وراء الستار
مع أن محنتها أوشكت على النهاية، فقد شعرت جورجيا أنها بالكاد تطيق الدقائق الأخيرة من العشاء. فقد انتابها إحساسٌ بالذنب كأنها موجودةٌ هناك بادِّعاء كاذب، كما لو كانت تتظاهر بأنها سيدةٌ ثرية، لجَذْب الدعوات الكريمة.
حين طلبت أن يعفوها من البقاء لتناول القهوة، لارتفاع حرارتها، فوجئت باهتمام السيدة فاندربانت.
إذ سألتها: «هل لديكِ خادمة؟»
فأجابت جورجيا: «لا. لكنني أعلم ما يجب تناوله لهذه النوبات. وسأكون على ما يرام في الصباح.»
«لا بد من العناية بكِ، على كل حال. سوف أتحدث مع المسئولة عن غرف الطابق، وأخبرها أنني سأَعُدُّ أيَّ عناية توليك إيَّاها موجَّهة إليَّ.»
وشمخت بذقنها بإحساس واعٍ بالفخر بمكانتها، ثم تحولت إلى تورش، كأنها الملِكة وقد تنازلت للقائه، في حين رافق الكونت جورجيا إلى الباب الخارجي للجناح. وعندما بلغا الرُّواق الذي كان محجوبًا عن الصالون بستائرَ من قطيفة ذات لون أخضر فاتح مثل خضرة الحشائش، نظر إليها مبتسمًا.
ثم قال: «لا بد أن عمَّتي قد خمَّنت أنني أريد التحدث إليكِ على انفراد.»
انتظرت ليكمل كلامَه وقلبها يخفق شوقًا. وبينما هي تجول بنظرها فيما حولها، كانت تعلم أن ذكرى المكان المحيط بها ستظل باقية أبدًا. فسوف تتذكر لاحقًا الجدران العاجية، وتمثالًا نصفيًّا من الرخام لليوبولد الأول قائمًا فوق قاعدة، وبساطًا أبيضَ من فرو الغنم، صُبِغ كلُّه بزرقةٍ يشوبها لون رمادي من زجاج المصباح المعلَّق. ولاحظت كذلك حاويةَ المظلات الأنبوبية ذات رسوم الأعشاب الرديئة، ومشهدَ تزلُّج على الجليد من العصر الفيكتوري منقوشًا على لوحة من الصلب.
تنحنح الكونت.
وقال: «أود الاعتذار عن سلوك كلير. إنه لم يقصد التصرف بفظاظة. كلُّ ما هنالك أننا لا نكترث للمال. كما أنه كان غاضبًا لأنه اعتقد أنكِ كنتِ تسخرين منه.»
وأمسك عن الكلام وتطلَّع إليها بترقُّب، منتظرًا تعليقها.
فقالت له: «آسفة إذا كان أساء فَهْمي. من المؤكَّد أنني كنت أقول الحقيقة. قول الحقيقة يغني عن المشكلات … يبدو أنه يحبك جدًّا.»
ضحِك الكونت ما شاء له الضَّحك وقال: «كلير؟ أجل. إنه وغد، لكن لا يسعكِ إلا أن تحبيه.»
قالت جورجيا ذاهلة في لهفتها على معرفة المستقبل: «حقًّا؟ هل سأراك غدًا؟»
لكنه حطَّم أملَها بابتسامة أسفٍ.
«يؤسفني أنني لن أستطيع. فكما ترين. لا بد أن تأوي أسرتنا كلها إلى الفراش مبكرًا الليلة، حيث ستسافر عمتي في وقت مبكر جدًّا غدًا. ومن المتوقَّع أن أصحبها.»
«حسنًا، إنه «الوداع» إذن؟»
«من الوارد أن أعود. لكن إذا تعذَّر ذلك، فسوف تصيرين ذكرى عزيزة. ومتى رأيتُ رواياتكِ في كشك الجرائد في محطة القطار، يمكنني أن أقول متباهيًا: «لقد التقيت بالسيدة يو الشهيرة، وهي أكثر جاذبية حتى من رواياتها».»
ومع ارتفاع درجة حرارة جورجيا، فإنها بدأت تشعر بالبرودة.
وقالت: «أخشى أن أكون قد تركت انطباعًا سيئًا لدى أسرتك.»
«لا، لا. كيف تقولين هذا؟ لقد كنتِ متواضعة وصريحة. وهذه الصفات تروق لعمتي.»
وإذا بجورجيا تشعر برغبة في أن تحكيَ له قصة حياتها، التي حرصت غاية الحرص أن تخفيَها عن العامة.
فقالت: «لا بد أنه شيء رائع ألَّا يشغل المال تفكيرك. أما في حالتي، فقد كان أهم شيء. كان جَدي تاجر شاي ثريًّا. وكان عصاميًّا وبنى نفسه بنفسه، ومع ذلك فقد أرسل ابنه الوحيد إلى أكسفورد، وتكفَّل به في كل شيء. إن أبي لم يكسِب قرشًا طَوال حياته. وإنما أهدر أغلب ثروته شيئًا فشيئًا في البورصة. كان خائب الرجاء، حيث كان يشتري الأسهم على المكشوف. وهكذا صرتُ أنا مثل جَدي فيما يتعلق بالمال. إنني حقًّا رجلٌ عجوز صارم بلحيةٍ كثةٍ رماديةٍ وجفنَين متهدلَين.»
شاركها الكونت ضحكها المتكلَّف مع مجاملتها بإيلائها كامل انتباهه.
أكملت كلامها قائلة: «كنا في غاية القلق بشأن المال، حتى إننا جميعًا كنا سعداء حين تزوجت صديقًا قديمًا للعائلة. فقد بدا أن زواجي منه سيضمن لنا الأمان. وإذ فجأةً، تبدَّل كل شيء. فقد أفلس إدوارد — زوجي — وانتحر. وتركني مفلِسةً ومسئولةً عن رعاية أمي وطفلتَين.»
«وأمكِ كذلك؟»
«بالتأكيد. فقد خسرت ما تبقَّى لها من مالٍ في إحدى شركات إدوارد. واشتغلت أنا في وظيفة في البداية، وجعلت أكتب روايتي الأولى ليلًا. فكتبت قصةَ حياتي بأكملها. وحدثت المعجزة، وكانت من أفضل الروايات مبيعًا. ومن بعد تلك البداية، لم أنظر خلفي قط … لكن لا بد أن بإمكانك أن تتفهم سبب شعوري بأنني يجب أن أحتاط لابنتيَّ. إنهما تعتمدان عليَّ وأنا لن أعيش أبدًا.»
«إنني متفهِّم ذلك بالتأكيد. وأحترمكِ عليه. هل تسمحين لي؟»
ورفع الكونت يدها إلى شفتَيه.
في تلك اللحظة، بدت تحيته لها حركة خالية من المعنى. انتظرت هي أن يتكلم قبل أن تكسِر الصمت برجاءٍ أخير.
«أرجو ألَّا أكون أضجرتك. أردت التوضيح فحسب. في الواقع، لقد جعلني ابن عمِّك أشعر بالخزي؛ لأنني لم أحقِّق شيئًا ولم أصِل إلى مرتبةٍ رفيعة. وها قد عرفت السبب … الوداع.»
«كلا، بل إلى اللقاء. لِنتحَلَّ بالأمل.»
ومع أنها اعتادَت الخسائر إلا أن نزولها إلى حجرتها، من دون مرافق، كان من أقسى خيباتها. وهي التي سرَحت بخيالها مع حبيبٍ أشقرَ بَهيِّ الطلعة، منحها أعظمَ هدية، هدية الضحك، ومعها الحُلم بلقب «كونتيسة».
وبينما هي تسير متعثرةً في الممراتِ الضيقة المغطَّاة بالبُسُط الممتدة في جنباتها، أدركت فجأة أنها كانت متعبة جدًّا وأن الفراش هو الشيء الوحيد المهم حقًّا. استطاعت بصعوبة أن تجرَّ قدمَيها حتى حجرتها، وحين وصلت إليها أخيرًا بدَت صغيرةً وخانقة، مقارنةً بصالون السيدة فاندربانت بهوائه المنعش وفخامته.
خلعت ملابسها، وذهبت إلى النافذة بعد ابتلاع جرعةٍ أخرى من الدواء. كانَت النافذة تُطِل على حركة المرور في شارعٍ صاخب، وعربات ترام مضيئة حاملة إعلانات لسجائر غير معروفة ومياه معدنية.
وفي الخلفية رسمت الأضواء المبعثرة خريطةً للأجزاء العليا من المدينة. كانت كلُّ بقعةٍ في المدينة مرتبطةً بالكونت. في مكانٍ ما كان عمود الكونجرس وقبر الجندي المجهول، يحرُسه تمثالا أسدَين من البرونز عند قدمه. وبينما تراقب المنحدر خطرت لها قريتها، مع صوت المد وهو يسحب الحصى، والأفق البعيد حيث يلتقي البحر بالسماء.
ومع أنها تُؤوي أحبَّ الناس إليها، إلا أنها قاومَت فكرةَ الرجوع إليها.
وهمسَت لنفسها قائلة: «ليس الآن، ليس بعد ما حدث.»
ثم دلفت إلى الفراش شاعرةً بالإحباط والبؤس. وسرعان ما غامت أفكارها ونسيت كلَّ شيء عدا الحاضر. ولم تكن نوبة ارتفاع الحرارة التي انتابتها مزعجة؛ فقد رقدت في حرارةٍ دافئةٍ جافةٍ ذكَّرتها بالاستلقاء على الرمال الدافئة من حرارة الشمس. ودخل من النافذة المفتوحة صخب الشارع وضوءٌ خافتٌ من الأنوار بالخارج، ولم يمرَّ منها ليلًا نسيمٌ عليل.
كان آخر ما رأته قبل أن تذهب إلى النوم هو ثوب سهرتها؛ إذ بدا مثل ستائر سوداء متدلية فوق ظهر المقعد.
وحين فتحَت عينَيها مرة أخرى، ظلَّت تراه، لكنها لاحظت تغيُّراتٍ أخرى. فقد هبَّ عليها نسيمٌ بارد من النافذة، التي بدَت كأنها اقتربَت منها أكثر. وبدا أن حجم الحجرة قد ضوعف.
لكنها قالت لنفسها: «هذا عبثٌ. لا بد أنني ما زلت نائمة.»
مدَّت يدها لتضيء النور، لكن الزر لم يكن في مكانه. مع أنها كانت في نفس الفراش؛ إذ أمكنها التعرُّف على نقوش غطاء السرير، وهي زهور خَشْخاش زرقاء على خلفية خضراء. والدليل الآخر أن ساعة يدها كانَت أسفل الوسادة، وإن كانت لا ترى عقارب الساعة؛ لصغر قرصها.
حين تذكَّرت أن نافذتها تُطِل على ساعة كنيسة، نزلت إلى الأرضية المصقولة وتحسست طريقها نحو النافذة، لتجد أمامها تغييرًا آخرَ أربكها. لقد اختفى الشارع بأنواره وحركة المرور على وجه الأرض. وحل محلَّه ظلام دامس، تشوبه أشباح زرع.
وبينما هي تحاول عبثًا أن ترى وسط العتَمة، لاحظت سُلمًا حديديًّا ملتفًّا صاعدًا وراء حافة النافذة مباشرةً. وقد ملأتها رؤيته برغبةٍ جامحةٍ في الصعود إلى السطح. فقد كان حُلمها المفضَّل — سواء في نومها أو صحوها — هو مدينةً للمستقبل، حيث تشمَخ المباني في طوابقَ شاهقة، ويسير المشاة عاليًا فوق الشوارع الملتفة كحلزون يتجه إلى الأسفل إلى المرور المتدفِّق.
قالت لنفسها محاولةً التفكير بمنطق: «إذا كان هذا حُلمًا، فإنه من الآمن تمامًا أن أخرج من النافذة. لكنني أشعر أنني يقِظة.»
حاولت عبثًا أن تجِد تفسيرًا معقولًا لمأزقها المستعصي على التفسير، لكن عقلها كان في ظلام وسبات كأنه في خدَرٍ عميق. ومع أن تحوُّل حجرتها الغريب يبدو دليلًا إيجابيًّا على أنها كانت تحلُم، فقد حثتها ذكرى متوارية على توخي الحذر، بينما تحاول استكشافَ ما حولها.
اعتادت عيناها العتَمَةَ، لكنها وجدت صعوبة في تحديد أماكن الأشياء. فقد بدا كل الأثاث مختلفًا، وقد وُضع في أماكنَ غير معتادة. وحدَها المرآة كانت في مكانها الأصلي فوق رف المدفأة الرخامي القديم الطراز.
مستهديةً بلمعتها، تحسَّست جورجيا طريقها نحو المرآة. كانت المرآة معتِمة جدًّا حتى إنها لم تستطِع أن ترى شيئًا في البداية. لكنها شيئًا فشيئًا تبيَّنت معالمَ جذوع أشجار وفروعًا جدباء، بدت بعيدة جدًّا.
بدلًا من رؤية انعكاس صورتها المألوفة في المرآة، راحَت تُطالع منظرَ غابة مكسوَّة بالثلوج.
فقالت لنفسها ببهجة: «هذا دليل على أنه حُلم. إذن فلأصعد إلى السطح.»
هكذا صعِدت إلى النافذة بلا خوف لتخرج منها، ثم وقفت متوازنةً على الحافة الضيقة. بالكاد وَسِعت الحافةُ قدمَيها لكنها مدَّت ذراعَيها عاليًا، وراحَت تشبُّ جاهدةً للأعلى نحو النجوم، شاعرة بيقين أنها ستطير عاليًا في الهواء.
ومع أنها لم تَطِر، إلا أنها عند مداعبة النسيمِ بيجامتَها الرقيقة، شعرَت أنها خفيفةٌ مثل فقاعة صابون. ولما امتلأت بالنشوة، مالت بجسدها عابرةً هاوية ضيقة من الظلام وتشبَّثت بالدرابزين الحديدي للسلَّم. وحين صعِدته من دون مجهود كبير، أدركَت أنها كانت إلى حدٍّ ما — بسبب الدواء — في بُعدٍ زائفٍ خاضعٍ للتلاعب بالزمن؛ إذ بدا أنها ظلت تصعد ساعاتٍ دون أن تبلغ أعلاه.
وتعرَّضت لنوبات فقدان وعي متتالية، حيث فقدت الإحساس تمامًا بما يحيط بها. صعِدت أعلى فأعلى، حتى باتَت النجوم دانيةً جدًّا حتى إنها مالَت برأسها تلقائيًّا، لتجنُّب تشابك شعرها بمجموعة من النجوم المتدلية.
وسريعًا، بعد غفلة، اكتشفت أنها قد بلغت هدفها، حيث كانت تسير على السور المرتفع لمدينتها المستقبلية. كانت على ارتفاعٍ عالٍ جدًّا حتى إنها لم تستطِع أن ترى أضواء الشارع بالأسفل، مع أنها سمِعت أصوات الطريق المتصاعدة كأنها طنين ذبابة. وبينما هي تخطو بخفة، مثل ورقة شجر يحملها النسيم، خطر لها أنها سافرت أميالًا، حين رأت مربَّعًا عموديًّا لنافذةٍ مضاءة على مسارها الصاعد.
وفي غمرة الحماسة لاحتمال انطلاقها في مغامرة جديدة، فتحت النافذة وقفزت إلى الداخل. وحالما هبطت، استوقفها وقْعُ أصوات.
وفجأةً تحوَّل الخيال إلى واقع بلا رحمة، وفقدت الحصانة التي يتمتَّع بها الحالمون. وحين أدركت المأزق الذي ستقع فيه إن ضُبطت داخل منزل غريب، شعرت بحرارة الخزي. لكنها بمجرد انطلاقها نحو النافذة، أمسكت عن ذلك الهروب الهلِع.
إذ قالت في نفسها: «لقد جئت إلى هنا من قبل.»
فالتمثال النصفي الرخامي القائم فوق قاعدة، وبساط فرو الغنم الأبيض، والرسومات الرديئة على حاوية المظلات الأنبوبية؛ كانت كلها أشياءَ مألوفة. لقد كان الرُّواق الذي وقفَت فيه حين قضى الكونت على أملها بابتسامة وداعٍ رقيقة.
غمرتها الذكرى بشعورٍ حادٍّ بالأسى، حتى إنها أرادَت البكاء يأسًا وقنوطًا من تحقُّق أملها. لكن في تغيير سريع في حالتها المزاجية، تحوَّلت أفكارها إلى مسارٍ آخرَ.
فقالت لنفسها: «ربما ما زال حفل العشاء مستمرًّا. وما زال الجميع جالسين حول المائدة، على الجهة الأخرى من الستار … وربما أرى جوستاف مرةً أخرى، إذا نظرت من خلال طياته.»
نظرَت من خلال طيات الستار بحذرٍ متيقِّنةً أنها سترى جماعةً من الأشخاص ذوي الهيبة والتهذيب، جالسين مثل التماثيل حول مأدبة رسمية بيضاء.
وكانت على حق؛ إذ كانوا لا يزالون هناك جالسين إلى نفس المائدة. لكن مع تغييرٍ فظيعٍ ومخيف. فقد اختفى الشرشف المصنوع من الدانتيلا، واختفت زهور الأوركيد، وكان الهواء خانقًا بسحابةٍ من الدخان. والتفَّت حول طاولة روليت خضراء دائرةٌ من المقامرين الذين راحوا يشاهدون العجلة وهي تدور بعيونٍ ملؤها الطمع.
شعرَت جورجيا وهي تنظر إليهم بأنها ترى منظرًا من خلال مرآةٍ مشوهة. في البداية رأت أغرابًا: رجلًا سمينًا لديه لُغد، وامرأة عجوزًا بوجنتَين متدليتَين مصبوغتَين بالمساحيق. لكنَّها بدأت بعد ذلك تتعرَّف إلى بعض أفراد الجماعة، مما ألقى الرَّوع في نفسها.
أحدهم كان رجلًا سكيرًا بشعر كثيف أبيض مجعَّد ووجه أحمر، كأنه رَسْم هزلي حقير للبروفيسور مالفوي الوقور. وكانت السيدة فاندربانت تجمع رُقاقات اللعب من فوق المنضدة بأصابعَ تشبه مخالبَ طائرٍ جارح يمسك بفريسته، فيما بدت بالغةَ الوضاعة بالسيجار المتدلي من فمها. والكونت أيضًا كان هناك، وقد أحاطت ذراعا الشاب كلير برقبته، أما الشاب فحاز نصيبًا من التَّخنُّث بما وضعه من البودرة وأحمر الشفاه.
وفيما كانت جورجيا تنتفض من النفور، رفع الكونت ناظريه فجأة، حتى بدا أن عينيه قد وقعتا عليها، وإن كان لم يستطِع التعرف إليها وهي تراقبه.
وفي تلك اللحظة المرعبة، أدركت لماذا ظلَّت تلحُّ عليها اللوحة التي كانت في متحف ويرتز. ذلك لأن عينَي الكونت كانتا زرقاوَين ولامعتَين مثل عيون الطفلَين الحسنَين، اللذَين كانا يضحكان أثناء حَرْق أجنحة الفراشة بشعلة الشمعة.