الفصل الرابع والستون

جسدٌ جديد

خبا الضوءُ بالخارج تقريبًا، ولكني لا أستطيع النوم. كل شيء رائحته وشعوره مختلف. لا تَمايُل ولا اهتزاز ولا رياح. نحن في نُزلٍ أيرلندي يقع أعلى أحد التلال، وأستطيع أن أرى الميناء من النافذة، وكذلك أرى قاربَنا يتمايل هناك.

كان اليوم غريبًا أمس. شعرتُ أن لديَّ جسدًا جديدًا، وأن هذا الجسد الجديد لا يعرف كيف يعمل جيدًا. كان يمشي بطريقةٍ مضحكة ويصطدم بالأشياء، ويريد أن يلمسَ أغرب الأشياء: الأرض، الوسائد، المناشف الجافَّة.

كنا في حالة من النشاط المُفرِط الليلةَ الماضية، نتكلم كما لو كنا قد وُهِبنا أصواتًا للتو. لم أسمع صوفي قط تتكلَّم كثيرًا هكذا. في البداية، كنت أنا نفسي أتكلم كثيرًا، إلى حدِّ أنني لم أكن أستمعُ لأي أحد. ثم سمعتُ براين يقول: «كنتُ مستغرقًا في النوم عندما اصطدمَت بنا، وظننتُ أنني هالك! لم أشعر بمثلِ هذا الخوف قط في حياتي! شعرتُ وكأنني دجاجةٌ صغيرة ضعيفة تنتظر الذبح في سوق للحوم.» كان يخبط على الطاولة ويُمسك عنقه بقوة، ولا أعرف، لقد فاجأني بقدرته على تحويل تلك القصة المخيفة إلى قصةٍ شِبه مضحكة.

ثم سمعتُ صوفي تقول لشخصٍ ما: «نعم، هذان ابنا أخوالي»، وأشارت إليَّ أنا وبراين، وأردفَت: «وكنا نُخطط لهذه الرحلة منذ كنا أطفالًا صغارًا …»

كنتُ سأقوم بتصحيح ما تقوله، ثم أدركتُ أنها كانت تخلط بين قصَّتها وبين قصةِ أبي والعم ستيو والعم دوك.

قالت: «لم يعتقد براين أننا سننجح في ذلك، ولكني لطالما عرَفتُ أننا سننجح.»

ثم تحدَّثت عن الموجة العاتية، وكيف ارتفعَت خلف القارب. قالت: «وكانت شديدةَ السواد وعاليةً و…»

لقد كانت الموجةُ العاتية بيضاء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤