حضارة العرب
«إن القوة لم تكن عاملًا في انتشار القرآن ما ترك العربُ المغلوبين أحرارًا في أديانهم، فإذا حدث أن اعتنق بعضُ الأقوام النصرانية الإسلامَ، واتخذوا العربية لغةً لهم، فذلك لما رأوه من عدل العرب الغالبين مما لم يرَوا مثله من سادتهم السابقين، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم يعرفوها من قبل.»
«ولم ينتشر القرآن، إذن بالسيف، بل انتشر بالدعوة وحدها، وبالدعوة وحدها اعتنقته الشعوب التي قهرت العرب مؤخرًا، كالترك والمغول.»
«أدرك الخلفاء السابقون، الذين كان عندهم من العبقرية السياسية ما ندر وجودُه في دُعاة الديانات الجديدة، أن النظم والأديان ليست مما يُفرض قسرًا؛ فعاملوا أهل كل قطر استولوا عليه بلطف عظيم، تاركين لهم قوانينهم ونظمهم ومعتقداتهم، غير فارضين عليهم سوى جزية زهيدة في الغالب، إذا ما قيست بما كانوا يدفعون سابقًا في مقابل حفظ الأمن بينهم، فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب، ولا دينًا سمحًا مثل دينهم.»