بريدي

عزيزي أ. خوري. زحله.

لقد أحالك الصيَّاد عليَّ، وها أنا ذا أُجيبك: أسِفْتُ جدًّا لنكبتك، ثم عزَّاني مثلنا اللبناني: بالرزق ولا بصحابه.

وبعدُ، أظننتَ — يا أخي — أنني متمسِّك بأذيال مار مارون طائفيًّا حتى كتبت ما كتبت حول دستور استقلال الموارنة الديني؟

أنا — يا عزيزي — لا أرى في مار مارون ومار يوحنا مارون غير زعيمين قوميين ناضلا كغيرهما تحت علم الله؛ لأن الناس كانوا على ذلك في أيامهما.

أمَّا والدي فلم يُسمِّني مارون — مارون ممنوع من الصرف — حتى لا يمكنني الهرب من مارونيتي كما قلت؛ فوالدي أولًا: لم يكن نبيًّا ولا عرَّافًا لكي يدري ما سيكون ابنه ويُقوم عليه ويسد الطريق.

وثانيًا: كانت التسمية في بيتنا من خصائص جدِّي، فعلى والدي أنْ يُخلِّف، وعلى جدِّي أنْ يُسمِّي. كانت طريقة جدِّي في التسمية طائفية بحتة؛ فكلما رُزق والدي ابنًا أو بنتًا كان يطلق علينا حين يُعمِّدُنا اسم قدِّيس ذلك اليوم، فسمَّى مارون وأيوب ودانيال وبرلام وصليبا. وُلدت أنا يوم عيد مار مارون الذي يُرتِّل الموارنة فيه: مار مارون فخر سوريا. سمَّاني جدِّي مارون، فسمَّيت أنا بدوري أحد أولادي محمَّدًا في بلد زادت أسماء الأبناء تعصُّبًا وتفريقًا، ناهيك أنني أعتقد — من كل قلبي وفكري — برسالة محمد، وأقدِّس شخصيته المُثلى ومبادئه وأخلاقه الفاضلة. كنت أظن أن سيُشايعني الكثيرون، فكان الأمر بخلاف ما ظننت، وأنا غير آسفٍ على شيء. يسرُّني أن أرى شبح الطائفية وتقاليدها البالية يتلاشى كما تلاشى شبح صموئيل أمام عيني شاول وعرَّافة عين دور.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤