المحترفون!

عادت الخطوط التليفونية إلى العمل قرب منتصف الليل، وبسرعة اتصل «أحمد» بعميل رقم «صفر» وطلب منه إرسال برقية باسمه إلى رقم «صفر»؛ لإرسال ثلاثة من الشياطين، ووافق رقم «صفر» وقال إن قرب الفجر سيركب «مصباح» و«باسم» … و«رشيد» الطائرة إلى «واشنطن» على أن تنتظرهم سيارة لتُقلَّهم إلى «نيويورك»، وبعد حسابات فروق التوقيت تقرَّر أن تنتظرهم السيارة في مساء اليوم التالي.

وظلت الاتصالات بين عميل رقم «صفر» والشياطين باستمرار حتى يتم ترتيب التحاق «مصباح» و«باسم» و«رشيد» بفرقة «كارلو» …

وفي مساء اليوم التالي … كانت السيارة الكاديلاك بقيادة «عثمان» تنقل الثلاثة من مطار «واشنطن» إلى موتيل «جورج» …

ومنذ فترةٍ طويلة لم يجتمع هذا العدد الكبير من الشياطين في مغامرةٍ واحدة … وقد زاد ذلك من مرحهم، ومن ثقتهم في الانتصار …

جلسوا لمناقشة الخطة … كان الاتفاق أن يقوم طبيب الزعيم وهو في نفس الوقت صديق «كارلو» بتقديم الشياطين الثلاثة إليه … فإذا نجحوا في الاختبار فإنهم بهذا يدخلون إلى «برج الشيطان» … وعليهم أن يساعدوا «كارلو» في الانتصار على الفرق الأخرى … وفي نفس الوقت يعرفون مكان كنوز «باتشينو» من النقد السائل والسبائك الذهبية.

ولما كانت «قلعة الشيطان» أو «برج الشيطان» تقع على الطرف البعيد لجزيرة «لونج أيلندا» فإن بقية الشياطين «أحمد» و«عثمان» و«إلهام» و«زبيدة» عليهم الانتظار في قاربٍ سريع لنقل الثروة، وهي في أغلبها من النقود التي استولى عليها «باتشينو» من البنوك؛ أي اﻟ «٣٠٠ مليون دولار» التي أخذها من الحسابات العربية في البنوك الأمريكية …

في فجر اليوم التالي، في قلب الغابة، وعلى أهدافٍ متحركة تم عمل اختبارٍ قاده «أحمد» للشياطين الثلاثة في إطلاق النار … وقد كانت درجاتهم جميعًا ١٠٠٪ فلم يخطئ واحدٌ منهم في إصابة الهدف مرةً واحدة.

واتصل عميل رقم «صفر» بالشياطين، وقال إن مندوبًا من «كارلو» سينتظر الشياطين الثلاثة، قرب فندق «كوزموبوليتان» عند شاطئ مانهاتن … وركب الثلاثة تاكسيًا إلى المكان … ووجدوا في انتظارهم رجلًا متجهِّم الوجه … يبدو أنه كان ملاكمًا قديمًا … أخذ يتفحصهم كأنهم خيول على وشك أن يشتريها … كان يضغط على الذراعَين … ويضرب بقبضته بطن كل واحدٍ منهم … ثم هزَّ رأسه علامة الرضا، وطلب منهم أن يركبوا معه …

دخلوا إلى جزيرة «لونج أيلندا» … وساروا مسافةً طويلة، ثم انحرفوا إلى مبنًى يشبه المخزن مبنيٍّ بالطوب الأحمر، ومسلح بكمرات الحديد الضخمة … ونزلوا منه … وعندما اجتازوا المدخل، أحسوا أنهم دخلوا سجنًا … كان مظلمًا ورطبًا …

وأغلق الرجل الباب … ثم أضاء النور وشاهدوا مجموعة من الدُّمى على شكل الجسم البشري … معلقة في أماكنَ مختلفة وأوضاعٍ مختلفة … ووزَّع على كل واحدٍ منهم مسدسًا ضخمًا … ثم أطلق هو طلقة واحدة أسقطت إحدى الدمى … ثم طلب منهم إطلاق رصاص من أوضاعٍ مختلفة على الدمى … وهم راكزون … وهم يجرون … وهم في وضع الانبطاح على الأرض … ثم أخذ يطلق هو الرصاص عليهم في أوضاع مختلفة طالبًا الاشتباك دون التعرض للقتل.

استمر الاختبار نحو نصف ساعة وقال الرجل في النهاية وهو يمدُّ يده لمصافحتهم: لم أرَ أحدًا منذ زمنٍ بعيد بهذه الكفاءة … إنكم من الآن من رجالي … وسأطلب من «كارلو» أن تنضموا إلى القسم الذي أديره شخصيًّا …

وفُتحت الأبواب … واصطحبهم الرجل إلى جناحٍ ضخم من المبنى … وطلب منهم الانتظار، ثم دخل إلى غرفة … وبعد لحظات خرج واستدعاهم …

وعندما دخلوا إلى الغرفة الواسعة … شاهدوا رجلًا ضخمًا يشبه الغوريلا طويل الذراعَين بطريقةٍ غير عادية … وكان يتناول طعامه … نظر إليهم نظرةً واحدة ثم استمر يأكل …

وقال: هؤلاء!

رد الرجل: نعم يا «كارلو».

قال: ولكنهم صغار السن جدًّا!

الرجل: إن عظامهم قوية!

وهو تعبير القصد به أنهم محترفون …

كارلو: إن ساعة الصفر غدًا في منتصف الليل … سيكون أكثر رجال «منداليني» و«برازي» و«جياكومو» في الخارج … فهناك شحنة بضاعةٍ كبيرةٌ قادمة وسينشغلون في تأمينها!

الرجل: سنكون جاهزين أيها القائد!

كارلو: أعطهم بعض المال، واتركهم يقضون وقتهم كما يشاءون، تحت رقابتك طبعًا!

الرجل: بالتأكيد يا سيدي!

خرج الشياطين الثلاثة، وقد فهموا كل شيء … فسوف يخرج أكثر أعوان القادة الثلاثة وسيبقى رجال «كارلو» وهو معهم للانقضاض على الباقين … والإجهاز على «باتشينو» والحصول على ثروته.

كانت معلوماتٍ في غاية الأهمية، ويجب إبلاغها فورًا إلى بقية الشياطين … فقال «رشيد»: اسمح لنا يا سيدي بالذهاب إلى المدينة … إننا في حاجة إلى الترفيه!

الرجل: سيذهب أحد رجالي معكم!

رشيد: طبعًا يا سيدي … فنحن قادمون من «تكساس» ولا نعرف الكثير عن نيويورك!

أشار الرجل إلى أحد أعوانه وقال: «روكي» … تعال هنا … خذ هؤلاء الأولاد، ودَعْهم يروِّحون عن أنفسهم قليلًا … ولكن لا تدعْهم يغيبون عن بصرك!

روكي: تأكد من ذلك يا سيدي!

استخدموا سيارة من طراز شيفروليه … وقادها «روكي» الذي كان يمضغ اللبان، ويغني في نفس الوقت … وقال لهم في الطريق: سأختار لكم علبةً ممتازة!

كان يقصد علب الليل التي يتردد عليها رجال العصابات … لم يكن عند الثلاثة مانع … المهم أن يعثروا على تليفون يتحدثون منه إلى بقية الشياطين!

ذهبوا إلى «تشايناتاون»، واختار «روكي» ملهًى يقع في الطابق الثاني من إحدى العمارات وقال ضاحكًا: إن البوليس لا يستطيع مهاجمة هذه العلبة … ففي الدور الأول يقف بعض الحراس الأشداء … فإذا حاول البوليس الهجوم أنذرونا فنستطيع أن نصعد في مصعدٍ خاص إلى الدور الخامس حيث توجد شقة تحمل اسم إحدى شركات «باتشينو» فنختفي فيها.

وقال «باسم»: إنه تدبير محكم!

روكي: سوف تسعدون كثيرًا!

كان الملهى الليلي أو العلبة كما يسميها «روكي» مكانًا ضيقًا تتناثر فيه موائد اللعب، وتنعقد في سمائه سحب الدخان، وكان «روكي» موضع ترحيبٍ شديد من الموجودين وقدم الثلاثة لهم بالأسماء التي تقدموا بها إلى «كارلو»، وسرعان ما جلس «روكي» إلى إحدى الموائد وقال: افعلوا ما يحلو لكم … إنني سوف أدفع الحساب!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤