الفصل السابع والثلاثون

الرياح

البحر. البحر. البحر. إنه يمور وأمواجه تتلاحقُ ويُدمدم لي بصوته الهادر.

كانت الرياحُ تعوي من الليلة الماضية منذ غروب الشمس، وكِدنا نَهلِك تمامًا ونحن نسعى للتأقلم مع هذه الرياح. عندما بدأت الرياح في الهبوب، قُمنا بطيِّ الشراع الرئيسي بسحبه إلى الأسفل وربط الجزء السفلي بنفسه لجعل الشراعِ أصغرَ حجمًا، وكنا على وشك طيِّ شراع الصاري الخلفي عندما كُسِرَت ذراع الصاري الرئيسية. كنا نخشى حدوث ذلك.

قام الخال دوك والخال مو بربطِ الأطراف معًا بواسطة حبل، وقاما بتطويقها بأنبوب من الصُّلب، ثم ربَطا الأنبوب بذراع الصاري. نتمنَّى أن تثبت.

الرياح تعوي حول الأشرعة، وتندفع ناحيَتَنا من جهة ثم تُميل القاربَ من الجهة الأخرى، مما يجعلنا نفقد اتِّزاننا ونترنَّح. الأمواج ترتفع وتتزايد مُحدِثةً خطوطًا رغويَّة. لا أستطيع تقدير ارتفاعها، تبدو كأنها على ارتفاع طابَقَين، ولا يمكنك أن تُصدق أن الذي يقف أمامك بهذا الشكل ما هو مياهٌ تُشكل قوسًا فوقك.

الشراعان الآن مطويَّان، والخال دوك يُلقي الأوامر بلهجةِ قُبطان حقيقية. أنا سعيدةٌ لأنني على دراية بمعنى غالبية المصطلحات. فليس لديك وقتٌ للتفكير في مكانِ مَيمنة القارب أو مكان الخِزانة أو الفرق بين حبل رفع الراية وحبل رفع الشراع؛ يجب أن تكون على دراية بكل هذا. وأنا سعيدة أنني قد استخدمتُ كلَّ الحبال والبكرات على القارب، وأعرف كيف تعمل الأشياء؛ فذلك يُشعِرني بأنني ذاتُ فائدة حقًّا، ولا يهمُّ الآن إن كان مَن يقوم بالمهمة صبيًّا أم فتاة، ما دام هناك شخصٌ يقوم بها.

الخال دوك يُنادي …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤