الفصل الثالث والخمسون

بومبي ووالده

عندما فقدتُ وعيي بعد الضربة العنيفة التي تلقَّيتُها في رأسي وتعافيتُ قليلًا، قصَّت عليَّ صوفي حكايةً أخرى من حكايات بومبي. لم تكن كالحكايات الأخرى. فلم يسقط بومبي في الماء أو أي شيء من هذا القبيل. كانت القصة كالآتي:

•••

عندما مرِض والد بومبي وكان قد تقدَّم في العمر، ذهب بومبي لعيادته. كان بومبي يجلس بجوارِ سرير والده كلَّ يوم مدةَ ثلاثة أسابيع.

خلال الأسبوع الأول، جلس بومبي بجوارِ سرير والده وبداخله غضبٌ تجاهه، واستطاع الحديثَ معه بصعوبة. وفي الأسبوع الثاني، تملَّك الغضبُ أكثرَ من بومبي، وجلس بجوار السرير يُذكِّر والده بجميع المرات التي قام فيها بجلدِه.

سأله بومبي: «أتذكر حين سقطتُ من فوق الجسر وكِدتُ أغرق في نهر أوهايو؟ أتذكر عندما جلدتَني وقتها؟» وأردف بومبي: «وهل تذكُر عندما سقطتُ في النهر بينما كنتُ أقود السيارة، وعندما عدت إلى المنزل انهَلْت عليَّ بالسَّوط بكلِّ قوَّتك؟» ومضى بومبي يُذكِّر والده بينما كان والده راقدًا على السرير مُكتفيًا بالرَّمش بعينَيه في صمت.

خلال الأسبوع الثالث توقَّف بومبي عن الكلام، واكتفى بالنظر إلى والده. أخذ ينظر إلى يدَيه وقدميه، وذراعيه، وساقيه، ووجهه. وضع بومبي يده على جبهة والده ووجْنتَيه. وبعد ذلك غادر بومبي المستشفى، وعندما عاد في اليوم التالي قال لوالده: «انظر ماذا أحضرتُ لك. فطيرة تفاح!»

وأخذ الاثنان يبكيان.

•••

عندما انتهت صوفي من سردِ حكاية بومبي، أردتُ أنا الآخَر أن أقصَّ عليها حكاية. لكن لم تحضرني أيُّ حكايات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤