المتشاعر

عرفتُ فتًى شأنُه مضحِكٌ
غريبٌ حوَى في الغَريبِ فُصولا
تعشَّق نظمَ القَوافي أخيرًا
وكان به العهد فَدْمًا جَهُولا
عصتْه وفيها عصَى اللائمينَ
وصافي البَغيض وجافي الخَليلا
وآلى عليها وآلَتْ عليه
بأن لا يحُولَ وأن لا تحُولا
ونادى بناتِ القريضِ فجئنَ
بواكيَ يندُبنَ منه عَويلا
ولبَّاه كلُّ هزيلِ المعاني
تخطَّى إليه وجاءَ هَزيلا
وكلُّ ثقيلٍ من اللَّفظ وافا
هُ ثم أقام لدَيه ثقِيلا
إذا نظَم الشِّعر قامتْ عليه
قيامتُه تعبًا ونحُولا
يقطِّع أبحرَه الطاميات
فواقيعَ لا يَهتدين سَبيلا
ويكسِر أوزانه مثلَما
تفرَّق جيشٌ فُلولًا فُلولا١
ويجهَلُ حتى هجاءَ الحروفِ
ومَعنى الكلام جَهلًا جَزيلا
فيأخذُ سينًا بصادٍ ودالًا
بضادٍ وقافًا بكافٍ بدِيلا
وينصِب جَزمًا ويخفِض رفعًا
ويدخل في النحو عَرضًا وطُولا
وربَّ معان أطلَّتْ علَيه
كما سقَط الغيثُ يسقِي الطُّلولا
فتقضِي على شعرِه السَّرِقاتُ
ويقتُل بعضُ الدواءِ العَليلا
ولا يختفِي في الظلام شعاعٌ
ويفضَح فخرُ الذَّليل الذَّلِيلا
وزنجيةٍ إن تلدْ أبيضًا
ينمُّ عليه البياضُ دَخيلا
وسارقِ شعرٍ يُباهي به
يجرُّ مُصابًا عليه جَليلا
كسارقِ ثوبٍ يكُون عليـ
ـه إمَّا قصيرًا وإما طَويلا
٦ فبراير سنة ١٩١٨

هوامش

(١) جمع فِل بفتح الفاء وتشديد اللام؛ أي: المنهزمين من الجيشِ بعد انكِساره.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤