جواب الرسالة

إلى: أ … أ …

لقد باكرتْني اليوم منكِ رسالةٌ
بها كلِماتٌ عذبةٌ وعِتابُ
مسالمةً لكنْ أتتني فُجاءةً
كما انقضَّ في جنح الظَّلام شِهاب
تَنَزَّلَ وَحيُ الحبِّ بين سُطورها
وروَّى حواشِيها شذًا ومَلاب١
وكنتِ التي صَدَّتْ على غَير علَّةٍ
ومن دونها في الحُبِّ قام حِجاب
وخلَّفتِ قلبي ذاهلَ اللبِّ حائرًا
يخافُ رزايا نفسِه ويَهاب
فكيف كتبتِ اليوم ناسيةً وهَل
يُعيد الذي مني سَلبتِ كتاب
سلبتِ ذكاءً كان في العمر عدَّتي
وعزمًا به قفرُ الحَياة يُجاب
ولم تتركي شيئًا أقول حفظتُه
معينًا لقلبي إنْ دهاه مُصاب
فحالَ سوادُ اليأس دون عَزيمتي
كما حال من دونَ الضياء ضَباب
وبالغتِ في قطعي وقلتِ صنيعةٌ
وطاولتِ في هجري وقلتِ ثواب
كذلك يُجزى الحبُّ عندَك أنه
ينال الذي يبغِي هواكِ عِقاب
أضعتُ شبابي فيكِ فالعُمر ضائعٌ
ولا عمرَ إلَّا أن يكونَ شَباب
لكِ الحكمُ لكن كيف كان ترفَّقي
ولا ذنبَ إلَّا كان منه مَتاب
ولا ليل إلَّا يطلع الفجر بعده
وربَّتما في الصَّيف سحَّ سَحاب
وها أنتِ قد طالبتِ قلبي بعودةٍ
وقد كان أعيَاني إليك طِلاب
سأُسرع يحدو بي هواكِ الذي له
منازِلُ ما بين الضُّلوع رِحاب
فأمحو قديمًا لستُ أذكرُه ولن
يجدِّدَه في مسمَعيكِ خِطاب
وآمُلها أُخرى تنافِرنا فلا
يفرِّق وهمٌ بيننا وكِذاب
وقالٌ وقيلٌ يذهبان خَسارةً
بطيبِ حياتَينا ونحن غِضاب
فكوني كما شاءَ الغرامُ حَبيبتي
وأنتِ حياتي ليس عنكِ ذهاب
وتالله ما هذي السطورُ إجابَتي
إليكِ ولكني إليكِ جواب
٢١ يناير سنة ١٩١٨

هوامش

(١) طِيب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤