الفصل الرابع

الاستدلالات المنطقية في طوبيقا شيشرون١

تمهيد

كان الباحثون يعتقدون، حتى وقت قريب، أن المنطق الرواقي ليس شيئًا آخر سوى تقليد ممسوح أو محاكاة مشوهة لمنطق أرسطو،٢ وكانت هذه الوجهة من النظرة سائدة حتى القرن التاسع عشر عند كبار مؤرخي الفلسفة، من أمثال «زيلر» Zeller الذي كتب في تأريخه للفلسفة اليونانية، قائلًا: «إن الرواقيين لم يقدموا شيئًا في المنطق، سوى صياغة مصطلحات جديدة للمنطق الأرسطي.»٣ ونفس الشيء ذهب إليه كبار مؤرخي المنطق، من أمثال «ج. برانتل» G. Prantl الذي كتب في الجزء الأول من كتابه «تاريخ المنطق في الغرب» يؤكد هذا المعني.٤
وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، جاء الفيلسوف الفرنسي «بروشار» Brochard ليعلن عكس ذلك؛ موضحًا مدى أصالة واستقلال المنطق الرواقي عن المنطق الأرسطي.٥
ولقد أخذ بهذا الرأي معظم الباحثين المعاصرين، فنجد «الدكتور محمود فهمي زيدان» حين أراد أن يبرز إسهامات الرواقيين في مجال المنطق، قال: «إن للرواقيين إضافات منطقية عديدة، منها: أنهم أول من خططوا بداية مذهب الاستدلالات الشرطية، فبحثوا في القضايا الشرطية المتصلة بنوعيها، كما صاغوا لأول مرة القضايا الشرطية المنفصلة بنوعيها، ووضعوا قواعد صدقها وكذبها، كما طوروا استخدام الرموز فوضعوا رموزًا للمتغيرات كعناصر للقضايا، كما عرفوا عددًا كبيرًا من الثوابت المنطقية، ولم يقتصروا على ثابت التضمن (اللزوم) فقط، ووضعوا تعريفاتها، ولكنهم لم يضعوا لتلك الثوابت رموزًا، كما أدت دراستهم للثوابت إلى دراسة القضايا المركبة وقواعد صدقها وكذبها؛ كما أضافوا أثرًا آخر حين انبثقت عنهم أول بادرة لتصور المنطق نسقًا استنباطيًّا؛ وذلك بأن وضعوا بعد التعريفات قضايا أولية لا تقبل البرهان، وأمكنهم بفضلها استنباط قضايا أخرى، وفي هذا الصدد يمكن القول بأنهم فتحوا الطريق أمام المحدثين لإقامة حساب القضايا.»٦
وهذه الإضافات التي أضافها الرواقيون لتاريخ المنطق، إذا نظرنا إليها من الناحية التاريخية، نجد أنها قد انبثقت على يد رجال المدرسة الرواقية الأولى، وخاصة على يد «كريسبوس» Chrysippus (٢٨٢–٢٠٤ق.م.) خلال القرن الثالث قبل الميلاد. أما في القرنين الثاني والأول قبل الميلاد، فقد ضعف الفكر المنطقي الرواقي، ولم تعد هناك أفكار منطقية جديدة؛ وذلك نتيجة ظاهرة يؤسف لها في تاريخ المنطق وهي — على حد تعبير «بوشنسكي» Bochenski — «التنافس الشديد بين المدرستين المشائية والرواقية».٧
ونتيجة لهذا التناقض لم يكن هناك في البداية تعاونٌ في مجال البحث المنطقي بين المشائيين والرواقيين، إذ إنه في حين أن المشائيين قصروا اهتمامهم على دراسة القياس الحملي؛ فإن الرواقيين لم ينظروا إلى ما يتعدى المخططات الاستدلالية التي يمكن استنباطها من لامبرهنات «كريسبوس». ولهذا أهمل الرواقيون تمامًا نظريتَي الحمل المنطقي والفئات.٨
إلا أن هذا الموقف لم يستمر طويلًا، إذ سرعان ما حدث — شيئًا فشيئًا — اندماج، أو ربما خلط، بين أفكار المدرستين. ولهذا أصبحت الحركة التوفيقية أكثر وضوحًا نتيجة لهذا المزج الذي سيطرت عليه في النهاية المدرسة المشائية.٩
وقد شاءت الأقدار أن تكون أول محاولة لتطبيق عملية المزج بين أفكار المشائية الرواقية على يد «ماركوس تيلليوس شيشرون» Marcus Tullius Cicero١٠ المفكر الروماني التوفيقي الذي أراد تثقيف مواطنية بعلوم اليونان وفلسفتهم إبان القرن الأول قبل الميلاد.
وقد جاءت هذه المحاولة في رسالة صغيرة له بعنوان «الطوبيقا» Topica. وقد دونها شيشرون تحت طلب صديقه الفقيه «تريباتيوس» Trebatius؛ لكي يشرح له كيفية الاستفادة من طوبيقا أرسطو في استخلاص الأحكام القانونية.١١
وقد ذهب بعض الباحثين من أمثال «وليم نيل» إلى أن «طوبيقا شيشرون» لا ترجع أهميتها إلى ما فيها من أصالة وجدة في تطور المنطق، بقدر ما هي إلا تجميع واضح لتعاليم المنطق اليوناني؛١٢ ومع ذلك فقد كان لها فضل لا يمكن إنكاره. وهو كما يقول «جورج سباين»: إقبال الناس على قراءة كتبه والإحاطة بما تضمنته، فكان مجرد فكرة لشيشرون كفيلًا بأن يخلدها على مدى الزمن.١٣
وبغض النظر عن الأهمية التي أعطاها الباحثون لطوبيقا شيشرون، فإن لهذا المؤلف — كما يقول د. حسن عبد الحميد، ود. محمد مهران — في ذاته أهمية خاصة لسببين رئيسَين:١٤
  • السبب الأول: هو كونه أول محاولة وضعت في علم مناهج البحث، هذا إذا وافقنا على أن مناهج البحث، هي تطبيق لمبادئ المنطق في العلوم المختلفة، وشيشرون نفسه يعلن عن هذه الحقيقة في بداية رسالته، حين يلفت نظر القارئ إلى استخدامات صديقه الفقيه «تريباتيوس». وعلى هذا فإن الأمثلة التي استخدمها شيشرون قد استقاها من القانون الروماني.
  • السبب الثاني: هو أن هذه الرسالة تعتبر الأولى من نوعها، والتي خلط فيها صاحبها ومزج بين منطق أرسطو ومنطق الرواقيين؛ على أن هذا المزج بين المنطقين من شأنه أن يستمر عند عدد قليل من المفكرين في الشرق والغرب خلال العصور الوسطى.
ومن ناحية أخرى، إذا كان شيشرون قد اعتبر رسالته عن الطوبيقا بمثابة تهذيب لطوبيقا أرسطو، إلا أن الدارس لرسالة شيشرون سرعان ما يكتشف أن ما أخذه شيشرون عن أرسطو، هو أمر لا يكاد يذكر بجوار ما أخذه شيشرون عن المنطق الرواقي، لدرجة جاءت فيها الرسالة رواقية سواء في روحها أو نصها.١٥
ولعل السبب في ذلك يرجع إلى طبيعة التفكير الفلسفي عند شيشرون، فقد كانت نزعته الفلسفية مطبوعة بالفلسفة الرواقية التي جاء بها «بنائتيوس الرودسي» Panaetius of Rhodes، ونقلت إلى «الدائرة السبيونية» المتمثلة في مجموعة الفقهاء الذين أخذوا على عاتقهم القيام بالدراسات الأولى في التشريع الروماني. والواقع أن كل ما عرف عن هذه الفلسفة كما قامت في مستهل القرن الأول قبل الميلاد، إنما عرف عن طريق شيشرون.١٦
ولهذا جاءت طوبيقا شيشرون لتحافظ على التعاليم المنطقية للرواقية من خلال صياغة الأفكار المنطقية في طوبيقا أرسطو. ويمكننا توضيح ذلك من خلال عرض الرسالة، والتي يمكن حصرها في الموضوعات الرئيسية الآتية:
  • (١)
    دراسة لبعض الحجج العامة والتي عرضها أرسطو في الطوبيقا، وقد أخذت هذه الحجج طابعًا رواقيًّا. مثال ذلك: الحجج التي ذكرها أرسطو، والتي يمكن أن نستخلصها من الجنس Genus، والنوع Species، والمتشابه Similarity، والمختلف Difference، والمتضادات Contraries، والمتناقضات Contradictions، والمقدمات Antecedents، والتوالي Consequence، والعلة Cause، والمعلول Effect … إلخ.١٧
  • (٢)
    دراسة لمختلف أشكال الاستدلالات الرواقية.١٨
  • (٣)
    عرض لسيمانطيقا الرواقيين الخاصة بأصل المصطلحات ومعناها وكيفية الاشتقاق اللغوي.١٩

ونكتفي هنا في هذا البحث بدراسة الاستدلالات المنطقية كما عرضها شيشرون؛ حيث نقوم بتصنيفها مع بيان الكيفية التي طبق بها شيشرون منطق أرسطو في ميدان القانون من جانب، وعلى أن الحجج العامة التي ذكرها أرسطو في كتاب الطوبيقا قد أخذت عنه طابعًا رواقيًّا، ثم بيان أثرها بعد ذلك على المفكرين في الشرق والغرب خلال العصور الوسطى. وسيكون منهجنا في ذلك هو المنهج التحليلي المقارن الذي يعتمد على تحليل النصوص تحليلًا دقيقًا واستنباط واستخلاص كل ما تشمله من آراء وأفكار مع المقارنة بين هذه الفكرة وغيرها قديمًا وحديثًا. وقد نضطر في أحيان أخرى إلى اللجوء إلى استخدام المنهج التاريخي بالقدر الذي يفي بسرد نفس الظاهرة المنطقية كما في طوبيقا شيشرون على بعض المناطقة خلال العصور الوسطى.

أولًا: تصنيف شيشرون للاستدلالات المنطقية

حاول شيشرون أن يصنف الاستدلالات الرواقية تصنيفًا جديدًا، وهذه الاستدلالات تتكون من سبع قواعد، يقول عنها: «إنها كافية لاشتقاق عدد لا يحصى من القواعد تسمى مواضيع.»٢٠ وهذه القواعد كما يذكر «وليم نيل» أن خمسًا منها ترجع إلى «لامبرهنات كريسبوس» دون أن يذكر شيشرون اسمه، مضيفًا إليها قاعدتين أُخرَيين، ربما يكون قد نقلها عن متأخري الرواقية.٢١
وهذه القواعد صاغها شيشرون على النحو التالي.٢٢
  • (١)

    إذا كان هذا صادقًا، كان ذاك صادقًا؛ ولكن هذا صادق؛ إذن ذاك صادق.

  • (٢)

    إذا كان هذا صادقًا، كان ذاك صادقًا؛ ولكن ذاك ليس صادقًا؛ إذن هذا ليس صادقًا.

  • (٣)

    ليس كلٌّ من هذا وليس ذاك صادقًا معًا، ولكن هذا صادق، إذن ذاك صادق.

  • (٤)

    إما هذا أو ذاك صادق؛ ولكن هذا صادق، إذن ليس ذاك صادقًا.

  • (٥)

    إما هذا أو ذاك صادق؛ ولكن ليس هذا صادقًا، إذن ذاك صادق.

  • (٦)

    ليس كل من هذا أو ذاك صادقًا معًا، ولكن هذا ليس صادقًا، إذن ذاك صادق.

  • (٧)

    ليس كل من لا هذا ولا ذاك صادقًا معًا، ولكن هذا ليس صادقًا، إذن ذاك صادق.

وهنا نلاحظ أن شيشرون، قد وضع نسقًا مكونًا من سبعة استدلالات، أربعة منها تبدأ بقضايا مثبتة، وثلاثة منها تبدأ بقضايا منفية، مما يدل على اهتمام شيشرون — على عكس الرواقية الأولى — بفكرتَي الوصل والنفي، حيث تعبر القاعدتان الأولى والثانية عن القياس الشرطي المتصل بنوعيه، والقاعدتان الرابعة والخامسة تعبران عن القياس الشرطي المنفصل بنوعيه. أما القاعدة الثالثة والقاعدة السادسة والقاعدة السابعة؛ فإنها تعبر عن استخدام منطقي جديد، ويعبر عنه بالكلمات «ليس كلاهما معًا»، وسوف يتجاهل المناطقة هذا الثابت إلى أن يبعثه أصحاب المنطق الرمزي الحديث.

ولم يكتف شيشرون بتصنيف تلك الاستدلالات؛ بل تكلم عن نوع آخر من الاستدلالات الشرطية ذات المقدمة الإضافية،٢٣ وهذه المقدمة الشرطية قصد بها ما يسمى بقياس الإحراج.

هذا هو تصنيف شيشرون للاستدلالات المنطقية عند الرواقيين، وهو في هذا لا يضيف جديدًا. أما الجديد الذي يضيفه شيشرون، فهو تطبيق تلك الاستدلالات المنطقية من خلال القانون الروماني، وذلك بإعطاء أمثلة مستمدة من ذلك القانون، حيث يصوغها شيشرون في صورة منطقية ذكرها أرسطو في الطوبيقا، وقد أخذت عند شيشرون طابعًا رواقيًّا، وذلك على النحو التالي:

المثال الأول

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو، وهي الحجة المشتقة من الأجناس، بينما هو في الحقيقة يستخدم أحد الاستدلالات المنطقية عند الرواقيين، وقد كان لهذا المثال ملابسات وظروف، خلاصتها: أن سيدة ما قد أوصى لها زوجها بكل الفضة، وبعد وفاته طرحت مشكلة ما إذا كانت العملة المعدنية التي تركها زوجها من حقها أم لا. وقد استخدم شيشرون الاستدلال الآتي من أجل حسم هذه المشكلة.٢٤ إذا كانت العملة المعدنية تدخل في مفهوم الفضة. فإنها قد أوصى بها للزوجة، ولكن العملة المعدنية تدخل في مفهوم الفضة، إذن فالعملة المعدنية قد أوصى بها للزوجة.
وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون لأرسطو، ليس إلا تطبيقًا للقاعدة الأولى، والتي تنص على أنه «إذا كان هذا صادقًا، كان ذاك صادقًا؛ ولكن هذا يكون صادقًا، إذن ذاك صادق»؛ وهذه القاعدة هي التي يطلق عليها طريقة إثبات المقدم أو الإثبات بالإثبات Modus Ponendo Ponens أو باختصار قاعدة الإثبات Modus Ponens، وهذه القاعدة عبارة قياس شرطي متصل مثبت يتألف من مقدمة شرطية متصلة (لزومية) وأخرى حملية ونتيجة حملية، وقد جاءت المقدمة الحملية مثبتة لمقدم القضية اللزومية، كما جاءت النتيجة مثبته لتالي تلك القضية.
ويمكن التعبير عن ذلك باستخدام الرموز على النحو التالي:
إذا كانت ق كانت ك
ولكن ق
إذن ك
وإذا شئنا استخدام لغة المنطق الرمزي الحديث، ووضعنا الرمز ( ) مكان أداة اللزوم «إذا كان … كان …»، وإذا اعتبرنا الرموز ق، ك، ل … متغيرات قضائية (أو قضوية)، أي يدل كل رمز منها على قضية حملية بكاملها، استطعنا أن نضع صورة الحجة السابقة على النحو التالي:
ق ك
ق
إذن ك

ويمكن صياغتها أيضًا على النحو التالي:

( «ق ك» ق ك)

(النقطة الواردة هنا في هذه الصيغة رمز للعطف «و»)

ويمكن قراءة هاتين الصيغتين؛ في حالة ما إذا صدقت (ق) صدقت (ك)، وكانت (ق) صادقة للزوم عن ذلك أن (ك) صادقة؛ أي في حالة ما إذا صدقت فكرة أن العملة المعدنية تدخل في مفهوم الفضة، صدقت الوصايا بها للزوجة، ولما كانت العملة المعدنية تدخل في مفهوم النقود صادقة، لزم عن ذلك أن العملة المعدنية قد أوصى بها للزوجة صادقة. ومعنى ذلك أننا قد استدللنا على صدق القضية (ك) بناء على صدق القضية (ق) التي تستلزمها. وهكذا، فحتى يمكننا أن نستدل على حجة قضية ما مثل (ك) لو حصلناها تاليًا في قضية لزومية، المقدم فيها مثل (ق) قضية صادقة؛ وبالتالي يكون الاستدلال صادقًا.

المثال الثاني

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو، وهي الحجة المشتقة من الأنواع، بينما هو يستخدم في الحقيقة أحد الاستدلالات الرواقية، وقد كان لهذا المثال ملابسات وظروف، وخلاصتها: أن سيدة تدعي فابيا Fabia، قد أوصى لها أحد الأشخاص بمبلغ كبير من المال، على شرط أن تربي أولاده، وبالتالي يمكن أن تحل محل أم العائلة Materfamilias ، وقد أثارت السيدة هذه المشكلة عما إذا كان يحق لها الحصول شرعًا على هذا المال أم لا، مع العلم أنها ليست بالفعل أم العائلة. وقد استخدم شيشرون هذا الاستدلال الآتي لحسم هذه المشكلة.٢٥
إذا كانت فابيا تريد أن تحصل على المال. فلا بد أن تكون بالفعل أم العائلة.
ولكنها ليست أم العائلة.
إذن لا يحق لها أن تحصل على المال
وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون لأرسطو، ليس إلا تطبيقًا للقاعدة الثانية، وهي القاعدة التي يطلق عليها المناطقة اسم طريقة النفي أو الرفع بالرفع Modus Tollendo Tollens، أو باختصار ضرب النفي أو الرفع Modus Tollens، وهي قاعدة نفي التالي، وهي عبارة قياس شرطي متصل منفي، حيث يتألف من مقدمة شرطية متصلة «لزومية» كمقدمة كبرى، وقضية حملية منكرة لتالي المقدمة اللزومية، وجاءت النتيجة منكرة لمقدمها، وباستخدام الرموز تكون لدينا الصيغة التالية:
إذا كانت ق كانت ك
ولكنها ليس ك
إذن ليس ق

وباستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث على الوجه الذي استخدمناه منذ قليل تكون لدينا الصورة المنطقية الصحيحة التالية:

ق ك
ك
إذن ليس ق
(الرمز « » يدل على النفي)

ويمكن التعبير عن ذلك بصيغة أخرى.

[ ك) ك ق]

ويمكن قراءة الصيغة على النحو التالي: في حالة ما إذا صدقت (ق) صدقت (ك)، وكانت (ك) كاذبة، لزم عن ذلك أن (ق) كاذبة؛ أي في حالة ما إذا كانت السيدة فابيا تريد أن تحصل على المال صادقة، فلا بد أن تكون هي بالفعل أم العائلة صادقة؛ ولما كانت فابيا ليست بالفعل أم العائلة (أي الكاذبة)؛ لزم عن ذلك أن فكرة حصولها على المال كاذبة أيضًا. ومعنى ذلك أننا قد استدللنا على كذب القضية (ق)، حين وضعناها مقدمًا لزومية، والتالي فيها مثل (ك) قضية كاذبة، ولذلك فالاستدلال صادق.

المثال الثالث

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو، وهي الحجة القائمة على التشابه، بينما هو في الحقيقة يستخدم أحد الاستدلالات الرواقية، وقد كان لهذا المثال ملابسات وظروف، وخلاصتها: أن شخصًا ما قد أوصى له أحد الأشخاص بحق الانتفاع بمنزل، وحين بدأ ينتفع بهذا المنزل شاءت الأقدار أن ينهار جزء من المنزل، وقد أثار الرجل مشكلة ما إذا كان يحق له إصلاح ما تهدم من المنزل أم لا. وقد استخدم شيشرون الاستدلال الآتي من أجل حسم هذه المشكلة.٢٦
الشخص ليس له حق الانتفاع بالمنزل وليس عليه إصلاح ما تهدم منه معًا
ولكن له حق الانتفاع بالمنزل
إذن يجب عليه إصلاح ما تهدم

وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون لأرسطو ليس إلا تطبيقًا للقاعدة الثالثة، والتي تنص على أنه «ليس كل من هذا وليس ذاك صادقًا معًا؛ ولكن هذا صادق؛ إذن ذاك صادق»، وهذه القاعدة هي عبارة عن تعبير آخر عن قياس شرطي متصل مثبت، بعد أن ردَّ شيشرون اللزوم إلى عطف بواسطة النفي، حيث تتألف المقدمة الكبرى من قضية شرطية عطفية منفية بمثابة قضيتين متناقضتين لا تصدقان معًا، ولا تكذبان معًا، ولما كانت القضية الأولى (المقدم) يسبقها نفي تناقض فهي كاذبة، والقضية الثانية (التالي)، تكون صادقة لأنها تجمع بين أداة النفي البسيط والنفي التناقضي، وبالتالي يصبح النفي مزدوجًا. ومعروفٌ أن نفي النفي إثبات. كما جاءت المقدمة الحملية مثبتة للقضية الأولى (المقدم) وتأتي النتيجة مثبتة للقضية الثانية (التالي) وبذلك يكون الاستدلال صحيحًا.

ويمكن التعبير عن صحة ذلك الاستدلال باستخدام الرموز على النحو التالي:
ليس كل من ق ولا ك معًا
ولكن ق
إذن ك
وباستخدام لغة المنطق الرمزي تكون لدينا الصورة المنطقية الصحيحة التالية:
ك)
ق
إذن ك
ويمكن التعبير عن ذلك بصيغة أخرى:
[ ك) ق ك]

ويمكن قراءة هذه الصيغة: أنه من الكذب أن تكون القضية (ق) صادقة والقضية (ك) كاذبة معًا، ثم القول بصدق القضية (ق) في الوقت نفسه، يلزم عنه أن تكون القضية (ك) صادقة، أي إنه من الكذب أن يكون الشخص له حق الانتفاع بالمنزل كاذبة وفي نفس الوقت عليه إصلاح ما تهدم منه كاذبة معًا، ثم القول بأن له حق الانتفاع صادق، يلزم عنه بأنه يجب على الشخص إصلاح ما تهدم من المنزل صادق وبالتالي يصبح الاستدلال صحيحًا، لأن المقدمة الأولى في هذا الاستدلال تقرر عدم إمكان كذب القضية (ق ولا ك) معًا. في حين أن المقدمة الثانية فيها (ق) صادقة، وعلى ذلك تكون الثانية صادقة، وهي نتيجة تلزم عن المقدمتين، ومن ثَم فالاستدلال صحيح.

المثال الرابع

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو وهي الحجة القائمة على الاختلاف، بينما هو في الحقيقة يستخدم أحد الاستدلالات الرواقية، وقد كان لهذا المثال ظروف وملابسات، خلاصتها! أن رجلًا ما أوصى بأن تكون كل الأموال التي تخصه ملكًا لزوجته. وبعد وفاته طرحت الزوجة مشكلة ما إذا كانت العقارات التي في تركة زوجها — والمتمثلة في شكل مال مخزون في صندوق كبير أو كتب — تقع ضمن الوصية أم لا. وقد استخدم شيشرون الاستدلال الآتي من أجل حسم المشكلة.٢٧
إذا كانت العقارات التي في التركة ملكًا للزوج في الأصل فقد أوصى بها للزوجة؛ وإذا لم تكن العقارات التي في التركة ملكًا للزوج في الأصل فلا يوصي بها للزوجة.
ولكن إما أن يوصي بها للزوجة أو لا يوصي
إذن إما أن تكون العقارات التي في التركة ملكًا للزوج في الأصل أو ليست ملكَه

وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون لأرسطو هو استدلال إحراج بنائي، وهو شبيه بالاستدلال الشرطي المختلط، وإن كان أكثر تركيبًا منه، وخاصة في المقدمة الشرطية المتصلة، وفي القضية الاستثنائية، وذلك يتضح من طريقة تكوينه، فهو يتكون من مقدمتين؛ المقدمة الأولى: مكونة من قضيتين شرطيتين متصلتين مرتبطتين بواو العطف «و»، والمقدمة الثانية: وهي المقدمة صغرى قضية شرطية منفصلة؛ لكنها استثنائية. وهي التي تثبت التاليتين في القضيتين الشرطيتين الواردتين في المقدمة الأولى (الكبرى)، ويمكن التعبير عن ذلك رمزيًّا بالصيغة التالية:

إذا كانت ق كانت ك، وإذا كانت ل كانت م

ولكن إما ك أو م

إذن إما ق أو ل

وبلغة المنطق الرمزي الحديث تكون لدينا الحجة المنطقية التالية:
ق ك ل م
ك م
إذن ق ل
(الرمز « » يعني الانفصال، وهو «إما … أو …»).
وبصيغة أخرى:
[ ك) م) ك]

وتقرأ: في حالة ما إذا صدقت (ق) صدقت (ك)، وإذا صدقت (ل) صدقت (م)، ولما كان إما أن تصدق (ك) أو تصدق (م). فلا بد أن تصدق (ق) أو أن تصدق (ل). أي إذا كانت العقارات التي في التركة، والتي هي على شكل مال مخزون في صندوق أو في كتب ملكًا للزوج في الأصل صادقة، فإن للزوجة الحق في أن ترث تلك العقارات صادقة، ولما لم تكن تلك العقارات صادقة، فإن الزوجة ليس لها الحق في أن ترث تلك العقارات صادقة؛ لكنه إما أن تصدق فكرة أن للزوجة الحق في أن ترث تلك العقارات، أو تصدق فكرة أن الزوجة ليس لها الحق في أن ترث تلك العقارات. وبالتالي فلا بد أن تصدق فكرة أن العقارات التي التركة ملك للزوج في الأصل أو تصدق بأنها ليست ملكه.

والسؤال الآن: كيف حاول شيشرون رد الإحراج من خلال هذا الاستدلال؟

الحقيقة أن شيشرون ردَّ الإحراج من هذا الاستدلال عن طريق استدلال إحراجي مثبت أيضًا؛ حيث يكون فيه التاليان في القضيتين الشرطيتين المتصلتين الواردتين في المقدمة الكبرى متفقَين، مع محاولة الإبقاء على المقدمتين كما هما، وفي المقدمة الصغرى قام بتبديل القضية المنفصلة المستمدة من تاليَي المقدمة الكبرى بمقدمتَي المقدمة نفسها، وعلى ذلك يكون الاستدلال كالآتي:٢٨

إذا كانت العقارات التي في التركة ملكًا للزوج في الأصل. فقد أوصى بها للزوجة؛ وإذا لم تكن تلك العقارات التي في التركة ملكًا للزوج في الأصل، فقد أوصى بها للزوجة أيضًا.

ولكنه إما أن تكون العقارات التي في التركة ملكًا للزوج في الأصل أو ليست ملكه.
إذن يجب أن يوصي بها للزوجة.

ويمكن التعبير عن ذلك رمزيًّا بالصيغة التالية:

إذا كانت ق كانت ك. وإذا كانت ل كانت ك.

ولكن إما أن تكون ق أو ل

إذن ك

وبلغة المنطق الرمزي الحديث تكون لدينا الحجة المنطقية الصحيحة التالية:

ق ك ل ك
ق ل

إذن ك

وبصيغة أخرى:

[(ق ك) ك) ل) ك]

وتقرأ: في حالة ما إذا صدقت (ق) صدقت (ك)؛ وإذا صدقت (ل) صدقت (ك) أيضًا؛ ولكنه إما أن تصدق (ق) أو تصدق (ل)؛ للزم عن ذلك أنه لا بد أن تصدق (ك).

المثال الخامس

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو، وهي الحجة الخاصة بالملحقات Corollaries؛ بينما هو في الحقيقة يستخدم أحد الأقيسة الرواقية، وقد كان لهذا المثال ظروف وملابسات، خلاصتها: أن سيدة قامت بعمل وصية لأحد الأشخاص، وهي في الحقيقة لم تغير حالتها أو وضعها المدني «أي تغير جنسيتها ولا ديانتها»، وقد أثارت السيدة هذه المشكلة عما إذا كانت الوصية التي أوصت بها تعد وصية قانونية أم غير قانونية، وقد استخدم شيشرون الاستدلال الآتي من أجل حسم المشكلة:٢٩
إما أن تغير (حالتها أو وضعها المدني) أو تكون الوصية باطلة.
ولكنها لم تغير (حالتها أو وضعها المدني)
إذن الوصية باطلة
وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون لأرسطو، ليس إلا تطبيقًا للقاعدة الخامسة والتي تنص على «إما هذا يكون صادقًا أو ذاك يكون صادقًا، ولكن ليس هذا صادقًا، إذن ذاك صادق»، وهذه القاعدة يطلق عليها اسم طريقة الإثبات بالنفي أو الوضع بالنفي Modus Tollendo Ponens، وهي عبارة عن قياس شرطي منفصل يتكون من قضية منفصلة كمقدمة كبرى، وقضية حملية كمقدمة صغرى، ونتيجة حملية، وهذه المقدمة الحملية تنفي أحد طرفي الانفصال وهو المقدم، فنحصل في النتيجة على إثبات الطرف الآخر وهو التالي. وهذا القياس يعتمد على ما يسمى بالانفصال الضعيف، وهو الذي لا يكون بين الطرفين أو البديلين أقصى درجات الاختلاف بحيث يمكن صدقهما معًا، ولكن لا يمكن كذبهما معًا، وبالتالي تكون الحجة صحيحة؛ لأن القضية الحملية جاءت منكرة لأحد البديلين وجاءت النتيجة مثبتة للبديل الآخر.

ويمكن التعبير عن ذلك رمزيًّا بالصيغة التالية:

إما ق أو ك

ولكن ليس ق

إذن ك

وبلغة المنطق الرمزي الحديث تكون لدينا الحجة المنطقية التالية:

ق ك
ق

إذن ك

وبصيغة أخرى:

[ ك) ق ك]
وتقرأ: إن القول بصدق إحدى القضيتين (ق)، (ك) على الأقل، والقول بأن القضية (ق) كاذبة، كل هذا يلزم عنه أن تكون القضية (ك) صادقة؛ بمعنى أن القول بصدق أن السيدة إما أن تغير (حالتها أو وضعها المدني) أو تكون الوصية باطلة على الأقل، والقول في الوقت نفسه بأن السيدة قد غيرت حالتها أو وضعها المدني كاذبة؛ كل هذا يلزم عنه أن تكون الوصية باطلة صادقة، وهذا الاستدلال صحيح؛ لأن المقدم فيه يتكون من مقدمتين إحداهما قضية شرطية منفصلة (ق ك) وتفيد صدق «ق» أو صدق «ك». ومن ثم فالنتيجة تلزم لزومًا طبيعيًّا وضروريًّا عن المقدمات، طالما أن نفي أحد البديلين يترتب عليه بالضرورة صدق البديل الآخر.

المثال السادس

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو، وهي الحجة المشتقة من المتضادات، بينما هو في الحقيقة يستخدم في هذا المثال أحد الاستدلالات الرواقية، وقد كان لهذا المثال ظروف وملابسات، خلاصتها: أن سيدة ما قد أوصى لها أحد الأشخاص بحق الانتفاع ببعض ملكيته، وقد أثارت السيدة هذه المشكلة، وهي عما إذا كانت الكميات الكبيرة التي تركها هذا الشخص من النبيذ والزيت تقع ضمن حق الانتفاع ببعض ملكيته أم لا، وقد استخدم شيشرون الاستدلال الآتي لحسم هذه المشكلة.٣٠
السيدة إما يكون لها حق الانتفاع ببعض ملكيته أو الاستفادة من الكميات الكبيرة من النبيذ والزيت.
ولكن لها حق الانتفاع ببعض ملكيته.
إذن ليس لها الحق في الاستفادة من الكميات الكبيرة من النبيذ والزيت.
وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون لأرسطو ليس إلا تطبيقًا للقاعدة الرابعة، والتي تنص على «إما أن يكون هذا صادقًا أو ذاك صادقًا؛ ولكن هذا صادق، إذن ذاك ليس صادقًا»، وهذه القاعدة هي التي يطلق عليها المناطقة ضرب النفي بالإثبات Modus Ponendo Tollens، وهذا الضرب هو عبارة عن قياس شرطي منفصل أيضًا؛ حيث يتكون من قضية منفصلة كمقدمة كبرى، وقضية حملية كمقدمة صغرى، ونتيجة حملية، وهذه المقدمة الحملية تثبت أحد طرفي الانفصال وهو المقدم، فنحصل في النتيجة على نفي الطرف الآخر وهو التالي، وهذا القياس يعتمد على ما يسمى بالانفصال القوي، وهو الذي يحدث عندما يكون بين البديلين تنافر لا يجتمعان معًا ولا يرتفعان معًا، بحيث يكون صدق أحدهما مستلزمًا لكذب الآخر، وكذب أحدهما مستلزمًا لصدق الآخر، وفي هذه الحالة تكون الحجة صحيحةً، وذلك لأن المقدمة الحملية جاءت مثبتة لأحد البديلين وهو المقدم، وجاءت النتيجة نافية للبديل وهو التالي.
ويمكن التعبير عن ذلك رمزيًّا بالصيغة التالية:

إما ق أو ك

ولكن ق

إذن لا ك

وبلغة المنطق الرمزي الحديث تكون لدينا الحجة المنطقية التالية:
ق ك
ق
إذن ك
وبصيغة أخرى:
[ ك) ق ك]

وتقرأ: أن القول بصدق إحدى القضيتين (ق، ك) على الأقل، والقول بأن القضية (ق) صادقة، كل هذا يلزم عنه أن تكون القضية (ك) صادقة وهو استدلال لزومي صحيح، وتتضح صحته من خلال المثال؛ حيث إن القول بصدق إحدى القضيتين أو الاستفادة من الكميات الكبيرة من النبيذ والزيت على الأقل، وهي إما أن تكون السيدة لها حق الانتفاع ببعض ملكيته والقول بأن السيدة لها حق الانتفاع ببعض ملكيته صادقة، كل هذا يلزم عنه أن السيدة ليس لها حق الانتفاع من الكميات الكبيرة من النبيذ والزيت.

المثال السابع

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو، بينما هو في الحقيقة يستخدم أحد الاستدلالات الرواقية، وقد كان لهذا المثال ظروف وملابسات، وخلاصتها: أن رجلًا تزوج من امرأة ليس له الحق في الزواج منها قانونًا، وقد أخفى هذا الرجل ذلك على زوجته فترة طويلة من الزمن، وحين علمت الزوجة بذلك، تقدمت بدعوى للطلاق منه، وبعد أن حكم لها بالطلاق أثارت الزوجة مشكلة عما إذا كان الأطفال الذين أنجبتهم منه ينتسبون إليه أم لا، وإذا كانوا ينتسبون إليه أفليس لهم حق النفقة؟ وقد استخدم شيشرون الاستدلال الآتي لحسم هذه المشكلة.٣١
الأطفال ليس لهم الحق في أن ينتسبوا إلى الأب ويأخذوا النفقة معًا.
ولكنهم ينتسبون إلى الأب
إذن لا يجوز أن يأخذوا النفقة

وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون إلى أرسطو، ليس إلا تطبيقًا للقاعدة السادسة والتي قال عنها: ليس كل من هذا وذاك صادقًا معًا، ولكي يكون هذا صادقًا، إذن ليس صادقًا، وهذه القاعدة هي الصورة التي يطلق عليها طريقة النفي بالإثبات، وإن كانت تنطوي على إثبات بنفي، وهي عبارة عن قياس شرطي منفصل بالمعنى القوي بعد أن رد شيشرون الانفصال إلى عطف بواسطة النفي التناقضي، وهذا القياس يتألف من مقدمة شرطية عطفية يكون مقدمها نفيًا لأحد البديلين، ثم مقدمة حملية مثبتة لمقدم القضية الشرطية العطفية ونتيجة نافية لتالي تلك القضية. وبذلك يكون الاستدلال صحيحًا ويمكن التعبير رمزيًّا عن صحة هذا الاستدلال فيما يلي:

ليس كل من ق وك معًا

ولكن ق

إذن لا ك

وباستخدام لغة المنطق الرمزي الحديث تكون لدينا الحجة الصحيحة التالية:

ك)
ق
ك

وبصيغة أخرى:

[ ك) ق ك]

وتقرأ: أنه من الكذب القول بأن القضيتين (ق، ك) صادقتان معًا، ثم القول بصدق (ق) في الوقت نفسه، يلزم عنه أن تكون القضية (ك) كاذبة؛ وهي صيغة تعبر عن استدلال صحيح، لأن المقدمة الأولى في هذه الصيغة من خلال المثال تقرر أنه من الكذب القول بأن الأطفال ينتسبون إلى الأب وفي الوقت نفسه يأخذون النفقة، صادقتان معًا ثم القول بأن الأطفال ينتسبون إلى الأب صادقة، وعلى ذلك تكون النتيجة التي تلزم عن المقدمتين هي أنهم يأخذون النفقة (كاذبة).

المثال الثامن

يعتقد شيشرون أنه يستخدم في هذا المثال إحدى الحجج التي ذكرها أرسطو، وهي الحجة المشتقة من السوابق، بينما هو في الحقيقة يستخدم في هذا المثال أحد الاستدلالات الرواقية، وقد كان لهذا المثال ظروف وملابسات، وخلاصتها: أن رجلًا ما ارتكب جنحة في حق زوجته، ثم قامت الزوجة على أثرها بطلب الطلاق، لكن الزوج أخبرها بأنها إذا أصرَّت على الطلاق فإنه لن يدفع النفقة إلى الأولاد الذين أنجبتهم منه، وقد أثارت الزوجة هذه المشكلة عما إذا كان الزوج له الحق في أن يحرمها من دفع النفقة على الأولاد إذا ما أصرت على الطلاق أم لا. وقد استخدم شيشرون الاستدلال الآتي لحسم هذه المشكلة:٣٢
ليس على الرجل الذي ارتكب جنحة في حق زوجته لا في أن يمنعها من طلب الطلاق ولا في أن يتملص من دفع النفقة على الأولاد معًا.
ولكن ليس لها الحق في أن يمنعها عن طلب الطلاق
إذن له الحق في أن يتملص من دفع النفقة على الأولاد

وهذا الاستدلال الذي ينسبه شيشرون لأرسطو، ليس إلا تطبيقًا للقاعدة السابقة، والتي يقول عنها: «ليس كل من لا هذا ولا ذاك صادقًا معًا، لكن هذا ليس صادقًا، إذن ذاك صادق»، وهذه القاعدة هي تعبير آخر عن قياس شرطي منفصل بعد أن ردَّ شيشرون الفصل إلى عطف بواسطة النفي المزدوج، حيث تكون فيه المقدمة الحملية مفكرة لمقدم الكبرى العطفية المنفية نفيًا مزدوجًا، والنتيجة مثبتة لتالي المقدمة، وبهذا يكون الاستدلال رمزيًّا.

ويمكن التعبير عن ذلك رمزيًّا بالصيغة التالية:

ليس كل من ق ولا ك معًا

ولكن لا ق

إذن ك

وباستخدام لغة المنطق الرمزي تكون لدينا الصورة المنطقية الصحيحة التالية:
ك)
ق

إذن ك

وبصيغة أخرى:
[ ك) ق ك]

وتقرأ: إن الكذب في القول بأن القضيتين ق، ك كاذبتان معًا، ثم القول بكذب القضية ق في الوقت نفسه، يلزم عنه أن تكون القضية ك صادقة، وبالتالي يصبح الاستدلال صحيحًا، لأن المقدمة الأولى في هذا الاستدلال — وهي من خلال المثال — تقرر عدم إمكان كذب القضيتين لا ق، لا ك معًا. في حين أن المقدمة الثانية فيها — وهي ق — كاذبة، وعلى ذلك تكون النتيجة صادقةً، ومن ثم فالاستدلال صحيح.

مما سبق يتضح لنا الكيفية التي طبق بها شيشرون المنطق الأرسطي في ميدان القانون الروماني من جانب، وعلى أن الحجج العامة التي ذكرها أرسطو في كتابه الطوبيقا قد أخذت عنده طابعًا رواقيًّا متمثلًا في تطبيق القواعد السبع للاستدلالات المنطقية من خلال أمثلة قانونية.

ثانيًا: أثر طوبيقا شيشرون على مفكري الغرب والشرق

والسؤال الآن: إذا كان مناطقة العرب قد عرفوا عملية مزج المنطق الرواقي بالمنطق الأرسطي عن طريق شراح أرسطو؛ فهل استفادوا بهذا المزج في دراساتهم وأبحاثهم الدينية مثل فلاسفة العصور الوسطى؟

الحقيقة أنهم استفادوا منه استفادة كبيرة، فقد تناولوه بالبحث والدراسة، واستخدموه كمنهج للتفكير في بعض المشكلات والمسائل الدينية، فعلى سبيل المثال، نجد كتابات معظم المتكلمين تبدأ بعرض المسائل المنطقية والمنهجية والحديث عن طريق العلم وأنواع الاستدلال قبل الخوض في المسائل الكلامية، نجد ذلك عند أبي الحسن الأشعري (ت٣٢٤ﻫ) في كتابه «اللمع»، وأبي بكر الباقِلَّاني (ت٤٠٣ﻫ) في كتابه «التمهيد في الرد على الملاحدة»، ثم الجويني (ت٤٧٨ﻫ) في كتابه «الشامل»، ومن بعده الغزالي (ت٥٠٥ﻫ) في كتابه «القسطاس المستقيم»، كما نجد هذا الاتجاه أكثر بروزًا عند «عضد الدين الإيجي» (ت٧٥٦ﻫ) في كتابه «المواقف في علم الكلام»؛ وهو موسوعة كلامية فلسفية استطاع من خلالها أن يُقحِم المنطق الرواقي بالمنطق الأرسطي، وذلك من خلال استخداماته للتعريف، والتقسيم، والمفهوم، والماصدق، والقضايا الحملية، والقضايا الشرطية بأنواعها: المتصلة والمنفصلة في علم الكلام.

ومثل هذا يمكن أن يقال عن الفقه وأصوله، فقد استقبل معظم الفقهاء المسلمين منطق أرسطو استقبالًا حسنًا، كما أفادوا في تفسيرهم للنصوص الفقهية من الأفكار المنطقية الأرسطية المتعلقة بالجنس والنوع، والعام والخاص، والكلي والجزئي، والمقدمات والنتائج، واستخدموا من غير حرج الأقيسة التي عالجها أرسطو في التحليلات الأولى بعد مزجها بالمنطق الرواقي.٣٣

ويُعد الإمام ابن حَزْم الأندلسي من أوائل الفقهاء المسلمين الذين أدخلوا في علم أصول الفقه الأقيسة الحملية والشرطية، ويشهد على ذلك كتابُه «التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية». ويمكن أن نعرض نموذجًا لبعض الأمثلة التي طبق من خلالها ابن حزم الأقيسة الحملية والشرطية في ميدان الفقه، وذلك من خلال هذا الكتاب فيما يلي:

  • (١)

    الأقيسة الحملية:

    المثال الأول: وهو عبارة عن تطبيق الضرب الأول من الشكل الأول.

    كل خمر حرام

    كل مسكر خمر
    إذن كل مسكر حرام٣٤

    المثال الثاني: وهو عبارة عن تطبيق للضرب الأول من الشكل الثاني.

    ليس شيء حلالًا مما نهيت عنه

    كل ذبح لما لم تملكه فقد نهيت عنه
    إذن فليس ذبحك لشيء لم تملكه حلالًا٣٥

    المثال الثالث: وهو عبارة عن تطبيق للضرب الأول من الشكل الثالث.

    ليس أحد من المجرمين مباحًا له النساء

    كل المجرمين منهي عن الصيد
    إذن فليس بعض المنهيين عن الصيد مباحًا لهم النساء٣٦
  • (٢)

    الأقيسة الشرطية: ونكتفي بذكر مثالين لبعض الأقيسة الشرطية المتصلة لنبين الكيفية التي طبق من خلالها ابن حزم تلك الأقيسة في ميدان الفقه، وذلك فيما يلي:

    المثال الأول: وهو عبارة عن تطبيق للقياس الشرطي المتصل المثبت.

    إذا كان هذا الزاني محصنًا وبالغًا وعاقلًا، فإنه يجلد ويرجم
    ولكن هذا زان بالغ عاقل
    إذن فهذا يجلد ويرجم٣٧

    المثال الثاني: وهو عبارة عن تطبيق للقياس الشرطي المتصل المنفي.

    إذا كان هذا الزاني محصنًا وبالغًا وعاقلًا، فإنه يجلد ويرجم
    ولكن هذا ليس زانيًا محصنًا وبالغًا وعاقلًا
    إذن فهذا لا يجلد ويرجم٣٨

    هذه هي بعض الأمثلة التي طبق من خلالها ابن حزم الأقيسة الحملية والأقيسة الشرطية في ميدان الفقه الإسلامي؛ ولا شك في أن محاولته تلك قد كان لها بالغ الأثر عند الفقهاء الذين جاءوا بعده، وبالأخص الإمام الغزالي الذي ساهم مساهمة فعالة في تطوير الاستدلالات المنطقية سواء الأرسطية والرواقية من أجل تطبيقها على القضايا والمسائل الفقهية.

    ولقد بدأ الغزالي محاولته هذه في كتابَيه «مقاصد الفلاسفة» و«القسطاس المستقيم»، ثم عاد لكي يفصل ما أجمله في هذين الكتابين في كتابَيه «محك النظر» و«معيار العلم». أما كتابه «المستصفى من علم الأصول»، فإن نظرية القياس الأرسطية والرواقية أصبحت تمثل عنده المدخل الطبيعي لهذا العلم. الأمر الذي أدى بالأصوليين اللاحقين عليه إلى السير في الطريق الذي رسمه الغزالي، من حيث تكريس مقدمات مؤلفاتهم لعرض مختصر للمنطق الأرسطي والمنطق الرواقي ليكون بمثابة الأداة أو المنهج الذي سيسير الأصولي عليه في عرضه للمشكلات الفقهية.٣٩

تعقيب

وخلاصة كل ما تقدم: يمكن القول بأنه إذا كانت طوبيقا شيشرون قد جاءت لتفُض النزاع والخلاف القائم بين المشائيين والرواقيين خلال القرن الأول عن طريق مزج المنطق الأرسطي بالمنطق الرواقي، فإن هذه المحاولة بصرف النظر عن قيمتها الموضوعية، وبصرف النظر عن مدى تناسق دعوة شيشرون في هذا المزج الذي غلب فيه المنطق الرواقي على حساب المنطق الأرسطي. بصرف النظر عن ذلك كله، فقد كان له من النجاح في مزج المنطق الأرسطي بالمنطق الرواقي مزجًا أضحى من خلاله معظم مناطقة العصور الوسطى لا يميزون أحيانًا بين كون هذا من منطق أرسطو، وكون هذا من منطق الرواقيين، ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أنهم ورثوا هذا التقليد عن طريق الشُّراح الأرسطيين الذين مزجوا المنطق الرواقي بالمنطق الأرسطي مع عدم التمييز بينها.

ومن ناحية أخرى، فإن طوبيقا شيشرون قد أسفرت عن كونها أول محاولة في علم مناهج البحث، وذلك حين مزج المنطق الأرسطي بالمنطق الرواقي من خلال أمثلة مستقاة من القانون الروماني، تلك الأمثلة التي ترتبط بوقائع حية تقتضي إعمال القانون فيها، من حيث هو علم يرتبط أساسًا بالواقع العملي لحياة الناس وعلاقاتهم في ظل شريعة القانون الروماني الصارم.

ولا شك في أن هذه المحاولة قد كان لها من النجاح مثل محاولته مزج المنطق الأرسطي بالمنطق الرواقي على معظم المناطقة والمفكرين الذين جاءوا بعده، وقد أوضحنا ذلك حين سردنا باختصار شديد نفس الظاهرة على الفقهاء الرومان الذين طوروا ومزجوا المنطق بالقانون، وأيضا على جالينوس الذي مزج المنطق بالطب، وأيضًا على فلاسفة العصور الوسطة سواء في الغرب أو الشرق؛ وذلك حين استخدموا المنطق كمنهج للتفكير في بعض المشكلات والمسائل الدينية؛ سواء اللاهوتية أو الكلامية أو الفقهية.

أولًا: قائمة المصادر والمراجع العربية

  • (١)

    ابن حزم الأندلسي: التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية، تحقيق: د. إحسان عباس، مكتبة الحياة، بيروت، بدون تاريخ.

  • (٢)

    د. إكرام فهمي حسن: التقليد الطبي في مدرسة الإسكندرية، وأثره في نشأة المنطق العربي، رسالة ماجستير غير منشورة بآداب القاهرة، ١٩٩١م.

  • (٣)

    بوشنسكي: المنطق الصوري القديم، ترجمة: د. إسماعيل عبد العزيز، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٦م.

  • (٤)

    جورج سباين: تطور الفكر السياسي، الكتاب الثاني، ترجمة: حسن جلال العروسي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٦٤م.

  • (٥)

    د. حسن عبد الحميد: مقدمة في المنطق، الجزء الأول (المنطق الصوري)، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة، ١٩٨٠م.

  • (٦)

    د. حسن عبد الحميد، ود. محمد مهران: في فلسفة العلوم ومناهج البحث، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة، ١٩٧٨م.

  • (٧)

    روبير بلانشي: المنطق وتاريخه منذ أرسطو حتى راسل، ترجمة: د. خليل أحمد خليل، المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ١٩٨٠م.

  • (٨)

    د. عبد الرحمن بدوي: موسوعة الفلسفة، الجزء الثاني، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ١٩٨٤م.

  • (٩)

    د. عثمان أمين: الفلسفة الرواقية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٧١م.

  • (١٠)

    د. محمد السرياقوسي: التعريف بالمنطق الرياضي، الإسكندرية، ١٩٧٨م.

  • (١١)

    د. محمود فهمي زيدان: المنطق الرمزي «نشأته وتطوره»، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٩٧٩م.

ثانيًا: قائمة المصادر والمراجع الأجنبية

  • (1)
    Anton Dumitriu, History of Logic, vol. 1, Abacus Press. 1977.
  • (2)
    Benson Mates, Stoic Logic, University of California Press, Berkeley and Los Angeles, 1961.
  • (3)
    Cicero, Topica, vol. z, Trans. by H. M. Hubbell William Heinemann Ltd., London, 1976.
  • (4)
    Edward Zeller, Outlines of the History of Greek Philosophy, Henry Holt and Company, New York, 1908.
  • (5)
    Sten Ebbesen, Ancient Scholastic Logic as the Source of Medieval Scholastic, Cambridge Press, London, 1982.
  • (6)
    W. Kneale, M. Kneale, the Development of Logic, Clarendon Press, Oxford, 1966.
١  أدين بفكرة هذا البحث — وربما عنوانه — إلى المفكرَين المبدعَين: الأستاذ الدكتور حسن عبد الحميد، والأستاذ الدكتور محمد مهران، وذلك في كتابهما: في فلسفة العلوم ومناهج البحث.
٢  د. حسن عبد الحميد: مقدمة في المنطق، الجزء الأول (المنطق الصوري)، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة، ١٩٨٠م، ص٥٨.
٣  Edward Zeller, Outlines of the History of Greek Philosophy, Henry Holt and Company, New York, 1908, pp. 235–237.
٤  انظر: روبير بلانشي: المنطق وتاريخه منذ أرسطو حتى راسل، ترجمة: د. خليل أحمد خليل، المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ١٩٨٠م، ص١٢٦-١٢٧، وانظر أيضا: Benson Mates, Stoic Logic, University of California Press, Berkeley and Los Angeles, 1961, pp. 86-87.
٥  انظر: د. حسن عبد الحميد: نفس المرجع، ص٥٨.
٦  د. محمود فهمي زيدان: المنطق الرمزي «نشأته وتطوره»، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، ١٩٧٩م، ص٤٩-٥٠.
٧  بوشنسكي: المنطق الصوري القديم، ترجمة: د. إسماعيل عبد العزيز، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، ١٩٩٦م، ص٢٣٧.
٨  انظر: د. إسماعيل عبد العزيز: مقدمة كتاب المنطق الصوري القديم لبوشنسكي، ص٦٧.
٩  نفس المرجع، ص٦٧.
١٠  شيشرون: فيلسوف وسياسي وخطيب روماني، ولد بالقرب من أربنيم Arpinum في ٣ يناير سنة ١٠٦ قبل الميلاد؛ اشترك في الحياة السياسية في بلاده اشتراكًا فعليًّا، فكان من أنصار «بومبيوس أتيكوس» Pomponius Atticus، ثم من أنصار قيصر Caesar. ولما مات قيصر لم يفتُر شيشرون عن الحملة على «أنطونيوس» C. Antonius وأصاب شيشرون الاضطهاد في عهد الحكم الثلاثي الثاني في روما، وأرسل إليه أنطونيوس جماعة فقتلوه. ويُعد شيشرون صاحب الفضل في تعريف الأوروبيين بتاريخ المذاهب اليونانية التي جاءت بعد أرسطو، فقد استفاد من هذه الكتب معاصروه من الرومان، كما استفاد منها شيوخ الكنيسة حتى عصر إحياء العلوم.
انظر: د. عثمان أمين: الفلسفة الرواقية، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، ١٩٧١م، ص٣٣-٣٤؛ وانظر أيضًا: د. عبد الرحمن بدوي: موسوعة الفلسفة، الجزء الثاني، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ١٩٨٤م، ص٣٧-٣٨.
١١  Cicero, Topica, vol. 2, Trans. by H. M. Hubble, William Heinemann Ltd., London, I, I – H.
١٢  W. Kneale, M. Kneale, The Development of Logic, Clarendon Press, Oxford, 1966, p. 177.
١٣  جورج سباين: تطور الفكر السياسي، الكتاب الثاني، ترجمة: حسن جلال العروسي، دار المعارف، القاهرة، ١٩٦٤م، ص٢٣٦.
١٤  د. حسن عبد الحميد، ود. محمد مهران: في فلسفة ومناهج البحث، مكتبة سعيد رأفت، القاهرة، ١٩٧٨م، ص٤٤-٤٥.
١٥  نفس المرجع، ص٤٥.
١٦  جورج سباين: المرجع السابق، ص٢٢٨.
١٧  Cicero, Topica, III, IV.
١٨  Ibid., XII, XVI.
١٩  Ibid., VII, XI.
٢٠  Ibid., XIV.
٢١  W. Kneale, M. Kneale, op. cit., pp. 181-182.
٢٢  Cicero, op. cit., XIV, 20-21.
٢٣  Ibid., XIV, 21.
٢٤  Cic., Topica, III, 13.
٢٥  Topica, III, 14.
٢٦  Topica, III, 15.
٢٧  Topica, III, 16.
٢٨  Topica, III, 16.
٢٩  Topica, III, 18.
٣٠  Topica, III, 17.
٣١  Topica, III, 20.
٣٢  Topica, III, 19.
٣٣  د. حسن عبد الحميد، ود. محمد مهران: المرجع السابق، ص٥٣.
٣٤  ابن حزم الأندلسي: التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية، تحقيق: د. إحسان عباس، مكتبة الحياة، بيروت، بدون تاريخ، ص١٢١.
٣٥  نفس المصدر، ص١٢٢.
٣٦  نفس المصدر، ص١٢٣.
٣٧  نفس المصدر، ص١٢١.
٣٨  نفس المصدر، ص١٢١.
٣٩  نفس المصدر، ص٨٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤