خامسًا: النفس الخالدة
والنفس الخالدة هي النفس الإلهية بعد تميزها عن البدن وارتقائها من الحس إلى العقل إلى الإرادة. ومن الطبيعي أن تكون خاتمة الإلهيات في النفس وبدايتها الأخلاق في النفس.
وتشمل النفس الخالدة قسمان: الأول البراهين على خلود النفس وتميزه عن البدن. والثاني أمور المعاد وإثبات البعث والملائكة والعرش واللوح والقلم.
(١) خلود النفس
وقد أثبت الحكماء خلود النفس وتميزها عن البدن بعدة براهين ذائعة ومشهورة عند الكِنْدي وإخوان الصفا وابن سينا بالرغم من اتهام الرازي بالقول بتناسخ الأرواح.
(أ) النوم والرؤيا (الكِنْدي)
ولا تظهر النفس الإلهية كثيرًا عند الكِنْدي. فالتباعد بين الله والنفس يجعل الكِنْدي ممثلًا للفلسفة العلمية بعيدًا عن الإشراق بالرغم من رسالة ماهية النوم والرؤيا، ودور الخيال في الاتصال بالعقل الفعال. ويدل ارتباط العقل بماهية النوم والرؤيا على التصاقهما معًا، وظهور «الفنطاسيا» كأداة للمعرفة الإشراقية. وتبدو لغة الاتحاد والاتصال دون نظرية إشراقية متكاملة.
ويظهر الدين صراحة في رسالة «ماهية النوم والرؤيا» في إضافة الرؤيا إلى النوم وليس إلى اليقظة كما فعل أرسطو. الموضوع إسلامي واللفظان قرآنيان شائعان من سورة يوسف مثل باقي موضوعات الرسائل الفلسفية الأقرب إلى الإسلامية منها إلى اليونانية.
وتقدمة المعرفة هي معرفة الأشياء قبل وقوعها وارتباط ذلك بالتنبؤ والنبوة والرؤيا. فالنفس ترمز بالأشياء قبل كونها وتنبئها بأعيانها. الرمز تمثل في اليقظة، وقد كان شائعًا في الثقافات القديمة. ويحاول الكِنْدي في النصف الثاني من الرسالة الإجابة على أربعة أسئلة: لماذا نرى الأشياء قبل كونها؟ لماذا نرى أشياء بتأويل أشياء دالة على أشياء قبل كونها؟ لماذا نرى أشياء بتأويل أضدادها؟ لماذا نرى أشياء فلا تقع ولا يمكننا تأويلها ولا تقع أضدادها بتة؟
وقد يوحي هذا التحليل بتصور بيولوجي فزيولوجي للنفس الطبيعية ولكنه في الحقيقة بداية علمية من أجل إفساح المجال للوحي والنبوة، وهو البعد الجديد للحضارة الإسلامية، الوحي في صياغته العلمية وبيئته الثقافية القديمة. وبالرغم من أن لفظ «فانطاسيا» تعريب عن اليونانية إلا أنه لا شأن له باليونان من حيث المعنى. وهو أقرب إلى نظرية في الخيال.
- (١)
إن كانت النفس قوية على قبول الرمز الصادق فهي الرؤية الرمزية الصادقة.
- (٢)
إن كانت الآلة ضعيفة على قبول الرمز جاءت الرؤية مضادة مثل رؤية الميت وقد طالت مدته.
- (٣) وإن ضعفت أكثر كانت الرؤية لا نظم لها، مجرد خليط، أضغاث أحلام. كما يحدد الكِنْدي العلاقة بين رؤية الموضوع ومنطق البرهان على النحو الآتي:
- (أ)
الرؤية المنبثة في أعيان الأشياء كالفكر الصحيح الذي يبدأ بمقدمات صادقة تؤدي إلى الحقائق.
- (ب)
الرؤيا الرمزية كالفكر الظني، مرة مطابق للحقيقة ومرة مخالف لها.
- (جـ)
الرؤيا الكاذبة التي تنبئ بالضد كالفكر الذي يسير على مقدمات غير صادقة فتؤدي إلى ضد الحق.
- (د)
الرؤيا كأضغاث أحلام كالفكر المختلط، سقط الكلام ونكس القول.
- (أ)
(ب) تناسخ الأرواح (الرازي)
(ﺟ) إثبات خلود النفس (إخوان الصفا)
- (أ)
الجسد هو المحسوس، وما غاب عن الحواس لا يمكن معرفته. والرد عليها أنه يمكن ردها إلى المحسوس قياسًا للغائب على الشاهد بالرغم مما في هذه الحجة من ضعف نظري لاختلاف المستويَين بين المادي والمعنوي.
- (ب) الإحساس بوجود الذات والإنسان ولا يعلم عن نفسه شيئًا. والرد على ذلك أن هذه تجربة وجود لا تُثبت أو تنفي جوهرًا مستقلًّا.٥
- (أ)
النفس مع الجسد جوهر آخر ملبوس. وهو دليل ضعيف أقرب إلى الصورة والمثل منه إلى الدليل المنطقي البرهاني.
- (ب) تجربة النوم واليقظة التي تُثبت وجود وحدة للحياة في كلتا الحالتين وهو دليل أقوى خاصة في أحلام النوم واليقظة.٦
- (جـ)
معرفة الماضي والمستقبل وليس فقط الحاضر عن طريق الحواس مما يدل على امتداد النفس عبر الزمان والتغير.
- (د) معرفة الباري ذاتًا وصفاتًا عن طريق معرفة النفس، فالله حال في النفس.٧ لذلك روى القدماء «مَن عرف نفسه فقد عرف ربَّه» تحويلًا لسقراط من المستوى الأفقي إلى المستوى الرأسي.
- (هـ) النفس أقرب الأشياء إلى الإنسان، إدراك الذات قبل معرفة الغير. وإدراك الذات بهيمية لا تحتاج إلى إثبات. لذلك قال سقراط «اعرف نفسك بنفسك».٨
- (أ)
ما الغرض من كونها مع الجسد ثم مفارقته؟ وهو موضوع أن الإنسان عالم صغير.
- (ب)
أين تكون بعد المفارقة؟ وهو موضوع البعث والقيامة.
- (جـ)
أين كانت قبل رباطها؟ وهو موضوع مسقط النطفة.
- (د)
ما كيفية رباط النفس مع الجسد؟ وهو موضوع رسالة تركيب الجسد.
- (هـ)
كم أجناس النفوس في العالم؟ وهو موضوع العالم إنسان كبير.
- (و)
هل النفس عرض؟
- (ز)
هل النفس شيء؟ وهو موضوع رسالة البرهان.
وتقوم هذه الأسئلة والأجوبة على تصورات مسبقة تقليدية، ثنائية النفس والبدن، بعض المصطلحات المسيحية مثل اللاهوت والناسوت نظرًا لارتباط الإخوان بتاريخ الأديان، الخطاب الأخلاقي المليء بالمواعظ.
وبعد إثبات وجود النفس يُثبت الإخوان خلودها كما هو الحال في رسالة «في بيان اعتقاد إخوان الصفا ومذهب الربانيين». وهي رسالة بسيطة عادية لا تميزهم بشيء. فخلود النفس معروف عند جميع المتكلمين والفلاسفة والصوفية وفي كل الديانات والملل. تبدو فيها النزعة الفردية الإشراقية القائمة على الثنائية المتطهرة وضرورة اغتراب الفرد عن الجماعة حتى يمكن أن يصل إلى المعرفة والسعادة كما يصف ابن باجه بعد ذلك في «النوابت».
وتذكر نصوص حرة للأناجيل لأن الأناجيل كذلك ولأن كل استشهاد بنص كذلك. والقرآن نفسه قص على لسان الأنبياء لإعادة بناء الموقف وليس رواية تاريخية صرفة.
وكل قراءة تأويل. والحقيقة لقد نقد المسيح ركون اليهود إلى البدن والعالم ليس لتقتيل البدن أو للزهد في الدنيا بل لإيجاد التعادل بين النفس والبدن، بين الدنيا والآخرة طبقًا لقانون الفعل ورد الفعل حتى أتى الإسلام فحقق التوازن بين العالمَين. ولا توجد نصوص مضبوطة اعتمد عليها الإخوان بل كلها قَصٌّ فنيٌّ من الآدب الشعبية. ولا يهم الإخوان التحريف في المسيحية والانحراف في العقائد والتبديل فيها فتلك نظرة فقهية كلامية، ما يهم هو مدى انفتاح الحضارة الإسلامية في القرن الثالث على تاريخ الأديان شرقًا وغربًا.
والحقيقة أن التفكير في خلود النفس ينشأ في حالة اكتفاء البدن كما هو الحال عند اليونان. فالفلسفة والبحث عن الإشباع العقلي هو أحد مظاهر الأرسطقراطية، تحقيقًا لمطلبَي البدن والنفس، والزمان والخلود، المادة والصورة. وقد ينشأ تعويضًا عن مآسي البدن عند الفقراء والمغتربين والنوابت والمفلوكين من أجل أن يعيش الإنسان في الدنيا سعيدًا حتى ولو بالوهم والخيال. وهو الموقف الصوفي بعد أن عزَّت المقاومة الفعلية وانتهت إلى طريق مسدود، باستشهاد الأئمة وثبات الحكم الجائر. وتقوم على ثنائية متطهرة. إذا تعثر جانبٌ منها حدث التعويض في الجانب الآخر. وقد يكون هذا الموقف دائمًا لغياب بديل آخر، وقد يكون موقفًا حتى يقوى الحق وتعود المقاومة ويظهر الإمام. إذ لا تكفي المقاومة الروحية، وإنقاذ الذات دون العالم، بل يتحول الواقع إلى مثال كما يتحول المثال إلى واقع. وشهادة الناس يوم أحد حرب ومقاومة وليست إفناء للبدن وبقاء للنفس. كما أن غزوات الرسول جهاد وحرب وليست فناءً للبدن وخلاصًا للنفس. وشهادة الحسين لمقاومة الظلم وليست لخلاص النفس من البدن. وقد تساعد الثقافة الشعبية الفارسية الهندية القديمة والتي كانت الوعاء الثقافي للتجربة الصوفية. إذ تقوم الثقافة الإسلامية على الالتزام بالعالم والعمل فيه والتضحية بالنفس والاستشهاد دفاعًا عن الحق وليس الهروب منه أو التخلي عنه.
ويظل السؤال هو: هل خلود النفس في المكان أم في التاريخ، في الزمان المكاني أم في القلوب والذاكرة كنبراس للأجيال القادمة؟ فهناك عدة تساؤلات حول هذا الخلود الفردي المكاني الزماني. فأين تستقر النفوس الإنسانية في الأرض أم في البرزخ أم في السماء؟ وهل تنتظر منذ خلاصها من البدن إلى يوم البعث والنشور، وماذا تفعل في هذا الانتظار الطويل؟ هل تتغير وتزيد معارفها وتتذكر؟ هل هي جزئية فردية أم تصبح جزءًا من النفس الكلية على طريقة ابن رشد؟ هل تكون بمفرها أم مع غيرها، الأخيار مع الأخيار والأشرار مع الأشرار لو أمكن معرفة ذلك قبل صدور الحكم؟ هل تنفعل، تفرح وتتألم إذا رأت الأحباب أو الأعداء؟ هل تعيش في الزمان أم في الخلود؟ وهل هناك زمان قبل البعث وبعد مفارقة النفوس للأبدان؟ هل للنفوس وجود موضوعي يراها أصحاب طب الأرواح تتحقق على نحو مادي أم هي الوعي الذاتي الخالص الذي يبقى في الفرد والجماعة والتاريخ؟ ولماذا تعود الأجسام ذاتها على نحو مثالي إلا لاحترام البدن والفردية.
وتجنبًا لكل هذه التساؤلات الخلود هو استمرار الحياة بعد الموت وانتصار العدل على الظلم في عالم لا يُظلم فيه أحد. هو تحوُّل للوعي الفردي إلى وعْي جماعي، والإبداع الشخصي إلى إبداع حضاري. فبعد أن يوجد الإنسان في هذا العالم يمكن أن يخلد ويضمن استمراره في المستقبل بالعمل والإنتاج. فالخلود اكتساب وليس موهبة، حق مكتسب للفرد وليس هبة عامة للناس جميعًا بلا استحقاق، ممكن وليس ضروريًّا، في النهاية كنتيجة وليس في البداية كمقدمة، بالعمل والفعل والشهادة وليس بالدليل العقلي وثنائية النفس والبدن.
والإنسان جسد وروح، بدن ونفس. وأعلى رتبة في البدن سرير الملك. والفرد والسلطان على الأجساد. وأعلى رتبة في الروح الصفاء. في الدنيا الجسد سلطان، وفي الآخرة النفس سلطان. وكلاهما عقلية السلطان وأيديولوجية السلطة والغلبة.
والنفس أشرف العلوم؛ لأن بها لقاءَ الله في الدنيا والآخرة. وشرفُ العلم من شرف موضوعه. ومَن يدرس علم النفس ينَل السعادتَين في الدنيا والآخرة. والهدف من دراسة النفس أنها مصدر الخير والشر، تجعل العيب في الإنسان وليس في المجتمع.
ثم تتحول الأخلاق الفلسفية عن الفضائل، العفة والشجاعة والحكمة إلى الأخلاق الدينية، الإيمان والتوكل والإخلاص والصبر والقضاء والقدر والطاعة والخوف والرجاء والزهد، وهي مقامات الصوفية.
(د) براهين خلود النفس (ابن سينا)
وفي «رسالة في السعادة والحجج العشرة على أن النفس الإنسانية جوهرٌ، وأنها لا تقبل الفساد، وفي استمدادها من الفيض الإلهي، وفي أن الأجرام العلوية ذوات أنفس ناطقة، وفي أحوالها عند مفارقتها» يبدو ارتباط السعادة بالنفس، والأخلاق بالمعرفة. والعنوان طويل مقسم إلى قسمين الأول البداية بالجزء، والثاني إثبات أن النفس الإنسانية جوهر للدلالة على أن المقصود والنهائي هو استمدادها من الفيض الإلهي.
ويستعمل ابن سينا عدة براهين على تميز النفس عن البدن كمقدمة لإثبات خلودها. فليس شيء من أجزاء البدن يجمع هذه الإدراكات والأفعال. فالأُذُن لا تسمع والعين لا تُبصر، ولكن النفس هي مجموع هذه الإدراكات والأفاعيل الإلهية. وقد يكون هذا دورًا: إثبات مفارقة النفس وتمايزها عن البدن بالمعارف الإلهية، وإثبات المعارف الإلهية بإشراق النفس. تعتمد النتيجة على المقدمة ثم تعتمد على النتيجة.
(٢) المعاد
(أ) إثبات البعث (إخوان الصفا)
ومن الطبيعي أن تأتيَ رسالة «البعث والقيامة» بعد رسالة العشق، الرسالة السابعة من القسم الثالث النفسانيات والعقليات. فالبعث مرتبط بخلود النفس، وخلود النفس مرتبط بالنفس وتميزها عن البدن. لذلك كانت العقائد نتيجة طبيعية لتحليل النفس مما يدل على طابعها الذاتي وكأن مسار الفكر من الخارج إلى الداخل أي من الجسد إلى النفس ثم من الداخل إلى أعلى، أي من النفس إلى البعث. لذلك كان موضوعها ماهية البعث والقيامة وكيفية المعراج.
والتمييز بين النفس والبدن مقدمة لمعرفة النفس من أجل معرفة المعاد. ويقدِّم الإخوان حجة لغوية، النفس مؤنث والجسد مذكر اعتمادًا على لغة القرآن مع أنه يمكن كما هو الحال في لغة المحبين الإشارة إلى المؤنث بالمذكر وإلى المذكر بالمؤنث. كما يستعمل الإخوان حجة تشبيهية، النفس روحانية نورانية، والبدن جسدي ترابي. وهي ليست تعريفات بل تشبيهات تقوم على الثنائية المتطهرة المتعارضة. وتعلق الله بالعالم مثل تعلق النفس بالبدن، وتعلق الحاكم بالمحكوم، علاقة الإيجاب بالسلب. والسؤال هو: ألَا توجد معرفة للنفس تؤدي إلى الدنيا ومعرفة للجسد تؤدي إلى الآخرة، فالضد يؤدي إلى الضد كما أن الشبيه يؤدي إلى الشبيه؟
ثم يتبين شرف العلوم، وأن الغاية منها النجاة، وأن العلماء هم أهل الورع والإيمان بالآخرة عن يقين وبصيرة وليس عن تقليد ورواية. فأمور البعث والقيامة محجوبة عن اثنين، إبليس؛ إذ لا يطلع عليه أحد إلا مَن رضي الله عنه، مع أن إبليس يستعمل العقل والقياس، وأهل التقليد بلا برهان، وهي ممكنة فقط لأولياء الله. ويستطيع أولياء الله الصالحون رؤيةَ الله كما يقول المسيحيون عن ظهور العذراء للمؤمن وليس للكافر، مع أن رؤية الله عليها خلاف بين المتكلمين بين الإثبات والنفي، بالعين أم بالقلب، في الدنيا أم في الآخرة، في حين أن رؤية العالم وبؤس البشر وجمال الطبيعة ليس عليها خلاف. معرفة الآخرة أم معرفة الدنيا، الاغتراب أم الالتزام؟
والناس في الآخرة على مذهبَين الأول منكر، فالإنسان بعد الموت كالحيوان والنبات وهو رأيُ الدهريين. ولا حرج من تفسير الدهر بمعنى قوانين الحياة والطبيعة وسنن الكون. والثاني مقر باللسان دون تصور بالقلب أو معرفة بالعقل، مجرد إيمان وتسليم بأقوال الأنبياء عن طريق التقليد أو مقر باللسان بالإضافة إلى الإحساس بالقلب والمعرفة بالعقل، وهم أهل البرهان.
وهناك آراء في الحدوث والمعاد وهي الآراء التي تساعد النفس على اليقظة. فالاعتقاد الصحيح منبهٌ للنفس وليس شيئًا كما هو الحال في العقائد اليهودية مثل الاختيار، والمسيحية مثل التجسد، منبهًا إياها على الآخرة.
والعلم بالبعث بطرق خمسة. الحواس والسمع والأخبار، الفكر والروية والتأمل والعقل الغريزي، والوحي والإلهام موهبة من الله للأنبياء وحدهم، وأخيرًا القياس والاستدلال للحكماء. وأكثر الناس يؤمنون بالمعاد تقليدًا كعميان، يدُ كلِّ واحد على كتف الآخر، يسيرون كالقطار، فإن لم يوجد قائد تاهوا كلهم. ويبدو في هذه الطرق الخمسة أن الحكماء أعلى من الأنبياء، وأن المعرفة التاريخية أعلى من المعرفة الحسية، وأن العقل الغريزي يقوم على الوحي والقياس، وأن العقل عقلان: عقل غريزي وعقل استدلالي. والإخوان وحدهم هم ورثة الأنبياء، وهم الحاملون لعقائد البعث والقيامة. إن استعصى وجودهم فبالاعتماد على الجهد الذاتي وعلى تدبير النفس. وإن استعصى ذلك فبالمنطق والبرهان، وهو طريق الحكماء، طريق المنطق والاستدلال. وعن طريق القياس يكون البعث إما للأجساد وحدها أو للنفوس وحدها أو للأجساد والنفوس معًا. عندما يبطل الاحتمالان الأولان يصح الاحتمال الثالث كما هو الحال في السبر والتقسيم عند الأصوليين.
وهناك ثلاثة تصورات للبعث طبقًا لمستويات الثقافة. الأول التصور الشعبي الذي يقوم على أن الدنيا شرٌّ، والجسد شهوة مما يستدعيان المقاومة حتى ينال الإنسان الخير والثواب في الآخرة، ويتجنب العقاب طبقًا للثنائية المتطهرة. وهو التصور الشعبي للجهال والنساء والصبية والعوام ومَن لا ينظر في حقائق العلوم ولا يعرفها. فالإنسان ليس إلا هذا الجسد المحسوس، والبعث إعادة هذا الجسد على نفس الحال. يحشر ويحاسب من جور السلطان، وحسد الإخوان، وعداوة الجيران، ومقاساة غيظ الأقران. البعث مجرد مفارقة النفس للجسد واستقلالها بذاتها وتفردها ومشاهدتها واللحاق بالصالحين. يحق لهم عمل الخير، وترك الشر، واجتناب المعاصي، وفعل الطاعات، وأداء الأمانات، وترك الخيانات، والوفاء بالعهود، وصحة المعاملة والنصيحة فيها، وحسن الخلق، صلاحًا لهم ولمن يعاملهم ويعاشرهم في الدنيا حتى الممات. يتم بعث الأجساد عن طريق ردِّ النفوس إليها. والغرض منه المجازاة ولا مصلحة للشرير فيه خوفًا من العقاب، ورغبة الخير فيه طمعًا في الثواب. فإثبات البعث أو إنكاره يتوقف على أخلاق الإنسان في الدنيا خيرًا أم شرًّا.
والثاني: رد النفوس إلى أجساد أخرى أكثر روحانية كما هو الحال في تناسخ الأرواح في حالة الثواب. وهو تصور أفضل وأقرب إلى الحق، وفيه صلاح معتقديه.
وتبلغ ذروة خلود النفس في مشاهد القيامة، الذات عندما تعي ذاتها كذات وموضوع كنفس وبدن، كفرد وعالم في قصة فلسفية في رسالة «البعث والقيامة» عن ملك وأبنائه الستة. وتقوم على التشبيه بين سياسة النفس للجسد وسياسة الصانع أو المهندس للمدينة. وكلاهما من تدبير الله. ويجهل أصحاب التشريع أي الفقهاء كيف تدبر النفس الجسد، وكيف يدبر الله النفس. وترمز المدينة هنا إلى العالم كله وليس إلى المدينة الفاضلة مما يكشف عن مدى قرب النفس إلى الله. فالله هو المهندس الأعظم، والمعلم الأكبر وتحته مهندسان تلميذان النفس وربما النبي أو الحكيم. وفي هذه الحالة تكون المدينة المجتمع وليس الكون. النفس ساكن في الجسد وليست بانيَّتِه في حين أن الله باني العالم وليس ساكنًا فيه. والأبناء الستة مختلفون. الأول: أباح لهم الملك كل شيء إلا أن يكون أحد في مثل مرتبته. ثم عزه الناس فطلب فسقط وهرب وندم ونام مع الناس إلى يوم الجمعة. وهي مرتبة آدم. والثاني: حليم وقور شكور. ولَّاه أبوه بعض مملكته. لم يسمع الناس له لأن كان يُشبه زحل. صبر ثم شكا فغضب الأب ورماهم في الماء فحزن الابن ونام. وترك إلى يوم الجمعة مما يدل على قسوة الأب ضد المعارضة ودون معرفة سبب الرفض وعدم الطاعة. وعجز الابن عن الحوار مع أبيه والدفاع عن شعبه وهي مركبة نوح. والثالث: خير فاضل عالم محجاج لم يسمع له الناس، برج المشتري لارتباطه بالدين. بنى لأبيه هيكلًا، ونذر له قربانًا، وعمل مناسكَ ونادى في الناس، وتُرك أيضًا نائمًا إلى يوم الجمعة. بقيَ بناؤه في النفوس دون فهم والاقتصار على ظاهر الهيكل دون معرفة باطنه. يقومون بالمناسك دون فهم، توجهًا لا شعوريًّا من صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ. وهي مرتبة إبراهيم. والرابع: جَلْدٌ قويٌّ، جريء مقدام، برج المريخ. وقع عصيان ومبارزة. غلبهم ثم بقي وحيدًا كالغريب، يدعو فلا يُجاب، يأمر ولا يُهاب مع أنه لا يوجد ملك يقتل شعبه. وهي مرتبة موسى. والخامس: هادئ رشيد، طيب رقيق، برجه الزهرة. أطاعتْه القلة ثم وثبوا عليه وأخذوا القميص الذي خاطتْه أمُّه فاستنفر عليهم أبوه بجنوده وأيَّده بروح منهم فتحكَّم في لاهوتهم قصاصًا لمَّا تحكَّموا في ناسوته. وهي مرتبة السيد المسيح. والسادس: مختلف عن الباقين، من اختيار الملك. رسالته إيقاظ باقي الأنبياء فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا. برجُه عطارد، قبل يوم الجمعة، أي أنه قبل ختم الأنبياء وله الحكم والقضاء. وهي رتبة محمد. ستة أبناء وقد يكون الأب هو السابع حتى يكتمل العدد الرمزي.
(ب) المبدأ والمعاد (ابن سينا)
ويظهر المعاد في «الشفاء» كموضوع الفصل السابع والأخير من المقالة التاسعة «فصل في المعاد»، ويستأنف في المقالة العاشرة في الفصل الأول «في المبدأ والمعاد»، وفي الفصل الثاني «في إثبات النبوة» وكيفية دعوة النبي إلى الله تعالى والمعاد إليه. فالمعاد مرتبط بالنبوة كما هو الحال في علم أصول الدين، وكلاهما بعدَا التاريخ، الماضي في النبوة، والمستقبل في المعاد، البداية والنهاية. فهو فصل عام يشمل الإلهامات والنبوات والدعوات المستجابة والعقوبات وأحوال النبوة وأحكام النجوم.
ويثبت المعاد أيضًا على نحو طبيعي. فالمعاد أي المصير ضرورة بالطبع، وكلٌّ ميسرٌ لما خلق الله. البعض للجنة والبعض للنار. تقتضي الحكمة نوعًا من الجبرية المطلقة في نظام الكون بما في ذلك أمور المعاد. هنا تبتعد الحكمة عن الاعتزال. المعاد ظاهرة طبيعية، مصير الكائنات الحية. والسؤال هو: هل المعاد الطبيعي حكم موضوعي على الطبيعة أم إسقاط ذاتي من الرغبة في تجاوز الموت واستمرار الحياة؟ ونظرًا لسيادة الخير على العالم ينتهي مصير البشر جميعًا نهاية سعيدة، فالكل في الجنة، ورحمة الله واسعة.
وقد توحي هاتان الحركتان، الذهاب والإياب بالتناسخ والبرزخ مفهوم صوفي بالرغم من أنه لفظ قرآني.
والسؤال هو: هل المعاد تعويض عن الدنيا ومآسيها أم أنه استمرار لهذه الحياة من خلال الفعل والأثر؟ هل هو وظيفة سلبية أم إيجابية؟ وطبقات الناس ومراتبهم في العمل، بين مَن يعمل ومَن لا يعمل، في العمل الصالح وليس في الثروة والسلطان هل هي استمرار للدنيا أم تعويض عنها في الآخرة؟ إن المعاد نموذج لمعنى في الذهن وليس له وجود في الخارج. هو بعد المستقبل في حياة الإنسان كما أن النبوة بعد الماضي، والعمل الفردي والجماعي، المواطن والدولة بعد الحاضر.
والسؤال الأول عن العلة المادية: من أي موضع جئنا من هذا العالم، من فوق فلك الزهرة إلى فلك البروج، وحدُّ العالم من فوق الفلك المستقيم إلى تحت مرتبة العلم وهو العقل؟ ويرد ابن سينا: مجيئنا من الله، حظيرة القدس، قدس القدوس، فوق العالم العلمي والعقلي. هذا العالم دار عمل، وذاك العالم دار جنة، والجنة دار المحسنين. جئنا من الجنة إلى ذلك العالم، ومن ذلك العالم إلى هذا العالم. ومنه نذهب إلى البرزخ، ومن البرزخ إلى ذلك العالم، موضع الحساب والعقاب الأبديَّين، للوصول إلى الصور الموافقة لأرواحهم إلى الجنة على عكس صور اللذة في الدنيا بحسب الطبع وقيد الطبيعة، ويتحولون إلى قيد العقل وما جاء به الرسل.
والسؤال الرابع عن الجهة والكيف ما حالنا بعد مفارقة الدنيا؟ الوجود في البرزخ إيقاظ في لذات روحانية وصور مصاحبة من هذا العالم من العلم والعمل في الخير والشر، محكمة ذاتية، متفرغة متميزة. وتكون في البرزخ كالنطفة في الرحم، والبذر في الأرض، ينبت على ما في الأصل الذي جاءت من ظهر الأب حتى إذا اتصلت بها القوة السابعة صارت إلى كون آخر. ويجد الكافر عذابًا بمعاينة الصور المستنكرة المكروهة طبقًا لعمله.
والحقيقة أن المجيء إلى العالم قهرًا والخروج منه قهرًا هو شرط الحرية. فالحرية فهم الضرورة. ومع ذلك الإنسان حرٌّ لأن الحرية تنشأ في لحظة الوعي بالوجود، والموت أحد أبعاد الحرية. وما أوله جبر وآخره جبر يكون وسطه إمكانية وحرية. ولماذا يدخل المؤمنون كارهين تحت العقل؟ وهل العقل قيد وإجبار وإكراه من العقال أم من التنظيم؟ وهل الشرائع كره أم طبيعة أم تعوُّد؟ وفي كل الحالات تدل الإجابات على نزعة هندية صوفية للخلاص من الدنيا، سجن المؤمن. والمحاكمة ذاتية، محاكمة الضمير لذاته، في الداخل وليس في الخارج. فلا دليل على وجود البرزخ في المكان بل هو وعي الإنسان بذاته في الزمان.
والقصد من ذلك كلِّه تحوُّل الدين إلى فلسفة، والعقائد إلى نظريات جمعًا بين العقل والأسطورة، والتعبير عن الموروث بلغة الوافد، وعن عقائد الإيمان بمصطلحات اليونان، وتتبادل مصطلحات الشرع مثل الملائكة والبرزخ مع مصطلحات الفلسفة وقوى النفس، فتكون الغلبة لهذه مرة، ولتلك مرة.
وقد كتب ابن سينا رسالة «الأضحوية» مرة ثانية في المعاد، رسالة إلى شخص معين، شيخ أمين يبدو أن له فضلًا على ابن سينا في معرفته الصوفية. يظهر فيها الأسلوب الأدبي والقصد الصوفي الرمزي. والبنية جدلية محكمة. البداية بالتاريخ، والنهاية بالفكر. البداية بالآخر، والنهاية بالذات. الفصل الأول «ظاهرياتي» يبحث في الماهية. والفصلان الثاني والثالث عرضٌ للآراء السابقة ونقدُ الباطل منها. والفصلان الرابع والخامس عن الإنيَّة المنفصلة عن البدن والتي توجد بدون البدن ولا يوجد البدن بدونها مما يثبت خلود النفس، وهو أطول العناوين. والفصلان السادس والسابع عن المعاد وطبقات الناس بعد الموت والنشأة الثانية، وهو الموضوع الرئيسي للرسالة بعد أن تم التمهيد له بموضوعين: الآراء السابقة وتمايز النفس عن البدن. وهو موضوع ديني كلامي خالص له ما يشابهه في السمعيات وبمقولات الكلام مثل المؤمن والكافر والعاصي.
تُنكر الأقلية المعاد، وتُثبته الأغلبية. والمثبتون له إما للبدن أو للنفس أو لكليهما. وإثبات المعاد للبدن وحده لا يدل على شيء إلا بالنسبة إلى العمل في الدنيا بين برٍّ مُثاب وفاجر معاقب إلى الأبد في قسمة ثنائية أو بين مؤمن مثاب وكافر معاقب إلى الأبد، وبينهما درجة متوسطة وهي المؤمن الفاسق، متروك لمشيئة الله إلى الأبد أو معاقب دون خلود. والخلود المتروك للمشيئة إما للثواب دون العقاب أو دون ثواب وعقاب. والمثبتون للمعاد للنفس والبدن المسلمون والنصارى. والمسلمون فِرَقٌ ثلاث في النفس، إما روحانية أو جسم لطيف أو العقاب والثواب للنفس والبدن عقلي وحسي. وعند النصارى المعاد روحاني فقط للثواب والعقاب. أما القول بالمعاد للنفوس وحدها فالاختلاف في تعريف النفس إما جسم أو جوهر نوراني مخالط لجوهر مظلم وهو البدن، أو تناسخ وكرور في الأبدان، أو احتباس في العالم العنصري وانفلات منه، أو استكمال لجوهرها وخلوصها من الطبيعة، وهو موقف الحكماء الفاضلين. والجوهر النوراني المخالط لجوهر البدن المظلم هو موقف المجوس أو الثنوية أو المنوية. وعند الثنوية السعادة في النور، والشفاء في الظلمة. والقول بالتناسخ إما كرور النفس في الأجساد النباتية والحيوانية أو في الحيوانية فقط أو في الإنسانية فقط، إما للنفس الشقية حتى تسعد أو للنفس الشقية والسعيدة. الأولى في الأبدان المتعبة والثانية في الأبدان المستريحة.

ويلاحظ على هذه القسمة أن الفلاسفة مثل النصارى يقولون بالمعاد الروحاني والثواب والعقاب الروحانيَّين، وأن الخلاف في الخلود مشترك بين القول بالمعاد للأبدان وحدها وللنفس والبدن وحدهما. ولا يوجد فرق في القائلين بالمعاد للنفوس وحدها بين الفرقة الأولى القائلة بتجسيم النفس، والثانية المعتبرة إياها جوهرًا نورانيًّا. ففي كلتا الحالتين النفس جسم والخلاف في القسمة والنور. ولا فرق بين الفرقة الثالثة القائلة بالتناسخ، والرابعة القائلة بالاحتباس في العالم العنصري والانفلات منه، والخامسة القائلة باستكمال جوهرها وخلوصها من آثار الطبيعة وهو رأي الحكماء الفاضلين.
وينقد ابن سينا المعاد بالأبدان وحدها كما ينقد التناسخ. لا ينفي حججه ولا ينقد الرأي القائل بمعاد النفس وحده أو بمعاد النفس والبدن معًا. ويعتمد على حجة الشرع مما يدل على أن الرأي من الموروث وليس من الوافد وكردِّ فعل على الحكماء ومخالفتهم تعصبًا، وإنكار وجود النفس أو الروح أصلًا بصرف النظر عن تحديد هويتهم، حشوية حرفية مادية من المزايدين في الإيمان. فقد صرح الشرع ببعث الأموات فظن الناس أن المقصود هو البدن. وقد يكون الشرع موجهًا إلى خطاب العامة؛ لأن الجمهور غير قادر على تصور التوحيد العقلي الخالص مثل العرب العاربة أو العبرانيِّين الأجلاف غير القادرين على تصور المجردات واعتبارها معدومات. لذلك أتى التوحيد تشبيهًا للبعض وتنزيهًا للبعض الآخر لأنه يأتي عامًّا للناس جميعًا على اختلاف مراتبهم في العلم. ولا يأتي خاصة لمرتبة بعينها عامة أو خاصة. ولم يَرِد في القرآن نصٌّ صحيح أو غير صريح لإثبات هذا الرأي. وإذا كان التوحيد تشبيهًا فالأولى لغيره من العقائد أن يكون كذلك.
والعجيب هو قول الحكماء بالتناسخ وفي نفس الوقت بالمعاد الروحاني. فالتناسخ يعني بقاء الأرواح والأبدان في دورات متعاقبة بين الحياة والموت طبقًا للأعمال. قد يقصد حكماء الهند؛ إذ لم يَعُد اللفظ يشير إلى حكماء اليونان وحدهم.
ويتم الانتقال من النفس الفردية إلى النفس الكونية، من الطبيعيات إلى الإلهيات من خلال الإشراقيات إلهامًا من أعلى إلى أسفل أو صعودًا من أسفل إلى أعلى. وتتحول النزعة العقلية العلمية عند أرسطو إلى إغراق في السمعيات والوجدانيات ويسمى علم العقائد لغة الشرع، وتعود الفلسفة إلى أصول الدين بعد أن كانت قد خرجت منه. لا تهم التصورات بل صياغة العواطف الإيمانية عقليًّا، ويكشف التشكل الكاذب موضوعات واحدة، بلغة الفلسفة مرة وبلغة الشرع مرة أخرى. فالفلك الأقصى بلغة الشرع العرشي. الخلاف في الأسماء لا في المسميات. والجسم هو الفلك الثاني، فلك الثوابت، وهو الكرسي بلغة الشرع. والعقل الفعال هو الملك في لسان الشرع، لا فرق بين أن يكون العقل الفعال بعد الله أي العقل الأول وأن يكون هو الله أو العقل العاشر الذي يتصل بكوكب الأرض.
حاول ابن سينا تحويل التشبيه في أمور المعاد إلى تنزيه عن طريق نظرية العقول والتشكل الكاذب ولكن بقي التشبيه ربما لسيطرة الأشعرية وعن طريق التأويل الرمزي الروحي الصوفي وليس العقلي الأدبي التصويري المعتزلي البلاغي. لذلك تظهر مصطلحات الصوفية ويظهر النبي وكأنه أحد مجاذيب الصوفية في حالة الغشية ثم الصحو.
وهل عرش الرحمن من وراء هذه الجنان؟ هل هو في مكان؟ وكيف الوراء؟ هل هي مقامات أم مجرد أسماء حسب المعنى والتركيز، وهي متشابهة ومترادفة؟ لا حل إلا التأويل وتذوق الصورة الفنية للعظمة والعلو والقدر.
وكيف يكون اللوح ملكًا روحانيًّا وهو مكتوب عليه؟ كيف تكون الذات موضوعًا؟ كيف يتحول مراد الملك لوحًا إذا كان الوحي لوحًا من مراد الملك للروح الإنساني بلا واسطة؟ ويتم الاتصال بالباطن عن طريق قوى الإدراك. إذ يعرض للقوى الحسية شبيه الدهش وللموصي إليه سبيل الغشي ثم يتسرَّى عنه. وهي صورة الألواح في التوراة.

الفيض | الكون | الحكمة | الشرع |
---|---|---|---|
الله | |||
العقل الأول | |||
العقل الثاني | العقل | الفلك الأقصى | العرش |
العقل الثالث | |||
العقل الرابع | |||
العقل الخامس | النفس | الفلك الثاني | الكرسي |
العقل السادس | (فلك الثوابت) | ||
العقل السابع | |||
العقل الثامن | الجسم | ||
العقل التاسع | |||
العقل العاشر | العقل الفعال | الملك | |
العالم العنصري |
