عَالَمُ الرُّوحِ

يَا عَالَمَ الرُّوحِ مَا رُوحِي بِفَانِيَةٍ
فَهَلْ لَهَا مَوْطِنٌ فِي الْعَالَمِ الثَّانِي
وَهَلْ لَهَا مَلْجَأٌ تَأْوِي إِلَيْهِ إِذَا
حُمَّ الْقَضَاءُ وَحَلَّتْ قَيْدَ جُثْمَانِي
وَهَلْ هُنَالِكَ رَوْضٌ تَسْتَظِلُّ بِهِ
وَمَرْتَعٌ تَتَّقِي فِيهِ بِخِلَّانِ
وَهَلْ يَدُورُ حَدِيثٌ بَيْنَهَا وَتَرَى
مَا لَا يَرَاهُ الْوَرَى فِي الْعَالَمِ الْفَانِي
أَمِ التَّخَاطُبُ فِيمَا بَيْنَهَا أَبَدًا
تَبَادُلُ الْفِكْرِ بَيْنَ الْقَاصِي وَالدَّانِي
وَهَلْ تَحِنُّ إِلَى رَبْعٍ بِهِ نَشَأَتْ
مَا بَيْنَ أَهْلٍ وَأَحْبَابٍ وَإِخْوَانِ
وَتَذْكُرُ الْجَسَدَ الْفَانِي وَمَا لَقِيَتْ
خِلَالَهُ مِنْ إِسَاءَاتٍ وَإِحْسَانِ
وَمِنْ تَبَارِيحِ وَجْدٍ سَامَهَا رَشَأٌ
وَمَا تَلَا الْوَجْدَ مِنْ لُقْيَا وَهِجْرَانِ

•••

وَهَلْ لِمُخْتَرِعٍ وَافَتْ مَنِيَّتُهُ
وَلَمْ يُتِمَّ اخْتِرَاعًا كَانَ ذَا شَانِ
بِأَنْ تُتَمِّمَهُ رُوحٌ لَهُ صَعِدَتْ
كَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ فِي جِسْمِ إِنْسَانِ
وَهَلْ لِنَابِغَةٍ فِي جِسْمِهِ الْفَانِي
نَفْسُ النُّبُوغِ تُرَى وَالْجِسْمُ رُوحَانِي
أَمْ يَنْتَفِي بِانْطِلَاقِ الرُّوحِ مِنْ جَسَدٍ
نُبُوغُ نَابِغَةٍ أَوْ فَنُّ فَنَّانِ

•••

فَإِنْ أَخَذْتَ بِرَأْيِي فَهْيَ مَسْأَلَةٌ
لَمْ يَخْتَلِفْ أَبَدًا فِي حَلِّهَا اثْنَانِ
فَاللهُ مُذْ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَدَمٍ
مَا كَانَ يَقْصِدُ مِنْهُ خَلْقَ أَبْدَانِ
لِذَاكَ مَيَّزَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَسَمَا
رُوحًا وَعَقْلًا وَهَذَا خَيْرُ بُرْهَانِ
فَالْجِسْمُ فَانٍ وَرُوحُ الْمَرْءِ خَالِدَةٌ
مَا بَيْنَ عَالَمِنَا وَالْعَالَمِ الثَّانِي
فِي عَالَمِ الرُّوحِ تُنْهِي مَا بِهِ بَدَأَتْ
كَأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ فِي جِسْمِهَا الْفَانِي
وَسَوْفَ تَعْمَلُ مَا يُرْضِي الْإِلَهَ وَمَنْ
يُرْضِ الْإِلَهَ يَنَلْهُ خَيْرُ غُفْرَانِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤