على القبر

وترامى الصباحُ فوق الهضابِ
بخيوطٍ شفَّافةٍ من ضَبابِ
وبياضُ الثلوجِ تحت ضياءِ الْـ
ـفجرِ يبني بين الكرومِ روابي
وأطلَّ الرهبانُ من شُرفةِ الدَّيْـ
ـر عزاء النفوسِ في الأتعابِ
فرأوا نقطةً على القبر سَوْدَا
ءَ كرؤيا تبينُ خلفَ السحابِ
قال صوتٌ: «هذي عروسٌ من الجنِّ
تزورُ الضريحَ للإرهاب»
قال ثانٍ: «لا بل ذهِ روحُ مَيْتٍ
تستغيثُ الإلهَ تحتَ العذابِ»
ومضى ثالثٌ يقول: «هي الرمْـ
ـزُ ليومِ الدينونةِ الغلَّابِ»
وأخيرًا مَضَوا إلى القبرِ حتى
يطمئنوا للمشهد العُجَّابِ
فرأوا جثةً مبعثرةَ الشَّعـ
ـرِ تناجي وعينها في الترابِ
لم يُبق السقامُ والحزنُ منها
غَيْرَ رؤيا بقيةٍ من شبابِ

•••

ما جَرى للفتاةِ بعد فَتاها
أيها الحُبُّ، يا سليلَ الخرابِ؟
ما جرى للفتاةِ؟ أينَ هي الْيَوْ
مَ؟ أَجِبْنِي يا باعثَ الأوصابِ
هل طواها الذي طوى مَن أحبَّتْ
أم تُراها عادتْ لذاكَ التصابي؟
عِشْ طويلًا، وَضَحِّ ما شئتَ، يا حبُّ
إلى أن يثنيكَ يومُ حِسابِ
٢٠ كانون ثانٍ ١٩٢٨

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤