أوهام الهوية
«هل تكون الكونفوشيوسية الحافزَ الذي يحقِّق النجاح الاقتصادي الذي توصَّلت إليه اليابان والبُلدان الصناعية الجديدة في شرق آسيا؟ وأَلَا يفرض الغرب على بقية أنحاء العالم تعريفَه الخاص لحقوق الإنسان والديمقراطية؟ وهل تتمشَّى الثقافة الأفريقية مع تعدُّد الأحزاب؟ وهل يشكِّل الإسلام عقَبة لا يمكِن التغلب عليها في سبيل انضمام المغارِبة والأتراك إلى أوروبا الغربية؟»
إن الهُوِية كما يراها «فرنسوا بايار» ليست طبيعية تَفرضها الأوضاع، بل هي بناءٌ ثقافي وسياسي وأيديولوجي؛ أيْ بناء تاريخي بالأساس. ومن ثَم فمصطلحاتٌ مِثل السكان الأصليين والهُوِية الأصلية هي تعبيرات خادعة وغير موفَّقة؛ فلا توجد هُوِية نقية خالصة، بل توجد استراتيجيات للهُوِية. وهذا هو موضوع هذا الكتاب الذي يناقش مسألة الهُوِية التي كثُر الحديث عنها في ظل العولمة وما أُشيع حول صدام الحضارات؛ وذلك من خلال دراسةِ ظاهرة الانغلاق الثقافي، وتجلِّياتها في المجال الأيديولوجي والسياسي والأكاديمي. كما يتطرَّق الكتاب إلى قضية نشأة الدولة، والتمييز بين بنائها بوصفها تأسيسًا واعيًا لجهاز الرقابة السياسية وبين قيامها بوصفها تطورًا تاريخيًّا واعيًا، فيُبرِز الكتاب حضورَها الطاغي في تشكيل الهُوِية وسنِّ الترتيبات ووضع الرقابة لها، مثيرًا إشكالية جديدة عن العلاقة بين العمل السياسي والعمل الثقافي.