الفصل الثالث والأربعون

السلطان

محمد بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر بن قيس الخزرجي أمير المسلمين بالأندلس بعد أبيه، يكنى أبا عبد الله.

  • حاله: كان معدودًا من نبلاء الملوك وأبناء الملوك صرامة، وعزة، وشهامة، وجمالا،

    وخَصلًا، عذب الشمائل، حلوًا، لبقًا، لوذعيًّا هشًّا، سخيًّا. المثل المضروب في الشجاعة المقتحمة حدَّ التهوُّر، حِلسَ ظهور الخيل، أفرس من جال على صهوة، لا تقع العين — وإن غصت الميادين — على أدرب بركض الجياد منه، مغرمًا بالصيد، عارفًا بسمات الشفار، وشيات الخيل، يحب الأدب، ويرتاح إلى الشعر، وينبَّه على العيون، ويلمّ بالنادرة الحارة.

    أُخذت له البيعة يوم مهلك أبيه، يوم الثلاثاء السابع والعشرين لرجب عام خمسة وعشرين وسبعمائة، وناله الحَجْبُ، واشتملت عليه الكفالة إلى أن شدا وظهر، وشب عن الطوق، وفتك بوزيره المتغلب على ملكه وهو غلام، لم يُبقل خده، فهيب شباه، ورهبت سطوته، وبرز لمباشرة الميادين، وارتياد المطارد، واجتلاء الوجوه، فكان ملء العيون والصدور.

  • ذكاؤه: حدثني ابن وزير جده، القائم أبو القاسم بن محمد بن عيسى قال: تذكروا يومًا بحضرته تباين قول المتنبي:
    أيا خدَّدَ الله وردَ الخُدود
    وقَدّ قدودَ الحسان القدود

    وقول امرئ القيس:

    وإن كنت قد ساءتك مني خليقة
    فسُلي ثيابي من ثيابك تنسل

    وقول إبراهيم بن سهل:

    إني له عن دمي المسفوك معتذر
    أقول حمّلتُه من سفكه تعبا

    فقال رحمه الله بديهًا، على حداثته: «بينهم ما بين نفس ملك عربي، وشاعر عربي، ونفس يهودي تحت الذمة، وإنما تتنفس النفوس بقدر هممها.»، أو ما معناه هذا.

  • همته: لما نازل مدينة قبره، ودخلها عنوة وهي ما هي عند المسلمين والنصارى من الشهرة والجلالة، بادرنا نهنئه بما تسنّى له، فزوى عنا وجهه قائلًا: «وماذا تهنوني به كأنكم رأيتم تلك الخرقة الكذا — يعني العلم الكبير — في منار أشبيلية!» فعجبنا من بعد همته، ومرمى أمله.
  • الشجاعة: أقسم أن يغير على باب مدينة بيانه في عدة يسيرة من الفرسان. عينتها اليمين فوقع البهت، وتُوقعت الفاقرة، لقرب الصريخ ومنعة الحوزة، وكثرة الحامية، ووفور الفرسان، وتنخل أهل الحفاظ، وهجم عليها فانتهى إلى بابها وحمل على أضعافه من الحامية فألجأهم إلى المدينة، ورمى يومئذ أحد النصارى بمزراق محلي السنان، رفيع القيمة فأثبته، وتحامل الطعين يريد الباب، فمنع من الإجهاز عليه، وانتزاع الرمح الذي كان يجره خلفه وقال: «اتركوه يعالج به جرحه، إن أخطأته المنية.» فكان كما قال الشاعر في مثله — أنشدناه أبو عبد الله بن الكاتب:
    ومن جوِده يرمي العداةَ بأسهمٍ
    من الذهب الإبريز صيغت نصولُها
    يداوي بها المجروحُ منها جراحَه
    ويتخذ الأكفانَ منها قتيلُها
  • جهاده ومناقبه: نازل حصن قشرة لأول أمره، وهد سوره، وكاد يتغلب عليه، لولا مدد دخله فارتحل وقد دوّخ الصَّقع.

    ونازل قبره وافتتحها، وهزم جيش العدو الذي بيت محلته بظاهرها. وتخلص جبل الفتح، وهي أعظم مناقبه، وقد نازله الطاغية، وأناخ عليه بكلكله، وهَدَّ بالمجانيق أسواره، فدارى الطاغية، واستنزل عزمه، وتاحفه، إلى أن صرفه عنه، ففازت به قداح الإسلام.

  • بعض الأحداث: وفي شهر محرم من عام سبعة وعشرين وسبعمائة نشأت الوحشة بين وزيره المتغلّب على أمره محمد بن أحمد المحروق، وبين شيخ الغزاة عثمان بن أبي العُلي، فصبّت على المسلمين شؤبوب فتنة، عظم فيهم أثرها، فخرج مغاضبًا، وهمّ للانصراف عن الأندلس، ولحق بساحل المرية، ثم داخل أهل حصن الدرش، فدخل في طاعته، واستضاف إليه ما يجاوره، فأعضل الداء، وغامت سماء المحنة، واستلحق المذكور عم السلطان من تلمسان محمد بن فرج بن إسماعيل، فلحق به وقام بدعوته في أخريات صفر من عام سبعة وعشرين وسبعمائة، وكانت بينهم وبين جيش الحضرة وقعات تناصفوا فيها الظفر. واغتنم الطاغية فتنة المسلمين، فخرج غرة شعبان من العام ونازل ثغر وبرة ركاب الجهاد، فتغلب عليه، واستولى على جملة من الحصون التي تجاوره فاتسع نطاق الضّر، وأعيا داء الشر، وصرفت إلى نظر السلطان ملك الغرب في أخريات العام رُندة، ومربلّة، وما إليهما، وأجلت الحال عن مهادنة عثمان بن أبي العُلى. وصرف المستدعي لدعوته إلى العدوة، وعبر هذا الأمير رحمه الله البحر بنفسه مستصرخًا ومستدعيًا للجهاد، في الرابع والعشرين من شهر ذي حجة عام اثنين وثلاثين وسبعمائة ووفد على ملكه السلطان الشهير أبي الحسن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق مستصرخًا إياه، فأعظم وفادته، وأكرم نزله، وأصحبهُ إلى الأندلس ولده، وحباه بما لم يحب به ملك تقدّمه، من مقربات الخيل، وخطير الذخيرة، ومستجاد العدة، ونازل على أثره جبل الفتح، وهيأ الله فتحه، ثم استنقاذه بلحاق السلطان، ومحاولة أمره، فتم ذلك يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر ذي حجة عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة.
  • وزراء دولته: وزر له وزير أبيه أبو الحسن بن مسعود، وأخذ له البيعة، وهو مثخن بما أصابه من الجراحات يوم الفتك بأبيه. ولم ينشب أن أجهزت عليه عدواها.

    وتولى له الوزارة بعده وكيل أبيه محمد بن أحمد بن محمد بن المحروق. من أهل غرناطة. يوم الاثنين غرة شهر رمضان عام خمسة وعشرين وسبعمائة. ثم قتل بأمره ثاني يوم من محرم فاتح عام تسعة وعشرين وسبعمائة.

    ثم وزر له القائد محمد بن أبي بكر بن يحيى بن مول، المعروف بالقيجاطي، من وجوه الدولة، إلى سابع عشر من شهر رجب من العام. ثم صُرف إلى العدوة.

    وأقام رسم الوزارة والحجابة والنيابة مولى أبيه القائد أبو النعيم رضوان الشهير الديانة والسعادة إلى آخر مدته بعد أن التاث أمره لديه. وزاحمه بأحد المماليك يسمى عضامًا أيامًا يسيرة بين يدي وفاته.

  • كتّابه: كتب عنه كاتب أبيه وأخيه شيخنا الإمام العلامة الصالح أبو الحسن بن الجيّاب رحمه الله إلى آخر مدته.
  • قضاته: استمرت الأحكام لقاضي أبيه وأخي وزيره الشيخ الفقيه أبي بكر يحيى بن مسعود المحاربي، رحمه الله، إلى عام سبعة وعشرين وسبعمائة، فتوجه رسولًا إلى ملك المغرب، وأدركته الوفاة بمدينة سلا، فدفن بها بمقبرة شالْة.

    وتخلّف ولده أبا يحيى مسعودًا، نائبًا عنه، فاستمرت له الأحكام، واستقل بعده إلى أن صُرفِ عن القضاء يوم عاشوراء من عام أحد وثلاثين وسبعمائة.

    وتولى الأحكام الشرعية شيخنا الإمام العَلَم الأوحد، خاتمة الفقهاء، وصدر القضاة العلماء، أبو عبد الله محمد بن يحيى بن بكر الأشعري المالقي، فاستمر له الحكم إلى تمام مدته، وصدرًا من أيام أخيه بعده.

  • من كان على عهده من الملوك: أولا بالمغرب: السلطان الشهير الكبير الجواد، ولي العافية، وحليف السعادة أبو سعيد عثمان بن يعقوب بن عبد الحق إلى أن توفي يوم الجمعة الخامس والعشرين، من شهر ذي قعدة عام أحد وثلاثين وسبعمائة، ثم صار الأمر إلى ولده السلطان المقتفي سنته في المجد والفضل وضخامة السلطان مبرًّا عليه بالبأس المرهوب، والعزم الغالب، والجد لا يشوبه هذل، والاجتهاد الذي لا تتخلّله راحة أبو الحسن، إلى آخر مدته، ثم مدة أيام أخيه بعده.

    وبتلمسان: الأمير عبد الرحمن بن موسى أبو تاشفين، مشيّد القصور، ومروّض الفروس، ومتبنّك الترف، إلى تمام مدته، وصدرًا من مدة أخيه بعده

    وبتونس: الأمير أبو يحيى أبو بكر ابن الأمير أبي زكريا ابن الأمير أبي إسحاق، لبنة تمام القوم، وصقر جوارح متأخريهم، إلى تمام مدته، وصدرًا كبيرًا من دولة أخيه.

  • ومن ملوك النصارى: أولا بقشتالة: الفونش بن هرانده بن شانجة بن الفونش بن هرانده، الذي ملك على عهده الجفرتين القنيطيّة والتاكرونية واتصلت أيامه إلى أخريات أيام أخيه.

    وبرغون: الفونش بن جايمش بن الفونش بن بيطره بن الفونش بن بيطره بن جايمش، المستولي على بلنسية إلى آخر مدته، وصدرًا من مدة أخيه.

  • وفاته: وتوغَّرت عليه صدور رؤساء جنده المغاربة، إذ كان شرِهًا، لسانه غير جزوع ولا هيابة، فربما تكلم بملء فيه من الوعيد الذي لا يخفى عن المعتمد به. وفي ثاني يوم من إقلاع الطاغية عن جبل الفتح بسعيه وحسن محاولته — وهو يوم الأربعاء ثالث عشر من شهر ذي الحجة، وقد عزم على ركوب البحر من ساحل منزله، بموقع وادي السقايين — تماروا في ظاهر الجبل تخفيًا للمؤنة، واستعجالًا للصدر، وقد أُخذت على حركته المراصد، فلما توسطَ كمينَ القوم ثاروا إليه وهو راكب بغلًا، أثابه به ملك الروم، فشرعوا في عتبه بكلام غليظ، وتأنيب قبيح، وبدءوا بوكيله فقتلوه، وعجل بعضهم فطعنه، وترامى عليه مملوك من مماليك أبيه زنمة من أخابث المعلوجاء١ اسمه زيان، صونع على مباشرة الإجهاز عليه، فقضى لحينه، في سفح الربوة المائلة، يسرة العابر للوادي، ممن يقصد الجبل، وتركوه بالعراء مسلوب الساتر، سيئ المصرع، قد عَادَت عليه نعمه، وأوبقه سلاحه، وأسلمه أنصاره وحماته.
ولما فرغ القوم من مبايعة أخيه السلطان يوسف، صُرفت الوجوه إلى دار الملك ونقل القتيل إلى مالقة، فدفن على حاله تلك، برياض تجاور منية السيد، فكانت وفاته ضحوة يوم الأربعاء الثالث عشر من ذي حجة عام ثلاثة وسبعمائة. وأُقيمت عليه بُعيد زمان قبّة، نوِّه بقبره، وهو الآن ماثل بها رهن وحدة، ومستدعى عبرة، وعليه مكتوب:

هذا قبر السلطان الأجل، الملك الهمام، الأمضى الباسل، الجواد، ذي المجد الأثيل، والملك الأصيل، المقدس المرحوم، أبي عبد الله، محمد ابن السلطان الجليل الكبير الرفيع، الأوحد المجاهد الهمام، صاحب الفتوح المستورة، والمغازي المشهورة، سلالة أنصار النبي ، أمير المسلمين، وناصر الدين الشهيد المقدس، المرحوم أبي الوليد بن فرج بن نصر، قدس الله روحه، وبرّد ضريحه. كان مولده في الثامن لمحرم عام خمسة عشر وسبعمائة، وبويع في اليوم الذي استشهد فيه والده، رضي الله عنه السادس والعشرين لرجب عام خمسة وعشرين وسبعمائة، وتوفي في الثالث عشر لذي حجة من عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة، فسبحان من لا يموت.

يا قبرَ سلطانِ الشجاعة والنَّدَى
فرع الملوكِ الصيدِ أعلام الهُدَى
وسُلالة السَّلَفِ الذي آثارُه
وضّاحةُ لمن اقتَدَى ومَن اهتَدَى
سلف الأنصار النّبيِّ نجارُه
قد حلّ منه في المكارمِ مَحْتِدا
متوسط البيت الذي قد أسسته
سادة الأملاك أوحدَ أوحدا
بيت بنوه محمَّدون ثلاثة
من آل نصر أورثوه محمَّدا
أودعتَ وجهًا قد تهلّل حسنهُ
بدرًا بآفاق الجلالة قد بدا
وندَى يسحّ على العفاة مواهبا
مثنى الأيادي السابغات وموحدا
يبكيك مذعورٌ، بك استعدَى على
أعدائه فسقيتهم كأس الرَّدى
يبكيك محتاج أتاك مؤملًا
فغدا وقد شفعت يداك له اليدا
أمَّا سماحك فهو أهمَى دِيمة
أما جلالك فهو أسمى مصعدا
جادت ثراك من الإله سحائب
لرضاه عنك تجود هذا المعهدا

وتبعت هذا السلطان نفوس أولي الحرية، ممن له طبع رقيق، وحس لطيف ووفاء كريم، فصدر فيه من التأبين أقاويل للشجون مهيجة، فمن ذلك ما نظمه الشيخ القاضي أبو بكر بن شيرين، وكان على ظرفه وحسن روائه غراب ندبة، ونائحة مأتم، يرثيه، ويتعرَّض ببعض من حمل عليه من خدّامه:

استقلاّ ودَعاني
طائفًا بين المغاني
وانعما بالصبر إني
لا أرى ما تَريانِ
قُضي الأمر الذي في
شأنه تستفتيان
ومضى حكمُ إله
ما له في الملك ثان
مات يوم السلم قعصًا
مِدْرَهُ الحرب العوان
واستُبيح المَلِكُ ابن الملكِ
الحرِّ الهِجان
يا خليليّ أعينا
ني على شجو عناني
واذكر سابغة النعمة
فيما تذكران
وإذا صلّيتما يومًا
عليه آذِنان
ما علمنا غير خيرٍ
فاقضيا ما تقضيان
لا نبالي ما سمعنا
من فلان وفلان
غيرَ ما قالوا اعتقدنا
وعلينا شاهدان
وغدًا يجمعنا المو
قف من قاص ودان
ورِضَى الله هو المطلوب
في كل أوان
وأخو الصدق لَعَمْري
ذو مقاماتٍ حِسان
وهوى النفس عناء
حائل دون المعاني
وعلى البغضاء يُطْوَى
وُدّ إخوان الخوان
بأبي واللهِ أشلاء
على الرمل حَوان
بفتى ما كان بالوا
ني ولا بالمتواني
يمزج الماء نجيعًا
وينادي: علّلاني!
ليس بالهيَابة النكس
ولا الغَمْر الهدان
أبيض الوجه تراه
والرَّدَى أحمرُ قان
أيُّ سيف لِضراب
أي رمح لطعان
ذو نِجار خزرجيّ المنت
مى سامي المكان
ذكره قد شاع في الأرض
إلى أقصى عُمان
لا تراه الدهرَ إلا
حِلف سَرج أو عنان
عن صهيل الخيل لا يُلهيه
تعزاف القيِان
إن ألمت هيعةُ طارَ
إليها غير وان
يصدعُ الليلَ بقلبٍ
ليس بالقلب الجبان
يا لها من نصبة لولا
نحوس في القران
وشباب عاجلوه
بالردى في العنفوان
لم يجاوز من سنيه
العشرَ إلا بثمان
دوّخ الأقطار غزوًا
من هضاب ومحان
حكّموا فيه الظبي
أسرع من لمح العيان
إن يكونوا غادروه
في الثرى ملقى الجران
تشرب الأرض دمًا منه
تهاداه الغواني
وتحيّيه بتسليم
ثغور الأقحوان
فالمعالي أودعته
بين سَحر ولَبان
وغوادي المزن
يرضعن ثراه بلبان
ضاع سرح الثغر لما
أغمد السيف اليماني
وأُعير الأسَدُ الوَرْدُ
القميصَ الأرجواني
عاطياني أكؤس الحزن
عليه عاطياني
حمله دون صلاة
للثرى مما شجاني
أوَما كانوا يدْ
عُون أعقابَ الأذان
لا تهينوه فما كان
بأهل للهوان
عجبي والله من إب
طان هذا الشنآن
أنا مذ غاب فبالسالي
فؤادًا ما أُراني
وبحسبي دعوات
أنا فيها ذو افتتان
بتَّ أهديها إليه
بعد ترتيل المثاني
ذاك جُهدي، إنَّ إحسان
أبيه قد غذاني
فأنا الشيعة حقًّا
بفؤادي ولساني
أفأنسى ذلك العهدَ
وليسد الغدرُ شاني
ويقال الرشح موجود
قديمًا في الأواني
وعهود الناس شتى
من عجاف وسمان
وهي النعمة حقًّا
شكرها في كل آن
اتئد يا فارس الخيل
فغيرُ الله فان
والمعالي تطلب الثأر
وتأتي بالأماني
وهي الأرحام لا تنسى
ولو بعد زمان
أنت من رحمة غفّار
الخطايا في ضمان
وهو يوفي الخصم إن شاء
وزانًا بوزان
والذي أفشى قبيحًا
حظه عضُّ البنان
سلّم الله على من
فيه ذو جهل لحاني
وجزاه بجهاد
جاء منه ببيان
ربنا أنت خبير
بحفيات الجنان
ويداك الدهرَ فينا
بالندى مبسوطتان
ومَجال العفو رحْب
والرضى غضُّ المجاني
فتغمدنا برحمى
وقبول وأمان
واجمع الشمل على أفضل
حال في الجِنان

واقتضت آراء القوم القائلة استرعاء عقد يتضمن ألفاظًا كانت تصدر عن السلطان قادحة في العقد جاءوا بها إفكًا وزورًا، ستُكتب شهادتهم ويُسألون.

ومن المعاني البديعة في عكس الأغراض قوله:

عينُ بَكِّي لميّت غادروه
في ثراه ملقًى وقد غدروه
دفنوه ولم يصلّ عليه
أحد منهم ولا غلسوه
إنما مات حين مات شهيدًا
فأقاموا رسمًا ولم يقصدوه

وسنترجم إن شاء الله هؤلاء الملوك ووزراءهم بأوسع من هذا عند الوصول إلى الكلام على غرناطة.

هوامش

(١) العلج بكسر فسكون القوي الضخم من العجم وجمعه علوج وأعلاج وعلجة واسم الجمع معلوجاء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤