التعليقات

لم تصدر مذكرات آنَّا جريجوريفنا دستويفسكايا كاملة على الإطلاق. وقد قام ليونيد بتروفيتش جروسمان١ بنشر أكثر الطبعات اكتمالًا في عام ١٩٢٥م. انظر: أ. ج. دستويفسكايا، جوسيزدات، موسكو، ليننجراد، ١٩٢٥م. ويتضمن هذا الكتاب كل ما يتعلق بحياة دستويفسكي، وكذلك مقطعين مستقلين «ردي على ستراخوف» و«أصحاب المذكرات». وقبل ذلك بفترة، في عام ١٩٢٣م، نُشر لآنا جريجوريفنا عمل آخر بعنوان «اليوميات».

لقد شكلت المذكرات ويوميات عام ١٨٨٧م، اللتان نُشرتا في العشرينيات (من القرن العشرين) حدثًا أدبيًّا كبيرًا. وقد تمت ترجمتهما إلى اللغات الأوروبية الأساسية، ومنذ ذلك الحين أصبحتا محلًّا لاهتمام الباحثين في إبداع دستويفسكي؛ سواء من الأجانب أو السوفيت، باعتبارهما مادةً ذات أهمية قصوى لدراسة حياة وإبداع الكاتب. على أن نقصًا شابَ الطبعة الأولى من المذكرات، ظهر في افتقارها إلى استخدام هيئة تقوم بالمراجعة العلمية، وإلى تعليقات تاريخية أدبية؛ إذ تمثل هذه التعليقات أهمية فائقة لكتب الذكريات.

لقد أصبحت ذكريات آنَّا جريجوريفنا عملًا ببليوجرافيًّا نادرًا. وقد أعاد نشر مقاطع منها في كتاب «فيودور ميخايلوفيتش دستويفسكي في مذكرات معاصريه» (١٩٦٤م)، أعاد القارئ إلى صفحات مختارة من كتابَي آنَّا جريجوريفنا دستويفسكايا، وأكد في الوقت نفسه على ضرورة إعادة إصدار الذكريات في أكثر صورها الممكنة اكتمالًا.

في هذه الطبعة من «المذكرات»، وكما في الطبعة الأولى (١٩٢٥م)، يتم نشر الأبواب التي تتعلق مباشرة بحياة دستويفسكي (بدءًا من عام ١٨٦٦م وحتى عام ١٨٨١م). ويضم الكتاب أيضًا أكثر الأبواب أهمية، والتي تعود إلى ما قبل عام ١٨٨٦م (قبل لقاء آنَّا جريجوريفنا بدستويفسكي) وإلى ما بعد عام ١٨٨١م (أي بعد وفاة الكاتب). ففي المذكرات التي سبقت عام ١٨٦٦م، تحكي آنَّا جريجوريفنا بالتفصيل عن طفولتها وشبابها؛ عن والديها؛ وعن المحيط التي تعيش فيه؛ وعن أقاربها. كان هذا تسجيلًا لحياتها العائلية يتسم بالبساطة. ويتضمن هذا الكتاب، للمرة الأولى منذ تلك الفترة المبكرة، وحتى صدوره فصلين «مجيئي إلى الدنيا» و«التعليم»، ومن خلالهما نتعرف على الوضع الذي تشكلت من خلاله شخصيةُ زوجة الكاتب الذكية القادمة على نحو بليغ.

وتتضمن الطبعة التي بين أيدينا، كما في الطبعة الأولي، مذكراتِ ما بعد عام ١٨٨١م، وذلك في الفصلين «آفة النسيان عند فيودور ميخايلوفيتش» (وهذا الفصل يتوافق زمنيًّا مع الفترة من ١٨٦٦م وحتى ١٨٨١م)؛ «ردِّي على ستراخوف»، وكذلك الفصل المعنون «حديث مع تولستوي» (وقد نُشر للمرة الأولى في المنتخب «كولتورا» (الثقافة)، المجلد الأول، أوديسا، ١٩٢٣م؛ دار نشر «إيسكوستفو» (الفن)، ١٩٢٣م، العدد الثاني).٢

بدأت آنَّا جريجوريفنا دستوي دستويفسكايا كتابة مذكراتها منذ عام ١٩١١م وحتى عام ١٩١٦م، وقد أوشك العمر على الأفول، غاب العديد من الأحداث عن ذاكرتها، وبدت حتى دفاتر الاختزال والسجلات غير كافية دائمًا لترابط القص على نحو متتابع. أحيانًا ما نجد في المخطوطات تكرارًا عفويًّا، فقرات مفقودة اضطراريًّا. لم تنجح آنَّا جريجوريفنا في إعداد المخطوطة في شكلها النهائي لدفعها إلى المطبعة؛ فهي لم تقسمها إلى أجزاء كبيرة؛ الأمر الذي كان يشكل ضرورة ملحَّة، كما أنها لم تكن تعطي دائمًا عناوينَ للعديد من الفصول.

من الجائز أن يكون السبب وراء هذا «النقصان» هو الحجم الكبير للأجزاء غير المتساوية التي تم تحريرها في الطبعة الأولى (١٩٢٥م)، والفقرات المفقودة والاختصارات التي أُدخلت على جزء من النص، الذي طُبع كاملًا، ومن ثم شوَّه كثيرًا فكرة المؤلف٣ تنقسم «مذكرات» آنَّا جريجوريفنا دستويفسكايا إلى اثني عشر بابًا، تقع في تتابع زمني يتفق مع أكثر مراحل حياة دستويفسكي أهمية. أما عناوين الأبواب فقد وضعتها هيئة التحرير. وينقسم كل باب بدروه إلى فصول؛ وذلك، في حقيقة الأمر، بناء على موافقة صاحبة المذكرات، كما ترجع إليها عناوين الفصول (فيما عدا بعض الاستثناءات النادرة).

وبالمقارنة بالمخطوطة، تم إدخال عدد من التعديلات الضرورية إلى الطبعة الحالية؛ وَفقًا لمنطقية السرد وتتابع الفصول، وكذلك إدخال بعض المقاطع المستقلة إلى هذه الفصول.

تم نقل الفصل الأول من الباب الثاني «العام ١٨٦٧م» إلى الباب الثالث؛ تبعًا للفكرة. والفصل الثاني «١٨٧٤م. السفر إلى الخارج» إلى الباب السابع، وقد تكرر هذا الفصل في المخطوطة مرتين. ونقدم في هذه الطبعة النص الأكثر دقة. ولم نورد فيها الصفحة ٣٤٨؛ إذ إنها تكررت، وقد تم إدخالها في السياق الملائم في الفصل الخامس من الباب السابع. وفي الباب الثامن، الفصل السادس «العام ١٨٧٧م. شراء البيت. السفر إلى ميروبولي، نبوءة فيا»، قدمت آنَّا جريجوريفنا ملحوظة غير دقيقة؛ إذ كان من الضروري وضْع الفصل الخامس السابق «العام ١٨٧٧م. ضياع الصالون» في منتصف هذا الفصل. وقد ظلت هذه الفصول في الطبعة الحالية دون تعديلات وبنفس التتابع الذي كانت عليه في المخطوطة. وفي الباب التاسع، الفصل الثالث «العام ١٨٧٨م. التعرف على الأميرين العظيمين»، كتبت الملحوظة التالية على حواف المخطوطة بعيدًا عن خطاب قنسطنطين قنسطنطينوفيتش». وحيث إن آنَّا جريجوريفنا لم تضع إشاراتٍ دقيقةً تبين موضع هذا الخطاب، وحيث إن نقل الخطاب من موضعه يُخلُّ بالنص؛ فقد بقي في مكانه في الفصل الثالث من الباب التاسع، على النحو الذي كان عليه في المخطوطة. تم نقل الفصل الثامن، كما تمت الإشارة من قبل، وهو «آفة النسيان عند فيودور ميخايلوفيتش»، إلى الفصل التاسع من القسم الأخير لمخطوطة آنَّا جريجوريفنا دستويفسكايا؛ ومن ثم فقد وضع هذا الفصل، خلافًا للطبعة الأولى، في نهاية الباب لا في منتصفه. الفصل الثاني «بداية مطلع عام ١٨٨٠م. الأمسيات الثقافية. زيارة المعارف»، ويضم الباب العاشر فصلين مستقلين عن المخطوطة، وحيث إن الفصلين يكرر بعضهما بعضًا جزئيًّا، فقد تم دمجهما في هذه الطبعة في فصل واحد.

مخطوطة «مذكرات» آنَّا جريجوريفنا دستويفسكايا محفوظة بمكتبة الدولة بالاتحاد السوفيتي. التي تحمل اسم فلاديمير إيليتش لينين، وتتكون من سبعمائة واثنتين وتسعين صفحة بخط صاحبة المذكرات.

١  ليونيد بتروفيتش جروسمان (١٨٨٨–١٩٥٦م): عالم سوفيتي متخصص في الدراسات الأدبية؛ له دراسات عن دستويفسكي وبوشكين وتراجم في قالب روائي. (المترجم)
٢  جزء من هذه الذكريات نُشر منه فصل «مقدمة إلى مذكراتي عن المتحف» («كراستي أرخيف» (الأرشيف الأحمر)، ١٩٢٣م، المجلد الثالث).
٣  انظر: تعليق س. ليفين على هذه الطبعة في مقالة: المخطوط المشوَّه، مجلة ف. ليتيراتورنوم بوستو (في الموقع الأدبي)، ١٩٢٨م، العدد ٢٣، ص٦٠–٦٣.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤