أرى
أعتقد أنهم قد خدعونا بما
يكفي.
لديَّ الآن مفتاح
اللُّغز.
أعطاني إيَّاه الألَم بين
ضحكاتِ ثمِلٍ،
بين بصقات سجَّانٍ ونظراتِ
كلبٍ
هائج بلا رحمة.
كذلك أعرفُ ما يلي: سيكون من
الصعب تعويد البشر
على ذلك العُري الذي يسقُط فيه
مَن يملك الضوء.
سيكون من الصعب إقناعُهم بأن
كلَّ ضحكةٍ حتى اليوم كانت ضد
نفسِها،
بأن الأيدي الممدودة نحوَهم
كانت كلُّها بأظافر قاسية.
(الجوُّ بارد بعض الشيء، لكن
هذا أفضل؛
فقد انطفأتِ النيرانُ
القاتلة،
تَورُّدُ الجلدِ في ذروة
العربدة،
الأسطورة المحمومة التي
تُولِّدها الخمر المُستقرَّة في
الدماء،
أعشاش العنكبوت العنيدة في
اللسان.)
سأنزع على الفور بعض الأستار
الأخيرة.
أما الجروح
فسأتوَّلاها أنا.
ماريَّا تيكون
أيام الأسطورة حين كنتِ
تُحبينني دون أسئلة،
جعلتِ المدينة تكتسِب هيئةَ
لُعبة.
وحين أترككِ في الليل كنتُ
أعود إلى منزلي،
مثلما في صُوَر ميلاد المسيح،
مرِحًا عبر شوارع مِن نشارة
الخشب.
في المرآة المُرتجفة والكئيبة
للبرك،
كنتُ أنظر إلى وجهي بجوار
القمر،
وأبحث عن قُبلاتكِ، حتى لا
تُضيءَ
أحلامَ الطيور الضائعة في
وسادتي.
كان عسسٌ مِن صلصالٍ ودِيَكة
من صفيحٍ
يسخرون منِّي في صمتٍ غامِزين،
لا أدرى كيف، بعيونهم
الساكنة.
وحتى النائمون، كانوا عند
مروري يتناقَلون الأقاويل بحسَدٍ في
غُرَفهم،
ويقولون إنكِ خطيبة يسوع
الطفل.
بطحلبٍ مُنتزَع من حيث تُولَد
منابع كولومبوس،
كانت حدائق الحلم تنتظرني
بنضارتها الخضراء.
لكن حرارة أطراف أصابعكِ كانت
طعنةً، بلغ من عُمقها
أنَّ بائع شطائر الذُّرة
١ كان عند الشروق يغسلُ في
حدَقَتيَّ
عينَه الضخمة العارية مثلما في
وعاءَين من دمٍ.
بين أشجار مكسوة بورق زينةٍ من
قلب الأزرق النيليِّ
كنتُ أقضي النهار الجديد
مُنصِتًا إلى فرقة موسيقية من رؤساء
الملائكة المُسنِّين،
يُشكِّلون بشعورهم القطنية
أنهارًا جديدة في النسيم.
بعدها كنتُ أُقابلك مع
الغسق
— بشجرته السامِقة من النار
المُشتعلة حقًّا —
وألعقُ في يديكِ جلدَ حلوى
اللوز،
وحولنا كانت الدُّمى ذات
الخدود الزهرية
تشرب بيرتَها من اللقاح
والدخان.
أواه، لكن بعد أشهُرٍ قليلة
خَطَر لكِ أن تكبري وابتعدتِ
عنِّي
بإيماءةٍ فظيعةٍ لشخصٍ
بالِغ.
من حينِها استعادت المدينة
بِدَورها حجمها المُعتاد.
وفي شوارعها الأسفلتية السوداء
يضرب المواطنون بأيديهم
رُوحي، رُوح الصبيِّ الحزين
الذي ما زال بحاجةٍ إلى
اللعب.
أُحبُّك
كلَّ الأيام، تحت كلِّ
طقس،
في كلِّ الأماكن
أُحبِّك.
سرعان ما يبزغ الصباح في
النوافذ،
وأستعيد نفسي وئيدًا من
الفتور.
بماءٍ بارد أداوي جراح
الخمر،
وأُحبك.
ما مِن خلافٍ مع أي شيءٍ ممَّا
يحوطني،
لكنَّني ضدَّ كلِّ ما يَحوطني
أُحبك.
أنغمِس في الحياة،
أتحسَّس كلماتٍ جديدةً،
إيماءاتٍ غريبةً جديدة.
في شمس الشارع أُشهِرُ حُدودي
المُهدَّمة.
أُحبك.
أعود إلى الوحدة
وأُحبك.
الباقي كلُّه بلا طائل.
أُحبك.
عارية
أُحبُّ عُريَكِ
لأنَّ مسامكِ تَشرَبُني وأنتِ
عارية،
كما يفعل الماء حين أغوصُ بين
جدرانه.
عُريكِ يَهدمُ بحرارتِه
الحدود،
يفتحُ كلَّ أبوابي حتى
أحدِسَكِ،
يأخُذني مِن يدي مثل طفلٍ
تائه
يريحُ فيكِ عُمرَه
وأسئلته.
جلدُكِ العذبُ والمالح الذي
أتنفَّسُه وأرشفه
يُصبحُ كوني، الإيمان الذي
يُغذِّيني؛
المِصباح العطري الذي أرفعه في
عمايَ
حين تعوي فيَّ الرغبات بجوار
الظلال.
حين تتعرَّين لي بعينَين
مُغمضتَين
تسَعُكِ كأسٌ قريبة مِن
لساني،
تسَعُكِ يداي كالخُبز
الضروري،
يسَعُك ما تحت جسدي الأكثر
اكتمالًا من ظلِّه.
يومَ تموتين سأدفنُكِ
عاريةً؛
حتى يكون اقتسامُكِ في الأرض
عادلًا،
حتى يُمكنني أن أُقبِّل
جِلدَكِ في الطرُق،
وأضفر في كلِّ نهرٍ شَعركِ
المُشعَّث.
يوم تموتين سأدفنكِ
عاريةً،
مثلما يومَ وُلدتِ مِن جديدٍ
بين ساقيَّ.