مقدمة

في صمت الليل سمعتُ همس الذكريات، ومرت أمام عيني صورُ الحياة الماضية، وأشخاصٌ كنت قد تناسيتهم بفعل السنين، ولكنها لحظات ووجدت شريط لياليﱠ وأيامي التي ذهب بها الزمان إلى غير رجعة، وما كنتُ أدري هل كانت ذكرياتٍ سعيدةً فأردتُ استرجاعها، أم ذكريات حزينة هاجمَتني لتحيا مع أشباهها؟

فكأنَّ اليأس يُنادي أقرانه، وكأن الحزن القابع في حياتي يسترجع الماضيَ البعيد، رفعت عينَيَّ للسماء فتعاقبَت على نفسي وجوهٌ كغيوم الشتاء، فعانقتني عناق العائد من غياب طويل، ورأيت جيراني وأصحابي وإخوتي وأبي وأمي وشارعَنا القديم، ورأيت مدرستي وتذكرتُ أحداثًا كادت أن تتلاشى في طيَّات العمر الذي ما شعَرت به، وما أدري أهو بالقليل أم بالكثير؟

فما هي إلا أيام قلائل تلك التي سعدت بها، والتي أرغب في تدوينها بأوراقي. وما عدا ذلك أراه فصولًا غابرة عشتها بالأمس وطواها الدهر، ورغم هروبي من تلك الذكريات إلا أنني عندما أدركت أنها أشباح ذكرى، وأنني وحدي، نظرت حولي ولم أجد شيئًا مما رأيت. وحدي في صمت الليل وبرد الخوف وسكون الظلام، فناديت ولم يرتد إليَّ إلا صدى صوتي وصرخاتُ قلبي الجريح، وحدي وصمتي ودموع تخشى السقوط!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤