مقدمة

هذه المقدمة للأفلام الوثائقية موجهة لمحبي مشاهدة هذه النوعية من الأفلام الراغبين في معرفة المزيد عن هذا الشكل الفني، ولمن يودون صنع أفلام وثائقية ويرغبون في معرفة المزيد عن هذا المجال وآفاقه، وأيضًا للطلاب والمعلمين الذين يأملون في تعلم المزيد وإخبار الآخرين بما تعلموه.

هذا الكتاب منظم بحيث يقدم نظرة عامة على القضايا الأساسية، ثم ينتقل لمناقشة الأنواع الفرعية المختلفة. فقد أردت على وجه الخصوص أن أستخدم أنواعًا تستطيع مواجهة المخاوف المتعلقة بالموضوعية والمحاباة والتحيز، هذه الأشياء التي طالما أحاطت بالأفلام الوثائقية، ولكن بقوة متجددة منذ الشعبية الطاغية التي حظي بها فيلم «فهرنهايت ٩ / ١١». وقد كان بمقدوري أن أختار أو أضيف أنواعًا أخرى بسهولة، مثل الموسيقى، والرياضة، والعمل، واليوميات، والطعام، لكن جاء اختياري للأنواع التي استخدمتها هنا لأنها أنواع شائعة في سوق الأفلام الوثائقية، ولأنها تطرح قضايا مهمة عن الحقيقة وتجسيد الواقع.

يتيح لك هذا التنظيم الموضوعي الدخول إلى الموضوع بسهولة من خلال نوعية الأفلام التي جذبتك إليها منذ البداية، ويتيح لي الربط بين الحقب التاريخية وإظهار الطبيعة المتطورة للخلافات الأساسية في مجال الأفلام الوثائقية. وربما يلاحظ هؤلاء الذين يفضلون تسلسلًا زمنيًّا أكثر وضوحًا أن كل فصل من الفصول التي تتناول الأنواع الفرعية منظم زمنيًّا (باستثناء فصل الدعاية الذي يركز إلى حد بعيد على فترة الحرب العالمية الثانية). لذا، بعد قراءة الفصول الأربعة الأولى التي تتناول القضايا الأساسية والتاريخ المبكر للأفلام الوثائقية، يمكن للقارئ أن يطالع الأجزاء الأولى من الفصول التي تتناول الأنواع الفرعية المتعددة، ثم العودة للجزء التالي من كل فصل من الفصول.

وحيث إن مادة الكتاب ليست مستقاة من المعرفة العلمية فحسب، ولكن من خبرتي كناقدة أفلام على مدى أربعة عقود، فإنها تعكس اهتماماتي ومواطن القصور لدي. والجزء الأكبر من المعرفة العلمية التي أشير إليها مكتوب باللغة الإنجليزية، وأنا متحيزة للأفلام الوثائقية الطويلة وأعمال صناع الأفلام المستقلين.

نبع انجذابي للأفلام الوثائقية في الأساس من وعدٍ جذب الكثير من صناع الأفلام لذلك الشكل الفني؛ ذلك الوعد الذي وصفه المحرر والناقد البارز داي فون، في مقالة عن التهديد الذي تمثله المعالجة الرقمية للفيلم الوثائقي، بأنه «الإحساس الداخلي بأنه لو أتيح للناس أن يشاهدوا بحرية، لشاهدوا بإخلاص، ناظرين إلى عالمهم بأنه قابل للتدقيق والتقييم، وأنه على القدر نفسه من المطاوعة والمرونة التي يتسم بها الفيلم». وقد وجدت الإلهام في أعمال المخرجين أمثال ليز بلانك، وهنري هامبتون، وبيريو هونكاسالو، وباربرا كوبل، وكيم لونجينوتو، ومارسيل أوفيلس، وجوردون كوين، وأجنس فاردا.

وإنني ممتنة لإلدا روتور بأكسفورد يونيفرسيتي برس التي اقترحت عليَّ فكرة تأليف هذا الكتاب، وسيبيل توم التي حملت على عاتقها مهمة تحرير الكتاب قبل مغادرتها، والمحررة ماري ساذرلاند. لقد أغدق عليَّ كثير من زملائي، في برامج الدراسات السينمائية والسينما والاتصالات والأدب، بالرؤى التي أحاول الكشف عنها في هذا الكتاب. لذا أتقدم بخالص التقدير للدعم الذي حظيت به من العاملين بمكتبة الجامعة الأمريكية، خاصة كريس لويس. وأدين بالفضل لرون ساتون، مستشاري وناصحي بالجامعة الأمريكية، وكذلك لدين لاري كيركمان بكلية الاتصالات بالجامعة الأمريكية، الذي منحني شرفًا لا يقدر بثمن بتقديمي لإريك بارنو، وأيضًا باربرا أبراش التي فتحت أبوابًا عديدة للأفكار والفرص. كذلك، كان لمشروعاتي مع مجلس المؤسسات (خاصة مع إيفلين جيبسون)، ومؤسسة فورد (خاصة مع أورلاندو باجويل) أثرها في تعميق معرفتي بالمجال. وإنني ممتنة كذلك لجوردون كوين، ونينا سيفي، وستيفان شوارتزمان، وجورج ستوني، ولمراجعين لا أعرف أسماءهم لتعليقاتهم خلال مرحلة إخراج النسخة النهائية من الكتاب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤