سرُّ الكنز المفقود!

ردَّ «أحمد» على الفور: لقد جئنا في سلام، وليس لنا مطامعُ في عالمكم … ولكننا مكلفون من جهةٍ بالبحث عن عالِم عربي يُدعَى «مشهور» اشترك في بعثة منذ أسابيع إلى هذا المكان، وقد انقطعَت أخباره!

رد الرجل: هناك محاولات كثيرة جرَت في الفترة الأخيرة … إنهم جميعًا يبحثون عن الكنز الذي سقطَت به الطائرة منذ أكثر من أربعين عامًا … ولكنهم لن يعثروا عليه!

«أحمد»: لماذا؟

الرجل: لأن هذا الكنز …

وسكَت لحظات، ثم قال: هذا الكنز أصبح شيئًا مقدَّسًا … لقد حصلنا عليه عندما سقطَت الطائرة … وعثرنا على رجل كان ضمن طاقم الطائرة عثرنا عليه حيًّا، ولكنه مصاب بإصابات مميتة … وقد عالجناه، وكتمنا سرَّه؛ فقد كان ألمانيًّا، وكان يخشى أن يقع في أيدي الحلفاء بعد انتهاء الحرب … وكان رجلًا مثقَّفًا … يُجيد عدة لغات … ومنه تعلَّمتُ الألمانية والفرنسية والإنجليزية.

كان الشياطين يستمعون إليه في انبهار … فقد عثروا على حلِّ لغز كنوز الأمازون بأسرع مما توقعوا …

ونظر الشياطين إلى التماثيل المرصَّعة بالجواهر، وقال الرجل: نعم … هذه الجواهر كلها كانت في الطائرة … لقد أتَت من السماء لأجلنا … وستبقى معنا.

«أحمد»: ولكن بلا حراسة … من الممكن جدًّا أن تُسرق.

الرجل: إن عندنا حرسَنا الخاص … ولكن لا أحدَ يعرفه … إنه يظهر في الوقت المناسب، ولم يستطع أحدٌ دخول هذا المعبد، ومد يده إلى هذه المجوهرات مطلقًا …

ولقد سمحنا لكم برؤيتها لأنكم مسالمون.

«أحمد»: هل تعرف أنه يوجد مجموعة من الناس في كهف قريب يستعدون للهجوم عليكم؟

الرجل: إنهم لن يهجموا أبدًا … إنهم الآن في قبضتنا لأنهم جميعًا واقعون تحت تأثير المخدر … لقد خدرناهم ووضعناهم هناك.

نظر الشياطين بعضهم لبعض، وفهموا لماذا استطاع القرد الدخول وأخْذ البنادق!

قال «أحمد»: إنهم أخذوا أبناء بعض الناس، ونريد إعادتهم.

ابتسم الرجل برقَّة، وقال: لقد عرفنا هؤلاء الأولاد … فهم من قبائل المنطقة وهم عندنا.

«أحمد»: هل بينهم ولدٌ يُدعَى «سانشيز»؟

الرجل: نعم … «سانشيز» بينهم.

«أحمد»: إنني أرجو أن أتسلمهم.

الرجل: ليس هنا … سنُسلِّمهم بعيدًا عن المكان.

«أحمد»: لماذا؟

الرجل: لأن بعض رجالنا طالبوا بالقضاء عليهم حتى لا يعرف أحدٌ هذا المكان.

«أحمد»: إنك رجل متحضر جدًّا يا سيدي … إنك فعلًا تستحق الاحترام.

الرجل: لستُ في حاجة لأن أطلب منكم ألَّا تدلُّوا أحدًا على هذا المكان.

«أحمد»: صدِّقني إننا لا نستطيع أن ندلَّ أنفسنا.

أشار الرجل إلى بعض أعوانه … ثم عاد «أحمد» يقول: كنت أتحدث إليك عن العالم «مشهور».

الرجل: لم يمرَّ بنا مثل هذا الرجل، ولكننا سمعنا أن مجموعةً من الرجال وصلَت قريبًا منَّا منذ أسابيع … ولكن اختفَت آثارُهم وأنت تعرف أن هناك قبائلَ كثيرةً تعيش في مناطق متفرقة من هذه الغابات الشاسعة … ولعلهم وقعوا في أيدي قبيلة من هذه القبائل!

أحسَّ الشياطين بقدر من الضيق نتيجةً لهذه المعلومات … وأدركوا أن مغامرتهم لم تنتهِ بعدُ … ولكنهم شكروا الرجل الذي قدَّم لهم مشروبًا بديعًا من التوت البري، وذهبوا مع أعوانه إلى كهف من الكهوف المنتشرة حول المكان … وكم كانت مفاجأةً مفرحة عندما خرج لهم «سانشيز» وشباب قبيلة «التوباهو»! … عرف «أحمد» «سانشيز» فهو يُشبه أباه إلى حدٍّ بعيد … ولم يُصدِّق الشابُّ نفسَه وهو يسمع «أحمد» يناديه: «سانشيز»!

واصطحبهم الشياطين إلى خارج المدينة المهجورة حيث كان «موكامبا» الذي لم يكَد يرى ولده حتى اندفع إليه يحتضنه …

اجتمع شملُ الجميع مرةً أخرى … وقال «أحمد»: إننا لا نُجبر أحدًا على مساعدتنا، ولكن إذا شاء رجال «التوباهو» أن يساعدونا في العثور على العالم «مشهور» فسوف ندين لهم بالجميل …

قال الزعيم: سوف نأتي معكم إلى نهاية العالم إذا لزم الأمر حتى تعثروا على الرجل … لقد عثرتم على أبنائنا … وعلينا أن نساعدكم في العثور على رجلكم.

وبعد ليلة ممتعة قضَوها مع غناء رجال «التوباهو» تم الاتفاق على أن يعود «أحمد» لمقابلة رجل المعبد … لعله يُعطيهم بعض المعلومات عن القبائل المجاورة …

عاد «أحمد» ومعه «إلهام» و«زبيدة»، فقد طلبتَا مشاهدة المعبد … وقد رحَّب الرجل بالثلاثة كثيرًا … وقال لهم في النهاية إن عنده رجلًا عجوزًا، ولكنه أفضل دليل في المنطقة لأنه يعرف كل دروب الغابة ومسالكها …

وبعد أن أكرمهم الرجل أهدى لكل من «زبيدة» و«إلهام» حجرًا كريمًا من حفائر المنطقة …

جاء الرجل «كوزيما» العجوز … وتحدَّث إليه رجل المعبد، وطلب منه مساعدة أصدقائه على العثور على عالمهم المفقود …

قال «كوزيما»: لقد سمعتُ دقاتِ طبول الأَسْر منذ أسابيع في منطقة «ماكاري» في الشمال … إن قبيلة «ماكاري» من القبائل القوية في هذه المنطقة … وأظن أن رجلكم هناك.

كان «كوزيما» رجلًا مدهشًا … يحمل على كتفَيه آثار السنين الطويلة … ولكنه كان أكثرَ الجميع نشاطًا، فقد سبقهم في دروب الغابة … وتحرك خلفه الشياطين ورجال قبيلة «التوباهو» و«موكامبا» وزوجته والقردة …

كان الجميع أشبه بحمله من أيام «جنكيز خان» أيام كان الشعب يخرج للقتال … اختار «كوزيما» طريقًا تحوطه الأشجار من كل جانب … سار عليه الجميع على حذر شديد … وكانت القردة بالطبع أسرع الجميع … وسرعان ما استطاعت بغرائزها القوية، وقدرتها على الشم أن تهديَ «كوزيما» إلى المكان الذي يفكر فيه …

كانت ثمة مجموعة من الشلالات تتساقط مياهُها في عنف وقوة … وتسقط في بِرْكة واسعة تتقافز فيها التماسيح كالبراغيث …

أخذ «كوزيما» يتحدث إلى «موكامبا» … كان مطلوبًا عبورُ هذه البركة … عبر التماسيح المخيفة التي كانت تفتح فكوكَها الوحشية استعدادًا لأن تفتك بمن يقترب منها …

قال «موكامبا» «لأحمد»: إن العبور مسألة صعبة، فنحن في حاجة إلى فدائيين يمرون من بين هذه التماسيح.

«أحمد»: هذه ليست مشكلةً.

«موكامبا»: كيف؟

«أحمد»: إن الشياطين يستطيعون العبور، نريد فقط قاربًا.

«موكامبا»: ليست هناك قوارب في هذه الأنحاء … ولكن يمكن صنع قارب بسرعة.

«أحمد»: إذن جهزوا القارب وسوف نعبر.

انهمك الجميع في البحث عن الأغصان القوية، وبدأ رجال قبيلة «التوباهو» في العمل تحت إشراف «كوزيما».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤