نساء الصليب الأحمر

أَكرم بهنَّ أواتيًا وذاوهِبا
مثل الشُّموس طوالعًا وغَوارِبا
خُضنَ البحار وجُبْنَ أجوازَ الفَلا
وذرَعنهنَّ مَشارقًا ومغارِبا
وخفَفن يُسعفنَ الجريحَ أواسِيًا
وركَضن يخدُمنَ المريضَ دوائِبا
هنَّ الملائكُ مرسلاتٌ من عَلٍ
للناس من لَدُن الإلهِ كواعِبا
الغالياتُ جواهرًا والسَّاطِعا
تُ أزاهرًا والسَّافِرات كواكِبا
هذي العذارى الحامِلاتُ أشعَّةً
تجلُو عن القلبِ الحَزينِ غياهِبا
جئنَ الصَّليبَ كما أَتتْه نِسوةٌ
يومَ الصَّليبِ بواكيًا ونوادِبا
وعليه عيسَى قد أَمال جبينَه
وجرَى الدمُ الفادي عليه خاضِبا
ووقفنَ يُبصِرنَ المسيحَ مكلَّلًا
بالشَّوك مستَفِعًا هزيلًا شاحِبا
فأَذبنَ حباتِ القلوبِ تفجُّعًا
وسكبنَ من دُرر الشُّئون سَحائِبا
أمَّا وقد نبذَ الشُّعوبُ شريعةً
سكبَ المسيحُ بها الشعاعَ الثَّاقِبا
بالبر والحسناتِ تأمُر أهلَها
والنَّهيِ عن عَمَلِ السيوفِ قواضِبا
فكأنَّما هُم صَالِبوه مرةً
أخرى ومُصلِي الحربِ يصبِح صَالبا
فلذاك هنَّ الناهِجاتُ سبيلَه
إِمَّا حمدن فواتحًا وعواقِبا
أخواته وذواتُ قُرباه بما
أوصَى البريةَ موحيًا ومخاطِبا
الوارثاتُ حنانَ مريمَ رحمةً
بالعالمين أباعِدًا وأقارِبا
من كلِّ عاليةِ الجنابِ رفيعةٍ
تندَى يداها أنعُمًا ومواهِبا
ووضيعةٍ نزل الزمانُ بها فلم
يتركْ لها إلَّا الحياةَ متاعِبا
وقَفَتْ على حبِ القريب حياتها
وسرتْ على السَّننِ القويم مذاهِبا
فهي التي ضمِنَ الإلهُ جزاءَها
واللهُ عدلٌ جازيًا ومعاقِبا
بوركنَ أعمالًا فهنَّ صواحبٌ
لمن استخارتْه النوائبُ صاحِبا
١١ يونيو سنة ١٩١٥

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤