الفصل الحادي عشر

المعلقات أو القصائد العشر الطوال

مع بيان أنساب قائليها واختلاف الروايات ونسبتها لرواتها والكلام على غريب ما في ذلك من اللغة وما يحتاجه القارئون من المسائل النحوية من صنيع الأديب الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي رحمه الله.

المعلقة الأولى

لامرئ القيس بن حُجُر بن الحارث بن عمرو وهو المقصور ابن حُجْر، وهو آكل المُرار ابن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مُرتِع الكندي، وهي:

قفا نبك١ من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدَّخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها
لما نسجتها من جنوبٍ وشمأل
ترى بعر الأرآم في عرصاتها
وقيعانها كأنه حبُّ فلفل
كأني غداة البين٢ يوم تحمَّلوا
لدى سمُرات الحيِّ ناقفُ حنظل
وقوفًا بها صحبى٣ عليَّ مطيهم
يقولون لا تهلك أَسًى وتجمل
وإن شفائي عَبرةٌ٤ مهراقةٌ
فهل عند رسمٍ دارسٍ من معول
كدأبك٥ من أمِّ الحويرث قبلها
وجارتها أُمِّ الرباب بمأسل
إذا قامتا تضوَّع المسك منهما
نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
ففاضت دموع العين مني صبابةً
على النَّحر حتى بلَّ دمعي محملي
ألا٦ رُبَّ يومٍ لك منهن صالحٍ
ولا سيَّما يومٍ بدارة جلجل
ويوم عقرت للعذارى مطيَّتي
فيا عجبًا من كورها المتحمل
فظل العذارى يرتمين بلحمها
وشحم كهدَّاب الدِّمقس المفتَّل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزةٍ
فقالت لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معًا
عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزل
فقلت لها سيري وأرخي زمامه
ولا تبعديني من جناك المعلل
فمثلك حُبلى٧ قد طرقتُ ومُرضِعٍ
فألهيتها عن ذي تمائم مُحوِل
إذا ما بكى٨ من خلفها انصرفت له
بشقٍّ وتحتي شقُّها لم يحوَّل
ويومًا على ظهر الكثيب تعذرت
عليَّ وآلت حلفةً لم تحلِّل
أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل
وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
وإن تك٩ قد ساءتك مني خليقةٌ
فسُلِّي ثيابي من ثيابك تنسل
أغرَّك مني أن حُبَّك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرفت عيناك١٠ إلَّا لتضربي
بسهميك في أعشار قلبٍ مقتَّل
وبيضة خدرٍ١١ لا يرام خباؤها
تمتَّعت من لهوٍ بها غير معجل
تجاوزت أحراسًا إليها١٢ ومعشرًا
عليَّ حراصًا لو يسرُّون مقتلي
إذا ما الثريا في السماء تعرضت
تعرُّض أثناء الوشاح المفصَّل١٣
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها
لدى الستر إلا لبسة المتفضِّل١٤
فقالت يمين الله ما لك حيلةٌ
وما إن أرى عنك الغواية تنجلي١٥
خرجت بها تمشي تجرُّ وراءنا
على أثرينا ذيل مرطٍ مرحَّل١٦
فلما أجزنا ساحة الحيِّ وانتحى
بنا بطن خبتٍ ذي حقافٍ عقنقل١٧
هصرت بفَوْدَي رأسها فتمايلت
عليَّ هضيم الكشح ريَّا المخلخل١٨
مهفهفةٌ بيضاء غير مفاضةٍ
ترائبها مصقولةٌ كالسجنجل١٩
كبكر المقاناة البياض بصفرةٍ
غذاها نمير الماء غير المحلَّل٢٠
تصدُّ وتبدي عن أسيل وتتقي
بناظرةٍ من وحشٍ وجرة مطفل٢١
وجيدٍ كجيد الرئم ليس بفاحشٍ
إذا هي نصَّته ولا بمعطَّل
وفرع يزين المتن أسود فاحمٍ
أثيثٍ كقنو النخلة المتعثكل
غدائره مستشزراتٌ إلى العلا
تضل العقاص في مثنى ومرسل٢٢
وكشح لطيفٍ كالجديل مخصَّرٍ
وساقٍ كأنبوب السقيِّ المذلل
وتُضحي فتيت المسلك فوق فراشها
نئوم الضحى لم تنتطق عن تفضل ٢٣
وتعطو برخصٍ غير شثن كأنه
أساريع ظبيٍ أو مساويك إسحل
تضيء الظلام بالعشاء كأنها
منارة ممسى راهبٍ متبتل
إلى مثلها يرنو الحليم صبابةً
إذا ما اسْبَكَرَّتْ بين دِرْعٍ ومِجْوَلِ
تسلَّت عمايات الرجال عن الصبا
وليس فؤادي عن هواك بمنسل٢٤
ألا ربَّ خصمٍ فيك ألوى رددته
نصيحٍ على تعذاله غير مؤتل
وليل كموج البحر أرخى سدوله
عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطَّى بصلبه
وأردف أعجازًا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل٢٥
فيا لك من ليلٍ كأن نجومه
بكل مغار الفتل شدَّت بيذبل
كأنَّ الثريَّا علِّقت في مصامها
بأمراس كَتَّانٍ إلى صُمِّ جَنْدَلِ
وقربة أقوامٍ جعلت عصامها
على كاهلٍ منِّي ذلولٍ مرحَّل٢٦
ووادٍ كجوف العير قفرٍ قطعته
به الذئب يعوي كالخليع المعيَّل
فقلت له لمَّا عوى إنَّ شأننا
قليل الغنى إن كنت لمَّا تموَّل
كلانا إذا ما نال شيئًا أفاته
ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل
وقد أغتدي والطير في وكُناتها
بمنجردٍ قيد الأوابد هيكل٢٧
مكرٍّ مفرِّ مقبلٍ مدبرٍ معًا
كجلمود صخر حطَّه السيل من عل٢٨
كُميتٍ يزلُّ اللِّبد عن حال متنه
كما زلت الصفواء بالمتنزَّل٢٩
على الذَّبل جيَّاشٍ كأن اهتزامه
إذا جاش فيه حميه غلي مرجل٣٠
مسحٍّ إذا ما السَّابحات على الونى
أثرن الغبار بالكديد المركَّل٣١
يزلُّ الغلام الخفُّ عن صهواته
ويلوي بأثواب العنيف المثقَّل
دَريرٍ كخَذروف الوليد أمرَّه
تتابُع كفيه بخيطٍ موصَّل
له أيطلَا ظبيٍ وساقَا نعامةٍ
وإرخاء سرحانٍ وتقريب تتفُل
ضليع إذا استدبرتَه سدَّ فرجه
بضافٍ فويق الأرض ليس بأعزل٣٢
كأنَّ على المتنين منه إذا انتحى
مداك عروسٍ أو صلاية حنظل٣٣
كأن دماء الهاديات بنحره
عصارة حنَّاء بشيبٍ مرجل
فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجه
عذارى دوارٍ في ملاءٍ مذيَّل٣٤
فأدبرن كالجزع المفصَّل بينه
بجيد معمٍّ في العشيرة مخوَل٣٥
فألحقنا بالهاديات ودونه
جواحرها في صرَّةٍ لم تزيل٣٦
فعادى عداءً بين ثورٍ ونعجة
دراكًا ولم ينضح بماءٍ فيغسل
فظلَّ طهاة اللحم من بين منضجٍ
صفيف شواءٍ أو قديرٍ معجل٣٧
ورحنا يكاد الطرف يقصر دونه
متى ما ترق العين فيه تسفل٣٨
فبات عليه سرجه ولجامه
وبات بعيني قائمًا غير مرسل
أصاحِ ترى برقًا أُريكَ وميضَه
كلمع اليدين في حبِيٍّ مكلل٣٩
يضيء سناه أو مصابيح راهبٍ
أمال السليط بالذُّبال المفتل٤٠
قعدت له وصحبتي بين ضارجٍ
وبين العذيب بعد ما متأمِّلي٤١
على قَطنٍ بالشيم أيمن صوبه
وأيسره على الستَّار فيذبل٤٢
فأضحى يسحُّ الماء حول كتيفةٍ
يكبُّ على الأذقان دوح الكنهبل٤٣
ومرَّ على القنان من نفيانه
فأنزل منه العُصم من كلِّ منزل٤٤
وتيماء لم يترك بها جذع نخلةٍ
ولا أطمًا إلَّا مشيدًا بجندل٤٥
كأنَّ ثبيرًا في عرانين وبله
كبير أناسٍ في بجادٍ مزمل٤٦
كأنَّ ذرى رأس المجيمر غدوةً
من السيل والغثاء فلكة مغزل٤٧
وألقى بصحراء الغبيط بَعَاعَهُ
نزول اليماني ذي العياب المحمل٤٨
كأنَّ مكاكيَّ الجواء غُدية
صبحن سلافَا من رحيقٍ مُفلفلِ٤٩
كأنَّ السِّباع فيه غرقى عشيَّةً
بأرجائه القصوى أنابيش عُنصُل٥٠

المعلقة الثانية

لطرفة بن العبد البكري، وهو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة وهو الحصن بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن مَعَدِّ بن عدنان، وهي:

لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد٥١
وقوفًا بها صحبى عليَّ مطيَّهم
يقولون لا تهلك أسًى وتجلد
كأنَّ حدوج المالكيَّة عدوةً
خلايا سفينٍ بالنَّواصف من دَدِ
عدوليَّةٌ أو من سفين ابن يامنٍ
يجور بها الملاح طورًا ويهتدي٥٢
يشقُّ حباب الماء حيزومُها بها
كما قسم الترب المفايل باليد
وفي الحيِّ أحوى ينفض المردَ شادن
مُظاهر سِمْطَى لؤلؤٍ وزبرجد
خذولٌ تراعي ربربًا بخميلةٍ
تناول أطراف البرير وترتدي
وتبسم عن ألمى كأن منوِّرًا
تخلل حرَّ الرمل دعصٍ له ند
سقته إياةُ الشَّمس إلا لثاته
أُسفَّ ولم تكدم عليه بإثمد٥٣
ووجهٌ كأن الشَّمس ألقت رداءها
عليه نقيُّ اللَّون لم يتخدَّد٥٤
وإني لأمضي الهمَّ عند احتضاره
بعوجاء مرقال تروح وتغتدي
أُمُونٍ كألواح الإران نصأتها
على لاحبٍ كأنه ظهر بُرجُد٥٥
جُماليةٍ وجناءَ تردي كأنها
سفنجةٌ تبري لأزعر أربد٥٦
تباري عتاقًا ناجياتٍ وأتبعت
وظيفًا وطيفًا فوق مورٍ معبَّد
تربَّعت القفَّيْن في الشَّول ترتعي
حدائق موليِّ الأسرَّة أغيد
تريع إلى صوت المهيب وتتقي
بذي خصلٍ روعات أكلف ملبد٥٧
كأن جناحي مِضرِحِيٍّ تكنفا
حِفافيه شُكَّا في العسيب بمسرد
فطورًا به خلف الزَّميل وتارةً
على حشفٍ كالشَّنِّ ذاوٍ مجدَّد
لها فخِذَان أكمل النَّحضُ فيهما
كأنهما بابَا منيفٍ ممرَّد٥٨
وطيُّ محالٍ كالحنيِّ خلوفه
وأجرنةٌ لزَّت بدأيٍ منضد
كان كناسي ضالة يكنفانها
وأطرَ قسيٍّ تحت صلب مؤيد
لها مرفقان أفتلان كأنها
تمرُّ بسلمى دالجٍ متشدِّد٥٩
كقنطرة الرُّوميِّ أقسم ربها
لتكتنفنَّ حتى تساد بقرمد٦٠
صهابية العثنون موجدة القرا
بعيدة وَخْدِ الرَّجل موَّارة اليد
أُمِرَّتْ يداها فتل شزرٍ وأُجنحت
لها عضداها في سقيفٍ مسند
جنوحٌ دقاقٌ عندلٌ ثم أفرعت
لها كتفاها في معالي مصعِّد
كأن علوتَ النسع في دأياتها
موارد من خلقاء في ظهر قردد
تلاقَى وأحيانًا تَبينُ كأنها
بنائق غرٌّ في قميصٍ مقدِّد
وأتلع نهاضٌ إذا صعَّدت به
كسكَّان بوصيٍّ بدجلة مصعد٦١
وجمجمةٌ مثل العلاة كأنما
وَعَى الملتقى منها إلى حرف مبرد٦٢
وخدٌّ كقرطاس الشآمِي ومِشفرٌ
كَسَبْت اليماني قدُّه لم يُجرَّد٦٣
وعينان كالماويتين استكنَّتا
بكهفي حَجَاجَيْ صخرةٍ قلت مورد
طحوران عوَّار القذى فتراهما
كمكحولتي مذعورةٍ أُمِّ فرقد
وصادقتا سَمْعِ التَّوجُّس للسُّرى
لهجس حفيٍّ أو لصوتٍ مندَّد٦٤
مؤلَّلتان تعرف العتق فيهما
كسامعتي شاةٍ بحومل مفرد
وأروع نباضٌ أحذ ململمٌ
كمرداة صخرٍ في صفيحٍ مصمَّد٦٥
وأعلم مخروتٌ من الأنف مارن
عتيقٌ متى ترجُمْ به الأرض تَزْدَدِ
وإن شئت لم ترفل وإن شئت أرفلت
مخافة ملويٍّ من القدِّ محصد
وإن شئت سامَى واسط الكور رأسها
وعامت بضبعيها نجاء الخفَيدد
على مثلها أمضى إذا قال صاحبي
ألا ليتني أفديك منها وأفتدي٦٦
وجاشت إليه النفس خوفًا وخاله
مصابًا ولو أمسى على غير مرصد٦٧
إذا القوم قالوا من فتًى خلت أنَّني
عنيت فلم أكسلْ ولم أتبلد
أحلت عليها بالقطيع فأجذمت
وقد خبَّ آل الأمعز المتوقِّد
فذالت كما ذالت وليدة مجلسٍ
تُرَى ربَّها أذيال سحل ممدَّد
ولست بحلَّال التلاع مخافةً
ولكن متى يسترفد القوم أرفد٦٨
فإن تبغني في حلقة القوم تلقَنِي
وإن تلتمسني في الحوانيت تصطد٦٩
متى تأتني أصبحت كأسًا رويَّةً
وإن كنت عنها ذا غنًى فاغنَ واردَدِ٧٠
وإن يلتقي الحيُّ الجميع تلاقني
إلى ذروة البيت الشَّريف المصمَّد٧١
نداماي بيضٌ كالنُّجوم وقَيْنةٌ
تروح إلينا بين بردٍ ومجسد٧٢
رحيبٌ قطاب الجيب منها رفيقةٌ
بجسِّ النَّدامى بضَّة المتجرِّد٧٣
إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا
على رِسلها مطروفةً لم تشدَّد٧٤
إذا رجَّعت في صوتها خلت صوتها
تجاوب أظآر على رُبَع رَدِ٧٥
وما زال تشرابي الخمور ولذَّتي
وبيعي وإنفاقي طريفي ومُتلِدي
إلى أن تحامتني العشيرة كلُّها
وأُفرِدْتُ إفراد البعير المعبِّد
رأيت بني غبراء لا ينكرونني
ولا أهل هذاك الطِّرَاف الممدَّد٧٦
ألا أيُّهذا الزَّاجري أَحْضُرُ الوغى
وأن أشهد اللذَّات هل أنت مخلدي٧٧
فإن كنت لا تسطيع دفع منيتي
فدعني أبادرها بما ملكت يدي
ولولا ثلاثٌ هنَّ من عيشة الفتى
وجدِّك لم أحفل متى قام عُوَّدي٧٨
فمنهنَّ سبقي العاذلات بشربةٍ
كميتٍ متى ما تُعْلَ بالماء تُزْبَد٧٩
وكرِّي إذا نادى المضاف مُجَنَّبًا
كَسيدِ الغضا نبَّهتْه المتورِّد
وتقصير يوم الدَّجن والدَّجنُ معجبٌ
ببهكنة تحت الخباء المعمِّد٨٠
كأنَّ البرين والدَّماليج علِّقت
على عشرٍ أو خروعٍ لم يخضَّد
كريمٌ يروِّي نفسه في حياته
ستعلم إن متنا غدًا أيُّنا الصَّدي٨١
أرى قبر نحَّامٍ بخيلٍ بماله
كقبر عويٍّ في البطالة مفسد
ترى جثوتين من ترابٍ عليهما
صفائح صمُّ من صفيحٍ منضَّد٨٢
أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي
عقيلة مال الفاحش المتشدِّد
أرى العيش كنزًا ناقصًا كلَّ ليلةٍ
وما تنقص الأيَّام والدَّهر ينفد٨٣
لعمرك إنَّ الموت ما أخطأ الفتى
لكالطُّول المرخى وثنياه باليد
متى ما يشأ يومًا يقده لحتفه
ومن يَكُ في حبل المنيَّة ينقد٨٤
فما لي أراني وابن عمِّي مالكًا
متى أدن منه يَنْأَ عني ويبعد
يلوم وما أدري علام يلومني
كما لامني في الحيِّ قرط بن أعبد
وأيأسني من كلِّ خيرٍ طلبته
كأنا وضعناه إلى رمس مُلحد
على غير شيءٍ قلته غير أنني
نشدت فلم أغفل حمولة معبد٨٥
وقرَّبت بالقربى وجدِّك إنَّه
متى يك أمرٌ للنَكيثة أشهد٨٦
وإن أُدْعَ للجِلَّى أكن من حماتها
وإن يأتك الأعداء بالجهد أجهد
وإن يقذفوا بالقذع عرضك أسقِهم
بشرب حياض الموت قبل التَّهدُّد٨٧
بلا حدثٍ أحدثته وكمحدَثٍ
هجائي وقذفي بالشَّكاة ومطردي٨٨
فلو كان مولاي امرأً هو غيره
لفرَّج كربي أو لأَنْظَرَنِي غدي٨٩
ولكنَّ مولاي امرؤٌ هو خانقي
على الشُّكر والتَّسآل وأنا مفتد٩٠
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً
على المرء من وقع الحسام المهنَّد
فذرني وخلقي إنني لك شاكرٌ
ولو حلَّ بيتي نائيًا عند ضرغد٩١
فلو شاء ربِّي كنتُ قيس بن خالدٍ
ولو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد٩٢
فأصبحت ذا مال كثيرٍ وزارني
بنون كرامٌ سادةٌ لمسوَّد٩٣
أنا الرَّجل الضَّرب الذي تعرفونه
خشاشٌ كرَاسِ الحية المتوقد٩٤
فآليت لا ينفكُّ كشحي بطانةً
لعضبٍ رقيق الشَّفرتين مهنَّد٩٥
حسام إذا ما قمت منتصرًا به
كفى العَوْدَ منه البدء ليس بمعضد
أخي ثقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ
إذا قيل مهلًا قال حاجزه قدي
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني
منيعًا إذا بلَّت بقائمه يدي
وبركٍ هجودٍ قد أثارت مخافتي
نواديها أمشي بعضبٍ مجرَّدٍ٩٦
فمرَّت كهاةٌ ذات خيفٍ جلالةٌ
عقلية شيخٍ كالوبيل يلندد
يقول وقد ترَّ الوظيف وساقها
ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد
وقال ألَا ماذا ترون بشاربٍ
شديدٍ علينا بغيُه متعمِّد٩٧
وقال ذروه إنما نفعها له
وإلَّا تكفُّوا قاصي البرك يزدد
فظلَّ الإماء يمتللن حَوَارها
ويُسعى علينا بالسديف المسرهد
فإن متُّ فانعيني بما أنا أهله
وشقِّي عليَّ الجيب يا ابنة معبد
ولا تجعليني كامرئٍ ليس همُّه
كهمِّي ولا يغني غنائي ومشهدي
بطيءٍ عن الجلَّى سريعٍ إلى الخنا
ذلولٍ بأجماع الرِّجال ملهَّد٩٨
فلو كنتُ وغلًا في الرِّجال لضرَّني
عداوة ذي الأصحاب والمتوحِّد
ولكنْ نَفَى عني الرِّجالَ جراءتي
عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي٩٩
لعمرك ما أمري عليَّ بغُمَّةٍ
نهاري ولا ليلي عليَّ بسرمد
ويوم حبست النَّفس عند عراكه
حفاظًا على عوراته والتَّهدُّد١٠٠
على موطنٍ يخشى الفتى عنده الرَّدى
متى تعترك فيه الفرائص ترعد
وأصفر مضبوحٍ نظرت حواره
على النَّار واستودعته كفَّ مجمد١٠١
أرى الموت أعدادَ النُّفوس ولا أرى
بعيدًا غدًا ما أقرب اليوم من غد١٠٢
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلًا
ويأتيك بالأخبار من لم تزوِّد
ويأتيك بالأخبار من لم تَبِعْ له
بتاتًا ولم تضرب له وقت مَوْعِدِ

المعلقة الثالثة

وهي لزهير بن أبي سُلْمَى المزني، واسم أبي سُلْمَى: ربيعة بن رياح بن قرط بن الحارث بن مازن بن خلاوة بن ثعلبة بن ثور بن هدمة بن لاطم بن عثمان بن عمرو بن أُدَّ بن طابخة بن إلياس.

أمن أم أوفى دمنة لم تكلم
بحومانة الدَّرَّاج فالمتثلم١٠٣
ودارٌ لها بالرقمتين كأنها
مراجيع وشمٍ في نواشر معصم
بها العين والأرآم يمشين خلفةً
وأطلاؤها ينهضن من كلِّ مجثم
وقفت بها من بعد عشرين حجةً
فلأيًا عرفت الدَّار بعد توهُّم١٠٤
أنا فيَّ سفعًا في مُعرَّس مرجل
ونؤيًا كجذم الحوض لم يتثلَّم١٠٥
فلمَّا عرفت الدَّار قلت لربعها
ألا انعم صباحًا أيُّها الرَّبع واسلم١٠٦
تبصَّر خليلي هل ترى من ظعائنٍ
تحمَّلن بالعلياء من فوق جرثم
جعلن القنانَ عن يمينٍ وحزنه
وكم بالقنان من مُحلٍّ ومحرم
علون بأنطاكيَّةٍ فوق عقمةٍ
وراد حواشيها مشاكهة الدَّم١٠٧
ظهرن من السُّوبان ثمَّ جزعنه
على كلِّ قينيٍّ قشيبٍ ومفأم١٠٨
وورَّكن في السُّوبان يعلون متنه
عليهنَّ دلَّ الناعم المتنعَّم١٠٩
بكرن بكورًا واستحرن بسُحرةٍ
فهنَّ ووادي الرَّسِّ كاليد للفم١١٠
وفيهنَّ ملهًى للصِّديق ومنظرٌ
أنيقٌ لعين النَّاظر المتوسَّم
كأن فتات العهن في كلِّ منزل
نزلن به حبُّ الفنا لم يحطَّم١١١
فلمَّا وردن الماء زرقًا جِمامهُ
وضعن عصيَّ الحاضر المتخيم١١٢
سعى ساعيَا غيظِ بن مرة بعدما
تبزَّل ما بين العشيرة بالدَّم
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله
رجالٌ بنوه من قريشٍ وجرهم
يمينًا لنعم السيِّدان وجدتما
على كلِّ حالٍ من سجيلٍ ومَبرَم
تداركتما عبسًا وذبيان بعدما
تفانوا ودقُّوا بينهم عطر منشَم١١٣
وقد قلتما إن ندرك السلِّم واسعًا
بمالٍ ومعروفٍ من القول نسلم١١٤
فأصبحتما منها على خير موطن
بعيديْن فيها من عقوق ومأثم
عظيمين في عليا معدٍّ هُدِيتُمَا
ومن يستبح كنزًا من المجد يعظُم١١٥
تُعفَّى الكلوم بالمئين فأصبحت
ينجِّمها من ليس فيها بمجرم
ينجِّمها قومٌ لقومٍ غرامةً
ولم يُهْرِيقُوا بينهم ملء مَحجم
فأصبح يجري فيهم من تلادكم
مغانم شتى من إفالٍ مزنَّم١١٦
ألا أبلغ الأحلاف عنِّي رسالةً
وذبيان هل أقسمتم كل مُقسَم١١٧
فلا تكتُمنَّ الله ما في نفوسكم
ليخفى ومهما يُكتم اللهُ يَعلمِ١١٨
يؤخِّر فيوضع في كتابٍ فيدخَرْ
ليوم الحساب أو يُعجِّل فينقم١١٩
وما الحرب إلا ما علمتم وذُقتُمُ
وما هو عنها بالحديث المرجَّم١٢٠
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً
وتضرَ إذا ضرَّيتموها فتضرم١٢١
فتعرككم عرك الرَّحى بثفالها
وتلقح كشافًا ثمَّ تنتج فتتئم
فتُنتج لكم غلمان أشأم كلُّهم
كأحمر عادٍ ثمَّ تُرضع فتَفطم١٢٢
فتغللْ لكم مالًا تغلُّ لأهلها
قرًى بالعراق من فقيرٍ ودرهم
لعمرِي لنعم الحيُّ جرَّ عليهم
بما لا يواتيهم حصين بن ضمضم
وكان طوى كشحًا على مستكنةٍ
فلا هو أبداها ولم يتقدَّم١٢٣
وقال سأقضي حاجتي ثمَّ أتَّقي
عدوِّي بألفٍ من ورائي ملجم١٢٤
فشدَّ ولم يفزع بيوتًا كثيرةً
لدي حيث ألقت رحلها أُمَّ قشعم١٢٥
لدي أسدٍ شاكي السلاح مقذَّفٍ
له لبدٌ أظفاره لم تقلَّم١٢٦
جريءٍ متى يظلم يعاقب بظلمه
سريعًا وإلا يُبد بالظُّلم يظلم١٢٧
رعوا ظِمْأَهُمْ حتى إذا تمَّ أوردوا
غمارًا تفرَّى بالسِّلاح وبالدَّم١٢٨
فقضَّوا منايا بينهم ثم أصدروا
إلى كلأٍ مستوبلٍ متوخِّم
لعمرك ما جرَّت عليهم رماحهم
دم ابن نهيك أو قتيل المثلَّم١٢٩
ولا شاركت في الموت في دم نوفلٍ
ولا وهبٍ منهم ولا ابن المخزَّم١٣٠
فكلا أراهم أصبحوا يعقلونه
صحيحات مالٍ طالعاتٍ بمخرم١٣١
لحيٍّ حلالٍ يعصم الناس أمرهم
إذا طرقت إحدى اللَّيالي بمعظم
كرامٍ فلا ذو الضِّغن يدرك تبله
ولا الجارم الجاني عليهم بمُسلم١٣٢
سئمت تكاليف الحياة ومن يَعِشْ
ثمانين حولًا لا أبا لك يسأم
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله
ولكنني عن علم ما في غدٍ عم١٣٣
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب
تمته ومن تخطئ يعمَّر فيهرم
ومن لم يصانع في أمورٍ كثيرةٍ
يضرَّس بأنيابٍ ويوطأ بمنسم١٣٤
ومن يجعل المعروف من دون عرضه
يفره ومن لا يتَّق الشَّتم يُشتم
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله
على قومه يستغنِ عنه ويذمم
ومن يُوفِ لا يُذمَم ومن يهد قلبه
إلى مطمئنِّ البرِّ لا يتجمجم١٣٥
ومن هاب أسباب المنايا ينلنه
وإن يرقَ أسباب السَّماء بسلَّم١٣٦
ومن يجعل المعروف في غير أهله
يكن حمده ذمًّا عليه ويندم١٣٧
ومن يعص أطراف الزُّجاج فإنه
يطيع العوالي ركِّبت كلَّ لهذم١٣٨
ومن لم يَذُدْ عن حوضه بسلاحه
يهدَّم ومن لا يظلم الناس يظلم١٣٩
ومن يغترب يحسب عدوًّا صديقه
ومن لا يكرِّم نفسه لا يُكرَّم
ومهما تكن عند امرئٍ من خليقةٍ
وإن خالها تخفى على النَّاس تُعلم١٤٠
وكائنْ ترى من صامتٍ لك مُعجِبٍ
زيادته أو نقصه في التَّكلُّم١٤١
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده
فلم يبق إلَّا صورةُ اللَّحم والدَّم
وإنَّ سفاه الشَّيخ لا حِلم بعده
وإنَّ الفتى بعد السَّفاهة يحلم
سألنا فأعطيتم وعدنا فعُدتم
ومن أكثر التَّسآل يومًا سيُحرم

المعلقة الرابعة

للبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الصحابي رضي الله عنه، وهي:

عفت الدِّيار محلُّها فمقامها
بمنًى تأبَّد غَوْلُها فرجامها
فمدافع الرَّيَّان عرِّي رسمها
خلقًا كما ضمن الوُحِيَّ سلامُها١٤٢
دمنٌ تجرَّم بعد عهد أنيسها
حججٌ خلون حلالها وحرامها١٤٣
رُزِقْتُ مرابيع النُّجوم وصابها
ودْقُ الرَّواعد جودها فرهامها
من كلَّ ساريةٍ وغادٍ مدجنٍ
وعشيِّةٍ متجاوبٍ إرزامها١٤٤
فَعَلَا فروع الأيهقان وأطفلت
بالجلهتين ظباؤها ونعامها١٤٥
والعين عاكفةٌ على أطلائها
عوذًا تأجَّل بالفضاء بهامها١٤٦
وجلا السُّيول عن الطُّلول كأنها
زبرٌ تجدُّ مثونها أقلامها
أو رجع واشمهٍ أُسِفَّ نئورها
كففًا تعرَّض فوقهنَّ وشامها١٤٧
فوقفت أسألها وكيف سؤالُنَا
صمًّا خوالد ما يبين كلامها١٤٨
عَرِيَتْ وكان بها الجميع فأبكروا
منها وغودر نُؤْيُهَا وثمامها١٤٩
شاقتك طُغنُ الحيِّ حين تحمَّلوا
فتكنَّسوا قُطنًا تصرُّ خيامها
من كلِّ محفوفٍ يظلُّ عِصِيَّه
زوجٌ عليه كلِّه وقرامُها
زُجلًا كأنَّ نعاج توضح فوقها
وظباء وجرة عطِّفًا أرآمها
حفُزت وزيَّلها السَّراب كأنها
أجزاع بيشة أثلها ورضامها١٥٠
بل ما تذكَّرُ من نوار وقد نأت
وتقطعت أسبابها ورمامها
مرِّيَّةٌ حلَّت بفيد وجاورت
أهل الحجاز فأين منك مرامها١٥١
بمشارق الجبلين أو بمحجَّرٍ
فتضمَّنتها فردةٌ فرخامها
فصوائقٌ إن أيمنت فمظنَّةٌ
منها وِحاف القهر أو طلخامها١٥٢
فاقطع لُبانة من تعرَّض وصله
ولشرُّ واصل خلةٍ صَرَّامها١٥٣
واحبُ المجامل بالجزيل وصرمه
باقٍ إذا طلعت وزاغ قوامها١٥٤
بطليح أسفارٍ تركن بقيَّةً
منها فأحنق صلبها وسنامها
فإذا تغالى لحمها وتحسَّرت
وتقطَّعت بعد الكلال خدامها١٥٥
فلها هبابٌ في الزِّمام كأنَّها
صهباء خفَّ مع الجنوب جهامها
أو مُلمعٌ وسقت لأحقب لَاحَهُ
طرد الفحول وضربها وكدامها١٥٦
يعلو بها حدب الإكام مسحَّجٌ
قد رابه عصيانها ووجامها١٥٧
بأحزَّة الثَّلبوت يربأ فوقها
قفر المراقب خوفها أرآمها
حتى إذا سلخا جمادى ستةٍ
جزأ فطال صيامه وصيامها١٥٨
رجعا بأمرهما إلى ذي مرَّةٍ
حصدٍ ونُجح صريمةٍ إبرامها
ورمى دوابرها السفا وتهيَّجت
ريح المصايف سومها وسهامها
فتنازعا سبطًا يطير ظلاله
كدُخَانٍ مشعلةٍ يشبُّ ضرامها
مشمولةٍ علثت بنابت عرفجٍ
كدخان نارٍ ساطعٍ أسنامها١٥٩
فمضى وقدَّمها وكانت عادة
منه إذا هي عرَّدت إقدامها١٦٠
فتوسَّطا عُرضَ السَّرِيِّ وصدَّعا
مسجورةً متجاورًا قُلَّامها
محفوفةً وسط اليراع يظلُّها
منه مصرَّع غابةٍ وقيامها١٦١
أفتلك أم وحشيَّةٌ مسبوعةٌ
خذلت وهادية الصِّوار قوامها
خنساء ضيَّعت الفرير فلم يرم
عرض الشقائق طوفها وبغامها
لمعفِّرٍ قهدٍ تنازع شلوَه
غبسٌ كواسب لا يمنُّ طعامها١٦٢
صادَفْنَ منها غرَّة فأصبنها
إنَّ المنايا لا تطيش سهامها١٦٣
باتت وأسبل واكفٍ من ديمةٍ
يُروِي الخمائل دائمًا تَسجامها
يعلو طريقة متنها متواترٌ
في ليلةٍ كفر النُّجوم ظلامها١٦٤
تجتاف أصلًا قالصًا متنبِّذًا
بعجوب أنقاءٍ يميل هيامها
وتضيء في وجه الظَّلام منيرةً
كجمانة البحريِّ سلَّ نظامها
حتى إذا حسر الظِّلام وأسفرت
بكرت تزلُّ عن الثرى أزلامها١٦٥
علهت تردِّد في نهاء صعائد
سبعًا تؤامًا كاملًا أيَّامها١٦٦
حتَّى إذا يبست وأسحق حالقٌ
لم يُبله إرضاعها وفطامها١٦٧
فتوجَّست زرَّ الأنيس فرَاعَهَا
عن ظهر غيبٍ والأنيس سقامها١٦٨
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه
مولى المخافة خلفها وأمامها١٦٩
حتى إذا بئس الرُّماة وأرسلوا
عضفًا دواجن قافلًا أعصامها
فلحقن واعتكرت لها مدريةٌ
كالسَّمهرية حدها وتمامها
لتذودهنَّ وأيقنت إن لم تذد
أن قد أحمَّ من الحتوف حمامها١٧٠
فتقصَّدت منها كساب فضرِّجت
بدمٍ وغودر في المكرِّ سخامها
فبتلك إذ رقص الَّلوامع بالضُّحى
واجتاب أردية السَّراب إكامها
أقضي اللُّبانة لا أفرِّط ريبةً
أو أن يلوم بحاجةٍ لَوَّامُها١٧١
أو لم تكن تدري نوار بأنني
وصال عقد حبائلٍ جذَّامها
ترَّاك أمكنةٍ إذا لم أرْضَها
أو يعتلق بعض النُّفوس حمامها١٧٢
بل أنت لا تدرين كم من ليلةٍ
طلقٍ لذيذٍ لهوها وندامها
قد بت سامرَها وغاية تاجرٍ
وافيت إذ رُفِعَتْ وعزَّ مدامها١٧٣
أُغْلِي السِّباء بكلِّ أدكنَ عائقٍ
أو جَوْنة قدحت وفُضَّ ختامها١٧٤
وغداة ريحٍ قد وزعت وقرَّةٍ
قد أصبحت بيد الشَّمال زمامها١٧٥
بصبوح صافيةٍ وجذب كرينة
بموتَّرٍ تأتاله إبهامها١٧٦
بادرت حاجتها الدَّجاج بسُحْرَةٍ
لأُعَلَّ منها حين هبَّ نيامها١٧٧
ولقد حَمَيْتُ الحيَّ تحمل شكتي
فُرُطٌ وشاحي إذ غذوت لجامها١٧٨
فعلوت مرتقيًا على ذي هبوةٍ
حرجٍ إلى أعلامهنَّ قتامها١٧٩
حتى إذا ألقت يدًا في كافرٍ
وأجنَّ عورات الثُّغور ظلامها
أسهلت وانتصبت كجذع مُنيفةٍ
جرداء يحصر دونها جُرَّامها١٨٠
رفَّعتها طرد النَّعام وشله
حتى إذا سخنت وخَفَّ عظامها١٨١
قلقت رحالتها وأسبل نحرها
وابتلَّ من زَبد الحميم حزامها
ترقى وتطعن في العِنان وتنتحي
ورد الحماة إذ أجد حمامها
وكثيرة غرباؤها مجهولة
ترجى نوافلها ويخشى ذامها
غلب تشذُّر بالدُّخول كأنها
جنَّ البديِّ رواسيا أقدامها١٨٢
أنكرت باطلها وبؤت بحقِّها
عندي ولم يفخر عليَّ كرامها١٨٣
وجزور أيسار دعوت لحتفها
بمغالقٍ متشابه أجسامها١٨٤
أدعو بهنَّ لعاقرٍ أو مطفلٍ
بذلت لجيران الجميع لحامها١٨٥
فالضيَّف والجار الجنيب كأنما
هبطا تبالة مُخصبًا أهضامها١٨٦
تأوي إلى الأطناب كلُّ رذيَّةٍ
مثل البليَّة قالصٍ أهدامها١٨٧
ويكلِّلون إذا الرِّياح تناوحت
خُلُجًا تمدُّ شوارعا أيتامها
إنا إذا التقت المَجامِع لم يزَل
منَّا لزاز عظيمةٍ جشَّامها١٨٨
ومقسِّمٌ يُعطي العشيرة حقَّها
ومغذمرٌ لحقوقها هضَّامها
فضلًا وذو كرمٍ يعين على النَّدى
سمحٌ كسوب رغائبٍ غنَّامها١٨٩
من معشرٍ سنَّت لهم آباؤهم
ولكلِّ قومٍ سُنَّةٌ وإمامها١٩٠
لا يطبعون ولا يبور فعالهم
إذ لا يميل مع الهوى أحلامها١٩١
فاقنع بما قسم المليك فإنما
قسم الخلائق بيننا علَّامُها١٩٢
وإذا الأمانة قُسِّمت في معشرٍ
أوفى بأوفر حظِّنا قسَّامها١٩٣
فبنى لنا بيتًا رفيعًا سَمْكُهُ
فسما إليه كهلُها وغلامها١٩٤
وهم السُّعاة إذا العشيرة أُفظِعت
وهمُ فوارسها وهم حكَّامها١٩٥
وهم ربيعٌ للمجاور فيهم
والمرملات إذا تطاول عامها
وهم العشيرة أن يُبطِّئ حاسدٌ
أو أن يميل مع العدوِّ لئامها١٩٦

المعلقة الخامسة

لعمرو بن كلثوم التَّغلَبي، يذكر أيام بني تغلب ويفخر بهم، وهو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتَّاب بن سعد بن زهير بن جُشَم بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دُعمِي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان. وأم عمرو بن كلثوم ليلى بنت مهلهل أخي كليب، وأمها بنت بعج بن عتبة بن سعد بن زهير، وهي:

ألا هُبِّي بصحنك فاصبحينا
ولا تُبقي خمور الأندرينا١٩٧
مشعشة كأن الحُصَّ فيها
إذا ما الماء خالطها سخينَا١٩٨
تجور بذي اللُّبانة عن هواه
إذا ما ذاقها حتَّى يلينا
ترى اللحز الشَّحيح إذا أُمِرَّت
عليه لماله فيها مُهينَا
صبنت الكأس عنَّا أمَّ عمرٍو
وكان الكأس مجراها اليمينا١٩٩
وما شرُّ الثلاثة أمَّ عمرٍو
بصاحبك الَّذي لا تصبحينا
وكأسٍ قد شربتُ ببَعْلَبَكٍّ
وأخرى في دمشقَ وقاصرينا
وإنَّا سوف تدركنا المنايا
مقدَّرةً لنا ومقدَّرينا
ففي قبل التَّفرُّق يا ظعينا
نخبِّرك اليقين وتخبرينا
قفي نسألك هل أحدثت صرمًا
لِوَشْك البين أم خنت الأمينا٢٠٠
بيوم كريهةٍ ضربًا وطعنًا
أقرَّ به مواليك العيونا
وإنَّ غدًا وإنَّ اليوم رهنٌ
وبعد غدٍ بما لا تعلمينا
تريك إذا دخلت على خلاء
وقد أمنت عُيُونُ الكاشحينا
ذراعي عَيْطَلٍ أدماء بَكْرٍ
هجان اللَّون لم تقرأ جنينا٢٠١
وثديًا مثل حُقِّ العاج رَخصًا
حَصانًا من أكفِّ اللَّامسينا
ومتنَيْ لدنةٍ سَمَقَتْ وطَالَتْ
روادفها تنوء بما ولينا٢٠٢
ومأكمةً يضيق الباب عنها
وكشحًا قد جُنِنْتُ به جنونا
وساريتَيْ بلَنْطٍ أو رخامٍ
يرنُّ خشاشُ حليِهما رنينا٢٠٣
فما وجدت كوجدي أمُّ سقبٍ
أضلَّته فرجَّعت الحنينا
ولا شمطاء لم يترك شقاها
لها من تسعةٍ إلَّا جنينا
تذكَّرت الصِّبا واشتقت لمَّا
رايت حمولها أصلًا حُدِينَا٢٠٤
فأعرضت اليمامة واشمخرَّت
كأسيافٍ بأيدي مُصْلِتِينَا٢٠٥
أبا هندٍ فلا تعجل علينا
وأنظرنا نخبِّرْك اليقينا
بأنَّا نورِد الرَّايات بيضا
ونصدرهنَّ حُمْرًا قد رَوِينَا
وأيَّامٍ لنا غرٍّ طوالٍ
عصينا المَلْك فيها أن نَدِينا٢٠٦
وسيِّد معشرٍ قد توَّجوه
بتاج الملك يحمِي المحجرينا
تركنا الخيل عاكفةً عليه
مقلَّدةً أعنَّتها صُفونَا٢٠٧
وأنزلنا البيوت بذي طلوح
إلى الشَّامات تنْقي الموعدينا٢٠٨
وقد هرَّت كلاب الحيِّ منا
وشذَّ بنا قتادةَ من يلينا٢٠٩
متى ننقُل إلى قومٍ رحانا
يكونوا في اللِّقاء لها طَحينا٢١٠
يكون ثِفالها شرقيَّ نجدٍ
ولهوتها قصاعة أجمعينا٢١١
نزلتم منزل الأضياف مِنَّا
فأعجلنا القِرَى أن تشتمونا
قريناكم فعجَّلنا قراكم
قبيل الصُّبح مرداةً طحونا
نعمُّ أناسنا ونعفُّ عنهم
ونحمل عنهم ما حمَّلونا٢١٢
نطاعن ما تراخى الناسُ عنَّا
ونضرب بالسُّيوف إذا غشينا٢١٣
بسمرٍ من قنا الخطِّي لدن
ذوابل أو ببيضٍ يختلينا٢١٤
نشق بها رءوس القوم شقًّا
ونخليها الرِّقاب فتختلينا٢١٥
كأن جماجم الأبطال فيها
وسُوقٌ بالأماعز يرتمينا٢١٦
وإنَّ الضَّغن بعد الضغن يبدو
عليك ويخرج الدَّاء الدَّفينا٢١٧
ورثنا المجد قد عَلِمَتْ مَعَدٌّ
نطاعن دونه حتى يبينا٢١٨
ونحن إذا عماد الحيِّ خرَّت
عن الأحفاض نمنع من يلينا٢١٩
نجذُّ رءوسهم في غير برٍّ
فما يدرون ماذا يتَّقونا٢٢٠
كأن سيوفنا فينا وفيهم
مخاريقٌ بأيدي لاعبينا
كأنَّ ثيابنا منَّا ومنهم
خضبت بأرجوانٍ أو طلينا
إذا ما عيَّ بالإسناف حيٌّ
من الهول المشبَّه أن يكونا
نصبنا مثل رهوة ذات حدٍّ
محافظةً وكنا السابقينا٢٢١
بشبانٍ يرون القتل مجدًا
وشيبٍ في الحروب مجرَّبينَا٢٢٢
حُديَّا الناس كلِّهم جميعا
مقارعةً بنيهم عن بنينا
فأمَّا يوم خشيتنا عليهم
فتصبح خيلنا عُصبًا ثبينا٢٢٣
وأما يوم لا نخشى عليهم
فنمعن غارةً متلبِّبينا٢٢٤
برأسٍ من بني جُشَم بن بكرٍ
ندقُّ به السَّهُولة والحزونا
ألا لا يعلم الأقوام أنَّا
تضعضعنا وأنَّا قد ونينا٢٢٥
ألا لا يجهلنْ أحدٌ علينا
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
بأيِّ مشيئةٍ عمرو بن هندٍ
نكون لقيلكم فيها قطينا
بأيِّ مشيئةٍ عمرو بن هندٍ
تطيع بنا الوشاةَ وتزدرينا٢٢٦
تهدَّدنا وأوعدنا رويدًا
متى كُنَّا لأمِّك مقتوينا٢٢٧
فإنَّ قناتنا يا عمرو أعيت
على الأعداء قبلك أن تلينا٢٢٨
إذا عضَّ الثقافُ بها اشمأزَّت
وولتهم عشَوْزَنةً زبونا٢٢٩
عشوزنةً إذا انقلبت أرنَّت
تشجَّ قفا المثقَّف والجبينا٢٣٠
فهل حدَّثت في جُشم بن بكرٍ
بنقصٍ في خطوب الأوَّلينا٢٣١
ورثنا مجد علقمة بن سيفٍ
أباح لنا حصون المجد دينَا٢٣٢
ورثت مهلهلًا والخير منهم
زهيرًا نعم ذخر الذَّاخرينا٢٣٣
وعتَّابًا وكلثومًا جميعًا
بهم نلنا تراث الأكرمينا٢٣٤
وذا البرة الذي حدثت عنه
به نحمى ونحمي المحجرينا٢٣٥
ومنا قبله السَّاعي كليب
فأيُّ المجد إلَّا قد ولينا٢٣٦
متى نعقد قرينتنا بحبلٍ
نجذُّ الحبل أو نَقِصُ القرينا٢٣٧
ونوجد نحن أمنعهم ذمارًا
وأوفاهم إذا عقدوا يمينا٢٣٨
ونحن غداة أوقد في خزازى
رفدنا فوق رفد الرَّافدينا٢٣٩
ونحن الحابسون بذي أراطى
تشفُّ الجلة الخور الدَّرينا٢٤٠
ونحن الحاكمون إذا أُطعنا
ونحن العازمون إذا عُصِينَا٢٤١
ونحن التَّاركون لما سخطنا
ونحن الآخذون لما رضينا
وكنا الأيمَنِين إذا التقينا
وكان الأيسَرِين بنو أبينا٢٤٢
فصالوا صولةً فيمن يليهم
وصلنا صولةً فيمن يلينا
فآبوا بالنِّهاب وبالسَّبايا
وأُبْنَا بالملوك مصفَّدينا
إليكم يا بني بكرٍ إليكم
ألمَّا تعرفوا منا اليقينا٢٤٣
ألمَّا تعرفوا منا ومنكم
كتائب يطَّعِنَّ ويرتمينا
علينا البيض واليلب اليماني
وأسيافٌ يقمن وينحنينا٢٤٤
علينا كلُّ سابغةٍ دلاصٍ
ترى فوق النِّطاق لها غصونا٢٤٥
إذا وُضِعَتْ عن الأبطال يومًا
رأيت لها جلود القوم جونا٢٤٦
كأنَّ غضونهنَّ متون غدرٍ
تصفِّقها الرَّياح إذا جرينا٢٤٧
وتحمينا غداة الرَّوع جُرْدٌ
عرفن لنا نقائِذَ وافتُلِينا
وردن دوارعًا وخرجن شُعْثًا
كأمثال الرصائع قد بَلِينا٢٤٨
ورثناهنَّ عن آباء صدقٍ
ونورثها إذا متنا بَنِينا
على آثارنا بيضٌ حسانٌ
نحاذر أن تُقَسَّم أو تهونا٢٤٩
أخذن على بعولتهنَّ عهدًا
إذا لاقوا كتائب مُعْلِمِينا٢٥٠
لتستلبُنَّ أفراسًا وبيضًا
وأسرى في الحديد مقرَّنينا٢٥١
ترانا بارزين وكلُّ حيٍّ
قد اتَّخذوا مخافتَنا قرينا
إذا مارحن يمشين الهُوَيْنَى
كما اضطربت متون الشَّاربينا
يَقتْنَ جيادنا ويقلن لستم
بعولتنا إذا لم تمنعونا٢٥٢
إذا لم نحمِهِنَّ فلا بقينا
لشيءٍ بعدهنَّ ولا حيينا٢٥٣
ظعائن من بني جُشَمِ بن بكرٍ
خلطن بميسَمٍ حَسَبًا ودِينَا
وما منع الظَّعائن مثل ضربٍ
ترى منه السَّواعد كالقلينا٢٥٤
كأنَّا والسُّيوف مسلَّلاتٌ
ولدنا الناس طرًّا أجمعينا٢٥٥
يَدَهْدُونَ الرُّءوس كما تُدَهْدِي
حزاورةٌ بأبطحها الكرينا
وقد علم القبائل من معدٍّ
إذا قببٌ بأبطحها بنينا٢٥٦
بأنا المطمعون إذا قدرنا
وأنا المهلكون إذا ابتُلِينا٢٥٧
وأنَّا المانعون لما أردنا
وأنا النازلون بحيث شينا٢٥٨
وأنا التاركون إذا سَخِطنا
وأنَّا الآخذون إذا رَضِينا٢٥٩
وأنَّا العاصمون إذا أُطِعنا
وأنَّا العارمون إذا عُصِينا٢٦٠
ونشرب إذا وردنا الماء صفوًا
ويشرب غيرنا كدِرًا وطينا٢٦١
ألا أبلغ بني الطَّمَّاح عنا
ودعميًّا فكيف وجدتمونا٢٦٢
إذا ما المَلْك سام النَّاس خسفًا
أبينا أن نقرَّ الذُّلَّ فينا٢٦٣
لنا الدُّنيا ومن أمسى عليها
ونبطش حين نبطش قادرينا٢٦٤
بغاةً ظالمين وما ظُلِمْنَا
ولكنَّا سنبدأ ظالمينا٢٦٥
ملانا البرَّ حتى ضاق عنَّا
ونحن البحر نملؤه سفينا٢٦٦
إذا بلغ الرَّضيع لنا فطامًا
تخرُّ له الجبابر ساجدينا٢٦٧

المعلقة السادسة

لعنترة بن شداد العبسي، وهو عنترة بن شداد، وقيل: ابن عمرو بن شداد، وقيل: عنترة بن شداد بن عمرو بن معاوية بن قراد بن مخزوم بن ربيعة، وقيل: مخزوم بن عوف بن مالك بن غالب بن قُطَيْعَة بن عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعيد بن قيس بن عيلان مضر، وهي:

هل غادر الشعراء من متردَّم
أم هل عرفت الدَّار بعد توهُّم
أعياك رسم الدَّار لم يتكلَّم
حتى تكلَّم كالأصمِّ الأعجم٢٦٨
ولقد حبست بها طويلًا ناقتي
أشكو إلى سُفعٍ رواكدَ جنَّم
يا دار عبلة بالجواء تكلَّمي
وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
دارٌ لآنسةٍ غضيضٍ طرفها
طوع العناق لذيذة المتبسِّم٢٦٩
فوقفت فيها ناقتي وكأنها
فدنٌ لأقضي حاجة المتلوِّم
وتحلُّ عبلة بالجواء وأهلنا
بالحزن فالصَّمَّان فالمتثلِّم٢٧٠
حيِّيتَ من طللٍ تقادم عهده
أقوى وأقفر بعد أمِّ الهيثم
حلَّت بأرض الزَّائرين فأصبحت
عسرًا عليَّ طِلَابُك ابنةَ مخرم٢٧١
عَلَقْتُها عرضًا وأقتل قومها
زعمًا لعمر أبيك ليس بمزعم٢٧٢
ولقد نزلت فلا تظنِّي غيره
مني بمنزلة المحبِّ المكرم٢٧٣
كيف المزار وقد تربَّع أهلها
بعنيزتين وأهلنا بالغيلم٢٧٤
إن كنت أزمعتِ الفراق فإنما
زمَّت ركابُكُم بليلٍ مظلم
ما راعني إلا حمولة أهلها
وسط الدِّيار تسفُّ حبَّ الخمخم٢٧٥
فيها اثنتان وأربعون حلوبةً
سودًا كخافية الغراب الأسحم٢٧٦
إذ تستبيك بذي غروبٍ واضحٍ
عذبٍ مقبَّلة لذيذ المطعم٢٧٧
وكأنَّ فأرة تاجرٍ بقسيمةٍ
سبقت عوارضها إليك من الفم
أو روضةٍ أُنُفا تضمَّن نبتها
غيثٌ قليل الدِّمن ليس بمعلم٢٧٨
جادت عليه كلُّ بكرٍ حرَّةٍ
فتركن كلَّ قرارةٍ كالدِّرهم٢٧٩
سحًّا وتَسكابًا فكلَّ عشيَّةٍ
يجري عليها الماء لم يتصرَّم
وخلا الذُّباب بها فليس ببارحٍ
غردًا كفعل الشَّارب المترنِّم٢٨٠
هزجًا يحكُّ ذراعه بذراعه
قدح المكبِّ على الزِّناد الأجذم٢٨١
تمسي وتصبح فوق ظهر حشيَّةٍ
وأبيت فوق سراة أدهم ملجم٢٨٢
وحَشِيَّتِي سرجٌ على عبل الشوى
نهدٍ مراكله نبيل المحزم
هل تبلغني دارها شدنيَّةٌ
لُعِنَتْ بمحروم الشَّراب مصرَّم
خطَّارةٌ غبَّ السُّرى زيَّافة
تطس الأكام بوخد خُفٍّ ميثم٢٨٣
فكأنما أقص الإكام عشيَّةً
بقريبِ بين المنسمين مصلَّم٢٨٤
تأوي له قُلصُ النِّعام كما أوت
حزقٌ يمانيةٌ لأعجمَ طمطم٢٨٥
يتبعن قلَّة رأسه وكأنَّه
حرجٌ على نعش لهنَّ مخيَّم٢٨٦
صعلٍ يعود بذي العشيرة بيضه
كالعبد ذي الفرو الطَّويل الأصلم
شربت بماء الدحرُضين فأصبحت
زوراء تنفر عن حياض الدَّيلم٢٨٧
وكأنما تنأى بجانب دفِّها الـ
ـوحشيِّ من هزج العشيِّ مؤوَّم٢٨٨
هرٍّ جنيبٍ كلَّما عطفت له
غضبَى اتَّقاها باليدين وبالفم٢٨٩
أبقى لها طول السِّفار مقرمدًا
سندًا ومثل دعائم المتخيِّم٢٩٠
بركت على جنب الرِّداع كأنما
بركت على قصب أجشَّ مهضَّم٢٩١
وكأنَّ رُبًّا أو كحيلًا معقدً
حشَّ الوقود به جوانب قمقُم٢٩٢
ينباع من ذِفْرَي عضوبٍ جسرةٍ
زيَّافةٍ مثل الفنيق المكدم٢٩٣
إن تغدفي جوني القناع فإنني
طَبٌّ بأخذ الفارس المستلثم
أثني عليَّ بما علمت فإنني
سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم٢٩٤
فإذا ظلمت فإنَّ ظلمى باسلٌ
مرٌّ مذاقته كطعم العلقم
ولقد شربت من المَدَامةٍ بعدما
ركد الهواجر بالمشوف المعلم
بزجاجةٍ صفراء ذات أسرَّةٍ
قُرِنَتْ بأزهر في الشَّمال مقدَّم
فإذا شربت فإنني مستهلكٌ
مالي وعرضي وافرٌ لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصِّر عن ندًى
وكما علمتِ شمائلي وتكرُّمي
وحليل غانيةٍ تركت مجدَّلًا
تمكو فرصته كشدق الأعلم
سبقت يداي له بعاجل طعنةٍ
ورشاش نافذةٍ كلون العندم٢٩٥
هلا سألت الخيل يا ابنة مالكٍ
إن كنت جاهلةً بما لم تعلمي٢٩٦
إذ لا أزال على رحالة سابحٍ
نهدٍ تَعاوَرَهُ الكماة مكلَّم٢٩٧
طورًا يجرَّد للطِّعان وتارةً
يأوي إلى حصد القسِّي عرمرم٢٩٨
يخبرك من شهد الوقيعة أنني
أغشى الوعى وأعفُّ عند المغنم
فأرى مغانم لو أشاء حويتُها
فيصدني عنها الحيا وتكرُّمي٢٩٩
ومدجَّجٍ كره الكماة نزاله
لا ممعنٍ هربًا ولا مستسلم٣٠٠
جادت له كفِّي بعاجل طعنةٍ
بمثقَّفٍ صدق الكعوب مقوَّم٣٠١
برحيبة الفرغين يهدي جرسها
باللَّيل معتسَّ الذِّئاب الضُّرَّم٣٠٢
فشككت بالرَّمح الأصمِّ ثيابه
ليس الكريم على القنا بمحرَّم٣٠٣
فتركته جزَرَ السِّباع يَنشنَهُ
يقضمن حُسن بنانه والمعصم٣٠٤
ومشك سابغة هتكت فروجَها
بالسيف عن حامي الحقيقة مُعلم
زبذٍ يداه بالقداح إذا شتا
هتَّاك غايات التَّجار ملوَّم
لما رآني قد نزلت أريده
أبدى نواجذه لغير تبسُّم
فطعنته بالرمح ثمَّ علوته
بمهنَّدٍ صافي الحديدة مِخْذَمِ
عهدي به مدَّ النَّهار كأنما
خضب اللُّبان ورأسه بالعظلم٣٠٥
بطلٍ كأن ثيابه في سرحةٍ
يحذَى نعال السَّبت ليس بتوأم٣٠٦
يا شاة ما قنصٍ لمن حلَّت له
حرمت عليَّ وليتها لم تحرم٣٠٧
فبعثت جاريتي وقلت لها اذهبي
فتجسَّسي أخبارها لي واعلمي٣٠٨
قالت رأيتُ من الأعادي غرَّةً
والشَّاة ممكنةٌ لمن هو مرتم
وكأنما التفتت بجِيد جداية
رشأ من الغزلان حرٍّ أرثم٣٠٩
نبِّئت عمرًا غير شاكر نعمتي
والكفر مخبثة لنفس المنعم
ولقد حفظت وصاة عمِّي بالضُّحى
إذا تقلص الشَّفتان عن وضح الفم
في حومة الحرب التي لا تشتكي
عمراتها الأبطال غير تغمغم٣١٠
إذ يتَّقون بي الأسنَّة لم أَخِمْ
عنها ولكنِّي تضايق مُقْدَمي٣١١
لمَّا رأيت القوم أقبل جمعهم
يتذامرون كررت غير مذمَّم
يدعون عنتر والرِّماح كأنها
أشطان بئرٍ في لبان الأدهم٣١٢
ما زلت أرميهم بثغرة نحره
ولبانه حتَّى تسربل بالدَّم٣١٣
فازورَّ من وقع القنا بلبانه
وشكى إليَّ بعبرةٍ وتحمحم٣١٤
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لو علم الكلام مكلِّمي٣١٥
ولقد شفى نفسي وأبرأ سُقمها
قيل الفوارسُ ويك عنتر أقدمِ
والخيل تقتحم الخبار عوابسًا
من بين شيظمةٍ وأجرد شيظم
ذللٌ ركابي حيث شئت مشايعي
لبَّى وأحفزه بأمرٍ مبرم٣١٦
إنِّي عداني أن أزورك فاعلمي
ما قد علمت وبعض ما لم تعلمي٣١٧
حالت رماح ابني بغيضٍ دونكم
وزوت جواني الحرب من لم يجرم
ولقد كررت المهر يدمي نحره
حتى اتقتني الحيل بابني حِذْيَمِ٣١٨
ولقد خشيت بأن أموت ولم تدُر
للحرب دائرةٌ على ابْنَيْ ضَمْضَمِ
الشَّاتمي عرضي ولم أشتمهما
والنَّاذرين إذا لم ألقهما دمي
إن يفعلا فلقد تركت أباهما
جزر الشِّباع وكلِّ نسرٍ قشعم٣١٩

المعلقة السابعة

للحارث بن حلزة اليشكري، وهو الحارث بن حلزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عبد بن سعد بن جشم بن عاصم بن ذبيان بن كنانة بن يشكر بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار، وهي:

آذنتنا بِبَيْنِهَا أسماء
ربَّ ثاوٍ يملُّ منه الثَّواء٣٢٠
بعد عهدٍ لنا ببُرقةٍ شمَّاء
فأذنى ديارها الخَلْصَاء٣٢١
فالمحيَّاة فالصِّفاح فأعناق
فتاقٍ فعاذبٌ فالوفاء٣٢٢
فرياضُ القطا فأودية الشُّر
بُبِ فالشَّعبتان فالأبلاء
لا أرى من عهدت فيها فأبكى الـ
ـيوم دَلَهًا وما يُحِيرُ البكاء٣٢٣
وبعينيك أوقدتْ هندٌ النَّا
ر أحيرًا تُلوِي بها العلياء٣٢٤
فتنوَّرت نارها من بعيدٍ
بخزازى هيهات منك الصلاء
أوقدتها بين العقيق فشخصيـ
ـن بعودٍ كما يلوح الضِّياء
غير أنِّي قد أستعين على الهمِّ
إذا خفَّ بالثَّوي النَّجاءُ٣٢٥
بزفوف كأنها هقلةٌ أمُّ
رئالٍ دوَّيَّةٌ سقفاء
أَنَسَتْ نبأةً وأفزعها القنَّا
ص عصرًا وقددنا الإمساء٣٢٦
فترى خلفها من الرَّجع والوقـ
ـع منينًا كأنَّه إهباء٣٢٧
وطراقًا من خلفهنَّ طراق
ساقطات ألوت بها الصَّحراء٣٢٨
أتلهى بها الهواجر إذ كلِّ
ابن همٍّ بليَّةٌ عمياء٣٢٩
وأتانا من الحوادث والأنبا
ء خطبٌ نعنى به ونساء
أنَّ إخواننا الأراقم يغلو
نَ علينا في قيلهم إحفاء٣٣٠
يخلطون البريء منا بذي الذَّنْـ
ـبِ ولا ينفع الخلِي الخلاء٣٣١
زعموا أن كلَّ من ضرب العيـ
ـر مَوَالٍ لنا وأنَّا الولاء
أجمعوا أمرهم عشاءً فلمَّا
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء٣٣٢
من منادٍ ومن مجيبٍ ومن تصـ
ـهالِ خيلٍ خلال ذاك رغاء
أيها الناطق المرقش عنا
عند عمرٍو وهل لذاك بقاء
لا تخلنا على غراتك إنا
قبل ما قد وشى بنا الأعداء٣٣٣
فبقينا على الشَّناءة تنميـ
ـنا حصونٌ وعزَّة قعساء٣٣٤
قبل ما اليوم بيَّضت بعيون النا
سِ فيها تعيُّطٌ وإباء
وكأنَّ المنونَ تردى بنا أَرْ
عَنَ جونًا ينجاب عنه العماء٣٣٥
مكفهرًّا على الحوادث لا تر
تُوهُ للدَّهر مؤيدٌ صمَّاء٣٣٦
إرميٌّ بمثله جالت الجنُّ
فآبت لخصمها الأجلاء
ملكٌ مقسطٌ وأفضل من يمـ
ـشي ومن دون ما لديه الثناء٣٣٧
أيَّما خطَّةٍ أردتم فأدُّو
ها إلينا تمشي بها الأملاء٣٣٨
إن نبشتم ما بين ملحة فالصَّا
قب فيه الأموات والأحياء
أو نقشتم فالنقش يجشمه النا
س وفيه الصَّلاح والأبراء٣٣٩
أو سكتُّم عنا فكنا كمن أغـ
ـمض عينًا في جفنها أقذاء٣٤٠
أو منعتم ما تسألون فمن حدِّ
ثتموه له علينا العلاء٣٤١
هل علمتم أيام ينتهب النا
س غوارًا لكلِّ حيٍّ عواء
إذ ركبنا الجمال من سعف البحـ
ـرين سيرًا حتَّى نهاها الحساء٣٤٢
ثم ملنا على تميم فأحرمـ
ـنا وفينا بنات مرٍّ إماء
لا يقيم العزيز بالبلد السَّهـ
ـل ولا ينفع الذَّليل النجاء٣٤٣
ليس ينجَى موائلًا من حذار
رأس طودٍ وحرَّةٌ رجلاء
فملكنا بذلك النَّاس حتى
ملك المنذر بن ماء السَّماء
ملك أضرع البريَّة لا يو
جَدُ فيها لما لديه كفاء٣٤٤
ما أصابوا من تغلبيٍّ فمطلو
لٌ عليه إذا أصيب العفاء٣٤٥
كتكاليف قومنا إذ غَزَا المنذ
ر هل نحن لابن هندٍ رعاء
إذا أحلَّ العلياء قبَّة ميسو
ن فأدنى ديارها العوصاء٣٤٦
فتأوَّت له قراضبةٌ من
كلِّ حيٍّ كأنهم ألقاء٣٤٧
فهداهم بالأسودين وأمر الله
بلغٌ تشقى به الأشقياء٣٤٨
إذا تمنَّونهم غرورًا فسا
قتهم إليكم أمنيَّةٌ أشراء
لم يغرُّوكم غرورًا ولكن
رفع الآل شخصهم والضَّحاء٣٤٩
أيها النَّاطق المبلِّغ عنَّا
عند عمرٍو وهل لذاك انتهاء٣٥٠
من لنا عنده من الخير آيا
تٌ ثلاثٌ في كلِّهنَّ القضاء٣٥١
آية شارق الشقيقة إذ جا
ءوا جميعًا لكلَّ حيٍّ لواء
حول قيسٍ مستلئمين بكبش
قرظيٍّ كأنه عبلاء
وصتيتٍ من العواتك لا تنها
ه إنَّ مبيضَّة رعلاء٣٥٢
فرددناهم بطعنٍ كما يخر
ج من خربة المزاد الماء٣٥٣
وحملناهم على حزمِ ثَهْلَا
نَ شلالًا ودُمَى الأنساء٣٥٤
وجبهناهم بطعن كما تنهز
في جمَّة الطَّويِّ الدِّلاء٣٥٥
وفعلنا بهم كما علم الله
وما إنْ للحائنين دماء٣٥٦
ثم حجرًا اعنى ابن أمِّ قطامٍ
وله فارسيَّة خضراء
أسدٌ في اللِّقاء وردٌ هموسٌ
وربيعٌ إن شمَّرت غبراء٣٥٧
وفككنا غلَّ امرئ القيس عنه
بعدما طال حبسه والعناء
ومع الجون جون آل بني الأو
س عنودٌ كأنَّها دفواء
ما جزعنا تحت العجاجة إذ ولَّوا
شلالًا وإذ تلظَّى الصِّلاء٣٥٨
وأوقدناه ربَّ غسَّان بالمنذ
ر كرهًا إذ لا تكال الدِّماء
وأتيناهم بتسعة أملاكٍ
كرامٍ أسلابهم أغلاء٣٥٩
وولدنا عمرو بن أمِّ أناس
من قريب لمَّا أتانا الحباء
مثلها يُخرج النصيحة للقو
م فلاة من دونها أفلاء٣٦٠
فاتركوا الطِّيخ والتَّعاشي وإمَّا
تتعاشوا ففي التَّعاشي الدَّاء٣٦١
واذكروا حلف ذي المجاز وما
قُدِّم فيه العهود والكفلاء
حَذَرَ الجَوْرِ والتَّعدِّي وهل ينـ
ـقض ما في المهارق والأهواء٣٦٢
واعلموا أنَّنا وإيَّاكم فيما
اشترطنا يوم اختلفنا سواء
عننًا باطلًا وظلمًا كما تعتر
عن حجرة الرَّبيض الظَّباء
أعلينا جناح كندة أن
يغنم غازيهم ومنا الجزاء
أم علينا جرَّى إيادٍ كما
قيل لطسمٍ أخوكم الأباء
ليس منا المضرَّبون ولا قيس
ولا جندلٌ ولا الحدَّاء
أم جنايا بني عتيق فمن يغـ
ـدر فإنَّا من حربهم برآء٣٦٣
أم علينا جرَّى العباد كما
نيط بجوز المحمَّل الأعباء
وثمانون من تميمٍ بأيد
يهم رماحٌ صدورهنَّ القضاء
تركوهم ملحَّبين وآبوا
بنهاب يصمُّ منها الحداء٣٦٤
أم علينا جرَّى حنيفة أو ما
جَعَت من محاربٍ غبراء
أم علينا جرَّى قضاعة أم
ليس علينا فيما جنوا أنداء
ثمَّ جاءوا يسترجعون فلم تَرْ
جِعْ لهم شامةٌ ولا زهراء
لم يُخلُّوا بني رزاحٍ ببرقا
ء نطاعٍ لهم عليهم دعاء
ثم فاءوا منهم بقاصمة الظهـ
ـر ولا يبرد الغليل الماء
ثمَّ خيلٌ من بعد ذلك مع الغلا
قِ لا رأفةٌ ولا إبقاء
وهو الربُّ والشَّهيد على يو
مِ الحيارين والبلاء بلاء٣٦٥

المعلقة الثامنة

قال الأعشى أبو بصير، واسمه ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وهي:

ودِّع هريرة إنَّ الرَّكب مرتحل
وهل تطيق وداعًا أيُّها الرَّجل٣٦٦
غرَّاء فرعاء مصقول عوارِضُها
تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل٣٦٧
كأن مشيتها من بيت جارتها
مرُّ السَّحابة لا ريثٌ ولا عجل٣٦٨
تسمع للحلي وسواسًا إذا انصرفت
كما استعان بريحٍ عشرقٌ زجل٣٦٩
ليست كمن يكره الجيران طلعتها
ولا تراها لسرِّ الجار تختتل٣٧٠
يكاد يصرعها لولا تشدُّدها
إذا تقوم إلى جاراتها الكسلُ٣٧١
إذا تُلاعب قِرنًا ساعةً فترت
وارتجَّ منها ذَنوب المَتْن والكَفَل٣٧٢
صفر الوشاح وملء الدَّرع بَهْكَنَةٌ
إذا تأتَّى يكاد الخصر ينخزل٣٧٣
نعم الضَّجيع غذاة الدَّجن يصرعها
لِلَذَّة المرء لا جاف ولا تفل٣٧٤
هِركولةٌ فُنقٌ دِرْمٌ مرافقها
كأنَّ أخمصها بالشوَّك منتعل٣٧٥
إذا تقوم يضوع المسك أصورةً
والزَّنبق الورد من أردانها شمل٣٧٦
ما روضةٌ من رياض الحزن معشبةٌ
خضراء جاد عليها مسبلٌ هطل٣٧٧
يضاحك الشمس منها كوكبٌ شرقٌ
مؤزَّرٌ بعميم النبت مكتهل٣٧٨
يومًا بأطيب منها نشر رائحةٍ
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل٣٧٩
عُلِّقْتُهَا عرضًا وعلَّقت رجلًا
غيري وعُلِّق أخرى غيرها الرَّجل٣٨٠
وعُلِّقَتْه فتاةٌ ما يحاولها
ومن بني عمِّها ميتٌ بها وهل٣٨١
وعُلِّقَتْنِي أُخَيْرَى ما تلائمني
فاجتمع الحبُّ حبٌّ كلُّه تبل٣٨٢
فكلُّنا مغرمٌ يهذي بصاحبه
ناءٍ ودانٍ ومخبولٌ ومختبل٣٨٣
صدَّت هريرة عنَّا ما تُكلِّمنا
جهلًا بأمِّ خليدٍ حبلَ من تصل٣٨٤
أأن رأت رجلًا أعشى أضرَّ به
ريب المنون ودهر مفند خبل٣٨٥
قالت هريرة لمَّا جئت زائرها
ويلي عليك وويلي منك يا رجل٣٨٦
إمَّا ترينا حفاةً لا نعال لنا
إنَّا كذلك ما نحفى وننتعل٣٨٧
وقد أُخَالِسُ ربَّ البيت غفلته
وقد يحاذر منِّي ثُمَّ ما يئل٣٨٨
وقد أقود الصِّبا يومًا فيتبعني
وقد يصاحبني ذو الشِّرَّة الغزل٣٨٩
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني
شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشَلٌ شَوِلُ٣٩٠
في فتيةٍ كسيوف الهند قد علموا
أن هالكٌ كلُّ من يحفى وينتعل٣٩١
نازعتُهم قُضُبَ الرَّيحان متَّكئًا
وقهوةً مَزَّةً راووقها خضل٣٩٢
لا يستفيقون منها وهي راهنةٌ
إلَّا بِهَاتِ وإن غلُّوا وإن نهلوا٣٩٣
يسعى بها ذو زجاجاتٍ له نَطَفٌ
مقلصٌ أسفل السِّربال معتمل٣٩٤
ومستجيبٍ تخال الصَّنج يسمعه
إذا تُرَجَّع فيه القينة الفضل٣٩٥
والسَّاحبات ذيول الرَّيط آونةً
والرَّافعات على أعجازها العجل٣٩٦
من كلِّ ذلك يومٌ قد لهوتُ به
وفي التَّجارب طول اللَّهو والغزل٣٩٧
وبلدةٍ مثل ظهر التُّرس موحشةٍ
للجِنِّ باللَّيل في حافَاتها زجل٣٩٨
لا يتنمى لها بالقيظ يركبها
إلَّا الذين لهم فيما أتوا مهل٣٩٩
جاوزْتها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ
في مرفقيها إذا استعرضها فتل٤٠٠
بل هل ترى عارضًا قد بتُّ أرمقه
كأنما البرق في حافَاته شُعَل٤٠١
له رِدَافٌ وجوزٌ مُفْأَمٌ عملٌ
منطقٌ بسجال الماء متَّصل٤٠٢
لم يُلْهِنِي اللَّهو عنه حين أرقبه
ولا اللَّذاذة في كأسٍ ولا شغل٤٠٣
فقلت للشَّرب في دُرْنَا وقد ثملوا
شيموا وكيف يشيم الشارب الثَّمل٤٠٤
قالوا نمارٌ فبطن الخال جادهما
فالعسجديَّة فالأبلاء فالرِّجل٤٠٥
فالسفح يجري فخنزيرٌ فبرقته
حتى تدافع منه الرَّبو فالحبل٤٠٦
حتَّى تحمل منه الماء تكفلةً
روض القطا فكثيب الغينة السَّهل٤٠٧
يسقى ديارًا لها قد أصبحت غرضًا
زُورًا تجانف عنها القود والرَّسل٤٠٨
أبلغ يزيدَ بني شيبان مألُكةً
أبا ثُبيتٍ أما تنفطَّ تأتكل٤٠٩
ألست منتهيًا عن نحت أثلتنا
ولست ضائرها ما أطَّت الإبل٤١٠
كناطحٍ صخرةً يومًا ليوهنها
فلم يَضِرْهَا وأوهى قرنه الوعل٤١١
تُغْرِي بنا رهط مسعودٍ وإخوته
يوم اللِّقاء فتُردِي ثمَّ تعتزل٤١٢
لا أعرفنك إن جدَّت عداوتنا
والتمسَ النَّصرُ منكم عوض تحتمل٤١٣
تلحم أبناء ذي الجدَّين إن غضبوا
أرماحنا ثمَّ تلقاهم وتعتزل٤١٤
لا تقعدنَّ وقد أكَّلتها حطبًا
تعوذ من شرِّها يومًا وتبتهل٤١٥
سائل بني أسدٍ عنَّا فقد علموا
أن سوف يأتيك من أنبائنا شكل٤١٦
واسأل قشيرًا وعبد الله كلهم
واسأل ربيعة عنا كيف نفتعل٤١٧
إنَّا نقاتلهم حتى نُقَتِّلهم
عند اللقاء وإن جاروا وإن جهلوا٤١٨
قد كان في آل كهفٍ إن هم احتربوا
والجاشريَّة من يسعى وينتضل٤١٩
إنِّي لَعَمْرُ الذي حطَّت مناسمها
تخدي وسيقَ إليه الباقر الغيل٤٢٠
لئن قتلتم عميدًا لم يكن صددًا
لنقتلنْ مثله منكم فنمتثل٤٢١
لئن مُنِيتَ بنا عن غبِّ معركةٍ
لأتلفنا عن دماء القوم ننتقل٤٢٢
لا تنتهون ولن يَنْهَى ذوي شططٍ
كالطَّعن يذهب فيه الزَّيت والفتل٤٢٣
حتى يظلَّ عميد القوم مرتفقًا
يدفع بالرَّاح عنه نسوةٌ عجل٤٢٤
أصابه هندوانيٌّ فأقصده
أو ذابلٌ من رماح الخط معتدل٤٢٥
كلَّا زعمتم بأنا لا نقاتلكم
إنا لأمثالكم يا قومنا قتل٤٢٦
نحن الفوارس يوم الحنو ضاحيةً
جنبَيْ فطيمة لا مَيْلٌ ولا عزل٤٢٧
قالوا الطَّعان فقلنا تلك عادتنا
أو تنزلون فإنَّا معشرٌ نزل٤٢٨
قد نخضب العير في مكنون فائله
وقد يشيط على أرماحنا البطل٤٢٩

المعلقة التاسعة

قال النابغة الذبياني، واسمه زياد بن معاوية بن ضباب بن جناب بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان مضر، ويُكَنَّى أبا أمامة، قال يمدح النعمان ويعتذر إليه ممَّا وشى به المنخَّل من شأن امرأته المتجرِّدة، وهي:

يا دار ميَّة بالعلياءِ فالسَّندِ
أَقْوَتْ وطال عليها سالف الأبد٤٣٠
وقفتُ فيها أصيلًا كي أسائلها
عيَّت جوابًا وما بالرَّبع من أحد٤٣١
إلَّا الأَوَارِيَ لأيًا ما أبيِّنها
والنُّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد٤٣٢
ردَّت عليه أقاصيه ولبَّده
ضربُ الوليدة بالمِسحاة في الثأد٤٣٣
خلَّت سبيل أَتِيٍّ كان يحبسه
ورفَّعته إلى السَّجفين فالنَّضَدِ٤٣٤
أضحت خلاءً وأضحى أهلها احتملوا
أخنى عليها الذي أخنى على لبد٤٣٥
فَعَدِّ عمَّا ترى إذ لا ارتجاع له
وَانْمِ القُتُود على عيرانةٍ أُجُد٤٣٦
مقذوفةٍ بدخيس النَّحض بازلها
له صريفٌ صريف القعو بالمسد٤٣٧
كأنَّ رحلي وقد زال النَّهار بنا
يوم الجليل على مستأِنس وَحَدِ٤٣٨
من وحش وَجرَةَ موشيٍّ أكارعه
طاوي المصير كسيف الصيَّقل الفرد٤٣٩
فارتاع من صوت كلَّابٍ فبات له
طوع الشَّوامت من خوفٍ ومن صرد٤٤٠
فبثَّهنَّ عليه واستمرَّ به
صُمْعُ الكعوب بَرِيَّاتٌ من الحَرَد٤٤١
وكان ضُمْرَانُ منه حيث يُوزِعُه
طعن المُعَارِكِ عند المحجر النَّجد٤٤٢
شكَّ الفريصة بالمِدْرَى فأنفذها
طعن المبيطر إذ يشفى من العضد٤٤٣
كأنَّه خارجًا من جنب صفحته
سفُّودُ شربٍ نسوه عند مفتأد٤٤٤
فظلَّ يَعْجُمُ أعلى الرَّوق منقبضًا
في حالك اللَّون صدقٍ غير ذي أود٤٤٥
لما رأى واشقٌ إقعاص صاحبه
ولا سبيل إلى عقلٍ ولا قود٤٤٦
قالت له النَّفس إنَّي لا أرى طمعًا
وإنَّ مولاك لم يَسْلَمْ ولم يَصِدِ٤٤٧
فتلك تُبلغني النَّعمان إنَّ له
فضلًا على الناس في الأدنى وفي البعد٤٤٨
ولا أرى فاعلًا في النَّاس يشبهه
ولا أحاشي من الأقوام من أحد٤٤٩
إلا سليمان إذ قال الإله له
قم في البَرِيَّة فاحدُدْها عن الفند٤٥٠
وخيِّس الجنَّ أني قد أذنت لهم
يبنون تدمر بالصُّفَّاح والعمد٤٥١
فمن أطاعك فانفعه بطاعته
كما أطاعك وادلُلْه على الرَّشد٤٥٢
ومن عصاك فعاقبه معاقبةً
تنهى الظَّلوم ولا تقعد على ضمد٤٥٣
إلَّا لمثلك أو من أنت سابقه
سبق الجواد إذا استولى على الأمد٤٥٤
أعطى لفارهةٍ حلوٍ توابعها
من المواهب لا تعطى على نكد٤٥٥
الواهب المائة المعكاء زيَّنها
سعدان توضح في أوبارها اللِّبد٤٥٦
والرَّاكضات ذيول الرَّيط فنَّقها
برد الهواجر كالغزلان بالجرد٤٥٧
والخيل تَمْزَعُ غربًا في أعنَّتها
كالطَّير تنجو من الشوُّبوب ذي البرد٤٥٨
والأُدْم قد خُيِّسَتْ فُتْلًا مرافقها
مشدودةً برحال الحيرة الجدد٤٥٩
اُحْكُم كحكم فتات الحيِّ إذ نظرت
إلى حمامٍ شراعٍ وارد الثَّمد٤٦٠
يحفُّه جانبًا نِيقٍ وتُتبِعه
مثل الزُّجاجة لم تكحل من الرَّمد٤٦١
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا
إلى حمامتنا ونصفه فَقَدِ٤٦٢
فحسَّبُوه فألفَوْه كما زعمت
تسعًا وتسعين لم تنقُص ولم تَزِد٤٦٣
فكمَّلت مائةً فيها حَمامَتُها
وأسرعت حِسبةً في ذلك العدد٤٦٤
فلا لعمر الذي مسَّحتُ كعبته
وما هُرِيقَ على الأنصاب من جسد٤٦٥
والمؤمن العائذات الطَّير تمسحها
ركبان مكَّة بين الغيل والسَّعد٤٦٦
ما إنْ أتيتُ بشيءٍ أنت تكرهه
إذن فلا رفعت سوطي إليَّ يد٤٦٧
إذن فعاقبني ربي معاقبةً
قرَّت بها عين من يأتيك بالحسد٤٦٨
هذا لأبرأ من قولٍ قُذِفْتُ به
طارت نوافذه حَرًّا على كبدي٤٦٩
أنبئتُ أنَّ أبا قابوس أوعدني
ولا قرار على زأرٍ من الأسد٤٧٠
مهلًا فداءٌ لك الأقوام كلُّهم
وما أثمِّر من مالٍ ومن ولد٤٧١
لا تقذِفَنِّي بركنٍ لا كفاء له
وإن تأثَّفك الأعداء بالرَّفد٤٧٢
فما الفرات إذا هبَّ الرِّياح له
تمري أواذيَّه العبرين بالزَّبد٤٧٣
يمدُّه كل وادٍ مترعٍ لَجِبٍ
فيه ركامٌ من الينبوت والخضد٤٧٤
يظلُّ من خوفه الملَّاح معتصمًا
بالخيزرانة بعد الأين والنَّجد٤٧٥
يومًا بأجود منه سيب نافلةٍ
ولا يحول عطاء اليوم دون غد٤٧٦
هذا الثناء فإن تسمع لقائله
فلم أعرِّض أبيتَ اللَّعن بالصَّفَد٤٧٧
ها إنَّ ذي عذرةٌ إلَّا تكن نفعت
فإنَّ صاحبها مشارك النَّكد٤٧٨

المعلقة العاشرة

قال عبيد بن الأبرص بن حنتم بن عامر بن مالك بن زهير بن مالك بن الحارث بن سعيد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وهي:

أقفر من أهله ملحوبُ
قالقطبيَّات فالذَّنوب٤٧٩
فراكسٌ فثعيلباتٌ
فذات فرقين فالقليب٤٨٠
فعردةٌ فَقَفَا حبرٍ
ليس بها منهم عريب٤٨١
وبدِّلت منهم وحوشًا
وغيَّرت حالها الخطوب٤٨٢
أرضٌ توارثها الجدوب
فكلُّ من حلَّها محروب٤٨٣
إمَّا قتيلًا وإما هلْكًا
والشَّيب شَيْنٌ لمن يشيب٤٨٤
عيناك دمعهما سروب
كأنَّ شأنيهما شعيب٤٨٥
واهية أو معين معنٍ
من هضبةٍ دونها لهوب٤٨٦
أو فلْجُ وادٍ ببطن أرضٍ
للماء من تحته قسيب٤٨٧
أو جدولٌ في ظلال نخلٍ
للماء من تحتها سكوب٤٨٨
تصبو وأنَّى لك التَّصابي
أنَّى وقد راعك المشيب٤٨٩
فإن يكن حال أجمعها
فلا بديٌّ ولا عجيب٤٩٠
أو يك أقفر منها جوُّها
وعادها المَحْلُ والجُدوب٤٩١
فكلُّ ذي نعمةٍ مخلوسٌ
وكلُّ ذي أمل مكذوب٤٩٢
وكلُّ ذي إبلٍ موروثٌ
وكل ذي سلَب مسلوب٤٩٣
وكلُّ ذي غيبةٍ يئوب
وغائب الموت لا يئوب٤٩٤
أعاقرٌ مثل ذات رَحْمٍ
أو غانمٌ مثل من يخيب٤٩٥
من يسأل النَّاس يُحرِموه
وسائلُ الله لا يخيب٤٩٦
بالله يدرك كلُّ خير
والقول في بعضه تلغيب٤٩٧
والله ليس له شريكٌ
علام ما أخفت القلوب٤٩٨
أفلح بما شئت قد يبلغ بالضعـ
ـفِ وقد يُخدع الأريب٤٩٩
لا يعظ النَّاس من لا يعظ الدَّهـ
ـر ولا ينفع التَّلبيب٥٠٠
إلَّا سجيَّات ما القلوب
وكم يصيِّرن شائنًا حبيب٥٠١
ساعد بأرضٍ إن كنت فيها
ولا تقل إنني غريب٥٠٢
قد يوصل النازح النائي وقد
يقطع ذو السُّهمة القريب٥٠٣
والمرء ما عاش في تكذيبٍ
طول الحياة له تعذيب٥٠٤
يا ربَّ ماءٍ وردتُ آجنٍ
سبيله خائفٌ جديب٥٠٥
ريش الحمام على أرجائه
للقلب من خوفه وجيب٥٠٦
قطعته غدوةٌ مشيحًا
وصاحبي بادنٌ خبوب٥٠٧
غيرانةٌ موجدٌ فقارها
كأمَّ حاركها كثيب٥٠٨
أخلف بازلًا سديسٌ
لا خفَّةٌ هي ولا نيوب٥٠٩
كأنها من حمير غاب
جوْن بصفحته ندوب٥١٠
أو شببٌ يرتعي الرُّخامى
تلطُّه شمألٌ هَبوب٥١١
فذاك عصرٌ وقد أراني
تحملني نهدةٌ سرحوب٥١٢
مضبر خلقها تضبيرًا
ينشقُّ عن وجهها السَّبيب٥١٣
زيتيَّة نائم عروقها
وليِّنٌ أَسْرُها رطيب٥١٤
كأنَّها لقوةٌ طلوب
تيبس في وكرها القلوب٥١٥
باتت على إرمٍ عذوبًا
كأنَّها شيخةٌ رقوب٥١٦
فأصبحت في غداة قُرٍّ
يسقط عن ريشها الضَّريب٥١٧
فأبصرت ثعلبًا سريعًا
ودونه سبسبٌ جديب٥١٨
فنفَّضت ريشها وولَّت
وهي من نهضةٍ قريب٥١٩
فاشتال وارتاع من حسيسٍ
وفِعلُه يفعل المذءوب٥٢٠
فنهضت نحوه حثيثًا
وحرَّدت حرده تسيب٥٢١
فدبَّ من خلفها دبيبًا
والعين حملاقها مقلوب٥٢٢
فأدركته فطرَّحته
والصيَّد من تحتها مكروب٥٢٣
فجدَّلته فطرَّحته
فكدَّحت وجهه الجبوب٥٢٤
فعاودته فرفَّعته
فأرسلته وهو مكروب٥٢٥
يضغو ومخلبها في دَفِهِ
لا بدَّ حيزومه منقوب٥٢٦

تمت المعلقات العشر مع اختلاف الروايات وما أردناه من التعليق عليها، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

١  قفا نبك … إلخ اختُلِف في هذه الألف فقيل: قفا خطاب للواحد على التثنية على حد ألقيا في النار، والمراد مالك خازن النار، وهو مفرد، وقيل: هو مثنًى حقيقي، وقيل: الأصل قِفَنْ بنون التوكيد الخفيفة، وإبدالها في الوصل ألفًا إجراء له مجرى الوصل؛ لأنها تبدل في الوقف ألفًا، وقوله: بين الدخول فحومل. على رواية الفاء أنكره الأصمعي؛ لأنه لا يقال: هذا بين زيد فعمرو، وقد صحت رواية الفاء، وإن كانت رواية الواو أشهر، قال ابن السكيت: إن رواية الفاء على حذف مضاف، والتقدير بين أهل الدخول فحومل، وقال خطاب: إنه على اعتبار التعدد حكمًا والتقدير بين أماكن الدخول فحومل، وهما موضعان.
٢  قوله: كأني غداة البين … إلخ. هذا البيت من شواهد النحاة على بدل الكل من البعض بغداة بعض لليوم، وهو كل لها، قال أبو حيان: وقد يجاب بأنه على حذف مضاف أي غداة يوم تحملوا، وناقف الحنظل الذي ينقفه ليستخرج حبه، وهو تدمع عيناه لحرارة الحنظل شبه نفسه به في جري الدموع.
٣  قوله: وقوفًا بها صحبى … إلخ. قيل: قوله: وقوفًا. حال من صحبي، وعامله قِفَا أي قِفَا حال وقوف صحبي، وقيل: هو مصدر أي قفا وقوف صحبي بها على مطيهم. والأسى: الحزن، قيل: هو منصوب على المصدر، فكأنه قال: لا تأسَ أسًى، وقيل: هو مصدر وضع موضع الحال والتقدير لا تهلك آسيًا أي حزينًا، وقوله: وتجمَّل. يروى بالجيم والحاء.
٤  قوله: وإن شفائي عبرة … إلخ. الرواية المشهورة هي هذه، وروى سيبويه شفاء بالتنكير، وهو عنده شاهد على تنكير اسم إن، وكان الوجه أن يكون اسمها عَبرة؛ لأنها موصوفة بمهراقة، ومهراقة: مصبوبة، وأصلها مراقة من الإراقة، والهاء زائدة، وروي لو سفحتها وإن سفحتها. ومعول موضع عويل أي بكاء، أو بمعنى موضع ينال فيه حاجة يقال: عولت على فلان أي اعتمدت عليه.
٥  قوله: كدأبك … إلخ. الدأب: العادة، وروي: كدينك، وهما بمعنى، والكاف تتعلق بقوله: قفا نبك كدأبك في البكاء، فهي في موضع مصدر، والمعنى بكاء مثل عادتك، ويجوز أن يتعلق بقوله: وإن شفائي عبرة، والتقدير كعاتك في أن تستشفي من أم الحويرث، وأم الحويرث هي هرة أمُّ الحارث بن حصين بن ضمضم الكلبي، وقيل: أخت الحارث، وهي امرأة حجر والد امرئ القيس، فلذلك كان طرده ونفاه وهمَّ بقتله، والرباب امرأة من كلب، ومأسل اسم موضع.
٦  قوله: ألا رُبَّ يوم لك منهن … إلخ. وروي ألا رُبَّ يوم صالح لك منهما، والضمير لأم الحويرث والرباب، وروي لي من البيض صالح. وقوله: «ولا سيما يوم» يروى بالأوجه الثلاثة، فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هو، وما موصولة، والجملة صلتها، والجر على تقدير ما زائدة، ويوم مضاف لسِيَّ، واختلف في وجه النصب فقيل إنه على التمييز، وما نكرة تامة في موضع خفض بالإضافة والمنصوب تفسير لها، وقيل: ما موصولة، ويوم منصوب على الظرفية، وقيل: إن ما حرف كَافٌّ لسِيَّ عن الإضافة، والمنصوب تمييز. ويوم دارة جلجل يوم لقي فيه امرؤ القيس محبوبته عنيزة، وذلك أن الحي تحمَّلوا فتقدم الرجال والخدم والثقل، فلما رأى ذلك امرؤ القيس تخلف بعدما سار مع رجال قومه غلوة، فكمن في غامض حتى مر به النساء، واستنقعن في الغدير، وتركن ثيابهن فهجم عليهن، وأخذها وقال: والله لا أعطي لواحدة منكن ثوبها، حتى تخرج متجرِّدة، فلما يئسن من رده ثيابهن [خرجن إليه واحدة] واحدة حتى بقيت عنيزة، فناشدته الله أن يعطيها ثوبها فلم يرضَ حتى سلكت سبيل صواحبها، ثم إنه نحر لهن ناقته كما يأتي في القصيدة.
٧  قوله: فمثلك حُبلى … إلخ. روي: ومثلك. وعلى الروايتين فمثلك مجرورة برُبَّ مضمرة، والمُحوِل الذي أتى عليه حول، قال الخطيب: وكان يجب أن يكون محيل إلا أنه أخرجه على الأصل، وروي مغيل وهو الذي تؤتى أمه وهو يرضعها.
٨  قوله: إذا ما بكى … إلخ. ما زائدة، وروي: انحرفت. وروي: وشق عندنا. ومعنى: وتحتي شقها أنها تميل إلى ولدها بطرفها، وتنظر إليه هو لتؤنسه وليس يريد الفاحشة.
٩  قوله: وإن تك قد ساءتك … إلخ. الخليقة: الطبيعة، وقوله: فسلي ثيابي من ثيابك. يعني قلبه من قلبها أي خلصي قلبي من قلبك، والثياب: القلب، وبه فُسِّرَ قوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وينسل يُروى بضم السين وكسرها.
١٠  وما ذرفت عيناك … إلخ. ذرفت: دمعت، وروي: لتقدحي موضع لتضربي وهو بمعناه. وسهميك: تثنية سهم، والمراد بهما عيناها، ومعنى: في أعشار قلب: أي لتجعليه عَشر قطع كما يخرق الجابر أعشار البرمة، إلا أن القلب لا ينجبر، والبرمة تنجبر، وقيل: المراد بسهميها المعلى والرقيب، وهما من سهام الميسِر، فالرقيب له ثلاثة أنصباء، والمعلى له سبعة أي لتستولي على قلبي كله. ومقتَّل مذلل وهو صفة لقلب.
١١  قوله: وبيضة خدر … إلخ. أي رُبَّ امرأة كبيضة الخدر في حسنها وصيانتها لا يُرام سترها، ومعجَّل: اسم مفعول أعجله، فهو معجل يعني أنه لعزه لا يتعرضه من يغار عليها.
١٢  تجاوزت إحراسًا إليها … إلخ. روي: تخطيت أبوابًا إليها، وروي: تجاوزت أحراسًا وأهوال معشر إليها، وقوله: يسرون، معناه لو يقدرون على قتلي سِرًّا، وقيل: معناه لو يقدرون على قتلي جهرًا؛ لأن أَسَرَّ من الأضداد، وروي يشرون بالمعجمة، ومعناها يظهرون من أشر الثوب إذا نشره.
١٣  قوله: إذا ما الثريا … إلخ. الثريا: نجوم مجتمعة ومراده بالثريا هنا الجوزاء كما قال بعض العلماء، قال: لأن الثريا لا تعرض لها، وهذا عندهم مثل قول زهير كأحمر عاد، وإنما هو أحمر ثمود، والأثناء جمع ثني كعصي ومعي، والوشاح سير من جلد عريض يرصع بالجوهر.
١٤  قوله: فجئت وقد نضت … إلخ. نضت: خلعت، والجملة حاليَّة، وقوله: لنوم مفعول لأجله، وإنما جره باللام؛ لأن وقت النضو غير وقت النوم، وإذا اختلف وقت العامل والمفعول له وجب جَرُّهُ باللام، وقوله: لِبسة هو بكسر اللام؛ لأنه دال على الهيئة والمتفضل الذي في ثوب واحد.
١٥  قوله: فقالت يمين الله … إلخ. يُروى بالرفع والنصب، فعلى الرفع فهو مبتدأ يجب حذف خبره؛ لأنه نَصٌّ في القسم، وعلى النصب فهو منصوب بإسقاط الخافض، فتعدى الفعل أي أحلف. وقوله: وما إن أرى عنك الغواية. أي الضلالة، وروي: العماية، وهي بمعنى الغواية، وتنجلي: تنكشف.
١٦  قوله: خرجت بها تمشي … إلخ. روي: أمشي بالهمزة، وفيها شاهد مجيء حالين من اسمين بحسب الترتيب، فأمشي حال الفاعل، وتجر حال من المفعول، وهو بها فإن الباء للتعدية ومرحَّل منقوش يروى بالجيم والحاء.
١٧  قوله: فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى … إلخ. أجزنا: قطعنا، وساحة الحي: فِناؤه، وقيل: رحبته، واختلف في الواو من قوله: وانتحى، فقيل: زائدة، وانتحى جواب لمَا، وهذا الخلاف مبني على أن ما بعده هذا:
إذا قلت هاتي ناوليني تمايلت
عليَّ هضيم الكشح ريَّا المخلخل
قال لما في البيت السابق تقتضي جوابًا، ولا شيء في البيتين صالح لأن يكون جوابًا، فقال الكوفيون: انتحى هو الجواب الواو زائدة، وقال البصريون: الواو عاطفة، والجواب محذوف تقديره: فلما أجزنا وانتحى بنا بطن خبت أمنا، أو نلت مأمولي أو نحو ذلك. والمشهور في الرواية أن ما بعد قوله: فلما أجزنا، قوله: هصرت … البيت الآتي؛ وعليها يكون هصرت جواب لما عند الفريقين فلا زيادة ولا نقص. وانتحى: اعترض، والخبت الأرض المطمئنَّة، والحقاف جمع حقف، وروي: بطن حقف ذي ركام، وروي ذي قفاف فالحقف الرمل المشرف المعوج، والقف ما غلظ من الأرض وارتفع، والعقنقل المنعقد من الرمل.
١٨  قوله: هصرت … إلخ. أي جذبت وثنيت، وفودي رأسها: جانباه، وتمايلت: مالت، والرواية الصحيحة: إذا قلت هاتي نوليني تمايلت … إلخ.
١٩  قوله: كالسجنجل. هي المرآة، وروي: بالسجنجل؛ وعليها فالجار والمجرور في موضع نصب.
٢٠  قوله: كبكر المقاناة … إلخ. قال أبو سعيد الضرير: سألني أبو دلف عن البكر أهي المقاناة أم غيرها؟ قال: قلت: هي هي. قال: أفيضاف الشيء إلى صفته؟ قلت: نعم. قال: أين؟ قلت: قد قال الله: وَلَلدَّارُ الْآخِرَة فأضاف الدار إلى الآخرة وهي هي. ا.ﻫ.
٢١  قوله: تصد … إلخ. أسيل بمعنى طويل وهو صفة لحد محذوف، وروي: عن شتيت ومعناه عن ثغر متفرق النابات.
٢٢  قوله: غدائره مستشزرات … إلخ. أي مرتفعات يُروى بكسر الزاي وفتحها اسم فاعل أو مفعول، وهو من شواهد أهل البيان على أن لفظة مستشزرات فيها التنافر لثقلها على اللسان وعصر النطق بها. وروى المدرى موضع العقاص جمع مدرى وهو المشط، وهذه رواية الأصمعي، وعليها اقتصر الأعلم، ومعناها أن شعر رأسها لكثرته بعضه مرفوع، وبعضه مثني، وبعضه مرسل، وبعضه معقوص ملوي بين المثني والمرسل.
٢٣  قوله: وتُضحي فتيت المسلك. يروى يُضحي بالمثناة التحتية، وعلى الروايتين فأضحى تامة؛ لأن المعنى أنها تكون وقت الضحى كذلك، وفتيت مبتدأ وخبره فوق، والجملة حاليَّة، وحذفت منها الواو الرابطة؛ لأنهم يستحسنون حذفها من الجملة الاسمية كقول الفرزدق:
فقالت أراه واحدًا لا أخاله
يؤمله يومًا ولا هو والد
فقلت عسى أن تبصريني فإنما
بنى حوالي الأسود الحوارد
٢٤  قوله: وليس فؤادي … إلخ. روي: عن هواها، وروي: عن هواه، والضمير للفؤاد، وروي وليس صباي عن هواها، وهي رواية الأصمعي.
٢٥  قوله: وما الإصباح منك … إلخ. منك: متعلق بأمثل، والأصل بأمثل منك، وروي: وما الإصباح فيك، وعليها اقتصر الأعلم.
٢٦  قوله: وقربة أقوام … إلخ. هذا البيت والثلاثة التي بعده رواها الأصمعي، وأبو حنيفة الدينوري، وابن قتيبة لتأبط شرًّا، وخالفهم السكري، فزعم أنها لأمرئ القيس، وأدرجها في معلقته، واغتر بذلك بعض الرواة، فمنهم الخطيب التبريزي، ومحمد بن الخطاب في جمهرته، وهي أشبه بشعر اللص والصعلوك لا بكلام الملوك.
٢٧  قوله: والطير في وكناتها … إلخ. الوكنات: جمع وُكْنة بضم فسكون وهي عش الطائر، وروي: في وُكُراتها بضمتين جمع وُكْر بضم فسكون، وهو جمع وكر بفتح فسكون، والوكر: مأوى الطائر في العش.
٢٨  قوله: مِكر مِفر … إلخ. بكسر الميم فيهما، ومفعل من أوصاف المبالغة، ومعنى مقبل مدبر معًا أنه سلس العِنان جمع وصفَيِ الفرس بحسن الخلق وشدة العدو، وشبهه في عدوِه بالحجر؛ لأن الحجر يطلب الانحطاط بطبعه من غير واسطة، فكيف إذا أعانته قوة دفاع السيل من عَلٍ فهو حال تدحرجه يرى وجهه في الآن الذي يرى فيه ظهره لسرعة تقلبه، وبالعكس.
٢٩  قوله: كميت يزل اللبد … إلخ. وري يزل بضم الياء وكسر الزاي من أزل، وفاعله ضمير الكميت، واللبد مفعول به، وروي يزل بفتح الياء، وكسر الزاي، ورفع اللبد فاعلًا، وقوله: عن حال متنه روي عن حاذِّ متنه، وهما موضع اللبد منه.
٣٠  قوله: على الذبل جياش … إلخ. روي على الضمر وهما بمعنى، وروي على العقب وهو جرى بعد، وقيل: معناه إذا حركته بعقبك.
٣١  قوله: أثرن الغبار. روي غبارًا بالتنكير وعليها اقتصر الأعلم، وصاحب الجمهرة، وقوله: أمره تتابع كفيه، والضمير في أمره للمحذوف وكفيه للوليد.
٣٢  قوله: ضليع … إلخ. روي: وأنت، وعليها اقتصر الأعلم، وضافٍ صفة لمحذوف أي بذنب وهو السابغ، وهذا الوصف حميد لا كما قال البحتري:
ذنَب كما سحب الرداء يذب عن
عرف وعرف كالقناع المسبل
قال الآمدي: وهذا خطأ من الوصف؛ لأن ذنب الفرس إذا مس الأرض كان عيبًا، فكيف إذا سحبه، وإنما الممدوح من الأذناب ما قرب من الأرض، ولم يمسها، كما قال امرؤ القيس:
بضافٍ فويق الأرض ليس بأعزل
والأعزل الخيل الذي يكون ذنَبه في جانب وهو عادة لا خلقة.
٣٣  قوله: كان على المتنين … إلخ. روي: على الكتفين، وصراية هي رواية الأصمعي، وإنما خصها؛ لأن حب الحنظل له دهن فتكتسي منه بريقًا ولمعانًا، فشبه الفرس بها في ملاسته وبَرِيقه، وروى الخطيب كأن سراته لدى البيت قائمًا … إلخ.
٣٤  قوله: في ملاء مذيل. يروى في الملاء المذيل، وهي رواية الأصمعي.
٣٥  قوله: بجيدٍ معمِّ في العشيرة مخول. يروى بضم الميم وكسرها فيهما.
٣٦  قوله: فألحقنا بالهاديات … إلخ. روي: فألحقه، وهي رواية الخطيب قال: والهاء في قوله: فألحقه يحتمل أن تكون للفرس أي ألحق الغلام الفرس، ويحتمل أن تكون للغلام أي ألحق الفرس الغلام.
٣٧  قوله: فظل طهاة اللحم … إلخ. هذا البيت يُستشهد به على عطف التوهُّم، فإن قديرًا معطوف على صفيف، وهو منصوب، غير أنهم توهموا جَرَّه بالإضافة فعطف عليه بالجر، وهذا على مذهب الكوفيين المغاربة بأن على حذف مضاف، والتقدير أو طابخ قدير فحذف المضاف الأول.
٣٨  قوله: ورحنا يكاد الطرف. روي: ورحنا وراح الطرف ينفض رأسه، وهي رواية الأصمعي وأبي عبيدة، وقوله: تسفل، روي: تسهل، وهي رواية الأعلم والخطيب.
٣٩  قوله: أصاحِ ترى برقًا. روي: أحارِ وكلاهما ترخيم شاذ؛ فإن المبرد يمنع ترخيم النكرة مطلقًا، وسيبويه يجيزه إذا كان في آخرها هاء، وأجابوا بأن الشاعر كأنه قال يا أيها الصاحب أو يا أيها الحارث، واستشكلوا أيضًا حذف حرف الاستفهام بأن المعنى أترى، وأجيب عنه أيضًا بأنه جازَ هنا لدلالة ألف النداء عليه، ويروى أَعِنِّي على برق أريك وميضه.
٤٠  قوله: يضيء سناه … إلخ. روي: أمصابيح راهب، بالجر عطفًا على كلمع اليدين، وروي: أهان السليط، وهي رواية الخطيب قال: أي لم يكن عنده عزيزًا؛ يعني أنه لا يكرمه عن استعماله وإتلافه في الوقود، ولا معنى لرواية من روى: أمال.
٤١  قوله: بين ضارج وبين العذيب. روي: بين حامر وبين أكام. وبعد ما متأمل: يُروى بفتح الباء وما تحتمل أن تكون زائدة، وأن تكون مصدرية ظرفية، وروي بضمها والأصل يا بعد متأملي، وهذا نداء ومعناه التعجب.
٤٢  قوله: على قطن. رواه الأصمعي بالجر لأن على عنده جارَّة، ورواه الخطيب علا قطنًا بالنصب وعلا عنده فعل، وقوله: على الستار فيذبل. روي على النباج فثيتل وهي رواية الأصمعي.
٤٣  قوله: حول كتيفة. وروي: من كل فيقة، والفيقة ما بين الحلْبتين، واسم ما بينهما الفواق، والفواق بالفتح والضم، ويروى: عن كل فيقةٍ بمعنى بعد، وروى أبو عبيدة: من كل تلعةٍ أي مسيل الماء.
٤٤  قوله: ومر على القنان من نفيانه. روي وألقى ببيسان مع الليل بركه، وهي رواية الأصمعي، وعليها اقتصر الأعلم.
٤٥  قوله: ولا أطما. روي: ولا أجما، وعليها اقتصر الخطيب.
٤٦  قوله: كبير أناس في بجاد مزمل. مزمل صفة لكبير، وحقه الرفع، وإنما خفض لمجاورته لبجاد عند بعض العلماء، ولا ناس عند بعضهم، وهو الصحيح، وقال أبو علي الفارسي: إنه ليس على الخفض بالجوار، بل جعل مزملًا صفة حقيقية لبجاد، قال: لأنه أراد مزمل فيه، ثم حذف حرف الجر، فارتفع الضمير واستتر في اسم المفعول.
٤٧  قوله: كأن ذرى رأس المجيمر … إلخ. روي: كأن طَمية بفتح الطاء، وهي رواية الأصمعي، وروي ضَمُّها أيضًا، وروي: كأن به رأس المجيمر، ويروى: كأن قلعة المجيمر. وقوله: الغثاء. روى الفراء: من السيل، والأغثاء جمع الغثاء، وهذا الجمع قليل في المدود، وقال أبو جعفر: إن هذه الرواية خطأ، وروي: كأن قليعة المجيمر.
٤٨  قوله: ذي العياب المحمل. يُروى بفتح الميم وكسرها فمن فتح الميم جعل اليماني جملًا، ومن كسرها جعله رجلًا، وروى الأصمعي: كصدع اليماني، ويروى: كصوع اليماني أي كطرحه الذي معه، وقال بعضهم: الصوع الخطوط، وروي ذي العياب المخول بالخاء المعجمة أي كثير المال.
٤٩  قوله: صبحن سلافَا. روي: نشاوى تساقوا من رحيق مفلفل.
٥٠  قوله: كان السباع فيه غرقى عشية. روي فيه: غرقى غدية. والعنصل بفتح صاده ويضم، والأنابيش لا واحد لها من لفظها، وقيل: واحدها أنبوش.
٥١  قوله: لخولة … إلخ. روي عجزه: ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد، وروي بعد البيت الأول على الرواية الأولى بيت وهو هكذا:
فروضة دعمي فأكناه حائل
ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد
٥٢  قوله: عدولية. يروى بالرفع والخفض، فمن رفعها جعلها من نعت الخلايا، ومن خفضها فهي من نعت السفن.
٥٣  قوله: سقته إياة الشمس … إلخ. إياة الشمس: ضوءُها يشير بهذا إلى ما كانت العرب تتخيله من خرافاتها، فإن الغلام كان إذا سقطت له سن أخذها بين السبابة والإبهام واستقبل الشمس إذا طلعت، وقذف بها، وقال: يا شمس أبدليني سنًّا أحسن منها، ولتجر في ظلمها إياتك. وقال الخطيب: وقيل في قوله: سقته إياه الشمس، من قول الأعراب إذا سقطت سن أحدهم كان يرميها إلى عين الشمس، ويقول: أبدليني سنًّا من ذهب أو فضة، قلت: ولم تزل هذه عادة صغار أهل مدينة حلب.
٥٤  قوله: ألقت رداءها. يروى: حلَّت رداءها، قال السيوطي: جعل للشمس رداءً استعارة للنور؛ لأنه أبلغ.
٥٥  قوله: نصأتها. يروى بالصاد والسين، قال الخطيب: نسأتها ضربتها بالمنسأة، ويروى: نصأتها، قال ابن الأعرابي: نصأتها ونسأتها زجرتها وضربتها بالمنسأة، وهما واحد، وقيل: نصأتها قدمتها، ونسأتها أخرتها.
٥٦  قوله: جمالية وجناء. لم يروِه الأعلم، ولا الخطيب، ولا ابن السكيت، ورواه بعض الرواة.
٥٧  قوله: تريع إلى صوت المهيب … إلخ. تريع: ترجع، والمهيب الذي يصيح بها هوب يعني أنها مدربة، قلت: وهذه أيضًا باقية في أعراب حلب.
٥٨  قوله: أكمل النحض فيهما. روى الطوسي: عولي النحض فيهما.
٥٩  قوله: كأنها. قال الخطيب الرواية الجيدة: كأنما تَمر بفتح التاء، ويروى: تُمِرُّ يعني بضم التاء وكسر الميم، ورواية الأعلم كأنما أمرًا بالتثنية والضمير للمرفقين.
٦٠  قوله: لتكتنفن. بنون التأكيد الخفيفة، وهي رواية الأعلم، ورواية الخطيب لتكتنفًا، قال: وقوله: لتكتنفًا أقسم بالنون الخفيفة والوقف عليها بالألف عوضًا من النون، ولا بعوض منها إذا كان قبلها ضمة أو كسرة؛ لأنهم شبهوها بالتنوين في الأسماء؛ لأنك تعوض منه في موضع النصب، ولا تعوض في موضع الرفع والجر؛ لأن النون في الأفعال تحذف لالتقاء الساكنين والتنوين في الأسماء الاختيار فيه التحريك؛ لأن ما يدخل في الأسماء أقوى مما يدخل في الأفعال.
٦١  قوله: كسكان بوصي. يروى: كسكان نوتي، وهو الملاح.
٦٢  قوله: وعى الملتقى. أي اجتمع الملتقى منها، وضبطه بعض النحاة بالبناء للمجهول على لغة من يفتح العين في معتل اللام، فيقول: دَعَى ورَمَى، وقوله: إلى حرف مبرد. تشبيه في غاية الحسن، حتى روي أن الأصمعي قال: لم يقُل أحد مثل هذا البيت.
٦٣  قوله: قده لم يجرد. معناه أن شعره عليه، وروي: لم يحرد، بالحاء المهملة، وعليه اقتصر الخطيب، قال: أي لم يمِل؛ يصف أنها شابة فتية، وذلك أن الهرمة والهرم تميل مشافرهما.
٦٤  قوله: وجس خفي. هذه رواية الخطيب، وروي: لجرس، وهي رواية الأعلم وابن السكيت، وروى الأعلم في السري لجرس، وقوله: أو لصوت مندد. روي بإضافة صوت إلى مندد، وعليه فمندد اسم فاعل، وروي بتنوين صوت وفتح النون من مندد، وعليه فهو اسم مفعول.
٦٥  قوله: في صفيح مصمد. هذه رواية الخطيب، وروي: من صفيح قال الخطيب: والمصمد الصُّلب الذي لا خور فيه، وقال ابن السكيت: مصمد محكم موثق، وإنما خص هذه الرملة؛ لأن حجرها أقوى من غيره، وهذا يقتضي إضافة صفيح إلى مصمد، وأن مصمد اسم رملة، ولم يذكرها صاحب المعجم.
٦٦  قوله: أفديك منها. الضمير للفلاة ولم يجرِ لها ذكر اكتفاء بعلم السامع بها فهو نظير قوله تعالى: حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ.
٦٧  قوله: وخاله مصابا. أي ظن نفسه واتحاد الفاعل والمفعول الواقعين ضميرين متصلين من خواص أفعال القلوب.
٦٨  قوله: ولست بحلال التلاع مخافة. هذه رواية ابن السكيت والخطيب، وروي: بمحلال التلاع لبيته، وهي رواية الأعلم.
٦٩  قوله: وإن تلتمسني … إلخ. روي: وإن تقتنصني، وهي رواية ابن السكيت والأعلم والخطيب.
٧٠  قوله: وإن كنت عنها ذا غنى. هذه رواية ابن السكيت والأعلم. وروى الخطيب غانيًا.
٧١  قوله: إلى ذروة البيت الشريف. رواية الخطيب الرفيع، ورواية ابن السكيت والأعلم الكريم.
٧٢  قوله: تروح إلينا. روي: علينا، وهي رواية ابن السكيت والأعلم والخطيب.
٧٣  قوله: رحيب قطاب الجيب: روي بتنوين رحيب وبإضافته إلى الجيب، فعلى الرفع فهو خبر عن قطاب الجيب متقدم عليه، وعلى الإضافة فهو خبر مبتدأ محذوف تقديره هي، وسقطت التاء من رحيب؛ لأن فعيلًا بمعنى فاعل أو مفعول يحمل أحدهما على الآخر في لحاق التاء وعدمه.
٧٤  قوله: «مطروفة» هو ال من القينة، روي بالفاء، ومعناه أنها ساكنة الطرف، وروي بالقاف، ومعناه أنها مسترخية.
٧٥  قوله: إذا رجعت … إلخ. ورواه ابن السكيت، ولم يروه الأعلم ولا الخطيب.
٧٦  قوله: ولا أهل هذاك. لفظة هذاك يقل وجود مثلها في كلام العرب؛ لأن دخول هاء التنبيه على اسم الإشارة المقرون بالكاف دون اللام قليل، ولم أَرَ منه غير هذا، أما مع المقرون باللام فممتنع، ولم يسمع منه شيء.
٧٧  قوله: ألا أيها ذا الزاجري … إلخ. روي: ألا أيها اللاحي أن أشهد الوغى، وأن أحضر … وهي رواية ابن السكيت. وروي: ألا أيها ذا اللائمي أحضر الوغى برفع أحضر ونصبه، فالرفع على الأصل في المضارع إذا حذفت أن الناصبة، والنصب على مذهب الكوفيين من جواز حذف أن ونصب الفعل بعدها، وأنكر البصريون جواز النصب بعد حذف أن، وعللوا ذلك بأن عوامل الأفعال ضعيفة لا تعمل بعد الحذف.
٧٨  قوله: هن من عيشة الفتى. هذه رواية الخطيب. وروى ابن السكيت: من لذة الفتى، وروي: من حاجة الفتى.
٧٩  قوله: فمنهن سبقي العاذلات. بإضافة سبق إلى فاعله وتكميله بمفعوله وهو العاذلات، وروي: سبق بالرفع والإضافة إلى العاذلات، وعلى كلٍّ فسبق: مبتدأ، ومنهن: خبره مقدَّم عليه، والرواية الأولى عن ابن السكيت، والثانية عن الخطيب.
٨٠  قوله: وتقصير يوم الدجن. هذه رواية الخطيب، وروى ابن السكيت وتقصير بالإضافة إلى فاعله، وتكميله بمفعوله. وقوله: ببهكنة. هي رواية ابن السكيت والأعلم والخطيب، وروي بهيكلة وهي العظيمة الألواح والعجيزة والفخذين، وقوله: تحت الخباء. روي: تحت الطراف وهي رواية ابن السكيت والأعلم والخطيب.
٨١  قوله: ستعلم إن متنا غدًا. هي رواية الخطيب، وروي: صدا أيِّنا بإضافة صدا إلى أينا، وروي: إن متنا صدًى بالتنوين ورفع أي على الابتداء والإخبار عنها بالصدى.
٨٢  قوله: ترى جثوتين. بتاء الخطاب هي رواية الأعلم وابن السكيت والخطيب، وروي أرى بهمز التكلم.
٨٣  قوله: أرى العيش كنزًا … إلخ. هذه رواية ابن السكيت، وروى الخطيب: أرى الدهر. وروى: أرى العمر.
٨٤  قوله: متى ما يشأ يومًا … إلخ. رواه ابن السكيت، ولم يروه الأعلم ولا الخطيب.
٨٥  قوله: نشدت فلم أغفل. يروى: أُغفِل بضم الهمزة وكسر الفاء، وروي: أَغفُل بفتح الهمزة وضم الفاء، ومعبد هذا أخو طرفة، وكانت لهما إبل فكانا يرعيانها، فلما أغبها طرفة، قال له معبد: لا تسرح إبلك كأنك تظن أنها إن أخذت ردها عليك شعرك، قال: إني لا أخرج فيها أبدًا حتى يعلم أن شعري سيردها إن أُخِذَتْ. فتركها، فأخذها ناس من مضر، فادَّعى طرفة جوار قابوس وعمر ابني المنذر، ورجل من النمر يقال له: بشر بن قيس، فقال قصيدته التي خاطب فيها عمرو بن هند بقوله:
أعمرو بن هند ما ترى رأي صرمة
لها شنب ترعى به المال والشجر
وقيل: أخذها عمرو نفسه، وعلى كلا القولين رُدَّتْ إليه.
٨٦  قوله: وجدك إنه. الهاء للأمر والشأن، وروي: إنني، وهي رواية ابن السكيت والأعلم والخطيب، وقوله: أمر. هي رواية الخطيب، وروى ابن السكيت والأعلم: عهد.
٨٧  قوله: بشرب حياض الموت. هي رواية ابن السكيت. وروى الخطيب: بكأس، وروي: التورد.
٨٨  قوله: وكمحدث. روي بكسر الدال وفتحها؛ فمن كسر أراد الرجل الذي كرجل أحدث حدثًا عظيمًا، ومن فتح أراد هجائي كأمر محدث عظيم، وقوله: ومطردي. يروى بضم الميم وفتحها، فالضم من أطرده إذا جعله طريدًا، والفتح من طرده إذا نحَّاه.
٨٩  قوله: فلو كان مولاي امرؤ هو غيره … إلخ. هذه رواية ابن السكيت والأعلم والخطيب، وروي: فلو كان مولاي ابن أصرم مسهر … إلخ.
٩٠  قوله: على الشكر والتسآل أو أنا مفتدي. هذه رواية ابن السكيت والأعلم والخطيب، وروي: على غير ما أذنبت أو أنا معتد.
٩١  قوله: فذرني وخلقي. هذه رواية الخطيب، وروى ابن السكيت والأعلم فذرني وعرضي.
٩٢  قوله: فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد … إلخ. قال أبو عبيدة: قيس بن خالد من بني شيبان وعمرو بن مرثد ابن عم طرَفة، فلما بلغ هذا عمرو بن مرثد وجَّه إلى طرفة فقال له: أما الولد فالله يعطيكم، وأما المال فسنجعلك فيه أسوتنا. فدعا ولده وكانوا سبعة، فأمر كل واحد فدفع إلى طرفة عشرًا من الإبل، ثم أمر ثلاثة من بني بنيه فدفع كل واحد منهم إلى طرفة عشرًا من الإبل، وكان الثلاثة الذين دفعوا إلى طرفة يفتخرون على من لم يدفع، ويقولون: جعلنا جدنا بمنزلة بنيه.
٩٣  قوله: فأصبحت ذا مال كثير … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: فألفيت ذا مال كثير وعادني. وروى الأعلم أيضًا: وعادني، وروى محمد بن خطاب: وزادني.
٩٤  قوله: أنا الرجل الضرب. روي: أنا الرجل الجعد، وهو المجتمع الشديد، وقوله: خشاس. رواية الرفع للخطيب، ورواه ابن السكيت والأعلم بالنصب على الحال من الرجل، وذكر ابن السكيت أن خاءه مثلث.
٩٥  قوله: لعضب رقيق الشفرتين … إلخ. هذه رواية الأعلم والخطيب، وروى ابن السكيت: لأبيض عضب الشفرتين مهند.
٩٦  قوله: نواديها. هي رواية الخطيب، وروى ابن السكيت والأعلم: نواديه، وروي: هواديها.
٩٧  قوله: ألا ماذا ترون بشارب. هذه رواية الخطيب، وروى ابن السكيت والأعلم: لشارب، وقوله: شديد علينا بغيه متعمد. يروى: شديد علينا سخطه متعبد، والمتعبد الظلوم.
٩٨  قوله: ذلول بإجماع الرجال. روي: ذليل.
٩٩  قوله: ولكن نفى عني الرجال … إلخ. هذه رواية الخطيب إلا أنه روى: الأعادي موضع الرجال، ورواه ابن السكيت كما في الأصل، وروى الأعلم: وصبري وإقدامي عليهم ومحتدي.
١٠٠  قوله: ويوم حسبت النفس عند عراكه … إلخ. هي رواية الخطيب؛ وعليها فالضمير لليوم، وروى ابن السكيت والأعلم: عند عراكها، ولم يتكلما على مرجع الضمير. وقال الخطيب: ومن روى: عراكها أراد الحرب، وهذا وإن كان صحيح المبنى فأقرب منه أن يكون مراده عند عراك النفس؛ لأنها تهم بالانهزام فيقاومها خوفًا من العار.
١٠١  قوله: وأصفر مضبوح … إلخ. رواه الخطيب ولم يروه الأعلم ورواه ابن السكيت، وقال في شرحه: لم يروه الأصمعي ولا ابن حبيب ولا ابن الأعرابي، هو في روايتهم لعدي بن زيد.
١٠٢  قوله: أرى الموت أعداد النفوس … إلخ. لم يروه الخطيب، ورواه ابن السكيت والأعلم، قال الأصمعي: حدثني رجل من أهل أضاخ قال: قَدِمَ علينا جرير، فقلنا: من أشعر الناس؟ فقال: الذي يقول:
بعيدًا غدًا ما أقرب اليوم من غد!
وزاد الخطيب بيتين قال: وقيل إنهما لعدي بن دريد وهما:
لعمرك ما الأيام إلا مغارة
فما اسطعت من معروفها فتزود
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه
فإن القرين بالمقارن مقتدي
قلت: أما البيت الثاني ففي جمهرته، وإن الأول أسقطه النساخ.
١٠٣  قوله: بحومانة الدراج. قال الخطيب: الدراج بفتح الدال وضمها، وحومانة الدراج والمتثلم: موضعان بالعالية منقادان، وضبطه ياقوت بالفتح والتشديد وهو الشائع.
١٠٤  قوله: بعد توهم. هذه رواية الخطيب، وروى الأعلم: بعد التوهم.
١٠٥  قوله: ونؤيا كجذم الحوض. هذه رواية الأعلم والخطيب. وروي: كجُد الحوض — بضم الجيم — وهي البئر العتيقة.
١٠٦  قوله: ألا انعم صباحًا. هذه رواية الخطيب، ورواية الأصمعي: ألا عم صباحًا، وعليها اقتصر الأعلم.
١٠٧  قوله: علون بأنطاكية … إلخ. هي رواية الأصمعي، وروى الأعلم: علون بأنماط عتاق وكلة … إلخ، وروى الخطيب:
وعالين إنماطًا عتاقًا وكلة
وراد الحواشي لونها لون عندم
١٠٨  قوله: قشيب ومفأم. هذه الرواية للخطيب، وروى الأصمعي: قشيب مفأَّم بتشديد الهمزة، وعليه اقتصر الأعلم.
١٠٩  قوله: وركن في السوبان … إلخ. رواه الخطيب ولم يروه الأعلم.
١١٠  قوله: فهن ووادي الرس. هذه رواية الخطيب، وروي: في الفم، موضع: لليد، وروى الأعلم: فهن لوادي الرس كاليد للفم.
١١١  قوله: كان فتات … إلخ. هذه رواية الأعلم والخطيب، وروي: حتات، وهو بمعناه، وروي: في كل موقف، موضع في كل منزل، قال المبرد: الفنا شجر بعينه يثمر ثمرًا أحمر، ثم يتفرق في هيئة النبق الصغار، فهذا من أحسن التشبيه، وإنما وصف ما يسقط من أنماطهن إذا نزلن، والعهن: الصوف الملون في أكثر أهل اللغة، وقال الأصمعي: كل صوف عهن.
١١٢  قوله: زرقا جمامه. هي رواية الأعلم والخطيب، وروي: زرقٌ بالرفع على أن جمامه مبتدأ وزرق خبره مقدَّم عليه. قال أبو عمرو بن العلاء: لم يُقَلْ في صفة الماء أحسن من هذا.
١١٣  قوله: تداركتما عبسًا وذبيان … إلخ. ذبيان: يجوز ضم ذاله وكسره، والأول أفصح، ومنشم اسم امرأة عطارة، قيل إنها من خزاعة كانوا إذا أرادوا حربًا اشتروا من عطرها لموتاهم فتشاءموا بها. وقيل: تحالف قوم على عطرها ليتحرموا به فخرجوا للحرب، فقُتِلُوا جميعًا فتشاءمت العرب بها. وقيل: منشم اسم لشدة الحرب.
١١٤  قوله: بمال ومعروف من القول … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروي: من الأمر، وعليه اقتصر الأعلم.
١١٥  قوله: يعظم. روي بفتح المثناة التحتية، وروي: يُعظِم بضمها وكسر الظاء أي يجيء بأمرٍ عظيم، وروي: يُعظَم، بضم المثناة وفتح الظاء ومعناه يعظمه الناس.
١١٦  قوله: فأصبح يجري فيهم … إلخ. هذه رواية الأعلم، وروى الخطيب: فأصبح يُحدى فيهم من تلادكم. وروي: مزنم بالتنكير، وروى الأعلم: المزنم، وهو فحل معروف.
١١٧  قوله: ألا أبلغ الأحلاف. هذه رواية الخطيب، وروى الأصمعي: فمن مُبلِغ الأحلاف، وعليه اقتصر الأعلم، والأحلاف أسد وغطفان وطيئ.
١١٨  قوله: ما في نفوسكم. هذه رواية الأعلم، وروى الخطيب: ما في صدوركم.
١١٩  قوله: يؤخر فيوضع … إلخ. قال عبد القادر البغدادي: جميع الأفعال مبنية للمفعول ما عدا الأخير يعني يَنقم؛ وعليه فالضمير للفظ الجلالة في البيت قبله.
١٢٠  قوله: وما هو عنها. يستشهد به النحويون على أن ضمير المصدر يعمل في الجار والمجرور، وأول بانٍ عنها متعلق بأعني محذوفًا.
١٢١  قوله: متى تبعثوها تبعثوها ذميمة. روي بإعجام الذال، ومعناه: مذمومة، وروي بالمهملة ومعناه حقيرة.
١٢٢  غلمان أشام كلهم … إلخ. في قوله: أشأم قولان؛ أحدهما: أن أشأم بمعنى المصدر فكأنه قال: غلمان شؤم أشأم، وأشأم هو الشؤم بعينه، والثاني: أن يكون المعنى غلمان امرئ أشأم أي مشئوم، وقوله: كلهم مبتدأ، وكأحمر عاد: خبره، وأحمر عاد هو قدار بن سالف عاقر الناقة، وأحمر لقبه، قال الأصمعي: أخطأ زهير في هذا؛ لأن عاقر الناقة ليس من عاد، وإنما هو من ثمود، وقال المبرد: لا غلط؛ لأن ثمود يقال لهم عاد الآخرة، ويقال لقوم هود: عادٌ الأولى، قال الأعلم: وقال بعضهم: لم يغلط، ولكنه جعل عادًا مكان ثمود اتساعًا ومجازًا، إذ قد عرف المعنى مع تقارب ما بين عاد وثمود في الزمن والأخلاق.
١٢٣  قوله: فلا هو أبداها ولم يتقدم. هذه رواية الخطيب، وروى الأعلم: فلا هو أبداها ولم يتجمجم.
١٢٤  قوله: بألف من ورائي ملجم. يُروى بفتح الجيم، ومعناه بألف فرس ملجم، وروي بكسرها، ومعناه بألف فارس ملجم فرسه.
١٢٥  قوله: فشد ولم يفزع … إلخ. رواية الأعلم: لم تفزع بيوت كثيرة؛ أي لم يعلم أكثر قومه بفعله. ورواية الخطيب ينظر بيوتًا كثيرة.
١٢٦  قوله: لدى أسد شاكي السلاح مقذف. هذه رواية الأعلم، ورواية الخطيب: مقاذف.
١٢٧  قوله: جريء. روي بالجر وهو حينئذٍ صفة الأسد، وروي بالرفع، وهو خبر مبتدأ محذوف؛ أي هو جريء.
١٢٨  قوله: رعوا ظمأهم … إلخ. رواية الأعلم والخطيب: رعوا ما رعوا من ظمئهم، ثم أوردوا غمارًا تفرى، وروى الأعلم موضع تفرى: تسيل بالرماح، وروى الخطيب: تفرى بالسلاح وبالدم.
١٢٩  قوله: دم ابن نهيك أو قتيل المثلم. هذه رواية الأعلم والخطيب، وروي: أو دم ابن المهزم.
١٣٠  قوله: ولا شاركت في الموت … إلخ رواية الأعلم.
ولا شاركوا في القوم في دم نوفل
ولا وهب منهم ولا ابن المحزم
ورواية الخطيب: في الحرب ولا ابن المخزم.
١٣١  قوله: فكلا أراهم أصبحوا يعقلونه … إلخ. هذه رواية الخطيب والبيت ملفق من بيتين كما يؤخذ من رواية الأعلم، وهي:
فكلًّا أراهم أصبحوا يعقلونهم
علالة ألف بعد ألف مصنم
تساق إلى قوم لقوم غرامة
صحيحات مال طالعات بمخرم
ويروى: صحيحات ألف.
١٣٢  قوله: كرام فلا ذو الضغن … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروى الأعلم:
كرام فلا ذو الوتر يدرك وتره
لديهم ولا الجاني عليهم بمسلم
١٣٣  قوله: وأعلم علم اليوم. رواية الأعلم: وأعلم ما في اليوم.
١٣٤  قوله: ومن لم يصانع … إلخ. رواية الأعلم والخطيب: ومن لا يصانع.
١٣٥  قوله: ومن يهد قلبه … إلخ. روي ومن يفض قلبه.
١٣٦  قوله: ومن هاب أسباب المنايا … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروي: ولو هاب أسباب السماء بسلم، وروى الأعلم:
ومن هاب أسباب المنية يلقها
ولو رام أسباب السماء بسلم
١٣٧  قوله: ومن يجعل المعروف … إلخ. لم يَرْوِهِ الأعلم ولا الخطيب.
١٣٨  قوله: فإنه يطيع العوالي. هي رواية الأعلم، وروى الخطيب: مطيع العوالي.
١٣٩  قوله: ومن لم يذد … إلخ. رواية الأعلم والخطيب: ومن لا يذد.
١٤٠  قوله: ومهما تكن عند امرئ … إلخ. من في قوله من خليقة زائدة في فاعل كان وهي تامة، وقوله: وإن خالها. رواية الأعلم والخطيب: ولو خالها.
١٤١  قوله: وكائن ترى. الأبيات الأربعة ليست لزهير فلذلك لم يروِها الأعلم ولا الخطيب.
١٤٢  قوله: فمدافع الريان … إلخ. روي: فصدائر الريان، وقوله: الوُحي. يُروَى بضم الواو وهو جمع وحي أي كتاب، ورُوِيَ بفتح الواو وأصله: الموحو فصرف عن مفعول إلى فعل كما قالوا: مقدور وقدير.
١٤٣  قوله: دمن. روي برفع دمن على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هي دمن، ويروى دمنًا بالنصب على الحال من الديار والمنازل المذكورة.
١٤٤  قوله: متجاوب إرزامها. روي بكسر الهمزة وفتحها، قال الخطيب: أي لكل واحد منها رزمة أي صوت شديد.
١٤٥  قوله: فَعَلَا … إلخ. روي بالمهملة والمعجمة، ويروى: فاعتم نور فاعتم نور الأيقهان، وفروع في الرواية الأولى بالرفع على الفاعلية لعَلَا، وبالنصب على المفعولية له، والفاعل ضمير يعود على السيل المفهوم من المعنى والرفع أجود.
١٤٦  قوله: والعين عاكفة … إلخ. روي والعين ساكنة، وهي رواية الخطيب، وروي: والوحش ساكنة، وهي رواية محمد بن أبي خطاب.
١٤٧  قوله: كففًا تعرض. روي بفتح الضاد، وعليه فهو فعل ماضٍ، وروي: تعرض بضمها، وعليه فهو مضارع حذفت منه إحدى التاءين تخفيفًا.
١٤٨  قوله: صما خوالد. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، وروي: سفعًا خوالد.
١٤٩  قوله: عريت وكان بها الجميع … إلخ. هذه رواية محمد بن خطاب، والخطيب، وروي: سفعًا.
١٥٠  قوله: حفزت. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، وروى الأصمعي: جزئت، قال الخطيب: يُهمز ولا يُهمز، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: وزايلها موضع زيلها.
١٥١  قوله: أهل الحجاز. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، وروي أهل الجبال، ومرية يروى بالرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي مرية. ويروى مرية بالخفض على البدلية من نوار في البيت السابق.
١٥٢  قوله: فصوائق … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب. ويروى: فصعائد.
١٥٣  قوله: فاقطع لبانة من تعرض … إلخ. هذه رواية محمد بن خطاب، وروي: من تعذر، وروى الخطيب: ولخير موضع ولشر.
١٥٤  قوله: واحب المجامل … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب: المجامل الذي يجاملك بالمودة، وروي: المحامل بالحاء المهملة، وهو المكافئ الذي يحمل لك وتحمل له. وروي: وزال، موضع وزاغ، وقوامها يروى بكسر القاف وفتحها، فالأول معناه عندما تقوم به، والثاني بمعنى زاغ استقامتها.
١٥٥  قوله: فإذا تعالى لحمها … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، وروي: تعالى بالعين المهملة.
١٥٦  قوله: أو ملمع … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، وروي: طرد الفحولة ضربها وعذامها، وروي: طرد الفحولة وزرها وكدامها.
١٥٧  قوله: مسحج. هذه رواية محمد بن خطاب، وروى الخطيب مسحجًا بالنصب على الحاليَّة، وروي: مسجح بالجر على أنه نعت لأحقب في البيت قبله، والفاعل ضمير يعود على الأحقب.
١٥٨  قوله: حتى إذا سلخا جمادى ستة. هذه رواية محمد بن خطاب، قال: أراد ستة أشهر أولها المحرم وآخرها جمادى، ورواية الخطيب ستة بالنصب على الحال، وفيه بحث انظره. يروى: حتى إذا سلخا جمادى كلها، وهي رواية الأصمعي، وروي: جمادى حجة، وقوله: جزأ. روي بفتح الجيم وضمها كما في الخطيب.
١٥٩  قوله: مشمولة غلثت … إلخ. هذه رواية الخطيب، وقال محمد بن خطاب: يقال بالغين المعجمة والعين، وأنكر بعضهم الإعجام، وقوله: أسنامها. يجوز كسر همزته أي إشرافها وفتحها وهو جمع سنم.
١٦٠  قوله: فمضى وقدمها … إلخ. ألحق علامة التأنيث بكان، وهي مسندة إلى الإقدام؛ لأجل تأنيث الخبر الذي وليها على مذهب الكسائي، وقيل: إنما بنى كلامه على وكانت عادة تقدمتها إلا أنه لما اضطر عدل إلى الإقدام؛ لأنهما مصدران.
١٦١  قوله: محفوفة وسط اليراع … إلخ. روى محمد بن خطاب: يظلها منها، وروى الخطيب: ومحففًا وسط البراع يظله، منها. قال: والرواية: محفوفة وهي رواية ابن كيسان.
١٦٢  قوله: لا يمن طعامها. رواية محمد بن خطاب، وروى الخطيب: ما يمن
١٦٣  قوله: صادفن منها … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، وروي: صادفن منه غرة فأصبنه، والضمير للفرير. ورواية النحاة: ولقد علمت لتأتين منيتي … إلخ، والأصل أصح.
١٦٤  قوله: متواتر. صفة لمحذوف أي مطر متواتر. وروي بالنصب على الحال، والنصب رواية الخطيب ومحمد بن خطاب.
١٦٥  قوله: حتى إذا حسر الظلام. هذه رواية محمد بن خطاب، وروى الخطيب حتى إذا انحسر الظلام، وأزلامها: قوائمها التي كالأزم، وقيل: أظلافها.
١٦٦  قوله: علهت تردد … إلخ. روى الخطيب: تبلد، وروى محمد بن خطاب: تبلد، وتسعًا موضع سبعًا، ويُروى في نهاء: صوائق، وهو اسم موضع، وروى الأصمعي:
علهت تلدد في شقائق عالج
ستًّا به حتى وفت أيامها
١٦٧  قوله: حتى إذا يئست … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، وروى الأصمعي: حتى إذا ذهلت، وروي: لم يغنه.
١٦٨  قوله: فتوجست زر الأنيس … إلخ. وروى الخطيب: وتسمعت زر الأنيس … إلخ، وروى محمد بن خطاب: وتسمعت ركز الأنيس.
١٦٩  قوله: فغدت كلا الفرجين … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروى محمد بن خطاب: فعدت، بالمهملة من العدو أي الجري.
١٧٠  قوله: أن قد أحم. الرواية بالحاء المهملة، وفي الخطيب وكل ما حان وقوعه يقال فيه: أجم بجيم معجمة وأحم بحاء غير معجمة.
١٧١  قوله: لا أفرط ريبة. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب. وروي: أن أفرط ريبة بنصب ريبة ورفعها. قالوا: فمن رفع جعله خبر ابتداء والمعنى: تفريطي ريبة، ومن نصب فالمعنى: مخافة أن أفرط، ثم حذف مخافة، قيل: إن المعنى: لئلا أفرط ريبة.
١٧٢  قوله: أو يعتلق. هذه هي الرواية المشهورة، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: أو يرتبط، وروي: أو يعتقي.
١٧٣  قوله: وغاية تاجر. ويروى بالجر، وفيه وجهان؛ أحدهما: أن تكون الواو واو رُبَّ، والآخر: أن يكون عطفها على ليلة، والنصب على أنه مفعول به لوافيت.
١٧٤  قوله: قدحت وفض ختامها. يستشهد به النحويون على أن الواو لا تقتضي الترتيب؛ لأن فض ختامها متقدم على قدحها أي غرفها بالمقدمة أي المغرفة.
١٧٥  قوله: وغداة ريح قد وزعت … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروي: إذا أصبحت، موضع: قد أصبحت، وروى محمد بن خطاب: وغداة ريح قد كشفت وقرة إذ أصبحت … إلخ.
١٧٦  قوله: بصبوح صافية … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروى محمد بن خطاب: لصبوح صافية، ويروى: لسماع مدجنة، ويروى: بسماع صادحة، وروى ابن كيسان: وصبوح صافية.
١٧٧  قوله بادرت حاجتها الدجاج … إلخ. روى الخطيب ومحمد بن خطاب: باكرت، ويروى: بادرت لذتها، وروي: أن يهب نيامها.
١٧٨  قوله: ولقد حميت الحي … إلخ. رواية الخطيب ومحمد بن خطاب: ولقد حميت الخيل.
١٧٩  قوله: فعلوت مرتقيًا … إلخ. روى محمد بن خطاب: مرتقبًا، بالباء الموحدة، وعلى ذي هبوة أي مُهر، وروى الخطيب: على مرهوبة، وروى: مرتقيًا بكسر القاف، ويكون حالًا من تاء الفاعل وبفتحها، فيكون مفعولًا لأنه أي مكانًا عاليًا، وقوله: حرج. يروى بفتح الراء وكسرها.
١٨٠  قوله: جرامها. يُروى بضم الجيم جمع جارم أي قاطع، وروي بفتحها على الإفراد والمبالغة.
١٨١  قوله: حتى إذا سخنت … إلخ. يروى بتثليث الخاء.
١٨٢  قوله: غلب تشذر. روي: غلت تشازر، وأصله: تتشازر؛ أي ينظر بعضهم إلى بعض بمؤخَّر عينه.
١٨٣  قوله: وبؤت بحقها عندي. هي رواية محمد بن خطاب، وروى الخطيب: وبُؤتَ بحقها يومًا.
١٨٤  قوله: وجزور أيسار دعوت … إلخ. هذه رواية محمد بن خطاب، وروى الخطيب: متشابه أعلامها، وروى: إلى الندى.
١٨٥  قوله: لجيران الجميع. روى محمد بن خطاب: لجيراني؛ وعليه فالجميع صفة لجيراني، وروى: لجيران الشتاء ولجيران العشي.
١٨٦  قوله: فالضيف والجار الجنيب … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: فالضيف والجار الغريب.
١٨٧  قوله: مثل البلية قالص. الخفض رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: قالصًا بالنصب.
١٨٨  قوله: إنا إذا التقت المجامع … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: إنا إذا التقت المحافل، وروى: كنا إذا التقت المجامع، وروى: جسامها.
١٨٩  قوله: فضلا وذو كرم … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، وروى: يعين على العلى.
١٩٠  قوله: من معشر … إلخ. روى الخطيب بعده هذا البيت:
إن يفزعوا تلق المغافر عندهم
والسن يلمع كالكواكب لامها
يريد بالسن: الأسنة، واللام: جمع لامة وهي الدرع.
١٩١  قوله: لا يطبعون … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: لا يطمعون وهو بمعنى يطيعون.
١٩٢  قوله: فاقنع بما قسم المليك … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، ويروى: فإنما قسم المعايش.
١٩٣  قوله: أوفى بأوفر … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: بأعظم، وروى محمد بن خطاب: بأفضل.
١٩٤  قوله: فبنى لنا. هذه رواية الزوزني ومحمد بن خطاب، والضمير لله لتقدم علامها وهو المراد به. ورواية الخطيب: فبنوا، والضمير عائد إلى معشر، قال: ويروى: فبنى؛ يعني الإمام، وما تقدم من أنه الله أظهر.
١٩٥  قوله: وهم السعادة إذا العشيرة … إلخ. هذه رواية الزوزني ومحمد بن خطاب، وروى الخطيب: فهم السعادة، وروي: أن العشيرة أفظعت، وروي أقطعت بالبناء للمفعول أي غلبت.
١٩٦  قوله: أو أن يميل مع العدو لئامها. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: مع العدى لوامها، وروى محمد بن خطاب: مع العداة لئامها.
١٩٧  قوله: ولا تبقي خمور الأندرينا. الأندرين: قرية بالشام، ويقال: إنما أراد أندر، ثم جمعه بما حواليه. ويقال إن اسم الموضع أندرون، وفيه لغتان منهم من يجعله بالواو في موضع الرفع، وبالياء في موضع النصب، والجر وبفتح النون في كل ذلك، ومنهم من يجعل الإعراب في النون، ولا يجيز أن يأتي بالواو، ويجعل الإعراب في النون ويكون مثل زيتون.
١٩٨  قوله: مشعشعة. يجوز رفعها على أنها خبر مبتدأ محذوف أي هي مشعشعة، والمشهور نصبها، فقيل مفعول اصبحينا؛ أي اسقينا ممزوجة، وقيل: حال من خمور، وقيل: بدل منها، وسخينًا قيل: هو من السخاء، وحينئذٍ فهو فعل، وقيل: هو حال من الماء أي مسخنًا، ويروى: شحينًا؛ أي مملوءة.
١٩٩  قوله: صبنت. أي صرفت، وروي: صددت، والصحيح أن هذه الأبيات الثلاثة لعمرو بن عدي اللخمي ابن أخت جذيمة الأبرش، وكان خطفته الجن فمر على مالك وعقيل تسقيهما أم عمرو المذكورة، فصرفت عنه الكأس، فلما قال البيتين سقته، فحملاه إلى خاله فنادماه، فقتلهما في قصة مشهورة.
٢٠٠  قوله: قفي نسألك هل أحدثت صرمًا … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، وروي: هل أحدثت وصلًا.
٢٠١  قوله: ذراعي عيطل … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى أبو عبيدة: ذراعي حرة، وروى الخطيب ومحمد بن الخطاب: تربعت الأجارع والمنونا.
٢٠٢  قوله: سمقت وطالت … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: طالت ولانت، وقوله: بما ولينا، ورواية الخطيب ومحمد بن خطاب: بما يلينا.
٢٠٣  قوله: وساريتي بلنط أو رخام … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى محمد بن خطاب: وساريتي رخام أو بلنط، وهذا البيت وما قبله سَقَطَا من رواية الخطيب.
٢٠٤  قوله: تذكرت الصبا … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروي: وراجعت الصبا.
٢٠٥  قوله: فأعرضت اليمانة. وهذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: وأعرضت اليمامة … إلخ.
٢٠٦  قوله: وأيام لنا غر طوال. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروي: وأيام لنا ولهم طوال.
٢٠٧  قوله: عاكفة عليه. هذه رواية الخطيب وابن خطاب والزوزني، وروي: عاطفة.
٢٠٨  قوله: وأنزلنا البيوت بذي طلوح … إلخ. هذا البيت سقط من رواية الخطيب.
٢٠٩  قوله: وقد هرت كلاب الحي … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروي: وقد هرت كلاب الجن منا … إلخ.
٢١٠  قوله: متى تنقل … إلخ. هذا البيت وما بعده سَقَطَا من رواية محمد بن خطاب.
٢١١  قوله: شرقي نجد. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: شرقي سلمى، وهو أحد جبل طيئ والآخر أجأ.
٢١٢  قوله: نعمُّ أناسنا … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى محمد بن خطاب: ندافع عنهم الأعداء قدمًا … إلخ.
٢١٣  قوله: نطاعن ما تراخى الناس عنا … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروي: ما تراخى الصف عَنَّا.
٢١٤  قوله: أو ببيض يختلينا. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: أو ببيض يعتلينا.
٢١٥  قوله: ونخليها الرقاب فتختلينا. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: فيختلينا.
٢١٦  قوله: كأن جماجم الأبطال فيها … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: وتخال، وروى محمد بن خطاب: منهم، وروي: وسوقا، وهو مفعول لتختال.
٢١٧  قوله: وإن الضغن بعد الضغن يبدو. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: يفشو، وهذا البيت ساقط من رواية محمد بن خطاب هو وما بعده.
٢١٨  قوله: حتى يبينا. رواية فتح الياء أصح من غيرها، وروي: حتى نبينا بضم النون، وروي: حتى يلينا.
٢١٩  قوله: عن الأحفاض … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطبي: على الأحفاض.
٢٢٠  نجذ رءوسهم … إلخ. رواية الخطيب: نحز رءوسهم في غير بر، وروى محمد بن خطاب: نجذ رءوسهم في غير وتر وما يدرون … إلخ.
٢٢١  قوله: وكنا السابقينا. هذه رواية الخطاب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروي: وكنا المسنفينا.
٢٢٢  قوله: بشبان … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: بفتيان.
٢٢٣  قوله: فتصبح خلينا عصبًا ثبينا. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب: فتصبح غارة متلببينا، وثبين شاذ، وسيأتي ظرف من الكلام على ما يشبهه.
٢٢٤  قوله: فتمعن غارة متلببينا. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب: فتصبح في مجالسنا ثبينا.
٢٢٥  قوله: ألا لا يعلم الأقوام … إلخ. هذا البيت ساقط من رواية الخطيب، وروى محمد بن خطاب: ألا لا يحسب الأقوام … إلخ.
٢٢٦  قوله: تطيع بنا الوشاة وتزدرينا. قال الخطيب وقوله: وتزدرينا، فيه ضرورة قبيحة على أن هذا البيت لم يروِه ابن السكيت، والضرورة التي فيه أنه إنما يقال: زريت على الرجل إذا عبت عليه فعله، وازدريت به إذا قصرت به، يروى: وتزهينا، وفيه من الضرورة ما في الأول؛ لأنه إنما يقال وهى علينا فلان إذا تكبر، وزاد محمد بن خطاب بيتًا قبل هذا وهو:
بأي مشيئة عمرو بن هند
ترى أنا نكون الأرذلينا
٢٢٧  قوله: تهددنا وتوعدنا … إلخ. يُروى بالجزم على الأمر في الفعلين، وروي: تهددنا وتوعدنا بالمضارع فيهما على الإخبار، وقوله: رويدا. أي أمهِلْنا. وقوله: مقتوينا. أكثر الرواة على فتح الميم، وبه يستشهدون على أن مقتوين جمع مقتويٍّ بياء النسبة المشددة، فلما جُمِعَ جَمْعَ تصحيح حُذِفَتْ ياء النسبة. قال ابن جني: كان قياسه — يعني مقتوي — إذا جمع أن يقال: مقتويون ومقتويين، كما إذا جُمِعَ بصري وكوفي، قيل: بصريون وكوفيون. إلا أنه جعل علم الجمع معاقبًا لياء النسبة، فصحَّت اللام لنية الإضافة أي النسبة، ولولا ذلك لوجب حذفها لالتقاء الساكنين، وأن يُقال: مقتون ومقتين كما يقال: هم الأعلون والمصطفون، فقد ترى إلى تعويض علم الجمع من ياء النسبة، والجمع زائد، انتهى. وفي الصحاح أن مقتوين يستوي فيه الواحد والمثنى والجمع والمؤنث يقال: رجل مقتوين ورجلان مقتوين، والواو في مقتوين في رواية أبي عبيدة مكسورة، والنون منونة بالرفع، وزاد أبو زيد عليه في نوادره فتح الواو. قال عبد القادر البغدادي: وفيه لغة أخرى وهو ضم الميم، ولم أَرَ مَن ذكرها، ومن شرحها غير أبي الحسن الأخفش فيما كتبه على نوادر أبي زيد، وغير أبي علي، ونقل كلامًا له في البغداديات مفيدًا تركناه، فمن بقي في نفسه شيء فعليه بشرح الشاهد الثالث والخمسين بعد الخمسمائة من الشواهد الكبرى.
٢٢٨  قوله: فإن قناتنا … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: وأن قناتنا.
٢٢٩  قوله: وولتهم … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: وولته.
٢٣٠  قوله: تشج قفا المثقف … إلخ. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب: يدق قفا المثقف.
٢٣١  قوله: فهل حدثت في جشم … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: عن جشم بن بكر.
٢٣٢  قوله: أباح لنا حصون المجد دينَا. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروي: حصون الحرب دينَا. وروي: حصون المجد حينَا.
٢٣٣  قوله: ورثت مهلهلا والخير منه … إلخ. اللام في الخير زائدة، ومِن في منه تفضيله، ويجوز أن تكون متعلقة بمحذوف؛ أي: والخير خيرًا منه؛ أي ورثت خيرًا من مهلهل، وزهير عطف بيان للخير، وإنما كان زهير خيرًا من مهلهل؛ لأنه جده من قبل أبيه، وقوله: فنعم ذخر الذاخرينا. ذخر الذاخرينا فاعل نعم، وقال عبد القادر البغدادي: والمخصوص بالمدح في نعم ذخر الذاخرين زهير على حذف مضاف يريد: ورثت مجد مهلهل، ومجد زهير فنعم ذخر الذاخرين زهير؛ أي مجده وشرفه للافتخارية.
٢٣٤  قوله: بهم نلنا تراث الأكرمينا. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، وروي: تراث الأجمعينا يعني جماعتهم وليست هذه أجمعين التي تكون للتأكيد؛ لأن أجمعين لا تفرد، ولا تدخلها الألف واللام؛ لأنها معرفة، وروي: مساعي الأكرمين وجميعًا نصب على الحال.
٢٣٥  قوله: وذا البرة. ذو البرة رجل من بني تغلِب اسمه كعب بن زهير بن تيم، وسمي ذا البرة لشعرات كانت تحت أنفه مدورة كالبرة في أنف البعير، وقيل: إن الشعرات كانت على أنفه، وقوله: ونحمي المحجرينا. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب الملجئينا.
٢٣٦  قوله: فأي المجد … إلخ. رواية النصب أكثر من رواية الرفع، وأنكر بعض النحويين النصب.
٢٣٧  قوله: متى نعقد قرينتنا بحبل … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطاب: تجز الوصل، وروى محمد بن خطاب: تجد الوصل، وروي: متى نعقد قرينتنا بقوم بحز الحبل … إلخ.
٢٣٨  قوله: ونوجد نحن أمنعهم. يروى برفع أمنعهم، قال الخطيب: على أن يكون خبر نحن، وبالجملة في موضع نصب، ومن نصب، فنحن على معنيين؛ أحدهما: أن يكون صفة للمضمر، وفيها معنى التوكيد، والآخر أن يكون فاعله، ومعنى فاعله فيما يظهر أن نحن نائب عن فاعل نوجد، ويعكر عليه أن نائب مثله أو فاعله يجب استتاره، فنحن توكيد للمستتر.
٢٣٩  قوله: ونحن غداة أوقد في خزازى. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب: خزاز، وفي القاموس: خزازى أو كسحاب؛ جبل كانوا يوقدون عليه غداة الغارة؛ يعني أنهما لغتان.
٢٤٠  قوله: ونحن الحابسون بذي أراطى. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: بذي أراط، وذكر ياقوت أنهما لغتان.
٢٤١  قوله: ونحن الحاكمون … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروي: ونحن العاصمون إذا عصينا، وهذا البيت ساقط هو وما بعده من رواية محمد بن خطاب والزوزني.
٢٤٢  قوله: وكنا الأيمنين … إلخ. هذه رواية الزوزني والخطيب، وروى محمد بن خطاب:
فكنا الأيمنين إذا التقينا
وكان الأيسرون بني أبينا
٢٤٣  قوله: ألما تعرفوا منا ومنكم … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: ألما تعلموا.
٢٤٤  قوله: وأسياف يقمن. روي بفتح الياء والضمير فاعله، وروي: يُقَمْنَ بالبناء للمفعول والضمير نائب.
٢٤٥  قوله: ترى تحت النطاق … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: ترى فوق النطاق، وروى محمد بن خطاب: ترى تحت النجاد.
٢٤٦  قوله: إذا وضعت عن الأبطال يومًا. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: على الأبطال.
٢٤٧  قوله: كأن غضونهن … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: كأن متونهن متون غدر، ويروى: إذا عرينا بدل إذا جرينا.
٢٤٨  قوله: وردن دوارعًا … إلخ. هذا البيت سقط من رواية الخطيب.
٢٤٩  قوله: على آثارنا بيض حسان … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب بيض كرام نحاذر أن نفارق، وروى محمد بن خطاب: بيض حسان نحاذر أن تفارق.
٢٥٠  قوله: إذا لاقوا كتائب. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: إذا لاقوا فوارس، وروي: أخذن على بعولتهن نذرًا، وروى محمد بن خطاب:
أخذن على فوارسهن عهدًا
إذ لاقَوْا فوارس معلمينا
٢٥١  قوله: لتستلبن أفراسًا … إلخ. لتستلين جواب أخذن على بعولتهن عهدًا في البيت قبله؛ لأن فيه معنى القسم، وأصله لتستلبونَنَّ فحذفت نون الرفع على المعتمد فالتقت الواو والنون الساكنة، فخذفت الواو، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: ليستلبن أبدانًا وبيضًا، وروى الزوزني: ليستلين أفراسًا بالياء، قال: أي ليستلب خيلنا أفراس الأعداء، قال المفضل: هذا البيت ليس من هذه القصيدة.
٢٥٢  قوله: يفتن جيادنا … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، وروي: يقدن جيادنا.
٢٥٣  قوله: إذا لم نحمهن فلا بقينا … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروى محمد بن خطاب: فلا بقينا بخبر بعدهن، وهذا البيت ساقط من رواية الزوزني.
٢٥٤  قوله: ترى منه السواعد كالقلينا. القلين جمع القلة، وهذا الجمع شاذ قياسيًّا إلا أنه يجوز استعماله في كل كلمة ثلاثية حُذِفَتْ لامُها، وعوض عنها هاء التأنيث ولم تكسر، وهذه الشروط اجتمعت في قلة، وهي خشبة يلعب بها الصبيان.
٢٥٥  قوله: كأنَّا والسيوف … إلخ. هذا البيت وما بعده رواهما الزوزني، وروى الأول منهما محمد بن خطاب، ولم يروهما الخطيب.
٢٥٦  قوله: وقد علم القبائل من معد … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: غير فخر.
٢٥٧  قوله: بأنا المطمعون إذا قدرنا … إلخ. هذه رواية الزوزني، وليس تحتها كبير معنى، وروى الخطيب: بأنا المطعمون بكل كحل؛ أي سنة شديدة.
٢٥٨  قوله: وأنا المانعون لما أردنا … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب:
وأنا المانعون لما بلينا
إذا ما البيض زايلت الجفونا
وروى محمد بن خطاب: وأنا الحاكمون بما أردنا … إلخ.
٢٥٩  قوله: وأنا التاركون إذا سخطنا … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى محمد بن خطاب:
وأنا التاركون لما سخطنا
وأنا الآخذون لما هوينا
وزاد بعده:
وأنَّا الطالبون إذا نقمنا
وأنَّا الضاربون إذا ابتُلِينا
وروى الخطيب:
وأنا المنعمون إذا قدرنا
وأنا المهلكون إذا أتينا
٢٦٠  قوله: وأنا العاصمون إذا أُطِعْنَا … إلخ. هذه رواية الزوزني ومحمد بن خطاب، ولم يروه الخطيب، والعارمون من العرامة، وهي الشراسة، وهي محمودة في الحرب.
٢٦١  قوله: ونشرب إن وردنا الماء صفوًا … إلخ. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب: وأنَّا الشاربون الماء صفوًا … إلخ.
٢٦٢  قوله: ألا أبلغ بني الطماح عنا … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: ألا سائل بني الطماح عنَّا … إلخ، وفي الخطيب وروي: ألا أرسل بني الطماح عنا.
٢٦٣  قوله: أبينا أن نقر الذل فينا. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: أن نقر الخسف فينا.
٢٦٤  قوله: لنا ومن أمسى عليها … إلخ. رواية الخطيب ومحمد بن خطاب: ومن أضحى عليها، وهذا البيت وما بعده سَقَطَا من رواية الزوزني.
٢٦٥  قوله: بغاة ظالمين. رواية الخطيب: نسمى ظالمين وما ظلمنا، وهذا البيت ساقط من رواية محمد بن خطاب.
٢٦٦  قوله: ونحن البحر نملؤه سفينًا. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: وظهر البحر نملؤه سفينًا، وروى محمد بن خطاب: كذاك البحر نملؤه سفينا.
٢٦٧  إذا بلغ الرضيع لنا فطامًا … إلخ هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: إذا بلغ الفطام لنا صبيٌّ … إلخ، وروى محمد بن خطاب: إذا بلغ الفطامَ لنا رضيع، وزاد محمد خطاب بيتين في آخرهما وهما:
تنادى المصعبان وآل بكر
ونادوا يا لكندة أجمعينا
فإن تغلب فغلابون قدمًا
وإن تغلب فغير مظبينا
وهذان البيتان لفروة بن مسيك الصحابي.
٢٦٨  قوله: أعياك رسم الدار لم يتكلم. هذا البيت وما بعده سَقَطَا من رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب ورواهما الأعلم، وروى محمد بن خطاب في هذا الموضع بيتًا وهو:
إلا رواكد بينهن خصائص
وبقية من نؤيها المجرنثم
قال الرواكد: الأثافي، والخصائص: الفُرج بين الأثافي، والمجرنثم: المجتمع.
٢٦٩  قوله: دار لآنسة … إلخ. لم يروه الخطيب، ورواه الأعلم والزوزني ومحمد بن خطاب.
٢٧٠  قوله: وتحل عبلة … إلخ. زاد محمد بن خطاب هنا بيتًا لم نره في رواية غيره، وهو:
وتظل عبلة في الخزوز تجرها
وأظل في حلق الحديد المبهم
٢٧١  قوله: حلت بأرض الزائرين … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، وروى أبو عبيدة:
شطت مزاري العاشقين فأصبحت
عسرًا عليَّ طلابها ابنة مخرم
ورواه الأصمعي بهذه الرواية إلا قوله: طلابها؛ فإنهم رووه كلهم بكاف المخاطبة، وعلى رواية الأصمعي اقتصر الأعلم.
٢٧٢  قوله: زعمًا لعمر أبيك ليس بمزعم. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروى الأعلم: زعمًا ورب البيت ليس بمزعم، وهذا البيت يستشهد به النحويون في باب الحال، والشاهد فيه: وأقتل قومها، حيث وقع حالًا وهو مضارع مثبَت فاقترن بالواو، وحقه أن لا تكون فيه، قال في الألفية:
وذات بدء بمضارع ثبت
حوت ضميرًا ومن الواو خلت
وأوَّلوه بأن التقدير: وأنا أقتل قومها زعمًا، وقيل: الواو فيه للعطف والمضارع مؤَّول بالمضي والتقدير علقتها عرضًا، وقتلت قومها.
٢٧٣  قوله: ولقد نزلت فلا تظني غيره مني … إلخ. هذا البيت يستشهد به النحويون في موضعين؛ أولهما قوله: فلا تظني غيره مني، على حذف ثاني مفعولي ظن، وهو قليل عندهم، والتقدير فلا تظني غيره واقعًا أو حقًّا أي غير نزولك مني منزلة المحب، وثانيهما قوله: المحب؛ فإنه اسم مفعول جاء على أحب وأحببت وهو على الأصل، والكثير في كلام العرب محبوب، قال الكسائي: محبوب من حببت، وكأنها لغة قد ماتت أي تُرِكَتْ، وحكى أبو زيد أنه يقال: حببت أحب، وأنت تحب، ونحن نحب، والمكرم اسم مفعول أيضًا.
٢٧٤  قوله: كيف المزار … إلخ. عنيزتان: استظهر ياقوت أنهما موضع واحد، والغيلم: اسم موضع وهو بالمعجمة.
٢٧٥  قوله: تسف حب الخمخم. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، وعليها اقتصر الأعلم، قال أبو عمر الشيباني: والخمخم — بكسر الخائين المعجمتين — بقلة لها حب أسود، وروى ابن الأعرابي: حب الحمحم بكسر الحاءين المهملتين، ويروى بضمهما.
٢٧٦  قوله: فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودًا … إلخ. هذا البيت يستشهد به النحويون على أنه يجوز وصف المميَّز المفرد بالجمع باعتبار المعنى؛ فإن حلوبة مميز مفرد للعدد، وقد وصف بالجمع، وهو سود جمع سوداء، قال ابن السراج في الأصول: وتقول: عندي عشرون رجلًا صالحون، ولا يجوز صالحين على أن تجعله صفة رجل فإن كان جمعًا على لفظ الواحد جاز فيه وجهان تقول: عندي عشرون درهمًا جيادًا وجياد، ومن رفع جعله صفة للعشرين، ومن نصب أتبعه التفسير، وزاد محمد بن خطاب ثلاثة أبيات وهي:
فصغارها مثل الدُّبا وكبارها
مثل الضفادع في غدير مفعم
ولقد نظرت غداة فارق أهلها
نظر المحب بطرف عيني مغرم
وأحب لو أشفيك غير تملق
والله من سُقْمٍ أصابك من دمي
وهذه الأبيات لا يخفى أنها موضوعة، ولا تشبه شعر العرب.
٢٧٧  قوله: إذ تستبيك بذي غروب … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، ورواية الأعلم: إذ تستبيك بأصلتي ناعم … إلخ وهي الصحيحة.
٢٧٨  قوله: أو روضة أنفًا … إلخ. زاد محمد بن خطاب بعده ثلاثة أبيات، ولا يخفى وضعها وهي:
نظرت إليه بمقلة مكحولة
نظر المليل بطرفه المتقسم
وبحاجب كالنون زيَّن وجهها
وبناهد حسن وكشح أهضم
ولقد مررت بدار عبلة بعدما
لعب الربيع بربعها المتوسم
٢٧٩  قوله: جادت عليها كل بكر حرة … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروى الأعلم: جادت عليها كل عين ثرة فتركن … إلخ، وروى الأعلم: كل حديقة، وفيه الاستشهاد عند النحاة حيث أضيفت كل إلى نكرة، ولم يعتبر معناها، وهو عندهم شاذ؛ إذ كان الواجب أن يقول: فتركت، وجوابه — كما في الدماميني — أن الأعين تركن لا أن كل واحدة تركت، فالضمير لم يعد لكل عين، بل لما أفهمه كل عين من المجموع أي مجموع الأعين إذ ترك كل حديقة كالدرهم منسوب إلى مجموع الأعين والجود منسوب إلى كل فرد من أفراد الأعين، وعلى هذا يقال: جاد عليَّ كل رجل فأغنَوْني إذا كان الغنى إنما حصل من المجموع، فإن حصل من كل واحد منهم قلت: فأغناني.
٢٨٠  قوله: وخلا الذباب بها … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، وروى الأعلم عن الأصمعي وأبي عبيدة:
وترى الذباب بها يغني وحده
هزجًا كفعل الشارب المترنم
٢٨١  قوله: هزجًا … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني وروى الأعلم:
غردًا يسن ذراعه بذراعه
فعل المكب على الزناد الأجذم
٢٨٢  قوله: وأبيت فوق سراة أدهم ملجم. هذه رواية الخطيب والأعلم ومحمد بن خطاب والزوزني، وروي: فوق ظهر فراشها، وروي: فوق سراة أجرد صلدم.
٢٨٣  قوله: تطس الأكام … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: بذات خف ميثم، وروى الأعلم: تقص الأكام بكل خف ميثم، وروي: يوقع خف.
٢٨٤  قوله: فكأنما أقص … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب والأعلم: وكأنما أقص، وقوله: بقريب بين المنسمين. رواه الخطيب بجر بين، قال: وروى بعض أهل اللغة: بقريب بينَ؛ يعني بفتح بين، قال: واحتج بقراءة من قرأ: لقد تقطع بينكم، وهذا القول خطأ؛ لأنه إذا أضمر ما وهي بمعنى الذي؛ حذف الموصول، وجاء بالصلة فكأنه أضمر بعض الاسم، فأما قراءة من قرأ: لقد تقطع بينكم، فهو عند أهل النظر من النحويين لقد تقطع الأمر بينكم.
٢٨٥  قوله: تأوي له قلص النعام … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروى الأعلم: يأوي إلى حزق النعام … إلخ.
٢٨٦  قوله: وكأنه حرج … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروى محمد بن خطاب والزوزني: حدج.
٢٨٧  قوله: شربت بماء الدحرضين … إلخ. قال الخطيب: والدحرضان اسم موضع، وقيل هما دحرض ووشيع، فغلب أحدهما على الآخر، وبهذا البيت تستشهد النحويون على أنه من باب العمرين لأبي بكر وعمر، والقمرين للشمس والقمر.
٢٨٨  قوله: وكأنما تنأى … إلخ. هذه رواية الزوزني ومحمد بن خطاب وروى الخطيب: وكأنما ينأى … إلخ، وروى الأعلم:
وكأنما ينأى بجانب دفها الـ
ـوحشي بعد مخيلة وتزغم
فعلى رواية المثناة الفوقية ففاعل تنأى ضمير الناقة المتقدم ذكرها وقوله: هر في البيت الآتي مجرور على أنه بدل من هزج، وعلى رواية المثناة التحتية فهو مرفوع على أنه فاعل ينأى.
٢٨٩  قوله: اتقاها باليدين وبالفم. الرواية المشهورة هي تشديد تاء اتقاها، وروي تخفيفها يقال: اتقاه وتقاه.
٢٩٠  أبقى لها طول السفار … إلخ. هذه رواية الأعلم والخطيب والزوزني، ولم يروه محمد بن خطاب، وروي: ممردًا موضع مقرمدًا.
٢٩١  قوله: بركت على جنب الرداع … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الأعلم والخطيب ومحمد بن خطاب: بركت على ماء الرداع … إلخ.
٢٩٢  قوله: حش الوقود به … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، قال الخطيب: والوُقود — بالضم — المصدر فيجوز أن يكون الوقود مرفوعًا بحش، وجوانب منصوبة على أنها مفعولة، ويجوز أن يكون حش بمعنى احتش أي اتَّقَدَ كما يقال: هذا لا يخلطه شيء أي لا يختلط به، ويكون جوانب منصوبة على الظرف، ورواية الأعلم: حش القيان به … إلخ، وزاد محمد بن خطاب هنا بيتًا وهو:
نضحت به الذفرى فأصبح جاسدًا
منها على شعر قصار مكرم
٢٩٣  قوله: ينباع من ذفرى … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: ينهم من ذفرى غضوب جسرة … إلخ، وروى الأعلم: غضوب حرة ومكرم بالراء.
٢٩٤  قوله: أثنى عليَّ بما علمت … إلخ. رواية الخطيب: فإنني سهل مخالقتي، وروى الأعلم ومحمد بن خطاب والزوزني: سمح مخالقتي.
٢٩٥  قوله: سبقت يداي له بعاجل طعنة … إلخ. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب: بعاجل ضربة.
٢٩٦  قوله: هلا سألت الخيل … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى الأعلم: هلا سألت القوم، وروى محمد بن خطاب: هلا سألت الحي وزاد بيتًا وهو:
لا تسأليني واسألي في صحبتي
يملأ يديك تعفُّفي وتكرمي
٢٩٧  قوله: تعاوره الكماة. رواية الخطيب ضم الراء، قال: وتعاوره؛ أي تتعاوره فحذف إحدى التائين، وروي: تعاوَره بفتح التاء، وهو فعل ماضٍ، والكماة فاعله على الروايتين.
٢٩٨  قوله: طورًا يجرد للطعان … إلخ. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروى الأعلم: طورًا يعرض للطعان … إلخ.
٢٩٩  قوله: فأرى المغانم … إلخ. هذا البيت لم يروه الأعلم ولا الخطيب ولا الزوزني، ورواه محمد بن خطاب، وفي النفس منه شيء كما في غيره ممَّا زاد.
٣٠٠  قوله: ومدجج. يروى بفتح الجيم وكسرها اسم فاعل أو مفعول.
٣٠١  قوله: جادت له كفى بعاجل طعنة … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب ومحمد بن خطاب: جادت يداي له بعاجلي طعنة، وروى الأعلم: بمارن طعنة بمثقف صدق الفتاة.
٣٠٢  قوله: بالليل معتس الذئاب الضرم. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى الأعلم: معتس السباح … إلخ، وهذا البيت ساقط من رواية محمد بن خطاب.
٣٠٣  فشككت بالرمح الأصم ثيابه. هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب والزوزني، وروى الأعلم: بالرمح الطويل، وروي: كمشت موضع فشككت، وزاد محمد بن خطاب هنا بيتًا وهو:
أوجرت ثغرته سنانًا لهذمَا
برشاش نافذة كلون العندم
٣٠٤  قوله: يقضمن حسن بنانه والمعصم. هذه رواية الزوزني، وروى محمد بن خطاب: يعجمن، موضع: يقضمن، وروى الأعلم والخطيب: ما بين قلة رأسه والمعصم.
٣٠٥  قوله: عهدي به مد النهار … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني ومحمد بن خطاب، ورواية الأعلم: عهدي به شد النهار، اللبان: الصدر … إلخ.
٣٠٦  قوله: بطل كأن ثيابه. يروى بالجر على التبعية لهتاك، وبالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف.
٣٠٧  قوله: يا شاة ما قنص … إلخ. روي: يا شاة من قنص، أنشده الكسائي شاهدًا على زيادة من، وقال: أراد يا شاة قنص، وأنكر ذلك سيبويه وجميع أهل البصرة، وأولوا من بأنها في البيت موصوفة بالمصدر، وهو قنص، كما تقول: رجل كرم أو على حذف مضاف أي ذي قنص أي شاة إنسان ذي قنص أو جعله نفس القنص مبالغة، ورواه البصريون يا شاة ما قنص كما في الأصل، فتعارضت الروايتان، وبقي الأصل مع البصريين.
٣٠٨  قوله: فتجسسي … إلخ. روي بالجيم والحاء ومعناهما واحد.
٣٠٩  قوله: حر أرثم. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: رشأ من الربعي … إلخ، وروى الأعلم: رشأ من الغزلان ليس بتوءم.
٣١٠  قوله: في حومة الحرب التي لا تشتكي … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى محمد بن خطاب: في غمرة الموت، وروى الخطيب والأعلم: في حومة الموت، وزاد الخطيب هنا ومحمد بن خطاب ثلاثة أبيات وهي:
لما سمعت نداء مرت قد علا
وابني ربيعة في الغبار الأقيم
ومحلم يسعون تحت لوائهم
والموت تحت لواء آل محلم
ورواية محمد بن خطاب: ومحلمًا، بالنصب، قال: محلم بن عوف الشيباني الذي يُضرب به المثل في الوفاء والعزة يقال لأحد بوادي عوف:
أيقنت أن سيكون عند لقائهم
ضرب يطير عن الفراخ الجُثَّم
شبه ما حول الهام بالفراخ على التمثيل.
٣١١  قوله: ولكني تضايق مقدمي. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى الأعلم ومحمد بن خطاب: ولو أني تضايق مقدمي.
٣١٢  قوله: يدعون عنتر … إلخ. روى محمد بن خطاب هنا ثلاثة أبيات، وفي النفس منها شيء، وهي:
كيف التقدم والرماح كأنها
برق تلألأ في السحاب الأركم
كيف التقدم والسيوف كأنها
غوغَا جراد في كثيب أهيم
قال: الغوغاء الجراد أول ما يُكسى ريشًا قبل السمن، والأهيم الذي لا يتماسك.
فإذا اشتكى وقع القنا بلبانه
أدنيته من سل عضب مخذم
٣١٣  قوله: ما زلت أرميهم بثغرة نحره. هذه رواية الأعلم والزوزني ومحمد بن خطاب، وروى الخطيب: بغرة وجهه، وزاد محمد بن خطاب هنا ثلاثة أبيات انفرد بها وهي:
آسيته في كل أمر نائبًا
هل بعد أسوة صاحب من مذمم
فتركت سيدهم لأول طعنة
يكبو صريعًا لليدين وللفم
ركبت فيه صعدة هندية
سحماء تلمع ذات حد لهذم
٣١٤  قوله: فازورَّ من وقع القنا … إلخ. هذه رواية الأعلم والخطيب والزوزني، وروى محمد بن خطاب: فازورَّ من وقع القنا فزجرته فشكى إلي … إلخ.
٣١٥  قوله: ولكان لو علم الكلام مكلمي. هذه رواية الخطيب والزوزني محمد بن خطاب ورواية الأعلم: أو كان يدري ما جواب تكلمي، وروي: أو كان يدري ما الجواب تكلم.
٣١٦  قوله: ذلل ركابي … إلخ. هذه رواية محمد بن خطاب والزوزني، وروى الخطيب: فلبى موضع لبى، وروى الأعلم: وأحفزه برأي مبرم، وروي: مشايعي همي.
٣١٧  قوله: إني عداني أن أزورك … إلخ. هذا البيت وما بعده لم يروِهِما الخطيب ولا محمد بن خطاب، ورواهما الأعلم والزوزني.
٣١٨  قوله: ولقد كررت المهر … إلخ. هذه رواية الأعلم والزوزني، وروى محمد بن خطاب: ولقد تركت المهر، وروى بعده أربعة أبيات لم يروها غيره، وهي آخر القصيدة عنده:
إذ يتقى عمرو وأذعن عدوة
حذر الأسنة إذ شر عن لدلهم
يحمي كتيبته ويسعى خلفها
يفري عواقبها كلدغ الأرقم
ولقد كشفت الخدر عن مربوبة
ولقد رقدت على نواشر معصم
ولرُبَّ يوم قد لهوت وليلة
بمسور ذي بارقين مسوم
٣١٩  قوله: جزر السباع وكل نسر قشعم. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى الأعلم: جزرًا لخامعة ونسر قشعم.
٣٢٠  قوله: آذنتنا … إلخ. روى جماعة من اللغويين: رب أثوى يمل منه الثواء، وأنكره الأصمعي، وزواد عبد القادر البغدادي بيتًا بعده وهو:
آذنتنا بعهدها ثم ولت
ليت شعري متى يكون اللقاء
٣٢١  قوله: بعد عهد لنا. هذه رواية الزوزني، وروي: بعد عهد لها.
٣٢٢  هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: فاعلي ذي فتاق، وفتاق: موضع.
٣٢٣  قوله: فأبكى اليوم … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: وما يرد البكاء، وروي: فأبكى أهل ودي وما يرد البكاء.
٣٢٤  وبعينيك أوقدت هند النار أخيرًا. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب أصيلًا تلوى بها.
٣٢٥  قوله: غير أني قد أستعين على الهم … إلخ. غير هنا يجوز أن تكون مبنية على الفتح لإضافتها إلى أنَّ المشددة، ويجوز أن تكون منصوبة لكونها استثناءً منقطعًا.
٣٢٦  قوله: وأفزعها القناص عصرًا. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: قصرًا والمعنى واحد.
٣٢٧  قوله: فترى خلفها … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: فترى خلفهن من شدة الوقع منينًا … إلخ، وقوله: أهباء، روي بكسر الهمزة، وعليه فهو مصدر أهبا إهباء إذ ثار الغبار، وروي بفتحها وفيه وجهان؛ أحدهما: أن يكون قصر الهباء، ثم جمعه على أهباء؛ لأن الهباء الممدود يجمع على أهبية، والثاني أن يكون جمع هبوة وهي الغبار.
٣٢٨  قوله: ألوت بها الصحراء. وهذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: تلوي بها، وروي: أودت بها الصحراء، ويروى: تودي.
٣٢٩  قوله: بلية عمياء. البلية ناقة كانوا إذا مات أحدهم عقلوها عند قبره تجاه الرأس، وعكسوا رأسها إلى ذنبها، فتُترك لا تأكل ولا تشرب حتى تموت؛ يزعمون أن الميت إذا قام للبعث ركبها.
٣٣٠  قوله: إن إخواننا الأراقم. روي بفتح إن وكسرها، فمن فتح فموضعها عنده رفع على البدل من أنباء في البيت قبله، ومن كسر صيرها ابتدائية.
٣٣١  قوله: ولا ينفع الخلي الخلاء. الرواية المشهورة فتح الخاء من الخَلاء وهو البرءة والترك، وروي بكسرها مأخوذ من الخلاء في الإبل بمنزلة الحران في الدواب.
٣٣٢  أجمعوا أمرهم عشاء … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: أجمعوا أمرهم بليل.
٣٣٣  قوله: لا تخلنا على غراتك … إلخ. هذا البيت يستشهد به النحويون على جواز حذف أحد معمولي خلت وأخواتها للقرينة، والمعنى لا تخلنا أذلاء أو هالكين أو جازعين والقرينة البيت الذي بعده، وقوله: قبل. يروى بفتح اللام، وروي بضمها على البناء، وروي: أنا طالما، وما هذه كافة لطال عن العمل فلا فاعل لها.
٣٣٤  قوله: تنمينا حصون. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: تنمينا جدود.
٣٣٥  قوله: وكان المنون تردى بنا … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: أسحم عصم.
٣٣٦  قوله: مكفهرًا على الحوادث لا ترتوه … إلخ. مكفهر منصوب؛ لأنه نعت لأرعن، ويجوز رفعُه على معنى هو مكفهر، وروى الخطيب ما ترتوه للدهر … إلخ.
٣٣٧  قوله: ملك مقسط وأفضل من يمشي … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطب: وأكمل من يمشي، وروي: وأكرم من يمشي.
٣٣٨  قوله: تمشي بها الأملاك. هذه رواية الخطيب، وروى الزوزني: تشفي بها، ويروى: تسعى بها الأملاء.
٣٣٩  قوله: وفيه الصلاح والإبراء. رواية الخطيب، وفيه الصحاح قال: أي في الاستقصاء صلاح أي انكشاف الأمر، وروى الزوزني: وفيه السقام.
٣٤٠  قوله: في جفنها أقذاء. هذه رواية الخطيب، وروى الزوزني: في جفنها الأقذاء، وروى: فكنا جميعًا مثل عين في جفنها أقذاء.
٣٤١  قوله: أو منعتم ما تسألون … إلخ. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: له علينا الغلام، بالغين المعجمة، ومعناه الزيادة.
٣٤٢  قوله: إذا ركبنا الجمال … إلخ. رواية الخطيب والزوزني: إذ رفعنا الجمال.
٣٤٣  قوله: ولا ينفع الذليل النجاء. يروى بفتح النون على المصدرية وكسرها جمع نجوة، وهي المكان المرتفع.
٣٤٤  قوله: ملك أضرع البرية … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: ملك اضطلع البرية ما يوجد فيها … إلخ. قال: أضلع البرية أي أشد البرية اضطلاعًا لما يحمل؛ أي هو أحمل الناس لما يحمل من أمرٍ ونهي.
٣٤٥  قوله: إذا أصيب العفاء. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: إذا تولى العفاء.
٣٤٦  قوله: إذ أحل العلياء. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: إذ أحل العلاة.
٣٤٧  قوله: فتأوت له قرابضة … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: فتأوت لهم قراضبة.
٣٤٨  قوله: فهداهم بالأسودين. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: فهداهم بالأبيضين، فأراد بالأبيضين الخبز والماء، وبالأسودين التمر والماء، وروى الخطيب: يشقى به، بالمثناة التحتية.
٣٤٩  قوله: ولكن رفع الآل. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: يرفع الآل جمعهم، وروي: رفع الآل حزمهم.
٣٥٠  قوله: أيها الناطق المبلغ عنا … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: أيها الشانئ المبلغ عنا، ويروى: أيها الكاذب المبلغ والمخبر والمقرش والمرقش، ويروى: وهل له إبقاء؛ أي لا يبقي عليكم لما ألقيتم إليه وزاد الخطيب هنا بيتًا وهو:
إن عَمْرًا لنا لديه خلال
غير شك في كلهن البلاء
وبعده ملك مقسط … إلخ، وقوله: أرمى بمثله. البيتان السابقان.
٣٥١  قوله: في كلهن القضاء. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: في فصلهن القضاء.
٣٥٢  قوله: لا تنهاه إلا مبيضة وعلاء. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: ما تنهاه.
٣٥٣  قوله: فرددناهم بطعن … إلخ. رواية الخطيب:
فرددناهم بطعن كما تنـ
ـهز عن جمة الطوى الدلاء
وروى الزوزني: من خرتة، ويروى: في جمة الطوى.
٣٥٤  قوله: وحملناهم على حزم ثهلان. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: على حزن ثهلان.
٣٥٥  قوله: وجبهناهم بطعن … إلخ. هذا البيت مكرر مع ما تقدم.
٣٥٦  قوله: وما إن للحائنين دماء. رواية الخطيب: وما إن للحائنين دماء، وهي رواية الزوزني، ولا عبرة بما في بعض النسخ من لفظ الهائنين بالهاء، فإنها تحريف كما يدل عليه الشرح.
٣٥٧  قوله: أسد في اللقاء … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب وربيع: إن شمرت غبراء، وروي: أسد في السلاح، ويروى: إن شنعت شهباء، وألسنة الشهباء، والغبراء: هي القليلة المطر.
٣٥٨  قوله: ما جزعنا تحت العجاجة … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب:
ما جزعنا تحت العجاجة إذ ولَّت
بأقفائها وحر الصلاء
ويروى: إذ وَلَّوْا جميعًا.
٣٥٩  قوله: وأتيناهم … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: وفديناهم.
٣٦٠  قوله: فلاة من دونها أفلاء. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروي: فلاء بكسر الفاء جمع فلو، وهو ولد الفرس، والفلو يخدع بالشيء بعد الشيء حتى يسكن، ثم يُفلى عن أمه أي يُفطم، ويروى: فلاة بالرفع والنصب، فالرفع على إضمار مبتدأٍ؛ أي هي فلاة، والنصب على الحال كأنه فال مثل فلاة واسعة.
٣٦١  فاتركوا الطيخ والتعاشي … إلخ. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: فاتركوا الطيخ والتعدي … إلخ.
٣٦٢  قوله: حذر الجور والتعدي … إلخ. هذه رواية الزوزني، يروي: حذر الخون، وقوله: وهل ينقض. روى الخطيب: ولن ينقض.
٣٦٣  قوله: برآء. هذه رواية الخطيب والزوزني، ويروى: لبراء، ويروى: فإنا من غدرهم برآء.
٣٦٤  قوله: يصم منها الحداء. هذه رواية الزوزني، وروى الخطيب: يصم منه الحداء.
٣٦٥  قوله: على يوم الحيارين. هذه رواية الخطيب والزوزني، وروى ابن الأعرابي: الحوارين.
٣٦٦  قال الخطيب: هريرة قينة كانت لرجل من آل عمرو بن مرثد أهداها إلى قيس بن حسان بن ثعلبة بن عمرو بن مرثد، فولدت له خليدًا، وقد قال في قصيدته:
جهلًا بأم خليد حب من نصل
والركب لا يستعمل إلا للإبل
وقوله: وهل تطيق وداعًا. أي إنك تفزع إن ودعتها، وهذا يعارضه قصته مع الهاجس الذي نزل به لما كان متوجهًا إلى قيس بن معدي كرب، فإنه لما أنشده هذا البيت قال له: مَن هريرة؟ قال: لا أعرفها، وإنما هو اسم أُلْقِيَ في رُوعي … إلى آخر القصة المبينة في ترجمته.
٣٦٧  الغراء: البيضاء الواسعة الجبين، والفرعاء: الطويلة الشعر، ومعنى مصقول عوارضها: أنها نقية العوارض، وتمشي الهوينا: أي تمشي على رسلها، والوجِي — بكسر الجيم — الذي يشتكي حافره، ولم يحفَ، والوحِل — بكسر الحاء المهملة — الذي يتوحل في الطين.
٣٦٨  المِشية — بكسر الميم — الحالة. وقوله: مر السحابة. أي تهاديها كَمَرِّ السحابة، وهذا مما يوصف به النساء، والريث: البطء، والعجل: العجلة.
٣٦٩  الوسواس: جرس الحلي، وإذا انصرفت: إذا انقلبت إلى فراشها، والعشرق: شجيرة مقدار ذراع لها أكمام فيها حَب صغار إذا جفت فمرت بها الريح تحرك الحب، فشبه صوت الحلي بخشخشته.
٣٧٠  قوله: ولا تراها لسر الجار تختتل. يعني أنها لا تتجسس.
٣٧١  يقول: لولا أنها تتشدد إذا قامت لسقطت، وإذا في موضع نصب، والعامل فيه يصرعها.
٣٧٢  ذنوب المتن: العجيزة والمعاجز، قاله الخطيب.
٣٧٣  قوله: صفر الوشاح. يعني أنها خميصة البطن، دقيقة الخصر، فوشاحها يقلق عنها لذلك فهي تملأ الدرع لأنها ضخمة، والبهكنة: الكبيرة الخَلق، وتأتَّى: ترفق من قولك هو يتأنى للأمر، وقيل: تتهيأ للقيام، والأصل تتأتَّى فحذف أحد التائين، وينخزل: يتثنى، وقيل: ينقطع من خزل حقه.
٣٧٤  الدجن: إلباس الغيم السماء، وقيل: معنى قوله لِلَذَّة المرء: كناية عن الوطء، ويروى: تصرعه، وقوله: لا جاف؛ أي لا غليظ، والتفل: المنتن الرائحة، وقيل: هو الذي لا يتطيب.
٣٧٥  الهركولة: الضخمة الوركين، الحسنة الخلق، وقيل الحسنة المشي، والفنق: الفتية من النساء، والإبل الحسنة الخلق، وواحد الدرم: أدرم، والمؤنث درماء أي ليس لمرفقيها حجم، وجمَع المرفقين فقال: مرافق؛ لأن التثنية جمع، والأخمص باطن القدم، وقوله: كان أخمصها بالشوك منتعل. معناه أنها متقاربة الخَطْوِ؛ لأنها ضخمة، فكأنها تطأ على شوك لثقل المشي عليها.
٣٧٦  قوله: إذا تقوم … إلخ. هذه رواية الخطيب، ويروى: آونة، والعنبر: الورد، معنى يضوع: تذهب ريحه كذا وكذا، والآونة: جمع أوان، وقال الأصمعي: أصورة تارات، وقال أبو عبيدة أجود الزنبق ما كان يضرب إلى الحمرة، فلذلك قال: والزنبق الورد، وأردان: جمع ردن بالفتح والضم، وهي أطراف الأكمام، وشمل: أي طيبها يشمل.
٣٧٧  الرياض: جمع روضة، والحزَن: ما غلظ من الأرض، ورياض الحزن: أحسن من رياض الخفوض.
٣٧٨  قوله: يضاحك الشمس. أي يدور معها حيثما دارت، وكوكب كل شيء معظمه، والمراد هنا الزهور، ومؤزَّر: مفعَّل من الإزار، والشرق: الريان الممتلئ ماءً، والعميم: التام السن، ومكتهل: قد انتهى في التمام، واكتهل الرجل إذا انتهى شبابه.
٣٧٩  قوله: يومًا بأطيب يومًا. منصوب على الظرف، وبأطيب خبر ما في البيت السابق، والنشر: الرائحة، قال الخطيب: وهو منصوب على البيان وإن كان مضافًا؛ لأن المضاف إلى النكرة نكرة، ولا يجوز خفضه؛ لأن نصبه وضع الفرق بين معنيين، وذلك أنك تقول: هذا الرجل أفره عبدًا في الناس، وتقول: هذا العبد أفره عبدًا في الناس، فالمعنى أفره العبيد، والأُصُل: جمع أصيل، والأصيل من العصر إلى العشاء، وإنما خُصَّ هذا الوقت؛ لأن النبات يكون فيه أحسن ما يكون لتباعد الشمس والفيء عنه.
٣٨٠  قوله: علقتها عرضًا. قال الخطيب: يقال: عرض له أمر إذا أتاه على غير تعمد، وعرضًا منصوب على البيان كقولك: مات هزلًا، وقتله عمدًا. ا.ﻫ. والأفعال كلها مبنية للمجهول.
٣٨١  قوله: وعلقته فتاة … إلخ. علقته مبني للمجهول أيضًا، ونائبه فتاة، قال الخطيب: ويروى خبل ما يحاولها ما يريدها، ولا يطلبها، هذا التفسير على هذه الرواية، وروى ابن حبيب:
وعلقته فتاة ما يحاولها
من أهلها ميت يهذي بها وهل
ومعنى ما يحاولها على هذه الرواية ما يقدر عليها، ولا يصل إليها، ومعنى: ومن بني عمها ميت: أي رجل ميت، والوهل الذاهب العقل كلما ذكر غيرها رجع إلى ذكرها لفتنته بها.
٣٨٢  قوله: وعلقتني أخيرى. بالبناء للمجهول أيضًا، ونائبه: أخيرى تصغير أخرى، قال الخطيب: علقتني معناه أحبتني، ولم أحبها، والتي أحبها لم أصل إليها، وتلائمني: توافقني، وتبل كأنه أصيب بتبل أي بذحل، وحب مرفوع بدل من الحب، ويجوز أن يكون مرفوعًا بمعنى كله حب تبل، ويجوز نصبه على الحال، ويروى: فاجتمع الحب حبي كله تبل.
٣٨٣  المغرم والغرام: الهلاك، ومنه إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا ويروى: فكلنا هائم، والنائي: البعيد، ومنه النؤي؛ لأنه حاجز يبعد السيل، وروى الأصمعي: ومحبول ومحتبل بالحاء المهملة، وقال: ومن رواه بالخاء معجمة فقد أخطأ، وإنما هو من الحبالة، وهو الشَّرَك الذي يصطاد به أي كلنا موثق عند صاحبه، وقال أبو عبيدة: محبول ومحتبِل بكسر الباء أي مصيد، وصائد.
٣٨٤  قوله: صدت هريرة. هذه رواية الخطيب، وروى أبو عبيدة: صدت خليدة عنا، قال: هي هريرة، وهي أم خليد، وتقدم أن هريرة شيء أُلْقِيَ في رُوعه، وقوله: حبل من تصل. استفهام، وفيه معنى التعجُّب أي حبل من تصل إذا لم تصلنا ونحن نودها.
٣٨٥  قوله: أأن رأت رجلًا … إلخ. قال الأصمعي: الأعشى الذي لا يبصر بالليل، والأجهر: الذي لا يبصر بالنهار، والمنون: المنية سُمِّيَتْ منونًا لأنها تنقص الأشياء، قال الأصمعي: هو واحد لا جمع له، ويذهب إلى أنه مذكر، وقال الأخفش: هو جمع لا واحد له، وقوله: ودهر مفند. يروى مفسد، والمفند من الفند، وهو الفساد، ويقال فنده إذا سفهه، وخبل: اسم فاعل من الخبال وهو الفساد.
٣٨٦  قوله: قالت هريرة … إلخ. زائرها منصوب على الحال يقدر فيه الانفصال، كأنه قال: زائرًا لها، وقوله: يا رجل. بمعنى أيها الرجل قيل إن الأعشى أخنث الناس بهذا البيت.
٣٨٧  قوله: أما ترينا … إلخ. أي أن ترينا نتبذل مرة، ونتنعم أخرى، فكذلك سبيلنا، وقيل: المعنى أن ترينا نستغني مرة، ونفتقر مرة، وقيل: المعنى أن ترينا نميل إلى النساء مرة، ونتركهن أخرى، وحذف الفاء لعلم السامع والتقدير: فإنا كذلك نحفى وننتعل، وما زائدة للتوكيد.
٣٨٨  قوله: وقد أخالس … إلخ. هذه رواية الخطيب، ويروى: وقد أراقب، وقوله: غفلته. بدل اشتمال من قوله: رب البيت، ويئل: ينجو.
٣٨٩  قوله: وقد أقود الصبا … إلخ. هذه رواية الخطيب، قال: الغزال الذي يحب الغزل، ويروى: ذو الشارة، والشارة: الهيئة الحسناء.
٣٩٠  قوله: وقد غدوت … إلخ. هذه رواية الخطيب، وغدوت: ذهبت غدوة، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس، هذا أصله، ثم كثُر حتى استُعمِل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان، والحانوت بيت الحمار يذكَّر ويؤنث، والشاوي: الذي يشوي اللحم، والمِشل بكسر الميم وفتح الشين: المستحت والجيد السوق، وقيل: الذي يشل اللحم في السفُّود، والشلول بفتح الشين مثل المشل، ويروى نشول بفتح النون، وهو الذي يأخذ اللحم من القِدْر، والشُلْشَل بضم الشينين كقنفذ: الخفيف اليد في العمل والمتحرك، والشول بفتح فكسر مثل الشلشل، وقيل: هو الذي عادته ذلك، وقال الخطيب: الشول هو الذي يحمل الشيء، يقال: شلت به وأشلته، وقيل: هو من قولهم فلان يشول في حاجته أي يُعنى بها، ويتحرك فيها، ومن روى شول بضم الشين وفتح الواو فهو بمعناه إلَّا أنه للتكثير، وروي بدله شمل أيضًا بفتح فكسر، وهو الطَّيِّبُ النفَس والرائحة.
٣٩١  قوله: في فتية … إلخ. هذه رواية الخطيب، وقال مبرمان: إن الشطر الثاني مصنوع، وإن الرواية الصحيحة:
أن ليس يدفع عن ذي الحيلة الحيل
وروي: الأجل موضع الحيل، وهذا البيت يستشهد به النحويون على أنْ مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف وهالكٌ خبر مقدَّم، وكل مبتدأ مؤخر، والجملة خبرها، وذكر السيرافي أن رواية الأصل مصنوعة كما تقدم عن مبرمان أيضًا، قال: والشاهد في كلتا الروايتين واحد؛ لأنه في إضمار الهاء في أن وتقديره أنه هالك، وأنه ليس يدفع، قال ابن المستوفي: والذي ذكره السيرافي صحيح، ولا شك أن النحويين غيروه ليقع الاسم بعد أن المخففة مرفوعًا، وحُكمه أن يقع بعد أن المثقلة منصوبًا، فلما تغيَّر اللفظ تغير الحكم. انتهى.
٣٩٢  هذه رواية الخطيب قال: أي نازعتهم حسن الأحاديث وظريفها، وهو قول الأصمعي، وقال غيره: يعني الريحان أي يحيي بعضهم بعضًا، ويروى: مرتفقًا، وهو معنى متكئ، والمَزَّة التي فيها مزازة، والراووق إناء الخمر، وقيل: الراووق والناجود ما يخرج من ثقب الدن، والخضل: الدائم الندي، والمعروف أن الراووق من الكرابيس يروق فيه الخمر.
٣٩٣  قوله: لا يستفيقون. قال الخطيب: أي شربهم دائم ليس لهم وقت معلوم يشربون فيه، والراهنة: الدائمة، وقيل للعدة وهي مثل راهية أي ساكنة، وقيل: راهية وراهنة بمعنى، وقوله: إلا بِهَاتِ. أي إذا أبطأ عليهم الساقي، قالوا له: هَاتِ.
٣٩٤  قوله: يسعى بها ذو زجاجات … إلخ. قال الخطيب: النَطَف القرطة، وقيل: اللؤلؤ العظام، وقيل: النطف تبان بلغة اليمن، وهو جلد أحمر، ومقلص مشمر، ويجوز نصب مقلص على الحال من المضمر الذي في له، والرفع أجود، والسربال القميص، ومعتمل دائب نشيط، وكذلك عمل.
٣٩٥  المستجيب: العود سمي بذلك لأنه يجيب الصنج، وتخال: تظن، والصنج: ذو أوتار يضرب بها، وهو نوعان عربي ودخيل، فالعربي هو الذي يكون في الدفوف، وقيل الدخيل؛ فهو ذو الأوتار، والفضل التي في ثياب فضلتها، والقينة: الأَمَة مغنية كانت أو غير مغنية.
٣٩٦  قوله: والساحباث ذيول الريط. هذه رواية الخطيب، وروي: ذيول الخز، وآونة: جمع أوان وهو الحين، والرافلات: النساء اللواتي يرفلن في ثيابهن أي يحررنها، وقوله: في أعجازها العجل. ذهب أبو عبيدة إلى أنه شبَّه أعجازهن لضخمها بالعجل، وهي جمع عجلة، وهي مزادة كالإداوة، وقال الأصمعي: أراد أنهن يخدمنه معهن العجل فيهن الخمر، والساحبات في موضع نصب على إضمار فعل؛ لأن قبله فعلًا فلذلك اختير النصب فيه، ويكون الرفع بمعنى: وعندنا الساحبات.
٣٩٧  قوله: من كل ذلك يوم … إلخ. هذه رواية الخطيب، ويروى: يومًا على الظرف، ويروى: طول اللهو والشغل، يقول: لهوت في تجارتي وغازلت النساء.
٣٩٨  قوله: وبلدة. أي رُبَّ بلدة، والترس: معروف، وحافَاتها: نواحيها، والزجل: الصوت.
٣٩٩  قوله: لا يتنمى لها. أي لا يسمو إلى ركوبها إلَّا الذين لهم فيما أتوا مهل، وعدة يصف شدتها، والمهل: التقدم في الأمر والهداية فيه قبل ركوبه.
٤٠٠  قوله: جاوزتها. هو جواب قوله: وبلدة. والطليح: الناقة المَعِيبَة، والسرح: السهلة السير، والفتل: تباعد مرفقيها عن جنبيها، وروي: جاوزتها بطليح.
٤٠١  قوله: بل هل ترى عارضًا … إلخ. العارض: السحابة تكون ناحية السماء، وقيل: السحاب المعترض وأرمقه: أنظر إليه، ويروى: أرقبه، وروي: يا من رأى عارضًا.
٤٠٢  قوله: له رداف. أي سَحاب قد ردفه من خلفه، وجوز: كل شيء وسطه، والمفأم: العظيم الواسع وعمل دائم، والمنطق: المحاط به كالمنطقة، وقوله: متصل؛ أي ليس فيه خلل.
٤٠٣  قوله: لم يلهني اللهو … إلخ. هذه رواية الخطيب، وروي ولا كسل ويروى ولا ثقل.
٤٠٤  الشَّرب: القوم المجتمعون لشرب الخمر، ودُرْنَا: قال الخطيب: درنا كانت بابًا من أبواب فارس، وهي دون الحيرة بمراحل، وكان فيها أبو تبيت، وقيل: درنا باليمامة، وذكر صاحب المعجم في ضبطها خلافًا، فقال: إن هذا البيت رُوِيَ بالنون، والصحيح أن درتا — بالتاء — في أرض بابل، ودرنا — بالنون — باليمامة، وكانت منازل الأعشى اليمامة لا العرق، وقيل: درنا لبني قيس بن ثعلبة بها قبر الأعشى، وشِيمُوا: انظروا إلى البرق، وقدروا أين صوبه، والثمل: السكران.
٤٠٥  قوله: فالأبلاء. وهذه رواية الخطيب، وروي: فالأبواء وهذه كلها مواضع، والرجل: مسايل الماء، واحدها رجلة.
٤٠٦  قوله: فالسفح يجري … إلخ. قال الخطيب: يروى: فالسفح أسفل خنزير، والربو ما نشز من الأرض، والحبل جبل أو بلد، وقال ياقوت: إن خنزيرًا ناحية باليمامة، وقيل: جبل بأرض اليمامة، والربو موضع ولم يَزِدْ على ذلك، ورواه في ترجمة خنزير الوتر بالواو والتاء المثناة قبل الراء، وقال: إنه موضع فيه نخيلات من نواحي اليمانة، وهذا أنسب بالمعنى والحُبَل — بوزن زُفَر — موضع باليمامة.
٤٠٧  قوله: حتى تحمل منه … إلخ. هذه رواية الخطيب، قال: ويروى: حتى تضمن عنه الماء، يقول: تحمَّل روض القطا ما لا يطيق لثكرته، والغينة الأرض الشجراء، وتكلفة في موضع الحال.
٤٠٨  قوله: يسقي ديارًا لها … إلخ. هذه رواية الخطيب، وقال: قوله غرضًا أي غرضًا للأمطار، ويروى عزبًا أي عوازب، وزورًا أي أزورت عن الناس، والقود الخيل، والرسل الإبل، والرسل القوط، وهو القطيع من الغنم؛ يريد أنهم أعزاء لا يُغْزَوْنَ فقد تجانف فيها الخيل والإبل.
٤٠٩  يزيد بني شيبان: هو يزيد بن السهر ابن عم للأعشى، وكانت بينهما مُلاحَات والمألكة — بفتح اللام وضمها — الرسالة، وأبو ثبيت: كنية يزيد المذكور، وتأتكل: من الائتكال وهو الفساد، وقيل تأتكل: تحنك من الغيظ، وفي التاج عن أبي نصر: أي تأكل لحومنا وتغتابنا، وهو تفتعل من الأكل.
٤١٠  قوله: ألست منتهيًا عن نحت أثلتنا … إلخ. أي ألست منتهيًا عن الطعن في حسبنا، وقيل: ألست منتهيًا عن تنقُّصنا وذَمِّنَا، والأثلة: الأصل، وأطت الإبل: أنَّت تعبًا وحنينا.
٤١١  قوله: كناطح صخرة … إلخ. في هذا البيت مسألة نحوية، وهي إعمال اسم الفاعل عمل فعله إذا كان موصوف محذوف، والأصل: كوعل ناطح صخرة، والوعل: معروف.
٤١٢  قوله: تغري بنا. أي تحرشهم علينا، وتردي: تهلك.
٤١٣  قال الخطيب: عوض اسم للدهر، ويروى: عوض بفتح الضاد مثل حيث، وحيث يقول: لا أعرفنك أن ألتمس النصر منك دهرك، واحتمل القوم: احتملتهم الحمية أي أغضبوا، ويروى: واحتملوا أي ذهبوا من الحَمِيَّة أو الغيظ، وتحتمل أي تذهب وتخلي قومك.
٤١٤  رواية الخطيب لهذا البيت:
تلزم أبناء ذي الجدين سورتنا
عند اللقاء فترديهم وتعتزل
قوله: تلحم. أي تجعلهم لحمة أي تطعمهم إياها، وذو الجدين: قيس بن مسعود بن قيس بن خالد ذي الجدين سمي بذلك لأن جده قيس بن خالد أسر أسيرًا له فداء كثير، فقال رجل: إنه ذو جد في الأسر، فقال آخر: إنه ذو جدين، فصار يُعرف بهذا، والسورة: الغضب، ويروى: شكتنا، وهو السلاح.
٤١٥  قوله: لا تقعدن وقد أكلتها … إلخ. الضمير للحرب ومعنى أكلتها أججتها وتبتهل إلى الله من شرها.
٤١٦  قال الخطيب: شكل أي أزواج خبر بعد خبر، وأن هذه هي التي تعمل في الأسماء خُفِّفَت، وسوف: بمعنى عوض، والمعنى أنه سوف يأتيك، ولا يجوز إلا هذا مع سوف والسين، ويُروى: من أيامنا شكل أي المن أيامنا المتقدمات، وما فيها من الحروب.
٤١٧  واسأل قشيرًا وعبد الله … إلخ هذه كلها قبائل، ومعنى عبد الله أي بني عبد الله.
٤١٨  قوله: إنا نقاتلهم … إلخ. هذه رواية الخطيب، قال: ويروى: وهم جاروا وهم جهلوا، ويُرْوَى: أَنَّا — بفتح الهمزة — على البدل من قوله: لقد علموا أن سوف … والكسر أجود على الابتدائية، والقطع ممَّا قبله، ويروى ثمت نقتلهم وثمت نغلبهم، فمن روى ثمت نقتلهم أنَّث؛ لأنها كلمة، وجعل تأنيثها بمنزلة التأنيث الذي يلحق الأفعال، ومن قال: ثمت نغلبهم فهو على تأنيث الكلمة إلا إنه ألحق التأنيث هاءً في الوقف كما يفعل في الأسماء.
٤١٩  قوله: قد كان في آل كهف … إلخ. هذه رواية الخطيب، قال: ويروى أنهم قعدوا وآل كهف من بني سعد بن مالك بن ضبيعة يقول: إن قعدوا هم فلم يطلبوا بثأرهم، فقد كان فيهم من يسعى وينتضل، والجاشرية: امرأة من إياد، وقيل: هي بنت كعب بن مامة يقول: قد كان لهم من يسعى لهم فما دخولك بينهم ولست منهم.
٤٢٠  قوله: إني لعَمْرُ الذي … إلخ. قال الخطيب: هذه رواية أبي عمرو، وروى أبو عبيدة: مناسمها له وسيق إليه الباقر العثل، وقوله: حطت. قيل: معناه أسرعت، وقال الأصمعي: لا معنى لحطت ها هنا، وإنما يقال: حطت إذا اعتمدت في زمامها، قال: والرواية حطت أي سفت التراب بمناسمها، والمناسم: أطراف أخفافها، وتخدي تسير سيرًا شديدًا فيه اضطراب لشدته، والباقر: البقر، والغيل جمع غيل، وهو الكثير، وقيل: هو جمع غيول، والعتل: يعني بالتحريك، وبضم فسكون الجماعة يقال: عثل له من ماله أي أكثر. ا.ﻫ. وفي هذا البيت أبحاث كثير، وتغليط بعض الرواة لبعض، ورواية عثل المتقدمة تصحيف، وروى الأصمعي: وسيق إليه النافر العجل؛ يريد النفار من منى، والنافر لفظ واحد، وهو جمع في المعنى، وقد اختلف عنه في العجل، فقال بعض: العُجل بضم العين، وقال: العَجِل أي بفتح فكسر جعله وصفًا لواحد، وقد ساق عبد القادر البغدادي ما قال العلماء فيه في شواهد حروف الجر من خزانة الأدب فارجع إليه.
٤٢١  الصدد: المقارب، وقوله: فنتمثل. أي نقتل الأمثل فالأمثل، والأماثل: الخيار، وقوله: لتقتلن. جواب القسم في البيت قبله، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه.
٤٢٢  قوله: لئن منيت. أي ابتُلِيَتْ، والانتقال: الجحود أي لم ننتقل من قتلنا من قومك ولم نجحد، وهذا البيت يستشهد به النحويون على أنه يجوز بقلة في الشعر أن يكون الجواب للشرط مع تأخُّرِه عن القَسَم، ولهم أبحاث كثيرة تركناها خوف الإطالة، وننتقل: الشائع أنه بالفاء، وضبطه بعضهم بالقاف، وروي: لئن منيت بنا في ظل معركة … إلخ.
٤٢٣  هذه رواية الخطيب والبيت من شواهد النحاة على تعيين اسمية الكاف فيه، قال: من احتج به فإن قال قائل إنما هي نعت لمحذوف أراد شيء كالطعن، وهي حرف، قيل له: إنما يخلف الاسم، ويقوم مقامه ما كان اسمًا مثله، والشطط الجور، ويروى ويهلك فيه الزيت أي يذهب فيه لسعته، والمعنى لا ينهى أصحاب الجور مثل جائف يغيب فيه الزيت والفتل.
٤٢٤  عميد القوم: سيدهم الذي يعتمدون عليه في أمورهم، وروي: حتى يصير عميد القوم … إلخ، والعجل: جمع عجول، وهي الثكلى؛ أي حتى يظل سيد الحي يدفع عنه النساء بأكفهن لئلا يُقتَل؛ لأن من يدفع عنه من الرجال قد قُتِلَ، وقيل: المعنى يدفعن عنه لئلا يُوطَأَ بعد القتل.
٤٢٥  قوله: أصابه هندواني … إلخ. الهندواني: سيف منسوب إلى الهند، وقوله: أو ذابل. صفة لمحذوف أي رمح ذابل، أي يابس، والخط موضع بهجر ينسب إليه الرماح.
٤٢٦  قوله: كلا. حرف ردع وزجر وردع، ويكون ردًّا لكلام، وفيه معنى الردع أيضًا، وقُتُل جمع قتول.
٤٢٧  يوم الحنو مشهور من أيام العرب، وضاحية قال الخطيب: علانية، وفطيمة قال أبو عمر وابن حبيب: هي فاطمة بنت حبيب من ثعلبة، والميل جمع أميل، وهو الذي لا يثبت في الحرب، والأصل فيه أن يكون على فعل مثل أبيض وبيض، والعزل يجوز أن يكون جمع أعزل، ثم اضطر فضم الزاي لأن قبلها ضمة، ويجوز أن يكون بنى الاسم على فعيل، ثم جمعه على فُعُل كما تقول رغيف، ورغف، والدليل على صِحَّة هذا القول أن ابن السكيت حكى دجال عزلان، فهذا كما تقول: رغيف ورغفان، والأعزل هو الذي لا رمح معه، وقال أبو عبيدة: هو الذي لا سلاح معه، وإن كان معه عصًا لم يُقَلْ له أعزل. ا.ﻫ. وفي المعجم: فطيمة اسم موضع بالبحرين كانت به وقعة بين بني شيبان، وبني ضبعة وتغلب من ربيعة أيضًا ظفر فيها بنو تغلب على بني شيبان. ا.ﻫ. وهذا هو الصحيح وقول الخطيب: الذي لا يثبت في الحرب، صوابه: الذي لا يثبت على الخيل.
٤٢٨  قوله: قالوا الطراد. هذه رواية الخطيب قال: يقول: إن طاردتم بالرماح فتلك عادتنا، وإن نزلتم تجادلون بالسيوف نزلنا، وهذا البيت يستشهد به النحويون في باب إعراب الفعل، وفي جمع التكسير: والرواية عندهم: إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا … إلخ. وهو من شواهد سيبويه، قال الأعلم: الشاهد في رفع تنزلون حملًا على معنى إن تركبوا؛ لأن معناه ومعنى تركبون متقارب فكأنه قال: أتركبون؟ فذلك عادتنا أو تنزلون في معظم الحرب، فنحن معروفون بذلك. هذا مذهب الخليل وسيبويه، وحمله يونس على القطع، والتقدير عنده: أو أنتم تنزلون، وهذا أسهل في اللفظ، والأول أصح في المعنى والنظم، والشاهد الثاني في قوله: نزل جمع نازل فإنه يحفظ ولا يقاس عليه.
٤٢٩  قال الخطيب: الفائل عرق يجري من الجوف إلى الفخِذ، ومكنون الفائل: الدَّمُ، وقال أبو عمرو: المكنون خربة في الفخِذ والفائل لحم الخربة، والخربة والخرابة: دائرة في الفخذ لا عظم عليها، وقال أبو عبيدة: الفائل عرق في الفخذ ليس حواليه عظم، وإذا كان في الساق قيل له النسا، ويشيط: يهلك، وقيل: يرتفع، وأصله في كل شيء الظهور.
٤٣٠  العلياء من الأرض: المكان المرتفع، والسند: سند الوادي في الجبل، وأقوت: خلت، والسالف: الماضي، والأبد: الدهر، وروي: سالف الأمد، وهو الدهر أيضًا.
٤٣١  قوله: وقفت فيها أصيلًا. روي: وقفت فيها طويلًا، وروي: أصيلانًا وأصيلالًا، فمن روى أصيلًا أراد عشيًّا، ومن روى طويلًا جاز أن يكون معناه وقوفًا طويلًا، ويجوز أن يكون معناه وقتًا طويلًا، ومن روى أصيلانًا ففيه ثلاثة أقوال؛ أحدهما: أنه تصغير أصيل على غير قياس، والثاني: أنه تصغير أصلان وأصلان جمع أصيل، الثالث: أنه تصغير أصلان لكنَّ أصلانًا مفرد، وقوله: جوابًا. منصوب على المصدر.
٤٣٢  قوله: إلا الأواري. بالرفع والنصب، وبه استشهد سيبويه على رفع الأوراي في لغة تميم، ونصبه في لغة الحجاز، قال الأعلم: الشاهد في قوله: إلا الأواري. بالنصب على الاستثناء المنقطع؛ لأنها من غير جنس الأحد، والرفع جائز على البدل من الموضع والتقدير: وما بالربع أحد إلا الأواري. على أن تجعل من جنس الأحد اتساعًا ومجازًا، وروي: إلا أواري، بالتنكير، والأواري: الأواخي، ولأيًا: بطئًا، والمظلومة: الأرض التي حُفِرَ فيها في غير موضع الحفر.
٤٣٣  قوله: ردت عليه. رُوِيَ: رُدَّتْ بصيغة المجهول، وأقاصيه: نائيه، وروي: رَدَّتْ على أنه فعل فاعل، وفاعله الأمة لفهمها من المعنى، وهو ضمير يعود عليها، ورواية التركيب أجود، ولبده: سكنه، والوليدة: الجارية، والمسحاة: الآلة التي يُسُوَّى فيها النؤي، والثأد: المكان الندي.
٤٣٤  السبيل: الطريق، والأتي: السيل الذي يأتي أو النهر الصغير، وفاعل خلت وردت ضمير يعود على الوليدة، والسجفين: تثنية سجف، وهو الستر الرقيق، والنضد: ما نضد من متاع البيت.
٤٣٥  يروى: أمست خلاء وأمسى أهلها، وفاعل أمست وخلت ضمير يعود على الدار، وأخنى عليها: بمعنى أتى عليها، ولبد: آخر نسور لقمان، وكان ممن آمن بنبي الله هود، فلما أهلك الله عادًا خيَّر لقمان بين بقائه إلى أن تفنى سبع بعرات سمر من أطب عقر لا يمسها القطر، أو إلى أن تنتهي أعمار سبعة أنسُر كلما هلك نسر خلفه نسر، فاختار الأنسر. فكان آخر نسوره يسمى لبدًا أي إنه لا يموت، ويزعمون أنه حين كبِر قال له: انهض لبد فأنت الأبد.
٤٣٦  قوله: فعَدِّ عمَّا ترى. يروى فعَدِّ عما مضى، وانْمِ أي ارفع، والقتود — بالضم — خشب الرجل، والعيرانة: الناقة التي تشبه بالعير لصلالة خفها وشدته، والأجد: التي عظم فقارها، وقيل: هي الموثقة الخلق.
٤٣٧  المقذوقة: المرمية باللحم، والنحض: اللحم، ودخيسه: الذي دخل بعضه في بعض منه، وصريف: روي بنصب على المصدر التشبيهي، وروي بالرفع على البدل من صريف، والنصب أجود، والقعو: ما يضم البكرة إذا كان من خشب، فإذا كان من حديد سُمِّيَ خطافًا، والمسد: الحبل، وهذا التشبيه حسن.
٤٣٨  قوله: يوم الجليل. هذه رواية الأعلم، وروى الخطيب: بذي الجليل، قال: والجليل الثمام أي بموضع فيه ثمام، قال البغدادي: وزال النهار أي انتصف، وبنا: بمعنى علينا، والجُليل: بضم الجيم الثمام، وهو موضع؛ أي بموضع فيه هذا النبت، وضبطه في المعجم بالفتح كما هو الشائع، قال: وذو الجليل وادٍ قرب مكة، والمستأنِس الناظر بعينه، وروي: مستوجس، وهو الذي قد أوجس في نفسه الفزع، فهو ينظر، والوَحَد — بفتحتين — الوحيد المنفرد.
٤٣٩  وجرة: موضع، وخص وحشه بالذكر لأنها بعيدة من الناس، فالوحش يَكثُر فيها، وقيل: لأن ظباءها قليلة الشرب، ومَوْشِيٌّ — بفتح الميم — اسم مفعول من وشيت الثوب أي لوَّنْته، وهو صفة لوحش وجرة، وأكارعه: نائبه، قال الخطيب: وقوله: كسيف الصيقل؛ أي هو يلمع، والفرد: الذي ليس له نظير، وقال البغدادي: والفرد — بكسر الراء وفتحها وسكونها — الثور المنفرد عن أنثاه.
٤٤٠  ارتاع: افتعل من الرَّوْع، وهو الفزع، والكلَّاب: صاحب الكِلَاب، وطوع: يُروَى بالرفع والنصب، فعلى الرفع مبتدأ وله خبره، وعلى النصب خبر بات، والشوامت: بمعنى القوائم؛ أي بات طوعًا لقوائمه، أو بات له الطوع منها، والصرد: البرد.
٤٤١  بَثَّهُنَّ: فَرَّقَهُنَّ، وضمير الفاعل عائد على الكَلَّابِ أي صاحبها، والمفعول على الكِلَاب جمع كلب، وصمع الكعوب: ضوامرها، والحرد: استرخاء عصب في يد البعير من شدة العقال، وربما كان خلقة.
٤٤٢  قوله: وكان ضمران منه … إلخ. هذه رواية الأصمعي، ورواية الخطيب: فهاب ضمران منه، وضمران: اسم كلب، ويوزعه: يغريه، وطعن: يروى بالنصب على المصدر، وبالرفع على أنه فاعل يوزعه، والمُعَارِك: المُقَاتِل، والمحجر: الملجأ، والنجد: يروى بضم الجيم وفتحها.
٤٤٣  شك: أنفذ، والفريصة: المضغة التي ترعد من الدابة عند البيطار، وهي في مرجع الكتف، والمدرى: القرن، والضمير في أنفذها للفريصة، وروى الخطيب: شك المبيطر، وهو الذي يعالج الدوابَّ، والعضد — بالتحريك — داء يأخذ في العضد.
٤٤٤  قوله: كأنه. الضمير عائدة على القرن، وخارجًا: حال منه، والصفحة: الجانب، وسفود: خبر كان، والشرب: القوم المجتمعون للشراب، ونسوه: تركوه، والمفتأد: موضع النار.
٤٤٥  قوله: فظل … إلخ. الضمير يعود على ضميران، ويعجم: يمضغ، والروق: القرن، والحالك: الشديد السواد، والصدق: الصلب، والأود: الاعوجاج.
٤٤٦  واشق: اسم كلب، والإقعاص: الموت.
٤٤٧  قوله: قالت له النفس … إلخ. أي حدَّثَتْ الكلبَ نفسُه بأنه لا طمع له في الثور، والمولى: المراد به هنا صاحب الكلب.
٤٤٨  قوله: فتلك. يعني الناقة التي شبَّهَهَا بالثور، والنعمان: هو ابن المنذر، والبُعُد: يروى بضم الباء الموحدة والعين: جمع بعيد، ويروى بالتحريك فهو بمنزلة القريب والبعيد.
٤٤٩  قوله: ولا أرى فاعلًا. أي لا أرى أحدًا يفعل الخير يشبهه، ولا أحاشي أي لا أستثني، ومِن في قوله من أحد زائدة.
٤٥٠  قوله: إلا سليمان. يعني ابن داود عليهما السلام، وهو في موضع نَصْب على البدل من موضع أحد، وإن شئت على استثناء، ويروى: إذ قال المليك له، ويُروَى: فارجزها عن الفند، والفند: الخطأ.
٤٥١  قوله: وخيس. أي ذلِّل، ويروى: وخبِّر الجن أني قد أمرتهم … إلخ، وتدمر: بلد بالشام اختُلِف في بانيها، فقيل سليمان عليه السلام، وإنها كانت مستقرَّهُ، وإن الجن قد بنتها له بالصفاح والعمد، وقال الثعالبي: إن هذا من مذاهب العرب على سبيل المبالغة لا الحقيقة كما كانوا يزعمون أن عبقر اسم بلد الجن، فينسبون إليه كل شيء عجيب، فزعموا أن تدمر بناء الجن لما يرون من قوتها الباهرة، ووضعها العجيب، وقال بعضهم: إنها من أبنية العرب الأقدمين، وفي القاموس: بنتها تدمر كتَنْصُر بنت حسان بن أذينة، وهذا هو المعول عليه.
٤٥٢  قوله: فمن أطاعك. هذه هي الرواية المشهورة، وروى الخطيب: فمن أطاع فاعقبه بطاعته، وروي: فعاقبه لطاعته.
٤٥٣  قوله: ومن عصاك فعاقبه … إلخ. المعنى عاقبْه معاقَبة يرتدع بها غيره، والضمد: الحقد.
٤٥٤  قوله: إلا لمثلك أو من أنت سابقه. أي لا تقم على الحقد إلا لمن يماثلك في حالك، أو من فضلك عليه كفضل السابق على المصلي؛ يعني أو من يباريك، والأمد: الغاية، قيل: موضع هذا البيت بعد قوله في آخر القصيدة: فلم أعرض أبيت اللعن … أحسن من هنا.
٤٥٥  قوله: أعطي. متعلق بقوله: ولا أرى فاعلًا، والفارهة قيل: هي الكريمة من الإبل، وقيل: الفَتِيَّة، وحلو توابعها: يروى بجر حلو صفة لفارهة، وتوابعها مرفوع بحلو على الفاعلية له، ويروى حُلو بالرفع خبر لتوابعها، والجملة في موضع جر صفة لفارهة، والنكد: الضيق والعسر، وروي: لا تعطي على حسد؛ أي لا يعطي ونفسه تحسد من أخذها.
٤٥٦  المعكاء: هي الغلاظ الشداد، وروى الخطيب: المائة الأبكار، وروى: الجرجور، قال الخطيب: والجرجور الضخام، والسعدان: نبت يسمن الإبل، وفي المثل: مرعى ولا كالسعدان، وتوضح: موضع يكثر فيه السعدان، وروي: يوضح — بالمثناة التحتية — وعليه فهو فعل أي يبين، واللبد: ما تلبَّد من الوبر، وروي: في الأوبار ذي اللبد.
٤٥٧  قوله: والراكضات. رواية الخطيب: والساحبات، وفنقها: نعَّم عيشها، وروي: أنَّقَها؛ أي أعطاها ما يعجبها، والجرد: المكان الذي لا ينبت.
٤٥٨  قوله: تمزع. أي تمر مرًّا سريعًا، وروي: تنزع وهو بمعنى تمزع، وغربًا أي حادًّا قويَّا، وروي: رهوًا أي تمزع مزعًا ساكنًا، وروي: تمزع قبًا أي ضامرة، والشؤبوب: السحاب العظيم القطر، القليل الغرض الواحد: شؤبوبة، قيل: ولا يقال لها: شؤبوبة حتى يكون فيها برد.
٤٥٩  قوله: والأدم. أي النوق، وخُيِّسَتْ: ذُلِّلَتْ، وفُتْلُ: جمع فتلاء، وهي التي بانت مرافقها عن آباطها، والحيرة: مدينة تنسب إليها، والرحال: الجدود جمع جديد يجوز في داله الضم على القياس في جمع مثله، ويطرد عند تميم فتحه، وهو أحسن لِئَلَّا يلتبس بجمع جدة، وهي الطريقة.
٤٦٠  قوله: اُحكُمْ. بضم همزة الوصل المتلوَّة بساكن بعده ضم، وروى الخطيب: واحكم، وروي: فاحكم أي كن حكيمًا، ولا تخطئ في أمري كفتاة الحي، وهي زرقاء اليمامة التي يُضرب بها المثل، فيقال: أبصر من زرقاء اليمامة، واسمها اليمامة، وبها سُمِّيَتِ المدينة المشهورة، وقيل: هي فاطمة بنت الخس، وقوله: شراع، يُروى بالشين المعجمة جمع شارعة يريد التي شرعت في الماء، ويُروى بالسين المهملة جمع سريعة، وهذه أنسب بالمعنى، والثمد الماء القليل، وقصة زرقاء اليمامة أنها كانت لها قطاة، فمر بها سرب من القطا، فنظرت إليه وقالت:
يا ليت ذا القطا لنا
إلى قطاة أهلنا
ومثل نصفه معه
إذن لنا قطا مائة
وقيل: كانت لها حمامة فمر بها حمام، فقالت:
ليت الحمام لِيَهْ
إلى حمامتِيَهْ
قديه ونصفه
تم الحمام ميَهْ
فوقع في شبكة صائد فوجدوه ستًّا وستين كما قالت.
٤٦١  يحفه: أي يحيط به، وجانباه: ناحيتاه، والنيق: الجبل، والحمام إذ مر بين جبلين شاهقين دنا بعضه من بعض، وذلك أصعب لمعرفة عدد بخلاف ما لو كان في براح فإنه يتباعد عن بعضه، فيسهل عَدُّهُ، وقوله: وتتبعه مثل الزجاجة. أي شيئًا كالزجاجة في صفائها لم تصب من رمد.
٤٦٢  قوله: قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا. يستشهد به النحويون على أن ما إذا اتصلت بليت الأكثر إهمالُها لعدم اختصاصها حينئذٍ بالأسماء، ويجوز إعمالها كما روي، والحَمام بالرفع والنصب، وكذلك ونصفه، وقوله: فقد؛ أي فحسب.
٤٦٣  قوله: فحسَّبوه. بعضهم يشدد السين لئلا تتوالى أربع متحركات، وبعضهم يخففها، ويقول بجواز ذلك في بحر البسيط، وألفوه: وجدوه، وقوله: كما زعمت. أي كما حسبت أي قدرته، وروي: لم ينقص ولم يزد، والمعنى أنه إذا ضم إليه قدر نصفه من الخارج وحمامتها؛ يصير مائة.
٤٦٤  قوله: وأسرعت حسبة. يروى بكسر الحاء، ومعناه الجهة التي تحسب منها، فهو مثل الركبة والجلسة، وروي بفتحها على المرة الواحدة، وروي: وأحسنت حسبة.
٤٦٥  قوله: فلا لعمل الذي … إلخ. هذه الرواية الشائعة، وروى الخطيب: فلا لعَمْرُ الذي قد زرته حججًا … إلخ، ويروى: فلا ورب الذي قد زرته حججًا؛ يعني البيت، ومسحت كعبته: أي لمستها، والأنصاب: حجارة كان أهل الجاهلية يذبحون عليها، وهريق وأريق: بمعنى صب، والجسد: الدم.
٤٦٦  قوله: والمؤمن العائذات … إلخ. يستشهد به النحويون على أن العائذات هي الطير التي تعوذ بالحرم، كان في الأصل نعتًا للطير، فلما تقدم، وكان صالحًا لمباشرة العامل أعرب بمقتضى العامل، وصار المنعوت بدلًا منه، فالطير بدل من العائذات، وهو منصوب إن كان العائذات منصوبًا بالكسرة على أنه مفعول به للمؤمن، ومجرورًا إن كان العائذات مجرورًا بإضافة المؤمن إليه، والأصل على الأول: والمؤمن الطيرَ العائذاتِ بنصب الأول بالفتحة والثاني بالكسرة، وعلى الثاني: والمؤمن الطيرِ العائذاتِ بجرهما بالكسر، فلما قدم النعت بحسب العامل، وصار المنعوت بدلًا منه. والغِيل بكسر الغين: الغيضة، وبفتحها: الماء؛ يعني ماء كان يخرج من أبي قبيس، والسعد: غيضة أيضًا أي أجمة، وروى الخطيب: بين الغيل والسند.
٤٦٧  قوله: ما إن أتيت بشيء … إلخ. هذا هو جواب القسم، وروي: ما إن نديت بشيءٍ … إلخ، وقوله: فلا رفعت سوطي إليَّ يدي. دعاء على نفسه بشلل يده إن كان ما قيل عنه حقًّا.
٤٦٨  قوله: إذن فعاقبني ربي … إلخ. هذا دعاء آخر على نفسه، وروي: بالفند موضع بالجسد.
٤٦٩  قوله: هذا لأبرأ … إلخ. أي أقسمت هذا القسم؛ لأجل أن أتبرأ ممَّا رميت به عندك، والنوافذ: تمثيل من قولهم جرح نافذ أي قالوا قولًا صار حَرُّهُ على كبدي، وشقيت به، وروي:
إلا مقالة أقوام شقيت بها
كانت مقالتهم قرعًا على الكبد
٤٧٠  أبو قابوس: كنية النعمان بن المنذر، وأوعدني: هددني، وزأر الأسد وزئيره: صوته أي لا يستقر أحد بلغه أنك أوعدته كما لا يستقر من يسمع زئير الأسد.
٤٧١  قوله: مهلًا. أي تأنَّ، وفداء: يُروى بالأوجه الثلاثة، فالرفع على أنه مبتدأ ولك الخبر، أو على أن الأقوام مبتدأ وفداء خبره، وهذا أولى؛ لأن الأول لا مسوغ عليه للابتداء بفداء، والنصب على المصدر النائب عن فعله أي يفدونك فداءً، والجر على أنه مبني، وموضعه رفع بالابتداء، وما بعده خبر، وقيل: بالعكس، قالوا: فهو كنِزَالِ ودَرَاكِ وفيه نظر؛ لأنه لا يعلم اسم فعل نابَ عن فعل مضارع مقرون بلام الأمر، وقوله: وما أثمر. أي ما أنمى.
٤٧٢  قوله: لا تقذفنِّي. أي لا ترمينِّي، بركن: أي بجانب أقوى، ولا كفاء: له لا مثل له، وتأثفك الأعداء: احتوشوك، فصاروا حولك كالأثافي من القدر، والرِّفْدُ أن يرفد بعضهم بعضًا في السعي بي عندك.
٤٧٣  الفرات: نهر معروف، ورُوِيَ جاشت غواربه: أي إذا كثرت أمواجه، ويروى: إذا مدت حواليه يعني أوديته التي تمده، وقوله: العبرين. أي ناحيتيه.
٤٧٤  قوله: يمده كل واد … إلخ. مترع: ملآن، ولجب: كثير اللجبة، وروى الخطيب:
يمده كل وادٍ مزبد لجب
فيه حطام من الينبوت والخضد
الركام والحطام: بمعنى أي متكاثف، والينبوت: ضرب من النبت، والخضد: ما تثنَّى وكسر من النبت.
٤٧٥  هذه رواية الأعلم والخطيب وروى أبو عبيدة: بالخيسفوجة من جهد ومن رعد، الملاح: النوتي، والخيزرانة: السكان وهو ذنَب السفينة، وقال الخطيب: الخيزرانة كُلُّ مَا ثنى، والنجد: العرق من الكرب، وقالوا: أراد بالخيزرانة المردى، والخيسفوجة قيل: هو السكان، والأين: الأعياء.
٤٧٦  قوله: يومًا بأجود منه … إلخ. روي: يومًا بأطبَب منه، والسبب: العطاء، والنافلة: الزيادة، وقوله: ولا يحول عطاء اليوم دون غد. قال الخطيب: أي إن أعطى اليوم لم يمنعه ذلك أن يعطي في الغد، وأضاف إلى الظرف على السعة؛ لأنه ليس حق المظروف أن يضاف إليها.
٤٧٧  قوله: هذا الثناء فإن تسمع لقائله … إلخ. روي: هذا الثناء فإن تسمع به حسنًا … إلخ، وروى الخطيب: فما عرضب أبيت اللعن … إلخ، والصَّفَد: العطاء، قال الأصمعي: لا يكون الصفد ابتداء، إنما يكون بمنزلة المكافأة، وأبيت اللعن: أي أبيت أن تأتي ما تُلعن عليه.
٤٧٨  قوله: ها إن ذي عذرة. أصلة هذي: عذرة الإشارة للقصيدة، وروى الخطيب: ها إن تا وتا بمعنى هذه، وروي: ها إنها عذرة، والعذرة والمعذرة واحد، والبيت يستشهد على أن الفصل بين ها وبين تا وبينها وبين ذي وإخوانهما قليل، سواء كان بالفاصل قسمًا كقول زهير:
تعلمن ها لعمر الله ذا قسمًا
فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك
أو غيره كما هنا فإن الفاصل إن، وروى أبو عبيدة: ران ها عذرة، فلا شاهد فيه على روايته.
٤٧٩  قوله: «أقفر» أي خلا، وملحوب — بالفتح، ثم السكون، وحاء مهملة واو ساكنة — ماء لبني أسد بن خزيمة، وقيل: قرية باليمامة لبني عبد الله بن الدئل بن حنفية، والقطبيات — بالضم، ثم التشديد، وبعد الطاء باء موحدة، وياء مشددة — اسم جبل، والذَّنُوب — بفتح أوله — اسم موضع بعينه.
٤٨٠  رواية الخطيب: فراكس فثعالبات، وذات فرقين — بفتح الفاء، ويروى بكسرها — هضبة بين البصرة والكوفة لبني أسد، وهو أسد، وهو جبل متفرق مثل سنام الفالج، وقيل: علم بشمالي قطن.
٤٨١  عردة: هضبة بالمطلاء في أصلها ماء لكعب بن عبد بن أبي بكر بن حبر، بكسرتين وتشديد الراء: جبل بديار سليم، قال الخطيب: وروي ففردة، وروي: فقفا، عير وعريب: واحد لا يستعمل إلا في النفي. ا.ﻫ. وعلى هذا فتسديد عير على الرواية الثانية ضرورة؛ لأن ياقوت ضبطه بكسر أوله وسكون ثانيه، وقال: إن ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب يسمى العير.
٤٨٢  قوله: وبدلت منهم … إلخ. روى الخطيب: وبدلت من أهلها وحوشًا، وروى محمد بن خطاب: إن بدلت من أهلها وحوشًا … إلخ.
٤٨٣  قوله: أرض توارثها الجدوب. رواية الخطيب وابن خطاب: أرض توارثها شعوب، وشَعُوب: اسم للمَنِيَّة، وروى الخطيب: وكل من حلها محروب، والمحروب: المسلوب، ويروى: وكل من حلها مسلوب.
٤٨٤  قوله: إما قتيلًا وإما هلكًا … إلخ. رواية الخطيب: إما قتيل وإما هالك، وابن خطاب: إما قتيل أو شيب فود … إلخ، ومعنى: والشيب شين لمن يشيب: أن من لم يُقْتَلْ وعُمِّرَ حتى يشيب فشيبُه شَيْنٌ له، كما قال الآخر:
وحسبك داء أن تَصِحَّ وتسلما
٤٨٥  قوله: عيناك دمعهما سروب … إلخ. هذا هو مطلع القصيدة عند ابن خطاب وسروب: من سرب الماء يسرب، والشعيب: المزادة المنشقة، والشان: مجرى الدمع.
٤٨٦  رواية الخطيب وابن خطاب: واهية أو معين ممعن … إلخ، قال الخطيب: ويروى: أو معين معن، ويروى: أو هضبة واهية بالية، والمعين: الذي يأتي على وجه الأرض من الماء فلا يرده شيء، والممعن: المسرع، واللهوب: جمع لهب، وهو شق في الجبل يقول: كأن دمعَه ماء يمعن من هذه الهضبة منحدرًا، وإذا كان كذلك كان أسرع له إذا انحدر إلى أسفل، وفي أسفله لهوب.
٤٨٧  قوله: أو فلج واد ببطن. رواية الخطيب: أو فلج ببطن وادٍ … إلخ، وروى ابن خطاب:
أو فلج ببطن وادٍ
للماء من بيته قسيب
وفلج: نهر صغير، وقسيب الماء: صوت جريه، وروى الأزهري: أو جدول في ظل نخل.
٤٨٨  الجدول: النهر الصغير، وسكوب: أراد انسكاب فلم تمكنه القافية.
٤٨٩  قوله: تصبو. من الصبوة معنى العشق، وأنَّى لك: أي كيف لك بهذا بعدما صرت شيخًا، وراعك: أفزعك، وهذا البيت ساقط من رواية ابن خطاب.
٤٩٠  قوله: فإن يكن حال أجمعها … إلخ. رواية الخطيب: إن يك حول من أهلها … إلخ. ورواية محمد بن خطاب: فإن يكن حال أجمعوها … إلخ، وروي:
إن تكن حالت وحال منها
أهلها فلا بديٌّ ولا عجيب
حالت: تغيرت عن حالها، والبدي: المبتدأ، وقد يكون بدي بمعنى عجيب.
٤٩١  رواية الخطيب: أو يك قد أقعر جوها … إلخ، وروى محمد بن خطاب: أو يك أقفر ساكنوها … إلخ، حبوها: وسطها، وعادها: أصابها، وأصله من عيادة المريض، والمَحْلُ والجَدْبُ: واحد.
٤٩٢  قوله: فكل ذي نعمة مخلوس … إلخ. رواية الخطيب ومحمد بن خطاب: مخلوسها، قال الخطيب: المخلوس والمسلوب واحد، وكل ذي أمل مكذوب: أي لا ينال كل ما يُؤَمِّلُ.
٤٩٣  قوله: وكل ذي إبل موروث. هذه رواية الخطيب وابن خطاب، وروي: مورثها أي يرثها غيره، ومعنى كل ذي سلب مسلوب: أن من كان له شيء سلبه من غيره، فيسلب منه يومًا ما.
٤٩٤  قوله: يئوب. أي يرجع.
٤٩٥  قوله: أعاقر مثل ذات رحم. هذه رواية الخطيب، وروى ابن خطاب: مثل ذات وِلد، والوِلد — بكسر الواو وسكون اللام — لغة في الولد، وأراد بذات رحم: الوَلُود أي لا تستوي التي تلد والتي لا تلد، ولا يتساوى من خرج فغنِم، ومن خرج فرجع خائبًا.
٤٩٦  قوله: من يسأل الناس يحرموه. قال ابن الأعرابي: هذا البيت ليزيد بن ضبة الثقفي.
٤٩٧  قوله: والقول في بعضه تلغيب. هذه رواية الخطيب، وروى ابن خطاب: في بعضه تلبيب، وتلغيب: ضعيف من قولهم سهم لغب، إذا كانت قذذه بطنانًا وهو رديء قاله الخطيب.
٤٩٨  قوله: والله خالق كل شيء … إلخ. هذا البيت ساقط من رواية ابن خطاب.
٤٩٩  قوله: أفلح بما شئت قد يبلغ … إلخ. رواية الخطيب وابن خطاب: أفلح بما شئت فقد يبلغ بالضعف … إلخ، قال الخطيب: ويروى: أفلج بالجيم، وأفلح — بالحاء — من الفَلَاح وهو البقاء؛ أي عش كيف شئت، فلا عليك أن لا تبالغ فقد يدرك الضعيف بضعفه ما لا يدرك القوي، وقد يخدع الأريب العاقل عن عقله، ويروى: فقد يدرك بالضعف، قيل: سأل سعيد بن العاص الحطيئة: من أشعر الناس؟ قال: الذي يقول أفلح بما شئت … البيت.
٥٠٠  هذه رواية الخطيب ومحمد بن خطاب، ويروى: من لم يعظ الدهر، يقول: من لم يتعظ بالدهر فإن الناس لا يقدرون على عظته، والتلبيب: تكليف اللب من غير طباع ولا غريزة.
٥٠١  قوله: إلا سجيات ما القلوب … إلخ. هذه رواية الخطيب قال: ما صلة يقول: لا ينفع إلا ما كانت سجيته اللب، ويروى: شانئًا حبيب.
٥٠٢  ساعد: من المساعدة أي ساعدهم ودارِهِم وإلا أخرجوك من بينهم، وقيل: لا تقل إنني غريب من بينهم وآتهم على أمورهم كلها، ولا تقل لا أفعل ذلك لأنني غريب.
٥٠٣  النازح والنائي واحد، ويقطع: يعق، والسهمة: النصيب يكون لك في الشيء، يقول: يعق الناس ذا قرابتهم، ويصلون الأباعد فلا يمنعك إذا كنت في غربة أن تخالط الناس بالمساعدة لهم.
٥٠٤  يقول: الحياة كذب وطولها عذاب على من أُعْطِيَهَا لما يقاسي من الكبر وغير الدهر.
٥٠٥  رواية الخطيب بل رب ماء وردته آجن، روى ابن خطاب بل رب ماء صرى وردته … إلخ، ومعنى صرى وآجن: متغير، خائف: مخوف المسلك، وفي أخرى: يا رُبَّ ماء صرى وردته.
٥٠٦  أرجاؤه: نواحيه، والوجيب: الخفقان.
٥٠٧  قوله: مشيحًا. أي مجد أو بادن ناقة ذات بدن وجسم، وخبوب: من خب في سيره إذا قطعه.
٥٠٨  قوله: موجد فقارها. هذه رواية الخطيب وابن خطاب، ويروى: مضبر فقارها، قال أبو عمرو: الموجد التي يكون عظم فقارها واحدًا، ومضبر: موتق، والفقار: حرز الظهر، وحاركها: منسجها، والكثيب: الرمل، وصف حاركها بالإشراف والملاسة.
٥٠٩  رواية الخطيب: سديسها ولاحقة، وروى ابن خطاب: مخلف ولاحقة، قال الخطيب: أخلف: أتى عليها سنة بعدما بزلت، والسديس بعد البازل، والبازل بعده، فإذا جاوز البزول بعده بعام قيل مخلف عام، ومخلف عامين وأعوام، يقول: سقط السديس وأخلف مكانه البازل. ا.ﻫ. والخفة — بالفاء — المسنة والحقة — بالقاف — معروفة، ورواية القاف أحسن يعني أنها متوسطة.
٥١٠  هذه رواية ابن خطاب، وروى الخطيب: من حمير عانات قال: أي كأن هذه الناقة حمار جون، والحون يكون أبيض وأسوج، وصفحته: جنبه، وغاب: اسم مكان، وندوب: آثار العض.
٥١١  هذه رواية الخطيب، وروى ابن خطاب: يحفر الرخامى، وتلطه: تثبته من كل وجه، وروى الخطيب وابن خطاب: تلفه، قال الخطيب: الشبب الذي قد تَمَّ شبابه وسنه، والرخامى: نبت، وتلفه يعني: تلف الثور، ولفها: إتيانها إياه من كل وجه، والهَبوب: الهابَّة، ويروى: ويحتفر الرخامى.
٥١٢  قوله: فذاك عصر … إلخ. أي ذاك دهر قد مضى فعلت فيه ذلك، ونهدة: فرس مشرفة، وسرحوب: سريعة السير سمحة، وقيل: طويلة الظهر.
٥١٣  رواية الخطيب وابن خطاب: كميت موضع تضبير، ومضبر: موثق، والسبيب ها هنا: شعر الناصية، يقول: هي حادة البصر فناصيتها لا تستر بصرها.
٥١٤  هذه رواية الخطيب وابن خطاب، ويروى: نائم عروقها وناعم؛ أي ساكنة لصحتها، نائم عروقها؛ أي ليست بناتئة العروق، وهي غليظة في اللحم، ولين أسرها؛ أي خَلْقُها الذي خلقَها الله، ورطيب: مُنْثَنٍ.
٥١٥  قوله: تيبس في وكرها القلوب. رواية الخطيب وابن خطاب: تخز في وكرها، واللقوة: العقاب؛ سميت بذلك لأنها سريعة التلقي لما تطلب، والقلوب: يعني قلوب الطير.
٥١٦  هذه رواية الخطيب، وروى ابن خطاب: باتت على أرم رابية، الأروم: العلم، والعذوب: الذي لا يأكل شيئًا، والرقوب: التي لا يبقى لها ولد، يقول: باتت لا تأكل ولا تشرب كأنها عجوز ثكلى يمنعها الثُّكل من الطعام والشراب.
٥١٧  هذه رواية ابن خطاب، وروى الخطيب: في غداة قرة، وروي: ينحط، موضع: يسقط، قال الخطيب: والضريب الجليد، وضرب الأرض إذا أصابها الضريب، وقال ابن خطاب: الضريب الذي يقع في الشتاء بالليل كالقطن.
٥١٨  هذه رواية الخطيب وروى ابن خطاب: فرأت ثعلبًا بعيدًا، وروي: فأبصرت ثعلبًا من ساعة، وروي: ودون موقعه شنخوب، الشناخيب: رءوس الجبال، ويروى: ودونها سربخ، وهي الأرض الواسعة.
٥١٩  روى الخطيب الشطر الثاني: فذاك من نهضة قريب، وروى ابن خطاب: فنفضت ريشها سريعًا، قال الخطيب: ويروى:
فنشرت ريشها فانتفضت
ولم تطر نهضتها قريب
يقول: نفضت الجليد عن ريشها، والنهضة: الطيران، حين رأت الصيد بالغداة، وقد وقع عليها الجليد، فنشرت ريشها، وانتفضت: رمت بذلك عنها ليمكنها الطيران، وإنما خص بها الندى والبلل؛ لأنها أنشط ما تكون في يوم الطل، أو لأنها تسرع إلى أفراخها خوفًا عليها من المطر والبرد، كما قال:
لا يأمنان سباع الليل أو بردا
إن أظلما دون أطفال لها لجب
وبيت عبيد يدل على خلاف هذا؛ لأنه لم يقُل إنها راحت إلى أفراخها، بل وصفها بأنها أصبحت والضريب على ريشها فطارت إلى الثعلب.
٥٢٠  قوله: فاشتال. يعني أن الثعلب رفع بذنبه من حسيس العقاب، ويروى: من خشيتها، وروى ابن خطاب: من حسيسها، والمذءوب والمزءود: الفزِع.
٥٢١  قوله: فنهضت نحوه حثيثًا. يعني نهضًا حثيثًا، ورواية الخطيب: حثيثة، وهو حال، قال: طارت نحو الثعلب سريعة، وحردت قصدت، وتسيب: تنساب، ولم يروِ ابن خطاب هذا البيت.
٥٢٢  قوله: فدب من خلفها دبيبًا. رواية ابن خطاب: يدب، وروى الخطيب: فدبَّ رأيها دبيبًا … إلخ، وقال: دب يعني الثعلب لما رآها، ويروى: ودب من خوفها دبيبًا، والحماليق: عروق في العين، يقول من الفزع: انقلب حملاق عينه، وقيل: الحملاق جفن العين، وقيل: الحملاق ما بين المؤقين، وقيل: هو بياض العين ما خلا السواد، وقيل: العروق التي في بياض العين.
٥٢٣  هذه رواية الخطيب، وروى ابن خطاب: فأدركته فضرَّجته، ثم إنه أسقط الشطر الثاني والأول من البيت الآتي.
٥٢٤  هذه رواية الخطيب قال: ويروى: فرفَّعَتْه فوضَّعَتْه … إلخ، والجيوب قالوا: هي الحجارة، وقيل: الأرض الصُّلبة، وقيل: القطعة من المدر، وجدَّلته: طرحته بالجدالة وهي الأرض.
٥٢٥  قوله: فعاودته … إلخ. هذا البيت لم يَرْوِهِ ابن الأعرابي؛ فلذلك أسقطه ابن خطاب.
٥٢٦  والضغاء: صوت الثعلب، ومخلبها: ظفرها، ودفه: جنبه، والحيزوم: الصدر. يقول: لا بد حين وضعت مخلبها في دفه أنه منقوب، ولا بد: لا شك عن الفراء، وقال غيره: لا بد لا منجاء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤