الفصل السادس والثلاثون

كتلونية

هذه البلدة هي قائمة بذاتها من قديم الدهر، وكثيرًا ما كانت مستقلة عن سائر أسبانية، ولم تتحد مع أراغون وقشتالة إلا بعد طرد المسلمين من الأندلس، وأهلها أمة يقال لها الكتالان، لسانهم غير الإسبانيول، والفرق بينهما أن الإسبانيول مشتق من اللاتيني، وهو أقرب إلى اللاتيني من اللغة الكتلونية، وأن هذه اللغة أقرب إلى لغة بروفنسة، التي هي لغة جنوبي فرنسة. وجنس الكتلان على وجه الإجمال لا يود الجنس القشتالي. قال لي رجل من الكتلان، ونحن آتون من مجريط إلى برشلونة: نحن والقشتاليون كالماء والزيت، بمجرد اختلاطنا ينفصل كل فريق منا عن الآخر.

وحدود كتلونية جبال البيرانس من الشمال، وبلاد أراغون من الغرب، وولاية بلنسية من الجنوب، والبحر المتوسط من الشرق، وكان لكتلونية على هذا البحر من السواحل مسافة أربعمائة كيلومتر من رأس سربيرة Cerbira في الشمال إلى مصب نهر سينيه Cenia، وأهم مدنها البحرية روزاس Rosas وكاداكيس Cadaques وبالاموس وبرشلونة وطركونة وسالو Salou ولوس الفاكيس Los Alfaquis. وأهم قسم لها من البرانس الجبال المسماة بجبل نيغرو Negro وسان غراو Sangrau ومونشارات Monlserrat وغيرها، وأهم الأودية المتكونة من هذه الجبال هي وادي أندور، وهو وادٍ له حكومة مستقلة، بين فرنسة وأسبانية، كما لا يخفى، ووادي آنيو Aneo، ووادي آرون Aron، ووادي آرو Aro، ووادي كردونة Cardona وغيرها. وأعظم أنهرها نهر أبره، ثم نهر سكر Segre ثم نهر لوبريقات Liobregat ونهر تير Ter ونهر فلوفيه Fluvia.
والقسم الشمالي من كتلونية شديد البرد. لملاصقته لجبال البرانس، ولكن السواحل هي في غاية الاعتدال، وكذلك القسمان الغربي والجنوبي. وليست البلاد من جهة أرضها معدودة من البقاع الخصيبة في الدنيا. وأكثر أراضيها جبلية، والأوعار فيها كثيرة، إلا أن الكتلان من أكثر الأمم نشاطًا وأشدهم ثباتًا في العمل، فلذلك ترى في أراضيهم المزارع العظيمة للحبوب، وكروم العنب المالئة للسهل والوعر ومن بساتين الزيتون، من الغياض ما لا يحصى، ومن الأماكن التي تذكر بحسن زراعتها سهول لامبوردان Lampordan، وجيرندة، وسيردانيه، وباجس، وبنادس توطركونة وضفاف نهر سيفر، ونهر أبره، ولا تنس فحص طرطوشة، وبقعة لاردة.
ومن حاصلات كتلونية الثمار بأنواعها، والخشب، والبقول، وأكثر ما تباع في فرنسة، وكذلك يستخرجون الخمر بكثرة. ثم إن عندهم في الجبال مواشي كثيرة. أما المعادن فيكثر في كتلونية الجير والجص والملح. وفي طرطوشة وطركونة رخام كثير وبقرب ساليت Salut معدن رصاص، والحديد موجود في البرانس، والمياه المعدنية كثيرة أيضًا، أشهرها في غاريقة Garriga وكالداس Caldas وبودا Puda إلخ.
وأما الصناعة في كتلونية ففي منتهى الازدهار، لاسيما في أرباض برشلونة، ومما لا نزاع فيه أن كتلونية هي أرقى بلاد أسبانية في الصناعة. ومن صناعات كتلونية نسج القطن والصوف والحرير والجوخ، وسائر أنواع المنسوجات. وعمل الورق والصابون والزجاج والسلاح، وغير ذلك، وبسبب ازدهار الصناعة نجد تجارة برشلونة هي أوسع من تجارة أية مدينة في أسبانية، بل برشلونة تعد من أعظم المدن التجارية في العالم. وفي كتلونية عرق فينيقي ثابت في التاريخ، فإن الفينيقيين زاروا تلك البلاد وعمروها، وكانوا يبحثون فيها عن معادن الذهب والفضة، ثم جاء اليونانيون فزاحموا الفينيقيين، وأنشئوا مستعمرات على شواطئ البحر، مثل بلدة روزاس التي قيل لها الروضة، وأنبورياس التي قيل لها أنبوريون Enporien، ثم عندما عظمت دولة قرطاجنة جاء القرطاجنيون في القرن الثالث قبل المسيح، وزاحموا اليونانيين وانتشروا في كتلونية. والمظنون أن أسدروبال برقة Asdrubal Berca الزعيم القرطاجني هو باني مدينة برشلونة، التي كان اسمها في القديم بارسينو Bercino.
fig24
شكل ٥٧-١: صورة انتصار اينبال على الرومان في واقعة براسيمانو سنة ٢١٧ ق.م.
ولما كان الرومانيون حلفاء لليونانيين لم تلبث الحرب أن نشبت بين الرومان والقرطاجنيين، لأن الرومان أرسلوا في سنة ٢١٨ قبل المسيح القائد سيبيون Seipion وأخاه بأسطول إلى مياه امبوريون، ثم إلى طركونة، ودارت الحرب بين القرطاجنيين والرومان، فانهزم سيبيون وأخوه، وقتلا في المعركة، وفي طركونة نفسها عاد الرومانيون فنزلوا وحشدوا لقتال القرطاجنيين، وصارت هذه البلدة قاعدة للرومان، ومنها امتدوا وانتشروا في أسبانية، وصارت الروضة وامبوريون وبرسينو، أي برسلونة وجيرندة وفيك وبادلوانة ودرطوزة التي سماها العرب طرطوشة، واياردة، التي سموها لاردة وغيزونة وإيزونة وسيقارة، من المدن المعروفة في ذلك الوقت تحت حكم الرومانيين.
وقد ذكر المؤرخون من اللاتين أسماء الشعوب التي كانت معروفة في كتلونية، مثل الكوزتاني cozetani، واللاسيتاني Laciani والايلارجيت Ilergeies، والاينديجيت Indigetes، واللاتاني laletani، والسيرتاني Cerretani والأوزتاني Austani، والكاستلاني Castelloni، وبعض المؤرخين يذهبون إلى أن اسم كتلونية مشتق من اسم الكاستلاني، والآخرون يقولون إنه مشتق من اسم قبيلة يقال لها «قوطي ألاني» Gothi-Alani.
fig25
شكل ٥٧-٢: صورة واقعة بحرية بين القرطاجتين والرومان سنة ٢١٨.

أما تاريخ كتلونية في القرون الأولى من القرون الوسطى فلا يزال إلى اليوم غامضًا وقد ذكر مؤرخو الإفرنجة أن العرب استولوا على كتلونية في القرن الثامن للمسيح.

قال ابن خلدون عن دخول موسى بن نصير إلى الأندلس:

نهض من القيروان سنة ثلاث وتسعين، في عسكر ضخم، من وجوه العرب والموالي وعرفاء البربر، فوافوا خليج الزقاق، ما بين طنجة والجزيرة الخضراء فأجاز إلى الأندلس وتلقاه طارق فانقاد واتبع، ويقال إن موسى لما سار إلى الأندلس عبر البحر من ناحية الجبل المنسوب إليه، المعروف اليوم بجبل موسى، وتنكب النزول على جبل طارق، وتمم الفتح وتوغل في الأندلس إلى برشلونة من جهة المشرق، وأربونة في الجوف، وضم قادس في المغرب، ودوخ أقطارها وجمع غنائمها، وأجمع أن يأتي المشرق من جهة القسطنطينية، ويتجاوز إلى الشام دروب الأندلس ودروبه ويخوض إليه ما بينهما من بلاد أمم النصرانية، مجاهدًا فيهم، ومستلحمًا لهم، إلى أن يلحق بدار الخلافة من دمشق.

ونمى الخبر إلى الخليفة الوليد فاشتد قلقه بمكان المسلمين من دار الحرب، ورأى أن ما هم به موسى تغرير بالمسلمين، فبعث إليه بالتوبيخ والانصراف، وأسر إلى سفيره أن يرجع بالمسلمين، إن لم يرجع هو، وكتب له بذلك عهده. ففت ذلك في عزم موسى، وقفل عن الأندلس، بعد أن أنزل الرابطة والحامية في ثغورها. واستعمل ابنه عبد العزيز لسدها وجهاد عدوها، وأنزله بقرطبة، فاتخذها دار إمارة. إلى آخر ما ذكره ابن خلدون، مما يدل على أن فتح العرب لبرشلونة وقع في زمن موسى بن نصير نفسه، بل يقول إنه أوصل الغزو إلى أربونة، إلا أنه يقول بعد ذلك: ثم تتابعت ولاة العرب على الأندلس، تارة من قبل الخليفة، وتارة من قبل عامله بالقيروان، وأثخنوا في أمم الكفر، وافتتحوا برشلونة من جهة الشرق، وحصون قشتالة وبسائطها من جهة الجوف، وانقرضت أمم القوط. وأوى الجلالقة ومن بقي من أمم العجم إلى جبال قشتالة وأربونة وأفواه الدروب، فتحصنوا بها، واجتازت عساكر المسلمين ما وراء برشلونة من دروب الجزيرة، حتى احتلوا البسائط وراءها وتوغلوا في بلاد الفرنجة، وعصفت ريح الإسلام بأمم الكفر من كل جهة، وربما كان بين جنود الأندلس من العرب اختلاف وتنازع أوجد للعدو بعض الكرة، فرجع الإفرنج ما كانوا غلبوهم عليه من بلاد برشلونة، لعهد ثمانين سنة من لدن فتحها ا.ﻫ.

ثم إنه في نفخ الطيب مذكور فتح هشام بن عبد الرحمن الداخل لمدينة أربونة الشهيرة من جنوبي فرنسة، ولا يقدر الأمير هشام المذكور أن يفتح أربونة وهي في الجوف، على مسافة غير قصيرة إلى الشمال من البرانس، أو جبل البرتات، إلا إذا كان استولى على كتلونية. وجاء في نفح الطيب أن الأمير هشام بعث سنة ست وسبعين ومائة وزيره عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث، لغزاة العدو، فبلغ ألبة والقلاع، وأثخن في نواحيها، ثم بعثه بالعساكر سنة سبع وسبعين إلى أربونة وجيرندة فأثخن فيهما، ووطئ أرض برطانية. ا.ﻫ.

وقد نقلت هذه الفقرة في كتابي «غزوات العرب في أوربة» وعلقت عليها بقولي: الأرجح أن لا يكون المراد هنا ببرطانية، برطانية الأفرنسية، بل امبرطانية الكتلانية. وعند ذلك يلزم أن لا تكون البلاد المذكورة قبلها جيرندة التي هي في جنوبي فرنسة، والتي قاعدتها بوردو، بل جيرندة التي هي من مقاطعات كتلونية، أي جيرندة التابعة لبرشلونة، والتي يقال لها اليوم جيرونة، فإن اسمها الروماني القديم جيرونده Gerunda. وكان اسمها هذا هو المستعمل يوم فتحها العرب. نبهني إلى ذلك ولدنا الفاضل محمد الفاسي الفهري، وقال لي إنه لم يزل بفاس إلى الآن عائلة من الأندلس، يقال لها عائلة الجيرندي، نبغ منها علماء مثل أبي العباس أحمد بن علي بن عبد الرحمن الجيرندي الأندلسي، المتوفي بفاس سنة ١١٢٥، ترجمه القادري في نشر المثاني، والكتاني محمد بن جعفر في سلوة الأنفاس. ولا شك في أن العرب سكنوا جيرندة الكتلونية طويلًا، ولكنهم لم يسكنوا جيروندة التي عاصمتها بوردو، ولا عرفوها إلا في الغزوات، عابري سبيل. روى لي محمد الفاسي أن المستشرق الأسباني قديرة، كتب فصلًا خاصًّا عن فتح العرب للمدن الثلاثة: برشلونة، وجيرندة، وأربونة، يتلخص منه أن العرب فتحوا جيرندة، عندما فتحوا الأندلس، وبقيت في أيديهم حتى انتزعها منهم شارلمان سنة ٧٨٥، ثم استردها العرب سنة ٧٩٣، ثم أخذت منهم سنة ٧٩٧ أو ٧٩٨، ثم عادوا ففتحوها، ثم أخرجوا منها نهائيًّا سنة ٨٠٠.
وفي الصفحة ١١٦ من كتابنا «غزوات العرب في أوربة» ذكرت نقلًا عن المستشرق الفرنسي رينو، ما يلي: منذ استرجع «ببين» القصير أربونة، وأجلى العرب عنها، سكنت الأمور بين مسلمي الأندلس والفرنسيس. وكان ببين يعد البيرانة هي التخم الطبيعي بين فرنسة وأسبانية. وكان عبد الرحمن (يريد الداخل) مشغولًا حينئذ بمحاربة الأمراء الخارجين عليه. ولم يكن ببين يهمل شيئًا من الوسائل لإثارة نيران الفتنة بين المسلمين. وسنة ٧٥٩ أي بعد استرداد الفرنسيس لأربونة (وقرقشونة Carcassona) دخل أمير برشلونة، المسمى سليمان في علاقات مع ببين وتعاهد معه. ومؤرخو الفرنسيس يزعمون أنه انضوى تحت لواء ببين، ولكن الأصح أن يقال إنه ما قصد إلا أن يستعين به على الاستقلال عن سلطانه. ومن بعد ذلك أصبحت هذه خطة أمراء المسلمين في شمالي الأندلس فيوم يضغط عليهم السلطان في قرطبة، يلجئون إلى فرنسة، ينشدون عندها التنفيس من خناقهم. وإذا ظهرت لهم مطامع الفرنسيس بحق بلادهم عادوا إلى رئيسهم في قرطبة، واعتصموا به. انتهى كلام رينو.

وعلقت على هذا الكلام ما يلي: سليمان الأعرابي الكلبي أمير برشلونة كانت بينه وبين شارلمان علاقات، مذ كان أميرًا بسرقسطة. وانظر ما يقوله صاحب أخبار مجموعة: ثم ثار سليمان الأعرابي بسرقسطة، وثار معه حسين بن يحيى الأنصاري، من ولد سعد بن عبادة، فبعث إليه الأمير (يعني عبد الرحمن الداخل) ثعلبة بن عبد في جيش، فنازل أهل المدينة، وقاتلهم أيامًا، ثم إن الأعرابي طلب الفرصة من العسكر فلما وضع الناس عن أنفسهم الحرب، وقالوا قد أمسك عن الحرب، أغلق أبواب المدينة، وأعد خيلًا، ثم لم يشعر الناس حتى هجم على ثعلبة فأخذه في المظلة فصار عنده أسيرًا، وانهزم الجيش، فبعث به الأعرابي إلى قارلة، فلما صار عنده طمع قارلة في مدينة سرقسطة من أجل ذلك، فخرج حتى حل بها، فقاتله أهلها ودفعوه أشد الدفع، فرجع إلى بلده. انتهى

وقلت بعد ذلك إن العرب يسمون شارلمان قارلة كما كانوا يسمون جده شارل مارتل وسيأتي ذكر قصة الأمير سليمان هذا الذي مالأ شارلمان على قومه، وكيف انتهى أمره. انتهى

وقد ورد في «أخبار مجموعة» ذكر سليمان الأعرابي في محل آخر حيث يقول: ثار على الأمير (أي عبد الرحمن الداخل) عبد الرحمن بن حبيب الفهري، الذي كان يقال له السقلابي بتدمير، فكاتب سليمان الأعرابي الكلبي، وكان ببرشلونة، ودعاه إلى الدخول في أمره، فكتب إليه الأعرابي: إني لا أدع عونك. فامتعض الفهري من جوابه؛ إذ لم يجمع له فغزاه. فهزمه الأعرابي، فكر الفهري إلى تدمير. ا.ﻫ.

وجاء في «أخبار مجموعة» في مكان آخر: أن حسين بن يحيى الأنصاري عدا على الأعرابي يوم جمعة، فقتله في المسجد الجامع في سرقسطة، وصار الأمر لحسين وحده، فنزل به الأمير، وكان عيسون بن سليمان الأعرابي قد هرب إلى أربونة، فلما بلغه نزول الأمير بسرقسطة، أقبل فنزل خلف النهر، فنظر يومًا إلى قاتل أبيه قد خرج عن المدينة، وصار على جرف الوادي، فاقتحم عيسون فرسًا له، كان يسميه الناهد، وقتله، ثم رجع إلى أصحابه فسمى ذلك الموضع مخاضة عيسون. ا.ﻫ.

ونقلت في كتابي «غزوات العرب في أوربة» عن المستشرق رينو ما يلي:

وسنة ٧٧٧ ثار أميران من أمراء المسلمين في مقاطعات نهر أبره، وخرجا من طاعة السلطان في قرطبة، فاجتازا البيرانة، قاصدين شارلمان في فستقالية، حيث كان منعقدًا مجلس حافل، وكان أحد هذين الأميرين، وهو المسمى سليمان، قد قاتل عساكر قرطبة، وأخذ قائدها أسيرًا، وجاء به، وقدمه كهدية إلى شارلمان، ويزعم مؤرخونا أن هذا الأمير دخل في طاعة الإمبراطور الفرنسي.ا.ﻫ.

وعلقت على هذا بقولي: استشهد رينو على ذلك بمجموعة الدون بركه، وكذلك بتاريخ ابن القوطية. وأما مؤرخو العرب فلم يتفقوا على اسم هذا الأمير، لأن بعضهم يسميه سليمان بن قحطان الغربي، والآخرين يسمونه مطرف بن العربي. وقد تقدم أن هذا الأمير هو سليمان الأعرابي الكلبي. وأما أسيره الذي أرسله إلى شارلمان فهو ثعلبة بن عبد الذي أسره بحيلة كما تقدم. ا.ﻫ.

وفي صفحة ١٢٤ من كتابي «غزوات العرب في أوربة»، في أثناء كلامي عن إمارة عبد الرحمن الثاني، نقلت عن نفح الطيب قوله: وفي سنة ٢٣٦ بعث عبد الرحمن العساكر إلى أرض الفرنجة، وانتهوا إلى أرض برطانية، وكان على مقدمة المسلمين موسى بن موسى، عامل تطلية، ولقيهم العدو، فصبروا حتى هزم الله عدوهم. ا.ﻫ. وعلقت على هذه الجملة بقولي: برطانية هنا لا يظهر أنها التي يقال لها بريطانية Bretagne من شمالي فرنسة إلى الغرب، بل هي مقاطعة من كتلونية، يقال لها اليوم أمبوردانية Ampordania وكان أهل البلاد يقولون لها «أمبروطانية» وهي لفظ مشتقة من «أمبورياس» اسم مدينة فينيقية قديمة، ثم يونانية في أرض كتلونية.ا.ﻫ. ولقد لاح لي الآن أن برطانية هنا ليست أمبوردانية من كتلونية وإنما هي برطانية من أراغون. وهي التي تقدم ذكرها، والأسبان يقولون لها «بلطانية» باللام، ففي هذه الواقعة كان على مقدمة المسلمين موسى بن موسى من بني قصي وكان عاملًا بتطلية من بلاد أراغون.
وفي صفحة ١٣٠ من «غزوات العرب في أوربة» ذكرت ملك الحكم بن هشام في قرطبة، وكيف ثار به عماه، فاضطر أن يقضي أوائل أيامه في قمع الثورة، ونقلت عن المستشرق رينو١ صاحب كتاب «غارات العرب في بروفانس وسيمونت وسويسرة» ما يلي:

بينما كان شارلمان في مدينة «اكسلا شابيل» جاء مستنجدًا به أمير برشلونة المسلم، وعم الحكم أمير قرطبة (نقل رينو هذا الخبر عن الدون بوكة) وفي تلك السنة نفسها بينما كان لويس بن شارلمان ملك أكيطانية عاقدًا مجمعًا في طلوزة جاءه رسول من الأذفونش ملك جليقية وأشتورية، يلتمس حشد جميع القوات المسيحية، وتجريدها لقتال العدو العام، ثم وفد أيضًا على هذا المجمع رسول من قبل أمير مسلم، في ناحية وشقة، يقال له «باهلوك» يريد أن يسالم المسيحيين، فظهر أن الغرة كانت لائحة لأخذ الثأر من المسلمين، وللدخول إلى أسبانية. وكان لويس ملك أكيطانية، وأخوه شارل، قد شنا الغارات في أطراف المقاطعات التي تشرب من نهر أبره: ثم عاد لويس فأجاز البيرانة من جهة أراغون، وحاصر وشقة، التي كان أميرها قد أرسل بمفاتيحها إلى شارلمان، ولكن لما جاء الفرنسيس لتسلم بلدته، امتنع عليهم ولبس لهم جلد النمر.

وفي ذلك الوقت كان عبد الله، عم الحكم أمير قرطبة، قد استولى على طليطلة وعمه الآخر سليمان استقر في بلنسية، فسرح جيشًا لقتال عمه عبد الله في طليطلة، وسار هو بنفسه مع جيش من الفرسان قاصدًا البيرانة، فأدخل في الطاعة برشلونة وغيرها من المدن التي كانت أشرطت نفسها للعصيان. انتهى

وأيدت رواية رينو برواية نفح الطيب عن هذه الحوادث، وهي هذه: وفي سنة اثنتين وتسعين ومائة جمع لذريق بن قارلة، ملك الفرنج، جموعه، وسار لحصار طركونة، فبعث الحكم ابنه عبد الرحمن في العساكر فهزمه، ففتح الله على المسلمين وعاد ظافرًا. ولما كثر عبث الفرنج في الثغور، بسبب اشتغال الحكم بالخارجين عليه، سار بنفسه إلى الفرنج سنة ست وتسعين، فافتتح الثغور والحصون، وخرب النواحي، وأثخن في القتل والسبي، وعاد إلى قرطبة ظافرًا. ا.ﻫ.

قلت: لعل صاحب نفح الطيب يعني بلذريق بن قارلة لويس بن شارلمان، أما الأمير المسلم الذي كان في ناحية وشقة ويسميه الإفرنج «بهالوك» فنرجح أنه هو بهلول بن مخلوق، من عمال قرطبة. وكان قد انضم إلى لويس بن شارلمان في تلك الغارة.

فالمؤرخ كوندي الإسبانيولي يقول: إن الحكم لم يتمتع طويلًا بالراحة التي كان وطد أطنابها بتعبه وجهاده، ففي سنة ٨٠١ مسيحية، وفق ١٨٥ هجرية، تحرك ملك أشتورية وأراد التجاوز على المسلمين، ولما كان يعلم نفسه أضعف من أن يقدر عليهم، استنجد بشارلمان، وهذا أسرع لنجدته، مؤملًا بذلك الاستيلاء على أسبانية الشمالية وضمها إلى مملكته، فجعلت أمداد شارلمان تثوب إلى الإسبانيول، تحت قيادة ولده لويس ملك أكيطانية، فزحف لويس واستولى على مدينة جيرونة وجاء فحاصر برشلونة، وانضم إليه بهلول بن مخلوق (الذي نحت منه الإفرنج اسم باهلوك) من عمال أمير قرطبة، وسار بالفرنسيس إلى طرطوشة، فزحف الحكم بنفسه، ومعه عمروس، ومحمد بن مفرج، قائد الخيالة. الذي كان عظيم الاعتماد عليه، نظرًا لدهائه وإقدامه، ثم أغار الحكم على نبارة وبنبلونة، ودخل وشقة. فخشي الأذفونش على بلاده، وحشد عساكره، وزحف إليه يوسف بن عمروس، فأوقعه الأذفونش في كمين، وأخذه أسيرًا، فدفع عليه أبوه فدية جسيمة حتى أنقذه.

وأما الحكم فكان يتوقد صدره إحنة على بهلول بن مخلوق عامله، الذي انحاز إلى الفرنسيس، ومشى بين أيديهم. ولما عرف أنه في جوار طركونة، عمد إليه من فوره، ولم يزل في أثره حتى ثقفه في طرطوشة بعد أن هزمه، ثم احتز رأسه، ورجع الحكم إلى قرطبة بدون أن يتعرض لبرشلونة، وذلك خوفًا من الفشل في حصارها ا.ﻫ.

وقال المستشرق رينو — الذي اعتمدنا على كتابه «غارات العرب في بروفنس وبيمونت وسويسرة» لأنه أشهر كتاب في هذا الموضوع، وكل جملة فيه تقريبًا مدعومة بالوثائق، مؤيدة بروايات مؤرخي ذلك العصر، سواء من الإفرنج أو من العرب — ما يلي:

ولم يكن شيء من تلك الغارات، سواء من جهة العرب أو من جهة الإفرنج، ليؤدي إلى نتيجة حاسمة، يصبح منها أحد الفريقين ملكًا. أو يحوز فتحًا مبينًا. وكان أهم ما لقيه الفرنسيس في هذه الحرب، هو أن أمراء المسلمين الذين كانوا أظهروا الطاعة لشارلمان، أبوا أن يقلبوها عندما جاءت جيوشه إلى بلادهم، وأصلوها نارًا حامية. وكان المسلمون لا يزالون أصحاب المدن الكبرى، والمعاقل المنيعة، مثل برشلونة، وطرطوسة، وسرقسطة. وكانت برشلونة، بنوع خاص، بحصانة موقعها، وبقربها من فرنسة، وبكونها مدينة بحرية، هي من أشد البلاد نكاية بالفرنسيس وكان الأمير الذي فيها، وهو الذي يسميه الإفرنجة «زاتون٢» وقد أوهم شارلمان أنه يريد الدخول في طاعته، ولكن عندما حضر الفرنسيس أمام بلدته، قلب لهم ظهر المجنّ، وكشّر عن ناب العدواة، فأجمع لويس شارلمان، ملك أكيطانية، بالاتفاق مع غليوم، كونت طلوزة، وبرأي مجمع مؤلف من أمراء تلك البلاد، أن يستولى على برشلونة في أول فرصة. وكان شارلمان يومئذ في رومة مشغولًا بقضية تتويجه إمبراطورًا على الغرب. وكانت برشلونة قد أصبحت للمسلمين معقلا متينًا، وكانت تصدر عنها فرسان تلك الخيل المشهورة بخفة الحراكات، فتبث الغارات في بلاد النصارى وتعود وأيديها ملأى بالغنائم، وكانت من المنعة بحيث إن الفرنسيس لبثوا سنتين يحصرونها، ويضيقون عليها، ويكتسحون نواحيها، ولم يقدروا على دخولها.

وكان الفرنج في حصارها، قد قسموا جيشهم إلى ثلاثة أقسام: قسم منهم كان يهاجم نفس برشلونة، وقسم ثان، يقوده غليوم كونت طلوزة، كان يرابط في الممر الذي كانت تفيض منه جيوش المسلمين المقبلة من قرطبة لنجدة برشلونة، وقسم ثالث كان يقوده الملك لويس نفسه. وكان في جبال البرانس يحمل على المسلمين حتى وجد الفرصة ملائمة، وكان الإفرنج قد تقاسموا أعمال الحصار فيما بينهم، حتى يتهيأ لكل فريق منهم أن يتقن عمله، فمنهم من كان شغله وضع السلالم، والتسلق على الأسوار والأبراج، ومنهم من لم يكن له شغل غير جلب الميرة والعدة. ومنهم من كان موكولًا إليه الحفر والنقب. ومنهم من كان معهودًا إليه بوظائف أخرى. فاشتد الحصار إلى درجة غير معهودة، وجاءت جيوش المسلمين لتفرج عن برشلونة، فلم تقدر على النفوذ إليها، فتحولت إلى بلاد اشتورية، وهزمت أهلها، فبقي أمير برشلونة منفردًا بقوته، والمدد بعيد عنه، وخرج في إحدى المعارك لقتال الإفرنج المحاصرين، فأخذ أسيرًا ثم حمل الإفرنج على البلدة حملتهم الأخيرة ففتحوها.

وكان فتح الإفرنج لبرشلونة سنة ٨٠١ بعد أن بقيت تسعين سنة في أيدي المسلمين. فلما دخلوها بادروا بتحويل جوامعها كنائس، وأرسل الملك لويس إلى أبيه شارلمان جانبًا من الغنائم، من دروع، وزرود، وخوذ، وخيول مسرجة بأفخر السروج، وبعد ذلك أصبح لفرنسة منطقتان في شمالي أسبانية: إحداهما كتلونية، وقاعدتها برشلونة، والثانية غشقونية، ومن مضافاتها نبارة وأراغون.

أما مؤرخو العرب فينسبون سقوط برشلونة على تأثير الفتنة التي أثارها سليمان وعبد الله، عما الحكم الأموي، وشغلته عن أمجاد تلك المدينة، كما جاء في كلام أبي الفداء وابن خلدون والمقري وغيرهم، وهذا هو الصحيح.

وبقيت برشلونة وما يليها من كتلونية، حاشا طركونة، ولاردة، وطرطوشة، خارجة عن حكم العرب، حتى في زمن عبد الرحمن الناصر، برغم كثرة غزواته، وعظمة دولته. وقد ذكر المسعودي، وهو ممن عاصر الناصر وولده المستنصر، أن الحدود بين المسلمين والنصارى كانت في ذلك الوقت طرطوشة، ومنها إلى أفراغه. وقال ابن خلدون إنه لأول وفاة الناصر طمع الجلالقة في الثغور، فغزاهم الحكم المستنصر بنفسه، ونازل شفت اشتابين، وفتحها عنوة، فبادروا إلى عقد السلم معه، وانقبضوا عما كانوا فيه، ثم أغزى غالبًا مولاه بلاد جليقية وسار إلى مدينة سالم لدخول دار الحرب، فجمع له الجلالقة، فهزمهم واستباحهم.

وكان شائجه بن ردمير، ملك البشكنس، قد انتقض، فأغزاه الحكم التجيبي، صاحب سرقسطة، في العساكر، وجاء ملك الجلالقة لنصره فهزمهم، ثم أغزى الحكم بن يعلى ويحيى بن محمد التجيبي إلى بلاد برشلونة، فعاثت العساكر في نواحيها.

قال ابن خلدون: ثم بعث ملكَا برشلونة وطركونة يسألان تجديد الصلح، وإقرارهما على ما كانا عليه، وبعثا بهدية، وهي عشرون صبيًّا من الخصيان الصقالبة، وعشرون قنطارًا من صوف السمور، وخمسة قناطير من القصدير، وعشرة أذرع صقلبية، ومائتا سيف إفرنجية. فتقبل الهدية وعقد على أن يهدموا الحصون التي تضر بالثغور، وأن لا يظاهروا عليه أهل ملتهم، وأن ينذروا بما يكون من النصارى في الإجلاب على المسلمين.ا.ﻫ.

ومن هنا يعلم أن برشلونة وطركونة ونواحيهما كانت في ذلك الوقت، وهو أواسط القرن الرابع للهجرة، في أيدي أهلها، إلا أن ملوك تلك النواحي كانوا يعدون أنفسهم تحت سيادة الخليفة في قرطبة.

وفي زمن أبي مروان المظفر عبد الملك بن المنصور بن أبي عامر كانت غزاة المسلمين في كتلونية، لأن ابن عذارى ذكر أنه في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة كانت أولى غزوات المظفر إلى بلاد الإفرنج، وفتح حصن «ممقصر» من ثغر برشلونة عنوةً، وأسكنه بالمسلمين ودوّخ بسيط برشلونة، وما اتصل به. قال ابن حيان: وأظهر عبد الملك المظفر الجد في أمر هذه الغزوة، غرة رجب من السنة، أي ٣٩٣، ودفع المعاريف والصلات إلى طبقات الأجناد الغازين معه فيها، ووافت الحضرة طوائف كثيرة من مطوعة العدوة المجاهدين، فيهم جماعة كبيرة من أمرائهم وفقهائهم، وتعرّض قوم من أمراء هذه القبائل لصلة عبد الملك، فأطلق لهم عند تكاملهم ببابه خمسة عشر ألف دينار عينًا، وزعها عليهم بحسب مقاديرهم، معونة على جهادهم، قبلوها منه بالتأوّل. وتحرج آخرون ممن وافى معهم عن فعلهم.

واتصل ورود المطوعة من كل قوم، وكل ناحية، فتكاملت الحشود بالحضرة، ودنا وقت المعركة، فصب المال صبًّا. وعهد عبد الملك إلى خزان الأسلحة بتوزيع خمسة آلاف درع، وخمسة آلاف بيضة، وخمسة آلاف مغفر، على طبقات الأجناد الدارعين.

وركب عبد الملك إلى المسجد الجامع لشهود عقد الألوية، على عادة أمراء الأندلس قبله وذلك يوم الجمعة لثمان خلون من شعبان من تلك السنة، ثم خرج يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من شعبان، من باب الفتح الشرقي، من أبواب الزاهرة، وقد اجتمع الناس لرؤيته، فخرج عليهم شاكي السلاح، في درع جديدة سابغة، وعلى رأسه بيضة حديد مثمنة الشكل، مذهبة، شديدة الشعاع، وقد اصطفت القواد والموالي والغلمان في أحسن تعبئة، وسار عبد الملك إلى أن نزل بمنية أرملاط، أول محلاته، ثم سار إلى أن وصل طليطلة، لسبع بقين من شعبان فتلوّم بها يوم الجمعة، ورحل يوم السبت إلى مدينة سالم، فوافاه هناك عدة زعماء من وجوه النصارى وفرسانهم، أرسل بعضهم ملك القوط يومئذ، أذفونش بن أردن، المعروف بابن البربرية ومعهم آخرون ممن أرسل بهم خاله شانجه بن غرسية، زعيم الجلالقة، وصاحب قشتيلة وألبة، وحضر هؤلاء الأرهاط للغزو بين يدي عبد الملك، على ما تضمنه شرط سلمهم المنعقد أول هذه السنة، فأحسن عبد الملك قبولهم، وأوسع إنزالهم، وأصعد عن مدينة سالم إلى الثغر الأعلى، فاحتل سرقسطة.

وأخرج عبد الملك مولاه واضحًا، في نخبة من رجاله، إلى حصن «مدنيش»٣ بمقربة من حصن «ممقصر»٤ الذي عمل على قصده، فسار واضح فصبّح هذا الحصن مع إسفار الصبح، ورحل عبد الملك، فتلقته رسل واضح، فبشروه بالفتح، وأشرف المسلمون على حصن ممقصر، فكبروا لما نظروا إليه تكبيرًا عاليًا، كادت الأرض ترتجف له! وتتابع قرع الطبول، وطَمَّ هوله، فذعر الكفرة، لأول وقتهم، واحتل الحاجب عبد الملك وعسكر المسلمين بساحتهم، فأحاطوا بالحصن من جميع جهاته، وصمم المسلمون صاعدين إلى الحصن، فوجًا إثر فوج، وقد برز المشركون إلى الربض، يمانعونهم عنه بزعمهم، فنشب القتال بين الطائفتين، وصبر المشركون، فلم يمهلهم المسلمون إلا ريثما كشفوهم عن الربض، وأقحموهم خلف السور، واضطروهم إلى التحصن به. ثم جد الكفرة في الدفاع، وصدقوا القراع، فتجرعوا كئوس الحمام دراكًا، وضرب الليل رواقه، فحجز بين الفريقين، وقد ثلم المسلمون في السور ثلمًا كثيرة.

ثم غدا المسلمون على القتال بعد صلاة الفجر، فناهضوا أعداء الله بأصح عزيمة، وقامت الحرب على ساق، فصبر المسلمون على مباشرتها أكرم صبر سمع به، حتى ولّى العدو الأدبار، فاقتحموا عليهم الأسوار، وأخذوا كثيرًا منهم، وركب الحاجب عجلًا بنفسه، مع أكابر أهل مركبه، فارتقى إلى باب قصبتهم، واقتحم الناس على أعداء الله القصبة، فملكوها، وخلصت طائفة منهم إلى محل منيع بهذه القصبة، فساورهم أولياء الله بذروة ذلك المحل، فأيقنوا بالهلاك، وسألوا النزول على حكم الحاجب فأنزلهم، وحكم فيهم بحكم ابن عمه سعد بن معاذ، رضي الله عنه، فقتل جميعهم وملك الحصن، وحاز الغنائم.

وعهد الحاجب إلى المسلمين ألا يحرقوا منزلًا، ولا يهدموا بناءً، بما ذهب إليه من أسكان المسلمين هناك، فشرع للوقت في إصلاح الحصن، ونادى في المسلمين: من أراد الإثبات في الديوان بدينارين في الشهر، على أن يستوطن في هذا الحصن، فعل، وله مع ذلك المنزل والمحرث. فرغب في ذلك خلق عظيم، واستقروا به في حينهم.

ولما استكمل الحاجب ما أراده من أمر هذا الحصن، أقام كلمة الإسلام منه بأرض لم تر الإسلام قط، رحل عنه إلى بسيط برشلونة، فدوّخ بلاد الكفرة، وانبسط المسلمون في عرصاتهم، يحرقون ويهدمون، وانبسطت خيل المغيرة في أرضهم إلى أن أتى بسيطًا كثير العمارة، فاحتلوه، وعمّوا جميعه، ووقعوا على كثير من عيال الجالية من هذه الحصون، فردوهم سبيًا إلى المحلة، وأبلغوا في النكاية، وأحرزوا الأجر الجزيل.

وعيّد الحاجب والعسكر عيد الفطر بأرض برشلونة، فإنه رحل يوم عيد الفطر غرة شوال من السنة المؤرخة، فأدركه وقت صلاة العيد وهم سائرون، فنزلوا للصلاة. ولما قضى الحاجب صلاته، تبوأ بمصلاه مقعدًا، لتهنئته بما سنّى الله له من التعبيد في سبيل جهاده، فتقدم إليه أكابر الناس على مراتبهم، ثم ركب فرسه، فتقدم إليه طبقات الأجناد، مبتهلين بالدعاء له، وسار العسكر، ونزل بالبطحاء، ثم رحل من منزل إلى منزل، فعم ذلك كله غارة وانتسافًا.

قال حيان بن خلف: ورأى الحاجب عبد الملك أن قد بلغ الغاية من التدويخ لأرض العدو، فرحل بالعسكر منكفئًا نحو أرض الإسلام، وأمر كاتب الرسائل أحمد بن برد أن يكتب بالفتح نظيرين: أحدهما إلى الخليفة هشام المؤيد بالله، والآخر يقرأ على كافة المسلمين بقرطبة، وتنفذ نسخته إلى الأقطار، فعجل ذلك وأنفذه نحو حضرة قرطبة، وكان جملة ما تضمنه كتاب الفتح من عدد السبي خمسة آلاف وخمسمائة وسبعين رأسًا، وعدد الحصون التي افتتحت عنوة، فقتلت مقاتلتها، ستة حصون، وكان عدد الحصون التي أخلاها العدو فخربت ودمرت خمسة وثمانين حصنًا، وكلها قد سميت في كتابه، وأذن الحاجب لجميع المطوعة في القفول إلى بلادهم، إذ قد قضوا ما قصدوا له من جهاد عدوهم، فقفلوا فرحين مستبشرين.

ورحل العسكر من مدينة لاردة يوم الثلاثاء لثمان خلون من شوال، فدخل قرطبة لخمس خلون من ذي القعدة فتلقاه أهل قرطبة وعلماؤها ووجوهها مهنئين شاكرين ثم دخل الحاجب إلى الخليفة هشام، فرفع مجلسه وكساه من ملابسه السنية ثلاث رزم، قرن بها سبعين من خاص سيوفه، فأظهر عبد الملك السرور بذلك، وشكر الخليفة، وقبل يده، وانصرف إلى قصره بالزاهرة.

وجلس يوم الأربعاء ثاني يوم وصوله مجلس التهنئة في أبهة فخمة، وأذن للناس في الوصول على مراتبهم، فوصل في أوائلهم كبار قريش، من بيت الخليفة، المروانيون، ثم القضاة والحكام والفقهاء، ثم وجوه أهل الأسواق والأرباض من قرطبة، ثم وصل الشعراء والأدباء، فأنشد منهم من رسمه الإنشاد، ووضع سائرهم الأشعار بين يدي الحاجب. انتهى نقلًا عن ابن عذارى ببعض اختصار.

وجاء في الأنسكلوبيدية الإسلامية عن برشلونة ما محصله: أن العرب افتتحوها سنة ٧١٣ في غارة موسى بن نصير لأول الفتح، وسموها برشينونة Barshinona ولكن غلب عليها اسم برشلونة، باللام، ثم صارت برسلونة بالسين. وكان العرب يلقبون ملك أراغون وكتلونية بالبرشلوني أو بالبرجلوني بالجيم. وفي سنة ٨٠١ غلب عليها لويس بن شارلمان، وبقيت تابعة للملكة الإفرنجية إلى سنة ٨٨٨، ففي ذلك الوقت استقل بها أمراؤها الذي كان يقال للواحد منهم كونت برشلونة. وقد ذكر «البيان المغرب» أنه في سنة ٢٤٢ عاد العرب فاحتلوها، كما أن دوزي ذكر أن المنصور بن أبي عامر أخذ برشلونة عنوة، ولكن في سنة ٩٨٧ رجع الكونت بوريل Borel فاستولى عليها، وفي سنة ١١٣٧ انضمت إلى مملكة أراغون.

ومما هو جدير بالذكر من خبر برشلونة أن عليًّا بن مجاهد العامري، ملك دانية أصدر أمرًا تاريخه ٤٥٠ وفق ١٠٥٨ للمسيح، يضع فيه أسقفيات دانية، وأوريولة، وجزر ميورقة، ومينورقة، ويابسة، تحت رئاسة أسقف برشلونة.ا.ﻫ.

وقد راجعنا قول دوزي في كتابه «تاريخ مسلمي أسبانية» فوجدناه يقول في صفحة ١٩٩ من الجزء الثالث أن المنصور بن أبي عامر رحل من مرسية قاصدًا كتلونية فهزم الكونت بوريل، ووصل نهار الأربعاء أول يوليو إلى برسلونة. ويوم الاثنين من الأسبوع التالي دخل البلدة عنوة، فقتل جانبًا من الأهالي، وأخذ الباقي أسرى وانتهب العسكر البلدة وأحرقوها. ونقل دوزي عن ابن الخطيب أن المنصور استولى على برشلونة في وسط صفر سنة ٣٧٥، فهذا اليوم يوافق ٦ يوليو سنة ٩٨٥ قال دوزي إن هذا التاريخ صريح في كتب العرب، وهو مطابق تواريخ الإفرنج وقد أخطأ بوفارول Bofaroll٥ في زعمه أن هذا الحادث وقع في السنة التي بعدها.
وجاء في الأنسيكلوبيدية الفرنسية الكبرى أنه بعد أن استرجع الإفرنج كتلونية كان يوجد فيها تسعة أكناد تابعون للإمبراطور، وفي سنة ٨٧٢ استقل أحدهم، وهو المسمى عند الكتلان غريفا بيلوس Griva Pelos وهم يعدونه أول واضع لأساس استقلال كتلونية. وكان يتولى أيضًا بلاد جيرنده Gironde وفيش Vich ومانرسه Manresa وبرجه Berga، وبيرالده Peralada، وريباغورس Ribagorce، وسيردانية  Cerdagne، وبسالو Besalu، وأمبورياس Ampurias وبالارس Pallars، وتوفي هذا الكند سنة ٩٠٢، ودفن في دير ريبول Ripoll الذي كان قد بناه، وفي مدة أولاده أغار المنصور بن أبي عامر على برشلونة، واستلوى عليه سنة ٩٨٥، ولكن بوريل الثاني لم يلبث أن استرجعها. ثم أن بوريل ريموند الثالث قام بدور عظيم في أثناء الحروب الأهلية التي اشتعلت بين المسلمين، وأضعفت الإسلام فانتصر لمحمد بن هشام على سليمان بن الحكم، وانتصر في واقعة عقبة البقر سنة ١٠١٠ ا.ﻫ.

قلنا إن واقعة عقبة البقر هذه هي واقعة شهيرة، تحرير خبرها أن عبد الرحمن بن المنصور بن أبي عامر، وهو الملقب بشنجول، لأن أمه إسبانيولية، بنت الملك شانجة، كان من الحمقى، وعلى يده انتهت الدولة العامرية، ذلك أنه حمل الخليفة هشام المؤيد بالله على توليته عهده بمحضر من الملأ، وكان يومًا مشهودًا، فقرئ العهد عليهم، وهو من إنشاء أبي حفص بن برد، فنقم أهل الدولة على شنجول هذه الجرأة الفظيعة، ولاسيما أقارب الخليفة هشام، من الأمويين والقرشيين، وتمشت رجالاتهم في أمر القيام على شنجول، وقتلوا صاحب شرطته، وهو غائب في إحدى غزواته، وكان ذلك سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. وخلعت قرطبة هشامًا المؤيد، وبايعت هشام بن عبد الجبار بن أمير المؤمنين الناصر لدين الله، وطار الخبر إلى عبد الرحمن شنجول بمكانه من الثغر فقفل إلى الحضرة بجيشه، فلما قرب من قرطبة وثب عليه من احتز رأسه. وحمله إلى محمد بن هشام الخليفة الجديد، الذي تلقب بالمهدي. وكان العرب قد كرهوا البربر، لمظاهرتهم المنصور بن أبي عامر وأولاده، ونسبوا ما حل من الضعف بدولة بني أمية إليهم، وأخذ المهدي بإهانتهم، ونهبت العامة بعض دورهم، فتمشت رجالاتهم، واشتوروا في تقديم هشام بن سليمان بن أمير المؤمنين الناصر، فعرف بذلك المهدي، فأمر بالقبض على هشام وأخيه أبي بكر، وضرب أعناقهما، وفر سليمان بن أخيهما الحكم ومعه البربر، واجتمعوا بظاهر قرطبة، فبايعوه، ولقبوه بالمستعين بالله، ونهضوا به إلى طليطلة، حيث استجاش المستعين، بشانجة بن غرسية بن فردلند، ثم نهض بجموع البربر والنصارى إلى قرطبة، وبرز المهدي إليهم بجموع قرطبة، فكانت الدائرة على المهدي والقرطبيين، فقتل منهم البربر والنصارى عشرين ألفًا، وهلك في هذه الواقعة من خيار الناس والعلماء، وأئمة المساجد عدد كبير. ودخل المستعين الحضرة ختام المائة الرابعة. وقيل إن الذي هلك من أهل قرطبة ثلاثون ألفًا، وقالوا إنها كانت أول ما أخذ النصارى من إثاراتهم عند المسلمين، وكان ذلك على يد فرقة من أنفسهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد.

•••

ثم نعود إلى ما ذكرته الأنسيكلوبيدية الفرنسية الكبرى من تاريخ كتلونية فنقول:
إنه بعد ريموند بوريل الثالث قام بيرنجة ريموند الأول (١٠١٨–١٠٣٥) وهذا قسم مملكته بين أولاده الأربعة، وكان أكبرهم ريموند بيرنجه الأول، الملقب بالشيخ (١٠٣٥–١٠٧٦) الذي اتسعت مملكته، وغزا مرسية العربية سنة ١٠٧٤ وقام بعده ولده ريموند بيرنجه الثاني، وحفيده بيرنجه الثاني الذي قتل أخاه وانفرد بالمملكة (١٠٨٢–١٠٩٧) وكان لهذا الكند مدخل في الحرب الأهلية بين المسلمين وهو الذي انتزع طركونة من أيديهم سنة ١٠٩١، ورحل إلى المشرق مشتركًا في الحرب الصليبية. وخلفه ابن أخيه الذي تلقب بريموند بيرنجه الثالث، ويقال له الكبير. وفي زمانه بلغت كتلونية قمة عزها ومجدها، وصار لبرشلونة أسطول وكانت لها تجارة واسعة! وفي أيامه أخرج الإسبانيول العرب من جزائر ميورقة وأخواتها. وذلك باجتماع أسطول برشلونة مع أساطيل بيزة ورومة من إيطالية مما سيأتي الكلام عليه، فسقطت ميورقة في أيدي الكتلان سنة ١١١٥، وكان العرب قد شنوا الغارة على كتلونية فهزمهم ريموند برنجه في وسط كونغسط Congost وفي سنة ١١٣٠ زحف إلى طرطوشة وحاصرها، وضيّق عليها، وأجبر كلًّا من أميري طرطوشة ولاردة أن يؤدي له إتاوة سنوية، إلا أن العرب عادوا فأغاروا على بلاده، وهزموه في واقعة كوربينس Corbins وبينما كان يتأهب لأخذ الثار منهم، وقعت وفاته في سنة ١١٣١، وكانت اتسعت مملكته جدًّا، لأنه عدا كتلونية، كان قد استولى على قرقشونة وكونتية بروفنس من فرنسة، وكانت في يده ميورقة، والجزائر التي حولها.
وبعد وفاته انقسمت المملكة بين ولديه، أحدهما البكر وهو المسمى ريموند بيرنجة الرابع، والثاني بيرنجة ريموند، الذي تولى بلاد بروفنس من فرنسة، وترك لأخيه كل ما كان تابعًا للمملكة من أسبانية، وتلقب ريموند بيرنجة الرابع بالقديس وأخذ يحارب المسلمين، وأنفق مع رامير الثاني Ramire II ملك أراغون، الذي كان قد ترهب في الآخر، وتقرر بينهما تزويج ريموند بيرنجة بالأميرة بترونيليه Petronilla وارثة مملكة أراغون، ولما خلع رامير الثاني نفسه من ملك أراغون، واختار الرهبانية بايع أهل أراغون ريموند بيرنجة المذكور ملكًا عليهم، فصارت في يده قوة عظيمة، وتحالب مع الأذفونش السابع ملك قشتالة، وساعده في غارته على المرية سنة ١١٤٧ ثم إنه بمساعدة الجنويين حاصر طرطوشة، واستولى عليها في ٣١ ديسمبر سنة ١١٤٨ وبعد أن طرد العرب من طرطوشة أخرجهم من مواطنهم الأخيرة في أطراف بلاده، من جهة الغرب، مثل لاردة، وفراغه، ومكناسة، وفي سنة ١١٥٢ لم يكن بقي للعرب شيء في كتلونية.
وفي سنة ١١٦٢ خلفه ابنه ريموند، الذي ضم وشقة إلى مملكته، وتلقب بأذفونش الثاني،٦ وكانت كل من مملكتي أراغون وكتلونية تحت حكمه، ولكن الاتحاد بينهما كان سياسيًّا فقط، إذ كل من المملكتين كانت محتفظة بلغتها، وعاداتها ومشاربها، ولم يمنع اختلاف الذوق والمشرب من الاتفاق في السياسة، فإن أراغون كانت، بسبب كتلونية، تتصرف بقوة بحرية عظيمة. وكما أن كتلونية، بواسطة أراغون، كانت تتصرف في القرنين الثالث عشر والرابع عشر بقوة برية عظيمة، فأفادهما الاتحاد فوائد لا تحصى، لاسيما في إجلاء العرب عن شرقي أسبانية.
ولما آل الملك إلى فرديند الكاثوليكي، ثم إلى شارلكان، كانت كتلونية تابعة لأسبانية، ولكن الكتلان بطبيعتهم لا يحبون القشتاليين، ولا يمتزجون معهم، وفي سنة ١٦٣٩، عندما أراد فليب الرابع، ملك أسبانية، إلغاء امتيازات كتلونية، ثار الكتلان به، وحاربوه بمساعدة لويس الثالث عشر، ملك فرنسة، الذي اعترف بحكومة جمهورية لكتلونية، واستمرت هذه الثورة مدة اثنتي عشرة سنة. ثم وقع الاتفاق بين الفريقين سنة ١٦٥٩. وصدر العفو عن الثائرين، وبقيت امتيازات كتلونية محفوظة، ولكن في سنة ١٦٨٩ ثارت كتلونية مرة ثانية، ولما انتخبت أسبانية حفيد لويس الرابع عشر ملكًا عليها لم يعجب ذلك الكتلان، كرهًا بأهل قشتالة، الذين انتخبوه، فانتقم فيليب الخامس من الكتلان، وأذاقهم عذابًا واصبًا وألغى امتيازاتهم، ونقل المدرسة الجامعة من برشلونة إلى سرفيره Cervera. إلا أن الكتلان هم أهل جد ونشاط، فلم يلبثوا أن تقدموا إلى الأمام بجدهم، وصارت بلادهم أغنى قطعة من أسبانية. ولما زحفت جيوش نابليون على أسبانية قاومها الكتلان مقاومة شديدة، كسائر أهل أسبانية. وفي الحروب الأهلية التي تقع كثيرًا في أسبانية، كان الكتلان ينقسمون إلى قسمين، فأهل الجبال منهم ينزعون بطبيعتهم إلى المبادئ الملكية، وأهل السواحل، مثل برشلونة، يميلون إلى المبادئ الحرة.

ولما سقطت الملكية سنة ١٩٣١ جرت حركة شديدة في كتلونية، لأجل الانفصال عن سائر أسبانية، ولكن المعتدلين من الكتلان كانوا يكتفون لكتلونية بالاستقلال الداخلي، ولما كانوا في أيام الملكية قد اتفقوا مع زعماء الحزب الجمهوري على ذلك، بموجب معاهدة وقع عليها الفريقان، لم يقدر زعماء هذا الحزب بعد أن قبضوا على ناصية الحكم، إلا أن يجيبوا الكتلان إلى بعض مطالبهم بالأقل، فلم يكن رضى الكتلان عن الحكومة الكتلونية الجديدة تامًّا، ولبثوا يترقبون الفرصة لأجل استكمال حريتهم.

وفي أثناء ما نحن نكتب هذه السطور تشتعل نيران الحرب الأهلية في أسبانية بين الحزبين الكبيرين الحزب المحافظ، ومعه القسوس، والأحبار، وأكثر قواد الجيش، والفئة الملكية، والفئة الجمهورية المعتدلة. والحزب الاشتراكي، ومعه العملة، والشيوعيون، والصعاليك، والفلاحون من طلاب الأراضي، والجمهوريون الغلاة الثائرون على القديم. ولقد مضى إلى ساعة رقم هذه الأحرف نحو من خمسة عشرة يومًا والفتنة تضطرم في جميع مدن أسبانية، والقوتان متكافئتان إلى هذا اليوم، لا يقدر الناظر إلى الحوادث أن يستخلص منها حكمًا بترجيح الظفر لإحدى الفئتين. وقد وقعت الوقائع في برشلونة أيضًا، وانتصب الميزان نحوًا من ثلاثة أيام، إلا أن كفة حزب اليسار رجحت فيها على كفة الحزب المحافظ، وسارت العساكر الموالية للجمهورية ومعها عصائب من الأهالي، قاصدة إلى سرقسطة، لإخضاع الجيش الثائر فيها على الحكومة. وقد مرت هذه القوة الزاحفة ببلدة قشب، وأدخلتها في الطاعة، ولا نعلم ماذا يتم في سرقسطة؟

فظهر من هنا أن سكان السواحل من كتلونية لا تزال تنزع فيهم من الحرية أعراق تتجلى فيهم عند كل فرصة.

•••

ذكرنا قبلًا أن اللغة الكتلونية هي أقرب لغة إلى اللغة البروفنسية Provenceai ومن المعلوم أن الكتلونية، والبروفنسية، والقشتالية، والبرتغالية، كلها مشتقة من اللغة اللاتينية التي هي الأم. وذلك بفساد طرأ على اللغة اللاتينية في القرون الوسطى فما زال يعمل عمله فيها حتى تكونت منها عدة فروع، يقال لها عند الإفرنج: لغات الأوك Langues d’Oc وقد أصبحت اللغة الكتلونية لغة متميزة عن غيرها، منفصلة عن القشتالية والغالية في القرن الثاني عشر للمسيح، ولكنها إلى ذلك الوقت لم تكن لغة أدب وتأليف، وما ابتدأ التأليف في اللغة الكتلونية إلا في القرن الثالث عشر، فظهرت فيها دواوين شعرية، ومعجمات لغوية، وكتب نحو وصرف، وأخذت تنمو وتنتشر، ولما استولى ملوك برشلونة وأراغون على جزر الباليار، امتدت اللغة الكتلونية إلى ميورقة ومينورقة ويابسة، وإلى بلنسية والقنت، وصارت هي اللغة السائدة في شرقي أسبانية. وكانت الملاحة في سواحل أسبانية الشرقية في أيدي الكتلان، فصارت اللغة الكتلونية هي أداة التفاهم عند جميع البحرية، في هذه القطعة من البحر المتوسط. وقد انقسمت اللغة الكتلونية هي أيضًا إلى لهجتين إحداهما الميورقية، والثانية البلنسية، وأكثر ما كان التباين هو في اللفظ، وفي تركيب بعض الجمل. ولما اتحدت مملكتا أراغون وقشتالة، تقلصت اللغة الكتلونية من أراغون، ولكنها بقيت هي اللغة المعروفة في كتلونية، وجزر الباليار، وبلنسية والقنت.

ولما كنت في ميورقة جرى التعارف بيني وبين قسيس كبير طاعن في السن، قيل لي إنه من كبار العلماء، وإنه صنف كتابًا بالغًا عدة مجلدات في فرائد اللغة الكتلونية.

وهذه اللغة وإن كانت لاتينية محضة في أصلها فقد دخل فيها ألفاظ كثيرة جرمانية وألفاظ كثيرة بروفنسية، وألفاظ كثيرة عربية، وهي في كثرة الداخل عليها من العربي أشبه بالإسبانيولية القشتالية.

أما في تركيب الجمل فيوجد تشابه كثير بينها وبين البروفنسية، ومن خصائصها أنه يقع فيها تبديل حرف بحرف، فيجعلون بدلا من حرف E حرف I أو حرف O أو حرف U، وهم يجعلون دائما حرف X بدلا من حرف S. وإذا كان اسم أو نعت باللغة البروفنسية منتهيًا بأحرف An أو En أو In أو Im فالكتلوني يضيف إلى هذا الاسم أو هذا النعت حرف Y فإذا جاء في البروفنسي لفظة Engin مثلا جعلوها في الكتلوني Enginy. وعلامة التأنيث في النعوت هي في الكتلوني حرف A كما هي في البروفنسي، ولكن ليس ذلك مطردًا، فقد يقولون Fort في مقام التأنيث بدلا من أن يقولوا Forta ومزية هذه اللغة هي الاختصار والنحت، فهي لا تعرف تغيير أواخر الكلم بحسب مواقعها من الإعراب. بل تقتصر على أصل الكلمة، وربما تحذف بعض أحرف من أواسطها. فنجد فيها مثلا لفظة Vino منحوتة بلفظة Vi ولفظة Bono منحوتة بلفظة Bo٧ ولذلك تمتاز هذه اللغة بالشدة الجزم، وقوة المقاطع وهي في هذا كالتركية. ومن مزاياها كثرة الألفاظ المحاكية للأصوات، وهي التي من قبيل الطقطقة، والهمهمة، والغمغمة، والدمدمة، وخرير الماء، وصرصرة البازي، وشقشقة الفحل. وفحيح الحية، وما أشبه ذلك في العربية فهذا الضرب من الكلام مستفيض في هذه اللغة وإذا انتهت فيها الكلمة بحرف صائت حذفوه، وتلفظوا بها بصورة الجزم.
وأما آداب اللغة الكتلونية فقد قسمها بعضهم إلى ثلاثة أداور؛ الأول: هو الدور البروفنسي، وأمده من القرن الثالث عشر إلى أواسط القرن الرابع عشر. والدور الثاني: هو الكتلاني، الذي يبدأ من زمان الدون جقوم، وينتهي بالقرن الرابع عشر. والثالث: هو المسمى بالبلنسي، وهو يبدأ بأوزياس مارك Ausias March وينتهي بنهاية القرن الخامس عشر. ثم إنه في القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر كتبت باللغة الكتلونية كتب نفيسة، ونظم الشعراء أشعارًا رائقة، ولكن الأدب الحقيقي لم يبدأ إلا في القرن الثالث عشر، ففي ذلك العصر عدل الشعراء، والزجالون من الكتلان عن اللغة المكتوبة، ونظموا باللهجات العامية كما يعلم من قرأ شعر بركدان Berquedan وبليور Benluire وغيرهما. وممن اشتهر بهذا الأسلوب من شعرائهم برناردو موغوده Bernardo de Moguda وجقوم فبرر Jaime fabrer وكان موغوده في صحبة الملك جقوم الأول عندما فتح ميورقه، فقال في ذلك الفتح ما هو شعر وتاريخ معًا. وللشاعر فبرر والشاعر الآخر جوردي داراي Jordi del Ray قصائد وصفا بها تلك العاصفة الشديدة التي دمرت أسطول جقوم الأول، ومنعته من خوض غمرات الحرب الصليبية في الشرق.

والغالب على الكتلان أنهم يميلون إلى ذكر الأحداث الواقعة المحسوسة أكثر من ميلهم إلى العواطف والخيالات، ولذلك نجد لهم في التاريخ كتبًا قيّمة وكان جقوم الأول، الملقب بالفاتح، قد كتب هو نفسه تاريخًا لغزواته، مملوءا بالوقائع، وقد طبع هذا التاريخ طبعته الأولى في برشلونة سنة ١٥١٧، وهذا الملك كان قد سن قانونًا بحريًّا لبثوا مدة طويلة يعملون بموجبه في البحر المتوسط، ثم دخلت منه قواعد كثيرة في القوانين البحرية الحديثة. لهذا كان هذا الملك معدودًا من أعظم الأدباء الذين خدموا اللغة الكتلونية. وفي القرن الرابع عشر اشتهر بتره الثالث ابن جقوم الأول، فأمر بكتابة تاريخ عن مغازي والده ومغازيه هو.

وممن امتاز في علم التاريخ والآثار دسكلوت Desclot محرر تاريخ أراغون، المعدود من أحسن مؤلفات القرون الوسطى. ثم مونتانير Montaner وهو نديده في معرفة التاريخ، ولكنه أعلى منه عبارة، ويقال إنه أفصح مؤلف في عصره.
وممن بلغوا لذلك العهد جوان مورتوريل Martorell وله كتاب قصص عن الفروسية، يقال إن أديب أسبانية الأكبر سرفنتيس Cervanies لم يكن يحفل بغيره. ولا يجب أن ننسى بونيفاسيو فرر Ferrer الذي ترجم التوراة كلها إلى الكتلونية، وطبعت هذه الترجمة في بلنسية سنة ١٤٧٨. ونبغ كثير من الشعراء بهذه اللغة نخص منهم بالذكر رامون مونتانير Ramon Montaner وموزن زالبا Mosen Zalba وموزن توريل Mosen Turrell وغيرهم. وفي زمن بتره الرابع ملك أراغون تألفت أكاديمية بسعي لويس آفيرسو Averso وجاييم مارك Jaime Merch وكان للأدب الإيطالي تأثير في الأدب الكتلوني، نظرًا لكثرة العلاقات بين البلادين، وترجم أندري فبرر المهزلة الإلهية لدانتي.
أما الدور البلنسية فهو أرقى أدوار اللغة الكتلونية، وذلك لأن اللهجة البلنسية أرق وأشجى بكثير من اللهجة البرشلونية الجاسية، ولأنه نبغ في بلنسية شعراء كان يجري في عروقهم الدم العربي، ومن شعراء بلنسية المشهورين دوسان جوردي De San Jordi وجقوم رواغ Roig وجقوم غازول Gazull الذي اشتهر برثائه الفلاحين في سهل بلنسية، وأنليزة Anleza وبلتزا روبورتلس Portells ونرسيزوفينيولاس Vinyolas ومرسين غرسية، وجوان فوغاسو Fogasso وتورنيدة Turneda الذي نظم المبادئ الأدبية المسيحية شعرا.
ونبغ من الثائرين جوان مانسو Manso الذي ألف كتابًا على اللهجة البلنسية وبيرته طوميش، وله تاريخ وقائع، وجبرائيل تورل، صاحب تاريخ أكناد٨ برشلونة، ولويس الكنيس، وميكال بيريز Perez، وبقيت الآداب اللغوية الكتلونية زاهرة مدة دوام استقلال برشلونة، فلما أضاعت هذه البلاد استقلالها في زمن الإمبراطور شارلكان، تقلصت الآداب الكتلونية، ورجعت تلك الحركة إلى الوراء، ومع هذا فقد نبغ من الكتلان في ذلك العصر شعراء، مثل بيتره سيرافي Serafi، وجيبرغا Giberga، وجوان ماتارو Mataro، الذي نظم قصيدة عن واقعة ليبنط البحرية، التي تغلبت فيها الأساطيل النصرانية على الأسطول العثماني، واشتهر من المؤلفين بيتره كاربونيل Carbonell، وفرنسيسكو كاله Calca وميكال فرّر، وكاتب جغرافي اسمه فرنسيسكو طرفه Tarrafa وروكه مؤلف معجم لغوي للسان الكتلوني.
ومن الفقهاء فرنسيسكو سولسونة Solsona، ومن الأطباء جوان روفائيل مواكس Moix وغيرهم، ولكن زوال الدولة البرجلونية فت في عضد اللغة الكتلونية وهو أمر بديهي، فحيث لا توجد دولة قومية، لا يوجد أدب حقيقي، انظر إلى العرب كيف ضعفت ملكة البيان عندهم، بعد استيلاء الأعاجم على بلادهم.

وكان مبدأ انحطاط اللسان الكتلوني في القرن السابع عشر، واستمر إلى الثامن عشر وزاد الطين بلة أن فيليب الخامس أمر بإلغاء الامتيازات الكتلونية، وبعدم تحرير أوامر الحكومة باللغة الكتلونية. وصاروا يؤلفون الكتب في كتلونية باللغة القشتالية، ولكن برغم تضييق الدولة الأسبانية على هذه اللغة، بقيت فيها بقايا صالحة من شعراء وكتاب، مثل فرنسيسكو بالار، وإينياسيو فريره، وأوغسطين أوره، وغيرهم.

وبقيت اللغة الكتلونية تتقهقر إلى الوراء إلى أيام الثورة الفرنسية، التي تلقى الكتلان مبادئها بشوق عظيم، فحصلت نهضة سياسية صحبتها نهضة لغوية، ونشطت هذه اللغة ثانية من عقالها، وتنظمت جامعة برشلونة على نسق جديد، وتألفت أكاديميات، وانتشرت صحف، ونشأ ناشئة كتلونية، تنزع إلى إحياء أدبها القديم.

ونشر عبدون تراداس Abdon Terradas أول جريدة باللغة الكتلونية سنة ١٨٣٨ وأخذوا ينظمون وينثرون بهذه اللغة، وكثر الشعراء والزجالون. مثل بادريس Padris. وبوفارول Bofarull. وريكار Ricart. واسترادا Estrada. وغيرهم. ولكن اللغة القشتالية بقيت فائقة.
ومن سنة ١٨٦٠ فصاعدًا انقسم الأدباء إلى قسمين: بعضهم يذهب إلى ترقية اللغة الكتلونية، بدون إهمال القشتالية شقيقتها، وبعضهم يأبى إلا حصر الأدب والقضاء والسياسة في الكتلونية، والحزب الأول يكثر في بلنسية، وأما الحزب الثاني فأكثره في برشلونة، وعلى كل حال فاللسان الكتلوني من ستين أو سبعين سنة إلى اليوم، قد بعث بعثة جديدة، وتمثلت فيه الروايات ونظمت المآسي، والمهازل والنشائد المختلفة، واشتهر في هذا الدور فيكتور بلاغر Belaguer من الشعراء وأورس Ors رئيس أكاديمية الآداب في برشلونة، وفرنسيسكو بارترينة، وغيرهم. ومن كتاب القصص فونتانلس Fontanals وله شهرة في كل أوربة، وأولر Oiler وتوده Toda.

هوامش

(١) أخذ علينا بعض المؤلفين كوننا في كتابنا «غزوات العرب في أوربة» لم نزد على أن نقلنا كلام المستشرق الفرنسي رينو، وعدوا ذلك قصورًا في التأليف، وحقيقة الحال أننا نحن توخينا عمدا النقل عن رينو الفرنسي وكلر الألماني والمحافظة على نصوصهما وذكر المنابع التي استقيا منها وذلك حتى لا يظن أننا نحن تصرفنا بروايات مؤرخي الإفرنجة وطولنا وقصرنا في الموضوع، وما أشبه ذلك مما يتعرض له المؤلفون الذي يجعلون التاريخ مجرد استنتاج بعقولهم ويخلطون الرواية بالرأي الشخصي. فالموضوع الذي طرقناه لم يسبق أن أحدًا من العرب أفرده بالتأليف وكل ما جاء عنه في كتب العرب بعض جمل في تضاعيف السطور جمعناها من هنا وهناك إلى كتاب واحد واخترنا وضعها في الحواشي تعليقًا على كلام رينو وكلر الذي رويا ما رويا بناء على وثائق لا تحصى من كتب الإفرنج والعرب وممن عاصروا تلك الوقائع، وقد جاءت هذه الحواشي التي علقناها مؤيدة في الجملة للمتون التي ترجمناها من الفرنسية والألمانية والطليانية والتي أحببنا نقلها بالأمانة العلمية اللازمة. والمقصد الحقيقي عندنا هو تمحيص الروايات التي يحصل بها برد اليقين عن تلك الحوادث لا إظهار البراعة الشخصية.
(٢) جاء في تاريخ متس، وتاريخ ريجينون وغيرهما أنه في سنة ٧٩٧ من التاريخ المسيحي قدم أمير برشلونة العربي على شارلمان. وبعد ذلك في سنة ٨٠١ أراد خلع طاعته فأخذ أسيرا ونفي، وهؤلاء المؤرخون يسمونه تارة «زاتون» Zaton وطورًا «زادو» Zaddo وأحيانًا «زاد Zaad» والأرجح أن اسمه سعدون أو سعد. وقد ورد في تاريخ الملك لويس الحليم أن سعدون هذا وقع أسيرًا في سربونة وأنه بعد أسره تولى إمارة برشلونة ابن عم له اسمه عامر فدافع عن البلدة دفاعًا يتقاصر عنه كل وصف مدة سنتين تحمل أثناءها مسلمو برشلونة من ضيق الحصار ما يعجز أي قبيل عن تحمله وذهب مؤرخون منهم «مارمول Marmol» إلى أن سعدون أو سعدًا كان من عمال ملك قرطبة فانتقض على سلطانه فأرسل إلى شارلمان يعده بالدخول في طاعته. وفي سنة ٧٩٧ و٧٩٨ دخل هذا الأمير فعلًا في طاعة شارلمان ولكن شارلمان شعر بعد سنتين من هذا العهد بأن أمير برشلونة نقض طاعته. فسرح إليه جيشًا تحت قيادة ولده لويس أو لودفيك — ولذلك العرب حرفوه إلى لذريق — فحاصر برشلونة واستفتحها ثم انصرف عنها، فجاء أمير سرقسطة واستردها. ولكن لويس شارلمان عاد سنة ٨٠٦ فاستولى عليها وعلى أعمالها، فالروايات تختلف في كيفية استيلاء الفرنسيس على برشلونة ولكن خلاصتها واحدة وهي أن العرب خسروا بلاد كتلونية من ذلك الوقت وأنه تولى عليها في البداية أمراء تابعون لفرنسة ثم لم يبرحوا حتى استقلوا عن فرنسة وعن العرب معًا.
(٣) لم يتحقق اسم هذا الحصن بالإسبانيولي.
(٤) لم نجد ممقصر ولكن وجدنا اسم محل في الجبل إلى الغرب من طركونة اسمه الأقصر Aleixar فربما كان هو الحصن المقصود إلا أن الأسماء تتحرف بين الإسبانيولي والعربي إلى أن لا يهتدى إلى حقيقتها.
(٥) هو صاحب الكتاب المسمى بتاريخ أكناد برشلونة Condes de Barcelone.
(٦) ولد هذا الملك في سنة ١١٥٢ وبويع ملكًا على برشلونة وعلى أراغون سنة ١١٦٣ وتوفي سنة ١١٩٦ وكان قد استولى على بروفنس في جنوبي فرنسة ووقعت الحرب بينه وبين شانجة ملك نبارة وقاتل جيوش الموحدين الزاحفين من أفريقية إلى الأندلس وخلفه ابنه بتره ملكًا على أراغون وبرشلونة ويقال له بتره الثاني ولد سنة ١١٧٤ واشترك مع أذفونش السادس ملك قشتالة في قتال الموحدين سنة ١٢١٢ ومات في السنة التي بعدها قتيلًا في حرب الألبيجيين Albigeois.
(٧) إذن الكتلونية في هذا تشبه جارتها العربية المغربية فلا شك في كون إخواننا المغاربة هم أعظم النحاتين في العربية فيقولون في عبد الله «عبو» وفي عبد الرحمن «رحو» وفي عبد السلام «عبسلام» ويصغرونه «بسلامو» وفي عبد الكريم «عبكريم» وفي تصغيره «كريمو» ويقولون في عبد القادر «عبقادر» و«قدور» والمشارقة أيضًا يقولون قدور وينحتون محمدا «بحمود» وعبد اللطيف أو لطف الله «بلطوف» وزكريا «بزكور» ونصر الله «بنصور» وعبد الرازق ورزق الله «برزوق» وعبد الجبار «بجبور» وهذا أيضًا في المغرب وفيه أيضًا «عزوز» و«كبور» لعبد العزيز وعبد الكريم وفيه غرائب ونحت من قبيل «مح» و«محَ» و«حمو» في محمد و«طامة» و«طمو» و«طم» و«ط» في فاطمة و«عشوش» و«ش» في عائشة ويقال إن النحت في فاطمة وعائشة يبلغ بضع عشرة صورة. أما في المشرق فنقتصر في نحتها على «فطوم» و«عيوش» ومن غرائب نحت الأسماء ما سمعته من إخواننا مسلمي بوسنه وهرسك وهو «ميو» في مصطفى و«سلو» في صالح ومنها عند الأكراد «حسو» في حسن، وهلم جرّا.
(٨) جمع كند واليوم يقولون كونت بالتاء وكان العرب يقولون قمط بالميم والطاء ويجمعونها على أقماط وكثيرا ما جاء في كتبهم ذكر أقماط برشلونة أو برجلونة وقد أهدانا الفاضل المؤرخ الحاج محمد العربي بنونة عن أعيان نطوان عدة مراسلات خطية دارت بين سلاطين غرناطة بني الأحمر وبين أقماط برجلونة سننشرها هنا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤