اللاعبة

أناملكِ اللطافُ وقد أُمِرَّت
على المِضراب أنطقَتِ الجَمادا١
فأسمعنا التدلُّهَ والتَّصابي
وغَنَّانا المحبةَ والوِدادا
وأطرَبنا بكل رَخيمِ سَجعٍ
إذا نحن استَزدْنا منه زادا
فهيَّج في الفؤاد كمينَ وَجدي
وزاد أَضالعي منه اتِّقادا
كأنَّ يداك عابثةٌ بصَدري
تُثير به العَواطفَ والفُؤادا
كأنَّ يداك لامسَةٌ عُيوني
فتعقدُ في مغامِضها السُّهادا
كأنَّ يداك لاعبةٌ برُوحي
تمرَّسها وقد لانَتْ قِيادا
فتُنشدُك الحياةَ وقد أضاعَتْ
بها الأملَ الذي أعيَى المُرادا
وتبكيك المنى ثكلى أرنَّت
عليها عندما لاقتْ نَفادا
وترثِي العقلَ وهو أغرُّ زاهٍ
أُصيبَ فما استفادَ ولا أفادا
وتندبُ كلَّ باسمةٍ تولَّت
وقد لبِسَت على النُّور السَّوَادا
ولولا العجزُ كنتُ شققتُ قلبي
غداة بيَأسه فيها تمادَى
فأَبصرتُ الحقيقةَ غير أَني
يذرُّ الدهرُ في عيني الرَّمادا
فديتُكِ أسمعينا كلَّ لحن
يُحَوِّلُ يأسَنا أملًا مُفادا
وخلِّي العاجَ يُنشِد إن فيه
معاني العمر تكتَسبُ امتِدادا
فنعتقد الهوى نورًا تجلَّى
وأكثر ما يُرى النورُ اعتقادا
لأن الحبَّ يرسلُ وهو داجٍ
إلى القلبِ الوجيعةَ والفَسادا
١٤ ديسمبر سنة ١٩١٦

هوامش

(١) لقد اتَّفق الأدباءُ على إطلاق لفظة «مِضراب» على البِيانو.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤