لساك فاكر

(كثيرًا ما يتذكر الإنسان أيامًا مضَت، ويستشعر طعم الذكريات، فيجد نفسه ذاهبًا دون وعي إلى مكانه الأول الذي شهد مولد ذكرياته، فلا يجد إلا أطلالًا ووجوهًا ربما عرَف ملامحها، وصديقًا هاربًا من مواجهة الماضي وآلامه، إنه العذاب الجميل!)

كيفك واد عمي؟
عال يا ابو خال،
متوحَّش صوتك والموَّال!
فاكر لمتنا وسهرتنا،
والجعدة حدا احمد عبد العال؟
فاكر واد عمَّك سِمَاعين،
وعشيَّة وصوت الطواحين،
والساقية وجرار الطين،
من ميته قعدنا وحكينا؟
من ياجي شتوية ولَّا تنين،
جدك نوَّار كيفه؟ مش زين؟
لساك فاكر؟
راح من سنتين!
ما يعزِّش ع الخالق واد أبوي!
لساك بالبندر حدا سِماعين،
اتحل رباطي معاه ومشيت،
وغرقت بغربتي،
رحت وجيت،
وعاودت حدانا،
فتحت الدار،
وقعدت أدندن بالمزمار،
واتفكر لمة جدتنا،
واللبنة وبتَّاوة بيتنا،
شقاوتنا ولعبنا واحنا صغار.
قلابة الدنيا،
بحال يا ابو خال،
الواحد يعمل ما بدا له،
بحَّرنا،
وسافرنا،
وجينا،
واهو من تاني؛
هنا اتلمِّينا.
كله من الاوِّل مكتوب،
الغلبان دايمًا
مغلوب!
دنيا وماشية؛
بالمقلوب،
نار الصبر على الأحباب،
فرن الدار وحشته جدتنا،
والجيراطين عدموا الأصحاب!
ريته العمر يعاود بينا،
والله ما كنت ركبت جطار،
والله لكنت بَجِيت في الدار،
أرعى وأزرع في الجيراطين،
وأنام حدا جدك نوار،
ما هي لُجْمات زي اللُّجمات،
أقل ما فيها كنا هنبقى،
رجَّالة وسط اللمَّات!
ماسمعناش لكلام جدتنا:
يا وليدي خد دُعا والديك،
إوعاك يوم تاخدك رجليك،
وتقول بكرة أرجع وأعود،
ربك بردك هنا موجود!
والله صدقت يا ست الدار!
وانا ناقص بس يا واد عمي،
أنا جيت اشيل من قلبي الهم،
قسمة وعاد بين ليل ونهار،
وخطاوي مكتوبة،
ومندار!
زي القنديل المنداس،
روحنا وجينا ما بين الناس!
يا ما وشوش شوفناها غريبة،
ووشوش ما بتعرفها العيبة،
ما لي وطافح قلبي مرار،
لا هترجع تاني الأيام،
ولا عمر زمانا هيندار!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤