الفصل الرابع عشر

الإدلاء بالشهادة

لم يُدْل لامونت بإفادته للمفتش في كارنينيش، ولكن أثناء الرحلة إلى الجنوب. طلب الدكتور أندرسون، عند سماعه ما تم طرحُه، راحةً يومًا إضافيًّا لمريضه. «أنت لا تريد أن يصاب الرجل بالتهابٍ في الدماغ، أليس كذلك؟»

جرانت، الذي كان يتوق بشدةٍ للحصول على شهادة مكتوبة، أوضحَ أن الرجل نفسه كان حريصًا على الإدلاء بشهادة، وأن الإدلاء بها سيؤذيه بالتأكيد بشكل أقلَّ من جعلها تختمر في عقله.

قال أندرسون: «قد يكون كل شيء على ما يُرام في البداية، ولكن عندما ينتهي، سيحتاج إلى يوم آخَر في الفراش. خذ بنصيحتي واتركها في الوقت الحالي.» لذا استسلم جرانت وترك أسيره يحظى بوقتٍ أطول ليصقل الحكاية التي كان بلا شك يُلفقها. اعتقد أنه لا يوجد أي قدر من الصقل، لحُسن الحظ، بإمكانه محو الأدلة. كان ذلك غيرَ قابل للتغيير، ولا شيء قد يقوله الرجل يمكن أن يغير الحقائق. قال لنفسه إنَّ تساويَ مقدار الفضول من جانبه والخوف على قضيته هو ما جعله شديدَ التوق لسماع ما لدى لامونت. لذلك أجبر نفسه على إظهار بعض الصبر. وذهب للصيد في البحر باستخدام القارب «ماستر روبرت» مع درايزدال، وكل ضجة صادرة من المحرك ذكَّرتْه بالسمكة التي اصطادها منذ ليلتين. ذهب لتناول الشاي في منزل القس، وبمواجهة وجه الآنسة دينمونت الهادئ ووعاء الفلفل الغريب بجانب الملح على الطاولة، كانت أفكاره بالكامل تقريبًا عن لامونت. ذهب إلى الكنيسة بعد ذلك، جزئيًّا لإرضاء مضيفه، ولكن بشكل أساسي لتجنُّب ما كان من الواضح أنه سيكون محادثة مع الآنسة دينمونت وجهًا لوجهٍ إذا بقي في الخلف، وجلس أثناء خطبة أثبت فيها السيد لوجان إرضاءً لنفسه ولجماعة المصلين أن ملك الملوك لم يستفد من رقصة الفوكستروت، وفكَّر باستمرار في الشهادة التي كان سيُقدمها له لامونت. عندما تلاشى الضجيج الكئيب للغاية الذي تضمَّنه مدحُ المناطق الجبلية في صمتٍ للمرة الأخيرة وأعلن السيد لوجان عن بَرَكة متملَّقة، صار يعتقد الآن أن بمقدوره العودةَ ليكون بالقرب من لامونت. سرعان ما أصبح مهووسًا به، وقد أدرك الحقيقةَ واستاء منها. عندما ذكَّرته السيدة دينمونت — لم تأتِ الآنسة دينمونت إلى الكنيسة — وهي تتمنى له ليلةً هانئة بأن السيارة ستتوقَّف في الغد عند بوابة منزل القس للسماح لهم بتوديع السيد لو، كانت صدمةً بالنسبة إليه أنه كان هناك المزيد من التمثيل الذي يتعيَّن فعله قبل مغادرته كارنينيش. لكن تبين أن الأمور أسهلُ مما كان يتوقَّع. لعب لامونت دوره كما لعبه أثناء تناول الشاي المصيري، ولم يشكَّ مضيفه ولا مضيفته في وجود أي خطأ أكثر خطورة من مسألة صحته. لم تكن الآنسة دينمونت موجودة. قالت والدتها: «قالت داندي إنها ودَّعتك بالفعل، ومن سوء الحظ أن يُودَّع المرء مرتين. وقالت إن لديك ما يكفي من سوء الحظ بالفعل. هل أنت شخص سيئ الحظ إذن؟»

قال لامونت بابتسامة رائعة: «جدًّا»، وبينما تبتعد السيارة، أخرج جرانت الأصفاد.

قال بفظاظة: «آسف. فقط حتى نصل إلى محطة القطار.» لكن لامونت كرر كلمة «سيِّئ الحظ!» كما لو كان يحب وَقْعها، فجأة. في المحطة انضم إليهما أحدُ رجال التحري وفي إنفرنيس كان لديهم مقصورة خاصة بهم. وبعد العشاء في تلك الليلة، عندما كان آخر ضوء يسير على التلال، عرَض لامونت، شاحبًا ومريضًا نوعًا ما، مرةً أخرى إخبارَهم بكل ما يعرفه.

قال: «لا أعرف الكثير. لكني أريدك أن تعرفه.»

قال جرانت: «هل تدرك أن ما تقوله يمكن استخدامُه ضدك؟ ربما يريدك محاميك ألا تقول شيئًا. كما ترى، أنت تضع خطَّ دفاعك في أيدينا.» وحتى في أثناء قوله ذلك، كان يتساءل: لماذا أنا شديدُ الحرص؟ لقد أخبرتُه بالفعل أن أي شيء يقوله يمكن استخدامه ضده. لكن لامونت أراد التحدُّث؛ لذلك أخرج الشرطيُّ دفتر ملاحظاته.

سأل لامونت: «من أين أبدأ؟ من الصعب معرفة من أين نبدأ.»

لماذا لا تُخبرنا كيف قضيتَ يوم مقتل سوريل، الذي مر عليه أسبوع يوم الثلاثاء الماضي — في اليوم الثالث عشر.

«حسنًا، حزَمْنا أمتعتَنا في الصباح، كان بيرت يُغادر إلى أمريكا في تلك الليلة، وأخذتُ أشيائي إلى شقتي الجديدة في بريكستون، وأخذ أغراضه إلى ووترلو.»

هنا خفق قلبُ المفتش بشدة. يا له من أحمق! لقد نسي كلَّ شيء عن أمتعة الرجل. لقد عرَف الكثير بالتعقب الخاطئ لآل راتكليف ثم بتعقب لامونت، لدرجة أنه لم يكن لديه الوقتُ لرؤية الشيء الماثل أمام عينَيه مباشرة. لا يعني ذلك أنه كان ذا أهمية قصوى، على أي حال.

«استغرقنا في ذلك حتى وقتِ الغداء. تناولنا الغداء في كوفنتري ستريت ليونز …»

«أين بالضبط؟»

«في طاولةٍ بإحدى الزوايا في الطابق الأول.»

«نعم؛ تابِع.»

«طوال الوقت الذي كنا نتناول فيه الغداء، تجادلنا بشأن ما إذا كنتُ سأذهب لوداعه أم لا. كنت أرغب في الذَّهاب إلى ساوثهامبتون معه ورؤيتِه يُبحر، لكنه لم يسمح لي بالحضور حتى إلى قطار الميناء في ووترلو. قال إنه لا يوجد أي شيء في العالم يكرهه مثل الوداع، خاصةً عندما كان يسافر بعيدًا. أتذكر أنه قال: «إذا لم يكن أحدهم يسافر بعيدًا، فلا داعي لذلك، وإذا كان سيسافر إلى الجانب الآخر من العالم، فلا فائدة من ذلك. فما الفائدة من بضع دقائق بصورة أو بأخرى؟» ثم في وقتِ ما بعد الظهر ذهبنا إلى وفينجتون لنشاهد عرض «ديدنت يو نو؟»»

قال جرانت: «ماذا! هل ذهبتَ إلى العرض في وفينجتون بعد الظهر؟»

«نعم؛ لقد تم ترتيب ذلك قبل وقتٍ طويل. حجز بيرت المقاعد. المقاعد الأمامية. لقد كان نوعًا من الاحتفال النهائي. في فترة الاستراحة أخبرني أنه سينضمُّ إلى صف انتظار الصالة من أجل العرض المسائي بمجرد خروجنا — فقد ذهب كثيرًا إلى «ديدنت يو نو؟» كان نوعًا من الهوَس بالعرض؛ في الواقع، ذهب كِلانا كثيرًا — وقلنا إننا سيُودِّع كلٌّ منا الآخرَ حينَها. بدَت لي طريقةً غير لائقة أن أقول وداعًا لصديق كنتَ تعرفه جيدًا كما كنتُ أعرف بيرت، لكنه كان دائمًا غريبًا، وعلى أي حال، إذا لم يكن يريدني، فلن أُصرَّ على التواجد معه. لذلك ودَّع أحدُنا الآخر خارج الجزء الأمامي من وفينجتون، وعدت إلى بريكستون لتفريغ أغراضي. كنت أشعر بأن الكيل قد طفح؛ لأنني وبيرت كنا صديقَين لدرجة أنه لم يكن لديَّ أيُّ شخص آخر يستحق الذكر، وقد شعرت بالوحدة في بريكستون بعد شقة السيدة إيفريت.»

«ألم تفكر في الذهاب مع سوريل؟»

«أردت ذلك، بالطبع، لكن لم يكن لدي المال. كنت آمُل لبعض الوقت أن يعرض إقراضي المال. كان يعلم أنني سأردُّه له بالتأكيد. لكنه لم يفعل ذلك قطُّ. لقد كنتُ متألمًا بعض الشيء حيال ذلك أيضًا. بكل الطرق كنتُ أشعر بأنني قد فاض بي الكيل. ويبدو أن بيرت نفسه لم يكن سعيدًا بذلك. فقد تمسَّك بيدي مثل أي شيء عندما كان كلٌّ منا يودِّع الآخر. وأعطاني طردًا صغيرًا وقال عِدْني بألا تفتحَه إلا بعد غد — أي اليوم الذي يلي إبحارَه. اعتقدت أنه كان نوعًا من هدايا الوداع، ولم أفكر في أي شيء أكثرَ من ذلك. كان طردًا أبيض اللون صغيرًا ملفوفًا في ورق مثل ذلك الذي يستخدمه الصاغة، وفي الواقع اعتقدت أن بداخله ساعة. كانت ساعتي تخرب دائمًا. واعتاد أن يقول: «إذا لم تحصل على ساعة جديدة، يا جيري، فلن تضبط مواعيدك أبدًا».»

اختنق لامونت فجأة وتوقف. مسح البخار بعناية من النافذة ثم استأنف:

«حسنًا، عندما كنتُ أفرغ أغراضي في بريكستون، لم أجد مسدسي. لم أستخدم هذا الشيءَ قط، بالطبع. كان مجرد تَذْكار حرب. لديَّ رخصة، على الرغم من أنك قد لا تعتقد ذلك. وأقول لك بصراحةٍ إنني أُفضِّل ألفَ مرة أن أقطع الأسلاك، أو أي شيء آخر من هذا القبيل، بدلًا من أن تُطاردني الشرطة في جميع أنحاء لندن. الأمر ليس سيئًا للغاية في العراء. إنه أشبهُ باللعبة بطريقة ما. لكن في لندن، الأمر أشبه بالوقوع في فخ. ألم تشعر أن الأمر لم يكن سيئًا للغاية في الريف بطريقةٍ ما؟»

اعترف المفتش: «نعم، شعرت بذلك. لكني لم أتوقَّع منك ذلك. اعتقدت أنك ستكون أكثرَ سعادةً في المدينة.»

قال لامونت: «سعيد! يا إلهي!» وصمت، ومن الواضح أنه يعيش التجرِبة في خياله مرة أخرى.

سأل المفتش: «حسنًا، هل فقدتَ مسدسك؟»

«نعم؛ فقدتُه. وعلى الرغم من أنني لم أستخدمه — فقد كان يُحتفَظ به عادةً به في درج مغلق في شقة السيدة إيفريت — كنتُ أعرف بالضبط المكان الذي وضعته فيه عندما كنت أحزم ثيابي. أعني مكان وجوده في صندوق الثياب. وحيث إنني حزمتُ أغراضي ذلك الصباح فقط، فقد كنت أُخرج الأشياء بعكس الترتيب الذي وضعتُها به؛ ولذا عرفت أنني قد فقدته في الحال. وبعد ذلك شعرت بالخوف بطريقةٍ ما — على الرغم من أنني لا أستطيع إخبارَك بالسبب حتى الآن. بدأت أتذكر كيف كان بيرت هادئًا مؤخرًا. كان دائمًا هادئًا، لكنه كان أكثر هدوءًا مؤخرًا. ثم ظننت أنه ربما كان يريد فقط سلاحًا لأنه ذاهبٌ إلى بلد غريب. ولكن حينها اعتقدت أنه كان بإمكانه طلب ذلك. كان يعلم أنني كنت سأعطيه إياه إذا طلب ذلك. على أي حال، كنتُ خائفًا نوعًا ما، على الرغم من عدم قدرتي على إخبارك بالسبب، وعدت مباشرة إلى صف الانتظار ووجدته. كان لديه مكانٌ جيد، قطع نحوَ ثلث الطريق؛ لذلك أعتقد أنه كان لديه صبي يحتفظ بمكانه من أجله. لا بد أنه كان ينوي طَوال الوقت أن يأتيَ في ليلته الأخيرة. لقد كان بيرت عاطفيًّا. سألته إن كان قد أخذ مسدَّسي فاعترف بذلك. لا أعرف لماذا أصبحتُ خائفًا جدًّا حينها فجأة. فبالنظر إلى الوراء، لا يبدو أن هناك شيئًا يدعو للخوف — فقد أخذ صديقك مسدسك. لكنني كنتُ خائفًا، وفقدتُ صوابي وقلت: «حسنًا، أريده الآن.» فقال: «لماذا؟» وقلت: «لأنه مِلكي وأنا أريده.» قال: «يا لك من حقير، جيري! ألا يمكنني استعارة أيِّ شيء منك حتى عندما أكون عازمًا على قطع نصفِ المسافة حول العالم وأنت عازمٌ على المكث في لندن القديمة الصغيرة الآمنة؟» لكني تمسكتُ باستعادته. ثم قال: «حسنًا، ستقضي وقتًا ممتعًا في تفريغ أغراضي من أجل ذلك، لكنني سأعطيك المفتاح والتذكرة.» عندها فقط خطر لي أنني كنتُ قد اعتبرت أن حمله المسدس كان أمرًا مسلَّمًا به. بدأت أشعر بالضآلة وأشعر أنني جعلت من نفسي أضحوكة. كنتُ دائمًا أفعل الأشياءَ أولًا وأفكر فيما بعد، وكان بيرت دائمًا يفكر مدةً طويلة في شيءٍ ما، وبعد ذلك يفعل تمامًا كما كان ينوي. كنا متناقِضَين من نواحٍ كثيرة. لذلك طلبت منه الاحتفاظ بتذكرته والمسدس أيضًا، ورحلت.»

الآن لم يُعثَر على تذكرة لغرفة المعاطف بحوزة سوريل.

«هل رأيت التذكرة؟»

«لا، لقد عرض عليَّ فقط إعطائي إياها.

في صباح اليوم التالي، تأخرتُ لأنني لم أكن معتادًا على الاعتماد على نفسي، واضطُرِرت إلى إعداد وجبة الإفطار الخاصة بي والتنظيف، لكنني لم أتسرع لأنني لم يكن لديَّ عمل. كنت آمُل أن أحصل على وظيفة وكيل مراهنات عند انطلاق «سباق الأراضي المستوية». كانت الساعة تقترب من الثانية عشرة عندما خرجت، ولم أكن أفكر في أي شيء سوى بيرت. طفح بي الكيل من الطريقة التي افترقنا بها والحماقةِ التي ارتكبتها لدرجة أنني ذهبتُ إلى مكتب بريد وأرسلت برقية إلى بيرت موجهة إلى سفينة «كوين أوف آرابيا»، تقول: «آسف. جيري.»»

«من أي مكتب بريد أرسلتَ البرقية؟»

«ذلك الموجود في شارع بريكستون الرئيسي.»

«حسنًا؛ تابع.»

«اشتريتُ جريدة وعدتُ إلى شقتي، ثم شاهدت الأخبار المتعلقة بجريمة القتل في صف الانتظار. لم يُذكر أي وصف للرجل إلا أنه كان شابًّا وحسَن المظهر، ولم أربط ذلك الوصفَ ببيرت. هل تعلم أنه عندما كنت أفكر في بيرت، كنت أفكر به دائمًا على متن السفينة بحلول هذا الوقت؟ إذا تم إطلاق النار على الرجل، كنت سأشعر بالذعر في الحال. لكن الطعن بخنجر كان مختلفًا.»

في هذه المرحلة نظر جرانت بدهشة مرتابة إلى لامونت. هل كان ثمة احتمالٌ ولو ضعيفًا أن الرجل يقول الصدق؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد كان البائس الأقسى قلبًا الذي أُتيح لجرانت قدرٌ كبير من التعاسة لمقابلته. لكن بدا أن الرجل غيرُ مدرك لفحص جرانت؛ فقد بدا مستغرقًا تمامًا في قصته. إذا كان هذا تمثيلًا، فقد كان أفضل ما شاهدَه جرانت على الإطلاق؛ وهو يعتبر نفسه خبيرًا.

«صباح الخميس عندما كنتُ أنظف، تذكرتُ طرد بيرت وفتحته. وفي الداخل كانت جميعُ أموال بيرت. شعرت بالذهول، وبطريقةٍ ما شعرت بالخوف مرة أخرى. لو حدث أي شيء لبيرت، لكنتُ سمعت عنه — أعني، اعتقدتُ أنني كنت سأسمع عنه — لكن لم يعجبني ذلك. لم يكن هناك رسالةٌ معها. لقد قال لي عندما سلَّمني الطرد: «هذا لك»، وطلب مني أن أعدَه بعدمِ فتحه حتى يحينَ الوقتُ الذي حدده. لم أكن أعرف ماذا أفعل حيال ذلك لأنني كنتُ لا أزال أعتقد أن بيرت في الطريق إلى نيويورك. خرجت وحصلت على جريدة. كانت جميعها تحمل العناوين الرئيسية الكبيرة المتعلقة بجريمة القتل في صف الانتظار، وهذه المرة كان هناك وصفٌ كامل للرجل وملابسه ومحتويات جيوبه. كان ذلك بالخط الأسود العريض، وعرَفت على الفور أنه بيرت، وركبت حافلة، فشعرت بالغثيان، لكنني كنت أقصد الذَّهاب إلى سكوتلانديارد على الفور وإخبارهم بكل ما أعرفه عن الأمر. في الحافلة قرأت بقية الخبر. قالوا إن جريمة القتل ارتكبها شخصٌ أعسر، وأرادوا معرفة من ترك الصف. ثم تذكَّرت أننا قد حظينا بجدالٍ يمكن أن يكون قد سمعه أي شخص، وأنني أمتلك كلَّ أموال بيرت دون شيء واحد يُظهِر كيف حصلت عليها. نزلت من الحافلة وأنا أتصبَّب عرَقًا مريعًا، ومشيت أفكر فيما يجب القيام به. كلما فكَّرت في الأمر، بدا أنني لا أستطيع الذهاب إلى سكوتلانديارد بقصةٍ كهذه. كنت في حيرة من أمري بين ذلك وترك بيرت يرقد هناك، بينما يُفلت الحقير الذي قتَله. كنت على وشك الجنون في ذلك اليوم. اعتقدت أنه إذا لم أذهب، فربما يتعقَّبون الرجل الصحيح. وحينها كنت أتساءل عمَّا إذا كنت سأستخدم ذلك كعذرٍ لعدم الذَّهاب — جُبْن، كما تعلم. ظلَّت أفكاري تدور على هذا النحو، ولم أستطع التوصل إلى أي قرار. يوم الجمعة قالوا إن الاستجواب سيُجرى في ذلك اليوم، ولم يدَّعِ أحدٌ معرفة بيرت. كانت هناك لحظةٌ خلال ذلك اليوم أوشكتُ فيها على الذهاب إلى سكوتلانديارد، وبعد ذلك، فقط عندما استنهض التفكيرُ في بيرت شجاعتي، تذكرت ما كان لديَّ من قصة ضعيفة عن نفسي. لذا بدلًا من ذلك أرسلت بعضًا من أموال بيرت لدفنِه. كنت أرغب في أن أقول مَن هو، لكنني كنت أعرف أن ذلك سيجلبهم جميعًا لي في دقيقة واحدة. ثم في صباح اليوم التالي رأيت أن لديهم أوصافي. كانوا يبحثون عني. كنت سأذهب حينَها طوعًا. لكن، في تلك الأوصاف، وردَ أن الرجل لديه ندبةٌ في الجزء الداخلي من إصبعه أو إبهامه. هذا أنهى الأمر. فقد حصلتُ على تلك الندبة» مد يدَه «كما أخبرتُك — وأنا أحمل صندوق الثياب على الدُّرج إلى شقتي. عَلِق بي الإبزيم وأنا أُنزلها. لكن هذا أنهى الأمرَ تمامًا. مَن سيُصدقني الآن؟ انتظرتُ حتى وقتٍ متأخر من بعد الظهر، ثم ذهبتُ إلى السيدة إيفريت. كانت الصديقةَ الحقيقية الوحيدة لدي، وكانت تعرفني. أخبرتها بكل شيء عن الأمر. لقد صدَّقتْني لأنها عرَفَتني، كما ترى، لكنها هي أيضًا رأت أنه لن يُصدقني أي شخص لا يعرفني.

لقد وصفتني بالمغفَّل، أو ما شابه، لأنني لم أذهب مباشرةً للإبلاغ عما أعرفه. هذا ما كانت ستفعله. كان لديها القدرة على التحكم فينا على حدٍّ سواء. اعتاد بيرت أن يُلقِّبها بالليدي ماكبث؛ لأنها كانت اسكتلندية واعتادت توبيخنا على فعل الأشياء عندما كنا نتردَّد بشأنها. قالت إن كل ما يمكنني فعله الآن هو الاختفاء. إذا لم يجدوني، كانت هناك دائمًا فرصةُ الوصول إلى الرجل الصحيح، وبعد ذلك ستمنحني المال للسفر إلى الخارج. لم أستطع استخدامَ مال بيرت، بطريقةٍ ما. عندما تركتها قطعتُ كل الطريق إلى المدينة لأنني لم أستطع تحمُّلَ فكرة العودة إلى شقتي دون أن أفعل شيئًا سوى الاستماعِ لوقع الأقدام على الدرج. اعتقدت أنني سأكون أكثرَ أمانًا في قاعةٍ لعرض الأفلام، وكنت أنوي الذهاب إلى شارع هايماركت. ثم نظرتُ إلى الوراء في شارع ستراند ورأيتك ورائي. أنت تعرف هذا الجزء. عدتُ إلى شقتي في الحال، ولم أخرج منها حتى أتت السيدة إيفريت يوم الإثنين وأخبرَتْني أنك ذهبتَ إليها. لقد جاءت معي إلى كينجز كروس وعرَّفَتني على الأشخاص في كارنينيش. أنت تعرف الباقي. بعد أن أمضيتُ يومًا في كارنينيش، بدأتُ أعتقد أن لديَّ فرصة، حتى رأيتك تدخل الغرفة لتناول الشاي.»

وغاص في الصمت. لاحظ جرانت أن يديه كانتا ترتجفان.

«ما الذي جعلك تعتقد أن المال الذي تقول أن سوريل تركه معك هو كل ما كان بحوزته؟»

«لأنه كان المبلغَ الذي يمتلكه في حسابه الخاص في البنك. كنتُ أنا مَن سحبه له قبلَ أكثرَ من أسبوع من موعد الإبحار. لقد سحبه كله باستثناء جنيه واحد.»

«هل كنتَ معتادًا على سحب الأموال له؟»

«لا، نادرًا. لكنه في ذلك الأسبوع كان مشغولًا بشكل رهيب بتسوية الأمور في المكتب والتنظيف بشكلٍ عام.»

«لماذا سحَبها بهذه السرعة إذا لم يكن بحاجةٍ إليها لدفع ثمن التذكرة، إذ من الواضح أنه لم يفعل ذلك؟»

«لا أعرف، ما لم يكن يخشى من ألا يكون لديه ما يكفي في حساب الشركة لسداد جميع الفواتير. لكن كان لديه ما يكفي. لم يكن عليه أيُّ ديون.»

«هل كان العمل جيدًا؟»

«نعم؛ ليس سيئًا. كما هو الحال دائمًا في الشتاء. نحن لا نُراهن بالكثير في سباق الصيد الوطني — أعني، لم نراهن. خلال «سباق الأراضي المستوية»، كانت الأمور جيدةً بما فيه الكفاية.»

«إذن فنهاية فصل الشتاء يعتبر موسمًا قاحلًا لسوريل؟»

«نعم.»

«وأنت متى سلمتَ المال إلى سوريل؟»

«عندما عدتُ من البنك مباشرة.»

«أنت تقول إنك تشاجرتَ مع سوريل بشأن المسدس. هل يمكنك إثبات أن المسدس كان يخصُّك؟»

«لا؛ كيف يمكنني ذلك؟ لم يعلم أحدٌ بالأمر لأنه كان مقفولًا عليه — أعني لا أحد سوى بيرت. كان محشوًّا بالرصاص بالضبط مثلما كان عندما جاءت الهدنة. لم يكن شيئًا يمكن تركُه دون مراقبة.»

«وفي رأيك ماذا كان يريد سوريل؟»

«لا أعرف. ليس لدي أيُّ فكرة. لقد فكرت في الانتحار. بدا الأمر على هذا النحو. ولكن فيما بعد لم يكن هناك سببٌ لذلك.»

«عندما قلت لي في كارنينيش إن امرأةً قتلت سوريل برأيك، ماذا كنت تقصد؟»

«حسنًا، كما ترى، كنتُ أعرف جميع أصدقاء بيرت من الرجال، ولم يكن لديه أيُّ صديقات — أعني فتيات أكثر من مجرد معارف. لكنني لطالما ظننتُ أنه ربما كانت هناك امرأةٌ قبل أن أعرفه. كان كَتومًا جدًّا بشأن الأشياء التي يهتمُّ بها، ولم يكن ليخبرني بها بأي حال من الأحوال. لقد رأيته أحيانًا يتلقى رسائلَ بخط يدِ امرأة، لكنه لم يعلق عليها مطلقًا، ولم يكن بيرت من النوع الذي يمكن مضايقته بشأن مثل هذه الأشياء.»

«هل وصل إليه خطابٌ من هذا النوع مؤخرًا — خلال الأشهر الستة الماضية، على سبيل المثال؟»

فكَّر لامونت بعضَ الوقت وقال نعم إنه يعتقد ذلك.

«أي نوع من الكتابات؟»

«كبيرة، بأحرفٍ مستديرة للغاية.»

«لقد قرأت وصفَ الخنجر الذي قتل سوريل. هل سبق لك أن تعاملت مع خنجر مثله؟»

«لم أتعامل مع خنجر مثله فحسب، بل إني لم أرَه مطلقًا.»

«هل لديك أي اقتراحات بشأن مَن أو ماذا تكون هذه المرأة الافتراضية؟»

«لا.»

«هل تقصد أن تقول إنك كنتَ صديقًا حميمًا لهذا الرجل لسنوات — فقد عشت معه بالفعل لمدة أربع سنوات — ومع ذلك لا تعرف شيئًا عن ماضيه؟»

«أعرف الكثيرَ عن ماضيه، لكن ليس ذلك. لم تكن تعرف بيرت أو لم تكن تتوقَّع منه أن يخبرني. لم يكن متكتمًا في الأمور العادية — فقط في الأشياء الخاصة.»

«لماذا كان ذاهبًا إلى أمريكا؟»

«لا أعرف. أخبرتُك أنني اعتقدتُ أنه لم يكن سعيدًا مؤخرًا. لم يكن قطُّ يتحمَّس لشيء، ولكن مؤخرًا — حسنًا، لقد كان شعورًا عامًّا أكثرَ من أي شيء يمكن أن تُطلق عليه اسمًا.»

«هل كان ذاهبًا بمفرده؟»

«نعم.»

«ليس مع امرأة؟»

قال لامونت بحدَّة: «بالتأكيد لا»، كما لو أن جرانت أهانه أو أهان صديقه.

«كيف علمتَ بذلك؟»

بحث لامونت في ذهنه، على ما يبدو أنه كان في حيرة من أمره. من الواضح أنه كان يُواجه للمرة الأولى احتمالَ أن يكون صديقه قد نوى السفرَ إلى الخارج مع شخصٍ ما ولم يُخبره بذلك. كان بإمكان جرانت أن يراه وهو يُفكر في الاقتراح ويرفضه. «لا أعرف كيف أعرفُ ذلك، لكنني أعرف. كان ليُخبرني بذلك.»

«إذن أنت تُنكر وجود أي معرفة تتعلق بالكيفية التي لقي سوريل بها حتفه؟»

«نعم. ألا تعتقد أنه إذا كان لديَّ أيُّ معرفة، فسأخبرك بكل ما أعرفه؟»

قال جرانت: «أتوقع أنك ستفعل! فالغموض الشديد في شُكوكك هو سمةٌ سيئة في خط دفاعك.» طلب من الشرطيِّ قراءةَ ما كتبه، ووافق لامونت على تطابُقِ ذلك مع ما قاله، ووقع كل صفحة بيدٍ مرتعشة. عندما وقع على آخر صفحة قال: «لا أشعر أني بخير. هل يمكنني الاستلقاءُ الآن؟» أعطاه جرانت دواءً كان قد حصل عليه بالتطفُّل على الطبيب، وفي غضون ١٥ دقيقة كان السجين يغطُّ في النوم بسبب الإرهاق التام، بينما ظلَّ آسره مستيقظًا يفكر في الشهادة.

لقد كانت جديرةً ظاهريًّا بالتصديق بشكل غير عادي. إنها مناسبة ومتناسقة بشكلٍ جميل. باستثناء عدم احتماليتها الأساسية، كان من الصعب انتقادُها. كان لدى الرجل تفسيرٌ لكل شيء. الأوقات والأماكن، وحتى الدوافع ملائمة. كانت روايته لمشاعره المفترَضة، من اكتشاف فقدان المسدس وما تلا ذلك، انتصارًا لمحاكاةِ الحقيقة. هل كان من الممكن، ولو من بعيد، أن تكون شهادةُ الرجل صحيحة؟ هل كانت هذه هي القضية من بين ألف حيث الأدلةُ الظرفية، الكاملة في كل شيء، كانت مجرد سلسلةٍ من الأحداث، غير ذات صلةٍ تمامًا وغير صادقة بشكل هائل نتيجة لذلك؟ ولكن حينها يأتي ضعفُ قصة الرجل — عدم الاحتمالية الأساسية! فبرغم كل شيء، كان لديه ما يقرب من أسبوعين لتشكيل تفسيرِه، وتسويته، وصَقْله، وجعله مناسبًا لكل تفصيلة. ليس من الذكاء عدمُ الوصول إلى حكايةٍ مقبولة بشكل محتمل عندما تكون الحياة نفسها على المحك. كان عدمُ وجود أحدٍ للتحقُّق من حقيقة النقاط الحيوية أو خلاف ذلك من سوء حظِّه ومصلحته في آنٍ واحد. وخطر لجرانت أن الطريقة الوحيدة للتحقُّق من تصريح لامونت كانت بالكشف عن قصة سوريل؛ لأنه لا بد من وجود قصة، كما شعَر جرانت. لو كان بإمكانه اكتشافُ أن سوريل كان ينوي الانتحارَ حقًّا، فهذا سينجح في إثبات قصة لامونت عن المسدس المسروق والهدية المالية. وهناك نصَب جرانت قامته. إثبات قصة لامونت؟ هل كان هناك احتمال لحدوث مثل هذا الشيء؟ إذا كان الأمر كذلك، فقضيَّتُه بأكملها ذهبَت هباءً، ولم يكن لامونت مذنبًا، وقد اعتقَل الرجلَ الخطأ. ولكن هل كانت هناك مصادفةٌ ضِمن حدود الاحتمالية من شأنها أن تضَع في صف انتظارِ مسرحٍ واحد رجلَين، كلاهما أعسَر، وكلاهما لديه ندبة بإصبَع من تلك اليد، وكلاهما من مَعارف القتيل؛ ومن ثم كلاهما قاتلان محتملان؟ رفض تصديقَ ذلك. لم تكن مصداقيةُ حكاية الرجل هي التي ضلَّلته، ولكن المصداقية الاستثنائية لطريقة سردِها. وما كان ذلك إلا معقولية ظاهرية!

استمر عقلُه في التفكير في الأمر. لمصلحة الرجل — مجددًا! — حقيقة تطابق البصمات الموجودة على المسدس وتلك الموجودة على الرسالة التي تحتوي على النقود. إذا ثبَت تطابقُ البصمات التي أرسلها من كارنينيش مع هذه البصمات، فإن قصة الرجل كانت صحيحةً إلى هذا الحد. ويمكن التحقُّق من قصة رسائل سوريل من المصدر الأنثوي عن طريق تطبيقها على السيدة إيفريت. من الواضح أن السيدة إيفريت كانت تعتقد أن لامونت بريء، وقد بذلَت جهودًا كبيرة لدعم قناعتها؛ لكنها بعد ذلك كانت متحيِّزة؛ ومن ثم فهي ليست مؤهلةً للحكم على الأمور.

لنفترض، إذن، أن حكاية الرجل كانت مختلَقة، فما مجموعةُ الظروف التي تُفسر قتله لسوريل؟ هل من الممكن أنه استاء من رحيل صديقه دون أن يعرض عليه مساعدتَه، لدرجة أنه قد يرتكب جريمةَ قتلٍ من أجل ذلك؟ لكن كان بحوزته أموال سوريل. وإن كان قد حصل على هذا المال قبل وفاة سوريل، فلن يكون لديه سببٌ لقتله. ولو لم يفعل، لكان قد عُثر على المال بحوزة سوريل. أو لنفترض أنه حصل على المال عن طريق سرقة محفظة صديقه خلال وقتِ ما بعد الظهر، فلن يكون هناك أيُّ دافعٍ للقتل، ولتوفَّرَت كلُّ الأسباب التي تدعو للابتعاد عن صف الانتظار. كلما فكَّر جرانت في الأمر، أصبح من المستحيل ابتكارُ نظريةٍ جيدةٍ حقًّا عن سبب قتل لامونت لسوريل. والأهم من ذلك كله أن مجيئه إلى مكان عام مثل صفِّ انتظار المسرح ليتجادل مع صديقه حول شيءٍ ما؛ كان لصالحه. لم يكن ذلك تمهيدًا معتادًا للقتل المتعمَّد. لكن ربما لم يكن القتل متعمدًا. لم يعطِ لامونت انطباعًا لرجلٍ كان ينوي القتلَ منذ مدة طويلة جدًّا. ألم يكن الخلافُ حول المسدس إطلاقًا ولكن حول شيء أكثرَ مرارة؟ هل كانت هناك امرأةٌ في القضية، على سبيل المثال؟ وبدون أي سبب تذكَّر جرانت لحظةً وجهَ لامونت عندما خرجَت الآنسة دينمونت من الغرفة كما لو لم يكن هناك، ونبرات صوته عندما كان يروي قصة حب سوريل المشتبَه بها، ورفض هذه النظرية.

ماذا عن الأعمال؟ من الواضح أن لامونت شعر بفقره النسبي بشدة، واستاء من افتقار صديقه إلى التعاطف. هل كان «فاض بي الكيل» تعبيرًا لطيفًا عن الاستياء الخانق الذي أشعل الكراهية؟ لكن — بعد أن حصل على ٢٢٣ جنيهًا — لا، لم يكن يعلمُ بالطبع عن ذلك إلا في وقت لاحق. ربما كانت قصةُ الطرد تلك صحيحة، وظن أنها تحتوي على ساعة اليد المتوقَّعة. فبرغم كل شيء، لا يتوقع المرء أن يتلقى ٢٢٣ جنيهًا من صديقٍ ترك كلَّ ثروته. كان ذلك ممكنًا ويُحتمل حدوثه. لقد ودعه، وبعد ذلك — ولكن ما الذي تجادل بشأنه؟ لو كان عاد لِطَعْن سوريل، لما لفَتَ الانتباهَ إلى نفسه. وماذا كان سوريل ينوي أن يفعل؟ إذا كانت قصة لامونت صحيحة، فإن التفسير الوحيد لسلوك سوريل هو الانتحار المتعمَّد. كلما فكَّر جرانت أكثر، زادت ثقته بأنه لا يوجد شيءٌ سوى إلقاء الضوء على تاريخ سوريل لتوضيح المشكلة وإثبات إدانة لامونت أو — بشكلٍ لا يمكن تصديقه! — براءته. كان أول ما عمله عندما عاد إلى المدينة هو القيامَ بما أهمله في استعجالِه للقبض على لامونت — العثور على أمتعةِ سوريل وفحصها. وإذا لم يُسفر ذلك عن شيء، فسوف يقابل السيدة إيفريت مرةً أخرى. إنه يودُّ مقابلة السيدة إيفريت مرة أخرى!

ألقى نظرةً أخيرة على لامونت النائم بسلام، وقال كلمةً أخيرةً للشرطي اليقظ المتبلِّد الحس، وهيَّأ نفسه للنوم، قلقًا، ولكن عازمًا. هذا الأمر لن يُترَك حيث كان.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤