الفصل الحادي والعشرون

تجارة الرقيق ومنعها

اشتهرت إفريقيا والسودان بالاتجار في الأرقاء، باختطاف الزنوج والعبيد وبيعهم، وكان من أسباب الثورة المهدية منع تجارة الرقيق، وقد رأينا أن نعقد هذا الفصل للكلام على تجارة الرقيق ومنعها.
  • لغة: الرِّقُّ — بالكسر — العبودية، وهو مصدر، رَقَّ الشخص يرِقُّ — من باب ضرب — فهو رقيق، ويتعدى بالحركة وبالهمزة، فيقال: رققته أرقه من باب قتل، وأرققته فهو مرقوق ومرقٌّ، وأمة مرقوقة ومرقَّة، قاله ابن السكيت، ويطلق الرقيق على الذكر والأنثى، وجمعه أرقاء، مثل: شحيح وأشحاء، وقد يطلق على الجمع أيضًا، فيقال: عبيد رقيق، وليس في الرقيق صدقة، أي: في عبيد الخدمة.
  • شرعًا: الرق:١ ذلٌ ركَّبه الله على بعض عباده جزاءَ عزوفهم عن طاعته، والرق الشرعي لا يترتب إلا عن أسر شرعي.

والأسر الشرعي هو الذي يحصل في أثناء حرب، وفي دار حرب مع القوم الكافرين، والحرب لا تكون حربًا شرعية إلا إذا أمر بها الإمام جهادًا في سبيل دين الله، يشترط لشرعيته أن تسبقه دعوة الكفار إلى الإسلام أو الجزية، فإذا أبى القوم الكافرون الإسلام أو دفع الجزية قاتلهم المسلمون، فإذا قهروهم ضربوا الجزية على جماجمهم، والخراج على أراضيهم.

ورد في «كتاب السير» للسرخسي، في الجزء العاشر منه، صحيفة ٣٠: «وإذا غزا الجيش أرضًا لم تبلغهم الدعوة لا يحل لهم أن يقاتلوهم حتى يدعوهم إلى الإسلام؛ ليعرفوا أنهم على ماذا يقاتَلون»، وهو معنى حديث ابن عباس (رضي الله عنه): «ما غزا رسول الله قومًا حتى دعاهم إلى الإسلام، ولو قاتلوهم بغير دعوة كانوا آثمين في ذلك …» إلى أن قال حكاية عن شرط استباحة رقاب الكفار وأموالهم: «ولكن شرط الإباحة تقديم الدعوة، فبدونه لا يثبت»، وإذا ظهر عسكر المسلمين على بلد القوم الكافرين، ودخلوها بإذن الإمام، وغنموا من العدو ماله ورجاله، كان لهم تملُّكها واقتسامها بإذن الإمام، وإن دخلوها بغير إذن الإمام عُدَّ ما يغتنمونه من رجال ومال اختلاسًا، وعُدَّ الآخذون متلصصين، وعُدَّ فعلهم خطفًا. ورد في «المبسوط» لشمس الدين السرخسي، في الجزء العاشر، صحيفة ٣٢: «لسنا نسلِّم أن سبب الملك نفس الأخذ، بل هو قهرٌ يحصل به إعلاء كلمة الله (تعالى)؛ ولهذا كان المصاب غنيمة بخمس، وهذا القهر لا يتم بنفس الأخذ، ولا يقهر الملاك، بل بقهر جميع أهل دار الحرب …»

ويحتِّم الفقهاء على الإمام الافتتاح بالدعوة إلى الإسلام، ولا يجوِّزون القتال قبل الدعوة؛ لأن القتال ما فرض إلا بعد الدعوة إلى الإسلام، والدعوة دعوتان: دعوة بالبنان وهي القتال، ودعوة بالبيان وهي اللسان. والثانية أهون من الأولى؛ لأن في القتال مخاطرة الروح والنفس والمال، وليس في دعوة التبليغ شيء من ذلك، فإذا احتمل حصول المقصود بأهون الدعوتين لزم الافتتاح بها، وفي هذا من الحكمة ما فيه؛ لاحتمال أن يسلم الكفرة قبل القتال، فإن أسلموا كفَّ المسلمون عنهم القتال، وإن قبلوا عقد الذمة كان لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين «راجع ص١٠٠ من فصل السير، الجزء السابع من كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، تأليف الإمام علاء الدين أبي بكر مسعود الكاساني».

قال الفقهاء: إن الكافر إذا أسلم وهاجر إلينا ثم ظهر المسلمون على الدار فأولاده الصغار يُحكم بإسلامهم تبعًا لأبيهم، ولا يسترقُّون؛ لأن الإسلام يمنع إنشاء الرق، وورد في «المبسوط» أيضًا «في الجزء العاشر ص٦٦»: «وإذا أسلم الحربي في دار الحرب، ثم ظهر المسلمون على تلك الدار، تُرك له ما في يده من ماله ورقيقه وولده الصغار؛ لأن أولاده الصغار صاروا مسلمين بإسلامه فلا يسترقون …» وبهذا المعنى أيضًا «الكاساني في كتاب بدائع الصنائع» حيث قال في صفحة١٠٠: «وأما أولاده الصغار فيُحكم بإسلامهم تبعًا لأبيهم ولا يسترقون؛ لأن الإسلام يمنع إنشاء الرق».

يضاف إلى هذا أن من شرائط ثبوت الولاء أن لا يكون الأب عربيًّا؛ لأنه إذا كان الأب عربيًّا فلا ولاء عليه لأحد مطلقًا، حتى إن الفقهاء نصوا على أنه إن كان الأب عجميًّا فلا ولاء عليه لقوم الأب «راجع صفحة ٤٣٦ من كتاب مجمع الأنهر الجزء الثاني».

على أن الولاء لا يثبت على فرع العتيق إلا بشرط أن يكون أبوه حر الأصل، لا ولاء عليه لأحد، فمن كان أبوه كذلك؛ سواء أكانت أمه حرة الأصل أم عتيقة، فلا ولاء عليه لأحد باتفاق الأئمة الأربعة.

واشترط الإمامان أبو حنيفة وأحمد — رحمهما الله — أن لا تكون الأم حرة الأصل، فإن كان الأب عتيقًا والأم حرة الأصل فلا ولاء لمعتق الأب عندهما؛ تغليبًا لجانب الحرية، ولفظ «حر الأصل» يستعمله الفقهاء في معنيين؛ «أحدهما»: من لم يجرِ على نفسه رقٌّ، وأن تولد من معتقة، «والثاني»: من ليس في أصله رقٌّ أصلًا، والمراد هنا المعنى الأول. كذا في مجمع الأنهر، الجزء الثاني، ص٤٢٥.

يضاف إلى هذه الشروط شرط آخر، ألا وهو أن يموت العتيق قبل المعتَق، «فلو مات المعتِق قبل عبده لا ينتقل الولاء لعصبته. راجع ص٩١ من كتاب أحكام إرث الوارث للعلامة أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن الشيخ شهاب الدين.»

وعلى مدعي الرق والعتق أن يُثبت إذن:
  • (١)

    أن العتيق كان كافرًا، وكان في دار حرب، وكان بالغًا رشيدًا، لا صغيرًا غير مكلف وقت أسره.

  • (٢)

    أن يبيِّن مسقط رأسه، ويعين القوم الذي كان يمتُّ الأسير إليهم، والواقعة التي أُسر فيها، وتاريخها وموقعها، وفي أي تاريخ أسلم، وهل أسلم وهو في دار الحرب أو أسلم بعد انتقاله إلى دار الإسلام؟

  • (٣)

    أن إمام المسلمين بدأ دعوته هو وقومه إلى الإسلام أو دفع الجزية فرفضوا، فحارب مع قومه عساكر المسلمين فوقع في أسرهم.

  • (٤)

    أن عسكر المسلمين دخلوا بلد القوم الكافرين بإذن الإمام.

  • (٥)

    أن الأسير ما كان عربيًّا، وما كان حر الأصل، وأن أم المتوفى ما كانت حرة الأصل.

  • (٦)

    إثبات العتق بتقديم ورقة العتق.

  • (٧)

    إثبات أن العتيق مات قبل معتقه.

  • (٨)

    إثبات أن المعتِق حفظ لنفسه في ورقة العتق حق الولاء على رقيقه.

وإليك بيان بعض الأحوال التي فيها استرقاق وليس فيها رق بالمعنى الشرعي، وأحوال فيها رق وليس فيها ولاء، وأحوال فيها رق وولاء وليس فيها إرث:
  • (١)

    لو أعتق حربي في دار الحرب عبده فلا ولاء عليه، فهذا عتق حاصل بالفعل، ولكنه لا يوجب الولاء.

  • (٢)

    أسر مسلمًا واسترقه ثم أشهد بأنه أعتقه، مثل هذا الإعتاق لا يوجب الولاء؛ لأن الرق باطل في أصله، إذ الحرية المتأكدة بالإسلام لا يجوز إبطالها بالرق. قال الإمام محمد — رحمه الله — وإذا أسلم أهل مدينة من مدائن أهل الحرب قبل ظهور المسلمين عليهم كانوا أحرارًا، لا سبيل عليهم، ولا على أولادهم ونسائهم، ولا على أموالهم، ويوضع على أراضيهم العشر دون الخراج، وكذلك إذا صاروا ذمة قبل الظهور عليهم «ص١٦٠ من الجزء الثاني من كتاب الفتاوى العالمكيرية.»

  • (٣)

    وَادَعَ مسلم دار الحرب على أن يؤدي أهل الحرب كل سنة مائة رأس إلى المسلمين، فإن كان هذه المائة من أنفسهم وأهاليهم وذراريهم لا يصح ذلك؛ لأنهم وأولادهم بأجمعهم دخلوا تحت الأمان، فلا يجوز استرقاقهم وتملكهم «ص١٩ من الجزء الأول من كتاب الفتاوى الأنقروية.»

  • (٤)

    دخل مسلم دار حرب بغير إذن الإمام واختطف صبيًا واسترقه ثم أعتقه، فلا ولاء؛ لأن الاسترقاق هنا ليس في الحقيقة والواقع إلا استخدامًا قهريًّا.

  • (٥)

    استرق رجل عربيًّا ثم أعتقه، فلا ولاء؛ لأن العربي لا يجوز استرقاقه.

  • (٦)

    استرق رجل مسلمًا مولودًا من أبوين حرين ثم أعتقه، فلا ولاء؛ لأن الإسلام يمنع إنشاء الرق.

  • (٧)

    الأصل في اللقيط أن يكون حرًّا. فلو استرقه رجل ثم أعتقه فلا ولاء له عليه؛ لأن الحرية مانعة لصفة المملوكية والرق، الولاء هنا معدوم، ومجرد الإشهاد بالإعتاق لا يوجب الولاء.

  • (٨)

    جليب باعه نخاس — ولو مجلوبًا من غير دار الإسلام — ثم أعتقه سيده فلا ولاء؛ لأن حالة الجليب كانت حالة استخدام قهري لا حالة رق شرعي؛ الولاء شرعًا عصوبة، فهل العصوبة تحصل من مثل هذا الاستخدام القهري؟ لا قائل بذلك أبدًا.

  • (٩)
    إذا أعتق حربي عبده الحربي في دار الحرب لم يصِر بذلك مولى له، حتى لو خرجا مسلمين إلى دار الإسلام لا ولاء له، وهذا قول أبي حنيفة والإمام محمد — رحمهما الله — لأنه لا يعتق عندهما بكلام الإعتاق، وإنما يعتق بالتخلية، والعتق بالتخلية لا يوجِب الولاء.٢

(١) تاريخ الرق

الرق قديم في العالم، فمنذ أبعد العصور كان الغزاة يجمعون الأسرى ويوزعونها على القواد والأقوياء كما توزع الغنائم، وكانت تتألف العصابات المسلحة للسطو على البلاد وأخذ الرقيق، حصل هذا في أوربا وآسيا وإفريقيا؛ ولذا كان هناك الرقيق الأبيض والرقيق الأسود، وكان الرقيق يستخدم في الخدمة المنزلية والزراعة والأعمال القاسية، كما يختار النساء الجميلات للزواج أو للمتاع.

والمماليك من الجراكسة والأكراد والقوقازيين نوع من الأرقاء، ويوجد الرق عادة في البلاد البعيدة عن المدنية، وحيث يعيش الناس متنابذين، وحيث يسود الفقر والجهل.

وإذا كانت تجارة الرقيق ممنوعة اليوم بالمعاهدات، وبتقدم الفكرة الإنسانية، فإنه لا يزال العالم يرزح تحت الرق. فيوجد رق وتجارة رقيق في الحبشة، وتوجد عصابات قوية بالمال، تُخضِع الفتيات وتتجر بأعراضهن، وتنفذ أوامرها بالتهديد والوعيد إلى جانب الوعود البراقة.
figure
اجتماع قبائل الزنوج «الشلك» ومعهم حرابهم ودروعهم وطبولهم.

كان سكان إفريقيا الأصليين من الزنوج والعبيد، فلما هاجر إليها الآسيويون ثم الأوربيون نزلوا عند سواحل البحار، وتوغلوا في الداخل عند شواطئ الأنهار، فكان الزنوج يفزعون من هذه الغزوات، ويعتصمون بالجبال، ويفرون من الغزاة في الغالب؛ والغزاة أوفر مدنية وذكاء وعلمًا ومالًا ودينًا، وكان بين الزنوج من يبيع أولاده بسبب الفقر.

أما في السودان، فالغزاة من الفراعنة ثم من العرب، ملكوا الرقيق، على اعتبار أنه من أسرى الحرب، وأن الدين الإسلامي يسمح به.

وفي الرسوم المنقوشة على جدران المعابد المصرية الفرعونية يُشاهد المصريون مقيِّدين أسرى السودانيين.

وقد اشترك في الاستيلاء على الرقيق بعد العرب، الأتراكُ الذين كانوا يرسلون الرقيق والخصيان إلى إستانبول، وإلى الحريم في قصور السلاطين والأمراء والوزراء والقواد والحاشية السلطانية، بل شوهد الرقيق الأسود في قصور فيينا وموسكو في القرون السابقة.

وكان لتجار الرقيق جيوش من العبيد؛ لأنه يستحيل البقاء في المراكز التجارية من غير القوات المسلحة، وكان للرقيق أسواق في الأبيض وفاشودة والقضارف والقلابات والخرطوم والمسلمية وود مدني وسنار وكلار وشندى وبربر، وكان الرقيق يُرسل إلى الحجاز ومصر.

(٢) الخصيان

ومن الرقيق الخصيان، وهم الغلمان العبيد، تُحفر الحفرة ويوضعون فيها جماعات بعد إزالة أعضائهم التناسلية بحديد محمي، وهي عملية قاسية ووحشية يموت بها أكثر من سبعين في المائة من الغلمان، ويعانون من جرائها آلامًا محزنة، ومن الخصيان أولئك الأغوات٣ في قصور الملوك والأمراء والعظماء، يؤمنون على خدمة «الحريم» لانتفاء شبهة التعرض للأعراض عنهم.

•••

وقد جاء في كتاب «تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان» تحت عنوان: «فصل في الخصيان المعروفين في مصر بالطواشية» ما يلي:

ولما كانت ملوك السودان أكثر الناس للنساء جمعًا وأبذلهم في ذلك وسعًا، كان يوجد عند الملك من الخصيان عدد كثير وجمٌّ غفير، فيوجد عند سلطان دار الفور نحو الألف أو أكثر، وعليهم ملك منهم، وهم له كالعساكر، وهو الذي يرتِّب في بيت السلطان ما يلزم منهم للحراسة، ويبقي عنده ما زاد إلى وقت الحاجة. والخصيان مكرمون عند الأكابر؛ خصوصًا في دار الفور، فإن لهم فيها سطوة، وأي سطوة! والكلمة النافذة والقوة ومقام ومقال وحال لا يماثله حال، حتى إن لهم هناك منصبين جليلين لا يتولاهما غير خصي؛ أحدهما: منصب الأبوة، والثاني منصب الباب، وأقول إن منصب الباب غير مختص بدار الفور، بل في تونس، وفي قسطنطينية كذلك، وأصل الخصيان الذين في دارفور من بلدروكا، يخصونهم هناك ويأتون بهم إلى دارفور.

طريقة الخصي

ثم قال:

يوتى بمن يُراد الفعل به فيضبط ضبطًا جيدًا، وتمسك المذاكير «أعضاء التناسل عند الذكور» وتستأصل بموسٍ حادٍّ، ويوضع في ثقب مجرى البول أنبوبة صغيرة من صفيح؛ لئلا ينسد، ويكون قد سخن السمن على النار تسخينًا جيدًا حتى غلي، ثم يكوى به محل القطع، وبعد أن يكون محل القطع جرحًا حديديًّا ينقلب جرحًا ناريًّا، ثم يداوى بالتغيير عليه بالتفتيك والأربطة، حتى يشفى أو يموت، ولا يشفى منه إلا القليل.

فإن قيل إن في هذا تعذيبًا للحيوان الناطق، وقطعًا للتناسل المأمور بكثرته شرعًا، فهو حرام؟ قلت نعم، قد صرَّح غير واحد من العلماء بحرمته؛ خصوصًا جلال الدين السيوطي — رحمه الله — فإنه صرَّح بالتحريم في كتابه الذي ألفه في حرمة خدمة الخصيان لضريح سيد ولد عدنان، لكن الحرمة على الفاعل، وإنما يخصي الخصيان قوم من المجوس، ويأتون بهم إلى بلاد الإسلام فيبيعونهم ويهادون بهم، ولا يخصى على يد المسلمين منهم إلا القليل النادر، وأما استخدامهم بعد الخصي فلا ضرر فيه، بل فيه ثواب عظيم؛ لأنهم لو لم يستخدموا لحصل لهم الضرر من وجهين؛ الأول: مما وقع عليهم من الخصي الموجب لفقده اللذة العظيمة وقطع التناسل، والثاني: من ضيق المعيشة.

وقد تألَّفت في لندن جمعية سنة ١٧٨٧ للدعوة لمنع الاتجار بالرقيق، وانتشرت الجمعيات في أوربا لهذا الغرض، وأقنعت الحكومات بأن تتدخل لمنع تجارة الرقيق، وعقد مؤتمر بروكسل في ٢ يوليو سنة ١٨٩٠.

وقد كان لمصر جهود موفقة احتملت في سبيلها تضحيات من المال والجند، وفقد السودان نفسه لمنع تجارة الرقيق في السودان، فأعلن محمد علي باشا عند زيارته للسودان سنة ١٨٣٩م إبطال تجارة الرقيق، وحذا حذوه محمد سعيد باشا في زيارته للسودان سنة ١٨٥٨م، أما إسماعيل باشا فكان اهتمامه بمنع الاتجار بالرقيق يفوق الجهود السابقة، منذ ولي حكم مصر سنة ١٨٦٣م، فصادر ٧٠ مركبًا محملة بالرقيق بين كاكا وفاشودة، ودعا ملك الشلوك إلى الخرطوم فسلَّمه رقيق بلاده، وسجن التجار، وأفرج عنهم بعد تعهدهم بعدم العودة إلى تجارة الرقيق، ولقد كان منع تجارة الرقيق من أسباب الثورة المهدية ونجاحها.
figure
محمد بك الملك من سلالة ملوك أرقو.

ومن أهم الوثائق التي عقدتها حكومة مصر الوفاقُ الذي أمضته مع بريطانيا العظمى بتاريخ ٢١ نوفمبر سنة ١٨٩٥، وهو الوفاق الذي تلاه الأمران العاليان الصادران في يوم ٢١ يناير سنة ١٨٩٦، وفي الأول جعلت الحكومة المصرية جلب الأرقاء جناية من الجنايات الكبرى التي يعاقب عليها بالإعدام، ثم توسَّعت فعدَّت مجرد إحراز الرقيق لأجل بيعه جناية يعاقب عليها بالأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات، وجعلت مجرد بيع أو شراء الرقيق أو المقايضة عليه جناية يعاقب عليها بالأشغال الشاقة من خمس سنوات إلى عشرة، كما أنها عدَّت رؤساء العائلات الذين يدخلون رقيقًا في منازلهم مجرمين، وعدَّت كذلك من منع معتوقًا من التمتع بتمام حريته، أو من التصرف بشخصه مجرمًا يعاقب بالحبس، وغير ذلك من الأحكام الصارمة. وفي الأمر العالي الثاني أحالت المجرمين على محكمة الاستئناف الأهلية المشكَّلة من خمسة قضاة؛ لمحاكمتهم على ما يرتكبونه من الجنح والجنايات الخاصة بالرق والاسترقاق.

جميع المعاتيق في مصر كانوا أناسًا اختطفهم النخاسون٤ خطفًا، وباعوهم كالسلع في الأسواق، ثم تداولتهم الأيدي بيعًا وشراء، فانتقلوا من شخص إلى شخص، ومن أسرة إلى أسرة، ومن بلد إلى بلد، إلى أن استقر بهم الحال عند شخص رأف بهم فحرَّر لهم «ورقة عتق»، على اعتبار أن الشخص مملوك له حقًّا، تنطبق عليه شروط الرق المقررة في الشرع، وما هو في الحقيقة إلا حرٌّ مقيَّد الحرية فقط، لا مالكية ولا مملوكية، لا في نظر الشرع ولا في نظر القانون، فيسرع هذا السجين المسكين إلى قبول العتق رجاء الخلاص من ربقة الذل والهوان، فإذا ما توفاه الله سارع معتقه أو أولاد معتقه إلى أمواله مطاولين أيديهم للاستئثار بها، مزاحمين أو حارمين الورثة الشرعيين الذين هم من ذوي قرابة المتوفى، وأحق بأمواله منهم.

•••

جاء في كتاب «تاريخ مصر في عهد الخديوي إسماعيل» للأستاذ إلياس الأيوبي:

فلما آل العرش إلى «إسماعيل» وصمَّم هذا العاهل — كما قلنا — على إدخال بلاده بصراحة في مضمار المدنية الغربية، وطَّن نفسه على إبطال الرق توطينه إياها على إلغاء العونة والسخرة.

وكانت النخاسة إذ ذاك في أشدها، بالرغم من مقاومة محمد علي وسعيد لها، وبالرغم من عمل الحكومة المصرية على تقليل توريد الأرقاء نيلًا، وإبطالها أسواق الرقيق الرسمية بمصر والإسكندرية وطنطا، وغيرها من البنادر.

فالبحَّارة في جهات النيل الأبيض، والنخَّاسة في جبال النوبة وجبال فازوغلي وفي جهات كردفان الجنوبية، كانوا لا يفتأون عاكفين على صيد السود بقوة السلاح كأنهم وحوش برية، وسبيهم والسير بهم إلى الأسواق في الأبيض وفاشودة والقلابات؛ حيث كان الجلَّابون يشترونهم منهم، وبعد أن يبيعوا أقلهم قيمة في أسواق الخرطوم والمسلمية وود مدني وسنار والقضارف وكسلا وبربر وشندى، ينزلون بأقواهم وأجملهم الى مصر؛ إما عن طريق النيل، في مراكب يرفعون عليها رايات دول عربية ليحتموا بها، وإما عن طريق الصحراء إلى أسيوط، حيث كان يوجد معمل للخصي يديره قسوس من الأقباط حازوا في أنهم من أمهر الناس في إجراء ذلك العمل الفظيع شهرة شائنة، وينسلُّون منها سرًّا إلى مصر والإسكندرية وأهم بنادر القطر، ويعرضون بضائعهم البشرية على الراغبين فيها، إما باطلاع الحكومة وموافقتها الصامتة، وإما خفية وخلسة بمساعدة شركاء لهم معلومين.

وكان ثمن الولد الأسود، أو البنت السوداء التي من عمره، ما بين عشرة جنيهات واثني عشر جنيهًا، وثمن الصبي الحبشي ما بين ٢٠ و٣٠ إلى ٩٠ جنيهًا و١٠٠ جنيه، وثمن البنت الحبشية التي سنُّها ما بين الثانية عشرة والسابعة أو الثامنة عشرة من ٧٠ جنيهًا إلى ١٠٠، وكان ثمن الرقيقات التي سبق استخدامهن أرخص من غيرهن، إلا إذا كنَّ صاحبات حِرَف؛ كأن تكن طاهيات أو ما شاكل ذلك، فإنهن في مثل هذه الحال كنَّ يُبعن بثمن أعلى.

وأما الخصيان فكانوا أعلى ثمنًا من الجميع؛ لندرتهم، والسبب في ندرتهم قلة نجاح عملية الخصي، وموت تسعين في المائة من الذين كانت تُعمل لهم.

وكان يوافي جلابو الرقيق الأبيض والأسود إلى تلك الأسواق، والفرق بين الرقيقين جسيم جدًّا؛ لأن الرقيق الأبيض كان اختياريًّا، وأما الأسود فكان مجلوبًا قسرًا. وكان ثمن الجارية البيضاء يختلف بين ٢٠٠ و٥٠٠ جنيه، ويتراوح أحيانًا تبعًا لجمال الجارية المبيعة ما بين ٨٠٠ جنيه و١٠٠٠ جنيه.

وكان الراغبون في الشراء كثيرون؛ إما لسد فراغ أحدثه الموت في عدد الأرقاء الموجودين في بيوتهم، والموت كان كثير الزيارة للأرقاء، وأغلب ما كانت أعمارهم قصيرة. وإما للمغالاة في مظاهر الأبهة والترف، فقد كانت توجد بيوت غاصة بالمئات من الجواري، ولا يعرف أربابُها منهنَّ إلا القليلات، فيُقبِلون أفرادًا أفرادًا على محلات الجلابين، ويشترون من يطيب لهم من الرقيق المعروض، وهم أبعد من أن يفتكروا حتى — ولا في المنام — بالفظائع والآثام والجرائم التي ارتُكبت في سبيل تموين بيوتهم، وسد حاجة معيشتهم القومية، وأبعد من أن يفتكروا بأن النخاسة كانت تنتزع سنويًّا أكثر من خمسين ألف أسود من حقولهم ورباعهم ومراعيهم، فلا يبقى منهم حيًّا كل سنة بعد المشقات يقاسونها سوى عشرة في المائة، وأن النخاسين كانوا حتى بعد وصول الرقيق لمصر يحتقرون حياة أولئك البؤساء إلى درجة أن اثنين منهم تخاصما مرة على ملكية بنت سوداء، فطعنها أحدهما بخنجر لكيلا يأخذها خصمه.

إلى أن قال:

وكان الجلابون يتحاشون بيع رقيق إلى أوربيين، ولا يقدِمون على ذلك إلا بحيطة كبرى؛ لعلمهم بأن معظم الإفرنج ميَّالون إلى إظهار نقمتهم على تجارتهم البشرية، أو التظاهر بها؛ رغبة منهم في وقوفهم موقف ذي الشعور الرقيق والإحساس الشفيق.

فما مضت على تبوُّؤ إسماعيل عرش أبيه وجده بضعة أشهر إلا وأصدر أوامره المشددة إلى موسى حمدي باشا، المعين من قبله حاكمًا عامًّا على السودان، بتعقب تجار الرقيق وقطع دابرهم، فألقى موسى باشا في تلك السنة عينها — وهي سنة ١٨٦٣— القبض على سبعين مركبًا مشحونة بالأرقاء بين كاكا وفاشودة، وأتي بالمسبيين إلى الخرطوم، ثم أحضر ملك «الشلك» من فاشودة فسلَّمه الرقيق الذي أُخذ من بلاده، ورجعه بالهدايا إليها، ووزع الباقين على التجار والموظفين لتربيتهم. وأما النخاسون فإنه زجَّهم في السجن، ولم يخرجهم منه حتى تعهدوا بعدم العودة إلى مثل تلك التجارة — وعود عرقوبية باطلة.

(٣) قرصان البحر

كان قرصان البحر يأسرون البواخر بمن فيها، فيختارون البنات والأولاد والسيدات ويأسرونهم، ثم يبيعونهم في أسواق لشبونة عاصمة البرتغال، وفي أسواق أشبيلية ببلاد الأندلس. ولما كثرت فظائع القرصنة النخاسية، وعلا صراخ الناس من القسوة التي كان القرصان والنخاسون والجلابون يعاملون بها أسراهم، ثار برلمان إنجلترا، وطلب من الحكومة أن تتدخل في الأمر، وتمنع أعمال القرصنة والنخاسة في العالم بأسره. فاتفقت إنجلترا مع جميع الدول؛ دولة دولة، على إبطال الرق من عموم العالم، وبدأت هي فأصدرت بتاريخ ٢٨ أغسطس سنة ١٨٣٣ مرسومًا أقرَّه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ووافق عليه الملك، أبطل فيه الرق من جميع المستعمرات التابعة لها، وكان فيها — وقتئذ — ٨٠٠٠٠٠ رقيق، فأعتقتهم كلهم، ودفعت من خزينتها مبلغ ٢٠٠٠٠٠٠٠ جنيهًا إلى الملَّاك والنخاسين والجلابين بصفة تعويض، ثم اقتدت فرنسا بها فأصدرت مرسومين بتاريخ ١٨ يولية سنة ١٨٤٥ و٢٧ أبريل سنة ١٨٤٨، بهما أطلقت حرية ٢٥٠٠٠٠ رقيق، ودفعت لمواليهم ٥٠٠٠٠٠٠ جنيه بصفة تعويض. وقد ظهر للِّجان التي نيط بها فحص حالة الأرقاء الذين أطلقت لهم الحرية أن معظمهم باعهم آباؤهم وأمهاتهم بيع السلع مُكرهين؛ بسبب ما انتابهم من فقر وجوع، فكانوا يتخلَّصون منهم بهذه الطريقة الهمجية. ومن لشبونة وإشبيلية كان هؤلاء الأرقاء ينتقلون مع مشتريهم إلى بلاد الشرق في تركيا وفي الأناضول وفي مصر وفي غيرها من البلدان.٥

(٤) الرقيق في أمريكا

ولم يخلص العالم المتمدين نفسه حتى اليوم من تجارة الرقيق في صورة من الصور؛ ففي أبريل سنة ١٩٣٥ نشرت الصحف الأمريكية حكاية فتاة في الخامسة عشرة من عمرها، تسكن في غرفة حقيرة ليس فيها من الأثاث ما يستر أرضها، والفتاة صفراء اللون منحلة القوى من جراء الولادة، وبجانبها طبيب يحمل على يديه قطعة لحم هي ثمرة تهوُّرها وانخداعها بالجنس القوي، فلما وقع بصرها على ما يحمله الطبيب قالت له بصوت يدل على الاستنكار: «أبعده عني»، فتعجَّب الطبيب لانتفاء عاطفة الأمومة من قلب تلك الوالدة، وقال لها: إنه طفل جميل ثقله عشرة أرطال.

ولكنها لم تعبأ بما قاله، بل ألحَّت عليه في إخفاء ذلك البرهان القبيح على عارها، وكان ذلك ما يتوقعه الطبيب ويريده؛ لعلمه بالربح المالي الذي أصبح الآن حلالًا له بعد أن أنكرت الوالدة الشقية طفلها فهو يبيعه في سوق الأطفال بعشرة دولارات الرطل، وبأكثر من ذلك أحيانًا. وهكذا أخذه وعاد إليها مرارًا ليقويها ويعيدها إلى حالة الصحة، فقابلت جميل صنعه في العناية بها بدون أجرة بجميل الثناء، ولم يخطر لها ببالٍ أنه سيبيع طفلها بما يزيد على أجرته أضعافًا!

ولا يستغربنَّ القارئ هذا؛ فإن سعر كل رطل من الأطفال في الجانب الغربي من الولايات المتحدة بأمريكا يتراوح بين خمسة دولارات وعشرة دولارات، أما في شرقيها فمختلف؛ إذ يفوز بالطفل من سوق المزاد صاحب الدفعة الكبرى، والراغبون في الحصول على اللقطاء كثيرو العدد، وكلهم من الذين حُرموا نعمة الأولاد، وهي تجارة جديدة نتجت عن الضيق الحالي الذي يحمل الفتيات اللواتي عدمنَ المال والأعمال، على التهور بدافع الحاجة، وبإغراء الطائشين من الفتيان.

وفي ملاجئ اللقطاء جداول تحتوي على مئات الأسماء، وفي بعض الأحيان ألوف الأسماء التي يريد أصحابها تبني الأطفال، وكثيرًا ما يقلُّ الإنتاج عن الاستهلاك، فيؤدي إلى ارتفاع الأثمان، وذلك هو الباعث على ابتداع سوق الأطفال، وفي بعض الأحيان يُباع الطفل قبل أن يخرج إلى العالم؛ لأن أكثرية أمهات الأطفال غير الشرعيين من الفتيات اللواتي تحت سن العشرين، وهن يسارعن إلى إبلاغ الأطباء أمر وقوعهن في هذه الورطة قبل الأجل المضروب، وهو بدوره يدبِّر المشتري من جداول الطالبين.

وأول ما عرف الناس بسوق الأطفال كان عندما أماطت إحدى الموظفات في جمعية الرفق بالأطفال اللثام عنها في هليوود، فقالت في مقالة نشرتها: إن الضحايا هنَّ على الغالب فتيات في الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة من العمر، والفتاة التي يشدِّد عليها الطبيب بدفع أجرته في الحال تسلم معه بأخذ الطفل للتبني إذا كان يسدِّد ما يطلب له منها، وهو يبيعه بثمن يماثل أجرته ويزيد.

وقد جرت العادة التي هي بنت الاختبار، أن الزوجين اللذين يشتريان الطفل يحتفظان به بضعة أشهر قبل المفاوضة في أمر تبنيه رسميًّا؛ وذلك للحيلولة دون قيام الحكومة بالتحقيق الواجب، فبعد انقضاء هذه المدة يتعذَّر على الحكومة إيجاد برهان على عدم شرعية ولادة الطفل، وتضيع الحقيقة بين اختفاء الأم وشهادة الطبيب ومال الرشوة.

وتوجد مثل هذه السوق في مدينة نيويورك، تُباع فيها الأطفال بسعر معلوم أو بالمزاد. وقد أسفر سعي جمعية الرفق بالأطفال لاستئصال هذا الشر عن خيبة؛ لأنها تعجز عن تأييد دعاويها على الشخص الذي احتكر هذه التجارة الغريبة، فهو في كل دعوى أقيمت عليه يدَّعي أنه قد حصل على الأطفال بطرائق مجهولة كتبرعات لمعهده.

•••

وقد نشرت إحدى الصحف الأمريكية بهذه المناسبة مقالًا هامًّا عن تجارة الرقيق، بقلم رحالة جاب أسواق الرقيق في إفريقيا وآسيا، وقد جاء في هذا المقال أن هناك خمس عشرة دولة على الأقل لا تستطيع القضاء على النخاسة في بلادها، وأكثر هذه الدول تتمتع بعضوية جمعية الأمم: هناك جمهورية ليبريا — مثلًا — فهي تساهم في جمعية الأمم منذ إنشائها، ومع ذلك تضمَّن تقرير لجنة التحقيق الدولية التي تألَّفت منذ عدة أعوام لدراسة مسألة النخاسة «تجارة الرقيق» اتهامًا خطيرًا لحكومة ليبريا بأنها ترسل جنودها لاقتناص الرجال والنساء، وتسخيرهم في حقول الكاكاو البرتغالية في «ساو نوميه» و«فرناندوبو»، وأن استبعاد حكومة ليبريا للزنوج بهذه الصفة أصبح موردًا عاديًّا من موارد إيراداتها.

أما الحبشة، فيقدَّر عدد العبيد الأرقاء فيها بمليونين، ولكن النجاشي يبذل جهود الجبابرة للقضاء على هذه التجارة المقيتة، وقد أنشأ وزارة خاصة لمكافحة النخاسة، أسندها إلى «ليكاماكواس مانجشا» وزير الحبشة المفوض سابقًا في روما. كما أنشأ للغرض نفسه لجنة برياسة سمو ولي عهده. وقد أعتق النجاشي المئات من عبيده، وأقطعهم الأراضي الزراعية، ولكن المشكلة الكبرى هي في كيفية تدبير عمل منتِج لباقي العبيد إذا حُرِّروا جميعًا.

وكانت الهند كذلك من أفضل أسواق العبيد، وفي سنة ١٩٢٤ أعتق مهراجا بيبال ٥٧ ألفًا من العبيد، وأعتقت الحكومة البريطانية ١٨٥ ألف عبد في تنجانيقا.

ولكن تجار الرقيق لا يزالون يواصلون عملهم بنشاط، فهم يُغيرون على القرى والقبائل في الحبشة والصومال وكنيا، ويقتلون الشيوخ ويختطفون النساء والأولاد، وينقلونهم بالسفن إلى بلاد العرب عن طريق البحر الأحمر، وذلك على الرغم من وجود بواخر إنجليزية وإيطالية وفرنسية مهمتها مطاردة النخاسة واستئصال شأفتها.

والعبيد الذين يُباعون في بلاد العرب يعاملون من المسلمين أفضل معاملة، فلا يُستعبدون ولا يُرهقون، وساداتهم يستخدمونهم في الزراعة أو نقل الماء، ويحسنون إليهم، ويسهرون على سعادتهم، ويزوجونهم.

١  انظر الجريدة القضائية سنة أولى، الأعداد ٨، ٩ عزيز خانكي بك.
٢  الفتاوى العالمكيرية ج٥ ص٣٤.
٣  لفظ «أغا» تركية معناها «السيد»، اصطلح الأكراد الأقدمون على إطلاقها على الأميين من الخدم ونحوهم، ويقصد بها لقب احترام، تقابل عندهم «أفندي» التي تطلق على العارفين بالقراءة والكتابة؛ كالموظفين، وقد أطلقت في مصر على العبيد الخصيان في القصور، والباش أغا هو رئيس الأغوات «رئيس الخدم».
٤  نخس الدابة ينخسها غرزها بعود فهاجت، والنِّخاسة — بكسر النون: بيع الدواب والرقيق.
٥  جاء في تقرير لجنة مكافحة تجارة الرقيق الأبيض في عصبة الأمم، أن التجار لا يزالون يمارسونها بأوربا وأمريكا، ولهم مندوبون في المحطات والموانئ بإغواء الفتيات بجعلهن كواكب، وقد يتناول الواحدة أكثر من ٢٠ تاجرًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤