الديمقراطية الاقتصادية

يقول الغلاة من الشيوعيين: إن الديمقراطية مستحيلة مع بقاء الفوارق بين الناس في المال أو في شئون الرزق على العموم.

وحقيقة الأمر أن الفوارق بين الناس متعددة لا تنحصر في شئون الرزق والثروة، ومنها ما هو فوارق طبيعية تلازم الإنسان ولا تنفصل عنه بقانون أو نظام حكومة، فما خلا الناس قط ولا يخلون بعد اليوم من فوارق في الذكاء والغباء، وفي القوى والضعف، وفي الجمال والقبح، وفي الهمة والخمول، وفي النتاج والعقم، وفيما يتفرع على جميع هذه الصفات من الفوارق الملازمة التي تقل فيها حيل الشرائع والحكومات، فلا يصح أن يقال إن فوارق المال التي تذهب وتجيء وتتقلب بين الأيدي من زمن إلى زمن هي وحدها مانعة الديمقراطية أن تتحقق على أتمها في المجتمعات الإنسانية، فإذا جازت الديمقراطية مع فوارق الطبيعة فهي جائزة من باب أولى مع فوارق المال التي لا تستقر على حال.

وقد ثبت من تجارب الناس قديمًا وحديثًا أن التفاوت علامة حسنة وليس بالعلامة الرديئة التي نسعى إلى التخلص منها، فليس من الخير أن نتخلص منها لو أمكننا ذلك؛ لأن الاختلاف بين أبناء النوع الواحد دليل على التقدم وتعدد المزايا والملكات، وكلما تشابه أفراد النوع كان ذلك دليلًا على الهبوط والإسفاف، كما يشاهد في التشابه بين الحشرات الدنيا والاختلاف بين الأحياء العليا من جميع الأنواع، ولا سيما الإنسان.

وإذا كان الناس متفاوتين بحكم الطبيعية والاجتماع فمن الظلم البين أن تسوي بينهم وأن تجعل المتقدم منهم كالمتخلف، والعامل منهم كمن لا يعمل ولا يحسن العمل، ومن المسخ للطبائع أن تحرم الفاضل ثمرة فضله وتؤمن الكسلان والبليد على عاقبة كسله وبلادته، فلا إنصاف لذي كفاءة في هذه المساواة، ولا فائدة لعاجز فيها؛ لأن العاجز لا يسلم من عجزه باختياره، وكل ما نجنيه من هذا الإجحاف تعجيز الأكفاء وتثبيط العاملين.

فالديمقراطية لا تناقض الطبيعة، ولا تلزمنا أن نمسخها ونمحو الفوارق التي لا تستقيم الحياة بغيرها، وكل ما توجبه الديمقراطية أن يتساوى الناس في عدل القانون، وألا تكون الفوارق بينهم سببًا لاستغلال الأقوياء عمل الضعفاء أو لاغتصاب المالكين حق المحرومين. أما الفوارق التي يجيء بها فضل الفاضل وجهد المجتهد وأمانة الأمين وهمة الهمام فلا يزيلها من الحياة الإنسانية إلا عدو لبني الإنسان.

والمجتمع الديمقراطي الصحيح هو المجتمع الذي لا استغلال فيه ولا قدرة للأغنياء على حرمان الفقراء، وهذا هو نظام الاقتصاد الذي يحسن بالديمقراطية، وينبغي أن نترقى في تقريره وتثبيته واتخاذه أساسًا لكل نظام.

وهكذا شرعت الديمقراطية الاقتصادية في الإسلام.

فالإسلام يبطل قوة الاستغلال ويقدس حق العمل، ولا تحتاج الديمقراطية إلى أكثر من هاتين القاعدتين لكي تستقر عليهما أحسن قرار.

يأمر الإسلام بتوزيع المال: كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ كما جاء في القرآن الكريم.

ويكره الإسلام كنز المال: وَالذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ.

ويكره طغيان الغني: إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ.

ويكره أن يصبح المال تجارة فمن ثم حرم أكل الربى أضعافًا مضاعفة: يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلكُمْ تُفْلِحُونَ، وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللهِ.

ويحرم الإسلام تبعًا لذلك بيع العين بالعين إلا سواء بسواء ويدًا بيد؛ لأن اختلاف السعر هنا باب للاستغلال، قال النبي عليه السلام: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبُر بالبُر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلًا بمثل يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى.»

وكذلك يحرم الاحتكار لرفع الأسعار، قال النبي عليه السلام: «الجالب مرزوق والمحتكر ملعون»، وقال عليه السلام: «من احتكر طعامًا أربعين يومًا يريد به الغلاء فقد برئ من الله وبرئ الله منه.»

ومع تحريم الاستغلال يقدس الإسلام حق العمل، ويفضل كسبه على كل كسب: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ.

ومن سنن الإسلام قول النبي عليه السلام: «إن أفضل الكسب كسب الرجل من يده»، وإن «الله يحب العبد المحترف ويكره العبد البطال» … وذكر أمامه رجل جلْد قوي فقال بعض صحبه: لو كان جلده وقوته في سبيل الله؟ فقال عليه السلام: «إن كان خرج يسعى على أولاد ضعافٍ فهو في سبيل الله، وإن كان عن أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله.»

ومن أكبر المحرمات في الإسلام أن يعيش الإنسان بالمال الباطل، وأن يتخذه سبيلًا إلى سيطرة الحكم ورشوة الحكام … وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ.

هذه هي الديمقراطية «الاقتصادية» في الإسلام، ولن تقوم ديمقراطية «اقتصادية» على قاعدة أقوم من هاتين القاعدتين: تحريم الاستغلال وتقديس العمل، ولن تطمح الديمقراطية يومًا إلى أمل أكبر من تكوين مجتمع يبرأ من المستغل والمتبطل، وتدور الثروة فيه بين الأيدي كافةً ولا تنحصر فيه بين الأغنياء.

ولم تقف «الديمقراطية الاقتصادية» في الإسلام عند تحريم الاستغلال وتقديس العمل وكراهة التبطل وكنز الأموال؛ بل هي تحسب الحساب الأوفى لمن يعجزون عن العمل غير متبطلين ولا متواكلين، وتفرض لهم فريضة الزكاة، وتجعلها لهم حقًّا معلومًا في كل مال.

•••

إن منع الغبن هو غاية كل نظام صالح سواء أسميناه بالديمقراطية أم سميناه بما شئنا من الأسماء، ولكن منع الغبن لا ينتهي عند منع استغلال القوي للضعيف أو منع تسخير الغني للمحروم، فهناك غبن كهذا الغبن أو أشد منه إضرارًا بالمجتمع وأسوأ منه عائدة عليه، وهو أن تحرم المجتهد ثمرة اجتهاده، وتحول بين صاحب المزية وحق امتيازه، وأظلم المجتمعات هو المجتمع الذي يزعم أنه يحارب الحرمان، ثم يحرم المجتهدين والممتازين، ويسوي بينهم وبين الكسالى والعاجزين، وديمقراطية الإسلام تمنع الغبن في جميع صوره وجميع مآتيه، فتمنع غبن القادر كما تمنع غبن العاجز، وتنكر الاستغلال كما تنكر الإجحاف، ولهذا تعترف بالفوارق والدرجات، وتقرر حقيقتها التي لا سبيل إلى الغفلة عنها، وهي حقيقة ملحوظة في شئون الرزق وفي غيرها من الشئون، فما من طائفة من الناس تتساوى بين آحادها ولو كانوا من الأنبياء المرسلين أو من المجاهدين المجتهدين أو من العلماء العاملين.
  • وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ.
  • تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ.
  • فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا.
  • وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۖ وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ.
  • الذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.
وهذه الآيات تقرر حقيقة التفاوت بين الناس أنبياء وعلماء ومجاهدين وعاملين، غير منظور فيها إلى الوجهة المالية خاصة، بل منظور فيها إلى الواقع الذي لا معدى عنه في حالة من حالات الحياة الإنسانية على التخصيص، ولا معنى لتقرير هذه الحقيقة في جميع الجوانب وإنكارها في جانب الكسب والرزق، وهو جانب لا يخرج عن سنن الطبيعة ولا تبطله الشرائع كائنًا ما كان أساسها الذي تقوم عليه، ولهذا قررتها ديمقراطية الإسلام أيضًا، وجاءت في الكتاب العزيز آيات من قبيل ما تقدم تنص على الفوارق بين الناس في المساعي والمكاسب والأرزاق.
  • وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ.
  • نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ.
  • وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ.

ويجوز أن تستريح فئة من الناس إلى محو هذه الفوارق إن استطاعت محوها، ولكنها الفئة التي لا أمل فيها ولا خير فيها، فلا ترجو الخير لنفسها ولا تحبه لغيرها، أما من يرجو خيرًا من عمله واجتهاده فهو أول مغبون بمحوها وإبطال آثارها، وقد يكون الفقير المجتهد أحد المغبونين بما يضيع عليه من ثمرة اجتهاده وإغلاق باب الرجاء في وجهه؛ لأن الفقير يغنى والغني يفتقر، ولم يزل غنى الأغنياء وفقر الفقراء دواليك من جيل إلى جيل على تقادم الزمن واختلاف المجتمعات، فما من قرية يحصرها العارف بتاريخها إلا وجد فيها أغنياء كان آباؤهم إلى زمن قريب من الفقراء، ووجد فيها فقراء كان آباؤهم إلى زمن قريب من الأغنياء، وتلك الأيام نداولها بين الناس، فمن أراد أن يقف بها على حالة واحدة فغبن الفقير العامل من وقوفها كغبن الأغنياء، أو أسوأ منه عقبى؛ لأن الفقير العامل هو الكاسب بتغيير حاله، وهو الذي ينقطع به الأمل إذا امتنع عليه التغيير والتبديل.

•••

ولقد خاض الفلاسفة المحدثون كثيرًا في كلام طويل عريض عن العدل والمساواة فلم يبلغوا من إقامة حدود العدل والمساواة ما بلغه الإسلام بالديمقراطية الإسلامية، فهل العدل هو المساواة؟ وهل المساواة مرادفة للعدل في معناها؟

بعض المساواة عدل لا شك فيه، وبعضها كذلك ظلم لا شك فيه؛ لأن مساواة من يستحق بمن لا يستحق هي الظلم بعينه، والمساواة بين جميع الأشياء هي العدم المطلق؛ إذ لا بد من اختلاف ليقال هذا شيء وذلك شيء، فإن لم يكن اختلاف لم يكن شيء، وإنما هو العدم المطلق الذي لا محل فيه لموجود.

والإسلام يشيد بالعدل ويوجبه ويكرر الدعوة إليه: يوجبه بين العدو وعدوه: وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ.

ويوجبه بين القريب والغريب وبين الغني والفقير: يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا.

ويوجبه في المعاملات وفي الأحكام: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.

ويوجبه في دعوى الأنبياء والهداة: فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ.

ولا يسوي بين جائر وعادل: هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ۙ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.

•••

والعدل مفهوم إذا تساوى الناس في أمور ولم يتساووا في أمور أخرى، ولكنه غير مفهوم إذا عمت المساواة في جميع الأمور وجميع الحالات؛ لأنه لا معنى في هذه الحالة للموازنة بين القيم والأقدار.

أما الأمور التي يتساوى فيها الناس جميعًا: فهي الحقوق العامة التي تحمي كل إنسان أن يبغي عليه أحد، وقد نادى بها القرآن الكريم على أوفاها: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ.

وأكد النبي — عليه السلام — هذه المساواة في أحاديث متعددة منها قوله صلوات الله عليه: «أيها الناس إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية وفخرها بالآباء، كلكم لآدم وآدم من تراب، ليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى.»

والتقوى في الإسلام كلمة جامعة لكل ما يتقيه الإنسان من تبعات وحدود، فلا فضل لإنسان على إنسان إلا بما ينهض به من تبعات ويرعاه من حدود.

وقد تولى الخلفاء عملهم على هذا الحكم، فأقسم عمر رضي الله عنه: «والله لئن جاءت الأعاجم بالأعمال وجئنا بغير عمل فهم أولى بمحمد منَّا يوم القيامة، فإن من قصر به عمله لا يسرع به نسبه.»

وهذه هي المساواة التي تجب في الشريعة الصالحة، ولا غبن فيها على أحد من القادرين ولا من العاجزين.

أما المساواة التي فيها الغبن الوخيم العقبى فهي المساواة التي تبطل مزايا العمل وفضائل الرجحان، وتقعد ذوي المساعي عن مساعيهم، ويزعم الداعون إليها كما تقدم، أنهم يحاربون الحرمان فيحرمون القادرين الذين ينهضون بأعبائهم وأعباء بني الإنسان.

ولا غبن في مبادئ الإسلام على أحد من هؤلاء، ولا غبن فيه على أحد غير هؤلاء، فالديموقراطية الاقتصادية في الإسلام هي الديموقراطية التي يحمدها الكبير والصغير، ويرتضيها كل عامل يريد أن يطمئن على جزاء عمله، بل يرتضيها العاجز عن العمل ولو كان كلًّا على غيره؛ لأنه صاحب حق معلوم في أموال الأمة بأسرها، وإنما ينكرها العاجزون الذين يقرنون العجز بالحسد والشر، فلا يجلبون الخير لأنفسهم ولا يطيقون الخير عند غيرهم، ولن يوصف الحكم الذي يقوم على الحسد والشر بصفة الديموقراطية ولا بصفة الإنسانية، وليس مع الحسد والشر عدل ولا مساواة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤