صوت القبر

إذا اصفرَّ وجهُ الشمسِ في الغرب وانتحَى
ظلامٌ على الدُّنيا يمُد رُواقَه
وأقبل بدرُ الأفق أربدَ كالحًا
أضاعَ على الدُّنيا الخسوفُ ائتلاقَه
وهَبَّت حزيناتُ النُّجوم جوازعًا
ثكَالى على بدرٍ رأَين محاقَه
أَصيخِي إلى صوتٍ من القبر خافتٍ
أطال البِلى تحت التُّراب اختناقَه
بقيَّةُ قلبٍ واجبٍ حَنَّ إذ سَرى
نسيمٌ إلى وَجه الحبيبة شاقَه
رهينٍ لِدُودِ الأرض يأكُل جسمَه
ويُغري عليه قيدَه ووثاقَه
يعانِقُ أحجارَ الفَناءِ كأنَّها
مُهودُ رخاءٍ يستطِبنَ عناقَه
تخرَّم بردُ الدَّاجيات عظامَه
وأكثَرَ حرُّ اللافحات احتراقَه
وكان الذي وافَى العظائم سَابقًا
فأحرَزها حتى حمِدن سباقَه
علا ما عَلا حتى ترامتْ صُروفه
وباغتَه جيشُ المنون فعاقَه
ونازعه هذا الترابُ بقاءَه
وخَلَّدَ ديجورُ الرموس فِراقَه
فناجاك وَهنًا والسُّكوتُ مضيِّقٌ
على كل قلبٍ صدرَه وخناقَه١
وقد حالَ هذا القبرُ دونَ حبيبه
وأبعدَ عنه أهلهُ ورفاقَه
أطلِّي كهذا النجمِ حيرانَ ثاكلًا
وفي القبر بدرٌ قد رأيتِ محاقَه
٢ فبراير سنة ١٩١٥

هوامش

(١) الوَهْن بفتح فسكون: الضعف، ونحوٌ من نصفِ الليل.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤