الفصل الثامن

اليتيمة والأبله

أردتُ الهروب من أبي ليلةَ أمس، فذهبتُ مع صوفي وبراين إلى الجزيرة. يُثير براين أعصابي. في البداية، أغرَقَنا بسيلٍ من الأسئلة التي لا تنتهي، مثل عمَّا إذا كان يرتدي الملابسَ المناسبة، وإن كان عليه أن يأخذ سترة، ثم بدأ بعدها مباشرةً في تعليمنا كيفيةَ التجذيف، وربط الزورق، وكل هذا الهُراء. أتوقع أن يُعلمنا بعد ذلك كيف نتنفَّس.

يُثير براين استفزاز صوفي أيضًا. فقد قالت شيئًا عن كيف أن أمها لا تُحب سماعي أطلق على الفتيات وصْفَ «الغزلان الشاردة»، فأتحفنا براين وقال إن أمها ليست هنا معنا، لسوء الحظ. وزاد الطين بلةً حين أردفَ قائلًا: «ثم عن أيِّ أمٍّ تتحدثين، على أي حال؟»

لم تُعِرْ صوفي قوله أيَّ اهتمام، ولم تستشعر أيَّ حرج. فقد التقطتْ قطعةً من الصخر وقذفَتها في الماء. قالت: «انظر إلى ذلك!». وأردفَت: «أيمكنُك رميُها لهذه المسافة؟» لم أستطِع تحديدَ ما إذا كانت قد سمعَت ما قاله براين أم إنها آثرَت تجاهله.

أخبرته بأن يُغلق فمه. فقال: «لستُ مضطرًّا إلى ذلك إذا كنتُ أرغب فيه.» يا له من أبله.

تسلَّلتُ أنا وصوفي وعُدنا إلى الجزيرة اليوم بدون براين. يسهل عليَّ التعاملُ مع صوفي أكثرَ من أي شخص آخر على القارب. فهي دائمًا ما تأخذ أنفاسًا عميقة، وتبتسم للنسيم والشمس والأمواج. ولا تُثير استفزازَ أحد لأيِّ سبب.

غير أنني أثَرتُ حفيظتها. فقد وجدنا فرخًا صغيرًا يسير مُترنحًا بمفرده وسط الحشائش، فقلت «يا إلهي، إنه يتيم!»

قالت صوفي: «إنه ليس يتيمًا!» وأخذَته بين يديها إلى عُش كنا قد رأيناه.

أتمنى لو أني لم أتحدث عن اليُتم.

•••

صعدت صوفي على السقالة اليوم أيضًا. كان العم دوك واقفًا يُحدق إلى المصباح الموجود أعلى الصاري، ويتساءل كيف سنقوم بتغييره.

سألته صوفي: «تريدني أن أصعد لتغييره؟».

أجاب: «ربما كان على براين القيام بهذه المهمة. براين؟ اصعد على هذه السقالة، وقم بتغيير ذلك المصباح، مفهوم؟»

قال براين: «مستحيل!». كان يبدو متعَبًا وشاحبًا. وكان الصاري أشبهَ ببرجٍ شاهق.

«كودي! ماذا عنك؟»

فأجبت: «لا أعتقد أنه بإمكاني فعل ذلك.» حسنًا، لم أكن متحمسًا لذلك. فأنا لا أحبُّ المرتفَعات.

قالت صوفي: «اسمعوا! أنا الأخفُّ وزنًا والأصغر حجمًا. ومن المنطقي أن أقوم أنا بهذه المهمة. أحب أن أفعل ذلك!»

أجاب العم دوك: «أخشى عليكِ فقط من أن يلحق بك أيُّ ضرر، هذا كل ما في الأمر.»

أعتقد أنه يعني أنه لا يجد غضاضةً في أن يلحق بي أو ببراين ضرر. عظيم.

قالت صوفي: «هل ستستمرُّ في معاملتي بهذه الطريقة طَوال الرحلة؟ ألن تسمح لي بفعل أي شيء؟»

ومن ثَم سمح العم دوك على مضضٍ لصوفي بالصعود على الصاري، وكان يجب أن تراها! كانت تضحك وتصيح بصخب! وفي لمح البصر صعدَت على السقالة، وقامت بتغيير ذلك المصباح، وقالت: «هلَّا تركتَني أتأرجح هنا قليلًا؟ إن المنظر بديع هنا!»

قال العم دوك: «أتمنى ألا يُصيبها أيُّ مكروه بالأعلى.»

•••

في الليلة الماضية، كان علينا جميعًا الإعلانُ عن الشيء الذي سنقوم بتعليمه للآخَرين خلال الرحلة. وهذه هي إحدى أفكار العم ستيو العظيمة. سيُعلمنا العم دوك كيفيةَ قراءة الخرائط، وسيُعلمنا براين مناورات الإبحار الأساسية (أيًّا كانت ماهية هذا)، أما العم ستيو فسيُعلمنا كيفية استخدام ما يُطلقون عليه جهاز السَّدْس، بينما سيُعلمنا أبي شفرة الراديو، أو شيئًا من هذا القبيل، وأنا سوف أعلمهم رمي الأشياء. وقد أُثيرت حفيظةُ بعضِهم من قيامي بتعليمهم شيئًا «غبيًّا» مثل «الرمي». لكن لا يُهم. فأنا أرى الرمي شيئًا مُسلِّيًا.

تعجَّبتُ بعض الشيء حينما سمعتُ عن الشيء الذي ستُعلمه صوفي لنا. فقد قالت إنها ستُخبرنا بحكايات بومبي.

سألها براين: «وكيف عرَفتِ حكايات بومبي؟».

«لقد قصَّها عليَّ.»

فلم ينبس أحدٌ ببنتِ شَفة.

قال لي براين فيما بعد: «عمَّ تتحدث هذه الفتاة؟ إنها لم ترَ بومبي مطلقًا!»

قلت: «دَعْها وشأنها.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤