الفصل الثاني

مستقبل الخدمات الإخبارية والتغطية الصحفية الدولية

ديفيد شليزنجر

تمهيد
جون أوين

المرة القادمة التي تفتح فيها صحيفتك المحلية (على فرض أنها ليست ذا نيويورك تايمز ولا ذا تايمز اللندنية) وتطالع الأخبار الدولية المنشورة فيها — على فرض أيضًا أن ثمة أخبارًا دولية فيها — حاول أن تدقق النظر في السطر الذي يلي العناوين الرئيسية للأخبار. من شِبه المؤكَّد أنك ستجد رسالة إخبارية من مراسل لرويترز أو أسوشيتد برس في كابول أو بغداد، محددًا بها تاريخ النشر. ابحث بعدها عن أيِّ صور فوتوغرافية دولية ومرة أخرى لاحظ مصدر الصورة. غالبًا ما ستجد أن الصورة التقطتْها عدسة مصورٍ صحفي تابع لرويترز أو أسوشيتد برس في بقعة ما من العالم.

أما إذا لم تعتدْ قراءة الصحف أو هَجرتَها لعدة أسباب واتجهت لتلقِّي أخبارك من المواقع الإلكترونية، فحاول أن تركِّز على المصادر التي تستقي منها هذه المواقع الأخبارَ الدولية. ستجد مجددًا أن الأخبار أو الصور مأخوذة من رويترز، أو أسوشيتد برس، أو فرانس برس (وكالة الأنباء الفرنسية)؛ هذا إذا كانت هذه المواقع تقتبس الأخبار كما ينبغي.

إن الصحفيين العاملين في وكالات الأنباء بمنزلة الجنود المجهولين في عالم الصحافة؛ فمن النادر أن نعرف أسماءهم أو نلاحظها في المقالات الصحفية، غير أن تغطيتهم الصحفية هي التي تغذي صحفنا، وبرامجنا الإخبارية الإذاعية والتليفزيونية، ومواقعنا الإلكترونية الإخبارية، ودون هذه التغطية ستُحرم هذه المصادر من المعلومات التي جرى جمعها مباشرةً من حول العالم. أطلق مورت روزنبلوم، مراسل أسوشيتد برس المخضرم، على مراسلي وكالات الأنباء اسم «رجال المهام الصعبة» الذين يُتَوقع منهم أن يعملوا ليلًا ونهارًا ويتغلَّبوا على المنافسين:

عند ورود أنباء كبرى، تُهرَع الوكالات الإخبارية إلى نشر رسالة إخبارية أولى، ثم تتابع كل تطورٍ يجري في الأحداث، وتُصدِر بيانات إخبارية جديدة مع كل تطور في مسار الأحداث. إن الصحف تواجه موعدًا نهائيًّا بصفة شبه دائمة (روزنبلوم ١٩٩٣: ٥٧).

إن الصحفيين اليوم الذي يقرءون كل المواد الإخبارية التي تقدمها وكالات الأنباء على أجهزة الكمبيوتر خاصتهم؛ لن يعيشوا أبدًا الإثارة التي تصاحب من يوجد في غرفة الأخبار حين تطلق وكالات الأنباء، من خلال مُبرِقة كاتبة منفصلة، إشارات الإنذار لتنبيهك إلى وصول خبر هام. عمد روزنبلوم إلى وصف هذه الإثارة بالطريقة التالية:

سابقًا، كانت الطابعات من طراز ١٥ ذات الشكل المحدَّب تضخ طابورًا من الأوراق أمام كلِّ محرر. كان الصوت المنتظم الذي تُطلِقه تلك الآلات وهي تطبع ستين كلمة في الدقيقة هو الموسيقى التصويرية السائدة في كل غرف الأخبار. وكانت أجراس الإنذار الدورية تقطع المحادثات القصيرة، وسط انتظار المحررين لما يعقب العنوان المقتضب: «نشرة». ثم كانوا يسرعون بكتابة البرقيات إلى مراسليهم، والتي تبدأ كلٌّ منها بعبارة: «أوردت وكالة أسوشيتد برس …» وتنتهي بعبارة: «يُتبع في أسرع وقت». (المصدر السابق)

وبمجرد استقبال المراسلين الإخباريين لهذه البرقيات، يعمدون إلى ترجمة ما عاينوه من مشاهد وعاشوه من أحداث وجمعوه من معلومات استقَوها عن طريق التحدث إلى مصادر موثوق فيها؛ إلى خبر مترابط بعد أن كانت خليطًا مشوشًا من المعلومات. يرى الكاتب وصاحب العمود الراحل لارس إريك نيلسون أنه عادةً ما كان المراسل الإخباري الخبير هو من يستطيع الإجابة قبل غيره عن ذلك التساؤل الذي جعل، ولا يزال يجعل، كبار الصحفيين يتصببون عرقًا ويحولهم إلى فئران قلَقًا من موعد التسليم النهائي للتقارير الإخبارية: «ما الفقرة الافتتاحية؟» (مويسي ١٩٩٦: ٢).

كانت وكالات الأنباء على مدار تاريخها هي التي تتولَّى تقدير المواعيد النهائية للفقرات الافتتاحية للتقارير الإخبارية وتحديد الأخبار الجديرة بالنشر في أيِّ حدث أو واقعة تغطيها لصالح عملائها، من صحف ومحطات إذاعية وشبكات تليفزيونية حول العالم.

واليوم، حتى لو اعتاد عموم الناس على وجود الوكالات الإخبارية، ولم يستوعبوا أو يقدِّروا نشاطها الصحفي كما ينبغي، فيجب أن نعيَ جميعًا أن لكلٍّ منها تاريخًا ثريًّا ومثيرًا؛ فقد نشأت وكالة أسوشيتد برس من إصرار صاحب إحدى صحف نيويورك على أن يصبح أول من يُغطي الحرب المكسيكية التي اندلعت في ١٨٤٦، مستخدمًا خطوط بريد بوني إكسبرس، وعربات الخيول، ثم التلغراف لاحقًا في سبيل التفوق على منافسيه. لكن موزيز ييل بيتش، مالك جريدة ذا نيويورك صَن، وصاحب هذا التوجه، قرر بعد ذلك أن يتقاسم أنباءه الحصرية مع الصحف الأخرى مقابل استرداد تكاليف مهمة نقل هذه الأخبار الجريئة والمكلفة في نفس الوقت. قال والتر ميرز، أحد المراسلين السياسيين البارزين لدى أسوشيتد برس، حين كتب متحدثًا عن تاريخ الوكالة إن مثل هذا التقاسم الأول للتغطية والتكاليف أدَّى إلى قيام وكالة أسوشيتد برس في الولايات المتحدة الأمريكية (أسوشيتد برس ٢٠٠٧ب).

لو نظرنا إلى كيفية نجاح اللاجئ الألماني في بريطانيا، بول جوليوس رويتر، عام ١٨٥١ في استغلال كابل تلغراف دوفر-كاليه الممدود حديثًا تحت بحر المانش، فسنجد أنها قصة ريادة ومخاطرة صحفية.

استطاع رويتر، حسبما روى الصحفي والمؤرخ جون هوينبرج، أن يتفوق على جميع من كانوا يحاولون تزويد الدوائر المالية في لندن بآخر المعلومات المتاحة حول الأسواق الأوروبية. وبدلًا من استخدام البواخر العابرة لبحر المانش والمحفوفة بالمخاطر، لجأ رويتر إلى التلغراف لنقل نتائج أسواق الأوراق المالية. ووفقًا لما قاله هوينبرج، سرعان ما بادرت كُبريات الصحف، وفي مقدمتها ذا تايمز، بالتعاقد مع وكالة رويترز لإمدادها بأسرع وأدق المعلومات حول الأسواق (هوينبرج ١٩٩٥: ٨–١١).

لكن رويتر لم يكتفِ بذلك، بل انتقل إلى تغطية الأحداث العالمية التي تؤثر بطبيعة الحال على أداء الأسواق، مستفيدًا مرة أخرى من هذه المنظومة الأسرع لنقل الأخبار، والتي مكنته من التقدم على جميع منافسيه.

ما استوعبه كلٌّ من بيتش (أسوشيتد برس) ورويترز (إذ أضيف حرف إس إلى اسمه) هو أن السبق الصحفي مهم وأنه ينبغي إتقان الجانب اللوجستي لجمع المعلومات علاوة على معرفة الخبر.

إن هذه الحقيقة الصحفية في واقع الأمر لم تتغير قَطُّ. لقد صنعت سي إن إن سُمعتها الدولية خلال حرب الخليج الأولى باتخاذها قرارًا شديد الخطورة؛ ألا وهو الإبقاء على فريقها الإخباري في بغداد، في حين قرَّر أغلب الشبكات والمؤسسات الإخبارية الانسحاب من المدينة؛ خشية وقوع هجوم جوي أمريكي مدمر على بغداد وعلى جميع الأهداف التي بدت مستخدمة لأغراض عسكرية في عهد صدام حسين. وفي الوقت الذي عجزتْ فيه وكالات الأنباء أو الشبكات المرموقة عن نقل صور حية من بغداد، كان لدى سي إن إن سلاحها السري: وصلة صوتية مباشرة «رباعية الأسلاك» من الطراز القديم تمتد بين بغداد وعمَّان عاصمة الأردن ووصلة قمر صناعي متصلة بالعالم. كان مراسلو سي إن إن، برنارد شو وجون هوليمان وبيتر آرنت، هم الوحيدون الذين نقلوا للعالم شهادة حية وفورية وحصرية للقصف الجوي الأمريكي من جناحهم في الدور التاسع بفندق الرشيد الذي كانوا نزلاء فيه في بغداد.

رغم أن الصحفيين والمصورين الصحفيين الذين عملوا لصالح وكالات إخبارية لم يصبحوا شخصيات عامة ونجومًا إعلاميين لامعين، فقد حظُوا بتبجيل زملائهم الصحفيين؛ فاثنان من أكثر الصحفيين استحواذًا على الإعجاب خلال حرب فيتنام كانا يعملان لصالح وكالة أسوشيتد برس: المراسل بيتر آرنت والمصور الصحفي هورست فاس. وقد فاز كلاهما بجائزة بوليتزر.

وقد نال صحفيان عاملان بوكالتين إخباريتين شهرةً دولية بفضل إسهاماتهما الصحفية خلال حروب البلقان؛ الأول كان مصور فيديو لدى وكالة الأخبار التليفزيونية والآخر مراسلًا لدى رويترز. جاء دخول كليهما إلى ميدان الصحافة متأخرًا بعد أن عملا في مجالات أخرى. كما أن كليهما لقي حتفه خلال تغطية نفس الحدث، الحرب الأهلية في سيراليون، وفي نفس اليوم، الرابع والعشرين من شهر مايو عام ٢٠٠٠.

شكل ٢-١: ميجل جيل مورينو (على اليمين) في سيراليون، ٢٠٠٠ (نُشرت الصورة بإذن من أسوشيتد برس، بعدسة المصور سانتياجو ليون).

كان ميجل جيل مورينو دي مورا محاميًا شابًّا متخصصًا في قوانين الشركات ببرشلونة، وقد أزعجه ما رأى على شاشات التليفزيون من صور المعاناة في البوسنة؛ فانطلق ميجل إلى عالم الصحافة على ظهر دراجته البخارية متجهًا إلى موستار، إحدى جبهات القتال، وشرع ينقل الأخبار إلى صحيفة في برشلونة. غير أن ذكاءه واستيعابه السريع لأصول العمل في بؤر الحروب استرعى انتباه الوكالات الإخبارية، فعمل أولًا لحساب وكالة وورلد وايد للأخبار التليفزيونية، ومن بعدها لحساب خدمة الأخبار التليفزيونية الجديدة التابعة لوكالة أسوشيتد برس. وخلال خمس سنوات، تلقَّى من التليفزيون البريطاني أعلى جائزة تصوير فيديو يمكن أن يطمح المصور إلى الحصول عليها، وذلك تقديرًا لعمله الجسور في كوسوفو، حيث كان مصور الفيديو الغربي الوحيد الذي بقي في عاصمة كوسوفو، بريشتينا، حين شن حلف الناتو هجومه الجوي عليها.

كان كورت شورك مصرفيًّا في بنك استثماري وتقلَّد منصبًا رفيعًا في منظومة النقل بمدينة نيويورك قبل أن يتخلى عن ذلك كله ليصير صحفيًّا. بدأ شورك مسيرته المهنية صحفيًّا مستقلًّا وهو في الأربعينيات من عمره، واتخذ من سنغافورة مقرًّا له. وبعد تغطيته للحروب في سريلانكا وأفغانستان، وأخبار الأكراد في شمال العراق، بدأ تغطية حروب البلقان لحساب وكالة رويترز.

أنجز شورك بعضًا من أبرز تغطياته الصحفية في سراييفو، حيث نقل حصار المجتمع البوسني المسلم تحت نيران القناصة الصرب. كتب أنتوني لويد، الصحفي البريطاني الذي صار واحدًا من أصدقاء شورك المقربين، قائلًا: «كان عمله مُحكمًا ومُخلصًا، ويتسم بمصداقية عالية، وقوته هي العامل الأوحد الذي أدى إلى رفع مستوى التغطية الصحفية للصراعات في البوسنة وكوسوفو. يمكن لعدد لا يُحصى من الصحفيين أن يُنتجوا تقارير احترافية بطريقة روتينية، ويراقبوا الأحداث، وينتقدوا الأوضاع، أما كورت فكان مختلفًا بفضل رؤيته ونظرته العميقة والمطلقة للعدالة» (لويد ٢٠٠٧: ٢٧).١

لقد دفع الصحفيون العاملون في الوكالات الإخبارية ثمنًا باهظًا مقابل عملهم حول العالم. غير أن حرب العراق صارت الأخطر بين جميع الصراعات في التاريخ الحديث، وأضحى من شبه المستحيل للصحفيين الغربيين العمل بمفردهم فيها خارج المنطقة الخضراء. لم يحظَ أحد بفرصة حقيقية لمعرفة ما إذا كانت «قوات التحالف» تُحقِّق انتصارًا على المناهضين لغزو العراق سوى أولئك الصحفيين المرافقين للوحدات العسكرية والمتمتعين بالحماية العسكرية الكاملة، لكن كانت تحركاتهم تحت قيودٍ مشددة. وكان ذلك يعني أن المواطنين العراقيين ووسائل الإعلام الناطقة بالعربية هما فقط القادران على التحرك بحُرية، إلا أنهما كانا يواجهان مخاطر جمة كذلك؛ إذ استُهدِف كثير من الصحفيين العرب وكذلك العراقيين العاملين لصالح وكالات إخبارية.

ماذا ينتظر الوكالاتِ الإخباريةَ — أيًّا كان اسمها — في المستقبل؟

في الخامس عشر من مايو ٢٠٠٧، وبعد مرور ١٥٦ عامًا من العمل تحت اسم رويترز، صارت الوكالة التي أسسها بول جوليوس رويتر تحمِل اسم تومسون رويترز. تُعتبر شركة تومسون (التي أُسِّست في كندا) أكبر شركة أخبار وبيانات مالية على مستوى العالم، ويضمن لها هذا الاندماج مع رويترز حصة سوقية من مبيعات المعلومات المالية أكبر من أقرب منافسيها، وهي شركة بلومبرج. لكن نجحت بلومبرج أيضًا في توسيع نطاق عملياتها الإخبارية.

ولكن رويترز يبقى الاسم الذي تتم تحته عمليات تجميع الأخبار والمعلومات المالية في شركة تومسون رويترز الجديدة.

ستجد في هذا الفصل مخططًا للطريق التحريري الذي تنتهجه رويترز، يقدمه رئيس تحريرها ديفيد شليزنجر. استطاع شليزنجر، الذي وُلد ونشأ في الولايات المتحدة الأمريكية، أن يصعد السلم المؤسسي لوكالة رويترز بخطًى ثابتة، غير أن طريقه نحو مجال الصحافة لم يكن مباشرًا. بدأ شليزنجر حياته المهنية كأكاديمي وخبير في الدراسات الآسيوية الناطقة باللغة الصينية، وفي ١٩٨٧ انطلق إلى مجال الصحافة مراسلًا لرويترز في هونج كونج، وعمل في مختلف أنحاء آسيا قبل أن ينتقل إلى نيويورك كمحرر مالي للأمريكتين، ثم ترقَّى إلى منصب مدير التحرير العالمي لرويترز، وذلك قبل أن يعتلي منصب رئيس تحريرها.

في الفصل الثالث، وهو ثاني الفصول التي تتناول دور وكالات الأنباء في التغطية الإخبارية الدولية، يشرح لنا نايجل بيكر، المدير التنفيذي لوكالة أسوشيتد برس للأخبار التليفزيونية، دور الجيل الثاني للويب في إنعاش أسواق الصور الإخبارية الملتقطة بكاميرات الفيديو والكاميرات الفوتوغرافية. ورغم أن الوكالات الإخبارية لم تَعُد تحتكر المواد الإخبارية نتيجة لبروز صحافة المواطن ووفرة المحتوى الذي يُنتجه المستخدمون، فإن تلك الوكالات نفسها تستخدم آخر التطورات في التكنولوجيا الرقمية الحديثة لتسجيل الأخبار ونشرها من جميع أنحاء العالم.

لعب بيكر دورًا رائدًا في تدشين وكالة أسوشيتد برس التليفزيونية في ١٩٩٤، والتي أذهلت صناعة الأخبار بسرعة ترسيخها لأقدامها في المجال بحيث أصبحت منافسةً لرويترز ووكالة الأنباء التليفزيونية الكبرى الأخرى، وورلد وايد. وبعد أربع سنوات، نجحت في شراء وكالة وورلد وايد؛ ومِن ثَمَّ تكونت وكالة أسوشيتد برس للأخبار التليفزيونية.

إن تأسيس وكالة أسوشيتد برس التليفزيونية وصعودها الخاطف إلى قمة الواجهات الإخبارية إنما هو قصة مذهلة بذاتها تروي الكثير عن صناعة الأخبار. لا شك أن قدرًا كبيرًا من الفضل ينبغي أن يُعزى إلى المدير الإداري الأول لها، ستيفن كلايبول، الذي أدرك أنها لن تنجح إلا إذا تمكَّنت من إنتاج تغطيتها للأحداث العالمية بأسلوب يفوق أساليب الوكالات المنافسة. وفي سبيل بلوغ هذا الهدف، التفت إلى شبكات البث الرائدة، وفي مقدمتها شبكة آي تي إن، واستقطب العديد من كبار منتجيها، ومن بينهم نايجل بيكر، لتحسين عملية كتابة الأخبار وصياغتها لتصير جزءًا من الخدمة التي تقدمها الوكالة.

والآن، تسعى وكالة أسوشيتد برس للأخبار التليفزيونية تحت قيادة نايجل بيكر لترك بصمتها في عالم وكالات الأنباء، الذي يشهد منافسة حامية؛ وذلك من خلال التفوق في مجال البراعة الفنية المتطورة.

مراجع

AP (2007) Breaking News: How the Associated Press has Covered War, Peace, and Everything Else. Princeton Architectural Press.
Hohenberg, J. (1995) Foreign Correspondence: The Great Reporters and their Times. Syracuse University Press.
Loyd, A. (2007) Another Bloody Love Letter. Headline Review.
Moisy, C. (1996) The Foreign News Flow in the Information Age. Joan Shorenstein Center, Harvard University, http://www.hks.harvard.edu/presspol/research_publications/papers/discussion_papers/D23.pdf.
Rosenblum, M. (1993) Who Stole the News? John Wiley.

بدأتْ بالحمام الزاجل والتلغراف، واليوم تستخدم الإنترنت وتتعامل مع المدونين من منطلق تنافسي وتعاوني معًا.

كانت الخدمات الإخبارية — كما تُطلِق عليها وكالات الأنباء أو الوكالات الإخبارية — جزءًا من التاريخ على مدار أكثر من قرن ونصف القرن،٢ وهي الآن تتنافس مع عملائها وقرائها أنفسهم في سبيل جذب الانتباه وتحقيق الأرباح.

كانت الاعتبارات الاقتصادية هي القوة الدافعة وراء تأسيس الخدمات الإخبارية؛ فما من صحيفة كانت ترغب في تحمُّل تكاليف ابتعاث مراسليها حول العالم، وكذلك لم تكن تتحمل إضاعة فرصة تغطية أهم الأخبار الواردة من خارج نطاقها المحلي.

نشأت الوكالات الإخبارية لتقدم إلى عملائها الصورة الأوَّلِيَّة من الأخبار، والتي تُمثِّل اللبِنات الرئيسية للأخبار الواقعية الأساسية التي يمكن أن تفيد في ذاتها، أو تصير الأساس لعمليات التنقيح وإعادة الصياغة، أو تكون بمنزلة الدليل والمفتاح لتوجيه المزيد من التغطية الإخبارية.

كانت وكالات الأنباء في صناعة المعلومات أشبه «بجزَّاري البيع بالجملة»؛ فكما يورِّد هؤلاء الجزارون كتلًا ضخمة من اللحوم إلى المطاعم، ثم تتولَّى هذه المطاعم تجهيز أصناف مختلفة من اللحوم وتقديمها إلى زبائنها تحت اسمها التجاري الخاص، كانت تنقل تلك الوكالات كميات كبيرة من الأخبار القائمة على الوقائع إلى الصحف حول العالم، والتي بدورها تعيد صياغتها ثم تقدمها مقابل سعر التجزئة الذي يدفعه قراؤها والمعلنون الراغبون في جذب انتباه هؤلاء القراء.

السؤال المطروح الآن هو: إلى أيِّ مدًى ينبغي على الوكالات الإخبارية فتح «مطاعم» معلوماتها، وتقديم أخبارها إلى جمهور التجزئة وتلقِّي الثمن مباشرة من المعلن أو القارئ بدلًا من تَلقِّيه من عميل وسيط؟

بدا التفكير الاقتصادي الأصلي بسيطًا؛ فمثل تجار البيع بالجملة في أي مجال، اعتمدت الوكالات على الحجم. فإذا استطاعت أن تُقدم الأخبار الخام إلى المئات بل الآلاف من الصحف، فسوف تتمكن من تحمُّل تكاليف زيادة عدد مكاتبها الإخبارية، وإنشاء بنية تحتية تكنولوجية تمكِّنها من سرعة نقل الأخبار.

لكن عالم الإنترنت يُحدِث تغييرات في طبيعة المنافسة واقتصاديات التوزيع، ويضع الوكالات الإخبارية وعملاءها التقليديين أمام أسئلة مهمة تصل إلى حد الاستمرارية في المجال من عدمها.

رغم أن أكبر ثلاث وكالات إخبارية دولية على مستوى العالم أُنشئت لأسباب مشابهة واعتمادًا على قيم وهياكل تحريرية مشابهة في الأساس، فإنها تختلف اختلافًا كليًّا من الناحية التجارية.

أولى هذه الوكالات، وهي وكالة أسوشيتد برس، مملوكة لعملائها من الصحف البالغ عددها ١٥٠٠ صحيفة (ويُشار إلى هؤلاء العملاء باسم «أعضاء» الجمعية التعاونية الإخبارية) في الولايات المتحدة الأمريكية (أسوشيتد برس ٢٠٠٧).

ثاني الوكالات هي فرانس برس ٢٠٠٨، ورغم تسجيلها كمؤسسة تجارية، فإنها تضم ممثلين من الحكومة الفرنسية في مجلس إدارتها، وتُعَد الحكومة الفرنسية أكبر عملائها.

أما الوكالة الثالثة، فهي رويترز (تومسون رويترز حاليًّا)، وهي مؤسسة تجارية محضة، ومُدرَجة في بورصتَي لندن وناسداك، وتستمد حوالي ٩٤ بالمائة من إيراداتها من بيع الأخبار والمعلومات إلى البنوك، وشركات السمسرة، وغيرها من شركات الخدمات المالية، أما اﻟ ٦ بالمائة الباقية، فتحصل عليها من بيع الأخبار لوسائل الإعلام (تومسون رويترز ٢٠٠٨أ).

دائمًا ما شهدت الوكالات الثلاث منافسة شرسة فيما بينها في سبيل الفوز بالعملاء، والأخبار، وهي الأهم.

إن التفوق على منافس ما ربما يكون مهمًّا من الناحية التجارية، ولكن مما لا شك فيه أن الأمر بالنسبة إلى هؤلاء العاملين في مكاتب الأخبار يتخذ شكلًا حادًّا من أشكال المنافسة الشخصية؛ فمنذ البدايات الأولى للوكالات الإخبارية، كان الفوز بتغطية خبر قبل الآخرين أو على نحو أفضل من الآخرين — أو أن تكون الأول والأفضل، وهو الوضع المثالي! — كفيلًا بأن يجلب للمراسلين برقية، قديمًا، ورسالة إلكترونية، حديثًا، من المحررين للثناء على مجهوداتهم؛ أما الإخفاق فعادةً ما يُسفر عن رسالة نقد لاذعة وغاضبة يطلب فيها المحرر معرفة أسباب الإخفاق.

تُعَد السرعة أحد العوامل التفضيلية الرئيسية لوكالات الأنباء؛ إذ تتباهى كلٌّ منها بسبقها الصحفي حين تنجح في التغلب على منافسيها وتسبقها بأيام (وذلك عندما كانت الأخبار تُنقل بالمراكب، أو الحمام الزاجل، أو التلغراف)، أو بساعات، أو دقائق، أو ثوانٍ (وهو الهامش الشائع في عصرنا الحالي).

من بين أهم العوامل التفضيلية الأخرى نطاق انتشار هذه الوكالات دوليًّا؛ إذ دائمًا ما تتفاخر كل وكالة بشبكة مكاتبها الإخبارية:
  • تقول أسوشيتد برس عن نفسها: «وكالة أسوشيتد برس في كل مكان. إن الأخبار العاجلة تتجاوز الحدود الجغرافية، وكذلك تغطية أسوشيتد برس. تمتلك الوكالة مكاتب إخبارية في أكثر من ١٢٠ دولة» (أسوشيتد برس ٢٠٠٧ب).

  • تقول وكالة فرانس برس عن نفسها: «تنتشر شبكة فرانس برس الدولية في ١٦٥ دولة، ١١٠ دول منها تتضمن مكاتب إخبارية للوكالة، والبقية يجري تغطيتها عن طريق المراسلين المحليين» (فرانس برس ٢٠٠٧).

  • تصف وكالة رويترز نفسها بأنها: «أكبر وكالة أنباء دولية متعددة الوسائط على مستوى العالم؛ إذ تضم ٢٤٠٠ موظف، ما بين أعضاء هيئة التحرير، والصحفيين، والمصورين، في ١٩٦ مكتبًا تخدم ما يقرب من ١٣١ دولة» (تومسون رويترز ٢٠٠٨أ).

بدأت الوكالات الثلاث جميعها كخدمات نصية فقط؛ وجميعها الآن لديها خدمات تصوير فوتوغرافي أيضًا. تدير كلٌّ من أسوشيتد برس ورويترز أكبر وكالتين لبيع المقاطع التليفزيونية بالجملة على مستوى العالم؛ إذ تُزوِّدان المحطات والشبكات في كل مكان باللقطات التليفزيونية الإخبارية من جميع أنحاء العالم.

لم تكتفِ هذه الوكالات بإمداد عملائها بالمواد الإعلامية، بل صار لثلاثتها الآن وجود مكثف على الويب، وأصبحت تقدِّم لعملائها أحيانًا الأخبار من خلال هذه الشبكة، وتتنافس أحيانًا مواقعها مع مواقعهم على نفس الجمهور ونفس الإعلانات التي تُدِرُّ إيرادات.

ونظرًا لأن وكالات الأنباء بدأت بخدمة مئات من الصحف المختلفة، لهيئة تحرير كلِّ منها مواقفها الخاصة أو لمالكيها آراء سياسية مختلفة، فإن المراعاة الصارمة للحقائق وتجنُّب أي إشارة إلى آراء شخصية صارا من السمات المميزة للتغطية الصحفية التي تقدمها الوكالات الإخبارية إلى يومنا هذا.

كان شعار سيتي برس، وهي إحدى الوكالات المحلية السابقة في شيكاجو، هو «إذا أخبرتْكَ والدتك أنها تحبك، فتحقق من ذلك»، لكن ذلك لا يمنع أن يكون شعارًا لأيٍّ من الوكالات الإخبارية الدولية، حيث تسود قاعدة «المصادر» والتي تتطلب تأكيدات وإثباتات مستقلة للوقائع.

صرَّحت وكالة رويترز أن سياستها التحريرية نموذجية:

تستند العمليات الإخبارية لوكالة رويترز على مبادئ الثقة التي تتبناها، والتي تنص على أن نزاهة المؤسسة واستقلاليتها وتجرُّدها من التحيز إنما هي قيم يجب صونها في جميع الأوقات.

تُطبِّق رويترز سياسات صارمة لضمان احترام هذه المبادئ. فنحن نلتزم في تغطيتنا الإخبارية بالدقة والتوازن، ودائمًا ما نُسارع بتصحيح أيِّ أخطاء في الوقائع ونشرها بوضوح.

تُعَد رويترز أكبر وكالة إخبارية دولية متعددة الوسائط؛ إذ تنقل الأخبار على نطاق واسع من جميع أنحاء العالم، وتشمل تغطيتها الإخبارية موضوعات تتراوح بين الأسواق المالية والأخبار السياسية والعامة.

تشمل بعض التغطيات الإخبارية لرويترز، بما فيها من صور ومقاطع فيديو، حروبًا أو صراعات تجتهد خلالها جميع الأطراف في الترويج لمواقفها وحُججها.

نحن ملتزمون بنقل الوقائع وتجنُّب استخدام لغة انفعالية في جميع المواقف. الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو في حالة نقلنا لحديث شخص على لسانه أو بطريقة غير مباشرة. فنحن نسعى إلى التغطية الموضوعية للأحداث والهويات والمُلابسات، ونولي اهتمامًا خاصًّا بكل ما ننقله في المناطق بالغة الحساسية.

تقف رويترز على الحياد من جميع الأطراف وتحاول أن تعكس في أخبارها وصورها ومقاطع الفيديو التي تعرِضها آراء جميع الأطراف. ولا تهدف الوكالة إلى تمجيد طرف ما أو الدعاية له. ولا يبدي صحفيو الوكالة آراءهم أو وجهات نظرهم.

إن العالم يعتمد على صحفيي رويترز في تقديم روايات دقيقة وموثقة للأحداث كما وقعت، وأينما وقعت، بحيث يتسنَّى للأفراد، والمؤسسات، والحكومات اتخاذ قراراتهم استنادًا إلى الحقائق. (تومسون رويترز ٢٠٠٨ب)

لكن السؤال الأهم هنا هو: هل لهذا التاريخ أو تلك المعايير أي قيمة؟ إن الجواب على ما يبدو هو أن الوكالات الإخبارية، كبقية العالم الصحفي، يقع على عاتقها جهد مُضنٍ لتُثبت أن المُثُل التي تتبناها حقيقية وذات أهمية بالنسبة إلى قراء اليوم.

أظهرت دراسة استقصائية أجراها مؤخرًا مركز بيو لأبحاث الشعب والصحافة (٢٠٠٦: ٤٨) أن هناك اتجاهًا بين الرأي العام الأمريكي يرى أن ثمة تراجعًا في مصداقية الإعلام المطبوع.

جاءت أسوشيتد برس المعروف عنها سعيها الحثيث لتقديم الحقائق في مرتبة متراجعة للغاية فيما يخص المصداقية، بحيث جاءت متأخرة عن بعض عملائها من الصحف. ورغم أن تقييم جميع المنافذ الإخبارية لم يكن بالجيد، فإن الأسماء الكبيرة الأكثر شهرة كانت أفضل حالًا من الوكالة، التي تهدف رسالتها إلى خدمة تلك الأسماء ذاتها.

لعل من أسباب هذا الاتجاه أن أغلب تقارير الوكالات الإخبارية مجهولة المصدر؛ إذ عادةً ما يُعاد نشرها في الصحف أو المواقع الإلكترونية دون الإشارة إلى هوية المراسلين. بل إن الوكالات نفسها، رغم ما تقدمه من خدمات لكثير من الدوائر والأوساط، ينتهي بها المطاف دون تكوين هوية مستقلة قوية لها في أيٍّ منها.

جدول ٢-١: اتجاه مصداقية الإعلام المطبوع.*
تُصدِّق كلَّ ما يصدر أو أكثره عن هذه المؤسسة ١٩٩٨ ٢٠٠٠ ٢٠٠٢ ٢٠٠٤ ٢٠٠٦
ذا وول ستريت جورنال ٤١ ٤١ ٣٣ ٢٤ ٢٦
يو إس نيوز ٢٦ ٢٤ ٢١
ذا تايم ٢٧ ٢٩ ٢٣ ٢٢ ٢١
ذا نيويورك تايمز ٢١ ٢٠
صحيفتك اليومية ٢٩ ٢٥ ٢١ ١٩ ١٩
نيوزويك ٢٤ ٢٤ ٢٠ ١٩ ١٨
يو إس إيه توداي ٢٣ ٢٣ ١٩ ١٩ ١٨
أسوشيتد برس ١٨ ٢١ ١٧ ١٨ ١٧
بيبول ١٠ ١٠ ٩ ٧ ٨
ناشونال إنكوايرر ٣ ٤ ٣ ٥ ٦
ملحوظة: جميع الأرقام المذكورة في الجدول نسب مئوية، اعتمادًا على أولئك الذين استطاعوا تقييم كل مؤسسة. وتشير العلامة (—) إلى عدم توافر أرقام (المصدر: نُشِر الجدول بإذن من مركز بيو للأبحاث).

وهناك سبب آخر أهم لذلك، ألا وهو تقلص اهتمام الرأي العام الأمريكي، على الأقل، بالأمور الأساسية التي تغطيها وكالات الأنباء: السياسة والأخبار الدولية.

فقد كشفت الدراسة الاستقصائية السابقة التي أجراها مركز بيو أن أخبار الطقس والجريمة تتفوق دائمًا على أخبار الشئون السياسية والانقلابات العسكرية والحروب والزلازل (المصدر السابق: ٤١).

يبدو أن الأخبار الدولية لا تهم المواطن الأمريكي إلا إذا كان ثمة حدث جلل في نظرهم؛ لكن بالنسبة إلى الوكالات الإخبارية، ثمة حدث جلل يجري في مكان ما كل يوم وفي كل دقيقة، بينما تضخ مئات الآلاف من الكلمات والصور لعملائها.

إن طول أعمدة الصحف محدود، والصحف نفسها تفقد قُرَّاءً يومًا بعد يوم؛ مما يدفع بالمحررين المحليين إلى بذل جهد مضنٍ لتحديد المساحة التي ستُخصص للمواد التي تقدمها الوكالات الإخبارية، والتي تتحدث عن قضايا ومناطق بعيدة عن اهتمام القارئ.

كما أن البرامج الإخبارية التليفزيونية ليس لديها سوى وقت محدود لتناول الأخبار الدولية، وهذه البرامج، على كل حال، ليست موضع تفضيل من المشاهدين الذين يُفضِّل المعلنون استهدافهم: الشباب والأغنياء.

جدول ٢-٢: اتجاه الاهتمام بالأخبار.*
نوع الأخبار التي تتابعها «عن كثب» ٢٠٠٠ ٢٠٠٢ ٢٠٠٤ ٢٠٠٦
الطقس ٥٣ ٥٠
الجريمة ٣٠ ٣٠ ٣٢ ٢٩
المجتمع ٢٦ ٣١ ٢٨ ٢٦
الصحة ٢٩ ٢٦ ٢٦ ٢٤
الرياضة ٢٧ ٢٥ ٢٥ ٢٣
أخبار العاصمة ١٧ ٢١ ٢٤ ١٧
الشئون الدولية ١٤ ٢١ ٢٤ ١٧
الشئون المحلية ٢٠ ٢٢ ٢٢ ٢٠
الشئون الدينية ٢١ ١٩ ٢٠ ١٦
العلوم والتكنولوجيا ١٨ ١٧ ١٦ ١٥
الترفيه ١٥ ١٤ ١٥ ١٢
المال والأعمال ١٤ ١٥ ١٤ ١٤
أخبار المستهلك ١٢ ١٢ ١٣ ١٢
الثقافة والفنون ١٠ ٩ ١٠ ٩
ملحوظة: جميع الأرقام المذكورة في الجدول نسب مئوية. تشير العلامة (—) إلى عدم توافر أرقام (المصدر: نُشِر الجدول بإذن من مركز بيو للأبحاث).
يعني هذان الاتجاهان أن عالم الويب هو الأفق الجديد الساطع للوكالات الإخبارية، حيث يمكن أن تلقى أخبارها التي تُعد بالآلاف يوميًّا اهتمامًا من قراء شغوفين بالتعرف على مجالات متخصصة، أو على استعداد لإحراز مكاسب مالية في جزء ما من «الذيل الطويل» للمعلومات.٣

فيما يلي مثال من وكالة رويترز من الممكن أن يُسهم في إيضاح هذه الظاهرة.

كانت الأخبار الخمسة الأكثر رواجًا على موقع رويترز الإلكتروني خلال القسم الأكبر من شهر سبتمبر عام ٢٠٠٦ كالتالي:
  • (١)

    هروب الفتاة النمساوية، ناتاشا كامبوش، بعد ثماني سنوات من اختطافها وحبسها في زنزانة تحت الأرض.

  • (٢)

    وفاة ستيف إروين، صائد التماسيح الأسترالي، إثر غَرْز سمكة اللخمة شوكتها في صدره خلال تصويره لفيلم وثائقي.

  • (٣)

    رفض فرنسا للحرب على الإرهاب.

  • (٤)

    غرق الدببة القطبية.

  • (٥)

    باريس هيلتون ترغب في تناول البرجر.

خلال الفترة ذاتها تقريبًا، كان عملاء رويترز الرئيسيون في صناعة الخدمات المالية يُطالعون الأخبار التالية:
  • (١)

    الأزمة النووية الإيرانية.

  • (٢)

    المداولات بشأن سعر الفائدة الذي حدده بنك إنجلترا.

  • (٣)

    قواعد نقل ملكية الأسهم.

  • (٤)

    نتائج مباريات كرة القدم.

  • (٥)

    حركة مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي.

كانت توجد المئات، بل الآلاف، من الأخبار الأخرى التي كتبها المراسلون، ونشرتها الوكالة من خلال موقعها الإلكتروني ليُطالعها عملاؤها الإعلاميون، ومن خلال منافذها المتخصصة ليطالعها الاختصاصيون الماليون … وفي الواقع، إن مثل هذه الأخبار قرأها كلا النوعين من القراء.

إن الوكالات الإخبارية التي تكتفي بنشر الأخبار الرائجة فقط لن يُكتب لها البقاء أبدًا، كما أن الوكالات الإخبارية التي لا تقيم مكاتب لها إلَّا في بؤر الأخبار الساخنة المشتعلة في اللحظة الراهنة لن يُكتب لها النجاح.

إن عمل الوكالات الإخبارية في الغالب الأعم يقوم على فكرة الطاقة الكامنة؛ مما يعني امتلاك الموارد اللازمة لتغطية الأخبار حين تقع. كما أن عملها يعتمد في معظمه على «جمع الخيوط»، وهو ما يتطلب بناء الوعي بالأخبار الوشيكة قبل أن تبرز على ساحة الأحداث، بحيث يصير القُراء والعملاء اليقظون مستعدين لتَلقِّي الأخبار عندما يحين وقتها.

إن نظرية ذيل المعلومات مسألة معقدة.

تعد وكالات الأنباء الكيان الوحيد الذي يغطي كثيرًا من الأزمات العالمية ويكتب عنها. ولولا وجود تلك الوكالات التي تُنبِّه العالم إلى وقوع الأخبار لما تمكنت بقية وسائل الإعلام في العالم من معرفة الوجهة التي ستُرسل إليها فِرق مراسليها الأقل عددًا أو المادة الإخبارية التي ستُسلط عليها الضوء في صفحتها الأولى.

figure
شكل ٢-٢: المصور الفوتوغرافي ديزموند بويلان خلال إرساله صورًا، ويشاهده جندي من قوات المارينز الأمريكية في معسكر مؤقت قرب الناصرية في مارس ٢٠٠٣.
figure
شكل ٢-٣: المصور الفوتوغرافي كارلوس باريا خلال احتجاج في سانتياجو بتشيلي في سبتمبر ٢٠٠٥ (نُشرت الصورتان بإذن من تومسون رويترز).
figure
شكل ٢-٤: المراسل أدريان كروفت أثناء تأدية عمله خلال إنذار بوجود إطلاق لغازات سامة داخل قاعدة بحرية في الجليبة بجنوب العراق في مارس ٢٠٠٣ (نُشرت الصورة بإذن من تومسون رويترز).

ورغم ذلك، فإن محرري الأخبار والقائمين على الميزانيات في صراع دائم بين دفع وجذب: الدفع بالأخبار إلى بؤرة اهتمام عالم غير مهتم والانجذاب إلى الأخبار التي تحظى بالفعل باهتمام العالم على نحو واضح.

إن الأخبار صناعةٌ محورُها الأفراد، لكنها في الوقت نفسه صناعة باهظة التكلفة.

فللرواتب تكلفة، وللتأمين تكلفة، وللاتصالات تكلفة، ولتوفير أماكن الإقامة تكلفة، وللانتقالات تكلفة … وهكذا؛ لذا، فإن اتخاذ قرار بشأن إرسال الطواقم الإخبارية لتغطية خبر ما (تحديد الأفراد الذين سيجري إرسالهم وعددهم ومدة مهمتهم)، بل حتى الاختيار بين إرسال الطواقم إلى منطقة ريفية أم حضرية، كل ذلك ليس بالأمر الهين.

يكمن حل هذا التحدي في العلاقة بين قوَّتَي الدفع والجذب المشار إليهما سلفًا: فينبغي على المحررين الاستعانة بخبرتهم وغريزتهم الصحفية لمعرفة ما يهم الناس، وما يعتقدون أنه يجب أن يهمهم، وما قد يهمهم ومِن ثَمَّ يحسُن بهم تغطيته من باب الاحتياط.

أيجدر بنا إقامة مكتب إخباري كامل في مدينة كيتو؟ أنحتاج إلى إضافة مراسل تليفزيوني آخر إلى مكتبنا ببكين؟ ما العدد المناسب من الصحفيين الذي يجب إرساله إلى اجتماع مجموعة الثمانية؟

لهذه الأسئلة التحضيرية نظائر في مرحلةِ ما بعد وقوع الحدث: «كيف فاتنا هذا السبق الصحفي؟ ولماذا سبقتنا الوكالة «س» إليه بثلاث دقائق؟ ولماذا التقطت كاميراتهم هذه الزاوية ولم نلتقطها نحن؟» ثم تليها أسئلة الميزانية التي لا مناص منها: «لماذا كلفتنا تغطية الخبر كل هذه التكاليف الكبيرة؟ أكنا في حاجة حقًّا إلى استئجار الهليكوبتر؟ وهل كان في استطاعتنا إتمام المهمة بنفس النجاح بتكاليف أقل؟ ولو كنا أنفقنا المزيد على المهمة، هل كان هذا سيُشكِّل فارقًا؟»٤

تقع مهمة نقل الأخبار على عاتق العاملين في الوكالات الإخبارية من مراسلين ومصوري فيديو ومصورين فوتوغرافيين ومحررين. وجميع الوكالات الكبرى لها نفس الهيكل التنظيمي تقريبًا: كوادر «دولية» تسافر من مكان إلى مكان لإنجاز مهام صحفية تمتد من ثلاثة إلى خمسة أعوام أو أكثر، وكوادر «محلية» عادةً ما تلزم المكان الذي عُيِّنت فيه.

يمكن للجنسية الفعلية للصحفي أن تؤثر بأشكال مختلفة على نوعية مساره المهني، وذلك بحسب المؤسسة التي يعمل بها، كما أن مهارات التغطية الإخبارية والخبرة والرغبة والطموح، كلها عوامل مهمة في هذا الشأن.

من الأهمية بمكان بالنسبة إلى المنظومة الإخبارية الوصول إلى أفضل العلاقات، والمعلومات والمعرفة على المستوى المحلي مع الحفاظ على منظور دولي لا ينتمي إلى دولة بعينها. علاوة على ذلك، لا بد للوكالات الإخبارية أن تبثَّ قيمها ومبادئها في الصحفيين الذين قد لا يُمضون وقتًا يُذكر في مقرها الرئيسي، مع الحرص على توفير مسارات مهنية تحفيزية لمن يرغب فيها.

لكلِّ واحدة من وكالات الأنباء الكبرى نمطها الخاص الذي يصوغ تغطيتها الإخبارية، وذلك بناءً على احتياجات عملائها: تنقل وكالة أسوشيتد برس الكثير من الأخبار المتعلقة بأمريكا نظرًا لقاعدتها الكبيرة من الصحف الأمريكية المالكة لها؛ في حين تنقل وكالة فرانس برس أخبارًا كثيرة متعلقة بفرنسا نظرًا لقاعدتها الكبيرة من الصحف الفرنسية؛ أما رويترز، فينبغي عليها مراعاة احتياجات مجال الخدمات المالية إلى جانب احتياجات القطاع الإعلامي.

تؤثر هذه الاحتياجات لا محالة على عمليات التعيين والتدريب والترقية.

من الناحية التنظيمية، تدير الوكالات الإخبارية أنظمة مشابهة فيما يخص أقسام التحرير المركزية التي تتلقى المحتوى الإخباري الوارد من مكاتب الوكالة وتعمل على معالجتها. تتراوح مثل هذه المعالجة بين المراجعة البسيطة والتصنيف لضمان وصول الأخبار إلى المشتركين المناسبين، وصولًا إلى إعادة الصياغة الشاملة. وعادة ما تتحمل هذه الأقسام المسئولية الكاملة عن صياغة الأخبار النهائية، بينما يولي المراسلون تركيزهم إلى نقل الأخبار.

على سبيل المثال، تعمد وكالة رويترز إلى تحرير الأخبار الآسيوية في سنغافورة، والأوروبية والشرق أوسطية والأفريقية في لندن، والمتعلقة بالأمريكتين في واشنطن ونيويورك. أما الصور الفوتوغرافية من جميع أنحاء العالم، فتُحرَّر في سنغافورة، في حين تُحرَّر الصور التليفزيونية في لندن.

يكون المحررون صحفيين قرروا الابتعاد لبعض الوقت عن مجالهم الأصلي، أو أفرادًا اتخذوا من التحرير مهنة وتخصصًا.

إن للمراسلين المحليين دورًا حيويًّا في نقل الأخبار بدقة.

إن لديهم معرفة جيدة بمناطقهم ولديهم الخبرة والعلاقات. وكثير منهم كانوا يعملون في أفضل وسائل الإعلام المحلية، ومِن ثَمَّ فإنهم يتمتعون بسنوات من الخبرة في تغطية الأخبار وأهم القوى الفاعلة في محيطهم.

يرغب الكثيرون في البقاء بأوطانهم وبناء حياتهم المهنية في المكان الذي يعرفونه حق المعرفة. بينما يسعى آخرون إلى الانضمام إلى مصافِّ الوظائف الدولية وممارسة مهاراتهم الصحفية في مكان جديد، إما كجزء من مسيرة مهنية تتنقل فيما بعدُ من دولة إلى أخرى أو كفترة فاصلة تسبق عودتهم إلى أوطانهم.

يصدُق مثل هذا النمط على الأمريكيين الذين يلتحقون بالعمل في وكالات إخبارية بنيويورك كما يصدُق على الهنود الذين ينضمون إلى وكالات أنباء بنيودلهي؛ فقد يتضمن العمل صحفيًّا في وكالة إخبارية دولةً واحدة أو أكثر، مجالًا واحدًا أو عدة مجالات، تخصصًا واحدًا أو عددًا من التخصصات.

لدينا في رويترز حاليًّا صحفيون ينتمون إلى تسعين جنسية مختلفة مُمثَّلين في جميع المستويات المؤسسية.

بالنسبة إلى مسيرتي المهنية الخاصة، فقد عُيِّنت مراسلًا محليًّا بمكتب الوكالة في هونج كونج، حيث كنت أقطن آنذاك، ثم انضممتُ بعدها إلى صفوف الموظفين الدوليين في تايوان والصين وهونج كونج مجددًا، ثم عدت بعدها إلى موطني في الولايات المتحدة الأمريكية، التي لم يسبق لي العمل صحفيًّا بها قبل ذلك الحين، ثم انتقلت إلى لندن، ومن يدري أين ستحط رحالي المرة القادمة! تُعَد تجربتي قياسية إلى حدٍّ كبير وفقًا للنظام القائم في رويترز، أما الوكالات الأخرى فلها أساليب وأنماط وظيفية مختلفة نوعًا ما.

تتسم جميع الوكالات الإخبارية بالطابع العالمي في اللغة والتوظيف: فالمواد الإخبارية في رويترز يجري نقلها ونشرها بتسع عشرة لغة مختلفة، كما أن كلًّا من أسوشيتد برس وفرانس برس تنقلان تقارير حيوية بلغات مختلفة. إن التفاعل بين التقارير المحلية والتقارير الدولية وبين وجهات النظر المختلفة التي يتبناها أعضاء الوكالات الإخبارية المختلفة؛ من شأنه أن يُثري العمل الصحفي الناتج بالسياق والتنافس المحمود.

إلى جانب الموظفين العاملين بدوام كامل، تستعين جميع الوكالات الإخبارية ﺑ «صحفيين غير متفرغين» وذلك على نطاق واسع.

إن هؤلاء الصحفيين هم صحفيون تربطهم علاقة غير نظامية بوكالات الأنباء؛ إذ تستعين الوكالات ببعضهم لتغطية خبر واحد أو الحصول على صورة فوتوغرافية واحدة، بينما قد تستعين بالبعض الآخر لتغطية حدث معين، وقد يرتبط آخرون بعلاقة أوثق مع الوكالات تتطلب منهم تقديم إسهامات منتظمة بمرور الوقت.

ربما يرتبط هؤلاء الصحفيون بوظيفة منتظمة ذات دوام كامل في أحد المنافذ الإعلامية المحلية. أو قد يتكسَّبون من تقديم سلسلة من الأخبار أو ما شابه لعدة مؤسسات غير متنافسة.

قد يطمح بعض هؤلاء الصحفيين إلى الالتحاق بوكالة إخبارية صحفيين متفرغين، بينما يستمتع آخرون بحُرية العمل الحر وإدارة أعباء عملهم كما يحلو لهم.

تتراوح عقود التعامل مع هؤلاء الصحفيين بين المحاسبة على أساس القطعة، إلى دفع مقدم أتعاب بما يضمن للطرفين بعض الاستقرار في علاقتهما.

لا تستطيع الوكالات الإخبارية الاستمرار من دون إسهام الصحفيين غير المتفرغين؛ فهم يمنحون المنظومة المرونة اللازمة لحل بعض المسائل الرئيسية التي عرضنا لها قبل ذلك، والمتعلقة بإدارة التغطية الإخبارية لعدة أحداث في نفس الوقت وما تنطوي عليه من تكاليف.

تلجأ الوكالات الإخبارية إلى الصحفيين غير المتفرغين كعنصر مكمل للصحفيين المتفرغين؛ إذ عادةً ما يحلُّون محلَّهم في المناطق التي لا ترغب الوكالة في إقامة مكتب إخباري كامل لها. وهم يمكنهم أن ينقلوا الأخبار وقت وقوعها في أماكن لم ولن توجد فيها الوكالة أبدًا.

بالرغم مما سبق، فإن غياب العلاقة الوظيفية النظامية بين هؤلاء الصحفيين والوكالات يُولِّد صعوبة أكبر في الإشراف على مسائل التدريب والمعايير؛ لذا، عادةً ما تقع على عاتق مدير المكتب المحلي مسئولية التحقق من أن هؤلاء الصحفيين يجري اختيارهم من بين صحفيين جيدين، والتأكد من خضوع عملهم للإشراف. وعادة ما تعتمد الوكالات قواعد خاصة لضمان التعامل مع الأخبار الواردة من هؤلاء الصحفيين بعناية، كالتأكيد على ضرورة اطلاع أحد الصحفيين المتفرغين عليها قبل إحالتها إلى قسم التحرير، على سبيل المثال.

تنص قواعد رويترز في هذا الشأن على جملة أمور، من بينها:

لا بد من إيلاء عناية قصوى لعملية الاستعانة بخدمات الصحفيين غير المتفرغين؛ بحيث نستعين بصحفيين مرموقين ممن لديهم القدرة والاستعداد اللازمان للالتزام بمعاييرنا الصارمة في الدقة والموضوعية واستقاء المعلومات والتجرد من التحيز. ولا يجوز لأي مراسل الاستعانة منفردًا بصحفي غير متفرغ دون الحصول على الموافقة الصريحة من مدير مكتبه أو المحرر المسئول. وينبغي علينا توخي أقصى درجات الحذر عند الاستعانة بصحفيين غير متفرغين مختصين لتغطية أخبار محددة. (رويترز ٢٠٠٧: ٣٧٩)

تتبنى جميع الوكالات الإخبارية قواعد صارمة فيما يتعلق باستقاء المعلومات في تقاريرها، ومثل هذه القواعد تسري على الجميع، سواءٌ أكانوا صحفيين متفرغين أم غير متفرغين. فتنُص قواعد أسوشيتد برس، التي تُعد نموذجية، على التالي:

تلتمس أسوشيتد برس وتُوجب استقاء المعلومات من أكثر من مصدر وذلك بصفة أساسية. وينبغي الامتناع عن نشر الأخبار إلى حين الوصول إلى مصادر إضافية للتحقق من صحتها أو الحصول على المزيد من التفاصيل. في حالات نادرة يمكن الاكتفاء بمصدر واحد، وذلك حين تصدر المادة الإخبارية من شخصية ذات حيثيَّة تقدِّم معلومات في غاية التفصيل بما لا يدع مجالًا للشك في دقتها. (أسوشيتد برس ٢٠٠٦)

تواجه جميع وكالات الأنباء مشكلة المصادر المجهولة الهوية، وعادةً ما تسمح باستخدامها في حالة واحدة فقط، وهي عدم وجود وسيلة أخرى للحصول على المعلومات. إننا نحيا في عصر تقل فيه ثقة الجماهير في وسائل الإعلام الإخبارية؛ ومِن ثَمَّ فإن خط الدفاع الرئيسي الذي تملكه وكالات الأنباء ضد منتقديها هو الالتزام بأكبر قدر ممكن من الشفافية فيما يخص كيفية حصولها على المعلومات ومكانة المصادر التي تستعين بها.

رغم ذلك، يستحيل أحيانًا الاستغناء عن المصادر المجهولة، لا سيما عند نقل الأخبار من كثير من الدول التي لا عهد لها بحُرية الصحافة؛ ففي الأماكن التي يمكن أن يتسبب فيها الإدلاء بمعلومات إلى الصحفيين في معاقبة المصدر بالسجن، يصير على الصحفي واجب أخلاقي ومعنوي؛ وهو عدم الكشف عن هوية المصدر، حتى لو أدى ذلك إلى إضعاف الخبر المنقول.

كيف يتسنَّى إذًا لمراسل أن يحصل على أخبار في دولة كالصين، التي قد تعتبر المعلومات التي يُعتاد نشرها في الدول ذات التقاليد الإعلامية الغربية من أسرار الدولة؟ فيما يلي بعض الوسائل:٥
  • «الإعلام الرسمي»: يُمضي المراسلون وقتًا طويلًا في متابعة وسائل الإعلام الرسمية، إما لالتقاط التصريحات الرسمية مباشرة أو ﻟ «قراءة ما بين السطور» في سبيل فهم التحولات الخفية في السياسات.

  • «المصادر الرسمية»: يُصدِر المسئولون بيانات ويعقدون مؤتمراتٍ صحفية، وذلك حتى في البلدان التي تضع قيودًا على نشر المعلومات.

  • «المصادر التجارية»: عادةً ما يسعد العاملون في مجال الأعمال التجارية بالحديث عن أعمالهم، وهو ما يمكن أن يمنح المراسلين لمحات عن كثير من جوانب المجتمع والسياسات الحكومية.

  • «المصادر الدبلوماسية»: يتمتع الدبلوماسيون المقيمون في عواصم أجنبية بمجموعة متنوعة من العلاقات الرسمية وغير الرسمية التي يمكن أن تكون مصادر للمساعدة والإيضاح.

  • «المصادر الخاصة»: ينشئ جميع المراسلين شبكاتهم الخاصة من الشخصيات المهمة التي يمكن أن تساعدهم، إما عن طريق تقديم رؤًى غير رسمية تمكِّنهم من فهم كيفية سير الأمور في بلدهم أو بتوفير معلومات موثقة، تتراوح بين حقائق شفاهية إلى نسخ فعلية من وثائق سرية. تتنوع هذه المصادر الخاصة ما بين صحفيين محليين إلى شخصيات أكاديمية مرموقة، وصولًا إلى مسئولين حكوميين أو ضباط عسكريين.

كما هو الحال في كلِّ مكان، ينبغي ألا يكتفي المراسل بتقييم شخصية مصادره ومصداقيتها، بل عليه أن يحاول استيعاب دوافعها للإدلاء بالمعلومات. ويتوجب عليه، أحيانًا، أن يحميَهم من أنفسهم، وذلك بالتأكد من فهمهم لمخاطر الإدلاء بمعلومات لمراسل من وكالة أخبار دولية وتبعاته.

من المهم ضمان سلامة مصادر المعلومات، وسلامة الصحفيين كذلك. يجدر بنا في هذا السياق اقتباس جزء من «دليل صحفيي رويترز» وفيه:

إن سلامة صحفيينا، سواءٌ أكانوا متفرغين أم مستقلين، تحظى بأهمية فائقة؛ فما من قصة إخبارية ولا صورة تستحق التضحية بالنفس في سبيل الوصول إليها؛ ومِن ثَمَّ فإن جميع المهام الصحفية في بؤر النزاع وغيرها من المناطق الخطرة اختيارية، ولا يعاقَب أي صحفي بأي طريقة لرفضه أداء مهمة خطرة.

إن الصحفيين الميدانيين لديهم مطلق الحرية في عدم الدخول إلى أيِّ منطقة خطرة. لا شك أن أيَّ تغطية صحفية للصراعات وغيرها من البيئات الخطرة تتضمن عنصرًا من عناصر المخاطرة، غير أنه يجب عليك تجنب الأخطار الواضحة والامتناع عن خوض مجازفات تتجاوز الحد المعقول. وقد تنجح من مسافة آمنة في تقديم قصة إخبارية بنفس جودة تقديمها من خطوط المواجهة الأمامية. وصحيح أن المصورين الفوتوغرافيين ومصوري الفيديو في حاجة إلى الاقتراب أكثر من الحدث، لكن يمكن لخبرتهم وتدريبهم في الغالب أن يُعزِّزا سلامتهم؛ وذلك من خلال اختيار مواقعهم بعناية. (رويترز ٢٠٠٧: ٣٨٢)

يتناول الفصل العاشر من هذا الكتاب مسألة السلامة بمزيد من التفصيل، لكن يجدر بنا التأكيد على أنه من المهم ألَّا تُرسِل الوكالات سوى المتطوعين المزودين بالتدريب والخبرة اللائقين لتغطية المناطق ذات الأوضاع الخطرة.

إن إنشاء وكالة إخبارية مكتبًا لها في بؤرة مضطربة كالعراق، مثلًا، ينطوي على بنية تحتية هائلة مكوَّنة من مراسلين دوليين ومراسلين محليين ومراسلين غير متفرغين ومصادر للمعلومات وطهاة وسائقين وحراس أمن ومستشارين أمنيين.

لا تتخذ وكالات الأنباء قرارات التغطية الإخبارية بمعزل عن قضية السلامة، بل تضعها نُصب أعينها بصفة مستمرة وتعقد مشاورات متكررة مع المستشارين الأمنيين، الذين عادةً ما يكونون عسكريين سابقين، وكبار المحررين الذين يتحملون المسئولية الكبرى لتحديد قواعد التحرك والتغطية التي ينبغي اتباعها يوميًّا.

ورغم اتخاذ الاحتياطات اللازمة، تتعرض جميع الوكالات الإخبارية لفقدان مراسلين لها إثر الصراعات والأزمات الدولية؛ ورغم ذلك، يبقى السعي الحثيث لإبقاء الصحفيين في مأمن قَدْر الإمكان هدفًا أساسيًّا.

يوجد في مقر رويترز الرئيسي بلندن، وفي أهم مكاتبها حول العالم، كتاب تذكاري يضم أسماء صحفيي رويترز الكُثُر الذين فقدوا حياتهم أثناء تغطيتهم للأخبار في سبيل تعريف العالم بما يجري. إن مثل هذا الكتاب يقف شاهدًا على شجاعة هؤلاء الصحفيين وتضحياتهم، وشاهدًا أيضًا على الإجراءات الواجب اتخاذها فيما يتعلق بمسألة سلامة الصحفيين.

الصحفيون ينتقلون إلى قلب الأحداث، مُعرِّضين حياتهم للخطر بالوجود في أماكن غير مألوفة؛ ليعودوا بصورة محايدة وصريحة للحقيقة إلى قُراء يبعدون آلاف الأميال، وقد ظلت هذه الصورة لأكثر من قرن ونصف من الزمان هي النموذج الشائع لوكالات الأنباء خاصة ولوسائل الإعلام في العموم.

لكن هذا النموذج يواجه الآن تحديًا.

إن مثل هذه الرؤية الأحادية الهرمية للعالم في القرن الحادي والعشرين تتعرض لهجوم على يد التغييرات التي تُحدِثها التكنولوجيا.

فنظرًا لإمكانية النشر الذاتي للمدونات على شبكة الإنترنت، صار بمقدور الجميع أن يكونوا صحفيين، ويمكن لأي شخص أن يؤرخ للأحداث، سواءٌ أكانت ذات أهمية كبيرة أم متواضعة، ولم يعد الصحفي يتمتع بذلك الدور المتميز والحصري.

بدأ الجمهور يتولَّى جمع الأخبار بذاته ويتجه إلى تسلية نفسه؛ ولذلك ينبغي على الموسيقيين والشعراء والفنانين الكوميديين والمراسلين والمؤرخين في وسائل الإعلام أن يرسخوا لأنفسهم مكانة متميزة، وذلك لكي يُكتب لهم البقاء على الساحة ومجاراة التطورات.

تمتلك وسائل الإعلام سمات معينة من شأنها أن تساعد في هذه المهمة.

يتمتع المهنيون بقدرة أكبر على الوصول للمعلومات: فبخلاف شخص عادي ربما يتصادف وجوده في المكان المناسب في الوقت المناسب، تبذل وكالات الأنباء كثيرًا من الوقت والمال لضمان وجود مراسليها في المناطق الرئيسية. وبالنسبة إلى المراسلين، يسهل عليهم الوصول إلى صُنَّاع الأخبار والمعلومات مقارنةً بغير المهنيين؛ إذ يرغب الجميع في إخبارهم بما لديهم من معلومات نظرًا لسُمعتهم الإعلامية وقدرتهم على الوصول إلى جمهور واسع.

يتمتع المهنيون بالاحترافية: فبفضل تبنِّي الصحفيين لمدونات السلوك المهني والأخلاقي والتزامهم بها، يستطيعون أن يحيطوا تقاريرهم بغطاء من الثقة، لكن كما رأينا فيما ذُكِر أعلاه فإن هذا الغطاء رقيق ويجب تقويته.

يعمل المهنيون على نحوٍ منهجيٍّ: يمكن للصحفيين أن يكتبوا مقالات عالية الجودة تفي بالمستوى المطلوب، وذلك بفضل اتباعهم لمنهجية معيارية في إنتاج التقارير، وذلك بدءًا من الفحص الدقيق لمصادر المعلومات وتدوين الملاحظات، وانتهاءً بالكتابة والتحرير اللذين تم التدريب عليهما جيدًا.

يتمتع المهينون بالخبرة: فهم يحملون سنوات من التعلم أجادوا خلالها كيفية وضع الأحداث في سياقها واستيعاب الظواهر المعقدة، وهو ما يمكن أن يساعد القُرَّاء.

يتمتع المهنيون بسعة الانتشار: إن القدرة على امتلاك ملايين القُرَّاء بسهولة نتيجة للسمعة التجارية والتقليد تتيح للصحفي الوصول إلى المعلومات، وتضفي على تقاريره فاعلية.

ورغم كل ما سبق، يتمتع «الصحفيون المواطنون»، والذين يمثلون جزءًا من جمهور الصحفيين المهنيين لكنهم مستقلون عنهم في الوقت نفسه، بمكانة كبيرة أيضًا.

يمتلك الصحفيون المواطنون سعة انتشار أيضًا، وبإمكانهم بناء جمهور من القُراء وتدشين حركة فكرية سريعًا، مستفيدين من مناخ الديمقراطية السائد على شبكة الإنترنت.

كما أن لهم ميزة، ألا وهي سعة الوجود: فغالبًا ما سيوجد في مسرح الأحداث شخص له اتصال على شبكة الإنترنت لحظة وقوع الأحداث حتى لو لم يوجد صحفي محترف.

من بين الظواهر الأكثر إثارة للاهتمام ظهور المدونات كمنابر نقدية لاذعة للإعلام، تعمد لمهاجمة «وسائل الإعلام الرئيسية» عند ارتكاب أخطاء في نقل الوقائع أو الانزلاق في تغطية صحفية غير محايدة. كان النقد فيما مضى حكرًا على الصحفيين الآخرين أو على الأكاديميين، أما الآن فمتاح لأي شخص لديه شكوى من صحفي أو وكالةٍ إخباريةٍ ما منبرٌ فعَّال ومتاح بسهولة يستطيع من خلاله نشر تعليقاته.

وفي عالم تتعرض فيه مصداقية الصحفيين للهجوم، لا يسع وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأخرى تجاهل هؤلاء النقاد الارتجاليين أو ببساطةٍ الخضوع أمام هجماتهم؛ فلا بد من تقييم كل نقد بعناية وإنصاف، ولو اتضحت صحته، فإن على الوكالة أن تُقرَّ بأخطائها.

تذكَّر أيضًا أن الصحافة، في أغلب أنحاء العالم، مهنة يُنصِّب أصحابُها أنفسَهم فيها بأنفسهم؛ فليس ثمة اختبارات ينبغي اجتيازها، ولا شروط للوصول إلى درجة وظيفية معينة. ويمكن تعريف الصحفي بأنه الشخص الذي يراعي عمله أشكالًا ومعايير معينة، والذي باستطاعته الإشارة إلى مجموعة من الأعمال باعتبارها دليلًا على كفاءته، والذي يقع عليه اختيار مؤسسةٍ ما ليكون ضمن كوادرها الصحفية، ومن الواضح أن جميع ما سبق من معايير، ما عدا المعيار الأخير، يمكن أن ينطبق على أي شخص ينشر أعماله ذاتيًّا.

إذًا، نحن نشهد عصرًا يجب أن تتعايش فيه المدونات وصحافة المواطن جنبًا إلى جنب مع الصحافة التقليدية.

إن صورة مثيرة التقطتْها كاميرا الهاتف المحمول ربما تتفوق على صورة فوتوغرافية التقطتْها عدسة مهني محترف. والتعليقات المتاحة مجانيًّا للجميع في المدونات قد تكون أكثر عمقًا وفائدة من رواية واقعية للأخبار. كما أن تقريرًا أعدَّه شاهد عيان ونشره على موقعه الإلكتروني يمكن أن يقدِّم وصفًا أكثر حيوية من تقارير الصحفيين المحترفين.

أو قد تكون جميعها مفبركة؛ لذا، في عالم لم تَعُد المعايير المؤسسية هي المعايير الوحيدة الموجودة على الساحة، تكتسب القواعد القديمة المتعلقة باستقاء المعلومات والتحقق من مصادر الأخبار وشفافيتها طابعًا جديدًا ملحًّا.

ويمكن للمدونات والمحتوى الذي ينتجه المستخدمون أن يتعاونا مع وكالات الأخبار التقليدية، وقد يتنافسان معها أيضًا.

لكن تكمن المنافسة الكبرى في التعامل مع الإغراق المعلوماتي.

يشهد عالمنا المعاصر صخبًا تُحدثه أبواق الإعلام السمعي والمرئي وانتشارًا غزيرًا في المدونات؛ إذ قد تمتد روابط المدونات حول أي موضوع لمئات أو آلاف المواقع.

كما يشهد أيضًا ضجيج النقاشات المنفعلة، التي تبدو خلالها الشبكات التليفزيونية الشهيرة في مناطق مختلفة حول العالم أحيانًا مجرد قنوات يستغلها رموز المجتمع لصب جام غضبهم على الأطياف السياسية المختلفة معها.

ويشهد، إلى جانب كل ما سبق، استخدامًا مكثفًا لشبكة الإنترنت، بدءًا من مواقع الويكي مرورًا بمحرك البحث جوجل وخدمة الأخبار خاصته.

يمكن لوكالات الأنباء أن تضيف قيمة وتحليلًا وأن تُمثِّل إضافة إلى الحوارات التشاركية. لكنها لا يسعها أبدًا مرة أخرى احتكار أي جزء من المجال، بل غاية ما يمكن أن تقدمه هو المساعدة في اختراق الإغراق المعلوماتي، وترتيب أهم الوقائع، والنصوص، والتعليقات حسب أهميتها، وتنظيمها، وإبرازها بحيث يتسنَّى للجمهور بمختلف فئاته قراءتها.

لقد بدأت هذه الوكالات نقل المعلومات بواسطة الحمام الزاجل والتلغراف، غير أن سرعة نقل المعلومات إلى الجمهور لا يمكن أن تظل العامل الوحيد في استمرارها خلال المائة والخمسين عامًا المقبلة.

فلو استمرت أهمية الوقائع، فسوف تستمر وكالات الأنباء.

وإذا كانت اقتصاديات التغطية الإخبارية تعني أن وكالات الأنباء وحدها هي القادرة على إقامة مكاتب كبيرة لها حول العالم بما تمتلكه من قواعد واسعة من العملاء، فسوف تستمر تلك الوكالات.

وإذا استمرت أهمية المعايير العالمية للأخلاق الصحفية والتحرير، فسوف تستمر وكالات الأنباء.

وإذا استمرت أهمية نقل الأخبار للعالم، فسوف تستمر وكالات الأنباء.

لكنها لن تظل كسابق عهدها، ولا يسعها ذلك.

إن علاقات الوكالات الإخبارية مع جمهورها تعتريها تغييرات دائمة، وهو ما سيؤدي، لا محالة، إلى تغييرات في العملية والمنتج.

لذا، فإن المستقبل سيكون للشراكة والانتقاء وإضافة السياق وتقديم التفسيرات.

وسيكون أيضًا لإيجاد وسائل جديدة لأداء دور أكثر أهمية بالنسبة إلى جمهور يرغب في إسماع صوته وإمضاء وقت في مطالعة ما يظنه هامًّا، وليس فقط ما قد يختاره المحرر له.

أسئلة يُجيب عنها الطالب

(١) أشار ديفيد شليزنجر إلى أن الدراسات الحديثة التي أجراها مركز بيو أظهرت تراجعًا ملحوظًا في الاهتمام بالأخبار الدولية؛ فكيف يمكن لوكالات الأنباء أن تُواصل تغطيتها لأخبار العالم إذا لم يُبدِ القُراء، والمشاهدون، والمستمعون اهتمامًا بتلك الأخبار؟

(٢) ما المنهجية التي ينبغي على محرري الأخبار اتباعها لتحقيق التوازن المطلوب بين نشر الأخبار الأكثر طلبًا ونشر الأخبار الأكثر أهمية؟

(٣) إذا اختفت وكالات الأنباء غدًا، فكيف سيؤثر هذا على حرية تدفق المعلومات حول العالم؟

(٤) هل سيكون لوكالات الأنباء دور في مستقبل الصحافة؟

هوامش

(١) إن جميع عائدات الملكية الفكرية الخاصة بهذا الكتاب والمستحَقَّة لمحرريه سيجري التبرع بها لصندوق كورت شورك التذكاري، وهي المؤسسة التي أُنشئت باسمه لتكريم أبرز الصحفيين المستقلين العاملين في مجال الصحافة المطبوعة والذين قدموا أعمالًا متميزة في بلدانهم.
(٢) ترجع جذور وكالة فرانس برس إلى وكالة هافاس المؤسسة عام ١٨٣٥ (http://www.afp.com/english/afp/?pid=history). ويرجع تاريخ أسوشيتد برس إلى عام ١٨٤٨ (http://www.ap.org/pages/about/history/history_first.html). بينما تأسَّست رويترز عام ١٨٥١ (http://about.reuters.com/aboutus/history). تُعتبر تلك الوكالات الثلاث أهم الوكالات الإخبارية في العالم اليوم، وكانت ثمة وكالة رابعة تُدعى يونايتد برس إنترناشونال، لكن نجمها أفل عقب إفلاسات متتالية. ويمتلك كثير من البلدان وكالاته الإخبارية الوطنية، التي تكون أحيانًا بالغة الضخامة وتمد صحفها الخاصة بالأخبار بلغاتها، لكنها نادرًا ما تتمتع بمبيعات دولية واسعة النطاق.
(٣) روَّج كريس أندرسون لمصطلح «الذيل الطويل» وذلك في مقال كتبه لمجلة وايرد، وما لبث أن حوَّله لاحقًا إلى كتاب نُشر عام ٢٠٠٦. يصف أندرسون من خلال هذا المصطلح أن الشركات العاملة في الاقتصاد القائم على الإنترنت يمكن أن تزدهر ليس فقط من خلال مبيعات المنتجات الرائجة التي يمثلها الطرف السميك لمنحنى الطلب، بل أيضًا من خلال الاحتفاظ بمخزون ضخم من المنتجات الأقل شيوعًا والموجهة إلى شرائح بعينها، ومِن ثَمَّ تتمكن من إرضاء رغبات أعداد كبيرة من تلك الشرائح المتخصصة التي تختلف أذواقها عن الغالبية الساحقة من الجماهير.
(٤) لو حدث وواجهت أيًّا من هذه الأسئلة في الاختبار النهائي لهذا المقرر، فتأكد أنه ليس هناك جواب صحيح، بل فقط عدة إجابات خاطئة!
(٥) أقدِّم هذه المقترحات بناءً على خبرتي بصفتي مدير مكتب رويترز في الصين من عام ١٩٩١ إلى ١٩٩٤، ورئيس للتحرير في إقليم الصين العظمى من عام ١٩٩٤ وحتى ١٩٩٥.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤