الفصل الرابع والخمسون

السيد مُصلح

على الرغم من أن وجه كودي يبدو بحالةٍ سيئة، فإن بقيته في حالةٍ جيدة، أقصد جسمانيًّا. ولكنه متنبِّه وجادٌّ، ويبدو أنه يرغب في تعويضِ ما ضاع من الوقت. فهو مثل السيد مصلح الذي يعمل بمفرده، مُركزًا جُلَّ اهتمامه على ما يحتاج بالضبط إلى إصلاح وكيفية إصلاحه.

وفي حين لا يستطيع بقيتُنا إلا العمل على أوقاتٍ قصيرة، لا يتوقف كودي عن العمل، ولا حتى من أجل النوم. الجميع يُريدني إما أنا أو كودي على الدفَّة؛ إذ يبدو أننا توصَّلْنا إلى طريقةٍ تجعل القاربَ يسير في تناغمٍ مع الأمواج، ويقولون إن قاربنا يسيرُ بسلاسةٍ أكثر عندما نقوم نحن بتوجيهها. غير أنني لا أستطيع الوقوفَ على الدفة طويلًا بسبب الألم الشديد في ساقيَّ.

الجميع ممتنٌّ لكودي الآن. لم أسمع أحدًا يتفوَّه بذلك جهرًا، لكني أعلمُ أنها الحقيقة. ربما يكونون مُمتنِّين قليلًا لي أنا أيضًا، لكن يبدو أن هذا الأمر لم يعد من الأهميةِ بحيث يُثير قلقي.

•••

أكَّد الخال دوك أن نظام تحديد المواقع وراديو الهواة والرادار قد تلفوا. نحن لا نعرف أين نحن، ولا أحد يعرف أين نحن، ولا يُمكننا طلبُ المساعدة إن ازدادت الأمورُ سوءًا.

ما زلنا نسير بلا أشرعة، نُصلي من أجل أن تهدأ الرياح ويهدأ البحر، وفي الأثناء نبذل كلَّ لحظات استيقاظنا وطاقتنا في إزالة الفوضى التي عمَّت القارب. نحن جميعًا أهدأُ من المعتاد، نُفكر في أننا على قيد الحياة، والخيط الواهي الذي يفصل الحياةَ عن الموت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤