الْإِحْسَانُ

قَصِيدَةٌ أُلْقِيَتْ فِي نَادِي الِاتِّحَادِ السُّورِيِّ بِالْقَاهِرَةِ

أَيُّ طَرْفٍ يَرَى الزَّمَانَ أَسَاءَ
لِكَرِيمٍ وَلَا يُسِيلُ الدِّمَاءَ
إِنَّمَا الْعَيْنُ لِلْفُؤَادِ رَسُولٌ
إِنْ قَضَى نَفَّذَتْ لَهُ مَا شَاءَ
أَيُّهَا الْقَوْمُ إِنَّ فِي مِصْرَ قَوْمًا
سَئِمُوا الْعَيْشَ قِلَّةً وَشَقَاءَ
رَشَقَتْهُمْ أَيْدِي الْبِلَا بِسِهَامِ الْـ
ـفَقْرِ لَكِنْ أَصَابَتِ الْأَحْشَاءَ
مُذْ رَأَوْا أَنَّهُمْ عَلَى غَيْرِ مَا كَا
نُوا تَوَارَوْا عَنِ الْعُيُونِ حَيَاءَ
فَإِذَا طَالَ أَمْرُهُمْ وَغَضَضْنَا الـ
ـطَّرْفَ عَنْهُمْ أَصَابَهُمْ مَا أَسَاءَ
وَهْوَ مَا لَا يَرْضَاهُ شَهْمٌ كَرِيمٌ
أَلِفَ الْجُودَ وَالْوَلَا وَالْإِخَاءَ
ذَلِكَ الشَّهْمُ أَنْتُمُ أَيُّهَا الْقَوْ
مُ فَفِيمَ يَرَى الْفَقِيرُ الرَّجَاءَ
فَضْلَةً مِنْ طَعَامِكُمْ هُوَ يَرْجُو
مِثْلَمَا يَرْتَجِي الْعَلِيلُ الشِّفَاءَ
أَنْ تَجُودُوا عَلَى الْفَقِيرِ بِشَيْءٍ
تُقْرِضُوا اللهَ رَبَّكُمْ أَشْيَاءَ
فَانْبَرُوا كُلُّكُمْ إِلَى سَاحَةِ الْإِحْـ
ـسَانِ مِنْ مُحْسِنٍ وَمِنْ حُسَنَاءَ
فَسِبَاقٌ لِلْخَيْرِ خَيْرُ سِبَاقٍ
يَسْتَحِقُّ الْجَوَادُ فِيهِ الثَّنَاءَ

•••

لَسْتُ أَنْسَى وَقَدْ سَمِعْتُ أَنِينًا
ذَاتَ لَيْلٍ وَخِلْتُ طَيْفًا تَرَاءَى
قُلْتُ مَنْ أَنْتَ قَالَ إِنِّيَ حَيٌّ
شِبْهُ مَيْتٍ أَرَى الْحَيَاةَ شَقَاءَ
أَتُرَانِي وَقَدْ حَنَى الدَّهْرُ ظَهْرِي
وَسَقَانِي مِنْ مُرِّهِ مَا شَاءَ
قَدْ تَركْتُ الْأَبْنَاءَ يَبْكُونَ مِنْ جُو
عٍ وَأُمًّا تُعَلِّلُ الْأَبْنَاءَ
وَقَصَدْتُ الْتِمَاسَ رِزْقِيَ لَيْلًا
خَجَلًا مِنْ مَعَارِفِي وَاخْتِفَاءَ

•••

هَاجَ قَلْبِي بِقَوْلِهِ وَهْوَ فَرْدٌ
مِنْ مِئَاتٍ يَشْكُونَ هَذَا الدَّاءَ
فَعَلَامَ سُكُوتُنَا وَبِبَعْضِ الْـ
ـمَالِ نُحْيِي أُولَئِكَ الْفُقَرَاءَ
فَإِذَا هُدِّدُوا بِفَقْدِ حَيَاةٍ
فَلَهُمْ نَشْتَرِي الْحَيَاةَ شِرَاءَ
لَطَّفَ اللهُ مَا بِهِمْ إِنَّ لُطْفَ
اللهِ١ أَضْحَى لِلْبَائِسِينَ رَجَاءَ

قَصِيدَةٌ أُلْقِيَتْ فِي حَفْلَةِ جَمْعِيَّةِ الْقِدِّيسِ جِرْجِسَ

شَكَا لِي فَقِيرٌ مَرَّةً سُوءَ حَالِهِ
وَمَا كَانَ غَيْرُ الدَّمْعِ لِي مِنْهُ شَاكِيَا
يُسَطِّرُ فَوْقَ الْخَدِّ آيَاتِ بُؤْسِهِ
فَتَنْقُلُ نَارُ الْحُزْنِ عَنْهَا الْمَعَانِيَا
رَآنِي وَقَدْ أَدْرَكْتُ مَا فِي فُؤَادِهِ
وَطَالَعْتُ فِي عَيْنَيْهِ مَا كَانَ خَافِيَا
فَسُرِّيَ عَنْهُ ثُمَّ قَصَّ عَلَيَّ مَا
يُقَاسِيهِ مِنْ جُوعٍ فَأَدْمَى فُؤَادِيَا
وَقَالَ وَمَا أَبْكِي لِجُوعِي وَإِنَّما
لِجُوعِ صِغَارٍ لِي لَقَدْ رُحْتُ بَاكِيَا
فَكُنْتُ كَغُصْنٍ أَثْقَلَتهُ ثِمَارُهُ
فَمَالَ إِلَى أَرْضِ الْحَدِيقَةِ هَاوِيَا
وَلَوْ سَنَدَتْهُ كَفُّ مُعْطٍ قُبَيْلَمَا
هَوَى لَجَنَتْ مِنْهُ الْقُطُوفَ الدَّوَانِيَا
وَمَاذَا عَسَى تَجْنِي سِوَى الْأَجْرِ وَهْوَ مَا
يُرَجِّيهِ فِي أُخْرَاهُ مَنْ كَانَ رَاجِيَا
إِذَا جَادَ أَقْوَامٌ بِمَالٍ فَحَسْبُهُمْ
إِذَا عُوِّضُوا مِنْهُ الثَّنَا وَالْمَعَالِيَا
تَرَى الْمَالَ فِي كَفِّ الْبَخِيلِ حِجَارَةً
وَفِي كَفِّ رَبِّ الْجُودِ تَلْقَاهُ زَاهِيَا
وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُ بِدِمَائِهِ
يَجُودُ إِذَا مَا جَاءَهُ الْجَارُ شَاكِيَا
فَقُلْتُ لَهُ مَهْلًا فَإِنَّكَ نَائِلٌ
بِجَمْعِيَّةِ الْقِدِّيسِ جُورْجَ الْأَمَانِيَا
فَإِنَّ بِهَا لِلْبَائِسِينَ مَدَارِسًا
وَلِلْمُرَضَا مُسْتَوْصَفًا وَمُدَاوِيَا
وَلِلْجَائِعِ الْمِسْكِينِ زَادًا وَكِسْوَةً
وَلِلْمَيْتِ مَثْوًى حِينَ يَعْدِمُ شَافِيَا
١  إشارة إلى الأمير ميشيل لطف الله رئيس الجمعية الخيرية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤