لن نفترق

هبَّتْ تُغمغِم سوف نفترقُ
روحٌ على شفتيكِ تحترقُ
صوتٌ كأنَّ ضرام صاعقة
ينداحُ فيه وقلبيَ الأفقُ
ضاقَ الفضاءُ وغامَ في بصري
ضوء النجوم وحطِّمَ الألَقُ
فعلى جُفوني الشاحبات وفي
دَمعي شظايا مِنه أو مِزَق
فيمَ الفِراق؟ أليس يجمعنا
حبٌّ نظل عليه نعتنقُ؟
حبٌّ ترقرق في الوعود سنَا
منهُ ورفَّ على الخُطَى عَبَقُ
أختاهُ، صمتُكِ ملؤه الريب؟
فيمَ الفراق؟ أما له سببُ؟
الحزنُ في عينيكِ مُرتجِفُ
واليأسُ في شفتيكِ يضطربُ
ويداكِ باردتان مثل غَدي
وعلى جبينكِ خاطرٌ شحِبُ
ما زال سرُّك لا تُجنِّحه
آهٍ مؤَجَّجَةٌ ولا يثِبُ
حتى ضجِرتُ به وأَسأَمَه
طولُ الثَّواء وآدَه التعَبُ
«إني أخافُ عليكَ.» واختلجَتْ
شفةٌ إلى القُبلاتِ تَلتهِبُ

•••

ثم انثنيتِ مَهيضةَ الجلَد
تتنهَّدِينَ وتعصُرينَ يدي
وتُردِّدِينَ وأنتِ ذاهلةٌ
«إني أخافُ عليكَ حزن غدِ»
فتكاد تَنتثِر النجوم أسًى
في جوِّهِنَّ كذائب البردِ
لا تتركي، لا تتركي لغدي
تعكير يومي، ما يكون غدي؟
وإذا ابتسمتَ اليوم من فرحٍ
فلتعبسنَّ ملامحُ الأبدِ
ما كان عُمري قبل مَوعدِنا
إلا السنين تدبُّ في جسَدِ

•••

أُختاهُ لذَّ على الهوى ألمي
فاستمتِعي بهواكِ وابتسمي
هاتي اللهيبَ فلَستُ أرهبُهُ
ما كانَ حبُّكِ أَوَّل الحمَمِ
ما زلتُ مُحترقًا تَلَقَّفُنِي
نارٌ من الأوهامِ كالظُّلَمِ
سوداءُ لا نور يضيء بها
كرقاد حُمَّى دونما حُلمِ
هي ومضة ألقى الوجود بها
جذلان يرقص عاري القدم
هاتي لهيبكِ إنَّ فيه سَنًا
يَهدي خُطايَ ولو إلى العَدمِ
٢١ / ٢ / ١٩٤٨

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤