأسنان قابلت شخصًا ليس من تلك البلدة. وحينما يقع ذلك كلَّ عدة سنوات فإن هذا يُطابِق الاحتمال الطبيعي.

  • احذر أن يحاول أحدُهم أن يُخبِرك أن معجزةً صغيرة حدَثَت معك للتَّو. فغالبًا ما يختفي مخططٌ وراء ذلك. «لقد قابلنا أكثر من مائة مرشَّح، لكن لا أحدَ كان يُقارِبك في المستوى الجيد.» بالطبع جملة كهذه من فم رئيس الموارد البشرية ستبدو كالإطراء. ومن الممكن أيضًا أن الشركة بذلت جهدًا كي تجد مرشَّحًا مُناسِبًا ولو حتى بنصف القدرات. وحتى لا يَفرَّ هذا لا بد من الإغداق عليه بالكلام المعسول. يتعيَّن إشعاره بأنه «المختار».

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

التفكير الجماعي

يمكن لمجموعة من البشر الأذكياء أن يكونوا عرضةً للسقوط في فخ التفكير الجماعي؛ فالإجماع سيكون من القوة لدرجة أن الآراء المخالِفة حتى قبل أن ينطق بها المرءُ ستبدو خاطئة. ولهذا يُحجِم المرءُ عن الإدلاء بدلوه ويُمارِس رقابة على ذاته. أما صمتُه، فإنه يُفسَر من المجموعة على أنه موافقة. وكلما كانت المجموعة أكثر انسجامًا كانت أكثر عُرضة لخطأ التفكير الجماعي. يمكننا أن نُحارِب التفكير الجماعي بعدة طرق: أولًا، بأن نوصِّف مَخاطره بصورة منتظمة. ثانيًا، بأن نهتمَّ بالتنوُّع من خلال ضَمِّ أناس من خلفياتٍ مختلفة إلى المجموعة. وثالثًا، بأن يُمارَس دورُ مُحامي الشيطان في كل جلسة بوجود شخصٍ يأخذ على عاتقه تقديم الموقف المُعاكس. لا بد أن يكون واضحًا للجميع أن مُحامي الشيطان هو مجرد دور يلعبه الشخص المختص في الجلسة، وإلا فسيكون من الصعب شعوريًّا على الشخص أن يضع الإجماع موضع الشك.

أمثلة على التفكير الجماعي لم ترد في متن الكتاب:
  • كتاب «العجز الكبير» لمايكل لويس الذي يعود إلى عام ٢٠١٠، والذي يُلقي الضوء على خلفيات الأزمة المالية في الفترة ٢٠٠٧ / ٢٠٠٨؛ هذا الكتاب يُظهِر بوضوح كيف أن معظم رجال البنوك في العالم كانوا أسرى خطأ التفكير الجماعي. فقط بعض المستقِلين في التفكير من مُديري صناديق التحوُّط كان لديهم من القوة أن ينفصلوا عن ذلك، وربحوا المليارات، بينما كان النظام المالي آخذًا في الانهيار. ولقد تحوَّل الكتاب إلى فيلم يحمل العنوان نفسه.

  • كانت شركة «إنرون» الأمريكية أنجح شركات الطاقة في العالم. ولطالما وصَفَت نفسها بأنها أعظم شركة في العالم. غير أنها أفلست عام ٢٠٠١. يُعزى السبب الظاهري إلى تزوير في الميزانية. أما السبب الأعمق، فيُعزى إلى التفكير الجماعي. كانت الإدارة تؤكِّد لنفسها أنَّ حيل الميزانية العمومية ليست مكشوفة. وكانت روح المؤسسة أقوى ما تكون. وعلاوةً على ذلك، فإن المراجِع الاقتصادي ومعهد التصنيف الائتماني لم يعترضا على شيءٍ. ولكن ما حدث فقط أنهم لم يفكروا أيضًا تفكيرًا مستقلًّا. ورضخوا إلى ضغط الجماعة.

  • قبل عدة سنواتٍ دعتني مؤسسةٌ عاملة في صناديق التحوُّط كي أقيِّم عمليات اتخاذ القرار التي تسبق الاستثمار. كان تشخيصي الذي سجلتُه مُفاجئًا: ثمة خضوع طاغٍ لفكرة التفكير الجماعي. منشأ ذلك أن المدير التنفيذي الذي يمتلك كاريزما عالية جدًّا كان أول من يعبِّر عن رأيه. وكل الآراء التي يُعبَّر عنها لاحقًا تتبعه ببساطة. لقد كان يمثِّل «الحيوان الألفا». وكانت توصيتي أن يكون النهج من الآن فصاعدًا أن الأصغر هو أول مَن يعبِّر عن رأيه صعودًا إلى المدير التنفيذي الذي يأتي في آخِر الدور. وبهذا اختفى خطأ التفكير الجماعي بضربةٍ واحدة.

  • وأنت؟ هل أنت أقرب إلى الإجماع أم إلى المعارضة؟ في العمل؟ في الحياة الخاصة؟ في السياسة؟ كيف يتغير موقفك حين تُخاطِر بشيءٍ ما؟ هل زيادة الخطر تزيد من وعي الموافقة لديك أو تخفضه؟

  • هل مُحامو الشيطان والمخالفون لك في الرأي يُثيرون أعصابك؟ عليك أن تكون ممتنًّا إلى هؤلاء لأنهم يجلبون لك خيرًا كثيرًا؛ إذ إنهم يلفتون انتباهك إلى النقاط العمياء.

  • كم مرةً يخطر لك أن الآخرين قد فكَّروا بالفعل، وأن عليك أن تُحجِم عن إبداء رأيك؟

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

إهمال الاحتمالية

ليس لدينا مجسَّات للاحتمالات؛ ومن ثَمَّ للمَخاطر. حتى الاحتمالات التي نحكم عليها بموضوعية أنها ضئيلة، نستشعرها تحت ظروف معيَّنة وكأنها حاسمة في المتوسط. ومن ناحيةٍ أخرى، فإننا نفهم جيدًا نطاق النتائج المحتمَلة. في اليانصيب، يتمثل ذلك في الجائزة الرئيسية. وفي حوادث سقوط الطائرات، نعرف أكبر خسارة يمكن أن تحدث (وهي أن يلقى جميع الرُّكَّاب حتفهم). وفي الشركات الناشئة نفهم أقصى جانب سلبي (وهو خسارة رأس المال المستثمَر)، ويكون لدينا تصوُّر جيد عن الحد الأقصى للجانب الإيجابي؛ إنه يتطابق مع التقييم الأعلى والأحدث الذي تحوزه أيُّ شركة. إذن، نحن نعرف جيدًا ما يمكن أن يحدث. لكننا عادةً لا نعلم إذا كان الأمر حقًّا يستحقُّ أن نضعه موضع الاعتبار.

أمثلة على إهمال الاحتمالية لم ترد في متن الكتاب:
  • عادةً ما تنشر الشركات دراسة حالة تُظهِر منتَجاتها وخِدماتها. نصيحتي أن تتجاهَل هذه الدراسات؛ لأن الشركات دائمًا ما تَعرِض أفضلها. الأهم من ذلك هو أن تطرح السؤال التالي بعد توزيع كل الحالات (ليس فقط الحالات التي صُوِّرَت): كم منها يعمل بكفاءة عالية؟ كم كفاءته متوسطة؟ كم منها سيئ؟ كم تعِس؟ هذه معلوماتٌ لن تسلِّمك إياها أيُّ شركة طواعيةً. إن كنت تريد حقًّا أن ترسم صورة بنفسك، فما عليك إلا أن تجتهد في جمع البيانات. والأسهل أن تسأل عملاءَ الشركة.

  • نحن نصنِّف احتمالية الوفاة في حادث إرهابي في مرتبةٍ أعلى وفقًا لأحاسيسنا أكثر من الوفاة عن طريق الانتحار مثلًا. غير أن الإحصائيات تُظهِر شيئًا آخر: احتمالية أن يُقدِم أحدهم على الانتحار أعلى بنحو ٣ آلاف مرة. في المتوسط يُتوفَّى في ألمانيا أقلُّ من ثلاثة أشخاص كلَّ سنة في حادث إرهابي، بينما يُتوفَّى ١٠ آلاف شخص جرَّاء الانتحار. هذا خطأ تجاهُل الاحتمالية، وله أيضًا علاقة بانحياز المعرفة المتاحة. الاحتمالات ليست متاحة. لكن الأخبار متاحة. ولهذا الذي يحدث هو أننا نستبدل الاحتمالات اللامرئية بأخبار الإرهاب البغيضة.

  • كثير من مؤسِّسي الشركات الناجحة في سيليكون فالي درسوا في جامعة ستانفورد. فهؤلاء أسَّسوا شركاتٍ مثل «جوجل» و«سيسكو» و«إتش بي» و«نايك» و«نتفليكس»، وكلهم مليارديرات. وبأمثال هؤلاء، تصنع ستانفورد الدعاية لنفسها. إنه تصرفٌ ذكي: نحن سعداء بضخامة هذه النجاحات. لكننا نُنكِر كيف أن احتمالات ذلك ضئيلة للغاية؛ فستانفورد تضمُّ ١٦ ألف طالب.

  • نصيحة إضافية: ارسم قبل أي قرار كبير مُنحنًى للاحتمالات، وحاول أن تسجِّل عليه النتائج المُمكِنة. وبهذا فقط يمكن أن تقرِّر التدخل الذي سيكون مفيدًا والتدخل الذي لن يكون كذلك.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للمخاطرة الصفرية

إنَّ انعدام المخاطرة أمرٌ مقدَّس بالنسبة إلينا جميعًا. نحن مستعِدُّون أن نصرف مَبالغ طائلة من أجل استبعاد أي مخاطرة تمامًا. وهذا أمرٌ غير منطقي. أولًا، نادرًا ما يمكن للمرء أن يقلل مستوى المخاطرة إلى الصفر. على سبيل المثال، يمكن تجنُّب حوادث الطرُق بنسبة ١٠٠٪ في حال تخفيض السرعة القصوى إلى الصفر. وهذا أمرٌ غير عملي نسبيًّا. يمكنك كذلك استبعاد مخاطرة أن تُكسَر قدمك أثناء التزلج على الجليد، وذلك بأن نقلع تمامًا عن ممارسة هذا الأمر. ثانيًا، ترتفع عادةً تكاليف تجنُّب المخاطرة المتبقية بصورة كبيرة. مثال: يتطلب الأمر استثمارًا بالملايين لكي نتخلص تمامًا من الجزيئات المُشعة في طعامنا. ومن ثمَّ، الأذكى أحيانًا أن تقلل احتمالية أخرى كبيرة بدلًا من استبعاد المخاطرة المتبقية استبعادًا كاملًا.

أمثلة على الانحياز للمخاطرة الصفرية لم ترد في متن الكتاب:
  • تؤدي عملية البروستاتا إلى عواقب وخيمة، مثل الإصابة بسلس البول أو العُنَّة. وهي أمورٌ بالكاد يمكن تفاديها؛ لأن المريض يمكن أن يموت بسبب التقدُّم في السن قبل أن يقتله سرطان البروستاتا الذي ينتشر ببطء. ولذا، فإن الاستبعاد التام لسرطان البروستاتا الذي ينتشر ببطء (مخاطرة صفرية) هو أمرٌ غير عقلاني.

  • تزدهر صناعة المَخابئ الخاصة (يُطلِقون عليها أدوات صناعة الكوارث الخاصة) في الولايات المتحدة. الناس مستعِدُّون أن ينفقوا مَبالغ طائلة من أجل أن يعيشوا في مخبأ فخم في حالة خطر اندلاع حرب عالمية أو حدوث كارثة بيئية بما يمثِّل استبعاد مخاطرة الوفاة. وهذا بطبيعة الحال عَبثيٌّ تمامًا؛ لأنه مُقتطَع من عالم خارجي ملوَّث، وفي الغالب سيَئُول إلى الحِلف الغريم، لن يتمكَّن المقيمون في المخبأ من الاستمرار في الحياة فيه إلا بضعة أشهُر إضافية، وتحت ظروف مريبة.

  • يسعى الحزب الشيوعي في الصين إلى الوصول بمخاطرة المظاهرات إلى الصفر. وتكاليف الانحياز إلى المخاطرة الصفرية في هذه الحالة مرتفعة للغاية، والمسألة ليست مجرد وجهة نظر مالية؛ فسيكون من الضروري مراقبة كل الصينيين بلا أي ثغرات.

  • بعد هجوم ١١ سبتمبر ٢٠٠١ رفع الرئيس الأمريكي بوش شعار «الحرب ضد الإرهاب». ومن أجل ذلك كان يتعيَّن القضاءُ الكامل على تنظيم القاعدة (مخاطرة صفرية)، وليُكلِّف هذا ما يُكلِّف. وبالفعل كلَّف هذا ما يقرب من ٢٫٥ مليون مليون دولار أمريكي ٢٫٥ تريليون)، وهو ما يعادل ٧٠٠٠ دولار لكل فرد من السكان. ويعد هذا مبلغًا طائلًا في مقابل مطاردة حوالَي ١٠٠٠ مُحارِب مُلتحٍ من تنظيم القاعدة من جُحُورهم. وفي هذا أنكرت الولايات المتحدة فشلها في تصفية تنظيم صغير ومبعثر ولا مركزي مثل تنظيم القاعدة تصفيةً كاملة. وبالَغوا في تقدير السرعة والبساطة اللتَين يمكن بهما تأسيس تنظيم إرهابي جديد.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

خطأ الندرة

«كلما ندر شيء، ارتفعت قيمته»، تفكِّر أدمغتنا تلقائيًّا. فلقد قال الرومان «رارا سونت كارا»؛ أي النادر غالٍ. يمكن أن ينطبق هذا التشبيه لدى الاقتصاديين الذين يُحلِّلون استراتيجيات التسعير. لكن بالنسبة إلينا نحن بوصفنا متخِذي قرار، فالأمر يُعَدُّ هراءً. لماذا ينبغي لنا أن نرى أن شيئًا ذا قيمة أعلى فقط لأنه غير متوفر بكثرة؟ علينا أن نحكم بموضوعية حول قيمة الشيء بالنسبة إلينا بغضِّ النظر عن توافره في المخازن. الندرة، الحقيقية أو المزعومة، تجعلنا نحيد عن اتخاذ القرار العقلاني.

أمثلة على خطأ الندرة لم ترد في متن الكتاب:
  • في كل قناة من قنوات التسويق المنزلي، توجد عبارة «سارع بالشراء! باقٍ (عدد كذا) فقط في المخازن!» بجانب كل منتَج. «باقٍ (كذا) دقيقة فقط وينتهي العرض الخاص». ولقد سُجِّلت الفيديوهات قبل ذلك بعدة أسابيع؛ ومن ثَمَّ فإن بيانات المخازن بالتأكيد غير صحيحة. ورغم ذلك فإن زعم أن العرض آخذٌ في التناقص (سواءٌ في الوقت المتاح أو في عدد المتوافر) يُؤتي مفعوله.

  • ينطبق الشيء نفسه في الإنترنت؛ مثلًا على مواقع الفنادق: «لا يوجد سوى غُرفتَين فقط من هذه الفئة، احجز الآن». وعلى مواقع شركات الطيران: «يوجد مكانان فقط بهذا السعر». حتى أمازون التي لديها عروض غير محدودة تلعب بخطأ الندرة: «توجد ٣ قِطع فقط متوفرة»؛ فلو حدث أنَّ كل السلع بِيعَت بالفعل، فمن المفترض أن المخزن سيَمتلئ بالبضاعة في اليوم التالي.

  • في عالم تتوافر فيه سلعٌ كثيرة مجانًا (برامج، وكتب، وأطعمة)، تكون العروض المحدودة أداةً للتلميح إلى مكانة السلعة وتفرُّدها. فوجود «نسخة محدودة» من السِّلع الفاخرة مثل الساعات أو سيارات الفراري هو شكل من أشكال التلاعُب بخطأ الندرة. ربما يتوقع مُشتروها أن تلك الندرة المصطنَعة تُلقي عليهم أضواءً من تألقها. فمَن الذي لا يريد أن يشعر بأنه فريد؟

  • لا يوفر الذهب سيولة ولا أرباحًا ولا عوائد. لا نستطيع أن نأكل الذهب ولا أن نُطعمه للدجاج. بل إنه حتى لا يصلح أن يُستخدَم مادة للبناء. لماذا إذن يُتَّجر فيه بسعرٍ مرتفع؟ السبب في ذلك يُعزى حصريًّا إلى الندرة. وهي ندرةٌ حقيقية بالكاد يصعب اصطناعها. لو أن الأرض كلها مليئة بالذهب لفقدَ قيمته. الشيء نفسه يسري على «البتكوين». وبشكل أساسي ينجح خطأ الندرة مع العقل الجَمْعي (الفصل الرابع). لو أنك الإنسان الوحيد في العالم الذي يقدِّر الذهب بسبب ندرته فسيَظل سعره صفرًا. وهنا نرى أن خطأين في التفكير يخدم/يُثري كلٌّ منهما الآخر.

  • الكتب الموقَّعة محبوبةٌ أكثر من الكتب غير الموقَّعة. هل لأن المؤلفين يكتبون بخط جميل؟ لا. بل لأن نُسَخها المتوفرة قليلة. بوصفي كاتِبًا دائمًا ما أتعجَّب حين يطلب مني أحدُهم أن أوقِّع كتابًا. فتوقيعي قبيح ولا يتضمَّن أيَّ محتوًى معرفي إضافي. وعمليًّا، ما هو إلا شخبطة بالحبر. ورغم ذلك أوقِّع كلَّ مرة بسعادة.

  • كان واحد من أصدقائي ذات مرة في جمعٍ خاص مع البابا. ثم علَّق صورة التقطها مع البابا في مكتبه دليلًا على التقائه به. لم يحدث ذلك لأن البابا قدَّم له نصائح معينة في الحياة. فصديقي لا يتذكَّر ما قيل في دقيقتَي اللقاء. لكن زيارة البابا من شأنها أن ترفع المكانة (مكانة صديقي لا مكانة البابا). لو أنه يوجد مئاتٌ من الباباوات لصارَ تأثير المكانة هنا صفرًا. فمجرد وجود بابا غريم (كما كان الوضع في العصور الوسطى) كان كفيلًا بتقليص جماهيرية الباباوات.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

إهمال المعدل الأساسي

نحن لا نُحبُّ الإحصائيات. بل نفضِّل أن نصدِّق تصوراتنا وخططنا وآمالنا، أو الحكايات الطريفة التي نسمعها من الآخرين. وهذا خطأ. ذلك لأن الأمر يدور، سواء في تصوراتنا الخاصة عن العالم أو في طرائف الآخرين، حول نقاط بيانية. والإحصائي لن يسمح لنفسه أبدًا أن يستند إليها كأساس للمعرفة. تنبني الإحصائيات الجادة على المعدلات أو التوزيعات الأساسية؛ أي المدعومة بشكل واسع. ورغم ذلك نحن نتجاهل المعدل الأساسي. هنا يلعب أيضًا الانحياز للمعرفة المتاحة دورًا؛ فالطرائف والنماذج المنفردة متاحة لدماغنا أكثر من الإحصائيات كما أنها أكثر إمتاعًا. لكنها لا تصمد أمام أي حجة.

أمثلة على إهمال المعدل الأساسي لم ترد في النص الأصلي:
  • فلنفترض أنك تُطبِق برنامجًا جديدًا للحسابات في شركتك. عليك أن تسأل: (أ) كم سيستغرق التركيب؟ (ب) كم تبلغ تكلفة هذه العملية؟ (ﺟ) ما مدى المنفعة التي يحقِّقها هذا البرنامج. سيرحب مقدِّم البرنامج بالإجابة عن هذه الأسئلة الثلاثة، لكنه سينحو إلى تجميل كل شيء. ولحسن الحظ أن العاملين لدَيك قد أعدوا مستنداتٍ من مئات الصفحات تجيب عن الأسئلة الثلاثة. يمكن أن تقرأ هذه المستندات وتتساءل: هل الافتراضات صحيحة؟ هل فكر العاملون بالفعل في كل شيء؟ أو يمكن أن تلقي بهذه المستندات عرض الحائط وتستشير المعدل الأساسي لتركيب البرنامج الشبيه في مجموعة شركاتك أو فروعك. وهذا يشترط بالطبع أن تصل إلى المعدل الأساسي. مئات المستندات المكوِّنة للمشروع هي مجرد نقطة بيانية واحدة. بينما المعدل الأساسي يتكوَّن من نقاط بيانية عديدة. وبها ستصل إلى إجابات أدق عن الأسئلة الثلاثة أعلاه.

  • يبلغ توماس ثلاثين عامًا. عندما كان في العاشرة من عمره، فاز بكأس التنس للأطفال تحت سن ١٢ عامًا. ما احتمالات أن يكون قد صار الآن محترفًا في التنس؟ معظم الناس يُبالغون في تقدير ذلك. فهذه المعلومة التي عمرها عشرون عامًا لا تحمل قيمة إحصائية في حد ذاتها. ربما كان الحظ قد حالَف توماس وهو في العاشرة (ربما ضَعُفَ المنافس أو تعرَّض لحادث). ربما تراجع مستوى توماس عن زملائه في الصف. أو ربما لم يُرِد أبدًا توماس أن يصير محترفًا في التنس. أو لعله كان يلعب باحتراف حتى قبل عام واحد ثم قرَّر أن يقبل بوظيفة «حقيقية». أيًّا ما كان فاحتمالات أن يكون توماس قد احترف التنس لن تكون أعلى من مجرد شعرة عن المعدل الأساسي لصيرورة الإنسان العادي لاعبًا محترفًا للتنس. لكنها حقًّا شعرة!

  • من الأكثر خطرًا الإرهابيون أم الكلاب؟ لو أخذنا بالروايات والقصص المتداولة فستكون الإجابة: الإرهابيون. لكن في الحقيقة الكلابُ أكثر خطورة. المعدلات المتوسطة في ألمانيا تقول إن ٢٫٥ يموتون في ألمانيا سنويًّا بسبب الهجمات الإرهابية و٣٫٦ جرَّاء عضة كلب.

  • الزواج هو انتصار الأمل على المعدل الأساسي: ماذا عساه أن يجزم لنا أنَّ مَن اخترناه شريكَ حياة لنا هو الإنسان الوحيد المناسب ليكون شريك حياتنا إلى الأبد؟ (ملاحظة جانبية: الزواج الثاني هو انتصار الأمل على الخبرة.)

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

مغالطة المقامر

مَلِك أم كتابة؟ يقدَّر الاحتمال في هذه الحالة بخمسين في المائة، بغضِّ النظر عما حدث قبلها. الشيء نفسه ينطبق على النرد. فحجر النرد لا يعرف النتيجة التي وقعت قبل ذلك. ورغم ذلك نعتقد أنه ثَمة قوة ستعمل على تحقيق التوازن. ينطبق هذا فقط إن نظرنا إلى مُجمَل كل المرَّات التي ألقينا فيها العملة أو حجر النرد. ساعتَها ستكون احتمالية الخمسين بالمائة دقيقة. لكن بوصفها وسيلة تنبُّؤ للأفراد وللأحداث غير المرتبطة ينبغي ألا نسمح بهذا التفكير.

أمثلة على مغالطة المقامر لم ترد في متن الكتاب:
  • يُحاوِل الناس في سحوبات اليانصيب أن يُعلِّموا على أرقام بحيث تبدو تقريبًا مُوزَّعة، بينما توليفة ١، ٢، ٣، ٤، ٥، ٦ ستكون لها نفس احتمالية أي توليفة أخرى من الأرقام.

  • وبالعكس، إذا فشلت في عشرين مقابلة عمل فستقول لنفسك سينجح الأمر في المرة القادمة؛ فبعد كل سوء الحظ هذا لا بد أن يأتي الحظ السعيد. لكن ليس هذا هراءً رياضيًّا، بل إنه يُلجمك عن اكتشاف الحقيقة بعينَيك؛ فكل «لا» حصلت عليها ليست مصادفة على الأغلب، بل لها سبب. ربما أنت لست مُناسِبًا لوظيفة أحلامك. وعليه لا بد أن تُعدِّل بعض الأشياء في نفسك وفي توقُّعاتك.

    الشيء نفسه ينطبق على مُسوَّدات الروايات. عندما لا تُوفَّق لدى ٣٠ دار نشر فإن هذا مؤشر قوي على أن نصَّك سيِّئ، وليس مؤشرًا على أنه سيُقبَل لدى دار النشر الحادية والثلاثين.

  • برونو مديرٌ مالي. وهو يدير خمسة صناديق أسهم مُنفصِلة. كلُّ صندوق قيمتُه ٥ مليارات يورو. وتسربت إلينا معلومات بأن أحد هذه الصناديق يتفوق بنسبة ٢٠ بالمائة على بقية الصناديق في سوق الأسهم. كم نسبة نجاح برونو في المجمل؟ الإجابة: لا بد أنه أعلى من السوق بنسبة ٤ بالمائة. لا بد أن ننطلق من أن برونو في الصناديق الأخرى يحقِّق أداءً يقترب من المتوسط (أي ليس أعلى أو أدنى من السوق). ٤ × صفر / ٢٠ بالمائة تُعطينا ٢٠ بالمائة. ولو وُزِّعت على الصناديق الخمسة فستكون النتيجة ٤ بالمائة لكل صندوق. من الخطأ أيضًا أن نفترض أن ثَمة قُوًى مُوازِنة ستعمل على جعل أدائه أسوأ بنسبة ٢٠ بالمائة في أحد الصناديق. (ونصيحة إضافية: انظر في صناديق برونو مرةً أخرى بعد خمس سنوات. فالغالب أن سوء الحظ الكبير قد أصابه مرةً واحدة على الأقل.)

  • عندما تُشير مغالطة المقامر إلى حياة المرء بأكملها فإننا نُسمِّي ذلك «مغالطة العالم العادل». كثيرٌ من البشر لا يستطيعون الاستمتاع بسعادتهم الآنية. يعتقدون أن العالم عادل؛ ولهذا فإن مرحلةً جميلة من الحياة ستتبعها حتمًا مرحلةٌ سيئة. هذا تصوُّرٌ خاطئ. أو العكس؛ تتعلق بالأمل غير المسوَّغ أن بضع سنوات صعبة ستعقبها تلقائيًّا نتائج رائعة. ليس ثَمة دليل على أن العالم عادل.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

المرساة

تعمل المراسي مثل المغناطيس، وتوجِّه تقديراتنا في اتجاهها. من أجل أن نقدِّر سنة ميلاد وينستون تشرشل نستند إلى معلومات معروفة لنا. نحن نعرف أن تشرشل لعب دورًا مهمًّا في الحرب العالمية الثانية، وأنه وقتها كان كبيرًا نوعًا. وبهذا نأخذ عام ١٩٤٥ (نهاية الحرب معلومة معروفة لنا = مرساة) نقطةَ انطلاق لتقديراتنا، ونحسب سنة ميلاده بالرجوع عكسيًّا. ينطبق هذا أيضًا على تقديراتنا المتعلقة بالمستقبل. كلما صعب تقدير شيء زادَ تأثير المرساة. هذا ليس خطأً بالأساس. يمكن هنا أن نستخدم مرساة تشرشل. لكن وبطريقةٍ حمقاء تلعب المرساة دورًا حين لا تعرف شيئًا، وحين لا يكون لها أي ارتباط بالشيء المرغوب تقديره. المرساة أداةٌ مثالية للتلاعب بالآراء والتأثير في المفاوضات.

أمثلة على المرساة لم ترد في متن الكتاب:
  • يصعب تحديد سعر الأعمال الفنية، لا سيَّما لو أن الأمر يتعلق بأعمال فنَّانين لا تُتداوَل إلا قليلًا. هنا تلعب المرساة دورًا محوريًّا. ذلك أن «تقديرات الخبراء» و«توصيات السعر» و«الأسعار الابتدائية» في المزادات تصبغ انطباعنا ولا تدع لتقديراتنا الشخصية الجادَّة متسعًا كبيرًا.

  • ينطبق الشيء نفسه على تقديرات المؤسسات. عندما تتعرض شركة ما للبيع، فإنه يُطلَب من البنك الاستثماري تقديم تقييم مالي. صحيحٌ أن هذا التقييم للمؤسسة سيَنبع من معلومات حقيقية ومتاحة، لكن نظرًا لأنه بتكليف من الشركة سيُبالَغ فيه. وهذا ما يعلمه المشترون المتوقعون. ورغم ذلك يفعل التقييم أثره كمِرساة في التفاوض بشأن السعر. يتساءل وارين بافيت: «لمَ يطَّلع المشترون المحتملون على تقييمات الأسعار التي وضعها البائع؟ إنه أمرٌ ملغز بالنسبة إلي.»

  • تعمل أيضًا آراء المحللين للسعر المستقبلي لسهم ما كمِرساة. هذا يعني أنها تؤثر في سعر السهم رغم أنها مجرد توقعات.

  • في الولايات المتحدة تُوضَع تعويضاتٌ عبثية عن أضرار الشركات. وغالبًا ما يحكم القضاة (أو المحلفون) بتخفيض قيمة التعويض المطلوب. ورغم ذلك، يكون المبلغ المُطالَب به أولًا بمثابة مرساة، سواء عن وعي أو لا وعي. ومما يوصى به بقوة أن تتلاشى إحداث أضرار جسيمة في الولايات المتحدة.

  • في مفاوضات السعر يكون الطرف الأول الذي يذكر السعر له الأفضلية؛ لأن هذا العرض الأوَّلي يعمل كمرساة. تأثير المرساة يوظَّف حتى لو يعرفه الطرفان. بوصفك مشتريًا عليك أن تُظهر امتعاضك وتقدم سعرًا منخفضًا للغاية، بوصفك بائعًا فلتقدم سعرًا عاليًا. إن جاء رد الفعل على صورة «امتعاض»، فهذا معناه أن السعر مُغالًى فيه، لكنه ليس بعيدًا عن المدى المقبول لدرجة أن تُتَّهم بالجنون. إذا ما أمسكت بمرساة (قدَّم لك أحدُهم عرضًا عبثيًّا) فلا توجد إلا طريقة واحدة للرد: قَدِّم مشهدًا دراميًّا! لو فعلتها وأتقنت الأداء فستكون قد حيَّدت المرساة الأصلية.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الاستقراء

كيف يمكن أن نسحب استنتاجات من الماضي على المستقبل؟ الإجابة: لا نستطيع، على الأقل ليس بثقة تامة مائة بالمائة. نحن نُساعِد أنفسنا من خلال الاستقراء؛ إذا ما كانت تتكرَّر ملاحظاتنا بخصوصِ أمرٍ ما، نفترض أن الأشياء ستسير بالنهج نفسه في المستقبل. وكلما تكرَّرت هذه الملاحظات زادت قناعاتنا بشأن علاقتها بالمستقبل. المثال الكلاسيكي (الذي قدَّمه الفيلسوف ديفيد هيوم) هو إوزَّة عيد الميلاد التي تُغَذَّى كل يوم؛ ومن ثَمَّ تزداد قناعتها كل يوم أن الفلَّاح ينوي لها كل الخير. إلى أن يذبحها الفلَّاح يوم عيد الميلاد.

أمثلة على الاستقراء لم ترد في متن الكتاب:
  • تمثل سلاسل بونزي (سُمِّيت بذلك تيمُّنا بتشارلز بونزي، محتال أمريكي ذي جذور إيطالية في النصف الأول من القرن العشرين) كلاسيكيات الاستقراء. ويُعَد الأمريكي بيرنارد مادوف خليفة بونزي. لقد بنى على مرِّ عشرات السنين «بنكًا» هو في أساسه لا يعدو كونه شكلًا من سلاسل بونزي. أودع لديه المستثمِرون أموالًا كان يدفع نظيرها أرباحًا جيدة. وكان يمولها من أموال جديدة كانت تتدفق إليه في البنك. من الخارج كان الاستثمار لدى مادوف مربحًا؛ لم يفوِّت الأرباح ولا مرة على مدار ٣٠ سنة. ولهذا كان عدد الناس الذين يستثمرون أموالهم عنده يزيد دون أن ينظروا وراء الكواليس. كان يتعيَّن على مادوف أن يستمرَّ في جمع أموال العملاء كي يفيَ بالأرباح المطلوبة. في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ تلاشى صرح الأكاذيب هذا؛ وهو أمرٌ حتميُّ الحدوث في كل مخطط هرمي. تراكمت على مادوف ديونٌ تبلغ قيمتها ٦٠ مليار دولار. واليوم يقضي عقوبة في السجن.

  • ينص قانون مور (سُمِّي بذلك تيمُّنًا بجوردون مور، مؤسِّس شركة إنتل) على أن أداء شركات الشرائح الإلكترونية يتضاعف كل عامَين (أو أن السعر يتراجع بالنسبة إلى الأداء بمقدار النصف)، ومن ثمَّ فإن النمو الأُسِّي في تكنولوجيا الكمبيوتر ومعها الثورة الرقمية مبنيٌّ على قانون مور. لكن هذا القانون هو أيضًا استقراءٌ كلاسيكي؛ فنحن هنا لسنا بصدد قانون طبيعي بأي حال مثل قانون الجاذبية على سبيل المثال. ورغم ذلك فإن كل صناعة الكمبيوتر تخطِّط وفقًا له منذ ما يزيد على خمسين سنةً الآن. متى يأتي اليوم الذي تظهر فيه الحقيقة؟ لا نعرف، ولكننا نعرف أنه آتٍ.

  • لا يعني عدم اندلاع الحرب في غرب أوروبا منذ ١٩٤٥ التسليم بأنه لا مجال لاندلاع حربٍ أخرى من جديد. حتى لو أننا نتمنَّى العكس؛ فإن هذا تصوُّرٌ خاطئ أثبته الاستقراء.

  • يمارس في صناديق التحوُّط ما يُسمَّى بعملية «بذر البذور»؛ وهي شكلٌ رائج من أشكال التلاعُب يُنتجه الاستقراء. يبدأ الإنسان بخمسة صناديق. وبعد خمس سنوات يحسب العوائد. ستكون ثلاثة صناديق قد تطوَّرت في المتوسط، وواحد سيئًا. تُغلَق هذه الصناديق الأربعة. سيكون واحد من هذه الصناديق الخمسة قد أدَّى بالمصادفة أداءً جيدًا جدًّا. يُكلَّف مُراجِعٌ اقتصادي بتصميم سِجل لمسار الصندوق الرابح. وبه يتوجَّه إلى الرأي العام ويجمع أموال العملاء. ما حدث في الخلفية هو بذر البذور؛ وهذا الجزء يظل غير مرئي بالنسبة إلى العملاء.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

النفور من الخسارة

للشيء السيئ تأثيرٌ أقوى من الشيء الجيد. على مستوى المشاعر فإن الخسارة تسحبنا إلى أسفل بمقدار الضِّعف مما يرفعه لنا المكسب الذي من الممكن أن يجعلنا نُلامس عنان السماء. تعليقٌ سلبي يُغضبنا بالقدر الذي يُسعدنا به تعليقان إيجابيان. الأسباب التطورية لهذا التشوه واضحة؛ لقد عاش جنسنا لأننا نركِّز على الأشياء السلبية (الأمراض، والصراعات، ومخاطر الموت). وبهذه الطريقة استطعنا أن نسيطر جزئيًّا عليها. سيعبِّر علماء التطور عن ذلك بهذه الطريقة: جِنسنا ليس منتخَبًا للجوانب الجميلة من الحياة. والسعادة لم تكن موضوعًا عبر مئات الآلاف من السنوات. مُسبِّبات السعادة في العصر الحجري الذي ربما يكون موجودًا في وقتٍ ما استُبعدَت من تجمُّع الجينات في وقتٍ ما. وهذا ما يُسبِّب ردود أفعال مُبالغًا فيها على الاشياء السيئة والشريرة والخطيرة والسلبية في الحياة.

أمثلة على النفور من الخسارة لم ترد في متن الكتاب:
  • النفور من الخسارة محرِّكٌ خفي وراء عناوين الأخبار السلبية التي نقرؤها في وسائل الإعلام. وهذا ينطبق بوجه خاص على وسائل الإعلام المموَّلة من الإعلانات. فالأخبار السلبية تضمن أن تحوز انتباهًا أكبر لدى القُرَّاء أو المشاهدين من الأخبار الإيجابية. وهذا يعني أنها تولِّد مزيدًا من إيرادات الإعلانات. يصف خبراء الإعلام التعلق بالأخبار السلبية بالانحياز إلى السلبية.

  • السهم الذي ينخفض بنسبة ١٠٪ يُصيبنا بالتعاسة بنفس مقدار السعادة التي تعترينا حين يرتفع سعره بنسبة ٢٠٪. ولهذا السبب لا يتم تفقُّد مسارات الأسهم في البورصة يوميًّا ولا حتى على مدار الساعة. ذلك لأن الأسهم ترتفع مرةً وتنخفض مرة. ومع ذلك، فإن تأثيرها الصافي في نفسيَّتك يكون سلبيًّا.

  • المطالبة ﺑ «احمِ نفسك من هجمات المخترقين» لها تأثيرٌ أقوى من «تأكَّدْ أن الكمبيوتر الخاص بك يعمل بلا مشكلات». فأنْ تضع العملاء المحتملين في حالة خوف ثم تقدِّم إليهم الحل المُناسِب بعدها هو إحدى أقدم أدوات العمل في صندوق رجل التسويق الجيد.

  • عندما تكون مشهورًا — مُدير تنفيذي، أو سياسي، أو مُحاوِر تلفزيوني، أو قائد محلي، أو كاتِب — فإنك دائمًا ما ستتلقَّى تعليقاتٍ إيجابية وسلبية. فلن تحوز على الأرجح رضاء الجميع. عليك أن تمنع تدفُّق هذا السيل لسببَين. فالانحياز إلى السلبية سيدفع الناس المستائين منك إلى التحدُّث عنك أكثر ممَّن أُعجِبوا بك. لا يوجد اتساقٌ إذن في توزيع التعليقات. (ألقِ نظرة على خطابات القراء، أو الأسوأ على التعليقات الواردة أسفل المقالات الإلكترونية على الإنترنت، لتكوِّن صورة عن ذلك). ثانيًا، ستؤدي كراهية الخسارة إلى أن تدفع بك التعليقات السلبية إلى أسفل بضِعف القوة التي يمكن أن تُسعدك بها التعليقات الإيجابية. ولهذا تجاهل ببساطة التعليقات. ذلك أن سلامك الروحي مُتعلقٌ بهذا. ولكي تحصل على نظرةٍ موضوعية لما تعمل، عليك فقط أن تثق في عددٍ قليل من الأصدقاء (واطلب منهم بوضوح أن يشيروا إلى جوانب القصور. فهذا ليس بالأمر الذي يحدث عفويًّا بين الأصدقاء).

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

التكاسل الاجتماعي

في المجموعات، وما دام الأمر غير ملحوظ، فنحن عادةً ما نقصِّر في واجباتنا. فالتكاسل الاجتماعي طريقة في السلوك نتبنَّاها بطريقة تلقائية ما دام الإنجاز الفردي لن يُقاس بدقة. وكلما ازداد حجم المجموعة وقلَّت إمكانية قياس الإنجاز الفردي، ازدادت قوة تأثير التكاسل الاجتماعي. إن هذا في حدِّ ذاته سلوكٌ عقلاني. لا يتعين علينا أن نُبرز أنفُسنا في جلسة ما حين يكون موضوعها لا يهمُّنا ويتضمَّن توزيع أعمال أقل جاذبية؟ لهذا نختبئ بقدرِ ما نستطيع. شخصٌ ما سيُعلن عن نفسه. التكاسل الاجتماعي يجري بطريقةٍ واعية في جزءٍ منه، وبطريقة لا واعية في جزءٍ آخر. لكنه أمرٌ يستحق أن تعرف قواعده؛ إما لأنك تتعامل مع المتكاسلين أو لأنك تريد مرةً أن تسترخي.

أمثلة على التكاسل الاجتماعي لم ترد في متن الكتاب:
  • اللجان الكبرى، والمجالس الرقابية، والمجالس التأسيسية، ومجالس إدارات الاتحادات، وتجمعات الأحزاب؛ أقل كفاءة من المجالس الصغيرة. والسبب أن الإنجاز الفردي فيها أكثر وضوحًا، وكذلك التكاسل. إن كنت تريد حقًّا أن تُحدِث تأثيرًا فانضمَّ إلى لجنة صغيرة، لا يزيد العدد فيها عن خمسة أفراد. في حالة إن كنت تريد أن تحضر دون أن تشارك فعليًّا، فستشعر بالسعادة والراحة في قاعات الاجتماعات الكبرى.

  • في التكاسل الاجتماعي تلعب آليات معضلة السجين دورًا مهمًّا. فعلى الرغم من أن الجميع يبدو منهمكًا في أداء المهمة التي في يديه، فإننا لا نستطيع أن نتأكد أن كلًّا منهم سيؤدي أفضل ما لديه. ومن ثَمَّ نرجع درجاتٍ إلى الوراء، بالدرجة التي يظل بها الأمر غير ملحوظ. فلا أحدَ يريد أن يكون الأحمق المفيد. ولأن الكلَّ يفكَّر بالطريقة نفسها ينخفض أداء المجموعة برُمَّتها.

  • التكاسل الاجتماعي في الجغرافيا السياسية: إن قوة عظمى مثل الولايات المتحدة أو الصين ستعمل كلَّ ما في وُسعها كي لا تقترب منها أيُّ قوة عظمى أخرى وتضاهيها في مكانتها. هذا ما يتم الوصول إليه أولًا عبر الحرب. وهكذا أعاقت الولايات المتحدة في القرن العشرين عبر الحرب صعودَ ألمانيا واليابان والاتحاد السوفييتي حتى لا تصير قوة عظمى عالمية. لكن الحرب باهظة التكاليف. الأنسب هو الحل الثاني؛ هو أن تُذْكي الصراع بين الدول والجماعات بعضها بعضًا. يمثِّل الواحد وكأنه سيتدخل، ولكنه يُمسِك لجامَ نفسه (تكاسل اجتماعي). وهذا ما ممارسته الولاياتُ المتحدة بجدارة في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين بين العراق وإيران. وحاليًّا، تتلاعب الصين بالهند وباكستان بعضهما ضد بعض. التكاسل الاجتماعي في مجال الجغرافيا السياسية ليس اختراعًا جديدًا، وهو ليس اختراعًا أمريكيًّا. قبل ألفَي عام سار الرومان على النهج نفسه الذي سار عليه الإنجليز قبل ٢٠٠ سنة. وإلا فما كان من الممكن لإنجلترا أن تحكم نِصف الكرة الأرضية إلا من خلال التكاسل الاجتماعي في ميدان الجغرافيا السياسية.

  • هل تلعب كرة قدم أو لعبة رياضية مشابهة لكن ليس لديك الرغبة في أن تبذل جهدًا كبيرًا؟ إذن أمِّن لنفسك مكانًا في وسط الملعب. ولا تُحاول أبدًا أن تصبح مُهاجِمًا ولا حارسَ مرمًى. ذلك أن إنجاز هؤلاء يُقاس بلا هوادة؛ بعدد الأهداف التي جرى إحرازها أو صدها. لكن إلى أي مدًى تلعب في وسط الملعب، فلا سبيل إلى معرفة ذلك بعد إطلاق صافرة النهاية. وهكذا ستتمكَّن من التكاسل قليلًا بدلًا من الركض.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

النمو الأُسِّي

نحن لدينا حدسٌ فطري تجاه النمو الخطي دون النمو الأسِّي. لم تكن هذه مشكلة لدى أسلافنا؛ لأنهم نادرًا ما قابلوا مشكلة النمو الأسِّي. فالأشجار التي أقاموا بيتوهم بينها لم تكن تنمو فجأةً لتصل إلى عنان السماء، وكذلك تعداد النمر ذي الأنياب البارزة ظلَّ مستقرًّا. أما اليوم، فالوضعُ مختلف. تسير كثيرٌ من التطورات بشكل أُسِّي (على الأقل لفترة زمنية محددة)؛ معدلات إدخال التقنيات الحديثة، ونمو المدن، وتنزيلات التطبيقات، وفقدان معظم العملات لقيمتها عبر فترات زمنية طويلة. النمو الأسي يعني أن شيئًا ما إما ينمو بنسبة ١٠٪ أو أكثر سنويًّا. لكي تشعر بمعنى النمو الأسي حاول أن تحسب زمن التضاعُف. هذا أمرٌ بسيط؛ زمن التضاعُف يُساوي ٧٠ موزَّعةً على معدلات النمو بالنسبة المئوية. في حالة النمو بنسبة ١٠٪ سيكون زمن التضاعف عشر سنوات. وكلما قصر زمن التضاعف كان النمو ضخمًا وغير مفهوم لنا.

أمثلة على النمو الأسي لم ترد في متن الكتاب:
  • عندما تراقب حركة الأسهم عبر سنواتٍ عديدة، سترى في مؤشر السندات تصاعدًا أسيًّا في المنحنى. ألا تُصدقني؟ ابحث في جوجل عن البيانات التاريخية ﻟ «مؤشر داو جونز» لمائة سنة؛ ولهذا من الصحيح أن ننفذ هذه الرسوم البيانية على مقياس لوغاريتمي. سيتجه المحور الرأسي إلى النهاية العليا، وهذا ما سيجعل الرسم البياني يظهر خطيًّا. وهذا الرسم البياني الخطي يُعطيك انطباعًا أفضل عن الحقيقة. الفضل في أن المنحنى الأسي يتصاعد تصاعدًا حادًّا يعود إلى الزيادة في إنتاجية الشركات والتراجع التدريجي لقيمة العملات عبر فتراتٍ زمنية طويلة.

  • ينص قانون مور (الذي أشرنا إليه سريعًا في ملحق التدريبات تحت عنوان الاستقراء) إلى أن أداء الشرائح الإلكترونية يتضاعف كلَّ عامَين (أو أن السعر يتراجع بالنسبة إلى الأداء بمقدار النصف). ولذا، يرجع الفضل إلى قانون مور في النمو الأُسي لتكنولوجيا الكمبيوتر؛ ومن ثَمَّ الثورة الرقمية.

  • يرتكب كثيرٌ من الناس (لا سيَّما الصحفيين) خطأً في أنهم يتوقعون أن يستمر النمو الأسي إلى الأبد. ومثال ذلك تقييمات الشركات. فهم يتوقعون أن مايكروسوفت أو جوجل أو بيركشاير هاثاواي أو فيسبوك، ستنمو عبر عشرات السنين بمعدل أسرع من إجمالي الدخل المحلي للدولة. ووفقًا لهذا التقدير فإن مايكروسوفت ستتجاوز الناتج القومي الإجمالي؛ وهو أمرٌ غير وارد بطبيعة الحال. حتى لدى الشركات التي تنمو نموًّا ضخمًا، ستأتي حتمًا النقطة التي يتسطَّح عندها المنحنى. ينطبق الأمر نفسه على الدول ذات الديناميكية المرتفعة مثل الهند أو الصين.

  • تشير الفائدة المركَّبة إلى إعادة استثمار الأرباح. في عمليات استثمار رأس المال المستمرة، تأخذ الثروة مسارًا أُسيًّا. يُقال إن أينشتاين أطلق مُسمَّى أعجوبة الدنيا الثامنة على هذا التأثير. في عام ١٦٢٦ اشترى الهولنديون جزيرة مانهاتن المقفرة من الهنود الذين كانوا يَقطنون المنطقة مُقابِل ٢٤ دولارًا. يبدو الأمر ضربًا من الجنون، أليس كذلك؟ لا بد أنهم قالوا كلامًا معسولًا للهنود. لا. الأمر ليس كذلك في الحقيقة. لنفترض أن الهنود أعطَوا المبلغ الأساسي المستثمَر ٢٤ دولارًا إلى زعيمهم، واستثمرها هو بدوره في مقابل فائدة مقدارها ٧٪ سنويًّا. لو كان ذلك قد حدث، لأصبحت ثروته اليوم تُماثل إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة. وجزيرة مانهاتن أقل شأنًا بكثير من أن تباع بهذه القيمة.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

لعنة الرابح

أحيانًا ما يتمخَّض فوزٌ مفترَض عن خسارةٍ قاسية. هذا ما عرَفه الملك بيروس بالفعل قبل ألفَي سنة. ذلك أنه قال بعد المعركة الوحشية التي خاضها ضد الرومان وانتصر فيها: «انتصارٌ آخر كهذا ونضيع». لقد كان جيشه مُنهَكًا تمامًا. ولهذا السبب، تُسمَّى لعنة الرابح إلى اليوم «النصر البيروسي»؛ فهي مكسب يُشترى بمبلغ طائل. واليوم، تؤدي مسابقاتُ المزايدة والمزادات إلى لعنة الرابح. لو اطلعنا على الأمر مجردًا لَبدا على أنه أكثر طريقة صادقة لتوزيع بضاعة نادرة. إنها الرأسمالية كما يقول الكتاب. لكن المزايد عليه أن يأخذ في اعتباره ألا يقع فريسة الضغط العاطفي ويرغب في الفوز بأي ثمن. يشوِّش هذا الضغط العاطفي على المرء، فيجعله لا يفكر بوضوح. ومن ثمَّ، عليك من حيث المبدأ ألا تُشارك في عطاءاتٍ أو مزادات. أما إن كنت لا بد فاعلًا، فعليك من البداية أن تضع لنفسك حدًّا لا تتجاوزه.

أمثلة على لعنة الرابح لم ترد في متن الكتاب:
  • إيجارات المتاجر في الأماكن التي يكثر ارتيادُها، مثل المطارات أو محطات القطار الكبرى، غالبًا ما تتبع منطق لعنة الرابح. فالذي يرسو عليه العطاء يدفع إيجارًا عاليًا (غالبًا ما يكون مركَّبًا من مبلغ الضمان ونسبة من الأرباح)، لدرجة أنه لا يحقق شيئًا في مدة التعاقد سوى تسجيل الخسائر.

  • تُباع الشقق لمَن يقدم أعلى سعر. وهي فرصةٌ مثالية للبائع كي يُضاعِف سعر البيع. لكن ذلك خطر على المشتري لو أنه كان يريد الشقة بأي ثمن.

  • تباع ميزة «الدفع عند النقر» أو «الدفع لكل نقرة»، وهي أحد نماذج الإعلانات عبر الإنترنت، لدى جوجل وفق نظام مقدِّم السعر الأعلى. كلما كانت العبارات أكثر عمومية وإدرارًا للربح، ارتفع سعر المساحة الإعلانية على الويب. ولكن يبقى السؤال: هل ما تمارسه جوجل مجرد ضرب من المزاد أم إنه ثَمة برامج مثل «جوجل بوت» مُفعَّلة من أجل تصعيد السعر تصعيدًا مصطنَعًا؟ لا أحدَ يعرف ذلك. إذ إن عددًا قليلًا فقط من الناس يعرفون خوارزمية إعلانات جوجل.

  • حصلت ألمانيا عام ٢٠٠٠ على ٥٠ مليار يورو نظير ترقية نطاق التردد إلى الجيل الثالث. وهو أمرٌ جيد للدولة، لكنه سيئ لعدد كبير من مقدِّمي خدمة المحمول؛ حيث اضطُرُّوا إلى الاستدانة بأرقامٍ مهولة.

  • لا تسري لعنة الرابح فقط في مجال الاقتصاد. لكن أيضًا في السياسة. فالحروب الثلاث الأخيرة التي خاضتها أمريكا في أفغانستان والعراق وليبيا تُعتبر رسميًّا حروبًا رابحة. وتم بالفعل إسقاط تنظيم القاعدة وصدام والقذافي. غير أن الحروب الثلاث تكلَّفت مَبالغ طائلة ولم تخلِّف إلا الفوضى. وهنا يخيَّل إليَّ أني أرى بيروس الإبيري يرسل تحياته إليكم.

  • يمكن أن نجادل في أن الهبوط على سطح القمر كان لعنة الرابح بالنسبة إلى الأمريكيين. نعم لقد ربحوا الفضاء والمنافسة ضد الروس، لكن علميًّا وتقنيًّا المعارف التي جنَوها من الهبوط على سطح القمر كانت قليلة مقارنةً بالتكلفة التي قُدِّرت بنحو ١٥٠ مليار دولار (بسعر اليوم).

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

خطأ الإسناد الأساسي

ما أهمية شخصية الإنسان حين يتعلق الأمر باتخاذ قرار كبير؟ لا تكون لها أهمية كبرى على النحو الذي نتصوَّره. نحن نُغالي في تقدير تأثير الشخصية ونُهمل العوامل الهيكلية والظَّرفية التي نخضع لها. فالبشر دائمًا ما يقَعون أسرى مواقف وظروف باعثة على التوتر. ثَمة قوى شَدٍّ وجَذب. ثَمة قيود ومحفِّزات. لكي تفهم سلوك شخص ما، لا بد أن تعرف تلك العلاقات الموترة أهم من أن تتعرف على شخصيته. لكننا مع الأسف كثيرًا ما نؤوِّل التصرف على أنه في المرتبة الأولى تعبير عن الشخصية. وكلما كان هذا الشخص مرموقًا وعلت مكانته في التدرج الهرمي صِرنا أكثر عرضة لارتكاب خطأ الإسناد الأساسي. من أجل الوصول إلى تقييم موضوعي للأشياء، علينا أن نركِّز ليس على الشخصيات وإنما على النظام. كل مدير، وكل صاحب مؤسسة، وكل رئيس دولة، وكل جنرال، وكل إرهابي، وكل مخترع، وكل فنَّان؛ لديه دائمًا — مثله مثل لاعب الشطرنج — عددٌ محدود من البدائل. ومثلما الحال في الشطرنج يقلُّ العدد كلما زادت الخبرة. لاعب الشطرنج الهاوي يرى مائة حركة ممكنة. أما الخبير فلا يرى سوى واحدة أو اثنتَين تحملان أهميةً فعلية. إن مَن يُطلَق عليهم القادة، والذين نشهد لهم أن لديهم مجالًا واسعًا لممارسة حرية القرار، يُشبِهون قائدي القطارات أكثر مما يُشبِهون الطيَّارين. طريقهم ليس مفتوحًا مثل السماء. لكنه ضيِّق مثل قضيبَي السكة الحديدية. ومثلما أن الممثلين في المسرحية يعرضون الحَبكة، فإن الأمر كذلك في الشخصيات الاقتصادية والسياسية، فهم لا يعْدون كونهم منفِّذين لتطوراتٍ أكبر.

أمثلة على خطأ الإسناد الأساسي لم ترد في متن الكتاب:
  • في قراراتنا التي تخصُّ العمل أو الحياة الخاصة نكون مُدرِكين لمدى الألم الذي تسبِّبه الضغوط المحيطة بنا. نحن نُدرِك أنه بدءًا من سن معيَّنة فإن بعض التغييرات في المسار المهني ستقودنا إلى الهامش. ونحن نعلم أن نجاحاتنا وإخفاقاتنا لا شأن لها بشخصياتنا ولا بقراراتنا. ونعلم ما الأشياء التي لا يمكن أن نتحكم فيها أو تلك التي يمكن أن نتحكم فيها نوعًا ما. خطأ الإسناد الأساسي قليل هنا. لكننا حين نراقب الآخرين فإننا غالبًا ما نفسِّر سلوكهم على أنه نقيصة في شخصياتهم. نحن لا نرى من الخارج الضغوط التي تحيط بأي إنسان. وهذا ما يؤدي إلى أحكام غير منصفة أو خاطئة.

  • نحن نميل إلى أن نؤلِّه أو نُشيطِن الرؤساء التنفيذيين بحسب القطاع الذي يعملون فيه. غير أن مسار الأسهم لأي شركة يتعلق بالوضع الاقتصادي العام ومدى جاذبية المجال أكثر بكثير مما يتعلق بتألق الرئيس التنفيذي. يقول وارين بافيت: «إن نجاح المرء إداريًّا يرجع إلى قارب العمل الذي يركبه أكثر من مدى كفاءته في التجديف.»

  • بعد أي فضيحة يُضطر المسئول الأول أن يتنحى، حتى لو أنه لم يكن متورطًا في الفضيحة. هذا ما يريده المجتمع. ويُعزى السبب إلى خطأ الإسناد الأساسي. هذه هي مخاطرة الموظفين على رأس الهيكل الوظيفي. إنهم يتحملون مخاطرات المؤسسة كلها على عواتقهم. هذه المخاطرة الوظيفية هي ما تجعلهم يتقاضَون أجورًا فلكية.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

السببية المُضلِّلة

الترابط لا يعني السببية. إنهما تطوُّران قد يصيران مُتشابهين بالمصادفة المحضة، لكن لكلٍّ منهما سببه الخاص. أو قد يكون في المسألة سببٌ ثالث مختلف. أو قد يكونان مرتبطين لأسبابٍ مُتعاكسة. السببية المُضلِّلة تعني أننا نميل إلى أن نتعجل في تخمين سبب تأثير معين. مثالٌ عبثي عن قصد: في سبعينيات القرن العشرين تناقَص عدد اللقالق التي يمكن مشاهدتها. في الوقت نفسه انخفض عدد المواليد. هل هذا إثبات أن اللقالق تُنجب الأطفال؟ بالطبع لا. من المهم أن تدرك أن: السببية لا يمكن إثباتها بنسبة ١٠٠٪. لكن كلما زادت مشاهداتنا وزادت المساحة الزمنية التي تنشأ فيها العلاقة، كان من المرجَّح أن السببية موجودة. وبطبيعة الحال، فإنه من المفيد دائمًا أن نعرف بدقةٍ الآليات التي تسير وفقها السببية. ومَن كان منكم منتبهًا حقًّا في حصة الأحياء بالمدرسة، فسيتمكَّن من التخلي عن فكرة طيور اللقلق.

أمثلة على السببية المُضلِّلة لم ترد في متن الكتاب:
  • مثالٌ عبثي: كلما دارت طواحين الهواء أسرع كانت الريح قوية. هل طواحين الهواء هي التي تُدير الريح؟ لا.

  • مثالٌ عبثي آخر: ابتلاع أقراص مضادة للاكتئاب يؤدي إلى الاكتئاب. لا. يميل الأشخاصُ المكتئبون إلى تناوُل أقراص مضادة للاكتئاب.

  • من آنٍ لآخر، نلتقي بشخصيةٍ ساحرة رغم كل صفاتها ليست مغرورة. متواضعة كلما سمعت المديح. لا عجَب إذن أنها محبوبة إلى هذه الدرجة. لكن لعل السببية هي العكس تمامًا: المديح المستمر لها يصبح مُحرِجًا. والتواضع استراتيجية دفاعية، وهي صارت على هذه الشاكلة نتيجةً للحب وليست السبب فيه.

  • الأشخاص الذين يرتدون تي-شيرت عليه رقم يميلون إلى التحرُّك أكثر من غيرهم. العلاقة صحيحة. لكن ليس هذا بسبب الرقم. فهؤلاء الأشخاص يكونون عادةً مشاركين في سباق جري مثلًا، وعليهم أن يصلوا فيه إلى خط النهاية بأسرع ما يمكنهم. ومن ثمَّ، يكون سباق الجري هو عامل التوحيد الثالث.

  • يرتدي الأشخاص الناجحون (غالبًا ما يكونون رجالًا) ساعات يد ثمينة. لكن الحال ليس أن ساعة اليد الثمينة هي ما تجلب النجاح. حتى لو أن الدعاية تُصوِّر الأمر على هذا النحو.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

تأثير الهالة

إنَّ هالة القداسة يمكن أن تُعمي الأبصار. فأشعَّتها تضفي انطباعاتٍ لا علاقة لها بقداسة الأشخاص أو الأشياء. وهذا ما ينبني عليه تأثير الهالة. فمثلًا الأشخاص ذوو الملابس الجميلة المهندمة نحكم عليهم تلقائيًّا أنهم أكثر أمانة ولطفًا وذكاءً. ونحن في هذا نستند استنادًا واضحًا على عوامل انطباعية يصعب تحديدها. يحدث هذا بلا وعي وله علاقة بالانحياز للمعرفة المتاحة. على سبيل المثال، إذا ارتفع مسار سهم بقوة فإننا نستنتج تلقائيًّا أن الإدارة جيدة، وثَمة استراتيجية تنافسية، وعمليات اتخاذ قرار ممتازة. رغم أن مسار السهم قد يكون له علاقة بأشياء أخرى. فقد يتعلق مثلًا بالتنبؤ القصير المدى أو أفضلية ما للمجال بكامله. ولهذا يُوصَى بالتعامل الحذر خصوصًا مع ما يختص بالصور النمطية. فغالبًا ما يعمل تأثير الهالة هنا بأقصى طاقته. فمثلًا، خصيصة واحدة مثل لون البشرة يمكن أن تحدِّد تقديرنا للذكاء والشخصية والمثابرة والموقف الاقتصادي والتوجه السياسي لهذا الشخص.

أمثلة على تأثير الهالة لم ترد في متن الكتاب:
  • تشارك سيارات رينو أو تويوتا في سباق «فورميولا ١» رغم أن هذه السباقات ليست مخصَّصة للسيارات ذات الاستخدام العادي. كما أن لها مقومات أخرى وتقنيات تصنيع مختلفة وتسويقًا آخر، وكذلك خدمة عملاء مختلفة. لكن الاشتراك في «فورميولا ١» يمارس تأثير الهالة على السيارات ذات الاستخدام العادي.

  • عادةً ما يُطلَب من الكُتَّاب أن يُعلِّقوا على الأحداث السياسية أو الاقتصادية الجارية. ولا تكون لديهم غالبًا فكرة عنها. فشغلهم الشاغل هو كتابة الكتب. ولكن كل ما هنالك أن هذه الكتابة تُحدِث تأثير الهالة.

  • تستخدم المؤسساتُ الاستشارية التي حقَّقَت نجاحًا وشهرة في مجال معين (ماكينزي للاستشارات الاستراتيجية مثلًا) اسمها التجاري في مجالاتٍ لا يمكن أن تقدم فيها تنافسًا خاصًّا (مثل تدريب القادة).

  • ينطبق الشيء نفسه على الجامعات والمؤسسات البحثية. يمكن لجامعة قوية في مجال بعينه (مثل جامعة «ستانفورد» في علوم الكمبيوتر) أن تستخدم تأثير الهالة ليشع تأثيره على مجالاتٍ أخرى.

  • يمكن أيضًا لتأثير الهالة أن يكون سلبيًّا. يمكن لفضيحة (افتراضية) في شركة أغذية ماركة نستله أن تؤثر على مئات المنتجات التي تحمل العلامة التجارية نفسها، رغم أنها مؤسسات إنتاج مستقلة ولا علاقة لها بأصل الفضيحة.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الطرُق البديلة

حياتنا طريقٌ ممكن من بين عدد كبير من الطرُق التي كان يمكن أن نسلكها. تحوي المصادفة (مثل مجموع كل العوامل التي لا تقع تحت سيطرتنا) كثيرًا من نقاط الضعف. وكان يمكن لحياتنا أيضًا أن تتخذ مساراتٍ أخرى مختلفة تمامًا. لكن هذه الدروب البديلة غير مرئية. ولهذا نُفكِّر تلقائيًّا أن حياتنا التي نعيشها فعلًا تمثِّل الطريقة الوحيدة الممكنة. يسري الشيء نفسه على المؤسسات والدول، بل الإنسانية بأكملها. حين لا تكون الطرق البديلة مرئية، علينا على المستوى الفكري على الأقل أن نجعلها كذلك. والأفضل أن نخطَّها على ورقة، وأن نكتب لكل طريق ممكن عددًا من الاحتمالات التي نقدِّرها إجمالًا. توزيع الاحتمالات هذا من شأنه أن يُعطيك صورةً أكثر واقعية عما يستحق وما ليس كذلك. وهذا التدريبُ كاشفٌ، لا سيَّما حين يكون الطريق الناجح مرهونًا بكثير من المخاطرات.

أمثلة على الطرق البديلة لم ترد في متن الكتاب:
  • تاجر في البورصة يُجازِف بشراء أوراق مالية على الهامش. أي إنه يستدين من أجل أن يبتاع هذه الأوراق. يرتفع الرهان. ويصبح ثريًّا. يتمكَّن من شراء فيلَّا ومجموعة من سيارات البورش، ثم يظهر بصفة صاحب أعمال خيرية. لكن لا أحدَ يعرف كيف أن هذه الحياة غير ممكنة. الأرجح هو الإفلاس؛ ومن ثَمَّ ليس ثَمة فيلَّا ولا مجموعة بورش ولا مشروعات لتحسين العالم. وفي هذه الحالة، لن تسمع بالطبع شيئًا عن هذا الرجل. ولكن هذا الدرب البديل ينطوي على دروسٍ أهم بكثير من الدرب الأكثر نجاحًا.

  • ظلَّت الحرب الباردة (هكذا سُمِّيت) بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (١٩٤٥-١٩٨٩) باردةً رغم استمرار التنافس في التسليح بين الكتلتَين. فهل هذا يعني أن حربًا قادمة بين الولايات المتحدة والصين لن تتصاعد إلى حرب نووية؟ ما الطرق البديلة؟ يقترح الأستاذ جون ميرزهايمر من جامعة شيكاغو أن نقلِّب احتمالية الحرب الباردة في رءوسنا مئات المرَّات. فخبراء الأمن فعلوا ذلك ويعتقدون أنه في ٧٪ من الحالات ستتصاعد الأمور. وهذا ليس دربًا بديلًا يتَّسم بالجَمال.

  • كان الروسي يوري جاجارين أول إنسان يطأ الفضاء. ففي عام ١٩٦١ انطلقَ في مكوك فضائي. ولم يكن هناك ما يمكن أن يقوده. وكلُّ ما كان يأمله هو أن تسير الأمور كما خطَّط لها. وهذا ما حدث. هبطَ جاجارين دون أن يمسَّه مكروه. كانت الطرق البديلة مختلفة تمامًا. ينطبق الكلام نفسه على تشارلز ليندبيرج الذي كان أول مَن يطير فوق الأطلنطي. ولقد احتُفي بوصوله إلى باريس. رغم أن كل الطرق البديلة كانت تشير نحو قاع المحيط.

  • يأمل كلُّ زوجَين ينتظران طفلًا أن يصل سليمًا إلى العالم. ورغم ذلك فمع كل ولادة ناجحة ثَمة درب مأساوي بديل. (مرض وراثي، نقص أكسجين … إلخ) وهذا الدرب البديل قد يدفع الزوجَين في أسوأ الحالات إلى العيش في تعاسة لبقية حياتهم. لا بد أن يعي الإنسان ذلك.

  • يسري المنطق نفسه على كل الفائزين في الرياضات الخطيرة: مَن لديه فرصة الفوز بالميدالية الذهبية هو فقط مَن يتحمل المجازفة كاملةً. الطرق البديلة تقود إلى العيش بإعاقةٍ حبيسَ كرسي متحرك أو إلى الموت. كثيرٌ من المتنافسين من ذوي المواهب العالية يعرفون ذلك بالفطرة؛ ولهذا يأتي ترتيبُهم في المركز الرابع أو الرابع والعشرين.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

وَهْم التنبؤ

يَصعُب التنبؤ بالأحداث الكبرى. كيف سيتطوَّر الاقتصاد العالمي في السنوات الخمس القادمة. هل ستنهار روسيا؟ هل سيحدُث تضخُّم؟ هل سيَتصاعد صراعٌ إلى حرب؟ نحن نُغالي بشكل منهجي في قدراتنا على التنبؤ. لكن ليس نحن فقط. حتى الخبراء في تلك الموضوعات يُبالغون في تقديراتهم. بعد كل حدث كبير كثيرًا ما يظهر أناسٌ على الساحة ليقولوا إنهم تنبَّئُوا بوقوعه منذ زمن بعيد. من أجل أن تقيِّم خبرة هؤلاء عليك أن تطرح السؤال التالي: كم تنبؤًا أطلقَه ذلك الخبير؟ أيٌّ منها كان نصيبه الإخفاق؟ الأمر منطقي. كلما زاد عدد التنبؤات ارتفعت احتمالية أن يُصيب أحدها. وهذا ما يُذكِّرنا بالمثل الشهير أنه حتى الديك الأعمى لا بد أن يجد حبَّة ذرة في إحدى المرات. تعامل مع التنبؤات بمبدأ الشك. والسؤال الأهم (إلى جوار السؤال السابق): ما دافع الشخص المتنبئ؟ ماذا يريد؟ لفت الأنظار؟ ترويجًا لكتاب؟ أن يكلَّف بمهمات استشارية؟ عندما تُجبَر على تقديم بعض التنبؤات مثلًا لأنك تريد الاستثمار في الأوراق المالية في مؤسسة إنتاجية أو في موظف جديد؟ في هذه الحالة، حاول أن تتناول المسألة خطوةً بخطوة.

الخطوة الأولى: تعرَّف على العوامل التي تؤثر على النتيجة. الخطوة الثانية: تنبأ وقيِّم كلَّ عامل من هذه العوامل على حدة وكأنه مستقلٌّ عن العوامل الأخرى. الخطوة الثالثة: اكتب نبوءة لكن ليس فقط في صورة نقاط ولكن بطريقة توزيع الاحتمالات.

أمثلة على وهم التنبؤ لم ترد في متن الكتاب:
  • محلِّلو البورصة يصوغون تنبؤات حول الأرباح ومسارات الأسهم والشركات. لو كانت تنبؤاتهم صائبة لكانوا الآن يشربون الشامبانيا على يخوتهم الفاخرة.

  • كثيرٌ من التوقعات تتنبأ بمسارات أحداث لا يمكن التنبؤ بها؛ مسارات الحروب، وسعر الذهب بعد عشرة أعوام، وتقنيات لم تُخترَع بعد؛ كلُّها أشياء لا يمكن لأحدٍ أن يتنبأ بها. وفي هذا الإطار يمكن تجاهل كل هذه التنبؤات.

  • نحن بائسون في التنبؤ بمسارات تفضيلاتنا المستقبلية. ففي غضون عشرين سنةً سنكون أشخاصًا آخرين، وسنكون أسرى لفرضياتٍ أخرى. مَن يدري ما الذي سيكون مهمًّا لنا ساعتها؟

  • حتى على المدى القصير نحن سيئون في التنبؤ بسعادتنا. مثال: نشتري منزلًا لقضاء الإجازة ونحن نتخيَّل أنه سيكون سببًا في سعادتنا الدائمة (وإلا فما كنا لنشتريه)، وبعد ستة أشهُر يَتلاشى تأثير السعادة.

  • لعلَّ أشهر التوقعات وأحبها ما يتعلق بالطقس الموسمي. ومؤخرًا شاهدتُ أحدَ خبراء الطقس على اليوتيوب تنبَّأ بشتاءٍ قارس للغاية. لكن في الوقت نفسه قال الخبير نفسه إن نسبة صدق هذه التنبؤات وتحققها قليلة للغاية، وهي لا تعدو كونها إلقاءً بحجر نرد. لماذا إذن يقدم هذه التنبؤات؟ لأن عدد مرَّات النقر على اليوتيوب ستكون في صالحه تمامًا لو أن الشتاء جاءَ قارسًا بالفعل.

  • ولا ننسى كفاءة التنبؤات التي تتطاير أمام هيكل الكنيسة، هذه نقطة كثيرًا ما كُتِب فيها.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

مغالطة الربط

كلما ظهر سيناريو ما متخصص — ذو لون وكثافة ومسوغات وحكايات — بدا حدوثه أكثر احتمالًا. وهو خطأ في التفكير بلا شك. وبشكل عام، فإن السيناريوهات العامة أكثر وقوعًا من المتخصصة؛ وذلك لأن السيناريوهات المتخصصة تظل جزءًا من السيناريوهات العامة. مثال: خبر «تزاحم مروري على الطريق السريع بين مانهايم وفرانكفورت» يبدو لنا أقل احتمالية من «تزاحم مروري على الطريق السريع ما بين مانهايم وفرانكفورت بسبب الاختناقات المرورية»، رغم أن الأولى أكثر احتمالًا. التزاحم بسبب الاختناق المروري جزءٌ من احتمالات التزاحم المروري عمومًا. فالتزاحم المروري يحدث أيضًا بسبب حادثة، أو موضع بناء، أو مظاهرة، أو انهيار جسر إلخ. لذا، كن حذرًا كلما وُصِفَ موقفٌ ما بالتفصيل الدقيق. كلما كان التوصيف مبهرجًا ارتفعت احتمالية أن أحدهم يحاول أن يحتال عليك ببيعك معرفةً لا يمتلكها. يظهر خطأ مغالطة الربط بسبب الانحياز للقصة (الفصل الثالث عشر)؛ فنحن يروق لنا تفسير العالم من خلال القصص المتناسقة والملونة، والتي تمتلئ بعلاقات السببية. هذه القصص التي تُفبرَك تُقنِعنا لا شعوريًّا أكثر من الأقوال المجردة.

أمثلة على مغالطة الربط لم ترد في متن الكتاب:
  • أيُّ مقولة أكثر ترجيحًا: «انفصل الزوجان» أم «انفصل الزوجان لأن أحدهما خائن»؟ بالتأكيد الأولى أكثر ترجيحًا. لأن الزوجين يمكن أن ينفصلا لأسباب متعددة. وعليه، فحاذر من الشائعات.

  • أيهما أكثر ترجيحًا: «سيشهد سوق الأوراق المالية ارتفاعًا في العام المُقبِل» أم «ارتفاع أرباح الشركات سيُعزز سوق الأسهم». بالطبع الاحتمالية الأولى أكثر ترجيحًا. أسعار الأسهم يمكن أيضًا أن ترتفع بسبب الأرباح المنخفضة. لكن الأول هو الخبر الرئيس الذي سيجلب المزيد من النقرات.

  • أيهما أكثر ترجيحًا: «أنت نباتي» أو «أنت نباتي لأسباب متعلقة بنظرتك إلى الحياة»؟ بالطبع الأولى أكثر ترجيحًا. زوجتي على سبيل المثال نباتية لأنها لا تحب طعم اللحم. لكن هذا السبب ليس جذابًا مثل أن تقول الكلمة الساحرة «نظرة إلى الحياة».

  • أيهما أكثر ترجيحًا خلال المائة سنة المقبلة: «ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار أربع درجات مئوية» أو «ارتفاع درجات الحرارة بفعل الإنسان بمقدار ٤ درجات مئوية»؟ الأكثر ترجيحًا هنا، بالطبع، أيضًا هو المقولة الأولى. حتى لو أنها ليست صحيحة من ناحية الصوابية السياسية؛ إذ إنه من المرجَّح أن أسبابًا أخرى ستؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض غير العوامل الحضارية.

  • مغالطة الربط يمكن أيضًا أن تلعب دورًا في التقييمات. إذ إن مجموعة فنية مختلطة من لوحة لبيكاسو ومائة عمل لفنَّانين غير معروفين ستنال تقييمًا أقل من القيمة التي يمكن أن تُعطى للوحة بيكاسو لو أنها عُرِضت منفردةً في السوق. فلوحة بيكاسو وحدها مُقنِعة في دور «اللَّعب النظيف».

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الصياغة والتأطير

أن تقيم شيئًا تقييمًا موضوعيًّا يعني أن تنظر إليه من جوانبه كافة. ونحن لا ننجح في ذلك إلا نادرًا. بعض الجوانب ووجهات النظر والتوصيفات نضع لها وزنًا كبيرًا بينما بعضها الآخر لا نُلقي له بالًا. إن الطريقة التي يُقيَّم بها شيءٌ ما تُسمَّى التأطير. والتأطير وسيلةٌ مثالية للتلاعب بالناس — بالمعنيَين السلبي والإيجابي — مثال: أي زبادي تختار؟ ٩٩٪ خالٍ من الدهون أم ١٪ دهون؟ بطبيعة الحال البديلان مُتطابقان، لكن أي شركة غذائية لن يخطر ببالها أن تقدم الدعاية باستخدام البديل الثاني. وكما يقول بول فاتسلافيك إننا لا نستطيع التواصل، فإننا أيضًا لا نستطيع التأطير. لأن كل معلومة تَصِل من خلال سياق، وهذا السياق ما هو إلا «الإطار».

أمثلة على التأطير لم ترد في متن الكتاب:
  • تبدو عبارة «لقد فُصِلت من عملي» أشدَّ وطأةً من عبارة «لقد توافقنا نحن الطرَفَين على الانفصال». الأمر في الواقع هو ذاته في أغلب الأحوال.

  • السياسة هي حقًّا مؤسسة تأطير. وعادةً ما يكون لذلك عواقب وخيمة. بعد مضي ثمانية أسابيع على هجوم ١١ سبتمبر الإرهابي، نادى الرئيسُ الأمريكي بشن الحرب على الإرهاب. أدى هذا التأطير إلى أن تتورط الولايات المتحدة في ثلاث حروب بلهاء (وأن تنتصر تقنيًّا لكن تُهزَم فعليًّا) في أفغانستان والعراق وليبيا. ومن تلك العواقب أن روسيا وإيران والصين تمكَّنَتا أن ترفعا تسليحهما بقوة دون أن يلاحظهما أحد؛ لأن كل انتباه الأمريكيين لما يزيد عن ١٥ عامًا كان منصبًّا على بعض الإرهابيين المختبئين. التأطير له عواقب.

  • مثالٌ آخر من المجال السياسي: تختلف ردود أفعالنا عن الاتحاد الأوروبي حين نَصِفه على أنه «مؤسسة بيروقراطية» أو «سوق داخلية» أو «مشروع للسلام».

  • تجميل الأشياء هو أيضًا نوعٌ من التأطير. إذ إن عربات المناسبات تحوَّلت إلى سيارات مستعملة ثم إلى سيارات سبقَ تملُّكها.

  • إنَّ مصطلح «الصوابية السياسية» من الناحية اللُّغوية ليس له علاقة كبيرة بالسياسة بل بالتأطير. فالمعوقون صار يُطلَق عليهم ذوي الاحتياجات الخاصة، ثم أصحاب الهمم. وحتى في الإنجليزية، يشار إليهم بأنهم ذوو القدرات المختلفة. في الحقيقة هذا لا يغيِّر شيئًا من مصير هؤلاء الأشخاص. ولا يغير شيئًا أيضًا في طريقة النظر إليهم. وهو ما يعني أن التأطير في هذا السياق لم يُؤتِ مفعولها.

  • يلعب التأطير أيضًا دورًا كبيرًا في تصميم الاستبيانات. فالطريقة التي تُنسَّق بها الأسئلة يمكن أن تؤدي إلى اختلاف الإجابات عن الأسئلة نفسها.

  • كما أن الطريقة التي يكتب بها الطبيبُ تشخيصًا وعلاجًا تلعب دورًا كبيرًا في التأثير على قرار المريض.

  • الفلسفة مليئة بالتأطير. فلو اعتقدنا أن بعض البشر اصطفاهم الله من بيننا فسيَختلف تصرفنا عما لو اعتبرنا الجنس البشري واحدًا من ٤٠٠٠ نوع من الثدييات التي انطبق عليها قانون التطور.

  • ومن خبرتي الشخصية تختلف ردود أفعال الناس بشأني بناءً على الطريقة التي أُقدَّم بها بصفتي كاتبًا أو فيلسوفًا أو صاحب مؤسسة. رغم أنني أظل أنا نفسي.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز إلى الفعل

في كل موقف غير واضح كثيرًا ما ننحو إلى الفعل بدلًا من اللافعل. إذ نشعر أننا أفضل حين نفعل شيئًا بدلًا من عدم فعل شيء. نقول عادةً «لا بد أن يحدث شيء الآن». هذا هو الانحياز إلى الفعل. يستاء مديرُ صندوق استثمار إذا ظلَّ كل عام يؤدي الأعمال نفسها. كيف سيسوِّغ راتبه إذن إلا من خلال إعادة هيكلة المحفظة إعادةً دورية؟ وسيحاول أن يتجاهل أن إعادة الهيكلة تؤدي غالبًا إلى عوائد سيئة بسبب مصاريف التحويل. لكن حتى لو أنه يفهم فكرة «الانحياز إلى الفعل» فسيَتوقع مدير صندوق الاستثمار من نفسه أن يقوم ﺑ «فِعل». فهو لن يستطيع أن يجلس في مكتبه كل يوم ويُطرقع أصابعه. ينطبق الشيء نفسه على مجال السياسة. سياسي يخوض مبادراتٍ كثيرة سيبدو أكثر جاذبية في عيون الناخبين من غيره الذي لا تشع منه إلا السلبية، حتى لو كان اللافعل هو الخيار الأفضل. فالذي لا يفعل شيئًا لن يُنظَر إليه باعتباره متعقلًا، بل غالبًا ما سيُوصَم بأنه كسول. يبتعد وارين بافيت وتشارلي مانجر عن الانحياز إلى الفعل؛ «نحن لا يُدفَع لنا مقابل الفعل، وإنما مقابل القرار الأصوب»، أنت أيضًا تمسَّك بذلك المبدأ.

أمثلة على الانحياز إلى الفعل لم ترد في متن الكتاب:
  • يتخلل الانحيازُ إلى الفعل فلسفةَ حياة كثير من البشر. فتقدير الذات ينشأ من الفعل وليس من اللافعل. «الانحياز إلى الفعل» الحديث هذا يتناقض مع معظم فلسفات الحياة القديمة التي كانت فيها الحياة الجيدة تتشكَّل من خلال الأناة والطمأنينة الداخلية أكثر من الفعل.

  • الانحياز إلى الفعل في التربية: من المعروف أن للوالدين تأثيرًا محدودًا على شخصية أبنائهم. ورغم ذلك كثيرًا ما يقع الآباء في فخ النشاط الزائد وردود الفعل المفرطة حين يحصل أبناؤهم على درجاتٍ سيئة أو حين يفشلون في الجامعة.

  • الانحياز إلى الفعل في الجغرافيا السياسية: بعد هجوم تنظيم القاعدة في ١١ سبتمبر ٢٠٠١ كان لزامًا على الولايات المتحدة أن تتصرف فورًا. بعد أربعة أسابيع فقط من ذلك، بدأ الجيش الأمريكي في قذف أفغانستان بالقنابل، رغم أنه لم يكن واضحًا إن كان أعضاء تنظيم القاعدة موجودين في أفغانستان أصلًا. لكنها كانت تريد أن تُظهر الاستعداد للتصرف.

  • يحدد الانحياز إلى الفعل جزئيًّا الفارق بين الكاثوليك والبروتستانت فيما يخصُّ الحياة بعد الموت. الكاثوليك سيدخلون الجنة بفضل الله ومِنَّته والأفعال الطيبة. البروتستانت سيدخلون فقط بفضل الله. وليس ثمة ما يمكنهم فعله كي يُحسِّنوا من درجاتهم في الجنة. بطبيعة الحال، فإن هذا العجز الكامل للبروتستانت لا يمكن تنفيذه كاملًا في الحياة؛ ولهذا فإنهم ينقلون الانحياز إلى الفعل بحسب ما يقول عالم الاجتماع ماكس فيبر إلى العمل، إلى أخلاقيات العمل البروتستانتية.

  • لو افترضنا أن ١٠ أشخاص يمتلكون معًا ١٠٠٪ من أسهم المؤسسة. لو أنهم لا يفعلون شيئًا فإنهم سيَجنُون معًا ١٠٠٪ من العوائد. لو أنهم فيما بينهم يأتون بتصرفاتٍ محمومة ويبيعون الأسهم ويشترونها فسيَظلون يمتلكون ١٠٠٪ من أسهم المؤسسة، لكنهم سيأتون على العوائد. ولن يحقق الثراء إلا السمسار الذي يجمع رسوم التحويلات.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز إلى الإغفال

تنشأ الحماقات من الفعل واللافعل. في الحالة الأولى نتحدث عن أخطاء الفعل، وفي الثانية نتحدث عن أخطاء الإغفال. أخطاء الفعل تبدو غريزيًّا أكثر فداحة من أخطاء اللافعل. هذا هو الانحياز إلى الإغفال. إضرام النار في منزل يبدو أسوأ بكثير من عدم منع أحدهم من القيام بذلك، رغم أن النتيجة واحدة في الحالتين. ينعكس الانحياز إلى الإغفال على نظامنا القانوني؛ فمعيار العقاب على أخطاء الفعل أعلى بكثير من أخطاء الإغفال. وهذا أيضًا له معنًى؛ لأننا لا نستطيع أن نأتي إلا بعدد محدود من الأفعال في اليوم، لكن نأتي عددًا لا نهائيًّا من أفعال الإغفال؛ ومن ثَمَّ يمكن أن نرتكب ما يمكن أن نُعاقَب عليه. في مجال الاقتصاد يقودنا انحياز الفعل إلى الهاوية. عندما تتعرض المؤسساتُ للإفلاس، فإن الأمر عادةً ما يتعلق بأخطاء الإغفال (على سبيل المثال، عدم تجديد نطاق المنتجات) وليس أخطاءً في أداء المهمة نفسها (على سبيل المثال، تطوير المنتجات الخطأ). الفكرة تكمن في أن «أخطاء الإغفال» لا تظهر في حساب المكسب والخسارة. لكن «أخطاء الأفعال» تظهر.

أمثلة على الانحياز إلى الإغفال لم ترد في متن الكتاب:
  • عادةً ما تكون وسائل الإعلام ضحية للانحياز إلى الإغفال. فمثلًا الأفعال البطولية التي تمنع كوارث، أي التي تتخذ إجراءاتٍ وقائية، عادةً ما لا تكون مرئية بالنسبة إلى المراسلين الإخباريين. وليس من المرجَّح أن يكتب صحفيٌّ تقريرًا صحفيًّا عن كارثة حريق مُنِعت من خلال إجراءاتٍ وقائية اتخذها الشخص، هذا بالرغم من أن مقاومة النيران نتائجها أقل فعاليةً من نتائج الوقاية ضد الحرائق.

  • إن ما يخصُّ السِّيَر الذاتية هو ذاته ما ينطبق على ميزانيات المؤسسات: الفرص الضائعة لا تظهر فيها. ليس من المفترض أن ينتهز أحدٌ كلَّ الفرص، ولن يسعه ذلك. ومَن يحاول ذلك فسوف يُبعثِر جهوده. توجد فرصتان أو ثلاث على الأرجح في الحياة (ليس عشرًا ولا مائة) ينبغي للمرء ألا يفوِّتها. احتَفِظ بهذه المعلومة في اللاوعي لديك؛ وبذلك ستكون مستعدًّا عندما تحين الفرصة.

  • يبدو لنا فَصْلُ زميل غير كفء من العمل أقل ضراوة من تعيين زميل عمل غير كفء. لكن الأمرين سيئان بالقدر نفسه.

  • انحياز الإغفال بعبارات الكاتِب ماكس فريش: «ما عدد أطفالكم الذين لم يأتوا إلى الحياة بمحض إرادتكم؟»

  • الآباء الذين يرفضون تطعيم أطفالهم يريدون تجنُّب مخاطرة أن يُصيب أطفالَهم المرض بسبب التطعيم (وهو أمر قد يحدث فعلًا لكنه ليس مرجحًا). وبهذا فإنهم يختارون المخاطرة الكبرى وهي ألا يتلقى أطفالهم الحماية. هذا بصرف النظر عن أن كلَّ البشر الآخرين الذين يمكن أن يُصابوا بالعدوى بسبب هؤلاء الذين لم يحصلوا على التطعيم.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز إلى المصلحة الذاتية

«الانحياز إلى المصلحة الذاتية» هو مصطلح علمي يعبِّر عن إيهام الذات. نحن نؤوِّل محتويات الأمور بطريقة تُلقي عليها إضاءةً أفضل لتَظهر لنا أوضح. ونحن نفعل ذلك ليس فقط من منظور الآخر ولكن من منظورنا نحن في المقام الأول. وبهذا نضخِّم الأنا الخاص بنا. حين تأتي النتيجة إيجابيةً نُرجِعها إلى أنفسنا، وإن جاءت سلبيةً نُرجِعها إلى المؤثرات الخارجية. إننا نرى أنفسنا أفضل وأعدل وأذكى وأمثل مما نحن عليه في الواقع. نحن مُقتنِعون بتفوقنا الأخلاقي. وهذا لا يعني عمليًّا أننا لا نُولي الرسائل السلبية القدرَ نفسه من الجدية التي نُوليها الرسائلَ الإيجابية. ونحن حين نستفيد من موقف اجتماعي أو اقتصادي، فإننا ننحو تلقائيًّا إلى أن نعتبره عادلًا، حتى لو لم يكن كذلك بالأساس.

أمثلة على الانحياز إلى المصلحة الذاتية لم ترد في متن الكتاب:
  • لو أن لديك أطفالًا فغالبًا ستعرف الانحياز إلى المصلحة الذاتية جيدًا. حين يتصرف طفلك على نحو نموذجي (مثلًا في مطعم) فإنك تصنِّف ذلك ضمن التربية الجيدة؛ أي تنسبه إلى نفسك. لكن لو أن الطفل أزعجَ المكان كله بصراخه فإنك ستلقي باللائمة في ذلك على عوامل خارجية؛ البيئة غير الملائمة للأطفال في المطعم، أو النادل القبيح المثير للخوف، أو صلصة الطماطم التي كانت حارَّةً أكثر مما ينبغي.

  • أُجريت محادثة ناجحة لبيع سلعة ما، فيكون لسان حالك «بالطبع»: «أنا بائع موهوب بالفطرة». لكن لو أن المحادثة أخفقت فسيكون السبب أن الزبون كان مشتَّتًا، أو لم تكن ميزانيته تسمح، أو لم يكن لديه وقت، أو كان ثقيل الفهم، أو أيًّا ما كان السبب.

  • ما دمتَ تنتقل بسرعة من خطوة إلى خطوة أخرى في مسارك المهني، فإنك تظل تنسب الفضل في ذلك إلى نفسك. لكن حينما يتعثر النجاح فجأةً، فستلقي باللائمة على الآخرين (لمسات الأكتاف غير العادلة، ورئيس الموارد البشرية غير الكفء، ووجود مؤامرة ضدك).

  • أيضًا لو أن سهمًا أدَّى أداءً فوق المتوسط في سوق المال فستكون مسرورًا، وستنسب الفضل في ذلك إلى نفسك، أما لو أنه أدَّى أقل من المتوسط فلن تكون مذنبًا، وإنما المستثمرون الآخرون الذين يخطئون في تقدير أوضاع أسهمهم.

  • لنفترض أنك تستفيد من أرباح على رأس المال غير خاضعة للضرائب، كما في سويسرا مثلًا. نظرًا لأنك تستفيد من هذا، فإنك تفسِّر هذا الموقف في اللاوعي على أنه طبيعي وعادل. لكن سيبدو الموقف مختلفًا بالنسبة إلى شخص ليس لديه رأس مال يستثمره. الانحياز إلى المصلحة الذاتية يمكنه وبقوةٍ أن يلوي ذراع النظرة الأخلاقية.

  • إن النظرة الفلسفية تسحب البساط من تحت أقدام الانحياز إلى المصلحة الذاتية: ليس هناك سببٌ واحد بعينه يُنسَب إليه النجاح. فهو في الآخر مصادفة. مثال: الذكاء عاملٌ حاسم جدًّا في النجاح المادي في عالم اليوم. لكن النجاح في جزء كبير منه تحدِّده الجينات. لا أحدَ اختار الحمض النووي الخاص به قبل أن يُولَد. لكن الانحياز إلى المصلحة الذاتية يجعل الأنا يتألق، هذه خبرة يعرفها الجميع. ومن ثمَّ، يضحي التواضع أصعب، لا سيَّما حين يكون الإنسان ناجحًا.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

طاحونة المتعة

نحن سيِّئون في تشخيص سعادتنا. نعتقد أننا نحتاج فقط إلى العلاوة القادمة أو الترقية التالية أو الجائزة التالية، وسنصبح بعدها سعداء إلى الأبد. لكن مع الأسف لا يسير الأمر على هذا المنوال. تأتي العلاوة، نحصل على الترقية، نحصل على الجائزة المأمولة. يسعدنا هذا لوقت قصير، لكن سرعان ما نعود سعداء أو غير سعداء بالقدر نفسه الذي كنا عليه سابقًا. نشتري سيارة رياضية بنيَّة أنها ستجعلنا أسعد (وإلا فلِمَ يشتري المرءُ سيارة رياضية؟ فكرة أنها أسرع على الطريق لا يمكن أن تكون هي السبب)، ورغم ذلك وبعد شهور قليلة يتلاشى تأثير السعادة. كلُّ هذا التخبط والتقافز في البحث عن السعادة نُسميه «طاحونة المتعة». لماذا لا ننجح؟ أولًا: لأننا نعتاد وجود الأشياء أسرع مما نعتقد. وهذا له علاقة بوهم التبئير أو التركيز؛ بمعنى أن العلاوة تنسحب إلى اللاوعي فلا نعود نُدركها. ثانيًا: توقعاتُنا ترتفع؛ إذ سرعان ما نصبو إلى العلاوة التالية. ثالثًا: نحن نُقارِن أنفسنا مع البشر الذين يتقاضون أجرًا مثلنا أو أكبر. هذه المقارنة هي ما تُفني تأثير السعادة. أحيانًا يكون التأثير الصافي حتى سلبيًّا للغاية؛ شخصٌ اشترى بيتًا كبيرًا لكنه يستغرق وقتًا أطول في الذهاب إلى العمل، فهذا يجعل حياته أصعب. يعتاد البيت الكبير لكنه لا يعتاد على زحام الطريق.

أمثلة على طاحونة المتعة لم ترد في متن الكتاب:
  • يعتقد الناس أنهم لا بد أن يتزوجوا بفتى الأحلام، وحينها سيُحلِّقون حتى السماء السابعة. غير أنهم يسقطون على الأرض بأسرع مما يتصورون. بل إن نِصف الزيجات تنتهي إلى ما تحت الأرض، ويجد الأزواج أنفسهم في الجحيم من جديد.

  • من المفترَض أن تكون منازل العطلات واحاتٍ للسعادة. لكن في معظم الحالات تتكشَّف عن أنها عبء. لا بد من إدارتها وتنظيفها وإصلاحها وصيانتها. يستشعر المرء ضرورة استعمالها، ويشعر أنه أقل حرية في الذهاب إلى مكان آخر. وفي أغلب الحالات يكون النزول في فندقٍ أرخص. إنه مثالٌ نمطي على تأثير طاحونة المتعة.

  • هل عندك شقة إضافية؟ مراكب أو سيارات رياضية يُكلِّفك الإبقاء عليها مزيدًا من حرق الأعصاب أكثر مما يمنحك من سعادة؟

  • كم مرةً تشتري شيئًا تكون مقتنعًا أنه سيحقق لك السعادة القصوى (وتصر على الحصول عليه)، لكن بعد عدة أسابيع يتلاشى تأثيره؟

  • هل هناك أشياء تريد أن تُبادلها بقدرات؟ أو قدرات أخرى تريد أن تُبادلها بأشياء؟ لماذا إذن تستثمر كثيرًا في الأشياء؟

  • بعد حصولك على العلاوات الثلاث الأخيرة، ما مدى سعادتك بعدها مباشرةً؟ وإلى متى استمرَّ تأثير ذلك؟

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للاختيار والانحياز للاختيار الذاتي

يعني الانحياز للاختيار أن التجارِب العشوائية لا تكون معبِّرة عندما تكون أجزاءٌ من الكل الأساسي مهمَلة أو مستبعَدة. إذا أراد شخص مثلًا معرفة شيء عن تديُّن شعب، فعليك ألا توزِّع الاستبيانات في الكنيسة فقط. فنادرًا ما ستجد ملحدين يملئونها. أو في استبيان يجري في الشارع؛ فإن الناس الذين سيملئونه هم الناس الذين لديهم وقت مثل أرباب المعاشات، لكن ليس أصحاب الأعمال. أو حينما تطرح سؤالًا مثل «ما أهمية دور الفلسفة في المجتمع؟». عندما تسأل الفلاسفة فقط، فلن تحصل إلا على صورة مشوَّهة. نوعٌ خاص من الانحياز للاختيار هو الانحياز للاختيار الذاتي. فهنا نكون نحن أنفسنا جزءًا من العينة العشوائية غير الوافية، لكننا لا نُلاحِظ ذلك. في الاستبيانات يكون الحد الفاصل ما بين الانحياز للاختيار والانحياز للاختيار الذاتي مموَّهًا. ذلك أن الإنسان لا يستطيع أن يُجبِر أحدًا أن يشارك في استبيان. فإن الاختيار الذاتي دائمًا ما يلعب دورًا. تنحو الاستبيانات إلى تعظيم الناس الذين لديهم وقت أو رغبة أو دافع لها.

أمثلة على الانحياز للاختيار والانحياز للاختيار الذاتي لم ترد في متن الكتاب:
  • يستطيع مُديرو الصناديق المالية في مؤتمر استثماري أن يعرضوا صناديقهم على الناس. نتيجة ذلك: يتحوَّل المؤتمر كله إلى استعراض أوراق تُظهر منحنيات (دالة) صاعدة. ذلك لأن مديري الصناديق الاستثمارية أصحاب العوائد دون المتوسطة لا يتقدَّمون للحصول على مكان للعرض، رغم أن الجمهور يمكن أن يتعلم الكثير من هذه الأمثلة.

  • تحمل تجمُّعات الخرِّيجين صفة الانحياز للاختيار الذاتي. فهذه لا يحضرها إلا الذين حقَّقوا نجاحات في حياتهم. أما الآخرون الذين ضربهم القدر بالإفلاس أو البطالة أو إدمان الكحوليات أو طلاق أو اكتئاب، فيبتعدون عن اللقاء. ومن ثمَّ، تعطي تجمُّعات الخريجين صورةً شائبة عن الفصل. بالمناسبة، كل الفضاء العام يعمل وفق هذا المبدأ؛ نحن نرى من الضائعين أو العالقين أو المرضى في الشوارع أقل كثيرًا مما عليه الوضع في الواقع. كثيرون لا يجرءون على الظهور على الملأ.

  • الانحياز للاختيار في العمل: أنت تنظر إلى سلعتك أو الخدمة التي تُقدمها من وجهة نظر الزبائن الموجودين بالفعل لا من وجهة نظر الزبائن المحتمَلين مستقبلًا.

  • يشتكي ساكنو المدن أن المساحات الخضراء القليلة (والباصات ومترو الأنفاق والمراكز التجارية) مزدحمة عن آخرها. وفي هذا هم يغفلون عن ملاحظة أنهم هم أيضًا ينتمون إلى الناس الذين يجعلون المدينة تبدو على هذا النحو من الجنون (الانحياز للاختيار الذاتي).

  • تخضع الاستبيانات التي تُجرى عبر الإنترنت إلى الانحياز للاختيار بقدر أكبر من الاستبيانات الأخرى عمومًا. ذلك أن أعداد المشاركين فيها من مُدمني الاتصال الدائم بالإنترنت (مهووسي الإنترنت) كبيرة للغاية.

  • خطوط المِلاحة الجوية مزدحمة بأكثر من طاقتها. نحن نستشيط غضبًا من التأخير دون أن نُلاحِظ أننا نساهم في المشكلة مثلنا مثل كل مسافر آخر (الانحياز للاختيار الذاتي).

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الانحياز للتداعي

دماغنا عبارة عن آلة ربط. وهذا أمرٌ ضروري كي نتعلَّم من التجربة؛ نحن نمدُّ أيدينا نحو لهب الشمعة فتلسعها. نسرق ألعاب أصدقائنا فندمِّر الصداقة. نسأل بلطف زائد فيَتمُّ تجاهلنا. نأكل جبن التيس فنتقيأ بعدها بقليل. نتعلَّم مبكرًا ما يصلح فعله وما لا يصلح وما الأشياء التي ينتمي بعضها لبعض. نحن نمارس حالة من الربط والاستدعاء باستمرار. وهو أمرٌ جيد في أغلب الأحيان. المشكلة: نحن لا نستطيع ألا نستدعي شيئًا. دماغنا مجتهد أكثر من اللازم، ويفضل أيضًا أن يعقد ارتباطاتٍ حتى ما بين الأشياء التي لا رابطَ بينها. وهكذا نرى نمطًا أو نظامًا في مصادفة ما (في الحركات القصيرة المدى للبورصة، على سبيل المثال)، و«نتعرف» على سياقاتٍ حيث لا يوجد عمليًّا سياق (بين التعليقات الصادرة عن رئيس البنك المركزي والنمو الاقتصادي على سبيل المثال). لو أن شيئًا تكرَّر بقدر كافٍ، فإنه يمكنه تقريبًا أن يجعلنا نستدعي شيئًا آخر: بين الكوكاكولا والسعادة، بين الغابات المظلمة والذئاب الشريرة، بين الهجرة والبطالة، بين عَلَم البلاد والمشاعر الوطنية. هذه الارتباطات تفعل فعلها في اللاوعي. تأثير الهالة (الفصل التاسع والثلاثون) هو حالةٌ خاصة من الانحياز للتداعي. الشذرة يمكن أن تُوقِظ لا شعوريًّا شبكةً من التداعيات. مثال: في الفصل الأول من رواية «ثَمة مسدس على طاولة». بوصفك قارئًا، فإنك الآن تهيئ نفسك لا شعوريًّا لجريمة قتل (وليس لدورة تدريبية في صناعة المسدسات).

أمثلة على الانحياز للتداعي لم ترد في متن الكتاب:
  • في عالمنا الغربي نربط ما بين ورقة البرسيم الرباعية وبين الحظ السعيد. وليس هذا الحال في ثقافاتٍ أخرى. لكن يصعب تصوُّر أن ورقة البرسيم هذه ستجلب لساكن من سكان بابوا غينيا الجديدة حظًّا أقل مما ستجلبه لنا.

  • في غالبية الأحيان، تنجح الدعاية من خلال الانحياز للتداعي. منذ عشرين عامًا تنتشر دعاية للسلع الفاخرة (برايتلينج، تاج هوير، آي في سي) عبر توظيف ممثلين يتمتعون بدرجة عالية من الجاذبية. لكن بطبيعة الحال، فإن مُشتري تلك الساعات لن يكون أبدًا ولا يقترب حتى من براد بيت أو تشارليز ثيرون. ولا يمتلك حتى فرصة أن يحتسي معهم القهوة.

  • بصفتي شخصًا تربَّى في بيئة كاثوليكية (داخل سويسرا)، غالبًا ما أظهرُ في كل كنيسة مَبنية على الطراز الباروكي، وأستحضرُ تداعياتٍ ما بين العمارة والشخوص والرموز من ناحية والعهد الجديد من ناحية أخرى. بالنسبة إلى زائر من الهند لن يحمل هذا بالتأكيد أيَّ تأثير، فالأمر سِيَّان بالنسبة إليه، مهما أبدى من إعجاب بالعمارة.

  • يتحدَّد استقرار بنكٍ ما من خلال تحليل الميزانية، وهذا أيضًا حكم جزئي. ولكي يتسم بالاستقرار والثبات، يلجأ كثيرٌ من البنوك إلى بناء قصور فاخرة لها أعمدة سميكة من الجرانيت؛ «نحن في أفضل حال. هنا لن يتعرَّض أيٌّ شيء للاهتزاز»، هذه هي الرسالة المرجوة. لكنها رسالة لا علاقة لها بالميزانية.

  • اقرأ هاتين الكلمتَين: «موز» و«قيء». من دُون أن تشعر قام مخُّك بالفعل بالربط بينهما، وأنت الآن ليست لديك رغبة في تناول الموزة. المثال وضعه دانييل كانمان.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

حظ المبتدئين

حظ المبتدئين هو حالةٌ خاصة من الانحياز للتداعي. النجاحات الماضية — في الروليت والبورصة والرياضة والمسار الوظيفي — تدفعنا إلى الاستمرار. تكفي مجرد نجاحاتٍ قليلة لصناعة توجُّه عام. نحن مُقتنِعون أن سلسلة النجاحات هذه لن تخبو أبدًا. حتى لو أن النجاحات الماضية كانت مبنية على المصادفة، فإننا نعتقد أن لها علاقة بقدراتنا فوق المتوسطة. وفي البورصة ينتشر اعتقادٌ عن حظ المبتدئين. إن صَعِد سوق الأسهم كله، فإن خسارة الأموال هي التي ستحتاج إلى بذل المجهود. حتى المستجد يكسب أموالًا، وعنده إحساسٌ أنه «مضارب موهوب بالفطرة». وكما يُقال: «الموجة العالية ترفع كلَّ المراكب». لكن المستجد في البورصة سيستيقظ حين يتقلَّب السوق كله. ولذا يتعين على كل مستثمر أن يقيِّم أداءه باستمرار مقارنةً بالمؤشرات (مثلًا مؤشر إس آند بي ٥٠٠). حظ المبتدئين خطرٌ على نحوٍ ما؛ لأننا لا نتعلم من سوء حظ المبتدئين. إذ إننا حين نخفق من البداية نميل إلى أن نتوقف وأن نغير اتجاهنا.

أمثلة على حظ المبتدئين لم ترد في متن الكتاب:
  • الترقي في السُّلَّم الوظيفي لشركة كبيرة يرتبط بالطبع بحظ المبتدئين. لأن التدرج الهرمي يكون أعرض ما يكون في القاعدة؛ ومن ثمَّ فإن أي مستجد يظن أن أمر الصعود سهل. لكن كلما اتجهنا إلى أعلى ضاقَ الهرم وأصبح الترقي أصعب. وفجأةً عند الأربعين يكون الإنسان عالقًا. العالقون في الجامعة الذين لا يرَون هذا الهرم أمام أعينهم يسقطون في السنوات الأولى في دائرة الانخداع بأنهم محتومٌ عليهم البقاء في هذه الوظيفة أو هذه الشركة أو هذا المجال.

  • ينطبق الشيء نفسه على البيع. من المنطقي أن يجمع المرء أولًا «الثمار الدانية قطوفها»، ويستخدم أفضل معارفه الذين يمتلكون أفضل الميزانيات ولديهم حاجة إلى المنتَج. وبهذا سرعان ما يشعر المرء أنه بائع موهوب، إلى أن يُضطر إلى التعامل مع أكثر العملاء ارتيابًا. كذلك الحال في الترقي الوظيفي أو البيع، فإن حظ المبتدئين يتم التعويل عليه بنيويًّا.

  • يقود حظُّ المبتدئين البعضَ إلى العودة إلى نقطة البداية دون أن يشعروا. مثال التهرُّب الضريبي: في البداية تكون المبالغ التي يُخفيها المرء مَبالغ تافهة. فلا تلاحظها مصلحة الضرائب. حظ المبتدئين هذا يغوي المتهرب من الضرائب بمواصلة ذلك. ويغويه أن يغامر أكثر وأكثر. ومع زيادة المدخرات، ستزيد أيضًا احتمالية أن يرتاب موظفُ الضرائب في الأمر.

  • في حالة الرياضات الخطيرة مثل القفز من قاعدة أو القفز من جرف أو التزلج على بركان، يبدو حظ المبتدئين في غاية الخطورة. فإن لم يمتِ المرءُ من المرة الأولى فإن إفراز الأدرينالين يكون مرتفعًا للغاية وكأنَّ المرء في عالم آخر. لهذا يزيد المرء من المخاطرة مرةً بعد أخرى كي يرفع من مستوى الإثارة. وتظل المخاطر المحتمَلة غير واضحة؛ إذ كل ما يراه المرء أنه لا يزال على قيد الحياة.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

التنافر المعرفي

نضع هدفًا لأنفسنا لكننا لا نصل إليه. يُعطينا هذا شعورًا سيئًا. ولكي نتخطى هذه الفجوة، فإننا إما أن نعدِّل من الهدف قليلًا وإما أن نجمِّل من النتيجة. إنها عناقيد العنب التي لم يحصل عليها الثعلب لأنها عالية جدًّا، لكنه يقول لنفسه إنها ليست ناضجة. أو في حالتنا وبشكل أكثر واقعية، نريد أن نخسر وزنًا لكننا لا نستطيع أن نمنع أنفسنا عن الْتِهام التيراميسو. لهذا نقلل من حدَّة التنافر المعرفي بأن نتعهَّد لأنفسنا أن نجري لمدة نصف ساعة في اليوم التالي. (وما له تأثير مباشر آخر لأننا نعرف أننا لا وقت لدينا للجري غدًا) أو نعرف أن التيراميسو صُنِع بجبنة ماسكربون محلاة صناعيًّا وأنه مناسب للرجيم. ربما يكون حتى مزوَّدًا بفاكهة؛ وبهذا نفسِّر عملنا الآثم على أنه تناول مفيد للفيتامينات. فالتسويغ طريقةٌ خاصة لتصغير فجوة التنافر المعرفي. وكلما زاد الجهد (العمل، والعرق، والدموع، والدم، والوقت، والمال) الذي استثمرناه في شيء، ارتفعت القيمة الذاتية لهذا الشيء، حتى لو أن النظرة الموضوعية تشي بأنه هراء.

أمثلة على التنافر المعرفي لم ترد في متن الكتاب:
  • لا تُعجِبك وظيفتك على الإطلاق. تُقلل التنافر المعرفي بأن تُقنع نفسك أن الراتب على الأقل مرتفع، وأنك تستطيع أن تغيِّر عملك في أي وقت.

  • تُقدِّم لفتاة أحلامك عرضًا بالزواج. لكنه يُقابَل بالرفض. تُقلل التنافر المعرفي بأن تُقنع نفسك بأن هذه الشخصية معقَّدة للغاية وموهومة، وبأنها لن تقدِّر مميزاتك الحقيقية، ومن ثمَّ أنك لا تستحقُّ أن تقترن بها. في نهاية كل هذه العمليات العقلية ستكون سعيدًا أن حلمك السابق أعطاك ذلك المقلب.

  • أجريتَ عملية شراء غير مُرضية، على سبيل المثال قطعة ثياب ثبت لاحقًا أنها غير مناسبة أو جهازًا لا يحقق الغرض منه. والآن تقول لنفسك: من الجيد أن هذا الشيء لم يكن باهظ الثمن. غاليًا أو غير غالٍ شراء شيء غير قابل للاستخدام هو دائمًا ضربٌ من الخطأ، وهو دائمًا بمثابة إهدار للمال.

  • في الاستبيانات، يدَّعي أصحابُ المِهن الحرة أنهم أسعد حالًا من الموظفين، رغم أنهم يربحون أقل منهم في المتوسط. لماذا؟ غالبًا ما يعزون الأمر إلى المرونة في الوقت، وهي أمر لا يتمتع به الموظف. رغم أن ارتفاع نسبة الرضا عن الحياة ينتج على الأرجح عن تأثير التنافر المعرفي؛ إذ ينبغي على الأقل حين يكون الأجر أقل أن تقفز معدلات السعادة.

  • كان لدى الرُّواقيين (أصحاب مدرسة الرُّواقيَّة، وهي مدرسة فلسفية في اليونان القديمة والإمبراطورية الرومانية) طريقةٌ بنَّاءة في التعامل مع التنافر المعرفي؛ إذ كانوا يفسِّرون كل صعوبة من الصعاب، وكل مشقة، وكل هزيمة، بوصفها تدريبًا على ما يحمله لنا المستقبل. ومن ثمَّ، نظر الرُّواقيون إلى كل أسًى بوصفه تحصينًا أو تحضيرًا سيجعلهم أكثر قدرة على تحمُّل الصعوبات الكبرى في الحياة (النفي، وفقدان المكانة، والمرض، والموت، والتقدم في العمر).

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

الإشباع الفوري

اللحظة الآنية لها جاذبية غير معقولة. عندما نُسأل إن كنا نريد الحصول على (دراجة، أو موبايل جديد، أو ساعة يد، أو جلسة تدليك) الآن أو بعد سنة، فإن الغالبية العظمى منا ستُجيب: الآن. إنه أمرٌ غير مستغرب على الإطلاق. المستغرب هو أننا مستعدون أن ندفع أكثر كثيرًا، أكثر بمبالغ باهظة، كي نحصل على الشيء المبتغَى الآن وليس لاحقًا. حتى لو لم نكن نحتاجه الآن. يستوي هذا التأثير حين نضع نقطتَين زمنيتَين مستقبليتَين. فأن تحصل على شيء إيجابي في توقيت مبكر أفضل بالطبع من الحصول عليه في توقيت متأخر؛ ولهذا نحن مستعدون أن ندفع أكثر كي نحصل على شيء أسرع، لكن ليس أكثر كثيرًا. وفي هذا نحن نستخدم — بوعي أو بدون وعي — نسبة الخصم. نحن على استعداد أن ندفع ١٠٪ زيادة كي نحصل على شيء في غضون سنة بدلًا من أن نحصل عليه في غضون سنتَين. هذه النسبة تتصاعد كثيرًا إن دخلت «الآن» حيِّز المجازفة. فنصبح فجأةً مستعدين لدفع ٥٠٪ زيادة أو حتى ١٠٠٪ زيادة بدلًا من أن ننتظر عامًا كاملًا. وذلك لأن تأجيل المكافأة ثقيل الوطأة على نفوسنا. كما أنه يصعب علينا أن ندَّخر المال. يصعب علينا أن ننجز دراسة بدلًا من أن نكسب مالًا ونصرفه. تستطيع الشركات استغلال هذا التأثير من خلال أنها تعرض دائمًا سعرَين. سعر عادي للتسليم العادي ثم سعر أعلى للتسليم الفوري.

أمثلة على الإشباع الفوري لم ترد في متن الكتاب:
  • كثير من متاجر البيع عبر الإنترنت (مثل أمازون) تعطي الزبون الاختيار في أن يحصل على الشيء الآن أو بعد غَد. ولا يتناسب عدد مرات التسليم الفوري بأي حال مع رسوم البريد المرتفعة ولا مع ضرورة تسليم الشيء. ذلك أنه بخلاف الأكسجين وبعض الأدوية، ليس ثَمة أشياء كثيرة نحتاجها على نحو فوري.

  • يسمح الإشباع الفوري لشركات البطاقات الائتمانية أن تفرض فوائد باهظة (نسبة الخصم). ويبدي أصحابُ البطاقات الائتمانية استعدادهم لدفع هذه الفوائد لأنهم يقدِّرون قيمة المنتَجات التي يريدونها الآن أعلى كثيرًا من الثمن الذي سيدفعونه لو أنهم انتظروا قليلًا.

  • الإشباع الفوري له تبعاتٌ عميقة على فلسفة الحياة الخاصة بنا، وبشكل ملموس على سؤال كالتالي تحديدًا: متى يتعيَّن على المرء أن يعمل ومتى يستمتع بحياته؟ الحياة في العصور القديمة وفي العصر الوسيط كان لا يمكن التنبؤ بها (كوارث تُسبِّبها المجاعات، وحروب، وأوبئة، وانعدام للرعاية الطبية). حتى الشباب كان لا يمكن التنبؤ إن كانوا سيعيشون حتى العام المقبِل. ولذا بدا أن النهج الأكثر عقلانيةً هو ألا يجهد المرء نفسه لحدٍّ أبعد من الضروري وأن يستمتع بيومه. «عِش يومك» شعارٌ يصف حساب مخاطر عقلانيًّا في حياة قصيرة غير قابلة للتخطيط. حياتنا اليوم أكثر قابلية للتخطيط من الأزمنة الماضية. ولكن أن يضيِّع المرء اليوم لأنه لا يعرف إن كان سيحيا غدًا أصبح أمرًا لا عقلانيًّا. وبدرجة عالية من الرجحان فإننا سنعيش أيضًا في الغد لِنَجني ثمار ما زرعناه اليوم.

هل تخطر ببالك أمثلةٌ أخرى على خطأ التفكير هذا؟

أنت تعرف الآن عددًا معقولًا من الأمثلة على خطأ التفكير هذا. أيٌّ منها غافلتك سابقًا؟ ضع علامة عليها أعلاه.

كم مرةً وقعت في شِراك هذا الخطأ؟
(من ١ = ولا مرة، إلى ١٠ = كل يوم تقريبًا)
ما مدى خطورة العواقب حين/إن وقعت؟
(من ١ = بالكاد يمكن ملاحظتها، إلى ١٠ = قاتلة)

احسب مؤشر الخطأ (التواتر × العواقب × العواقب)، وسَجِّل الرقم بجوار خطأ التفكير المعني في جزء التقييم النهائي.

كيف يمكنك أن تستغل خطأ التفكير هذا في التأثير على البشر؟ مثلًا في المفاوضات أو التسويق أو البيع؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤