مقدمة
مؤسسة هنداوي منارةٌ عالمية مهمتُها توصيلُ النور إلى مستحِقِّيه؛ أيْ إلى البشر جميعًا؛ إذ تُشرِق على الجميع دونَ تمييز، تَحدُوها قِيمُ الخير والحق والجمال، وهي غاياتٌ في ذاتها وثوابُ ذاتها، وهي نهاياتٌ لا شيءَ وراءها.
حين علمتُ أن مؤسسة هنداوي لا تهدف إلى الربح قلت: «وجدتها!» فقد آليتُ على نفسي منذ سلكتُ طريقَ الكتابة أن أقدِّم جهدي بروح الرسالة ومنطق الخدمة، غيرَ فارِكٍ كفَّىَّ تلمُّسَ ثمن، وأن أكسِب لُقمتي من مصدرٍ آخَر غير خبز الهيكل؛ فمارستُ الطبَّ سحابةَ يومي، وقمتُ ليلي أبثُّ القارئَ حديثًا لا يَميل به الغرضُ ولا يَمذُقه الارتزاق.
ثَمة خيطٌ واحد يصل أعمالي جميعًا على تفاوُتها الظاهري الشديد؛ ثَمة هَمٌّ واحد هو تأهيلُ العقل العربي وإيقاظُه من سُباته التاريخي الذي طال كثيرًا، تأهيلُه «بالمنطق القَويم والفَهم السليم والفِكر النقدي، لكي يتقبَّل الحداثة، والحضارة، والتعدُّدية، ولا يعود يَنفر من الآخَر، ويُجمِّد الزمن، ويهرب من الحرية».