الفصل الثالث عشر

جَدُّ كلب الصيد

لم تَعُد الأم إلى كتابتها طوال ذلك اليوم؛ لأن كلب الصيد ذا الصدرة الصوفية الحمراء الذي أحضره الأطفال إلى المنزل ذي المداخن الثلاث كان يحتاج إلى أن يُوضَع في الفراش. وبعد ذلك أتى الطبيبُ، وآلمه ألمًا رهيبًا للغاية. كانت الأم معه طوال ذلك كله، وهذا جعل الأمرَ أفضلَ قليلًا مما كان سيجري عليه، لكن «وصف ألمه بالسيئ كان ألطفَ ما يمكن قوله» كما قالت السيدة فايني.

جلس الأطفال في الردهة في الطابق السفلي وراحوا يسمعون وقع حذاء الطبيب وهو يتحرك جيئةً وذهوبًا على أرضية الغرفة. كما سمعوا تأوَّهًا مرةً أو مرتَين.

قالت بوبي: «هذا رهيب. يا إلهي، أرجو أن يُسرع الدكتور فوريست. يا إلهي، كم أنت مسكين يا جيم!»

قال بيتر: «إنه رهيبٌ حقًّا، لكنه مثيرٌ للغاية. ليت الأطباء لم يكونوا متغطرسين هكذا في اختيار من يسمحون لهم بالبقاء في الغرفة أثناء قيامهم بأعمالهم. كنتُ أتوق جدًّا لرؤية رِجلٍ تُجبَّر. أعتقد أن العظام تنسحق مثلما ينسحق أيُّ شيء آخر.»

قالت البنتان في الوقت نفسه: «لا تقل هذا!»

قال بيتر: «هراء! كيف ستصبحان ممرضتَين في الصليب الأحمر كما كنتما تتحدثان ونحن قادمون إلى المنزل، إذا كنتما لا تُطيقان حتى أن تسمعاني وأنا أتحدث عن انسحاق العظام؟ سوف يتعين عليكما سماعُها وهي تنسحق في ميدان المعركة؛ وتنغمس في الدم المتخثر حتى المرفقَين على الأرجح، و…»

صاحت بوبي وقد شحب وجهها: «كف عن هذا! لا تدري كم يُصيبني كلامك بالغثيان.»

قالت فيليس التي اصطبَغ وجهها باللون الوردي: «وأنا أيضًا.»

قال بيتر: «جبانتان!»

قالت بوبي: «لستُ جبانةً. لقد ساعدتُ أمي وهي تعالج قدمك التي جرحَتها مجرفة الحديقة، وهكذا فعلتْ فِل؛ أنت تعلم أننا فعلنا هذا.»

قال بيتر: «حسنٌ إذن! والآن أنصِتا إليَّ. سيكون من الجيد جدًّا لكما إذا تحدثتُ إليكما لمدةِ نصف ساعةٍ يوميًّا عن العظام المكسورة وأجسام الناس من الداخل، لكي أُعوِّدكما على الأمر.»

تحركَ كرسيٌّ في الطابق العلوي.

قال بيتر: «اسمعا، هذا هو صوت انسحاق العظم.»

قالت فيليس: «ليتك لا تفعل. إن بوبي لا تحب هذا.»

قال بيتر: «سأخبركما ماذا يفعلون.» لا أعرف ما الذي جعله بغيضًا للغاية هكذا. ربما لأنه ظلَّ لطيفًا وطيبًا للغاية طوال الجزء الأول من اليوم، وقد آن له الآن أن يُغير أسلوبه بطريقةٍ ما. هذا ما يُسمَّى بالارتكاس. إن الواحد منَّا يُلاحظه في نفسه بين الحين والآخر. أحيانًا عندما يكون المرءُ قد ظلَّ طيبًا جدًّا لفترةٍ أطول من المعتاد، فإنه يُصاب فجأةً بنوبةٍ عنيفةٍ من الانعدام الكلي للطيبة. قال بيتر: «سأخبركما ماذا يفعلون. إنهم يشدون الشخص المكسور بأربطة إلى الأرض حتى لا يتمكن من مقاومة أو معارضة خططهم الطبية، ثم يمسك شخصٌ ما رأسه، ويمسك آخرُ رجله؛ الرجل المكسورة، ويشدها إلى أن يعود العظمُ إلى مكانه محدِثًا صوتَ انسحاق، ثم يلفونها بالأربطة و… هيا لنلعب لعبة تجبير العظام!»

قالت فيليس: «يا إلهي، لا!»

لكن بوبي قالت فجأةً: «حسنٌ؛ لنلعب! سألعب أنا دور الطبيبة، وتستطيع فِل أن تلعب دور الممرضة. يمكنك أنت أن تكون صاحب العظم المكسور؛ يمكننا الوصول إلى رِجلَيك بسهولةٍ أكبر؛ فأنت لا ترتدي تنورةً داخلية.»

قال بيتر: «سأُحضر الجبائر والضمادات، وأنتما جهزا سرير المرضى.»

كانت جميع الحبال التي ربطوا بها الصناديق التي جاءوا بها من منزلهم القديم موضوعةً في صندوق تعبئةٍ خشبي في القبو. عندما أحضر بيتر منها كتلةً متشابكةً تجرجر على الأرض، ولوحَين عريضَين من أجل الجبائر، كانت فيليس تقهقه بجذل.

قال بيتر: «الآن إذن.» واستلقى على المقعد الخشبي الطويل، وراح يئن أنينًا شديدًا للغاية.

بدأت بوبي تلف الحبل حوله هو والمقعد، وقالت: «لا ترفع صوتك بالأنين هكذا! شُدي أنتِ يا فِل.»

أخذ بيتر يئن ويقول: «لا تُحكِمي الشدَّ هكذا. ستكسرين رجلي الأخرى.»

واصلت بوبي العمل في صمت، حيث أخذت تلف المزيد والمزيد من الحبال حوله.

قال بيتر: «يكفي هذا، إنني لا أستطيع الحركة على الإطلاق. يا إلهي، رجلي المسكينة!» وأخذ يئنُّ من جديد.

سألتْه بوبي بنبرةٍ غريبةٍ بعض الشيء: «أواثقٌ أنكَ لا تستطيع الحركة؟»

أجاب بيتر: «تمام الثقة.» وسألها بمرح: «هل سنتظاهر بأنها تنزف دون انقطاعٍ أم لا؟»

قالت بوبي بتجهمٍ، وقد شبكت ذراعَيها، وراحت تنظر إليه وهو مستلقٍ على الكرسي الطويل والحبال تحوطه بالكامل: «تستطيع أن تلعب ما تشاء. أنا وفِل ذاهبتان من هنا. ولن نفكك حتى تَعدنا بأنك لن تكلمنا أبدًا عن الدماء والجروح إلَّا إذا سمحنا لكَ بهذا. هيا يا فِل!»

قال بيتر وهو يتلوى من الألم: «أيتها المتوحشة! لن أعدكِ أبدًا، أبدًا. سأصيح بصوتٍ عالٍ، وستأتي أمي.»

قالت بوبي: «فلتفعل، ولتقل لها لِمَ ربطناك! هيا يا فِل. لا، أنا لستُ متوحشةً يا بيتر. لكنك لمْ ترضَ أن تسكت عندما طلبنا منك و…»

قال بيتر: «حقًّا، إنها حتى لم تكن فكرتكِ أنتِ. لقد أخذتها من رواية ستوكي!»

بينما بوبي وفِل تتراجعان إلى الوراء بصمتٍ ووقار، التقتا بالطبيب عند الباب. أقبل الطبيبُ عليهما وهو يفرك يدَيه، ووجهُه يشي بالرضا عن نفسه.

وقال: «حسنٌ، لقد انتهت هذه المهمة. إنه كسرٌ بسيط، وسوف يلتئم على خير، لا أشك في هذا. كما أن الفتى شجاعٌ أيضًا؛ يا إلهي! ما كل هذا؟»

لقد وقعت عينه على بيتر الذي ظلَّ مستلقيًا هادئًا هدوء الفئران في قيوده على المقعد الطويل.

وقال: «تلعبون لعبة السجناء، أليس كذلك؟» لكنَّ حاجبَيه ارتفعا قليلًا. بطريقةٍ ما لمْ يكن يتصور أن تُقدِم بوبي على اللعب بينما شخصٌ ما تُجبَّر عظامُه المكسورة في الغرفة التي فوقها.

قالت بوبي: «أوه، لا! ليست لعبة السجناء. لقد كنا نلعب لعبة تجبير العظام. بيتر هو الذي انكسرت عظامه، وأنا كنت الطبيبة.»

قطَّب الطبيب جبينه.

وقال بنبرة صارمة جادة نوعًا ما: «إذن فإنني لا أجد بُدًّا من القول إنها لعبةٌ قاسيةٌ جدًّا. أليس لديكم من الخيال ما يكفي لتخيل ولو صورة باهتةٍ عمَّا كان يحدث في الطابق العلوي؟ ذلك الفتى المسكين، الذي تكسو قطراتُ العرق جبينه، وهو يعضُّ على شفتَيه كي لا يصرخ، وكل لمسةٍ على رجله تعذبه و…»

قالت فيليس: «أنت تستحق أن تُقيَّد، إنك لا تَقلُّ سوءًا عن …»

قالت بوبي: «صه. أنا آسفةٌ، لكننا لم نكن قاسيتَين في الحقيقة.»

قال بيتر بنبرةٍ غاضبة: «لقد كنتُ، أظنُّ، حسنٌ، بوبي، لا تُكملي معروفكِ وتتحملي اللومَ عنَّي؛ لأنني لن أقبل بهذا أبدًا. ما حدث هو أنني ظللتُ أتحدث عن الدم والجروح. كنتُ أريد أن أُدرِّبهما كي تُصبحا ممرضتَين في الصليب الأحمر. ولم أشأ أن أسكت عندما طلبتا مني ذلك.»

جلس الدكتور فوريست وقال: «جيد، وماذا بعد؟»

«حسنٌ … بعد ذلك قلتُ: «هيا نلعب لعبة تجبير العظام.» لقد كان الأمر كله هُراءً. كنتُ أعرف أن بوبي لن توافق. إنما قلتُ هذا لأغيظها. ثم لمَّا وافقتْ، كان عليَّ بالطبع أن أخوض في الأمر. لكنهما قيدتاني. لقد أخذتا تلك الحيلة من رواية ستوكي. وأظن أنه شيءٌ مخجلٌ بغيض.»

استطاع بيتر أن يلف نفسه ويخبئ وجهه في الظهر الخشبي للمقعد الطويل.

قالت بوبي، في ردٍّ غاضبٍ على توبيخ بيتر الذي لمْ ينطقه: «لم أظن أن أيَّ أحدٍ غيرنا كان سيعرف. لم يخطر ببالي مطلقًا أنك ستأتي هنا. كما أن سماع الكلام عن الدم والجروح يصيبني حقًّا بغثيانٍ رهيب. لم نقصد سوى المزاح عندما قيدناه. دعني أفك قيودك يا بِيت.»

قال بيتر: «لا يهمني إذا لم تفكيني أبدًا، وإذا كان هذا هو تصوركِ عن المزاح …»

قال الطبيب، رغم أنه في الحقيقة لم يكن يعرف حقًّا ماذا عليه أن يقول: «لو كنتُ مكانك، لحرَصتُ على أن أُحرَّر قبل أن تنزل أُمك. إنك لا ترغب في إقلاقها الآن تحديدًا، أليس كذلك؟»

قال بيتر بنبرةٍ جافيةٍ للغاية، عندما بدأت بوبي وفيليس تفكان العُقَد: «لا أعدكما بأيِّ شيءٍ عن عدم الكلام عن الجروح، انتبِها لهذا.»

همست بوبي، وهي منحنيةٌ قريبًا منه أثناء تخبطها في حل العقدة الكبيرة التي تحت المقعد: «أنا آسفةٌ جدًّا يا بِيت، لكنك لو علمت فقط إلى أي مدًى جعلتني أشعر بالغثيان.»

أجابها بيتر بفظاظةٍ قائلًا: «إنك لا تعلمين مدى الغثيان الذي جعلتِني أشعر به.» ثم تخلص من الحبال المفكوكة، ونهض واقفًا.

قال الدكتور فوريست: «لقد أتيتُ لأرى إن كان أيٌّ منكم سيأتي معي إلى العيادة. ثمة بعض الأشياء ستحتاجها أمكم في الحال، وقد أعطيتُ مساعدي إجازةً كي يذهب إلى السيرك؛ هل ستأتي معي يا بيتر؟»

ذهب بيتر دون كلمة أو نظرة لأختَيه.

مشى الاثنان صامتَين حتى وصلا إلى البوابة التي تؤدي من مرجة المنزل ذي المداخن الثلاث إلى الطريق. ثم قال بيتر:

«دعني أحمل حقيبتك. أرى أنها ثقيلة؛ ماذا بداخلها؟»

«أوه، مشارط، ومباضع وعدة أدواتٍ لجرح الناس. وزجاجة الإثير المخدر. كان عليَّ أن أُعطيه الإثير؛ فقد كان ألمه شديدًا جدًّا.»

لم يقل بيتر شيئًا.

قال الدكتور فوريست: «أخبرني كيف وجدتم هذا الفتى، قل لي كل شيء.»

أخبره بيتر بما حدث. بعد ذلك قصَّ عليه الدكتور فوريست قصصًا عن عمليات إنقاذ شُجاعةٍ؛ لقد كان الحديث مع الدكتور فوريست مثيرًا للغاية، كما سبق وقال بيتر كثيرًا.

بعد ذلك أُتيحت لبيتر وهو في العيادة فرصةٌ لم يُتَح له أفضل منها قبل ذلك قط ليتفحص موازين الطبيب ومِجهره وأكواب القياس. وعندما أصبحتْ كلُّ الأشياء التي سيعود بها بيتر جاهزةً قال الطبيبُ فجأةً:

«سوف تغفر لي إقحام نفسي فيما لا يعنيني، أليس كذلك؟ لكنْ ثمة شيء أريد أن أخبرك به.»

قال بيتر في نفسه: «ها قد حان وقتُ الشِّجار.» وقد كان يتعجب كيف نجا من الشجار.

أضاف الطبيب: «شيءٌ علمي.»

قال بيتر وهو يعبث بصَدَفة الأمونيت المتحجرة التي يستخدمها الطبيبُ ثقالة للأوراق كي لا تتطاير: «تفضل.»

«حسنٌ إذن، أنصت إلي. إن الصبيَّين والبنات إنما هم رجالٌ ونساءٌ صغار. ونحن أصلب منهن بكثيرٍ وأقدر على التحمل» (أُعجب بيتر بالضمير «نحن». ربما كان الطبيب يعلم أنه سيُعجَب به.) «كما أننا أقوى منهنَّ بكثير، والأشياء التي تجرحهنَّ لا تجرحنا. أنت تعلم مثلًا أنه يجب عليك ألَّا تضرب فتاةً …»

تمتم بيتر بسخطٍ قائلًا: «أعتقد أنه يجب عليَّ ألَّا أفعل هذا حقًّا.»

وأضاف قائلًا: «حتى وإن كانت أختَك. هذا لأن البنات أوهنُ وأضعف منَّا بكثير. ينبغي أن يكُنَّ هكذا، كما تعرف، وإلَّا لما صارت الأمور في صالح أطفالهن الرُّضع. وهذا هو ما يدفع جميع الحيوانات لمعاملة إناثها معاملةً لطيفةً جدًّا. إنها لا تتشاجر معها مطلقًا كما تعلم.»

قال بيتر باهتمام: «أعلم هذا، إن اثنَين من ذكور الأرانب ربما يتشاجران طوال اليوم لو تركتهما، لكنهما لن يؤذيا أنثى.»

«أبدًا؛ وكذلك الحيوانات البرية — الأسود والأفيال — إنها لطيفةٌ لأبعد الحدود مع إناثها. وعلينا أن نكون هكذا نحن أيضًا.»

قال بيتر: «فهمت.»

واصل الطبيب حديثه قائلًا: «كما أن قلوبهن ضعيفةٌ أيضًا، والأشياء التي لا نُلقي نحن لها بالًا البتةَ تجرحهنَّ بشدة. لذلك ينبغي لكلِّ رجلٍ أن يحذرَ غاية الحذر، ليس فقط من قبضتَيه، وإنما من كلماته كذلك.» واستمر قائلًا: «إنهن شُجاعاتٌ إلى أبعد حد، أتدري؟ انظُر إلى بوبي مثلًا وهي تنتظر بمفردها في النفق مع ذلك الفتى المسكين. إنه شيءٌ غريب؛ كلمَّا كانت المرأةُ أضعفَ وكان إلحاقُ الأذى بها أيسرَ، كان إصرارُها على فعل ما ينبغي فعلُه أكبر. لقد رأيتُ بعض الشجائع من النساء؛ وأمكَ واحدة منهن.» وأنهى الطبيب كلامه فجأة.

قال بيتر: «نعم.»

«حسنٌ، هذا كل ما لديَّ. سامحني لأنني ذكرتُ هذا. لكن لا أحد يعرف كل شيءٍ من دون أن يُخبره أحد. وأنت تفهم ما أعنيه، أليس كذلك؟»

قال بيتر: «بلى. وأنا آسفٌ لما حدث. ها قد قلتُها!»

«لا شكَّ أنكَ آسفٌ! إن الناس دائمًا ما يأسفون على أخطائهم؛ بمجرد أن يفهموا. ينبغي أن تُدرَّس هذه الحقائق العلمية للجميع. إلى اللقاء!»

تصافح الاثنان بحماسة. عندما عاد بيتر إلى المنزل نظرت إليه أختاه بارتياب.

قال بيتر وهو يُفرغ السلةَ على المنضدة: «لنتهادن. كان الدكتور فوريست يتكلم معي كلامًا علميًّا. لا، لا جدوى من إخباركما بما قال؛ فلن تفهما. لكنَّ مُؤدى كلامه كله أنكنَّ أيتها البنات مسكيناتٌ واهناتٌ ضعيفات، وأنكنَّ كائناتٌ مذعورةٌ كالأرانب؛ لذا ليس علينا نحن الرجال سوى أن نتحملكنَّ. لقد قال إنكنَّ متوحشات. هل أحمل هذه الأشياء إلى أمي في الدور العلوي، أم ستحملانها أنتما؟»

قالت فيليس بوجنتَين متَّقدتَين: «وأنا أعرف صفات الصبيان؛ إنهم فقط أَبغضُ وأفظُّ …»

قالت بوبي: «إنهم في غاية الشجاعة، أحيانًا.»

«تقصدين الفتى الذي بالطابق العلوي؟ أفهم هذا. استمري يا فِل؛ سأسامحكِ في أيِّ شيءٍ تقولينه؛ لأنكِ مسكينةٌ ضعيفةٌ مذعورةٌ واهنة …»

قالت فيليس وهي تثب عليه: «لن تسامحني إذا شددتُ شعرك.»

قالت بوبي وهي تجذبها بعيدًا: «لقد قال «لنتهادن».» ثم قالت هامسةً بينما كان بيتر يأخذ السلة ومضى يتبختر بها: «ألا ترين؟ إنه نادمٌ على ما فعل حقًّا، لكنه فقط لن يقول ذلك. هيَّا نعتذر له.»

قالت فيليس في ارتياب: «هذا تصنُّع مبالغ فيه للفضيلة؛ لقد قال إننا متوحشات، وإننا واهناتٌ ومذعورات …»

قالت بوبي: «إذن فلنرِه أننا لسنا مذعورتَين من أن يحسبنا نبالغ في الفضيلة، وأننا لن نكون أكثر منه وحشيةً بعد الآن.»

وعندما عاد بيتر، وهو لا يزال شامخًا بأنفه، قالت بوبي:

«نعتذر لأننا قيدناك يا بِيت.»

قال بيتر بجَفاءٍ وترفُّعٍ شديدَين: «كنتُ أتوقع أنكما ستعتذران.»

كان هذا يفوق القدرة على التحمل. لكن …

قالت بوبي: «حسنٌ، وها نحن نعتذر. والآن لنعتبر أن كلًّا منا قد دافع عن كرامته بما يكفي.»

قال بيتر بنبرةٍ جريحة: «لقد قلتُ لنتهادن.»

قالت بوبي: «إذن فلنتهادن. هيَّا يا فِل، لنجهز الشاي. من فضلك يا بِيت، ضع مفرش المائدة.»

قالت فيليس، بعدما عاد السلام بينهم بالفعل، وهو ما لمْ يتحقق إلَّا وهم يغسلون الفناجين بعدما شربوا الشاي: «أظن أن الدكتور فوريست لم يقُل بالفعل إننا متوحشات، أقال هذا؟»

قال بيتر بنبرةٍ جازمة: «نعم، لكن أظن أنه كان يقصد أننا نحن الرجال حيوانات ضارية أيضًا.»

قالت فيليس، وقد انكسر منها أحد الفناجين: «ما أغرب هذا الكلام منه!»

•••

«أيمكنني الدخول يا أمي؟» كان بيتر واقفًا عند باب ورشة كتابة أمه، حيث كانت جالسةً على منضدتها وأمامها شمعتان. بدا لهبُ الشمعتَين ملونًا باللونَين البرتقالي والبنفسجي في مواجهة الزُّرقة القاتمة الصافية للسماء التي كانت تتلألأ فيها بعضُ النجوم.

قالت الأم دون تركيز: «نعم يا عزيزي. ثمةَ خطبٌ ما؟» وكتبت بضع كلماتٍ أخرى، ثم وضعت قلمها وبدأتْ تطوي ما كتبتْه. وقالت: «كنتُ لتوِّي أكتب رسالةً إلى جَدِّ جيمس. إنه يعيش بالقرب من هنا، كما تعلم.»

«نعم، لقد قلتِ هذا ونحن نشرب الشاي. وهذا ما أريد قولَه. هل عليكِ أن تُرسلي له يا أمي؟ ألا يمكننا أن نُبقي جيم، ولا نقول أيَّ شيءٍ لأسرته إلى أن يتعافى؟ ستكون مفاجأةً كبيرةً لهم.»

قالت أُمه ضاحكةً: «حسنٌ، نعم، أظن أنها ستكون كذلك.»

واصل بيتر كلامه قائلًا: «أتعلمين يا أمي، إن البنات بالتأكيد لا بأسَ بهنَّ وكل هذا الكلام؛ أنا لا أقول أيَّ شيءٍ ضدهن. لكنني أود أن يكون عندي أخٌ أتكلم معه من حينٍ لآخر.»

قالت أمه: «نعم، أعرف أنك تملُّ يا عزيزي. لكنَّ الأمر ليس بيدي. ربما أستطيع أن أرسلك إلى المدرسة في العام القادم؛ أنت تحب هذا، أليس كذلك؟»

اعترف بيتر قائلًا: «أنا فعلًا أفتقد الأولاد الآخرين، نوعًا ما، لكن لو يمكن أن يبقى جيم بعد أن تتعافى رجله، فسوف نحظى بالكثير من المرح.»

قالت الأم: «لا أشك في هذا. حسنٌ؛ ربما يمكنه ذلك، لكنك تعلم يا حبيبي أننا لسنا أغنياء. وأنا لا أستطيع أن أوفر له كل ما سيريده. ولا بد له من ممرضة.»

«ألا يمكنكِ أن تُمرِّضيه أنتِ يا أمي؟ إنكِ تمرِّضين الناس جيدًّا جدًّا.»

«هذه مجاملةٌ لطيفةٌ يا بِيت؛ لكنني لا أستطيع أن أُمرِّضه وأن أكتب في الوقت نفسه. هذا هو أسوأ ما في الأمر.»

«إذن لا بد أن ترسلي الرسالة لجده؟»

«بالتأكيد؛ ولناظر مدرسته كذلك. لقد أرسلنا برقيةً لكلَيهما، لكن لا بد أن أرسل رسالةً أيضًا. وإلَّا فسيقلقون للغاية.»

اقترح عليها بيتر قائلًا: «أمي، لماذا لا يدفع جَدُّه للممرضة؟ سيكون هذا رائعًا. أتوقع أن هذا العجوز يتمرغ في الأموال. إن الأجداد دائمًا ما يكونون هكذا في الكتب.»

قالت أمه: «حسنٌ، لكن هذا العجوز ليس من أحد الكتب. لذا يجب ألَّا نتوقع أنه يتمرغ في الكثير من المال.»

قال بيتر متأملًا: «أما كان سيصبح مُبهجًا لو كنَّا جميعًا في أحد الكتب، وكنتِ أنتِ تكتبينه؟ حينئذ كان سيمكنك أن تجعلي كلَّ الأشياء المُفرحة تحدث، وتجعلي رِجلَي جيم تتعافيان في الحال وتصبحان على ما يرام غدًا، وتجعلي أبي يعود إلى البيت قريبًا و…»

سألتْه أمه بشيءٍ من الفتور، كما تراءى لبيتر: «أتشتاق إلى أبيكَ كثيرًا؟»

قال بيتر باقتضاب: «كثيرًا.»

كانت أمه تضع الرسالةَ الثانيةَ في مظروفٍ وتكتب العنوان عليه.

واصل بيتر كلامه ببطء: «أتعلمين، أتعلمين، ليس لأنه أبي وحسب، بل لأنه الآن بعيدٌ ولا رجلَ في البيت غيري؛ هذا هو ما يجعلني أرغب بشدةٍ في بقاء جيم. ألا تحبين أن تكتبي ذلك الكتاب وتضعينا كلنا فيه يا أمي، وتجعلي أبي يعود إلى البيت قريبًا؟»

طوقت الأم بيتر بذراعها فجأةً، وضمته إليها في صمتٍ مدةَ دقيقة. ثم قالت:

«ألا ترى أن من الجميل نوعًا ما أن تعتقد أننا في كتابٍ يكتبه الرب؟ لو كنتُ أنا مَن يكتب الكتاب، لربما ارتكبتُ أخطاءً. لكنَّ الربَّ يعلم كيف يُنهي القصةَ على الوجه الصحيح؛ بالطريقةِ الأفضل لنا.»

سألها بيتر بهدوء: «هل تعتقدين ذلك حقًّا يا أمي؟»

قالت أمه: «نعم، بالتأكيد أعتقد هذا — طوال الوقت تقريبًا — باستثناء الأوقات التي يكون حزني فيها أكبر بكثيرٍ من أن أُصدق أيَّ شيء. لكنني حتى عندما أعجز عن تصديق الأمر، فإنني أعرف أنه حقيقة؛ وأحاول أن أُصدقه. إنك لا تعرفُ كم أُحاول يا بيتر. والآن خُذ الرسالتَين إلى البريد، ودعنا لا نحزن بعد ذلك. الشجاعةَ الشجاعة! إنها أرقى الفضائل! أظن أن جيم سيبقى هنا أسبوعَين أو ثلاثة أخرى.»

ظلَّ بيتر فيما تبقَّى من الليلةِ ملائكيًّا للغاية، لدرجة أن بوبي خشيت أن يكون على وشك أن يَمرض. لكنها اطمأنتْ للغاية في الصباح عندما رأتْه وهو يضفر شعر فيليس في ظهر كرسيها كعادته القديمة تمامًا.

بعد الإفطار بوقتٍ قصيرٍ سمعوا طرقًا على الباب. كان الأطفال منهمكين في تنظيف الشمعدانات النحاسية احتفاءً بزيارةِ جيم.

قالت الأم: «لا بد أن هذا هو الطبيب، أنا ذاهبة. أغلقوا باب المطبخ؛ لستم في حالٍ مناسبةٍ لأن يراكم أحد.»

لكنه لم يكن الطبيب. لقد علموا ذلك من صوت المتكلم ومن وقع حذائه وهو يصعدُ الدَّرَج. لم يميزوا صوتَ الحذاء لكنَّهم كانوا واثقين جميعًا أنهم سمعوا ذلك الصوت من قبل.

كان هناك فترةٌ فاصلةٌ طالت قليلًا. لم ينزل الصوت ولا الحذاء مرةً أخرى.

«مَن عساه يكون هذا؟» هكذا ظلَّ كلٌّ منهم يسأل نفسه ويسأل صاحبه.

قال بيتر أخيرًا: «ربما يكون قطاع الطرق قد هاجموا الدكتور فوريست وتركوه ليلقى حتفه، وهذا هو الرجل الذي أرسل إليه برقيةً ليحل محله. لقد قالت السيدة فايني إن لديه طبيبًا ينوب عنه عندما يأخذ إجازة، أليس كذلك يا سيدة فايني؟»

قالت السيدة فايني من المطبخ الخلفي: «بلى، قلتُ يا عزيزي.»

قالت فيليس: «لقد أصابته نوبةٌ مرَضية، على الأرجح، تعجز عن علاجها كلُّ مساعداتِ البشر. وهذا هو عامله وقد أتى ليبلغ أمنا بالخبر.»

أسرع بيتر يقول: «هراء! لو كان هذا صحيحًا لَمَا صعدتْ أمي بالرجل إلى غرفة نوم جيم. لِمَ عساها تفعل هذا؟ اسمعا؛ إن الباب ينفتح. سينزلان الآن. سأوارب الباب قليلًا.»

وارب بيتر الباب.

وردَّ مُغضَبًا على تعليقات بوبي المستهجَنة: «هذا ليس تنصُّتًا. ما من عاقلٍ يقول أسرارًا على الدَّرَج. ولا يمكن أن يكون لدى أمي أسرارٌ تقولها لسائس الدكتور فوريست؛ وأنتِ قلتِ إن هذا هو عامله.»

نادت أمُّهم قائلةً: «بوبي.»

فتح الأطفال باب المطبخ، واستندت أمهم على درابزين الدَّرَج.

وقالت: «لقد جاء جَدُّ جيم، اغسلوا أيديَكم ووجوهكم وبعدها يمكنكم مقابلته. إنه يريد أن يراكم!» وانغلق بابُ حجرة النوم من جديد.

قال بيتر: «يا للمفاجأة! تخيلوا أن هذا لمْ يخطر ببالنا حتى! لتُسخني لنا بعض الماء يا سيدة فايني. لقد أصبحت في سواد قبعتك.»

كان الثلاثة متسخين بالفعل؛ لأن المادة التي تُنظفون بها الشمعدانات النحاسية بعيدةٌ كل البعد عن أن تُنظِّف مَن يستخدمها.

كان الأطفال لا يزالون منشغِلين بالصابون وفوط التنظيف الصغيرة عندما سمعوا وقع خطوات الحذاء وصوت الرجل ينزلان على الدَّرَج ويتجهان إلى غرفة الطعام. وبعدما تنظفوا، رغم بقاء النداوة عليهم — لأن تجفيف الأيدي جيدًا يستغرق وقتًا طويلًا جدًّا، وقد كانوا متشوقين جدًّا لرؤية الجد — دخلوا في طابورٍ إلى غرفة الطعام.

كانت أمهم جالسةً على المقعد الذي تحت عتبة النافذة، وكان جالسًا على الكرسي ذي الذراعَين المكسو بالجلد، والذي كان أبوهم يجلس عليه دائمًا في المنزل الآخر.

صاحبُهم السيد العجوز!

قال بيتر: «حسنٌ، لم أكن قَط …» حتى قبل أن يقول «كيف حالُك؟» لقد كان، كما أوضح فيما بعد، متفاجئًا بدرجةٍ أكبر حتى من أن يتذكر أن ثمةَ شيئًا يُدعى حُسن السلوك؛ فضلًا عن أن يمارسه.

قالت فيليس: «إنه صديقنا السيد العجوز!»

قالت بوبي: «يا إلهي، هذا أنت!» لكنهم بعد ذلك استعادوا سلوكَهم الحسنَ ورحبوا بالسيد العجوز ترحيبًا مهذبًا للغاية.

قالت الأم: «هذا هو جَدُّ جيم، السيد …» وذكرت اسم السيد العجوز.

قال بيتر: «يا للروعة! هذا مثل ما يحدث في الكتب تمامًا، أليس كذلك يا أمي؟»

قالت الأم مبتسمة: «بلى، نوعًا ما. إن بعض ما يحدث في الواقع شبيهٌ بعض الشيء بما يحدث في الكتب، في بعض الأحيان.»

قالت فيليس: «أنا سعيدةٌ للغاية لأنك أنت جد جيم. عندما يُفكر المرء في العدد الكبير من السادة كبار السن الموجودين في العالم؛ من المحتمل أن يكون جده أيَّ واحدٍ منهم.»

قال بيتر: «لكنني أظن أنك لن تأخذ جيم، هل ستفعل؟»

قال السيد العجوز: «ليس الآن. لقد تفضلتْ والدتُك ووافقتْ على أن يبقى هنا. وقد فكرت أن أرسل ممرضةً، لكنَّ والدتك تكرمتْ بالقول إنها ستُمرِّضه بنفسها.»

قال بيتر، قبل أن يتمكن أيُّ أحدٍ من إيقافه: «لكن ماذا عن كتابتها؟ لن يكون هناك أيُّ شيءٍ يأكله إذا توقفتْ أمي عن الكتابة.»

أسرعتْ أمه قائلة: «لا بأس بهذا.»

نظر السيد العجوز إلى أمهم بنظرة غاية في الرقة.

وقال: «أرى أنكِ تثقين في أطفالكِ وتأتمنينهم على أسرارك.»

قالت الأم: «بالطبع.»

قال: «اسمحي لي إذن أن أُخبرهم باتفاقنا الصغير. لقد وافقت أمكم، يا أحبابي، على أن تترك الكتابة قليلًا وأن تكون رئيسة الممرضات في مستشفاي.»

قالت فيليس بذهول: «يا إلهي! وهل سيتوجب علينا أن نترك البيت ذا المداخن الثلاث والسكةَ الحديدية وكل شيء؟»

أسرعت أمها قائلة: «كلا، كلا يا حبيبتي.»

قال السيد العجوز: «إن اسم المستشفى هو «المستشفى ذو المداخن الثلاث» وحفيدي عاثر الحظ جيم هو المريض الوحيد به، وأرجو أن يستمر هكذا. ستكون والدتُكِ رئيسة ممرضات، وسيكون هناك طاقم مساعدين في المستشفى مكونٌ من خادمةٍ وطاهيةٍ؛ وذلك إلى أن يتعافى جيم.»

سأله بيتر: «وهل ستواصل أمي الكتابة ثانيةً بعد ذلك؟»

قال السيد العجوز، وهو ينظر إلى بوبي نظرةً صغيرةً عجلى: «سوف نرى، ربما يحدث شيءٌ جميلٌ ولا تكون مضطرةً إلى ذلك.»

بادرت أمهم قائلة: «أنا أحب كتابتي.»

قال السيد العجوز: «أعرف هذا، لا تخافي من أن أسعى إلى التدخل في ذلك. لكن الواحد منَّا لا يدري مطلقًا. إن ثمة أشياء رائعة وجميلة للغاية تحدث، أليس كذلك؟ ونحن نعيش معظم حيواتنا على أمل حدوثها. هل يمكنني المجيءُ ثانيةً لرؤية الفتى؟»

قالت الأم: «بالتأكيد، ولا أعرف كيف أشكرك على أن مكَّنْتني من تمريضه. ذلك الفتى العزيز!»

قالت فيليس: «لقد ظلَّ ينادي أمي أمي أثناء الليل. لقد استيقظتُ مرتَين وسمعتُه.»

قالت أمها بصوتٍ خافتٍ للسيد العجوز: «لم يكن يقصدني، وهذا هو ما جعلني أرغب بشدةٍ في بقائه.»

نهض السيد العجوز من مكانه.

قال بيتر: «أنا سعيدٌ للغاية يا أمي لأنكِ ستُبقينه معنا.»

قال السيد العجوز: «اعتنوا بأمكم يا أحبابي، إنها سيدةٌ فريدة.»

همست بوبي: «نعم، أليس كذلك؟»

قال السيد العجوز وهو يمسك بيدَيْ أمها: «باركها الربُّ، باركها الرب! بلى، ولتُسدَّد خطاها. يا إلهي، أين قبعتي؟ هل سترافقني بوبي إلى البوابة؟»

عند البوابة توقف السيد العجوز وقال:

«أنتِ طفلةٌ صالحةٌ يا حبيبتي؛ لقد تلقيتُ رسالتك. لكنها لم تكن ضرورية. فعندما قرأتُ عن قضية أبيكِ في الجرائد في حينها، ساورتني الشكوك. ومنذ ذلك الحين عرَفتُ من تكونون، ولم أنفكَّ أحاول اكتشاف الحقائق. لم أبذل الكثير بعد. لكنني متفائلٌ يا حبيبتي؛ متفائل.»

قالت بوبي وقد اختنق صوتها بالدموع قليلًا: «يا إلهي!»

«نعم؛ يمكنني القول إنني متفائلٌ للغاية. لكن اكتمي سرَّكِ مدةً صغيرةً أخرى. فمن غير المقبول أن نزعج والدتكِ بأملٍ كاذبٍ، أليس كذلك؟»

قالت بوبي: «يا إلهي، لكنه ليس كاذبًا! أنا واثقةٌ أنك تستطيع أن تفعلها. كنتُ واثقةً من هذا عندما كتبتُ لك. ليس أملًا كاذبًا، أليس كذلك؟»

قال: «بلى، لا أعتقد أنه أملٌ كاذب، وإلَّا لَمَا أخبرتُكِ. وأعتقد أنكِ تستحقين أن تعرفي أن هناك أملًا بالفعل.»

«ولا تعتقد أن أبي فعل هذا، أليس كذلك؟ يا إلهي، قُل إنك لا تعتقد أنه فعلها.»

قال: «عزيزتي، أنا واثقٌ تمامًا أنه لم يفعلها.»

لو كان أملًا كاذبًا، فلقد كان برغم ذلك أملًا مُشرقًا للغاية ألقى دفئًا في قلب بوبي، وعلى مدى الأيام التالية أضاء وجهَها الصغيرَ كما يضيءُ مصباحٌ يابانيٌّ بنور الشمعة التي بداخله.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤