الْغُرَابُ وَالثَّعْلَبُ
رَأَى الْغُرَابُ جُبْنَةً فِي دَارِ
               
               لِبَعْضِ قَوْمٍ مِنْ ذَوِي
                  الْيَسَارِ
               
               
            فَسَلَّ مِنْهَا قِطْعَةً وَطَارَا
               
               كَأَنَّهُ قَدْ مَلَكَ
                  الْإِمَارَهْ
               
               
            وَحِينَمَا حَطَّ عَلَى إِحْدَى الشَّجَرْ
               
               رَآهُ ثَعْلَبٌ
                  فَأَحْدَقَ النَّظَرْ
               
               
            فَلَمَحَ الْجُبْنَةَ فَاحْتَالَ عَلَى
               
               خَطْفِهَا مِنْهُ
                  مُظْهِرًا لَهُ الْوَلَا
               
               
            قَالَ لَهُ يَا مُحْسِنَ الْغِنَاءِ
               
               ومُخْجِلَ الطُّيُورِ
                  وَالظِّبَاءِ
               
               
            لِي سَنَةٌ أَطْلُبُ أَنْ أَرَاكَا
               
               لِأَسْمَعَ الرَّائِقَ مِنْ
                  غِنَاكَا
               
               
            فَهَلْ تَجُودُ بِالْغِنَا يَا سَيِّدِي
               
               فَتَرْوِيَ الْقَلْبَ
                  بِطِيبِ الْمَوْرِدِ
               
               
            •••
فَامْتَثَلَ الْغُرَابُ قَوْلَ الثَّعْلَبِ
               
               وَرَاحَ يَشْدُو
                  بِالْغِنَاءِ الْمُطْرِبِ
               
               
            فَأَوْقَعَ الْجُبْنَةَ مِنْ مِنْقَارِهِ
               
               غَنِيمَةً بَارِدَةً
                  لِجَارِهِ
               
               
            فَفَرِحَ الثَّعْلَبُ وَانْتَشَلَهَا
               
               بِفَمِهِ وَبَعْدَ أَنْ
                  أَكَلَهَا
               
               
            نَادَاهُ يَا غُرَابُ مَا ظَلَمْتُكَا
               
               بِمِثْلِ مَا عَامَلْتَ
                  قَدْ عَامَلْتُكَا
               
               
            سَلَبْتَ إِنْسَانًا عَلَيْكَ مَا اعْتَدَى
               
               وَمَا فَعَلْتَ
                  الْآنَ تَلْقَاهُ غَدَا
               
               
            وَالْمَالُ لَا يَخْرُجُ مِنْ كَفِّ الْفَتَى
               
               إِلَّا مِنَ
                  الْبَابِ الَّذِي مِنْهُ أَتَى
               
               
            مَقْتَلُ مَلِكِ السِّرْبِ الْأَسْبَقِ
طَرَقَ الْحُبُّ قَلْبَهُ فَاسْتَمَالَهْ
                  
                  لَيْتَه لَمْ يَكُنْ
                     أَطَاعَ غَزَالَةْ
                  
                  
               مَلِكٌ تَمْرَحُ الظِّبَا فِي حِمَاهُ
                  
                  وَهْوَ فِي أَسْرِهَا
                     فَأَيْنَ الْعَدَالَةْ
                  
                  
               يَا بَنِي السِّرْبِ تِلْكُمُ سُنَّةَ اللهِ
                  
                  فَهَلَّا
                     تَلَوْتُمُ أَقْوَالَهْ
                  
                  
               وَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَا
                  
                  دٍ فَلَا إِثْمَ
                     يَفْتَرِي أَوْ ضَلَالَةْ
                  
                  
               لَوْ نَظَرْتُمْ بِعَيْنِهِ أَوْ لَمَسْتُمْ
                  
                  بِيَدَيْهِ
                     بَنَانَ تِلْكَ الْغَزَالَةْ
                  
                  
               لَعَرَفْتُمْ قَدْرَ الْهَوَى وَعَلِمْتُمْ
                  
                  أَيُّ شَيْءٍ عَنِ
                     الْهُدَى قَدْ أَمَالَهْ
                  
                  
               قَدْ جَنَيْتُمْ عَلَيْهِمَا قَبْلَ أَنْ يَقْـ
                  
                  ـطَعَ كُلٌّ
                     مِنْ خِلِّهِ آمَالَهْ
                  
                  
               كَانَ أَوْلَى عَزْلُ الْمَلِيكِ عَنِ الْعَرْ
                  
                  شِ فَعَرْشُ
                     الْهَوَى غَدَا أَحْلَى لَهْ
                  
                  
               مِنْ مَمَاتٍ تَشَارَكَ اللَّحْظُ فِيهِ
                  
                  وَالْيَمَانِي
                     فَقَطَّعَا أَوْصَالَهْ
                  
                  
               وَهْوَ لَمْ يَرْوِ مِنْ «دراغا»١ غَلِيلًا
                  
                  
                  وَهْيَ بِاللَّحْظِ كَمْ رَوَتْ مِنْ
                     مَقَالَةْ
                  
                  
               يا له مَوقِفًا بِهِ انْتَفَضَتْ أَعْـ
                  
                  ـظُمُ صَرْعَى الهَوَى
                     أَمَامَ الجَلالَةْ
                  
                  
               صَائِحَاتٌ مِنْ عَالَمِ الْغَيْبِ تَرْجُو
                  
                  لِلْفَقِيدَيْنِ
                     عَفْوَهُ وَنَوَالَهْ
                  
                  
               
            
               ١ 
               
            اسم زوجته وكانت من عامة الشعب.