التعويذة

يا هندُ ما ارتاب فيكِ القلبُ حين رأَى
أنَّ العواذلَ لم تفهَم معانيكِ
لو أنهم أبصروا النُّور الذي فَتَنت
عيناكِ قلبي به كانوا أحبُّوكِ
إذن لحزَّت بصَدري غيرةٌ ذهبَت
بها حياتي شقاءً منهمُ فيك
فالحمدُ لله إذ ضلُّوا السَّبيلَ وإذ
آبوا برأيٍ كما تدْرينَ مأفُوك١
وما لنا ولهم إمَّا هذَوا وهذَوا
فنحن نضحَك من هذِي الأَضاحِيك
ولن يُعاب جمالٌ ليس تَفهَمُه
بين الورَى زُمَر الأغمارِ والنوك٢
الحسنُ يَفهمه قلبٌ يذوبُ هوًى
يأتي به كلُّ تسكينٍ وتَحريك
لا من تراءَى بمرأى سيِّدٍ وله
في كلِّ حالةِ دُنيا قلبُ صُعلوك
دعيهمُ وهلمِّي اسقِي فؤاديَ من
جمالِ عينَيك نورًا وهْو يسقيكِ
ومتِّعيني بمَشهودٍ ومُحتجبٍ
وأرشِفينيَ بَردَ العَيش من فِيك
ولا تبالي بما قالوا وما فَعلوا
فلن تؤخِّرَ فجرًا صيحةُ الدِّيك

•••

أنا أهواكِ كما يهوَى الظلامُ، زُهرَهُ
وهي فيكِ الحسنُ قد أبدي النظامُ، نثرهُ
فجَلا الوجه كما يجلو التَّمام، بدرهُ

•••

ألثِميني الخدَّ جَمرًا قد تحلَّى، وردُهُ
وأنِيلينيَ ثغرًا يتَملَّا، بَردهُ
وأَعيدي ليَ وصلًا قد تولَّى، عَهدهُ

•••

أنا مَن قد تيَّمتْه في الورَى، بَسمةٌ
وأنا في الحُبِّ لي لن تُسترا، شيمةٌ
>
لستُ أشكو إنها فيما أرَى، قسمةٌ

•••

فارحمِي يرحمكِ اللهُ فما، أعهدُ
بك بخلًا وغَرامي مثلَما، تَشهدُ
لي عيناكِ وسَعدي فيهما، أرصدُ

•••

قد يجنُّ المرءُ لكن بعدَ حِين، يعقلُ
وهو يدرِي ما الذي رغمَ الجُنون، يفعلُ
وبذا عَنه أحاديثُ شُجون، تنقلُ

•••

حُرستِ من أعيُن الحسَّاد إنهم
بكلِّ عينِ حَسود قد أصَابوك
يفدِيك عُمريَ لكنْ لا أراه يَفي
ببَعض حُسنك عمري وهو يَفديك
فلا تخافي فذا قَلبي أُصيِّره
تعويذةً علِّقيها وهْي تَحميك
ولا تبالِي بما قال العَواذلُ إذْ
عواذلي فيكِ لم تفهَمْ مَعانيك
يوليو سنة ١٩١٩

هوامش

(١) مكذوب.
(٢) الحمق.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤