الفرعون بادو باست

وسرماعت رع ستبن آمون بادو باستت مري آمون
حكم «بادوباست» على حسب ما جاء به «مانيتون» خمسًا وعشرين سنة؛ غير أنه جاء في بعض النسخ التي وصلت إلينا أنه حكم أربعين سنة، وفي نسخة أقدم ذُكِرَ أنه حكم أربعًا وأربعين سنة (راجع Ungar Chronologie des Manetho p. 258)، أما على الآثار الباقية فنجد أن آخر سنة ذُكر فيها هي السنة الثالثة والعشرون كما جاء في النقش التاسع والعشرين من نقوش مرسى الكرنك.
ويلاحَظ هنا أن اسم «بادو باست» هذا كان يسمى به ملك آخر يلقب «سهر أب رع» لم يُعرَف موضعه بالضبط في ترتيب ملوك هذه الأسرة (راجع Rec. Trav. XXVIII p. 151-2)، ويرجع الفضل في الكشف عن هذا الاسم للأثري «لجران»، وقد كان المؤرخون قبل ذلك يعدونه المؤسس لهذه الأسرة١ مع تجاهل «بادو باست» المؤسس الحقيقي لها، وعلى ذلك فإن كل الآثار التي كُشِفَت باسم هذا الملك «سهر-أب-رع» «بادو باست» ونسبت للملك «بادو باست» الأول لا بد من نسبتها لصاحبها. وقد عَثَرَ أخيرًا «مونتييه» على قطعة حجر تحمل اسم الشارة الملكية للفرعون «بادو باست» الذي لم يوجد له حتى الآن أي أثر في «تانيس»، ويقول «مونتييه»: «إن كتاب «الملوك» ذكر ثلاثة ملوك باسم «بادو باست»، وأقدمهم هو المعروف من نقوشه بوجه خاص التي على مرسى «الكرنك»، وهو الذي يظهر أنه قد عاش في عهد الملك «شيشنق الرابع»، وليس لدينا إلا اللقبان الأخيران من ألقابه وهما: الملك «وسرماعت رع ستبن آمون» بن «رع» «بادو باست» محبوب «آمون». ولدينا «بادو باست» ثالث بلقب «ابن باستت»، ومكانه بين ملوك الأسرة الثالثة والعشرين ليس معروفًا أيضًا، ولقبه «سهر-أب-رع».

أما فرعون «تانيس» الذي جاء ذكره في الأوراق الديموطيقية وتواريخ «آشور بانيبال»، ويحمل اسم «بادو باست»؛ فإن ألقابه عَدَا اسم «بادو باست» ليست معروفة.

أما «بادو باست» الذي ظهر اسمه حديثًا على الحجر الذي أشرنا إليه في «تانيس»، فلم يُذكَر معه نعت «محبوب آمون» أو «ابن باستت»، ويُخَيَّل لنا أن توحيده مع الملك ذُكِرَ في الأوراق الديموطيقية. والواقع أن أحد الأحجار التي استُخْرِجَت من بحيرة المعبد قد حفظت لنا الاسم الحوري واسم التتويج لملك جديد، وهاك النقش الذي على هذا الحجر:

«حور الذهبي»«ساحتب نترو» الملك، الملك «سحتب-أب تاوي-رع».

وهذه الأسماء لم نجدها معًا لأي فرعون من الفراعنة الذين دُوِّنوا في كتاب «الملوك» حتى الآن، وهذا هو السبب الذي حَدَا بالأثري «مونتييه» أن يضع نظرية جديدة معناها أن الحجرين اللذين يحمل أحدهما اسم «بادو باست» والذي يحمل اسم «سحتب-أب-تاوي-رع» هما لملك واحد، ويمكن ترتيب ألقابه كما يأتي:
  • (١)

    الاسم الحوري: «سحتب تاوي».

  • (٢)

    اسم الإلهتين: مجهول.

  • (٣)

    الاسم حور الذهبي: «سحتب نترو».

  • (٤)

    اسم التتويج: «سحتب-أب-تاوي رع».

  • (٥)

    اسم العَلَم: «بادو باستت».

والواقع أن هذه النظرية عرجاء ولا ترتكز على أساس مقبول؛ إذ من الجائز أن يظهر لنا اسم ملك آخر مجهول لنا يحمل الألقاب التي انتحلها «مونتييه» للملك «بادو باستت» الجديد، وبخاصة أن الذين كانوا يدَّعون المُلكَ في هذا العهد كثيرون جدًّا كما ذكرنا من قبل. وعلى أية حال، فإن الكشف في حد ذاته هام؛ إذ يدلنا على أن «بادو باستت» كان له آثار في «تانيس»، وأن «مانيتون» قد يكون محقًّا في رأيه، وأن قلة الآثار له في هذه المدينة قد لا تعني شيئًا كثيرًا، وبخاصة إذا علمنا أن «شيشنق الأول» الذي أسس دولته في «بوبسطة» لم يترك فيها آثارًا تُذكَر بالنسبة لغيره من ملوك أسرته [راجع الأسرة الثانية والعشرين الفرعون شيشنق الأول]. ولم يترك لنا «بدو باست الأول» آثارًا تُذكَر إلا التواريخ التي وجدت خاصة بمقاييس النيل على مرسى الكرنك، وبعض أشياء قليلة، وهاك التواريخ أولًا:
  • (١)
    السنة السابعة شهر باشنس والسنة الثامنة. راجع كذلك النقش الأول من تواريخ الكهنة العظام «لآمون» «بالكرنك» (راجع Legrain, Rec. Trav. XXII p. 51).
  • (٢)
    السنة الثامنة ١٩ بشنس من عهد الملك «بادو باستت» «محبوب آمون»، وكذلك وُجِدَ هذا التاريخ في النقش رقم ٢ من تواريخ الكهنة العظام (راجع Ibid. p. 52).
  • (٣)
    السنة السادسة عشرة من حكم الملك «بادو باست»، وهي تقابل السنة الثانية من عهد ملك الوجهين القبلي والبحري «أوبوت».٢ (راجع النقش ٦ لفيضان النيل بمرسى «الكرنك») (راجع A. Z. XXXIV p. 114 & Br. A. R. IV 794 & Rec. Trav. XXXV p. 142).
  • (٤)
    السنة التاسعة عشرة من عهد الملك «بادو باست» (نقوش الفيضان رَقمَي ٢٦، ٢٧ على مرسى الكرنك (راجع Rec. Trav. Ibid. p. 114 & Br. Ibid 794 No. 2 & 3).

    وقد ذُكِرَ في هذا النقش أن الكاهن الأكبر في وقته كان … وأن الظاهر مما تبقى من هذا الاسم أنه كان يدعى «حورسا إزيس» في كلا المتنين، وينبغي ألا نخلط «حورسا إزيس» هذا بالكاهن الأكبر ثم الملك الذي كان يحمل نفس الاسم وهو الذي كان معاصرًا للملك «أوسركون الثاني»، كما ذكرنا آنفًا [راجع الأسرة الثالثة والعشرين الفرعون «أوسركون الثالث»]، والذي يحتمَل أن يكون والدَ الملك «بادو باست» هذا كما سنرى بعد.

  • (٥)
    السنة الثالثة والعشرون: فيضان النيل في السنة الثالثة والعشرين من حكم ملك الوجه القبلي والوجه البحري «بادو باستت» محبوب آمون في عهد الكاهن الأول لآمون «تاكيلوت» (Ibid).

والسنة الثالثة والعشرون هي أعلى سنة في حكم الملك «بادو باستت» معروفة لنا، وهذا التاريخ لا يختلف كثيرًا عن مدة الحكم التي وصلت إلينا في إحدى نسخ كتاب «مانيتون».

ومن المحتمل أن «تاكيلوت» الذي كان يشغل وظيفة الكاهن الأكبر في السنة الثالثة والعشرين من عهد «بادو باستت» هو نفس «تاكيلوت»، الذي سيتولى فيما بعد عرش الملك باسم «تاكيلوت الثالث» (راجع L. R III. p. 389).

هذا، ولدينا مبنى من الحجر الرملي مقام أمام البوابة العاشرة «للكرنك»، وقد نقش عليه المتن التالي: «ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين «وسرماعت رع ستبن آمون» بن رع رب التيجان محبوب آمون «بادو باست» معطي الحياة والثبات والقوة كلها ومرح القلب … العظيم المقدم (الحاكم) «باشد باستت» ابن الملك رب الأرضين «شيشنق» محبوب آمون «آمون رع» رب تيجان الأرضين … أقام بوابة عظيمة من الحجر الصلب بعد أن وجدها آيلة للسقوط …»

وقد ذكر «دارسي» (A. S. XIV. p. 39) أن «باشد باستت» هذا هو ابن «شيشنق الثاني» وأخو«تاكيلوت الثاني» والظاهر أنه كان يحكم إقليم طيبة في عهد الملك «بادو باستت»؛ ولذلك نجد أنه قد أقام بابًا عظيمًا من الحجر الرملي بعد أن وجده مهددًا بالسقوط، وهذا الباب هو باب البوابة العاشرة.
هذا، ولدينا جذع تمثال محفوظ الآن في مجموعة «الكونت ستروجانوف» بمدينة «إكسلاشابل» (راجع Wiedmann, Rec. Trav. VIII p. 63-64) يحمل اسم (بادو باستت بن باستت)، وقد عُدَّ أنه ثاني ملك يحمل هذا الاسم، وقد وُجِدَ هذا الاسم بنفس الصيغة على قطعة من لوحة من الحجر الجيري محفوظة الآن بمتحف «كوبنهاجن»، ومن ثم يمكن أن نميز أن هذين الأثرين هما لملك آخر يسمى «بادو باستت ساباستت» غير الذي عُثِرَ على آثاره «بالكرنك»، وبذلك يكون لدينا كما ذكرنا من قبل ثلاثة ملوك يحملون هذا الاسم؛ غير أن ترتيب الاثنين الآخرين لم يُعرَفْ بعدُ كما ذكرنا من قبل.

(١) تماثيل عظماء الرجال في عصر «بادو باست»

الكاهن «حور» بن «نسر آمون»

وُجِدَ لهذا الكاهن تمثالان في خبيئة الكرنك: أحدهما كُتِبَ عليه اسم الملك «بادو باست»، والثاني خِلْوٌ منه؛ غير أن الألقاب التي عليهما واحدة تقريبًا.
  • (١)
    التمثال الأول مصنوع من الجرانيت المبقع وارتفاعه متر وعشرة سنتيمترات (راجع Legrain, cat. Gen. III. No. 4226 p. 62 Pl. XXXIII)، وصوِّرَ قاعدًا القرفصاء على قاعدة منخفضة، والذراعان مطويتان على ركبتيه، ويرتدي شعرًا مستعارًا جميلًا له فروق دقيقة.
    النقوش: نُقِشَ على كتفه اليمنى: «الإله الطيب رب الأرضين رب السيف ورب القربان «وسرماعت رع ستبن آمون» محبوب «آمون بادو باستت».» وكتب سطر مبتدئ من كتفه اليسرى وممتد إلى كتفه اليمنى جاء فيه:

    الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم الوجه البحري، والسمير الوحيد، وحامل المروحة على يمين الفرعون، وكاهن «آمون»، وكاتب رسائل الفرعون (بالقرب) من المدينة (طيبة) «حور» كاهن «منتو» و«خنوم» و«تحوت» … إلخ، إنعام من الملك ليكون في معبد آمون لأجل روح الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم الوجه البحري، والسمير الوحيد «حور».

    ونُقِشَ كذلك سطر أسفل السابق جاء فيه: «الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم ملك الوجه البحري، والسيد الوحيد، وكاهن «آمون» في «الكرنك»، وكاتب رسائل الفرعون «حور» يقول: إني أقول لكم يا من يأتون بجواري من أهل الفطنة، ادعوا لروحي وابتهلوا لي بوصفي عظيمًا؛ لأني كنت على رأس مديري القصر.» إلخ. وعلى مقدمة التمثال منظر يشاهَد فيه على اليسار الإله «منتو»، وعلى اليمين «أوزير» ومعها المتن التالي أمام «منتو»:

    قربان يقدمه الملك للإله «منتو» رب «طيبة» لممدوحه وحبيبه كاهن «آمون»، والرائي العظيم الذي يفرح قلب «رع أتوم» في «طيبة»«حور».

    وفوق هذا المنظر متن مؤلف من ستة أسطر عمودية:

    قربان يقدمه الملك «لآمون رع» رب عروش الأرضين، رب العرابة، وللإله «أنوبيس» رب الجبانة؛ ليعطوا قربانًا من الخبز والنبيذ والبقر والإوز والنسيج والمصابيح والعطور وكل هدايا جميلة طاهرة من كل ما يخرج على مائدة القربان في عيد اليوم التاسع من الشهر، وعيد اليوم السادس، وعيد نصف الشهر، وفي عيد واج (عيد الخمر)، وعيد الظهور «لتحوت»، وعيد الظهور العظيم لنجم «سبد»، من كل شيء من السماء والأرض، لروح الأمير الوراثي، والحاكم، والسمير الوحيد في الحب، والحاكم ثقة الملك، وكاهن «آمون» في «الكرنك»، وكاهن منتو رب «طيبة»، وكاهن «بتاح» رب «طيبة»، وحامل المروحة على يمين الفرعون، وكاتب رسائل الفرعون «حور» ابن مثيله «نسر آمون» ابن مثيله «نب نترو» المبرأ ابن عمدة المدينة، والوزير «نسر آمون» المبرأ.

    وعلى الجانب الأيمن للتمثال منظر يمثل «إزيس» و«نفتيس» يتعبدان لسفينة «سكر»، ونقش جاء فيه: «قربان يقدمه الملك للإله «بتاح سكر» رب المقصورة لممدوحه ومحبوبه كاهن «آمون» في «الكرنك»، والأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم ملك الوجه البحري، والسمير الوحيد.» ونقش فوق «إزيس»: «كلام «إزيس» العظيمة الأم الإلهية لممدوحها ومحبوبها كاهن «آمون»، والكاهن سم لمعبد «حقا ماعت رع» «حور».» وفوق «نفتيس» نُقِشَ: «كلام «نفتيس» محبوبة كاهن «آمون» «حور».» ونُقِشَ منظر آخر على الجانب الأيسر مُثِّل فيه «تحوت» و«حور» بن «إزيس» يتعبدان لرمز «أوزير» (الصندوق الذي فيه رأس «أوزير») الموضوع على قاعدة، وكُتِبَ مع كل إله الخطاب الذي يوجهه لصاحب التمثال.

    وعلى ظهر التمثال متن مؤلَّف من ثمانية أسطر جاء فيه:

    الأمير الوراثي، والحاكم، والسمير الوحيد العظيم في منصبه، العظيم في منزلته، والحاكم من أول الشواطئ، والذي يجعل مصر ممتازة في قوانينها حتى آخر حدودها، وكاهن آمون في الكرنك، وكاهن الإله «منتو» في طيبة، وكاهن الإله «بتاح» رب طيبة، وكاتب وثائق الفرعون ابن مثيله «نسر آمون» المبرأ ابن مثيله «نب نترو» المبرأ، يقول: إني ثقة الملك، والذي يملأ القصر بتعاليمه، والذي يثبت خطوات العظماء، والذي يضم نبات الأرضين (يوحدهما)، والذي يقوم ببعوث رب الأرضين ليجعل مصر ممتازة لربها، والذي يعرف كيف يكون مفيدًا على الأرض، وإني عظيم بين الأشراف … إلخ.

    وعلى قاعدة التمثال سطر جاء فيه: «كاهن «آمون» وكاهن «منتو» رب «طيبة» وكاتب رسائل الفرعون.»

    ويحيط بالقاعدة سطر جاء فيه: «الأمير الوراثي، والحاكم، وحامل خاتم ملك الوجه البحري، والسمير الوحيد، والذي يدخل بالإجلال في المكان الذي فيه الملك، ويخرج ممدوحًا من القصر، كاهن «آمون» في «الكرنك»، وكاهن «منتو» في «طيبة» «حور» يقول.» (يأتي بعد ذلك ذكر مناقب «حور» المعتادة وإطراؤه لنفسه).

  • (٢)
    والتمثال الثاني لهذا الكاهن مصنوع من المرمر الشفيف، وارتفاعه ستون سنتيمترًا، عُثِرَ عليه كذلك في خبيئة «الكرنك»، ومُثِّل قاعدًا القرفصاء كالعادة، وصناعته متقنة، وطرازه ممتاز (راجع Legrain, Cat. Gen III No. 42227 p. 95 Pl. XXXIV).
    النقوش: مُثِّل على مقدمة التمثال منظر يحتوي على «منتو» و«أوزير» واقفين أمام مائدة قربان عادية، ونقش أمام الأول: «منتو» رب «طيبة» ورب القوة التي في الصِّلَّيْنِ. (أي صِلَّيِ الفرعون). ونقش أمام الثاني: «أوزير» أول أهل الغرب ورب «العرابة». وعلى الجانب الأيمن للتمثال نقشت تسعة أسطر أفقية جاء فيها:

    الأمير الوراثي، والحاكم حامل خاتم ملك الوجه البحري، والسمير الوحيد، وحامل المروحة على يمين الفرعون، وكاهن «آمون» في «الكرنك»، وكاهن «منتو» رب «طيبة»، والرائي العظيم الذي يسر قلب «رع أتوم» في «طيبة»، وكاتب رسائل الفرعون «حور» يقول: لقد أتيت إلى حيث أكون في بيتك، وأتسلم من قربان معبدك؛ ليمكنني أن أعيش منها ثانية ولأسمع مديحك، وإنه بخورك الذي ينعشني ويوقظ أعضائي أمامك، والماء لوجهي مما هو فائض من قربانك، وأمشي بين الأحياء وأرى قرص الشمس عندما يطلع في الأفق عندما يجعله يطلع من بيتك على حسب أمره، ويخترق السماء متحدًا مع النجوم، وأتمدح للسفينة عندما أكون في مقدمة سفينة الليل، وإني عظيم المناصب، كبير الشرف … بمثابة كاهن، ولا يوجد من يرد لي قولًا؛ لأني من الأذكياء الذين على الأرض، وأرى آمون قائد الآلهة ونظرته تحيط بي ووهب العدالة …

    ونُقِشَتْ تسعة أسطر أخرى على الجانب الأيسر للتمثال جاء فيها:

    الأمير الوراثي، قائد الأرضين، والذي يعرف كل شيء على الأرض كلها، وعظيم العظماء، وإني كبير السمراء، وعينا الملك على القطرين، وكاهن «آمون» في «الكرنك»، وكاهن «منتو» رب طيبة، وكاهن «أوزير» الحاكم العظيم، وكاتب رسائل الملك «حور» يقول: أنتم يا كهنة آمون والكهنة المطهرون الذين يقدمون القربان لهم، قدموا الصلوات لتمثالي، وابتهلوا بالمديح لي؛ لأني عظيم وماهر لملك الوجه البحري، وكاهن (؟) في معبد «الكرنك»، وقلب ملك الوجه القبلي، ولسان ملك الوجه البحري، والذي يرى «حور» في زينته وحده، أقول: ليت ماء الشعيرة يُصَبُّ في الإناء وتحيا قلوب الذين في «طيبة» بالقوانين الممتازة.

١  ويقول «بتري» (Hist, of Egyp. III p. 262) في هذا الصدد: لا شك في أنه يوجد ملكان باسم «بادو باست»: واحد منهما يظهر في «مانيتون» بأنه المؤسس للأسرة الثالثة والعشرين حوالي ٧٦٠ق.م والثاني جاء في قائمة الملك «آشور بانيبال» حوالي قرن بعد ذلك. ويصحب اسم «بادو باست» اسمان للقب الملك وهما: «سهر أب رع»، وقد جاء على الناووس الذي يوجد جزء منه في باريس والآخر في بولونيا (راجع Maspero, Passing of the Empires p. 165)، والآخر يدعى «وسرماعت رع»، كما جاء على تمثال من البرنز من «تانيس» وعلى تمثال «حور» بالمتحف المصري. ويمكن أن نستنبط أيهما كان الأقدم، وهو الأول الذي حكم على وجه التأكيد في طيبة؛ لأن نقوشه على الجدران وعلى مرسى الكرنك تشبه تمامًا تلك التي تشاهَد في ختام الأسرة الثانية والعشرين، و«بادو باست» الآخر قد حكم بالتأكيد في «تانيس» كما جاء في نقوش «آشور بانيبال». ولما كان خشب الناووس الخاص بالملك «سهر أب رع» «بادو باست» لا بد كان محفوظًا في الوجه القبلي؛ فإنه من المؤكد تقريبًا أن «سهر أب رع» هو «بادو باست» الطيبي، وأن «وسرماعت رع» هو الذي حكم في «تانيس»، واستطرد «بتري» يقول: وينسب «لبادو باست» الأخير تمثال «حور» القاعد القرفصاء، وقصة ورقة «رينر» التي تشير إلى «تانيس»، وكذلك قيل: لوحة في «كوبنهاجن» (راجع S. B. A. XXI. p. 265) إلخ. وهذا الرأي خاطئ كما سنبين هنا.
٢  يحتمَل أن الملك «أوبوت» كان في بادئ أمره كاهنًا أكبر لآمون في «طيبة»، وقد اتخذ لنفسه طغراء وأعلن نفسه ملكًا في السنة السادسة عشرة من حكم «بادو باستت»، وهو معروف لنا ببعض آثار له كما سنرى ذلك بعد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤