تقديم الكتاب

فروخ، وتر حساس وشعور مرهف، فتح عينيه للنور في مطلع هذا القرن، في بيئة مظلمة تجمع إلى الجهل المطبق إساءة لمفاهيم الدين، فنشأ من جرَّاء ذلك في أمَّة — تداركها الله — غريبًا لا تفهمه، بل تعمل جاهدةً إلى إخماد جذوة الفن التي حباه الله بها، والله يأبى إلا أن يتم نوره، وطبيعة الفن تأبى إلا الظهور مهما اعترضتها الصعاب، كالحبة النابتة تشق الصخور حتى تبرز من تحت التراب.

هذه هي «قصة إنسان من لبنان» التي يطلع بها علينا الصديق الفنان، فهي إذن قصته، بل قصة كل فنان يسبق عصره ويأتي قبل أوانه، وهي تمتاز بدقة الملاحظة وبساطة الأسلوب وبراعة التصوير؛ ذلك أن فروخ مصوِّر لبق، وأديب ذوَّاق؛ فهو يجيد التصوير بريشته كما يجيده بقلمه، وهو إلى هذا وذاك متوقِّد الوطنية، شديد الغَيْرة على أن يشيع الجمال والخير في بني قومه.

وهذا الإحساس الرفيع هو الذي حدا به إلى نشر هذه القصة شبه الواقعية، التي أرجو لها من الرواج ما تستحقه.

سَلِمَتْ ريشة فروخ للفن، وسلم قلمه للأدب.

كامل البابا
بيروت ٧ آذار سنة ١٩٥٤

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤