شكوى

يا رب قد طال السَّقامْ
فإلامَ لا يأتي الحِمامْ
وعلامَ في وادي الدُّمو
ع أعيش يُفنيني الضرِامْ
أرجو من الحبِّ الشفا
ءَ لعله يشفِي الأُوام
والقلبُ بيتُ اللانِها
يَة ما له غير الغَرام
أطلقْه يا ربَّاه يلقَ الــحـُ
ـبَّ في دار السَّلام

•••

إني خرجت إلى الوُجو
دِ فلا وراءَ ولا أمَام
أمشِي كما يمشِي المُسا
فِر تحتَ أذيال الظَّلام
في مأزِقٍ لا أعرف الـ
ـبَدْءَ البعيد ولا الخِتام
فانهارَ بي جرفُ الحيا
ةِ إلى حضيضٍ لا يُرام
وعدا الزمان بما أعـ
ـدَّ من المُلمات العِظام
سودٍ دواهم وقعهُـ
ـنَّ أشدُّ من وَقع السِّهام
ولقيتُ خلقًا كلُّ أمـ
ـرِهمُ التنازعُ والخِصام
لا يفهمون لعَيشهم
معنى التجامُل والوِئام
فُطِروا كما فُطر الكِبا
شُ على التَّناطُح والصِّدام
فرأيتُ آمالي شعا
عًا طار في ذاك الزِّحَام
وعلِمت أن سعادة الدُّ
نيا مُصانعةُ الأَنام
وأبى ليَ الطَّبعُ النزيـ
ـهُ مودَّة القوم اللِّئام
فكأنَّني في الناس جُز
ءٌ ما له بهمُ التِئَام
إن متُّ لم يحزَن مُحـِ
ـبٌّ أو حيِيت فلا ابتِسام
فبكيتُ لكنْ هل تُعيـ
ـدُ العمرَ أدمعيَ السِّجَام
وأسِفتُ أني لم أنَلْ
حظِّي ولم أقضِ المَرام
أسَفَ الطَّريد على مَوا
طِنَ كُنَّ جناتِ السلام
مثوَى جدودٍ نخبةٍ
ومبيتُ أحبابٍ كِرام
وحسَدتُ فرخَ الطير حيـْ
ـنَ إلى جناحِ الأمِّ نَام
وحسدتُ تربَ الأرضِ إذ
منه نَضيرُ الغصنِ نام
وحسدتُ أنفاسَ النسـيـ
ـمِ غدا بها عَبَقُ الخُزام
وحسَدتُ أزهار الجَنـا
ئنِ حينَ ضمَّتها الكمام
ضاقَت عليَّ الكائنـا
تُ فلا قرارَ على مقام
أغدو وحالاتُ التيــَـقُّـ
ـظِ مثلُ حالاتِ المنام
لم يبقَ من جِسمي سِوى
ما أَبقَت الكُربُ الجسام
نفَسٌ يُردِّدهُ الفَنا
ءُ على ضريحٍ من عِظام

•••

إني زَهدتُ فلا رَجَا
ءَ فهل أَعودُ ولا دَوام
من كان يخشَى مُنتهى الـتَّـ
ـعسِ الملمِّ فلا مَلام
رباه عفوَك إنني
أدعوك يا ربَّ الأَنام
فمتى أموتُ وأستريـ
ـحُ وينقضِي هذا السقام
وأقولُ في قبري على الدُّ
نيا ومن فِيها السلام
١٥ يوليو سنة ١٩١٤

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤