ليلة عصيبة

ذات ليلٍ كتربة القبرِ باردْ
أو كصدرٍ، خلا من العطفِ، حاقدْ
عرَّجَتْ غادةٌ ملثَّمةُ الوَجْـ
ـهِ على فندقٍ بزحلة حائدْ
وأطلَّتْ ترى المدينة في الليْـ
ـلِ بجفنٍ ساهٍ، وقلبٍ واجدْ
فإذا زحلةٌ كمقلةِ ثكلى
وإذا النهر، ساكن الماءِ، جامدْ
فأحسَّت برعشةٍ عقبتها
خلجةٌ في صميم فكرٍ شاردْ
وأمالتْ عن المدينة وجهًا
جهَّمتْه أشباحُ تلكَ المشاهدْ
وأتاها الغلامُ يحملُ فِنجا
نًا من الشاي في السكونِ السائدْ
نَظَرَتْ نظرةً إليه بجفنٍ
هو للسهد والشجون مواردْ
ثم قالت: «كيف المريض؟» وأدنَتْ
من جِفافِ الفنجانِ فاهَا الخامدْ
فأجاب الفتى ببعضِ ارتيابٍ:
وحفيفُ الصفصافِ في النهرِ هاجدْ
«رحمَ الله من تُسمِّين، أمسى الْـ
ـقبر مأواهُ، منذ يومٍ واحدْ!»

•••

لم يكد يَلْفِظ العبارة حتى
جمدت جمدة الدُّمى في المساجدْ
وارتمَتْ لا تفيق من شدة اليأ
س، فخاف الغلام، واليأسُ جاحدْ
أيها الليلُ ما ظلمتَ قلوبًا
لو عرفت القلوبَ ماذا تُكَابِدْ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤